الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
ومن الشرك به سبحانه وتعالى: الشرك في اللفظ كالحلف بغيره إلى آخر الفصل المتقدم ـ فهذا تركه العراقي عمداً لما فيه من التصريح بأن الحلف بغير الله شرك، والنذر لغيره شرك، والله المستعان.
وذكر الفصل من شرك الإرادات والنيات، وترك الفصل الذي بعده مع أنه قرر فيه أن الشرك تشبيه المخلوق بالخالق، وأن من خصائص الإلهية: التفرد بملك الضر والنفع والعطاء والمنع.
وذلك يوجب تعلق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل به وحده فمن علق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق، وقرر تقريراً حسناً مفيداً من فرائد الدرر وعجائب الغرر، في الرد على عبّاد القبور الذين هم في محل النزاع، فراجعه في أول الجواب بعد خمسة فصول في المقدمة، تعرف به تحريف العراقي وأن الكلام في أول الفصل السادس في عباد القبور، ومن شابههم من أهل الشرك وتشبيه المخلوق بالخالق. فقف عليه إلى آخر ما نقلناه من كلامه ترى العجب العجاب من توحيد رب الأرباب، ،كشف زيغ كل جاهل مرتاب. ومن له فطنة ونفس ذكية يعرف هذا بأول نظرة، ويستبين له بأدنى لحظة، ومن لم يجعل الله له نوراً فلا يزداد بكثرة النقل والكشف إلا شكاً وحيرة، والله المستعان.
وقول العراقي: فانظر إلى إقراره بأنه يصدر ممن يعتقد أن لا إله إلا الله، وأنه لاينفع ولا يضر، ولا يعطي ولا يمنع إلا الله، وأنه يعمل لحظ
نفسه ـ ثم قال: وهذا حال أكثر الخلق، وهذا الشرك يغفر بالاستغفار إلى آخر عبارته.
فهذا تلبيس وخلط، تقدم أن الكلام في الشرك الخفي كما بينه المصنف، وأما الشرك الأكبر فهو المراد بما بعد ذلك، فالعراقي مخلط لا يدري ما الناس فيه من أمر دينهم. ولا عرف المراد من كلام أهل العلم، فهو في ظلمة الجهل وأسر العادة التي نشأ عليها. لم يرتفع عن حضيضها الأسفل، ولا عرف ما كتب ونقل، والشرك في العبادة يطلق ويراد به الرياء والعمل لغير الله، وأما الشرك بالله فهو جعل إله آخر يسوي بينه وبين الله في العبادة، والكل شرك في عبادة الله، والمصنف أجمل أولاً، ثم فصّل وقسم، وبين أتم بيان، والمرتاب يتعلق بأدنى شبهة.
قال العراقي: النقل الثاني والأربعون في إغاثة اللهفان: "وأما نجاسة الشرك الأكبر الذي لا يغفر، فإن الله لا يغفر أن يشرك به، والمخففة الشرك الأصغر كيسير الرياء والتصنع للمخلوق، والحلف به وخوفه ورجائه" انتهى.
فجعل الحلف بالمخلوق والخوف والرجاء من المخلوق من جنس الشرك الخفيف ولم يجعله من المخرج من الملة.
والجواب أن يقال:
ليس النزاع معكم معاشر عبّاد القبور في خصوص الخلف، وخوف المخلوق ورجائه فيما يقدر عليه، بل النزاع في الشرك الأكبر الذي لا يغفر. وقد قرره ابن القيم في هذا الكتاب تقريراً حسناً، ونذكر نص كلامه ليتين إلحاد هذا الضال المفتري، فقد ذكر رحمه الله في الباب التاسع طهارة القلب، وأطال الكلام ثم قال: