الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذين لم يشهدوا بدرًا - وبمجرد استماعه إلى حديث الحيسمان عن الهزيمة أكد للحاضرين أنه مجنون، وليؤكد ذلك، قال لهم، اسأَلوه عنى إن كان يعقل؟ ؟ فقالوا له ما فعل صفوان بن أمية؟ .
قال، هو ذالك جالس في الحجر، وقد رأَيت أَباه وأخاه حين قتلا. فأُسقط في أيدى أهل مكة، وهاج الناس وماج بعضهم في بعض من هول الصدمة، وزاد الأَمر تأْكيدًا أن قدم أبو سفيان بن الحارث (1)، وهو أحد القادة الذين أداروا دفة القتال ضد النبي يوم بدر، فأيد ما أذاعة الحيسمان عن هزيمة الجيش المكي.
وقع الهزيمة على نفس أبي لهب
قال أبو رافع (2) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال كنت رجلًا ضعيفًا أعمل الأقداح، أَنحتها في حجرة زمزم، فوالله إني لجالس إذ أقبل أَبو لهب (عم رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهو يجر رجليه بہشر، حتى جلس على طنب الحجرة، فكان ظهره إلى ظهري.
فبينما هو جالس، إذ قال الناس هذا أبو سفيان بن الحارث قد قدم،
= يسلم، ثم أسلم وحسن إسلامه، كان من كرماء الجاهلية وفصحائها، شهد معركة اليرموك وكان قائد أحد الكراديس، مات بالمدينة في اليوم الذي قتل فيه عثمان.
(1)
هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة أرضعتهما حليمة السعدية، كان ممن يؤذى النبي ويهجوه، وكان شديد الأذى للمسلمين، أسلم عام الفتح، وشهد معركة حنين مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان ممن ثبت مع الرسول، مات سنة خمس عشرة من الهجرة وقيل سنة عشرين.
(2)
كان أبو رافع عبدًا لسعيد بن العاص بن أمية، فأعتق كل من بنيه نصيبه فيه إلا خالد بن سعيد فإنه وهب نصيبه للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه، فكان أبو رافع يقول أنا مولى رسول الله.
فقال له أبو لهب بن عبد المطلب، هلم إلي فعندك، لعمري، الخبر. قال فجلس والناس قيام عليه، فقال يا ابن أَخي، أَخبرنى كيف كان أَمر الناس؟ .
فقال الحارث، والله ما هو إلا أَن لقينا القوم، فمنحناهم أَكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا، ويأْسروننا كيف شاءُرا، وأَيم الله - مع ذلك - ما لمت الناس، لقيَنا رجال بيض على خيل بُلق بين السماء والأرض، والله لا يقوم لها شيء.
قال أبو رافع فرفعت طنب الحجرة بيدى، ثم قلت، تلك والله الملائكة، قال فرفع أبو لهب يده فضرب بها وجهى ضربة شديدة، فثاورته فاحتملنى فضرب بي الأرض؛ ثم برك علي يضربي، وكنت رجلا ضعيفًا، فقامت أُم الفضل (1)(زوج العباس بن عبد المطلب) إلى عمود من عمد الحجرة فضربته به ضربة فعلت في رأْسه شجة منكرة، وقالت استضعفته أن غاب عنه سيده، فقام موليًا ذليلا فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته (2).
(1) أم الفضل، اسمها لبابة بنت الحارث الهلالية، يقال إنها أول امرأة أسلمت بعد خديجة، تزوج النبي شقيقتها ميمونة، كانت من رواة الحديث، أخذه عنها كثير من الصحابة، كانت أم الفضل من شريفات النساء، ماتت في خلافة عثمان قبل زوجها العباس.
(2)
الكامل لابن الأثير ج 2 ص 92 .. وقد روى ابن كثير في تاريخه البداية والنهاية أن أبا لهب لما مات تركهـ ابناه بعد موته ثلاثًا ما دفناه حتى أنتن، وكانت قريش تتقى العدسة (مرض ں معد مشھور عند العرب) كما تتقى الطاعون، حتى قال لهما رجال من قريش، ويحكما ألا تستحيان إن أباكما قد أنتن في بيته لا تدفنانه؟ فقالا إنا نخشى عدوة هذه القرحة، فقال أحدهم انطلقا فأنا أعينكما عليه، فوالله ما غسلوه إلا قذفًا بالماء عليه بعيدًا ما يدنون منه، ثم احتملوه إلى أعلى مكة فأسندوه إلى جدار ثم رضموا عليه بالحجارة.