الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: طرق اكتساب الحكمة
تمهيد:
الحكمة هبة وفضل من اللَّه عز وجل يهبها لمن يشاء من عباده وأوليائه، والحكمة ليست كسبية تحصل بمجرد كسب العبد دون تعليم الأنبياء له طرق تحصيلها، فالعبد لا يكون حكيماً إلا إذا سلك طرق تحصيل الحكمة، ولا يمكن أن يحصل على الحكمة إلا إذا كانت طرقها مستقاة من الكتاب والسنة، وإذا وفق الداعية المسلم لطرق الحكمة فلا يخرجها ذلك عن كونها هبة من اللَّه تعالى، لقوله تعالى:{يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (1)، بل اللَّه الذي وفقه وسدده، وأعطاه خيراً كثيراً، جليلاً قدره، عظيماً نفعه، ولهذا استنبط بعض المحققين من قوله:{خَيْرًا كَثِيرًا} أن إيتاء الحكمة خير من الدنيا وما فيها كلها؛ لأن اللَّه وصف الدنيا في قوله: {قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ} (2)، فدل فذلك على أن ما يؤتيه اللَّه من حكمته خير من الدنيا وما عليها؛ لأن من أوتيها خرج من ظلمة الجهل إلى نور الهدى، وحمق الانحراف في الأقوال والأفعال إلى إصابة الصواب فيها، وحصول السداد والاعتدال،
(1) سورة البقرة، الآية:269.
(2)
سورة النساء، الآية:77.
والبصيرة المستنيرة، وإتقان الأمور وإحكامها، وتنزيلها منازلها، وهذا كله من أفضل العطايا وأجل الهبات.
والحكمة لها طرق تكتسب بها بتوفيق اللَّه تعالى، ومن أهم هذه الطرق التي إذا سلكها المسلم صار حكيماً بإذن اللَّه تعالى ما يأتي:
العلم النافع، والحلم، والأناة، والرفق واللين، والإخلاص والتقوى، والصبر والمصابرة، والسلوك الحكيم، والعمل بالعلم، والاستقامة، والخبرات والتجارب، وجهاد النفس والشيطان، وعلو الهمة، والعدل، والدعاء، والاستخارة والاستشارة (1). وفقه وإتقان أركان الدعوة إلى اللَّه تعالى.
وسأذكر في هذا المبحث بالتفصيل بعض هذه الطرق التي إذا سلكها الداعية المسلم - مع ما تقدم من الطرق - كان حكيماً في أقواله وأفعاله، وتصرفاته، وأفكاره، موافقاً للصواب في جميع أموره بإذن اللَّه تعالى، وذلك في المطالب الآتية:
المطلب الأول: السلوك الحكيم.
المطلب الثاني: العمل بالعلم والإخلاص.
المطلب الثالث: الاستقامة.
المطلب الرابع: الخبرات والتجارب.
(1) انظر: هذه الطرق بالتفصيل في هذا الكتاب في الصفحات الآتية: 53، 128، 133 - 138، 180 - 184 و846 - 852.