الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الثَّانِي كلام الرافضي على فضائل علي رضي الله عنه والرد عليه]
الْفَصْلُ الثَّانِي (1)
قَالَ الرَّافِضِيُّ (2) السَّادِسُ (3) : إِنَّ الْإِمَامِيَّةَ لَمَّا رَأَوْا فَضَائِلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَمَالَاتِهِ لَا تُحْصَى (4) قَدْ رَوَاهَا الْمُخَالِفُ وَالْمُوَافِقُ (5) ، وَرَأَوُا الْجُمْهُورَ قَدْ نَقَلُوا عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ مَطَاعِنَ كَثِيرَةً، وَلَمْ يَنْقُلُوا فِي عَلِيٍّ طَعْنًا أَلْبَتَّةَ اتَّبَعُوا (6) قَوْلَهُ، وَجَعَلُوهُ إِمَامًا لَهُمْ ; حَيْثُ نَزَّهَهُ الْمُخَالِفُ وَالْمُوَافِقُ (7) وَتَرَكُوا غَيْرَهُ حَيْثُ رَوَى فِيهِ مَنْ يَعْتَقِدُ إِمَامَتَهُ مِنَ الْمَطَاعِنِ مَا يَطْعَنُ فِي إِمَامَتِهِ. وَنَحْنُ نَذْكُرُ هُنَا شَيْئًا يَسِيرًا مِمَّا هُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُمْ وَنَقَلُوهُ فِي الْمُعْتَمَدِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَكُتُبِهِمْ (8) ، لِيَكُونَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ: مُوَطَّأِ (9) مَالِكٍ وَصَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ (10)
(1) ن، م، و: فَصْلٌ. وَهُنَا تَبْدَأُ نُسْخَةُ (ق) الْمُخْتَصَرَةُ.
(2)
و: قَالَ الْإِمَامِيُّ، وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) 119 (م) ، 120 (م)
(3)
السَّادِسُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) . وَفِي (ك) : الْوَجْهُ السَّادِسُ.
(4)
ك: أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَكَمَالَاتِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى.
(5)
و: الْمُوَافِقُ وَالْمُخَالِفُ، ك: الْمُخَالِفُ وَالْمُؤَالِفُ.
(6)
ك: ابْتَغَوْا.
(7)
ك: وَالْمُؤَالِفُ.
(8)
ك: فِي الْمُعْتَمَدِ مِنْ كُتُبِهِمْ، م: فِي الْمُعْتَمَدِ مِنْ قَوْلِهِمْ.
(9)
ك: السِّتَّةِ مِنْ مُوَطَّأِ.
(10)
ر، ح، ي: وَصَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، ك: وَصَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ.
وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَصَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ وَصَحِيحِ النَّسَائِيِّ (1)«عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 33] أُنْزِلَتْ (2) فِي بَيْتِهَا وَأَنَا جَالِسَةٌ عِنْدَ الْبَابِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ فَقَالَ: إِنَّكِ عَلَى خَيْرٍ إِنَّكِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. (3) قَالَتْ: وَفِي الْبَيْتِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (4) وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ (5) فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ وَقَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» .
وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْفَضَائِلَ الثَّابِتَةَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَ الْفَضَائِلِ الثَّابِتَةِ لِعَلِيٍّ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرَهَا هَذَا وَذَكَرَ أَنَّهَا فِي الصَّحِيحِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَأَنَّهُمْ نَقَلُوهَا فِي الْمُعْتَمَدِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَكُتُبِهِمْ هُوَ مِنْ أَبْيَنِ الْكَذِبِ عَلَى عُلَمَاءِ الْجُمْهُورِ ; فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الَّتِي ذَكَرَهَا، أَكْثَرُهَا كَذِبٌ أَوْ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي فِيهَا لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِمَامَةِ عَلِيٍّ وَلَا عَلَى فَضِيلَتِهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ
(1) فَوْقَ كَلِمَةِ النَّسَائِيِّ فِي (ك) بَيْنَ السَّطْرَيْنِ كُتِبَ مَا يَلِي: كَأَنَّهُ مِنْ بُقْعَةِ النَّسَاءِ نِسْبَتُهُ إِلَى بَلَدِ النَّسَاءِ، وَفِي وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 1/60 يَقُولُ ابْنُ خَلِّكَانَ عَنِ النَّسَائِيِّ: وَنِسْبَتُهُ إِلَى نَسَا بِفَتْحِ النُّونِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ، وَهِيَ مَدِينَةٌ بِخُرَاسَانَ.
(2)
ن، م، أ، و: نَزَلَتْ.
(3)
ك: النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ.
(4)
ن، م: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ك: رَسُولُ اللَّهِ.
(5)
ك: وَالْحُسَيْنُ عليهم السلام.
وَعُمَرَ *، بَلْ (1) وَلَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِهِ بَلْ هِيَ فَضَائِلُ شَارَكَهُ فِيهَا غَيْرُهُ بِخِلَافِ مَا ثَبَتَ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ * (2) ; فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْهَا خَصَائِصُ لَهُمَا لَا سِيَّمَا فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ؛ فَإِنَّ عَامَّتَهَا خَصَائِصُ لَمْ يَشْرَكْهُ فِيهَا غَيْرُهُ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْمَطَاعِنِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ عَلَى الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ مِنْ (3) مَطْعَنٍ إِلَّا وُجِّهَ عَلَى عَلِيٍّ مَا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ أَعْظَمُ مِنْهُ.
فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ مِنْ أَعْظَمِ الْبَاطِلِ وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ تَفْصِيلًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّهُمْ جَعَلُوهُ إِمَامًا لَهُمْ حَيْثُ نَزَّهَهُ الْمُخَالِفُ وَالْمُوَافِقُ (4) وَتَرَكُوا غَيْرَهُ حَيْثُ رَوَى مَنْ يَعْتَقِدُ إِمَامَتَهُ مِنَ الْمَطَاعِنِ مَا يَطْعَنُ فِي إِمَامَتِهِ.
فَيُقَالُ: هَذَا كَذِبٌ بَيِّنٌ ; فَإِنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه لَمْ يُنَزِّهْهُ الْمُخَالِفُونَ، بَلِ الْقَادِحُونَ فِي عَلِيٍّ طَوَائِفُ مُتَعَدِّدَةٌ وَهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْقَادِحِينَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالْقَادِحُونَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنَ الْغُلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ الْخَوَارِجَ مُتَّفِقُونَ عَلَى كُفْرِهِ وَهُمْ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ (5) خَيْرٌ مِنَ الْغُلَاةِ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ إِلَاهِيَّتَهُ أَوْ نُبُوَّتَهُ، بَلْ هُمْ - وَالَّذِينَ قَاتَلُوهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - خَيْرٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الرَّافِضَةِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةِ الَّذِينَ اعْتَقَدُوهُ إِمَامًا مَعْصُومًا.
(1) بَلْ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) ، (و) ، (ي)
(2)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) .
(3)
مِنْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب)
(4)
ن: الْمُوَافِقُ وَالْمُخَالِفُ.
(5)
كُلِّهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و)
وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ (1) لَيْسَ فِي الْأُمَّةِ مَنْ يَقْدَحُ فِيهِمْ إِلَّا الرَّافِضَةُ، وَالْخَوَارِجُ الْمُكَفِّرُونَ لِعَلِيٍّ يُوَالُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَيَتَرَضَّوْنَ عَنْهُمَا، وَالْمَرْوَانِيَّةُ الَّذِينَ يَنْسُبُونَ عَلِيًّا إِلَى الظُّلْمِ وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً يُوَالُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَقَارِبِهِمْ؛ فَكَيْفَ يُقَالُ مَعَ هَذَا: إِنَّ عَلِيًّا نَزَّهَهُ الْمُؤَالِفُ (2) وَالْمُخَالِفُ بِخِلَافِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ؟ .
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُنَزِّهِينَ لِهَؤُلَاءِ أَعْظَمُ وَأَكْثَرُ وَأَفْضَلُ، وَأَنَّ الْقَادِحِينَ فِي عَلِيٍّ - حَتَّى (3) بِالْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ - طَوَائِفُ مَعْرُوفَةٌ، وَهُمْ أَعْلَمُ مِنَ الرَّافِضَةِ وَأَدْيَنُ، وَالرَّافِضَةُ عَاجِزُونَ مَعَهُمْ عِلْمًا وَيَدًا؛ فَلَا يُمْكِنُ الرَّافِضَةَ أَنْ تُقِيمَ عَلَيْهِمْ حُجَّةً تَقْطَعُهُمْ بِهَا، وَلَا كَانُوا مَعَهُمْ فِي الْقِتَالِ مَنْصُورِينَ عَلَيْهِمْ.
وَالَّذِينَ قَدَحُوا فِي عَلِيٍّ رضي الله عنه وَجَعَلُوهُ كَافِرًا وَظَالِمًا لَيْسَ فِيهِمْ طَائِفَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالرِّدَّةِ عَنِ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ الَّذِينَ يَمْدَحُونَهُ وَيَقْدَحُونَ فِي الثَّلَاثَةِ، كَالْغَالِيَةِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ إِلَاهِيَّتَهُ مِنَ النُّصَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ الْمَلَاحِدَةِ الَّذِينَ هُمْ شَرٌّ مِنَ النُّصَيْرِيَّةِ، وَكَالْغَالِيَةِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ نُبُوَّتَهُ ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُفَّارٌ مُرْتَدُّونَ، كُفْرُهُمْ
(1) وَ (عُثْمَانُ) سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (ح) ، (ي) ، (ر) ، (و)
(2)
الْمُؤَالِفُ: كَذَا فِي (و) ، فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: الْمُوَافِقُ.
(3)
حَتَّى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و)
[بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ](1) ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى عَلَى عَالِمٍ بِدِينِ الْإِسْلَامِ، فَمَنِ اعْتَقَدَ فِي بَشَرٍ الْإِلَهِيَّةَ، أَوِ اعْتَقَدَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، بَلْ كَانَ عَلِيٌّ هُوَ النَّبِيَّ دُونَهُ وَإِنَّمَا غَلَطَ جِبْرِيلُ ; فَهَذِهِ الْمَقَالَاتُ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَظْهَرُ كُفْرُ أَهْلِهَا لِمَنْ يَعْرِفُ الْإِسْلَامَ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ.
بِخِلَافِ مَنْ يُكَفِّرُ عَلِيًّا وَيَلْعَنُهُ مِنَ الْخَوَارِجِ، وَمِمَّنْ (2) قَاتَلَهُ وَلَعَنَهُ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ وَبَنِي مَرْوَانَ وَغَيْرِهِمْ ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ: يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، وَيَصُومُونَ رَمَضَانَ، وَيَحُجُّونَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ، وَيُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلَيْسَ فِيهِمْ كُفْرٌ ظَاهِرٌ؛ بَلْ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعُهُ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ مُعَظَّمَةٌ عِنْدَهُمْ. وَهَذَا أَمْرٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ مَنْ عَرَفَ أَحْوَالَ الْإِسْلَامِ، فَكَيْفَ يُدَّعَى مَعَ هَذَا أَنَّ جَمِيعَ الْمُخَالِفِينَ نَزَّهُوهُ دُونَ الثَّلَاثَةِ؟ .
بَلْ إِذَا اعْتُبِرَ الَّذِينَ كَانُوا يُبْغِضُونَهُ وَيُوَالُونَ عُثْمَانَ وَالَّذِينَ كَانُوا يُبْغِضُونَ عُثْمَانَ وَيُحِبُّونَ عَلِيًّا، وُجِدَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا (3) مِنْ أُولَئِكَ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ؛ فَالْمُنَزِّهُونَ لِعُثْمَانَ الْقَادِحُونَ فِي عَلِيٍّ أَعْظَمُ وَأَدْيَنُ
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م)
(2)
ن، م: مِنَ الْخَوَارِجِ مِمَّنْ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3)
خَيْرًا: كَذَا فِي (و) ، (ب)، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: خَيْرٌ.
وَأَفْضَلُ مِنَ الْمُنَزِّهِينَ لِعَلِيٍّ الْقَادِحِينَ فِي عُثْمَانَ، [كَالزَّيْدِيَّةِ مَثَلًا](1) .
فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِينَ قَاتَلُوهُ وَلَعَنُوهُ وَذَمُّوهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ هُمْ أَعْلَمُ وَأَدْيَنُ مِنَ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَيَلْعَنُونَ عُثْمَانَ، وَلَوْ تَخَلَّى أَهْلُ السُّنَّةِ عَنْ مُوَالَاةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَتَحْقِيقِ إِيمَانِهِ وَوُجُوبِ مُوَالَاتِهِ، لَمْ يَكُنْ فِي الْمُتَوَلِّينَ لَهُ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يُقَاوِمَ الْمُبْغِضِينَ لَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْأُمَوِيَّةِ وَالْمَرْوَانِيَّةِ ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ طَوَائِفُ كَثِيرَةٌ. \ 510 وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرَّ الَّذِينَ يُبْغِضُونَهُ هُمُ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ كَفَّرُوهُ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ مُرْتَدٌّ عَنِ الْإِسْلَامِ (2) وَاسْتَحَلُّوا قَتْلَهُ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، حَتَّى قَالَ شَاعِرُهُمْ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ:
يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا
…
إِلَّا لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ رِضْوَانَا
إِنِّي لَأَذْكُرُهُ حِينًا (3) فَأَحْسَبُهُ
…
أَوْفَى الْبَرِيَّةِ عِنْدَ اللَّهِ مِيزَانَا
فَعَارَضَهُ شَاعِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ فَقَالَ:
يَا ضَرْبَةً مِنْ شَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا
…
إِلَّا لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ خُسْرَانَا
إِنِّي لَأَذْكُرُهُ حِينًا فَأَلْعَنُهُ
…
لَعْنًا وَأَلْعَنُ عِمْرَانَ (4) بْنَ حِطَّانَا
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م)
(2)
ر: عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
(3)
ح، ب: يَوْمًا.
(4)
ح: وَأَلْعَنُ أَيْضًا عِمْرَانَ. . .
وَهَؤُلَاءِ الْخَوَارِجُ كَانُوا ثَمَانَ عَشْرَةَ (1) فِرْقَةً؛ كَالْأَزَارِقَةِ أَتْبَاعِ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ (2) وَالنَّجَدَاتِ (3) أَتْبَاعِ نَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ (4) وَالْإِبَاضِيَّةِ أَتْبَاعِ عَبْدِ اللَّهِ
(1) ثَمَانَ عَشْرَةَ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ.
(2)
الْأَزَارِقَةُ أَتْبَاعُ أَبِي رَاشِدٍ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ الْحَنَفِيِّ الْبَكْرِيِّ الْوَائِلِيِّ، مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، صَحِبَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، ثُمَّ كَانَ مِنْ أَنْصَارِ الثَّوْرَةِ عَلَى عُثْمَانَ وَمِمَّنْ وَالَى عَلِيًّا إِلَى أَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ فِي حَرُورَاءَ، وَكَانَ جَبَّارًا فَتَّاكًا، وَمِنْ أَشَدِّ الْخَوَارِجِ تَطَرُّفًا، قُتِلَ سَنَةَ 65، وَالْأَزَارِقَةُ يُكَفِّرُونَ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا، وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ، كَمَا يُكَفِّرُونَ الْقَعَدَةَ عَنِ الْقِتَالِ مَعَهُمْ، وَقَالُوا بِكُفْرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ وَخُلُودِهِمْ فِي النَّارِ، وَأَنَّ دَارَ مُخَالِفِيهِمْ دَارُ كُفْرٍ، انْظُرْ عَنْ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ وَالْأَزَارِقَةِ: لِسَانَ الْمِيزَانِ 6/144 - 145، تَارِيخَ الطَّبَرِيِّ 5/528، 565، 566 - 568، 613، 614، الْأَعْلَامَ 8/315، 316، مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 1/157 - 162، الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/109 - 110، الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 50 - 52 التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص [0 - 9] 9 - 30 الْفِصَلَ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ 5/52 - 53، الْخُطَطَ لِلْمَقْرِيزِيِّ 2/354
(3)
ب فَقَطْ: وَالنَّجْدِيَّةَ.
