الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معاهدة حماية
وقد كانت أهم بنود هذا التحالف من الناحية العسكرية، هو أن اليثربيين من الخزرج والأَوس، قد تعهدوا بحماية رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحمون أَنفسهم ونساءهم وأَولادهم.
شرع في وضع بنود المعاهدة التي أراد - من هذه النخبة اليثربية المباركة المصادقة عليها قائلًا موجها خطابه إلى الأنصار:
"أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأَبناءكم".
فأَخذ البراءُ بن معرور (1) بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال .. نعم، والذي بعثك بالحق (نبيًّا) لنمنعنك مما نمنع منه أُزرنا (2) فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أَبناءُ الحروب، وأهل الحلقة (3) ورثناها كابرًا (عن كابن)، وبينما البراءُ بن معرور يتكلم مؤكدًا القيام بالتزام ما يفرض هذا الحلف من دفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، اعترض أبو الهيثم بن التيهان (4) قائلا:
يا رسول الله بيننا وبين الرجال حبالًا، وإنا قاطعوها -يعني اليهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أَظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسم الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قال:
(1) انظر ترجمته في كتابنا (غزوة أحد):
(2)
أزرنا أي نساءنا، والمرأة قد يكفي عنها بالازار.
(3)
الحلقة (بفتح الحاء) السلاح.
(4)
انظر ترجمته في كتابنا (غزوة أحد).
بل الدم الدم، والهدم الهدم (1). أَنا منكم وأَنتم منى، أُحارب من حاربتم وأُسالم من سالمتم.
وبعد أَن ارتضى الأَنصار (بالإجماع) شروط البيعة وأَرادوا الشروع في عقدها بالمصافحة طلب منهم العباس بن عبادة بن نضالة الأَنصاري (2) قائلا (ليعرف مدى استعداد قومه للتضحية في سبيل تنفيذ ما عقدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف ومبايعة):
يا معشر الخزرج
…
هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ .
قالوا .. نعم
"قال .. إنكم تبايعونه على حرب الأَحمر والأَسود من الناس، فإن كنتم ترون أَنكم إذا أُنهكت أَموالكم مصيبة، وأَشرافكم قتلا أَسلمتموه، فمن الآن، فهو والله (إن فعلتم) خزى الدنيا والآخرة، وإن كنتم ترون أَنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة (3) الأَموال وقتل الأَشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة".
قالوا. . فإنا نأْخذه علي مصيبة الأَموال، وقتل الأَشراف"
…
ثم التفتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلين:
فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا بذلك؟ .. قال .. الجنة، قالوا .. ابسط يدك، فبسط يده فبايعوه.
(1) كانت العرب تقول عند عقد الحلف والجوار: : دمي ودمك، وهدمي هدمك، وهي كلمة تعني أن ذمتي ذمتك وحرمتي حرمتك، قاله ابن قتيبة وابن هشام.
(2)
انظر ترجمته في كتابنا (غزوة أحد).
(3)
نهكة الأموال: نقصها.