المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3] قال عمر: - ملء العيبة بما جمع بطول الغيبة - جـ ٥

[ابن رشيد]

فهرس الكتاب

- ‌سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يَضْحَى النَّهَارُ، فَمَنْ جَاءَهَا فَلا يَمَسَّنَّ مِنْ

- ‌«مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي»ومما قرئ عليها، وأنا أسمع بالروضة

- ‌«لا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ النَّارَ»

- ‌خَيْرَ مَا رُكِبَتْ إِلَيْهِ الرَّوَاحِلُ مَسْجِدِي هَذَا وَالْبَيْتُ الْعَتِيقُ»

- ‌صَلاةٌ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِي مَا سُوَاهُ إِلا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ» .قُلْتُ: كَذَا سَمِعْنَا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى

- ‌اقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ يَعْنِي يس» هَذَا أَوَّلُ حَدِيثٍ مِنَ الْجُزْءِ

- ‌لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمْيَهِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ

- ‌«مَنْ رَآنِي بَعْدَ مَوْتِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي»

- ‌«مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي»وبه أنا شيخ الإسلام، أنا أبو الحسن علي بن أبي طالب الخوارزمي

- ‌نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ إِذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ»

- ‌أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلاةَ عِنْدَ هَذِهِ الأُسْطِوَانَةِ، قَالَ: فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى الصَّلاةَ

- ‌كَانَ جِدَارُ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ مَا كَادَتِ الشَّاةُ تَجُوزُهَا» ، قُلْتُ: يَعْنِي الْجِدَارَ الْقِبْلِيَّ، وَكَذَلِكَ كَانَ أَيْضًا

- ‌مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي»فائدة في الاقتداء بشيوخ الاهتداء:

- ‌نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ إِذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ» قَوْلُهُ: إِذَا تَوَارَتْ يَعْنِي الشَّمْسَ

- ‌إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَلا يَسْعَى وَلَكِنْ يَمْشِي وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَلْيُصَلِّ مَا أَدْرَكَ وَلْيَقْضِ مَا

- ‌إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ فِيهِ وَخَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ أَنْفِهِ، فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتْ

- ‌إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فَمَضْمَضَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ، فَإِذَا اسْتَنْثَرَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أَنْفِهِ، فَإِذَا

- ‌الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ قَرْنِ الشَّيْطَانِ فَإِذَا طَلَعَتْ قَارَنَهَا، وَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ: هَؤُلاءِ

- ‌الشَّمْسَ تَطْلُعُ بِقَرْنَيِ الشَّيْطَانِ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَخرجه الدراقطني في اختلاف الموطآت فقال: أنا أحمد بن

- ‌أَنَا فِرْطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَأَنَا مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلا تَرْجِعَنَّ بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضَكُمْ

- ‌أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلاةَ عِنْدَ هَذِهِ الأُسْطِوَانَةِ، قَالَ: «فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى الصَّلاةَ

- ‌مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي»

- ‌كَانَ جِدَارُ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ مَا كَادَتِ الشَّاةُ تَجُوزُهَا»

- ‌مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي»ذكر سفرنا من المدينة إلى مكة شرفها

- ‌الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنِ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»هذا الحديث وهو مخرج في

- ‌رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ فَقَالَ: اسْتَرْقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ

- ‌رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةً فَقَالَ: اسْتَرْقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ "فالأول من المشائخ

- ‌الْمُلْتَزَمُ مَوْضِعٌ يُسْتَجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ، وَمَا دَعَا عَبْدٌ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ دَعْوَةً إِلا اسْتَجَابَهَا» أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ

- ‌مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعَمَلَ، أَوْ أَفْضَلَ، مِنْ أَيَامِ الْعَشْرِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ

- ‌إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّي فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ

- ‌مَنْ كَانَ لَهُ ذَبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أَهَلَّ هِلالَ ذِي الْحِجَّةِ فَلا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ»

- ‌كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزَ وَالْكَيْسَ أَوِ الْكَيْسَ وَالْعَجْزَ» ، قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ خَلْفُونٍ: هَكَذَا رَوَى

- ‌نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ»ومنه

- ‌شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِطْرًا أَوْ أَضْحًى، فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ: قَدْ أَصَبْتُمْ خَيْرًا، فَمَنْ أَحَبَّ

- ‌شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَيْ عِيدَيْنِ فِطْرٍ وَأَضْحًى، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ أَقْبَلَ عَلَيْنَا

- ‌مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»هذا أول حديث منها، ولنا منها نسخة، وهي عشرون

- ‌بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ»والحمد لله حق حمده وفيه أيضا سمع من البلاغ

- ‌لِكُلِّ شَيْءٍ زَكَاةً وَزَكَاةُ الدَّارِ بَيْتُ الضِّيَافَةِ»هذا الحديث آخر ما في الجزء، وعندي منه نسخة.ومن

- ‌كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ»بهذا الحديث افتتح خطبة الكتاب، وقفت على

- ‌بَخٍ بَخٍ بِخَمْسٍ مَا أَثْقَلُهُنَّ فِي الْمِيزَانِ» ! قَالَ، قُلْتُ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ

- ‌بَزَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَوْبِهِ وَحَكَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ» .نا مُوسَى، نا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ

- ‌طَبَقَاتُ أُمَّتِي خَمْسُ طَبَقَاتٍ، كُلُّ طَبَقَةٍ مِنْهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً، فَطَبَقَتِي وَطَبَقَةُ أَصْحَابِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَالإِيمَانِ

- ‌دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ»قال محمد بن رشيد: لا نعلم في

- ‌مَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ»

- ‌{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3] قَالَ عُمَرُ:

- ‌مُرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: كَمْ تَرَكَ؟ قَالُوا: تَرَكَ دِينَارَيْنِ: قَالَ: كَيَّتَيْنِ

- ‌الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتَّوَلَةَ شِرْكٌ» ، فَقُلْنَا: هَذِهِ الرُّقَى وَالتَّمَائِمُ عَرَفْنَاهَا، فَمَا التَّوَلَةُ؟ قَالَ: شَيْءٌ تَجْعَلُهُ

- ‌مَنْ أَصْدَقَ امْرَأَةً صَدَاقًا، وَهُوَ مُجْمِعٌ أَنْ لا يُوَفِيَهَا إِيَّاهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُوَفِّهَا إِيَّاهُ لَقِيَ اللَّهَ عز وجل وَهُوَ

- ‌مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ عَلِيٌّ مَوْلاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ»

- ‌اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ، وَلا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ

- ‌عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَنَا ابْنُ ثَلاثَ عَشْرَةَ، فَرَدَّنِي وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ

- ‌قَدِمَ رَجُلانِ مَعِي مِنْ قَوْمِي، قَالَ: فَأَتَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَا وَتَكَلَّمَا فَجَعَلا يَعْرِضَانِ

- ‌أَخَذَ سَيْفًا وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ، فَقَالَ: مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ؟ فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ، يَقُولُ هَذَا أَنَا وَهَذَا أَنَا

- ‌أَحَبُّ الأَيَّامِ إِلَى اللَّهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَأَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّهِ الْمَسْاجِدُ، وَأَبْغَضُ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّهِ

- ‌لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِنَ الْوِحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا أَسْرَى رَاكِبٌ بِلَيْلِ وَحْدَهُ أَبَدًا»

- ‌الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»قال الحافظ أبو طاهر: قَالَ لي

- ‌الْتَمِسُوا الرِّزْقَ فِي خَبَايَا الأَرْضِ»

- ‌الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»

- ‌نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ»تنبيه: ابن أبي شريح هذا شيخ مشهور صحيح السماع من البغوي وغيره

- ‌الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»

- ‌الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»

- ‌مَنْ أَضَافَ مُؤْمِنًا فَكَأَنَّمَا أَضَافَ آدَمَ، وَمَنْ أَضَافَ اثْنَيْنِ فَكَأَنَّمَا أَضَافَ آدَمَ وَحَوَّاءَ، وَمَنْ أَضَافَ ثَلاثَةً

- ‌فِي الْمُحَرَّمِ يُدْخَلُ الْبُسْتَانُ؟ قَالَ: نَعَمْ وَيُشَمُّ الرَّيْحَانُ "انتهت الأحاديث ونقلتها من خطي الذي كنت

- ‌كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلا الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

- ‌الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الاخْتِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظَفَارِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ "أنشدنا شيخنا

- ‌لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» رَوَيْنَا عَنْ

- ‌نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ»

- ‌لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلا مِثْلا بِمِثْلٍ، وَلا تَشُفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ»

- ‌مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ، وَأَنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ»قلت: أبا الطاهر

- ‌لا يَخَافَنَّ أَحَدُكُمْ إِلا ذَنْبَهُ، وَلا يَرْجُوَنَّ إِلا رَبَّهُ، وَلا يَسْتَحِي مَنْ لا يَعْلَمُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَلا يَسْتَحِي مَنْ

- ‌سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ لا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ كَمَا تَنْظُرُونَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لا يُغْلَبَ

- ‌لا إِلَه إِلا اللَّهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فَتْحٌ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمْأَجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ

- ‌يُنَزِّلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى، كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَي ثُلُثُ اللَّيْلِ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي

- ‌مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ فَمِنْكَ وَحْدَكَ، لا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ

- ‌«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ»

- ‌إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ، قَالَ: اللَّهُمَّ خِرْ لِي وَاخْتَرْ لِي

- ‌يُكْثِرُ هَذَا الدُّعَاءَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ وَاسِعَ رِزْقِكَ عَلَيَّ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّي»وهذا الجزء العاشر معظمه في الدعاء

الفصل: ‌{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3] قال عمر:

بْنِ الْخَطَّابِ، " أَنَّ رَجُلا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعَاشِرِ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ قَالَ:

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3] قَالَ عُمَرُ:

قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الصَّبَّاحِ، وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدٍ كِلاهُمَا عَنْ جَعْفَرٍ

قلت: كذا وقع في النسخة هذا الإسناد: نا جعفر بن عون أبو العميس وذلك غلط، وإنما هو: نا جعفر بن عون، أنا أبو العميس، وأبو العميس اسمه عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، وهو أخو عبد الرحمن المسعودي، روى عنه جعفر بن عون وغيره، وخرج مسلم الحديث عن جعفر، أنا أبو العميس.

فائدة: جرى لي مع الشيخ الإمام أبي محمد بن الزجاج رضي الله عنه في حالة سماع هذا الجزء عليه في الليلة المذكورة: أني رمقت الشيخ وهو قد ضعف عن القعود، فإنه كان غاية في ضعف البدن، قد نهكه السن والمرض والسفر، وكان لي وعاء أحمل فيه كتبي فدعمت ركبته به، فنظر إلى نظر المغضب، وأشار إلي أن

ص: 257

استعمال مثل هذا امتهان، وأبي من ذلك، رضى الله عنه.

رؤيا رأيتها صادقة ولما ضربت له مثلا مطابقة رأيت فيما يرى النائم في بعض هذه الليالي الكريمة كأني ألتقط حول الكعبة في المطاف في جهة الركن الأسود ياقوتا ودرا، وبعضه أشرف وأفخر من بعض، فكان تصديق، ذلك أني أتيت المسجد الحرام، فوجدت أبا محمد، وأبا القاسم ابني الزجاج، قد جلسا أمام قبة يسمع عليهما الحديث فسمعت عليهما جزء ابن العالي، وفيه الصحيح من الحديث وما دونه، وفيه شيء من الشعر، فكان ذلك التفاضل بحسب الواقع هنالك.

ذكر رؤيا رأيتها هي من 000 رأيت فيما يرى النائم 0000 متوجها في الطريق إليها كأني أحفر قبر النبي صلى الله عليه وسلم فهبت هذه الرؤيا إلى أن عرضتها على بعض الأصحاب، فقال هي رؤيا خير إن شاء الله: هي طلبك حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وبحثك عنه، فسرت بذلك فلما عدت إلى المغرب اتفق أن طالعت كتاب الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، لأبي عمر بن عبد البر رحمه الله فوجدت فيه في باب جامع فضائل أبي حنيفة وأخباره.

أن أبا حنيفة رحمه الله، رأى نحوا من هذه الرؤيا وإن لم أبلغ أنا ما بلغه أبو حنيفة في رؤياه فتضاعف سروري بذلك وأرجو أن تكون كناية عن حال الوقت فأنال بحول الله بعد حظا مما ناله في الاستقبال.

ص: 258

ورؤيا أبي حنيفة هي ما أنا به إجازة مشافهه وخطأ أَبُو الْحَسَنِ عبد الله بن أَحْمَدَ بْنِ عبيد الله القرشي وأبو محمد عبد الله بن أَحْمَدَ بْنِ عبيد الله النفزي قالا: أنا أَبُو الْقَاسِمِ أحمد بن يزيد بن بقي إجازة، قَالَ: أنا أَبُو الْحَسَنِ شريح بن مُحَمَّدِ بْنِ شريح، بكتابه، أن خاله أبا عبد الله أحمد بن مُحَمَّدٍ الخولاني.

أخبره إجازة إن لم يكن سماعا قَالَ أنا الفقيه الحافظ أبو عمر بن عبد البر النمري إجازة في جميع تصانيفه ورواياته قال أبو عمر رحمه الله: نا حكم بن منذر، قَالَ: نا أبو يعقوب يوسف بن أَحْمَدَ وذكر جملة أخبارهم، قَالَ: قَالَ أبو يعقوب نا أحمد بن الْحَسَنِ

ص: 259

الدينوري، قَالَ، نا القاسم بن عباد، قَالَ، نا صالح بن محمد، عن يوسف بن رزين، عن أبي حنيفة، قَالَ: " رأيت في المنام كأني نبشت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فأخرجت عظامه فاحتضنتها قَالَ فهالتني هذه الرؤيا، فرحلت إلى ابن سيرين فقصصتها عليه، فقال: إن صدقت رؤياك لتحيين سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.

ونا أحمد بن الْحَسَنِ، قَالَ، نا القاسم بن عباد، قَالَ، ذكر لي عن محمد بن شجاع، نحو هذا الخبر في الرؤيا إلا أنه قَالَ فيه:«فجعل يؤلف عظامه ويقيمها ثم ذكر مثله» ونا أحمد بن الْحَسَنِ، قَالَ، نا شعيب بن أيوب، قَالَ، نا عبد الحميد بن يحيى الحماني، قَالَ: نا يوسف بن عثمان الصباغ، قَالَ: قَالَ لي رجل:

ص: 260

رأيت كأن أبا حنيفة ينبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم فسالت عن ذلك ابن سيرين ولم أخبره من الرجل، فقال: هذا رجل يحيى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ أبو عمر، وحدثنا حكم بن منذر بن سعيد، قَالَ: نا أبو يعقوب يوسف بن أَحْمَدَ، قَالَ: نا محمد بن عَلِيٍّ السمناني، قَالَ، نا أحمد بن مُحَمَّدِ بْنِ العباس بن يزيد، قَالَ: نا القاسم بن عباد، قَالَ، نا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، قَالَ: قَالَ أبو يوسف: كنا تختلف في المسألة فنأتي أبا حنيفة، فكأنما يخرجها من كمه فيدفعها إلينا.

قلت: هذا من تأويل رؤياه الصادقة ونحو من هذه الرؤيا ما أخبرنا به الشيخ الأديب الحسيب اللغوي أبو محمد القاسم بن مُحَمَّدٍ الهوزني الإشبيلي بغرناطة قدمها علينا من إفريقية، وكان مجزلا حظه من تعبير الرؤيا، يأتي من ذلك بدقائق وفرائد وعجائب، ولم يكن تمكنه في العلم بذاك فقلت له: من أين لك هذا؟ فقال لي: كنت رأيت بإشبيلية وأنا صبي صغير بحيث أحمل على عنق الغلام كأني فيما يرى النائم عند روضة النبي صلى الله عليه وسلم ورأيت في جانبها طاقا أتقاصر عن إدراكه والناس يتواردون عليه فيدخلون أيديهم في ذلك الطاق ويخرجون لقما يلتقمونها فرمت ذلك فلم تدركه يدي، فأخذت قصبة وجعلت أبل أسفلها بريقي وأدليها من ذلك الطاق ثم أخرجها فأجد في أسفلها ترابا قد علق بها، فالتعلقه ثم أعيد تلك القصبة، فعلت ذلك الفعل مرات، واستيقظت وقد وعيت الرؤيا فقصصتها على أبي فقال: هل أعلمت أمك ذلك؟ قلت: لا، قَالَ: واستدعى غلاما لنا فحملني على عنقه مع أبي رحمه الله، إلى المعبر المشهور بإشبيلية المعروف بالحنتمي، وكان يأتي في التعبير بأمور يعجز عن إدراك فهمها ذوو الأفهام الثاقبة، فقصصتها عليه فقال: يا بني، التراب تراث، وهذا القدر الذي نلت من تراثه صلى الله عليه وسلم نزر يسير، وأرى ذلك أنك تؤتي حظا من علم التعبير، فصدق

ص: 261

تأويلة رحمه الله، ومن غريب ما جرى للشيخ أبي محمد رحمه الله، من التعبير الغريب وأنا بغرناطة، أنه جلس في بعض العشيات مع قاضي الجماعة أبي بكر الأشبرون الإشبيلي، وكان بينهما صحبة وصداقة، ببلدهما إشبيلية، فقال له القاضي: إني رأيت البارحة، أني أقرأ من أول ياسين أو من ياسين إلى قوله تعالى:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: 39] فقال له أبو محمد: تعيش من ليلة الرؤيا ثمانيا وعشرين ساعة أو مثلها ليلة، أو مثلها جمعا أو مثلها شهورا، فقال له القاضي ممازحا وكان قد نيف على الثمانين، أو مثلها سنين، فقال: لا يحتمل عمرك ذلك، ثم قطع الخصوم بينهما الكلام.

فلما كان في الثامنة والعشرين حكم في الجامع إلى أن غربت الشمس، وكان قويا صحيحا، فتوجه إلى منزله فمات فجأة بعد العشاء الآخرة رحمه الله.

فائدة أخرى: لقيت بالحرم الشريف بعض العلماء الوافدين في الركب وأخبرني باسمه فأنسيته ولم أره قبل ولا بعد، فجرى الكلام معه في الطواف بالبيت، لم شرع جعله على اليسار؟ فذكرت بعض ما قيل فيه، فقال: إنما ذلك لأن الطائف بالبيت مصل مؤتم بالكعبة، ومن شأن الإمام إذا ائتم به المفرد أن يقف عن يمين الإمام، وهو يسار المأموم، وهذا الذي قاله هذا الفاضل، ذكره الله في الصالحات، حسن جميل، ويحتمل عندي، أن يكون ذلك لأن يكون ابتداء حركة الطائف على يمين نفسه بخلاف لو جعلها على يمينه فإنه يكون ابتداء حركته على يساره.

وقد وقعت لبعض الصوفية في ذلك إشارة حسنة ضمنها شعرا له، وهو ما

ص: 262

أخبرناه، أنا الشيخ الصالح المقري أَبُو عَبْدِ اللَّهِ محمد بن عياش القرطبي نزيل مالقة معينا لما اشتمل على هذا القصيد، قَالَ، أنا أبو القاسم ابن الطيلسان، سماعا عليه، قَالَ، أنشدنا سماعا منه الفقيه الحاج الزاهد الورع الصوفي العابد أبو جعفر أحمد بن غالب البياني بالمسجد الجامع بقرطبة، قَالَ، أنشدنا الواعظ الحافظ أبو بكر الأطرابلسي، على منبره بحرم الله الشريف تجاه الكعبة المعظمة، سنة ثمان وثمانين وخمس مائة لنفسه، وقد سأله سائل: لم كان الطواف بالكعبة على الشمال، والسنة في العبادات التيمن؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في شأنه كله؟ فأنشد مجاوبا له بعد يوم:

إنما الكعبة في ضرب المثال

كعروس جليت بين رجال

فاستحت منهم فغطت وجهها

بأكف وخمار ودلال

وثياب كحل نورية

دللوها فتناهت في الدلال

وادي إبراهيم كرسي لها

ثم نصوا شخصها بين الجبال

تاجها ميزابها، إكليلها

ما علاها من بهاء وجمال

زمزم خادمها زملها

مشعل الحسن فتاهت في الكمال

وإذا طاف بها عاشقها

ردها من فرح على الشمال

فيه سر ليكون قلبه

أقرب الأشياء منها للوصال

هي أم الحج لا شك ولا

ريب في الحج ولا فيه جدال

هي أم الخلق منها ولدوا

وهي لا حمل لها ولا فصال

ص: 263

ولما أكملنا حجنا وعمرتنا طفنا طواف الوداع، داعين إلى الله تعالى أن لا يجعله آخر العهد بتلك الأماكن الشريفة، والعرصات المكرمة المنيفة، وكنت حين القدوم أردت دخول البيت شرفة الله فمنعني حجبته إلا بعد إعطاء ما يرضيهم مما يبذل لهم، فكان قد حضرني بعض الشيء، مما طبت نفسا بإهدائه فأبوا قبوله استنزارا منهم له، فرأيت أن لا أعينهم على اتخاذ بيت الله مغرما، وأنا لا أشاركهم فيما اتخذوه، مأثما، فلما حان الرحيل، وزمت المطايا ولم يبق من السفر إلا القليل، كنت فيمن تأخر، فألفيت البيت قد تركوه مفتوحا، فاغتنمت دخوله، وأنلت القلب من ذلك سؤله: اللهم أتمم علينا نعمتك وابسط علينا رحمتك، وودعت البيت وأخذنا في الرحيل راغبين إلى الله في التيسير والتسهيل.

ذكر بدعة عظيمة أحدثها العامة في دخول البيت المعظم: قد عاينا بعضها، وعلمنا منا لم نعاين وقد فسر ذلك الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله، فقال: " وقد ابتدع من قريب بعض الفجرة الختالين في الكعبة المكرمة أمرين باطلين عظم ضررهما على العامة.

أحدهما ما يذكرونه من العروة الوثقى، وأوقعوا في قلوب العامة أن من ناله بيده فقد استمسك بالعروة الوثقى، فأحوجوهم أن يقاسوا إليها شدة وعبئا ويركب بعضهم فوق بعض، وربما وضعوا الأنثى فوق الذكر، ولا مست الرجال ولامسوها، فلحقتهم بذلك أنواع من الضرر دينا ودنيا.

ص: 264

والثاني: مسمار في وسط البيت فسموه سرة الدنيا على ذلك الموضع وحملوا العامة على أن يكشف أحدهم على سرته وينبطح بها حتى يكون واضعا سرته على سرة الدنيا، قاتل الله واضع ذلك ومختلقه وهو المستعاذ.

قلت: ومن الحوادث الشنيعة طواف النساء ليلا بالشمع في أيديهن سافرات عن وجوههن، عاينا من ذلك ما يحزن، وغيرنا منه المستطاع بإطفائها في أيديهن والله تعالى المستعان المسئول أن يمن على المسلمين بمن يدفع البدع، ويجبر من الدين ما انكسر، ويلأم منه ما انصدع بمنه وكرمه.

اللهم أوزعنا شكر نعمك، وأفض علينا واكف كرمك، وأصحبنا في سفرنا، وكن معنا ولا تكلنا إلى حولنا وقوتنا طرفة عين، إنك المنعم الكريم الوهاب.

-

ص: 265

صاحبنا أبو محمد البسكري وحين أثيرت الجمال، وتنادى الناس بالرحال، وكان قد خرج معنا عازما على السفر صاحبنا وأحد رفقائنا الفقيه الفاضل الصوفي الأديب المتخلق أبو محمد عبد الله بن عمران البسكري، نفع الله به، وكان قد أنفد ما عنده جودا وسخاء حتى لم يبق له إلا مصحف يقرأ فيه، وثوب يستظهره ليس له كبيرة قيمة، وسليخة يفترشها، نشأت عنده، نفع الله به، عزيمة أمضاها، وسعادة قضيت له في الأزل فاقتضاها، في المقام في تلك المشاهد الكريمة والمعاهد العظيمة، وكان أبسر شيء عليه النظم، فأخذ بعض الأصحاب في كسر عزيمته عليه، وتصعيب المقام.

ص: 267

دون سبب يرجع إليه، فارتجل جملة أبيات سمعناه منه، فعلق بحفظي منها:

عليكم سلام الله إني عائد

إلى حيث لا أخزى ولا أتندم

إلى حرم فيه لقوم هداية

وفيه لأرباب المطالب زمزم

ومن عرف الرزاق سكن سره

ودر عليه الرزق من حيث يقسم

ثم ودعنا، وعاد إلى خير معاد، وهو الآن مقيم بها، مغبوط الحال، محمود الخلال، تقبل الله جواره، وأجاب في تلك المعالم الشريفة جؤاره.

وكان نفع الله به قد ركب البحر معنا من حضرة تونس، حماها الله تعالى، ومن نظمه ما أنشدناه بعض أصحابنا عنه، إن لم نكن سمعناه منه:

أملت رؤيتكم وكانت مقلتي

ترنو إلى شيء من الأعراض

فأبت جلالة قدركم ما رمته

حتى تطهرها يد الإمراض.

خاطب بهذين البيتين صاحبنا ورفيقنا أيضا في هذه الوجهة الأديب الصوفي المحقق الفقير المتخلق أبا محمد عبد الله بن الوزير أبي عبد الله الطبيري الشريشي المولد، السبتي المنشأ ثم التونسي الدار، وكان قد قدم تونس حماها الله، وأراد رؤيته، فاعتراه رمد منعه عن رؤيته، فلما عوفي من مرضه وتلاقيا، قَالَ هذين البيتين، وأنشدني له بعض أصحابنا:

أهلا وسهلا بالذين أحبهم

وأجلهم مني بمنزل ناظري

قوم إذا ذكروا حديث نبيهم

لم يخرجوه عن المراد الظاهر

ص: 268

رؤيا صالحة تدل على أعمال له ناجحة: أخبرني رفيقي الوزير أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بن أبي القاسم، قَالَ: كنا بمكة جلوسا مع صاحبنا أبي محمد البسكري وأبي محمد الطبيري، قَالَ: فأغفى الطبيري واستيقظ متعجبا، فقال: رأيت الساعة عينا تنبع يعني بيننا أو عندنا في الأرض ومطرا ينزل عليها من السماء مسامتا لها، قَالَ: فمد أبو محمد البسكري يده من كمه والسبحة في يده يحركها فقال: هذه هي العين النابعة، صدق صلى الله عليه وسلم:«إنه لم يبق من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له» .

ذكر سفرنا من مكة شرفها الله قافلين إلى طيبة زادها الله طيبا رحلنا من ظاهر مكة شرفها الله بعد ظهر يوم الاثنين، الخامس عشر لذي حجة، راغبين إلى الله تعالى في القبول، مزمعين بمشيئة الله على العود إلى حضرة الرسول، داعين يبلوغ السول، فما زلنا نسير منزلا منزلا، متعرفين البركة في كل إقامة وحركة، إلى قريب الفجر من الليلة الخامسة والعشرين، وقد شارفنا المدينة شرفها الله، فنزل مطر وابل، ولمعت بروق ملأت ما بين السماء والأرض، وعشيت الجمال وماد بعضها على بعض حتى انقطعت الأنساع، وتكسرت الهوادج وعاينا أمرا هائلا كهول البحر حالة اغتلامه، فوقف الناس ساعة عن المسير، ثم أديل من العسر اليسر، وأشرق الفجر، وسرنا حامدين لله شاكرين إلى أن وافينا المدينة على ساكنيها الصلاة والسلام، عشي يوم الخميس من صبيحة اليوم الخامس والعشرين.

ص: 269

ولما وصلنا ذا الحليفة أو نحوها نزلنا من الأكوار، واحتدم الشوق لقرب المزار، وكان صاحبي ورفيقي الوزير الفاضل الأديب الحافل الماجد الكامل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ منحه الله العافية ومسح عليه بيمينه الشافية، قد أصابه رمد، فعند معاينته تلك المعاهد الكريمة أحس بالشفاء من ألمه، فبادر إلى المشي على قدمه، احتسابا لتلك الآثار، وإعظاما لمن حل تلك الديار، وأنشدنا لنفسه في وصف الحال، وكتبه لي بعد بخطه:

ولما رأينا من ربوع حبيبنا

بيثرب أعلاما أثرن لنا الحبا

وبالقرب منها، إذ كحلنا جفوننا

شفينا، فلا بأسا نخاف ولا كربا

وحين تبدى للعيون جمالها

ومن بعدها عنا أديلت لنا القربا

نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة

لمن حل فيها أن نلم بها ركبا

ولما قضينا واجب السلام على خيرة الأنام، وصاحبيه المفضلين المقدمين في الصحب الكرام، المخصوصين بما لم يخص به أحد من أهل الإسلام عدنا إلى رحالنا، وكانت إقامتنا هناك بقية يوم الخميس ويوم الجمعة بعده ويوم السبت وصدر يوم الأحد، نتردد إلى الصلوات، والى تحيته صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما بأكرم التحيات، ورأينا من فعل الوافدين أنهم إذا فرغوا من الصلاة أدرات الصفوف كلها أعناقها إلى أيسارها، وقالت برفيع من أصواتها: السلام عليكم أيها النبي ورَحِمَهُ اللَّهُ تعالى وبركاته، ولم نر من ينكر ذلك الفعل، ولا بلغنا أيضا قول عن السلف رضوان الله عليهم، فأنا لا أنكره ولا أعرفه ذكر بعض ما جرى لي هنالك: قرأت مكتوبا في وجه الخزانة الكريمة التي تقابل المتوجه إلى الروضة الكريمة، وهي التي يضع الناس فيها الكتب الواردة بالتسليم عليه صلى الله عليه وسلم هذين البيتين مكتوبين ببياض في سواد:

ص: 270

سعدتم به يا زائرين ضريحه

أمنتم به يوم المعاد من الرجس

سلمتم وأصبحتم بأكناف طيبة

فطوبى لمن يضحى بطيبة أو يمسي

وبلغني أن هذين البيتين من كلمة لمحمد بن رشيد بفتح الراء وكسر الشين البغدادي الواعظ، وهذه الخزانة الموضوعة في هذا الموضع كأنها قصد بها أن لا يستقبل المصلي شيئا من الروضة الكريمة، ولذلك بنيت من الجهة الجوفية على زاوية حادة لئلا يستقبل المصلي منها شيئا، والله أعلم.

ص: 271

- أَبُو الْحَسَنِ التجاني وكان من جملة من صحبنا من مكة شرفها الله إلى المدينة طيبها الله الشيخ الفقيه المقري الفاضل الحافظ الأديب البارع الناظم الناثر الحافل أَبُو الْحَسَنِ علي بن إِبْرَاهِيمَ بْنِ محمد التجاني، أحد صدور طلبة تونس ومقرئيها للعربية والأدب، وكان قد قدم مكة شرفها الله، قبل قدومنا وأَبُو الْحَسَنِ هذا يبلغ من سرعة النظم وسهولته مبلغا لم ينته أحد من أهل زمانه إليه مع ما جبل عليه من حسن الخلق، حتى يقال: إنه لا يظهر عليه أثر الغضب لولا أنه يعرف ذلك بحمرة تعتريه في وجنتيه فذكرت له البيتين أو أقرأته إياهما، وسألته أن يزيد عليهما ونحن مستقبلون الروضة الكريمة فقال مرتجلا، وللبيتين مذيلا:

وينسى بها الأوطان والأهل إنه

يرى بجوار المصطفى غاية الأنس

ص: 273

ثم وطأ قبلهما بيتين، وهما:

قفوا سلموا، هذا ضريح محمد

أما تبصرون النور أسنى من الشمس

فصلوا عليه واسألوا وتوسلوا

إلى الله بالمبعوث للجن والإنس

وكتبها لنا عنه هنالك صاحبنا الوزير الفاضل السري، الكامل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حفظه الله وتولاه وأعانه على شكر ما أولاه، ولما دخلنا حريم الروضة الكريمة، سألت الشيخ الفقيه الأديب الحافظ أبا الحسن المذكور أن ينشدني شيئا لنفسه في المعنى، فأنشدني عند الرأس الكريم رأس المصطفى صلى الله عليه وسلم وكتبهما لنا صاحبنا ورفيقنا الوزير الفاضل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بخطه شركه الله تعالى.

أقول إذا ما نحن صرنا بطيبة

نزلنا بحمد الله بالمنزل الرحب

نزلنا بمغنى أكرم الخلق كلهم

قرآنا عليه اليوم مغفرة الذنب

وحضرت انتظار صلاة الجمعة مستقبل المنبر الكريم، وكنت قد قعدت لشدة الازدحام عند آخر المسقف على البناء الذي هنالك شبه دكان مستطيل كأنه حد للروضة المحمدية المشار إليها بقوله عليه السلام:«ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» ، فجاء جلوسي أمام الصفوف، فاجتذبني رجل من أمراء الشام كان قاعدا خلفي أو جليسه، وفسحا لي ما بينهما فأفاضا في الحديث معي مؤنسين وكان جليسه من أهل العلم ولم أعرفه قبل ولا بعد، فجرى ذكر أبي بكر بن العربي الطائي الحاتمي أو أجراه ذلكم الرجل جليس الأمير، فقال: حكى لي ابن العربي أنه قَالَ: كنت هنا يوما فجاء رجل فقال لي: أأنت ابن العربي؟ قلت: نعم، قَالَ: أأنت الطائي الحاتمي؟ قلت: نعم، فقال: أنت الفتى الذي تزعم أنك تخبر عن الله؟ فقلت: نعم، فقال: فما قَالَ لك؟ قَالَ: فرمت أن أنطق فلم أطق، فعلمت أن صاحب الحال يقطع صاحب المقال، هذا أو نحوه.

ص: 274

كتبت الحكاية من حفظي بعد طول زمان، وأشك هل قَالَ: إن ابن العربي أيضا أخبره بهذه الحكاية بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم أم لا.

استدراك: كنت استصحبت معي لشيخنا الناقد العلامة النسابة أبي بكر محمد بن حسن بن حبيش، بلغه الله إلى مشاهدة تلك المشاهد ونظمه وسطى المعاين المشاهد قصيدا حافلا في السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، كان سماه: التحيات الإعجازية والأريحيات الحجازية، ثم سدسه ووسمه بثراء العديم وشفاء السقيم في تسديس بجمع بتقديس بين التسبيح والتسليم.

فلم بلغنا مدينة خاتم الأنبياء رأينا من قضاء واجب حقه أن نشمله في الدعاء، وأن نبلغ تسليمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنشد منه صاحبنا ورفيقنا الوزير الفاضل الماجد الكامل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ شكره الله في الروضة المحمدية بمقربة من قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى مقدار عشرة أذرع من الروضة الكريمة جملة واستوهب الدعاء للناظم ممن حضر معه بالروضة الكريمة تقبل الله ذلك ونفع به، ونفع الناظم بما نظم، والقارئ بما قام به والتزم، وختم لنا بما به لأوليائه ختم، إنه ذو المن والكرم.

ومطلع القصيد مع التسديس:

أسبح رب العرش عز دوامه

وأحمده والحمد يعلو مقامه

وأشكره والشكر يرعى ذمامه

فيهدي لخير الخلق عني سلامه

سلام كعرف المسك فص ختامه

على من هدانا فعله وكلامه

ص: 275

فسبحان من عم البرية نعمة

بإرسال من آتاه حكما وحكمة

أتى للعلى بدءا وللرسل ختمة

وشرف مختارا ليرحم أمة

سلام على المبعوث للخلق رحمة

ليحفظ من هذا الوجود نظامه

وهو طويل في نحو أربع وعشرين قائمة كذا ومائة.

وترددنا في تلك الأيام لتجديد زيارة من بالبقيع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كالعباس رضوان الله عليه، والحسن رضوان الله عليه، وعثمان رضوان الله عليه، وغيرهم من المعرفين هنالكم، والله ينفع بذلك ويجدد عليهم رضوان، وقد فعل اللهم انفعنا بمحبتهم، واحشرنا في زمرتهم، اجعلنا ممن سلك واضح طريقتهم يا ذا المن والإحسان والجود والامتنان.

ذكر سفرنا من المدينة على ساكنها الصلاة والسلام.

كان وداعنا للنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحد الثامن والعشرين لذي حجة وقد أودعناه الأرواح ورحلنا بالأشباح.

أودعكم وأودعكم جناني

وأنثر عبرتي نثر الجمان

وقلبي لا يريد لكم فراقا

ولكن هكذا حكم الزمان

ولله در القائل:

لو كنت ساعة بيننا ما بيننا

وشهدت حين نكرر التوديعا

لعلمت أن من الدموع محدثا

وفهمت أن من الحديث دموعا

والناس داعون وقائلون: «اللهم لا تجعله آخر العهد بنبيك» ولما خرج الناس عن المدينة لم يزالوا يعطفون رؤوسهم إليها، داعين ومسلمين حتى غابت عنهم: «اللهم لا تجلعنا ممن نفته المدينة، واربط على قلوبنا

ص: 276

بالصبر، وأنزلن علينا السكينة، وكن لنا صاحبا في السفر، ومن علينا بالوصول إلى الأهل سالمين كما مننت بقضاء الوطر، ولا تجعله آخر العهد بزيارة سيد البشر» .

وأهل هلال المحرم ليلة الأربعاء مفتتح عام خمسة وثمانين وست مائة، ونحن بالمنزل المعروف بمطرح الغزالة، اللهم أهلله علينا بالأمن والإيمان والسلام والإسلام، واجعله عاما سعيدا، وازو لنا السفر، وقرب لنا ما نخاله بعيدا.

ووافينا يوم الأربعاء صبيحة الغرة وادي الصفراء، ومنه يرفع الناس الماء إلى ينبع، والعامة تقول الينبوع، ورحلنا منها ضحاء يوم الخميس، وسرنا بقية يومنا، ثم نزلنا منزلا لم يسم لنا، ثم قمنا منه لينبع فوفيناه عصر يوم الجمعة الثالث لمحرم، وكان يوما صائفا شديد القيظ، على أنه لم يكن زفر قيظ، كابد الناس فيه من العطش شدة حتى ذكر أنه مات بعض المشاة عطشا، ووجه الأمير رواياه مسرعة إلى ينبع ليستقوا الماء ويلتقوا به الناس، ولما وافينا ينبع خرج مغنون بأصوات طيبة عذبة يرددون هذه الأبيات ويحيون بها القادمين نفوسهم بطيب تلك النغمات.

أيها القادمون أهلا وسهلا

كيف نجد؟ وكيف بان المصلى؟

كيف خلفتم العقيق، وسلعا

وقبا والنقى ومن ثم حلا؟

فأجابوا: لله ما كان أهنا

زمن الملتقي! وما كان بأحلى

لله درهم حادوا عن الجواب، لما رأوا أنهم لا عذر لهم في الإياب وأقمنا هناك للراحة من التعب، ولأن الركب المصري ربما تخفف من

ص: 277

الأزودة، وأودعها هنالك، استعدادا للعودة يوم السبت ويوم الأحد، ورحلنا منه ظهر يوم الاثنين السادس لمحرم.

وهذا الموضع المعروف بينبع بفتح أوله وسكون ثانيه بعده باء معجمة بواحدة مضمومة وعين مهملة كذا قيده أبو عبيد رحمه الله، والعامة تقوله الينبوع بزيادة واو وإلحاق أداة التعريف وهي بليدة حسنة كثيرة المياه والخضر والبساتين وهي بين مكة والمدينة، وكانت من بلاد بني ضمرة قوم عزة كثير، وقد ذكره كثير في شعره وقد وصف غيثا:

ومر فأروى ينبعا وجنوبه

وقد جيد منه جيدة فعباثر

قال أبو عبيد البكري رحمه الله، وينبع عن يمين رضوى، لمن كان منحدرا من المدينة إلى البحر، وهي قرية كبيرة وبها عيون عذاب غزيرة، زعم محمد بن عبد الحميد بن الصباح، أن بها مائة عين إلا عينا، ووادي ينبع يليل.

يصب في غيقة، قَالَ جرير:

نظرت إليك بمثل عيني مغزل

قطعت حبائلها بأعلى يليل

ويسكن ينبع الأنصار وجهينة وليث.

ص: 278

ومن حديث محمد بن عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب رضي صلى الله عليه وسلم عنهم: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد ينبع» .

ثم سرنا إلى أن وافينا المغيرة يوم الأربعاء الثامن لمحرم، عند الضحاء، وبها ما يحتفر في أحساء، وضبط هذا الاسم مفعلة بفتح الغين من التغيير ولم نجده في الأسماء المذكورة القديمة.

ورحلنا منه ليلا ليلة الخميس التاسع لمحرم فوافينا الحوراء يوم الجمعة يوم عاشوراء عند طلوع الشمس، وبها ماء رديء للشارب، وهو واد كثير شجر الأراك ومما جرى على لساني هنالك من شدة الشوق، متفائلا بالعودة إلى طيبة، سنى الله ذلك:

أيا حضرة المصطفى المجتبي

ضمنت لعيني أني أراك

ويصدق فالي فينعم بالي

لأني حللت بوادي الأراك

ثم رحلنا منه ظهر اليوم، وما زلنا نسير منزلا منزلا، منها ما سمي لنا ومنها ما لم يسم فمما سمي موضع ماء يسمى الوجه، وموضع يسمى سلمى وموضع يسمى عيون القصب، وهي مياه طيبة في بسيط ينبت القصب، وهناك تلقانا أوائل القادمين من الشام بالدقيق والتين والخروب، وكان الناس من فقد الأزودة في شدة لأنا لما انفصلنا عن ينبع وقع في الجمال موتان ذريع، حتى كان يترك منها في المرحلة الواحدة المائة وما قاربها، ورخصت الأزودة والحوائج ثم

ص: 279

عدمت أو كادت حتى صار الناس يطرحون حوائجهم، وكثر المشاة من المخدرات والأطفال، وكان الأمير حسن السيرة فسار بالناس سيرا رفيقا، وارتفق الناس بعضهم ببعض، وأركبوا بعضهم بعضا، وأبرد الأمير بردا إلى أطراف الشام لتدارك الناس بالطعام والركاب، فكان أول ركب لقيناه بعيون القصب، وكانوا يبيعون ما قدموا به رطلا أو نحوه بدرهم من أي شيء كان، ثم بعد ذلك تلقانا الناس وتباشروا بالسلامة، وسمعتهم عند تلاقيهم يقولون: الحمد لله على جمع الشمل وطول الأعمار.

وكان من جملة ما وردناه أيضا مغارة شعيب عليه السلام، وهو ماء مدين ومدين بلد جذام، ومدين. . . . . . . أحد بني وائل بن جذام، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ لوفد جذام:«مرحبا بقوم شعيب وأصهار موسى ولا تقوم الساعة، حتى يتزوج فيكم المسيح ويولد له» ، وجدت هذا الحديث بخط الكاتب الأوحد العلامة النقاب أبي عبد الله بن أبي الخصال رضي الله عنه.

وهذا الماء مورد معين جدا، في مغارة منقورة في حجر، ينزل إليها بأدراج متسعة بحيث يتلاقى فيها الصاعد والنازل وهى شبه صهريج مملوءة عذبا طيبا.

ووافينا عقبة أيلة يوم السبت الخامس والعشرين من شهر محرم وهذا الموضع تصنع فيه سوق عظيمة يجتمع فيها الرفاق والتجار عند توجه الناس للحج وعند قفولهم من البلاد الشامية والمصرية بأنواع المرافق وصنوف التجارات، وينصب فيه من الحوانيت ما يوجد في المدن العظام، ورأينا فيه من الاستعداد بأنواع

ص: 280

الأطعمة ما لا يأخذه الوصف، ويقيم أمير الركب في ذلك الموضع أياما حتى ينصرف أهل كل بلد إلى بلدهم، وحينئذ يسير الأمير ببقية الناس.

فرحلنا منه متعجلين قبل الأمير مع الجمالين الذي اكترينا منهم، غدوة يوم الأحد السادس والعشرين، فوافينا موضعا يسمى نخيلا وفيه بئر ومصنع الماء وغدر، ويوم الثلاثاء الثاني والعشرين، ورحلنا منه ضحوة يوم الأربعاء إلى موضع يعرف بالقباب، وافيناه ضحاء يوم الخميس فقلنا هناك، وفيه مصانع للماء كثيرة في جباب مقبوة، وفيه غدر، ورحلنا منه بقية اليوم.

