الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فَمَضْمَضَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ، فَإِذَا اسْتَنْثَرَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أَنْفِهِ، فَإِذَا
غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ وَجْهِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ يَدَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ يَدَيْهِ، فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رِجْلَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ رِجْلَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ كَانَ مَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلاتُهُ نَافِلَةً لَهُ " وَقَعَ لَنَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ أَعْلَى مِنْ هَذَا بِدَرَجَةٍ: أنا الأَدِيبُ الْمُعَمِّرُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الطَّائِيُّ الْقُرْطُبِيُّ، نَزِيلُ تُونُسَ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ، أنا قَاضِي الْجَمَاعَةِ أَبُو الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ بَقِيٍّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ بْنِ أَحْمَدَ الْخَزْرَجِيُّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ فَرَجٍ، أنا الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أنا أَبُو عِيسَى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عِيسَى، أنا عَمُّ أَبِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه بِهِ
قلت والله المرشد: هكذا يقول مالك، في هذا الحديث، عن عبد الله الصنابحي، وقد اختلف الناس في صحة هذا القول وسقمه وأطالوا الكلام في ذلك هذا على أنه وجد في الصحابة من اسمه عبد الله الصنابحي، فيكون الحديث صحيحا مرفوعا، أو لم يوجد وإنما هو أبو عبد الله الصنابحي المشهور في التابعين، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة فيكون الحديث مرسلًا والتسمية وهما، فذهب الجمهور إلى أنه عن أبي عبد الله الصنابحي عبد الرحمن بن عسيلة، وذهب بعضهم إلى صحة
صحبه عبد الله، وهم الأقلون وقد رأيت أن أورد كلامهم بنصه وإن طال، ليرى الناظر فيه رأيه، مسترشدا بالله، فأقول: قال صاحب الجامع للمصنفات الجوامع من أسماء الصحابة رضي الله عنهم، وهو الحافظ الرحال أبو موسى الرعيني الأندلسي رحمه الله حاكيا عن أبي عمر بن عبد البر وأبي نعيم الحافظ، وأبي عبد الله ابن منده، في باب عبد الله من كتابه ما نصه: عبد الله الصنابحي روى عنه عطاء بن يسار، واختلف عليه فيه، فقيل عبد الله الصنابحي، وقيل أبو عبد الله وهو الصواب، واختلف قول ابن معين فيه: فمرة، قَالَ: حديثه مرسل، ومرة، قَالَ: عبد الله الصنابحي الذي يروي عنه المدنيون يشبه أن تكون له صحبه بر والصواب عندي أنه أبو عبد الله يعني عبد الرحمن بن عسيلة وهو من كبار التابعين لا عبد الله.
وقال صاحب الجامع أيضًا في باب عبد الرحمن من كتابه ط ند نع، بر: عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي قبيلة من أهل اليمن من بجيلة، قاله أبو نعيم يكنى أبا عبد الله هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما انتهى إلى الجحفة لقيه خبر موت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وهو معدود في كبار التابعين، روى عن أبي بكر وعمر وبلال وعبادة بن الصامت وكان فاضلًا، كان عبادة كثير الثناء عليه، أراد بالطاء أبا القاسم الطبراني ومن سواه من العلامات فقد تبين.
وقال صاحب الجامع في الكنى من كتابه ند برنع: أبو عبد الله الصنابحي اسمه عبد الرحمن بن عسيلة تقدم ذكره لا يصح له صحبة، وقال أيضا فيه ند: أبو عبد الله الصنابحي آخر لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم والصنابح بن الأعسر يقال له أيضا الصنابحي له صحبة تقدم في بابه.
وقال القاضي المحدث الحافظ أبو طالب عقيل بن أبي عقيل عطية بن أبي أحمد بن جعفر بن أبي عبد الله بن عطية القضاعي، رحمه الله في كتابه الذي خرج فيه أحاديث الموطأ مفردة مما سواها مع إبقاء ما هو عليه من الترتيب والتبويب: هكذا روى يحيى بن يحيى وجمهور الرواة هذا الحديث عن مالك، قالوا فيه: عن عبد الله الصنابحي، وهو وهم، فإنه ليس في الصحابة عبد الله الصنابحي ولا في التابعين أيضًا، وإنما هو أبو عبد الله الصنابحي واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، وهو من كبار التابعين، معدود في الشاميين، وأحاديثه مرسلة لأنه لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى عنه أنه خرج من اليمن مهاجرا فلما بلغ الجحفة بلغه وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه هذا يستند من طرق حسان، من حديث عمرو بن عبسة، وغيره
كذا قَالَ أبو عمر، وحديث عمرو بن عبسة ذكره مسلم في صحيحه وليس فيه ولا في غيره أن خطايا الرأس تخرج من الأذنين وإنما فيه:
«خرجت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء» .
قلت: اكتفينا بإيراد كلام القاضي أبي طالب عن إيراد كلام أبي عمر في التمهيد، إذ كأنه ملخصه، وفي قوله " جمهور رواة الموطأ يقتضي أن بعضهم لم يقل ذلك، ولم أقف على اختلاف في ذلك عن مالك.
والله أعلم.
وقال الحافظ الإمام أبو بكر محمد بن موسى الحازمي رحمه الله في كتاب العجالة له في الأنساب ما نصه: " الصنابحي منسوب إلى صنابح بن زاهر بن عامر بن عوثبان بن زاهر بن يحابر، وهو مراد، بطن من مراد، منهم أبو عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، يروي عن أبي بكر وبلال وعبادة بن الصامت، روى عنه عطاء بن يسار وأبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني وليس له صحبه لأنه قدم المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس ليال، والصنابح بن الأعسر لا مدخل له مع هذا في الباب، وذاك أحمسي وله صحبة، وهذا صنابحي وهو تابعي انتهى كلام الحافظ أبو بكر.
وقد وقفت على كلام جيد في المحاكمة بين هذين القولين في كتاب المآخذ الحفال السامية عن مآخذ الإغفال في شرح ما تضمنه كتاب بيان الوهم من الأخلال أو الإغفال وما أنضاف إليه من تتمير أو إكمال، مما تولى تعليقه الحافظ الناقد أبو
عبد الله محمد بن الإمام أبي يحيى بن المواق رحمه الله على كتاب بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام الذي صنفه المحدث الحافظ أبو الحسن بن القطان، وتولى رحمه الله تخريج بعضه من المبيضة ثم احترمته المنية ولم يبلغ من تكميله الأمنية، فتوليت تكميل تخريجه مع زيادة تتمات وكتب ما تركه المؤلف بياضا والله ينفع بذلك.
ونص ما أورده حاكيا كلام شيخه أبي الحسن رحمه الله ومستدركا عليه ومتعقبا قَالَ: ومن المتردد فيه هذا الباب الذي رده بالانقطاع وهو يغلب على الظن اتصاله ما ذكر من رواية مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إذا توضأ العبد المؤمن فمضمض خرجت الخطايا من فيه. . . . . .» الحديث.
ثم قَالَ: وعبد الله الصنابحي لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال: أبو عبد الله وهو الصواب، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، قَالَ أبو الحسن رحمه الله انتهى ما ذكر وهو كله مقول.
أكثرهم زعموا أن مالكا وهم في قوله عن عبد الله الصنابحي في هذا الحديث، وفي حديث «إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان» وفي صلاته خلف أبي بكر المغرب وقراءته في الأخيرة، {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8] كل هذه الأحاديث يقول فيها مالك عن عبد الله الصنابحي فيزعمون أنه وهم فيه أو لم يعرفه، فأسماه عبد الله فإن الناس كلهم عبيد الله.
ثم ذكر قول الترمذي: سألت البخاري عنه، فقال: وهم مالك في هذا، فقال: عبد الله الصنابحي، وهو أبو عبد الله الصنابحي، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث مرسل.
ثم قَالَ: وممن تبعه على هذا ونقله كما هو أبو عمر بن عبد البر، وممن
نحا نحو أبو محمد بن أبي حاتم وأبوه، ثم ذكر ما ذكره ابن أبي حاتم إلى قوله: سمعت أبي يقول ذلك.
ثم قَالَ: هذا ما ذكره به، وبلا شك أن هذا الذي ذكروه في أبي عبد الله الصنابحي هو كما ذكروه، وهو رجل مشهور الخير والفضل فاتته الصحبة بموت النبي صلى الله عليه وسلم قبل وصوله إليه بليال ولكن التكهن بأنه المراد بقول عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي ونسبة الوهم فيه إلى مالك أو إلى من فوقه، كل ذلك خطأ ولا سبيل إليه إلا بحجة بينة، ومالك رحمه الله لم ينفرد بما قَالَ من ذلك عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، بل وافقه عليه أبو غسان محمد بن مطرف وهو أحد الثقات، وثقه ابن معين وأبو حاتم، وأثنى عليه أحمد بن حنبل، واتفق البخاري ومسلم على الإخراج له والاحتجاج به.
ثم ذكر من طريق أبي داود، عن محمد بن حرب الواسطي، قَالَ: