الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «
لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» رَوَيْنَا عَنْ
صَوَابٍ هَكَذَا عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ فِي الأَصْلِ، وَفِي الْحَاشِيَةِ أَبِي تَمِيمٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ وَجَيْشَانُ مِنَ الْيَمَنِ، أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، سَمِعَ أَبَا بُصْرَةَ الْغِفَارِيَّ، وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ
هذا الحديث الواحد علقناه من الكتاب من أوله، وأعجل السفر عنه نسخه.
- علم الدين العراقي وممن لقيناه أيضا بمصر الإمام العلامة الحافظ البليغ المفسر المتفنن إمام أئمة البيان أبو محمد عبد الكريم بن عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيّ الشافعي ويدعى علم الدين ويعرف بالعراقي، مصري المولد والمنشأ، وقال فيه بعض أصحابنا: أصله من وادي آش أحد معاقل الأندلس الشهيرة، أحد المتصدرين المشهورين بالديار المصرية في علم التفسير والبيان وأصول الدين والفقه.
وله وضع حسن في علم البيان على كتاب الكشاف للزمخشري، وهو فيما بلغني في مجلدين، لقيته بجامع عمرو بن العاص، وبحضرته بعض الأدباء فعرفوه مكاني، فبالغ في البر
والاعتناء، وكان ذلك بين يدي سفري ليوم أو ليومين، وسألته وينشدني شيئا من نظمه، فقال: ليس من الأدب أن أنشدك شيئا خاطبت به غيرك وسيرد عليك مني ما يخصك فأعجلني السفر ولم يقدر لي لقاؤه بعد.
وكان قد قَالَ لي على عادة البلاد: تسل أو تسأل؟ فقلت: كيف ترون، فقال لي: لقيت العلم اللورقي، فقال لي تسل أو تسأل؟ قَالَ فقلت له: سلوا عما، بدا لكم لئلا تقولوا مسائل بيتت، قَالَ: فذاكرته فلم ينصفني.
فقلت للشيخ علم الدين بن أبي إِسْحَاق، أبقاه الله، فسلوا أنتم، فقال: نسألك عن مسألة جرت اليوم في المجلس، وهي: ما إعراب قوله تعالى: {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 14] فكالمته وذكرت ما حضرني، فما تعلق بما أورد علي وقال لا يصح حمل الآية الكريمة على ظاهرها لئلا يلزم منه أحد أمرين: إما نفي التنبئة، وإما نصب مثل، قَالَ: وإلى نصب مثل يؤدي تقدير المعربين لهذه الآية فإنهم يقدرونه: ولا ينبئك أحد مثل تنبئة الخبير، قَالَ: ومحمل الآية عندي أن التقدير والمعنى: لا مثل للخبير فينبئك هذه التنبئة، وأنها على المعروف من كلام العرب كقول الشاعر:
على لاحب لا يهتدى بمناره
…
إذا ساقه العود النباطي جرجرا
أي لا منار له فيهتدي به: قلت والله المرشد: وتفصيل ما أجمله الشيخ يحتوي على تقرير وتحرير.
أما التقرير فإنه إذا قَالَ القائل: ينبئك مثل زيد، ثم أدخل حرف النفي على ينبئك انتفى هذا الموجب سواء أبقينا مثلا على ظاهرها أو أردنا بها ما يراد بقولهم: مثلك يفعل كذا أي أنت تفعل كذا، ومعلوم أن الآية لم يرد بها نفي التنبئة ولو أريد: لا ينبئك أحد مثل تنبئة الخبير لزم إظهار الفاعل ونصب مثل.
