الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قال العراقي: وإنما قصدت بهذا الإصلاح بين المسلمين واتفاق الفريقين لقول الله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: من الآية10] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً".
والجواب: أن يقال:
إذا اتحد الدين وحصل الإيمان بالله ورسوله، وعبادة الله وحده لا شريك وخلع ما سواه من الأنداد والآلهة، حصلت الإخوة في الدين، ووجب من حقوق الإسلام والمسلمين بعضهم على بعض ما أوجبه الله ورسوله. وقصد الإصلاح بينهم واجب. لقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: من الآية10] لكن مفهوم هذا أن الأخوة تنتفي بانتفاء الإيمان. وقد صرّح الله بهذا المفهوم في مواضع من كتابه، كقوله تعالى:{لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية [المجادلة:22]، وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: من الآية1]، وقوله:{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية [آل عمران:28]، وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ} الآية [المائدة:57]، وقال تعالى:{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلى قوله: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} [التوبة:1ـ12] ، وهذا في القرآن كثير، ولكن خفي على العراقي أن دعاء الأنبياء والصالحين والاستعانة بهم، وصرف
حقوق الله إليهم من الشرك الذي ينتفي معه أصل الإيمان ومسماه، بل ويخفى على هذا العراقي أن الإيمان هو التوحيد كما فسّره بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث وفد عبد القيس، وفي حديث معاذ، لما أرسله إلى اليمن. فلذلك قصد بجهله الإصلاح بين الطائفتين واتفاق الكلمتين، ولم يدر شرع الله وحكمه في هذه المباحث، ومثله لا يعذر بالجهل في هذه المباحث والأصول، بل عليه وزره ووزر من اتبعه. من غير أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً، وفي الحديث:"الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً".
لا أصلح الله منا من يصالحكم
…
حتى يصالح ذئب المعز راعيها