الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"إن اكتنفكم العدو (أَي أَحاط بكم) فانضحوهم بالنبل".
وبعد ذلك رجع إلى مقر قيادته وفي معيته مستشاره الأَمين الصديق الأَكبر (1)، ووقفت على مقر قيادته كتيبة الحراسة من فتيان الأَنصار بقيادة سعد بن معاذ.
ثم توترت الحالة واربد جو المعركة بدخان الموت، وأَخذت الصفوف تقترب من بعضها، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وجلا على مصير المسلمين، لأَنه - أكثر من غيره - يقدر نتائج مثل هذه المعركة، ويعرف أَن هزيمة المسلمين معناها هزيمة الإِسلام إلى الأَبد.
لهذا لجأَ صلى الله عليه وسلم إلى ربه وأَبلغ في الدعاء قائلا: اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة - يعني المسلمين - لا تعبد بعدها في الأَرض (2).
أول وقود المعركة
وبعد أَن تواجه الفريقان وحضر الخصمان بين يدي الرحمن ضج الصحابة بصنوف الدعاء، إلى رب الأَرض والسماء سامع الدعاء وكاشف البلاءِ (3).
وكان أول وقود المعركة هو أَحد فدائي المشركين .. الأَسود بن
(1) أبو بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو التيمي القرشي، أشهر من أن يعرف، خليفة رسول الله، ولد بعد الفيل بسنتين، كان أول من أسلم من الرجال، وفيه قال الرسول، من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى أبي بكر، تولى الخلافة بعد رسول الله، مات يوم الإثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة.
(2)
البداية والنهاية 3 ص 272.
(3)
فقه السيرة.
عبد الأَسد المخزومي ، كان رجلت شرسًا سيئ الخلق ، فقد عاهد الله، ليشربن من حوض المسلمين أَو ليهدمنه أَو ليموتن دونه.
لذلك انقض من صفوف المشركين، متحديًا المسلمين، زاحفًا نحو الحوض ليبر بقسمه، ولكن حمزة بن عبد المطلب ، أَسرع من صفوف ے المسلمين فاعترضه، وعاجله - قبل أَن يصل إلى الحوض - بضربة من سيفه، بترت قدمه مع نصف ساقه، فجثا في إصرار وعناد، وزحف نحو الحوض حبوًا ليبر بقسمه، ولكن حمزة رضي الله عنده (1) ثنى عليه بضربة أُخرى أَتت عليه وهو داخل الحوض.
فإن هذا المخزوي أَول قتيل في المعركة، وكان قتله بمثابة الفتيل التي أَشعل نار المعركة.
فقد خرج بعد ذلك من صفوف المشركين ثلاثة من فرسان قريش وخيرة محاربيهم، ومن عائلة واحدة، وهم:
شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وابنه الوليد، وكلهم من أَبناء عبد مناف جد النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعد أَن تمركز هؤلاء الأَمويون الثلاثة بين الصفين دعوا المسلمين إلى المبارزة، فسارع بالخروج إليهم ثلاثة من فتيان الأَنصار ، وهم عوف ومعوذ أَبناء عفراء (2) ، وعبد الله بن رواحة (3) وكما هي عادة
(1) هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما ثوبية مولاة أبي لهب، كان شجاعًا مهيبًا، وكان من السابقين الأولين في الإسلام، نصر رسول الله في كل موطن حتى استشهد في معركة أحد، قتله عبد حبشى واسمه وحشى، قذفه بحربة على بعد منه، فأصابت ثنته وخرجت من بين رجليه رضي الله عنه.
(2)
معوذ وعوف أبناء عفراء الخزرجيين استشهدا يوم بدر واشترك معوذ في قتل أبي جهل.
(3)
هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الخزرجى الأنصاري أحد السابقين إلى الإسلام=