وأما التحرير فإنه مما أقيم فيه المسبب مقام السبب، فنفي المسبب والمراد نفي السبب، وهو وجود مثل لهذا الخبير المخبر، فحاصل المعنى من العبارة الكريمة: يا محمد لا تنبئة موجودة من أحد كهذه التنبئة لانتفاء مثل خبير أنبأك بها، وينظر إلى هذا قوله تعالى:{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} [الروم: 39] المعنى فلا يقبل، وتقديره: فلا يربو أجره كربا الصدقات المقبولات وتضاعفها، فنفي فرعه لانتفاء أصله، لأن الزيادة فرع المزيد، فإذا انتفى الأصل انتفى الفرع، ونحو منه قوله تعالى:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} [الإسراء: 111] أي من خوف الذل، فنفي اتخاذ الولي لانتفاء سببه وهو خوف الذل فإن اتخاذ الولي فرع المخافة من الذل ومسبب عنها.
وأما قول الشاعر:
على لاحب لا يهتدى بمناره
…
إذا ساقه العود النباطي جرجرا
فيحتمل عندي وجهين: أحدهما أن يكون مما نفي فيه المسبب والمراد نفي سببه أي لا منار له فيهتدي به، وحاصله نفي المسيب لاعتقاد نفي سببه، وإنما قلنا إن المراد نفي سببه لأنه لا يلزم من نفي المسبب نفس السبب بخلاف العكس.
الوجه الثاني: أن يكون أراد نفي الجدوى، وهي الهداية، فلعدم جدوى هذا
المنار وهي الهداية به، وإن كان موجودا فكأنه معدوم، ومنه قوله تعالا:{فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ} [التوبة: 12] ، يعني الأيمان بعد ثبوتها لانتفاء ثمرتها وهي الوفاء بها.
وكان شيخنا مجلي الحفاظ، ومحلي ترائب المعاني بأتراب الألفاظ، الإمام العلامة أَبُو الْحَسَنِ حازم بن مُحَمَّدِ بْنِ حازم الحازمي، رحمه الله، يسمي هذا النوع النفي الفرضي، وهو أن يراد نفي الشيء، فينفي جزاؤه، أو ما يخصه إذا قدر وجوده فرضا، ويقصد بذلك تأكيد نفيه ويقول: إن تحقيق التقدير في قول امرئ القيس أن يكون المقصود أنه لا منار فيه يهتدي به، ولو فرض فيه منار أيضا لم يهتد به لأنه من البعد بحيث تتضاءل فيه المسافة التي يمكن أن يهتدي فيها بالمنار فتنقطع عن سالكه، رؤيته وهو على أول تيهه وضلاله، فكأنه لم يهتد به جملة، أو لأنه كثرة الآل والسراب بحيث لو قدر فيه ثبوت منار لم يهتد به أيضا لانطماسه فيها وكأن ما ذهب إليه شيخنا أَبُو الْحَسَنِ رحمه الله ينتظم الوجهين المتقدمين ومن هذا المعنى عندي قوله تعالى {وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} [فاطر: 14] أي أنهم لا يستجيبون بحال ولو قدرت سمعهم.
ومن نفي الافتراض عندي قول زهير.
بأرض خلاء لا يشد وحيدها
…
علي ومعروفي بها غير منكر
أي لا وحيد بها يشد، ولو قدر فيها ثبوت وحيد لم يكن هنالك من يشده لإقفارها من الأنيس
ومنه قول أبي كبير الهذلي.
وعلوت مرتئبا على مرهوبة
…
حصاء ليس رقيبها في مثمل
غيطاء معنفة يكون أنيسها
…
ورق الحمام جميمها لم يؤكل
أي لا جميم بها يؤكل ولو قدر بها جميم لم يكن بها من يأكله لأنه قفر وكذلك قوله: ليس رقيبها في مثمل أي ليس بها رقيب فيكون في مثمل، والمثمل الملجأ، والكلام على هذا وأمثاله يتسع مجاله، ويقل رجاله، والله أسأل أن ينفعنا، بما علمنا بمنه وفضله.
قلت: وقد يشهد لصحة إدخال النفي على كلمة في الجملة والمراد غيرها إذا كان في الكلام ما يشهد لذلك ما ذكر أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري رحمه الله في كتاب الوقف والابتداء من تأليفه لما تكلم على قوله تعالى: {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46] فقال ما نصه: فيه وجهان، إن شئت قلت: الوقف على قوله تبارك وتعالى {لَمْ يَدْخُلُوهَا} [الأعراف: 46] ثم تبتدئ {وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46] أي وهم يطمعون في دخولها وإن شئت قلت: المعنى دخولها وهم لا يطمعون في دخولها قبله فيكون الجحد منقولا من الدخول إلى الطمع كما نقول في الكلام: ما ضربت عَبْد اللَّهِ وعنده أحد فمعناه ضربت عَبْد اللَّهِ وليس عنده أحد، فالجحد منقول من الضرب إلى آخر الكلام، حكي عن العرب، ما كأنها أعرابية، بمعنى كأنها ليست أعرابية، قَالَ وأنشد الفراء.
ولا أراها تزال ظالمة
…
تحدث لي نكبة وتنكوها
أراد وأراها لا تزال ظالمة فمعنى الجحد الأول: التأخير وأنشد الفراء أيضا:
إذا أعجبتك الدهر حال من امرئ
…
فدعه وواكل حاله واللياليا
يجئن على ما كان من صالح به
…
وإن كان فيما لا يرى الناس آليا
أراد وإن كان في ما يرى الناس لا يألو، فعلى هذا المذهب الثاني لا يحسن الوقف على قوله عز وجل:{لَمْ يَدْخُلُوهَا} [الأعراف: 46] انتهى كلام ابن الأنباري.
قلت: وقد حملوا على نحو من هذا قوله تعالى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النور: 40] وقالوا: المعنى لم يرها ولم يقارب رؤيتها، والله أعلم.
وكان مع هذا الإمام الجليل الذي لم يقض التمتع به والاقتباس من أنواره حتى أنا لم نظفر منه ولا بالإجازة، وإن كان الرجل إنما يقصد بعلمه ودرايته لا لعلو روايته، الكاتب البارع جمال الدين أَبُو عَبْد اللَّهِ محمد بن إِبْرَاهِيمَ الأنصاري المروي أبوه، المصري الدار، وهو الذي نبه الشيخ الإمام على مكاني فأوجب اعتناء الشيخ بي وبره، وسنذكره بعد إن شاء الله.
المكين العسقلاني وكان أيضا حاضرا في مجلسه الأديب الناظم المعروف بالمكين بن عز بن حسام العسقلاني فأنشدني لنفسه من قصيد:
حثوا كتائبكم تترى إلى التتر
…
فما حمى الثغر مثل الطعن في الثغر
وما شفى الغيظ إلا صارم وذكر
…
بكف أروع مثل الصارم الذكر
شهم الفؤاد، بحبل الله معتصم
…
يوم الوغى، ولدين الله منتصر
ومما جره الحديث في ذلك المجلس لما أخذنا بأطرافه، وأبدينا نبذا من طرائفه ذكر الوزير الجليل الخطيب البليغ العالم المتفنن أبي الحسن سهل بن مالك
الأزدي الغرناطي، نادرة مصره بل نادرة عصره، حكيت عنه حكاية حكاها لي عمي الكاتب الفاضل الفقيه أَبُو إِسْحَاقَ إبراهيم بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رشيد، قَالَ: حكى لي أبو جعفر الطوسي أنه دخل يوما مع جماعة من أصحابه بمرسية على الوزير الأجل أبي الحسن سهل بن مُحَمَّدِ بْنِ مالك لما غربه ابن هود عن وطنه، قَالَ: فقدم إلينا حوتا، فلما فرغنا من أكله، قَالَ لعجوز كانت عنده تخدمه اشتري لهم تينا يأكلونه عليه، وكان الوزير أَبُو الْحَسَنِ في سمعه ثقل، فقالت العجوز: هلا أخرج لهم من عديل التين الطيب الذي سيق له، وهو في الغرفة؟ فسمعها الأصحاب ولم يسمعها الوزير أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: فقلنا له يا سيدي. . . . . . . . . . هلا أطعمتنا من عديل التين الذي أهدي لك؟ فقال: ومن أعلمكم به؟ ثم أنشد لنفسه:
لو جاء إبليس إلى مشربي
…
سرا عن الناس بإحدى الطرف
أخبرتني أنت بمن ساقها
…
يا عالم الغيب بما في الغرف
فقال لنا علم الدين العراقي: هذا مأخوذ من قول الآخر:
لو طبخت قدر بمطمورة
…
بالدار أو أقصى بلاد الثغور
وأنت بالصين لو جبتها
…
يا عالم الغيب بما في الصدور
الشريف شرف الدين الكركي وممن لقيته أيضا بمصر الفقيه الإمام الوحد المفتي السيد الشريف شرف الدين أَبُو عَبْد اللَّهِ محمد بن عمران بن موسى بن عبد العزيز بن مُحَمَّدِ بْنِ حزم بن حمير بن سعيد بن عبيد بن إدريس بن إدريس بن إِبْرَاهِيمَ بْنِ موسى بن جعفر بن مُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بْنِ الحسين بن عَلِيِّ بْنِ أبي طالب الحسيني رضي الله عنهم، يعرف بالشرف الكركي.
لقيته بالمدرسة الطيبرسية مع صاحبنا ورفيقنا الوزير الفاضل الكاتب الكامل بدر الدين أبي عَبْد اللَّهِ بن الوزير الجليل الفاضل الفقيه أبي القاسم بن
الحكيم حرس الله مجده وحفظ وده، فقرأ عليه رفيقنا أَبُو عَبْد اللَّهِ شرحه لعقيدة المهدي التي تسمى بالمرشدة وسماه اللمحة المسددة في شرح المرشدة، فسَمِعْتُ عليه جميعه، وذلك في أخريات صفر من عام خمسة وثمانين وست مائة بفسطاط مصر بجامع عمر بن العاص رضي الله عنه، وأجازتي جميع رواياته إذ ذاك، ولأولادي أبي القاسم وعائشة وأمة الله.
تضمن الشرح الحديث الذي خصه الترمذي في تعديد الأسماء الحسنى وجرت المباحثة بيني وبينه في تحقيق الكسب وضايقته فآل كلامه إلى أنه إطلاق لغوي من حيث إن العبد صدر منه ذلك الفعل، يعني على وجه الاختيار في الظاهر فنسب إليه وأنه في الحقيقة مجبر، وهذا الذي قاله ليس بحث الأشعريين عليه.
ولد هذا الشيخ بمدينة فاس قواعد بلاد المغرب الشهيرة نشأ بها وتفقه على الشيخ أبي محمد صالح فقيه أهل المغرب في زمانه ثم رحل إلى المشرق وتفقه بمصر على الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وسمع الحديث على الحافظ زكي الدين، وأخبرني أنه سمع عليه الجامع لأبي عِيسَى الترمذي، قَالَ: أنا ابن طبرزد، قَالَ: أنا الكروخي، وذكر تمام السند، ثم رحل إلى الحجاز.
والمرشدة المشار إليها هي العقيدة الموحدية التي كان الموحدون رحمهم الله يلزمون تعلمها وتعليمها وحفظها الصغار والكبار، وهي: بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على محمد وعلى آل محمد.