وأهل علينا هلال صفر، جعله الله هلال يمن وسعد، بمنعرج ذلك الوادي، ليلة الجمعة، ثم سرنا منزلا منزلا والجمالون يستعجلون بنا فعدمنا الماء، فجددنا السير، فوافينا ليلة الأحد الثالثة لصفر منزلا بمقربة من الموضع الذي يسمونه البويب، نزلناه عند غروب الشمس، ونحن عطاش، ولقلة جمعنا من الركبان لم نجد من نشري منه ماء، ولا من يتصدق به، ولقد أغلى رفيقنا الوزير الفاضل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ في تلك الليلة في ثمن شيء منه فما وجد، إلى أن تفضل بعض من كان في ذلك الركيب بالتصدق بصطل منه، توزعه الأصحاب، وكنت راكبا وكان بعض صحبي ماشيا قلدته بعضي، والله يرزق العون بمنه، فألهم الله، وله الحمد والشكر، إلى أن تعشى الجمال وتأخذ في الرحيل، ففعلنا ذلك ورحلنا منه عند العشاء الآخرة، فسرنا ليلتنا نجد السير بليلة نابغية، أبطأت كواكبها ولم يؤب عازبها، أو حجرية شدت نجومها بأمراس منعت أن. . . . . . . بقرب من الأفق غاربها.

ص: 281

ليل كأن مداه عكس أحرفه ليل وليل فلا طول ولا قصر إلى أن تمكن الملل، وترادف الكلل، وتعذر بعض الأصحاب عن المشي، فأركبته وسرت على ما بي، فيا لها ليلة ما أطولها، فلما تمادى المسير ظن بعض ذلك الركب أنهم أخطأوا الطريق لأنهم كانوا قدروه أقرب مما وجدوه فعرسوا من آخر الليل، وكان الجمال الذي معنا بصيرا بالطريق لكونه كان من أهل ذلك الموضع فأمعن المسير، فما كان إلا اليسير، فتراءت لنا كنار الحباحب، فتارة تبدو وآونة تخفى عن المراقب، فاتخذناها أما، وجعلنا نعمل إليها اعتناء بشأنها، فما راعنا إلا تباشير الفجر، وقد أديل العسر باليسر، وقد وافينا بركة الحجاج، وقد أحدثت الباعة عليها حوانيت وأفرانا، واتخذوا من الخبز أصنافا وألوانا، فنزلنا على جانب البركة، وهو غدير كبير يمتلئ من فيض السيل فلشدة التعب بركنا حتى لم نطق القيام إلى الماء مع أنه قريب من اللهوات، سهل التناول بالأيدي كيف بالأدوات، فقام من كان فيه بعض نشاط من الأصحاب إلى بعض تلك الحوانيت، فجاء بخبز لم تبرد ناره وتفتر. . . . . . . فإنه لم يفارق ضرعه واستملى من ذلك الماء العذب ووضعه بين أيدي الصحب فأكلنا وشربنا حتى كدنا نسرف، وعدنا إلى ما لم نزل من فضل الله وتيسيره نعرف، ثم قمنا لأداء الفرض، وقد أسفر الفجر، وعظم بفضل الله الأجر، ثم استرحنا ساعة إلى أن أشرقت الشمس، ونشطت النفس، وتلك صبيحة يوم الأحد الثالث لشهر صفر، وهذه البركة بينها وبين مدينة القاهرة نحو من اثني عشر ميلا، وعندها يجتمع الركب وينصب الأمير رايته عند التوجه للحج، وعند القفول منه، وهناك يتلقى الناس القادمين، وكنا أول وفد قدم فرأينا

ص: 282

من تحفي الناس بنا وتمسحهم بأثوابنا ما يعجز عنه الوصف حتى أنهم ليناولوننا قصب السكر مقشورا. . . . . . . ومن استعداد الناس للقاء من لهم في الركب، فيخرجون إليهم بأنواع الأطعمة والأشربة والأثواب النقية وماء الورد، وأنواع الحلاوة وقصب السكر، إلى غير ذلك.

وبالجملة فالقوم لهم اعتناء بالأمور الدينية والدنيوية يبلغون فيهما إلى حالة يعجز عن وصفها اللسان، ولا يفي بنعمتها البيان، وتكل دونها البنان، فسرنا إلى أن وافينا القاهرة، ودخلنا على بابها قاصدين إلى. . . . . . . فما استوفينا قطع تلك المسافة إلى عند الظهر.

ص: 283

ذكر وصولنا إلى مصر حرسها الله تعالى، من الوجهة الكريمة شفعها الله بأمثالها ويسر علينا عما قريب في مثالها، ومن لقيناه بها من الشيوخ والأصحاب.

وافينا مصر حرسها الله ظهر يوم الأحد الثالث لشهر صفر من عام خمسة وثمانين وست مائة، ونزلنا بها بخان يعرف بربع الكارمي بمقربة من منزل صاحبنا المحدث أبي عبد الله محمد بن عاصم شكره الله تعالى وحفظه، والحمد لله تعالى على إكمال النعمة وإتمام البغية.

ص: 284

أبو العز عز الدين الحراني اتصل مقدمنا بالشيخ المسند رحلة مصر شيخنا أبي العز عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني أبقاه الله مسلما، وصل إلينا مهنئا لنا ومسلما، غدوة يوم الاثنين الرابع من شهر صفر، فكان من قوله جزاه الله خيرا: ما بمنزلي إلا من سر بقدومكم واتفق أن كنا أول من دخل مصر من الركب الحجازي، لسبب أوجب استعجالنا، فلما استقر به المجلس، وسأل عن أحوالنا وشكر الله وحمده على بلوغ آمالنا، بدره صاحبنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بن عاصم، فقال: يا مولانا أما تضيف أصحابنا، فقال: نعم، فقال صاحبنا: الآن بإسماعهم بعض مسموعاتك فأنعم بذلك

ص: 285

وهكذا شأن القوم نفعهم الله تعالى حرصا على الإفادة والاستفادة.

وكان قد حضر في الوقت من مسموعاته جزء وهو المجلس الثالث عشر من أمالي القاضي أبي عبد الله الحسين بن هارون الضبي فسمعناه عليه، بحق سماعه بقراءة أبيه عبد المنعم، في السنة الخامسة من عمره، في يوم الاثنين ثاني عشر من رجب سنة تسع وتسعين وخمس مائة على الشيخ الصالح أبي العباس أحمد بن الْحَسَنِ بْنِ أبي البقاء العاقولي، فأقر به،

أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي مَنْزِلِهِ بِدَارِ الْخِلافَةِ الْمُعَظَّمَةِ بِشَرْقِيِّ بَغْدَادَ، فِي مُحَرَّمَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ، أنا الشَّيْخُ الثِّقَةُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ الْبَزَّازُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ وَأَنَا أَسْمَعُ وَذَلِكَ فِي رَجَبَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، نا الْقَاضِي أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ إِمْلاءً، نا الْقَاضِي أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الضَّبِّيُّ فِي سَنَةِ سَتٍّ وَعِشْرِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، نا أَبُو إِسْحَاقَ الدَّبَّاغُ وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ

ص: 286