(4)
النَّجَدَاتُ أَوِ النَّجْدِيَّةُ أَتْبَاعُ نَجْدَةَ بْنِ عَامِرٍ الْحَنَفِيِّ، وُلِدَ سَنَةَ 36 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 69 وَكَانَ فِي بَادِئِ أَمْرِهِ مِنْ أَتْبَاعِ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ ثُمَّ خَالَفَهُ وَاسْتَقَلَّ بِمَذْهَبِهِ، اسْتَقَرَّ أَيَّامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِالْبَحْرَيْنِ وَتَسَمَّى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَقَامَ بِهَا خَمْسَ سِنِينَ إِلَى أَنْ قُتِلَ. وَالنَّجَدَاتُ كَمَا يَقُولُ الْأَشْعَرِيُّ لَا يَقُولُونَ مِثْلَ سَائِرِ الْخَوَارِجِ: إِنَّ كُلَّ كَبِيرَةٍ كُفْرٌ، وَلَا يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ عَذَابًا دَائِمًا، وَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ فَعَلَ صَغِيرَةً وَأَصَرَّ عَلَيْهَا فَهُوَ مُشْرِكٌ، وَمَنْ فَعَلَ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَيْهَا فَهُوَ مُسْلِمٌ. وَقَالَ النَّجَدَاتُ: لَيْسَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَتَّخِذُوا إِمَامًا، إِنَّمَا عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَعَاطَوُا الْحَقَّ بَيْنَهُمْ، انْظُرْ عَنْ نَجْدَةَ وَالنَّجَدَاتِ: لِسَانَ الْمِيزَانِ 6/148، شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 1/76 الْكَامِلَ لِابْنِ الْأَثِيرِ 4/78 - 80، الْأَعْلَامَ 8/324 - 325، مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 1/156، 262 - 264، الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ ص [0 - 9] 2 - 54، الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/110 - 112 ; التَّبَصُّرَ فِي الدِّينِ ص [0 - 9] 0 - 31، الْفِصَلَ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ، 5/53 الْخُطَطَ لِلْمَقْرِيزِيِّ 2/354.
بْنِ إِبَاضٍ (1) وَمَقَالَاتُهُمْ وَسِيَرُهُمْ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْمَقَالَاتِ وَالْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ، وَكَانُوا مَوْجُودِينَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ يُنَاظِرُونَهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُمْ، وَالصَّحَابَةُ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ قِتَالِهِمْ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يُكَفِّرُوهُمْ وَلَا كَفَّرَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه.
وَأَمَّا الْغَالِيَةُ فِي عَلِيٍّ رضي الله عنه فَقَدِ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ وَسَائِرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَكَفَّرَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ نَفْسُهُ وَحَرَّقَهُمْ بِالنَّارِ. وَهَؤُلَاءِ الْغَالِيَةُ يُقْتَلُ الْوَاحِدُ مِنْهُمُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَلَمْ يُقَاتِلْهُمْ (2) عَلِيٌّ حَتَّى قَتَلُوا وَاحِدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَغَارُوا عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ فَأَخَذُوهَا، فَأُولَئِكَ حَكَمَ فِيهِمْ عَلِيٌّ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَحْكُمُوا (3) فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ.
(1) الْإِبَاضِيَّةُ أَتْبَاعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبَاضٍ الْمُقَاعِسِيِّ الْمُرِّيُّ التَّمِيمِيُّ مَنْ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ مُقَاعِسٍ، اخْتَلَفَ الْمُؤَرِّخُونَ فِي سِيرَتِهِ وَتَارِيخِ وَفَاتِهِ، كَانَ مُعَاصِرًا لِمُعَاوِيَةَ وَعَاشَ إِلَى أَوَاخِرِ عَصْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَتُوُفِّيَ عَلَى الْأَرْجَحِ سَنَةَ 86 هـ. قَالَ الْإِبَاضِيَّةُ: إِنَّ مُخَالِفِيهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ كُفَّارٌ غَيْرُ مُشْرِكِينَ، وَدَارُ مُخَالِفِيهِمْ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ دَارُ تَوْحِيدٍ، إِلَّا مُعَسْكَرَ السُّلْطَانِ فَإِنَّهُ دَارُ بَغْيٍ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ كَفَرَ كُفْرَ النِّعْمَةِ لَا كُفْرَ الْمِلَّةِ، وَانْقَسَمُوا إِلَى حَفْصِيَّةٍ وَحَارِثِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ. انْظُرْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبَاضٍ وَالْإِبَاضِيَّةَ: لِسَانَ الْمِيزَانِ 3/248، الْأَعْلَامَ 4/184 - 186 مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 1/170 - 176، الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/121 - 122 الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ ص 61 - 65، التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص 34 - 35 الْفِصَلَ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ 5/51 الْخُطَطَ لِلْمَقْرِيزِيِّ 2/355، الْإِبَاضِيَّةَ فِي مَوْكِبِ التَّارِيخِ لِعَلِي يَحْيَى مُعَمَّر ط. مَكْتَبَةِ وَهْبَةَ، 1384/1964 الْإِبَاضِيَّةَ فِي دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ لِمُوتِيلِنِسْكِي.
(2)
ن، م: يَقْتُلُهُمْ.
(3)
ح، ي، ر: لَمْ يَحْكُمْ.