اعلم، أرشدنا الله وإياك، أنه وجب على كل مكلف أن يعلم أن الله عز وجل واحد في ملكه، خلق العالم بأسره العلوي والسفلي، والعرش والكرسي والسماوات والأرض وما فيهما وما بينهما، جميع الخلائق مقهورون بقدرته، لا
تتحرك ذرة إلا بإذنه، ليس معه مدبر في الخلق، ولا شريك في الملك، حي قيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، عالم الغيب والشهادة، لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا، فعال لما يريد، قادر على ما يشاء، له الملك والعلاء، وله العزة والبقاء، وله الأسماء الحسنى، لا دافع لما قضى، ولا مانع لما أعطى، يفعل في ملكه ما يريد، ويحكم في خلقه ما يشاء، لا يرجو ثوابا ولا يخاف عقابا، ليس عليه حق ولا عليه حكم، فكل نعمة منه فضل، وكل نقمة منه عدل، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، موجود قبل الخلق، ليس له قبل ولا بعد، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، ولا أمام ولا خلف، ولا كل ولا بعض لا يقال متى كان، ولا كيف كان، ولا مكان كون المكان ودبر الزمان، لا يتقيد بالزمان، ولا يتخصص بالمكان، لا يلحقه وهم، ولا يكيفه عقل، ولا يتخصص في الذهن، ولا يتمثل في النفس، ولا يتصور في الوهم، ولا يتكيف في العقل، لا تلحقه الأوهام والأفكار، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
نجزت وأقام منصرفة من الحجاز بالكرك من أعمال الشام، حتى صارت شهرته بمصر الآن بالكركي، ثم انتقل إلى مصر في حدود سبعين وست مائة، وأقام يدرس ويفتي بالمذهبين، ويلقي الدروس، في كل فن: العربية واللغة والأصليين وعلم الحساب وغير ذلك من العلوم، وصفه لي بعض أصحابنا بهذا كله، وزاد أن قَالَ: واليه انتهت الرئاسة بالديار المصرية، وعليه مدار الفتيا بها في زماننا.
كتب لي بخطه مجيزا، قلت: في استدعاءين، وكان كتبه فيهما أو في أحدهما، وأنا غائب عن الديار المصرية، في توجهي إلى الشام عام أربعة وثمانين
وست مائة وأظن كتبه كان في أواخر شعبان، من السنة، وأجاز لبني وأخواتي.
وسمى بخطه مما روى من الكتب: صحيح مسلم بن الحجاج، أخذه عن بقية السلف شرف الدين بن أبي الفضل المرسي، عن المؤيد الطوسي بسنده.
قال: ومن ذلك الموطأ رواية الليثي، وذلك روايتي عن العبقوي، عن المقدسي، عن الزهري، عن الطرطوشي بسنده المعروف.
قلت: الزهري هو أبو طاهر إسماعيل بن مكي بن عوف القرشي الزهري، عن الفقيه أبي بكر الطرطوشي، قَالَ: أنا الفقيه الْقَاضِي أبو الوليد الباجي، قَالَ: أنا أبو الوليد يونس بن عَبْدِ اللَّهِ الصفار، إجازة ومناولة، قَالَ: أنا أبو عِيسَى الليثي، قَالَ: أنا عم أبي أبو مروان عبيد الله بن يَحْيَى بن يَحْيَى، قَالَ: نا أبي، عن مالك رحمه الله.
قال: ومن ذلك الشجرة، عن مصنفها ابن عبد السلام الإمام المشهور يعني عز الدين، وكذلك اختصاره الرعاية، للمحاسبي وكذلك
المعجم المترجم عن مصنفه الحافظ العبقوي، وكتاب جامع الأصول في حديث الرسول لابن الأثير، عن عبد المحسن الرجل الصالح خديم الخليل عليه السلام بالشام، عن مصنفه، ورسالة التصوف للقشيري، عن المراغي، عن ابن عساكر، عن أبي القاسم ولد المصنف، عن أبيه.
انتهى ما كتبه بخطه من أسانيده في الكتب المذكورة، فابحث عن تحرير أسماء هؤلاء المذكورين، وكيفية أخذ بعضهم عن بعض بحول الله.
أنا الإِمَامُ شَرَفُ الدِّينِ الْكركِيُّ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ بِخَطِّهِ، أنا شَرَفُ الدِّينِ ابْنُ أَبِي الْفَضْلِ الْمَرْسِيُّ، أنا الْمُؤَيَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّاعِدِيُّ الْفُرَاوِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِنَيْسَابُورَ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، أنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَمْرَوَيْهِ الْجُلُودِيُّ، أنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الْفَقِيهُ، قَالَ: نا أَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْقُشَيْرِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