المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل العاشر كلام الرافضي عن فضائل علي وكلام أخطب خوارزم والرد عليه] - منهاج السنة النبوية - جـ ٥

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي كلام الرافضي على فضائل علي رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الكلام على حَدِيثُ الْكِسَاءِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ كلام الرافضي عن قوله تعالي فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً والرد عليه]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ تابع كلام الرافضي عن فضائل علي رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ نسب الرافضي حديثا موضوعا إلى الإمام أحمد أن علي هو الوصي والرد عليه]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ تابع كلام الرافضي عن فضائل علي رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ حديث موضوع آخر يذكره الرافضي في فضائل علي والرد عليه]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ حديث آخر صحيح يذكره الرافضي قال لعلي أنت مني وأنا منك والرد عليه]

- ‌[الْفَصْلُ التَّاسِعُ تابع كلام الرافضي عن فضائل علي وقول عمرو بن ميمون والرد عليه]

- ‌[الْفَصْلُ الْعَاشِرُ كلام الرافضي عن فضائل علي وكلام أَخْطَبُ خَوَارِزْمَ والرد عليه]

- ‌[قول الرافضي " المطاعن في الصحابة كثيرة إلا آل البيت " والرد عليه]

- ‌[قاعدة جامعة " لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِنْسَانِ أُصُولٌ كُلِّيَّةٌ يَرُدُّ إِلَيْهَا الْجُزْئِيَّاتِ لِيَتَكَلَّمَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ]

- ‌[الكلام فِي تَصْوِيبِ الْمُجْتَهِدِينَ وَتَخْطِئَتِهِمْ وَتَأْثِيمِهِمْ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ]

- ‌[فَصْلٌ كَلَامُ الذَّامِّ لِلْخُلَفَاءِ وَلِغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ هُوَ مِنْ بَابِ الْكَلَامِ فِي الْأَعْرَاضِ وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى]

- ‌[زعم الرافضة أن إِجْمَاعَهم هُوَ إِجْمَاعُ الْعِتْرَةِ وَأن إِجْمَاعُ الْعِتْرَةِ مَعْصُومٌ]

- ‌[الحق لا يخرج عن أهل السنة]

- ‌[إجماع الصحابة يغني عن دعوى أي إجماع آخر]

- ‌[أَهْلُ الْكِتَابِ مَعَهُمْ حَقٌّ وَبَاطِلٌ]

- ‌[أقوال الرافضة التي انْفَرَدُوا بِهِا عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ]

- ‌[الأقوال التي انفردت بها الطوائف الْمُنْتَسِبة إِلَى السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ]

- ‌[الحق دائما مع السنة والآثار الصحيحة]

- ‌[فَصْلٌ اللَّهَ أَمَرَ بِالِاسْتِغْفَارِ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ فَسَبَّهُمُ الرَّافِضَةُ]

- ‌[التعليق على كلام بعض الصوفية الذي يتضمن الاتحاد والحلول ووحدة الوجود]

- ‌[الكلام على رؤية الله تعالى]

- ‌[فَصْلٌ الكلام على محبة الله تعالى]

- ‌[الكلام عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ]

- ‌[الرد على أهل النظر وأهل الرياضة]

- ‌[مناقشة ابن المطهر على كلامه عن مثالب أبي بكر في زعمه]

- ‌[كلام الرافضي على أبي بكر رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على أبي بكر رضي الله عنه عند الاحتضار والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عدم خروج أبي بكر وعمر مع جيش أسامة والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوله أبدا والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على أبي بكر رضي الله عنه أنه قطع يسار سارق والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على أبي بكر أنه أحرق الفجاءة السلمي بالنار والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي أن أبا بكر خفي َلَيْهِ أَكْثَرُ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على علم علي رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على فضائل علي رضي الله عنه والتعليق عليه]

- ‌[كلام الرافضي على أبي بكر أنه أَهْمَلَ حُدُودَ اللَّهِ فَلَمْ يَقْتَصَّ مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ والرد عليه]

الفصل: ‌[الفصل العاشر كلام الرافضي عن فضائل علي وكلام أخطب خوارزم والرد عليه]

مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ (1) ، وَالَّذِي فِيهِ مِنَ الصَّحِيحِ (2) لَيْسَ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْأَئِمَّةِ، بَلْ وَلَا مِنْ خَصَائِصِ عَلِيٍّ، بَلْ قَدْ شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ، مِثْلَ كَوْنِهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمِثْلَ اسْتِخْلَافِهِ وَكَوْنِهِ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، وَمِثْلَ كَوْنِ عَلِيٍّ مَوْلَى مَنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَوْلَاهُ (3) فَإِنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ مُوَالٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمِثْلَ كَوْنِ (بَرَاءَةٌ) لَا يُبَلِّغُهَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ; فَإِنَّ هَذَا يَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيعُ الْهَاشِمِيِّينَ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ الْعَادَةَ كَانَتْ جَارِيَةً بِأَنْ لَا يَنْقُضَ الْعُهُودَ وَيَحِلَّهَا (4) إِلَّا رَجُلٌ مِنْ قَبِيلَةِ الْمُطَاعِ.

[الْفَصْلُ الْعَاشِرُ كلام الرافضي عن فضائل علي وكلام أَخْطَبُ خَوَارِزْمَ والرد عليه]

الْفَصْلُ الْعَاشِرُ (5)

قَالَ الرَّافِضِيُّ (6) : وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَخْطَبُ خَوَارِزْمَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «يَا عَلِيُّ لَوْ أَنَّ عَبْدًا (7) عَبَدَ اللَّهَ - عَزَّ

(1) جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ 1/503 رَقْمُ 521، 1/524 رَقْمُ 868 وَقَالَ الْمُحَقِّقُ 1/503: مَوْضُوعٌ وَفِيهِ مَتْرُوكَانِ مُتَّهَمَانِ بِالْوَضْعِ: طَلْحَةُ وَعُبَيْدَةُ. وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي حَقِّ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه فِي الْمَوْضُوعَاتِ 1/334، الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ 7/213 وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَرَاجِعِ، وَذَكَرَ الْمُحَقِّقُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا مَوْضُوعٌ.

(2)

ن، م: فِي الصَّحِيحِ.

(3)

أ، ب: مَوْلَى مَنْ وَالَاهُ.

(4)

وَيَحِلَّهَا سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(5)

ن، م، و، أ: فَصْلٌ.

(6)

الرَّافِضِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (و) ، وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) ص 124 (م) 126 (م) .

(7)

أ، ب: رَجُلًا.

ص: 36

وَجَلَّ - مِثْلَ مَا قَامَ (1) نُوحٌ فِي قَوْمِهِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمُدَّ فِي عُمْرِهِ حَتَّى حَجَّ أَلْفَ عَامٍ عَلَى قَدَمَيْهِ (2) ، ثُمَّ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَظْلُومًا، ثُمَّ لَمْ يُوَالِكَ يَا عَلِيُّ؛ لَمْ يَشُمَّ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَدْخُلْهَا» .

وَقَالَ رَجُلٌ لِسَلْمَانَ: مَا أَشَدَّ حُبَّكَ لِعَلِيٍّ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَ عَلِيًّا فَقَدْ أَبْغَضَنِي» . وَعَنْ أَنَسٍ (3) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَلَقَ اللَّهُ مِنْ نُورِ وَجْهِ عَلِيٍّ (4) سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَلِمُحِبِّيهِ (5) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا قَبِلَ اللَّهُ عَنْهُ (6) صَلَاتَهُ وَصِيَامَهُ وَقِيَامَهُ وَاسْتَجَابَ دُعَاءَهُ (7) . أَلَا وَمَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِكُلِّ عِرْقٍ مِنْ بَدَنِهِ (8) مَدِينَةً فِي الْجَنَّةِ. أَلَا وَمَنْ أَحَبَّ آلَ مُحَمَّدٍ أَمِنَ مِنَ الْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ. أَلَا وَمَنْ مَاتَ عَلَى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ فَأَنَا كَفِيلُهُ فِي الْجَنَّةِ (9) مَعَ الْأَنْبِيَاءِ، أَلَا (10) وَمَنْ أَبْغَضَ آلَ مُحَمَّدٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

(1) ب فَقَطْ: أَقَامَ.

(2)

ن، م، و، ح، ي: قَدَمِهِ.

(3)

ح، ي، ر، ب: وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.

(4)

ك: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ نُورِ وَجْهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام.

(5)

ك: يَسْتَغْفِرُونَ لِمُحِبِّيهِ.

(6)

أ، ب: مِنْهُ.

(7)

و، ر، ي: دَعْوَاهُ.

(8)

ك: فِي بَدَنِهِ.

(9)

ك: بِالْجَنَّةِ.

(10)

أَلَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) ، (ح) ، (ي) ، (ر) .

ص: 37

مَكْتُوبًا (1) بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» .

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ (2) : «مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ آمَنَ بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ وَهُوَ يُبْغِضُ (3) عَلِيًّا فَهُوَ كَاذِبٌ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ» .

وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «وَنَحْنُ جُلُوسٌ ذَاتَ يَوْمٍ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَزُولُ قَدَمُ (4) عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَسْأَلَهُ اللَّهُ تبارك وتعالى (5) عَنْ أَرْبَعٍ (6) : عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا (7) أَفْنَاهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا (8) أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِمَّ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ (9) ، وَعَنْ حُبِّنَا أَهْلِ الْبَيْتِ (10) . فَقَالَ لَهُ: عُمَرُ فَمَا آيَةُ حُبِّكُمْ مِنْ بَعْدِكُمْ (11) ؟ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (12) وَهُوَ إِلَى جَانِبِهِ (13) فَقَالَ (14) : إِنَّ حُبِّي مِنْ بَعْدِي حُبُّ هَذَا» .

(1) أ، ب، ح: مَكْتُوبٌ.

(2)

ن، م، ر، ح، أ، ي: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(3)

ك: مُبْغِضٌ.

(4)

أ، ب: لَا تَزُولُ قَدَمَا.

(5)

أ، ب، و، ي، ح، م، ق: حَتَّى يَسْأَلَهُ تبارك وتعالى، ك: حَتَّى يَسْأَلَهُ رَبُّهُ تبارك وتعالى.

(6)

عَنْ أَرْبَعٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) .

(7)

ب: فِيمَ.

(8)

ب، و: فِيمَ.

(9)

ن، ي، ر، ح: مِمَّا اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ.

(10)

ك: أَهْلِ الْبَيْتِ عليهم السلام.

(11)

ح، ر، ب، ن، م، ق، أ، ي: مِنْ بَعْدِكَ.

(12)

ك، و: عَلِيٍّ عليه السلام، ن، م، ق، أ: عَلِيٍّ.

(13)

م: وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى جَانِبِهِ.

(14)

فَقَالَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

ص: 38

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (1) قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «وَقَدْ سُئِلَ (2) : بِأَيِّ لُغَةٍ خَاطَبَكَ رَبُّكَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ؟ فَقَالَ: خَاطَبَنِي بِلُغَةِ عَلِيٍّ (3) ، فَأَلْهَمَنِي أَنْ قُلْتُ: يَا رَبِّ خَاطَبْتَنِي أَمْ عَلِيٌّ؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ (4) أَنَا شَيْءٌ لَسْتُ كَالْأَشْيَاءِ (5) ، لَا أُقَاسُ بِالنَّاسِ وَلَا أُوصَفُ بِالْأَشْيَاءِ (6) ، خَلَقْتُكَ مِنْ نُورِي وَخَلَقْتُ عَلِيًّا مِنْ نُورِكَ فَاطَّلَعْتُ عَلَى سَرَائِرِ قَلْبِكَ، فَلَمْ أَجِدْ إِلَى قَلْبِكَ أَحَبَّ مِنْ عَلِيٍّ (7) فَخَاطَبْتُكَ بِلِسَانِهِ كَيْمَا (8) يَطْمَئِنَّ قَلْبُكَ» .

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَوْ أَنَّ الرِّيَاضَ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرَ مِدَادٌ وَالْجِنَّ حُسَّابٌ وَالْإِنْسَ كُتَّابٌ مَا أَحْصَوْا فَضَائِلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ» (9) .

وَبِالْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْأَجْرَ عَلَى (10) فَضَائِلِ عَلِيٍّ لَا يُحْصَى كَثْرَةً (11) ،

(1) ن، م: وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ.

(2)

ح، ب:. . . وَسَلَّمَ يَقُولُ وَقَدْ سُئِلَ.

(3)

ك،، و: عَلِيٍّ عليه السلام.

(4)

ك: يَا أَحْمَدُ.

(5)

م، و: لَيْسَ كَالْأَشْيَاءِ، ك: لَا كَالْأَشْيَاءِ.

(6)

عِبَارَةُ: لَا أُقَاسُ بِالنَّاسِ وَلَا أُوصَفُ بِالْأَشْيَاءِ سَقَطَتْ مِنَ الطَّبْعَةِ الْأُولَى وَلَكِنَّهَا فِي (ك) ص [0 - 9]6.

(7)

و: عَلِيٍّ عليه السلام، ك: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

(8)

ك: كَمَا.

(9)

و، ك: بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، ن، م: عَلِيٍّ.

(10)

ح، ب: فِي.

(11)

ك: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِأَخِي عَلِيٍّ فَضَائِلَ لَا تُحْصَى كَثْرَةً.

ص: 39

فَمَنْ ذَكَرَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ مُقِرًّا بِهَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَمَنْ كَتَبَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا بَقِيَ لِتِلْكَ الْكِتَابَةِ رَسْمٌ، وَمَنِ اسْتَمَعَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ الذُّنُوبَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا بِالِاسْتِمَاعِ، وَمَنْ نَظَرَ إِلَى (1) كِتَابٍ مِنْ فَضَائِلِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ الذُّنُوبَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا بِالنَّظَرِ، ثُمَّ قَالَ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (2) عِبَادَةٌ، وَذِكْرُهُ عِبَادَةٌ، لَا يَقْبَلُ (3) اللَّهُ إِيمَانَ عَبْدٍ إِلَّا بِوَلَايَتِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِهِ» .

وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ (4) عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ (5) : «لَمُبَارَزَةُ عَلِيٍّ (6) لِعَمْرِو بْنِ عَبْدِ (7) وُدٍّ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ أُمَّتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: «أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا بِالسَّبِّ فَأَبَى، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (8) ؟ قَالَ ثَلَاثٌ قَالَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَنْ

(1) أ، ب: فِي.

(2)

ك ص 125 (م)، 126 (م) : عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام.

(3)

أ، ب: وَلَا يَقْبَلُ، م: فَلَا يَقْبَلُ.

(4)

بْنِ حِزَامٍ، لَيْسَتْ فِي (ك) .

(5)

ن، م: أ، النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ.

(6)

أ، ب، ر، ح، ي: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، و: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، ك: عَلِيٍّ عليه السلام.

(7)

عَبْدِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ، (ح) .

(8)

ك: أَنْ تَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ.

ص: 40

أَسُبَّهُ، لَأَنْ يَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ (1) إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ وَقَدْ خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَالَ لَهُ (2) : عَلِيٌّ تُخَلِّفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَا تَرْضَى (3) أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ (4) لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا (5) يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. قَالَ: فَتَطَاوَلْنَا، فَقَالَ (6) : ادْعُوَا لِي (7) عَلِيًّا. فَأَتَاهُ بِهِ رَمَدٌ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ (8) وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَأُنْزِلَتْ (9) هَذِهِ الْآيَةُ:{فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 61] دَعَا (10) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ (11) أَهْلِي» .

وَالْجَوَابُ: أَنَّ أَخْطَبَ خَوَارِزْمَ هَذَا لَهُ مُصَنَّفٌ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهِ (12) مِنَ

(1) ك: لَأَنْ يَكُونَ أَحَبُّ.

(2)

لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)

ك: فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ أَمَا تَرْضَى.

(4)

أ، ب: يَوْمَ خَيْبَرَ يَقُولُ.

(5)

ك: لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا.

(6)

ك: قَالَ.

(7)

ك: ادْعُوَا إِلَيَّ.

(8)

أ، و، ب، ق: عَيْنِهِ.

(9)

ك: وَلَمَّا نَزَلَتْ.

(10)

م، ب: فَدَعَا، ر، ح: وَدَعَا.

(11)

ك: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ.

(12)

فِيهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

ص: 41

الْأَحَادِيثِ الْمَكْذُوبَةِ مَا لَا يَخْفَى كَذِبُهُ عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِالْحَدِيثِ، فَضْلًا عَنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ وَلَا مِمَّنْ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الشَّأْنِ الْبَتَّةَ (1) . وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مِمَّا يَعْلَمُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهَا مِنَ الْمَكْذُوبَاتِ. وَهَذَا الرَّجُلُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَذْكُرُ مَا هُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُمْ، وَنَقَلُوهُ فِي الْمُعْتَمَدِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَكُتُبِهِمْ؛ فَكَيْفَ يَذْكُرُ مَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، وَلَمْ يُرْوَ (2) فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَلَا صَحَّحَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ.

فَالْعَشَرَةُ الْأُوَلُ (3) كُلُّهَا كَذِبٌ إِلَى آخِرِ حَدِيثِ قَتْلِهِ (4) لِعَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ. وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدٍ لَمَّا أَمَرَهُ مُعَاوِيَةُ بِالسَّبِّ فَأَبَى، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ؟ فَقَالَ: ثَلَاثٌ قَالَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَنْ أَسُبَّهُ، لَأَنْ يَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ. . . الْحَدِيثَ. فَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (5) وَفِيهِ ثَلَاثُ فَضَائِلَ لِعَلِيٍّ لَكِنْ لَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِ الْأَئِمَّةِ وَلَا مِنْ خَصَائِصِ

(1) يَقُولُ الْأُسْتَاذُ مُحِبُّ الدِّينِ الْخَطِيبُ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى مِنْهَاجِ الِاعْتِدَالِ ص 312: أَخْطَبُ خَوَارِزْمَ أَدِيبٌ مُتَشَيِّعٌ مِنْ تَلَامِيذِ الزَّمَخْشَرِيِّ، اسْمُهُ الْمُوَفَّقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ (484 - 568) لَهُ تَرْجَمَةٌ فِي بُغْيَةِ الْوُعَاةِ 401 وَرَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ الطَّبْعَةُ الثَّانِيَةُ 722 وَغَيْرِهِمَا. وَكِتَابُهُ الَّذِي كَذَبَ فِيهِ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْمُهُ مَنَاقِبُ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَانْظُرْ تَرْجَمَةَ أَبِي الْمُؤَيَّدِ الْمُوَفَّقِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَكِّيِّ الْخَوَارِزْمِيِّ فِي: الْأَعْلَامِ 8/289 وَذَكَرَ الزِّرِكْلِيُّ أَنَّ كِتَابَهُ مَنَاقِبَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَطْبُوعٌ.

(2)

ن، م، و، ي: وَلَا يُرْوَى.

(3)

أ، ب: الْأُولَى.

(4)

ن، م، و: إِلَى قَوْلِهِ.

(5)

سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/501 وَذَكَرْتُ هُنَاكَ أَنَّهُ فِي مُسْلِمٍ 4/1871.

ص: 42

عَلِيٍّ، فَإِنَّ قَوْلَهُ «وَقَدْ خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُخَلِّفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» . لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ ; فَإِنَّهُ اسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الِاسْتِخْلَافُ أَكْمَلَ مِنْ غَيْرِهِ. وَلِهَذَا قَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَتُخَلِّفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي كُلِّ غَزَاةٍ (1) يَتْرُكُ بِالْمَدِينَةِ رِجَالًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَإِنَّهُ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعَهُمْ بِالنَّفِيرِ (2) ، فَلَمْ يَتَخَلَّفْ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا عَاصٍ أَوْ مَعْذُورٌ غَيْرُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. وَلِهَذَا كَرِهَ عَلِيٌّ الِاسْتِخْلَافَ، وَقَالَ: أَتُخَلِّفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ يَقُولُ تَتْرُكُنِي مُخَلَّفًا لَا تَسْتَصْحِبُنِي مَعَكَ؟ فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ لَيْسَ نَقْصًا (3) وَلَا غَضَاضَةً ; فَإِنَّ مُوسَى اسْتَخْلَفَ هَارُونَ عَلَى قَوْمِهِ لِأَمَانَتِهِ عِنْدَهُ، وَكَذَلِكَ أَنْتَ اسْتَخْلَفْتُكَ لِأَمَانَتِكَ عِنْدِي، لَكِنَّ مُوسَى اسْتَخْلَفَ نَبِيًّا وَأَنَا لَا نَبِيَّ بَعْدِي. وَهَذَا تَشْبِيهٌ فِي أَصْلِ الِاسْتِخْلَافِ فَإِنَّ مُوسَى اسْتَخْلَفَ هَارُونَ عَلَى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ عَلِيًّا عَلَى قَلِيلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَجُمْهُورُهُمُ اسْتَصْحَبَهُمْ فِي الْغَزَاةِ. وَتَشْبِيهُهُ بِهَارُونَ لَيْسَ بِأَعْظَمَ مِنْ تَشْبِيهِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: هَذَا بِإِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى، وَهَذَا بِنُوحٍ وَمُوسَى ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ أَفْضَلُ مِنْ هَارُونَ، وَكُلٌّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ شُبِّهَ بِاثْنَيْنِ لَا بِوَاحِدٍ، فَكَانَ (4) هَذَا التَّشْبِيهُ أَعْظَمَ مِنْ تَشْبِيهِ

(1) ح، ب، ر: غَزْوَةٍ.

(2)

أ، ب: بِالنَّفْرِ.

(3)

ن فَقَطْ: بُغْضًا.

(4)

ن، م: وَكَانَ.

ص: 43

عَلِيٍّ، مَعَ أَنَّ اسْتِخْلَافَ عَلِيٍّ لَهُ فِيهِ أَشْبَاهٌ وَأَمْثَالٌ مِنَ الصِّحَابِهِ.

وَهَذَا التَّشْبِيهُ لَيْسَ لِهَذَيْنَ فِيهِ شَبِيهٌ، فَلَمْ يَكُنِ الِاسْتِخْلَافُ مِنَ الْخَصَائِصِ، وَلَا التَّشْبِيهُ بِنَبِيٍّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ مِنَ الْخَصَائِصِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ] (1) قَالَ: فَتَطَاوَلْنَا، فَقَالَ: ادْعُوا لِي عَلِيًّا، فَأَتَاهُ وَبِهِ رَمَدٌ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ (2) وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ» . وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصَحُّ مَا رُوِيَ لِعَلِيٍّ مِنَ الْفَضَائِلِ، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ. وَلَيْسَ هَذَا الْوَصْفُ مُخْتَصًّا بِالْأَئِمَّةِ وَلَا بِعَلِيٍّ ; فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُحِبُّ كُلَّ مُؤْمِنٍ تَقِيٍّ وَكُلَّ مُؤْمِنٍ تَقِيٍّ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؛ لَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَحْسَنِ مَا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى النَّوَاصِبِ الَّذِينَ يَتَبَرَّءُونَ مِنْهُ وَلَا يَتَوَلَّوْنَهُ وَلَا يُحِبُّونَهُ، بَلْ قَدْ (3) يُكَفِّرُونَهُ أَوْ يُفَسِّقُونَهُ (4) كَالْخَوَارِجِ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ (5) .

لَكِنَّ هَذَا الِاحْتِجَاجَ لَا يَتِمُّ عَلَى قَوْلِ الرَّافِضَةِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ النُّصُوصَ الدَّالَّةَ عَلَى فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ كَانَتْ قَبْلَ رِدَّتِهِمْ ; فَإِنَّ الْخَوَارِجَ تَقُولُ فِي عَلِيٍّ مِثْلَ ذَلِكَ، لَكِنَّ هَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يُطْلِقُ هَذَا الْمَدْحَ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمُوتُ كَافِرًا (6) ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مِنْ

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (و) .

(2)

ح، ي، ن، م، أ، ب: عَيْنِهِ.

(3)

قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(4)

أَوْ يُفَسِّقُونَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(5)

وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ: فِي (أ) ، (ب) ، (م) فَقَطْ.

(6)

ن، م، و: فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يُحِبُّ وَلَا يَرْضَى عَمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمُوتُ كَافِرًا.

ص: 44

الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَبَعْضُ الْمَرْوَانِيَّةِ وَمَنْ كَانَ عَلَى هَوَاهُمْ، الَّذِينَ كَانُوا يُبْغِضُونَهُ وَيَسُبُّونَهُ.

كَذَلِكَ حَدِيثُ الْمُبَاهَلَةِ شَرَكَهُ فِيهِ فَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ (1) ، كَمَا شَرَكُوهُ (2) فِي حَدِيثِ الْكِسَاءِ، فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ (3) لَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ وَلَا بِالذُّكُورِ وَلَا بِالْأَئِمَّةِ، بَلْ يَشْرَكُهُ (4) فِيهِ الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ، فَإِنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كَانَا صَغِيرَيْنِ عِنْدَ الْمُبَاهَلَةِ، فَإِنَّ الْمُبَاهَلَةَ كَانَتْ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ [سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ](5) ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَاتَ وَلَمْ يُكْمِلِ الْحُسَيْنُ سَبْعَ سِنِينَ، وَالْحَسَنُ أَكْبَرُ مِنْهُ بِنَحْوِ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا دَعَا هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَدْعُوَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ (6) الْأَقْرَبِينَ: الْأَبْنَاءِ (7) وَالنِّسَاءِ وَالْأَنْفُسِ، فَيَدْعُو (8) الْوَاحِدُ مِنْ أُولَئِكَ أَبْنَاءَهُ وَنِسَاءَهُ، وَأَخَصَّ الرِّجَالِ بِهِ نَسَبًا.

وَهَؤُلَاءِ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَسَبًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ أَفْضَلَ مِنْهُمْ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُؤْمَرْ أَنْ يَدْعُوَ أَفْضَلَ أَتْبَاعِهِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَدْعُوَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (9) أَخَصَّ النَّاسِ بِهِ، لِمَا فِي جِبِلَّةِ الْإِنْسَانِ مِنَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ وَعَلَى ذَوِي (10) رَحِمِهِ الْأَقْرَبِينَ إِلَيْهِ، وَلِهَذَا خَصَّهُمْ فِي حَدِيثِ الْكِسَاءِ.

(1) أ، ب: وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ.

(2)

ر، أ، ب، ح، ي: شَرَكُهُ.

(3)

ن، م، و: وَأَنَّ ذَلِكَ. . .

(4)

ح، ي، ر، م، شَرِكَهُ، أ: تَشْرَكُهُ.

(5)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(6)

مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(7)

أ، ب: وَالْأَبْنَاءِ.

(8)

أ، ب: فَدَعَا.

(9)

مِنْهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(10)

ر، ح، ي، ب: ذِي.

ص: 45

وَالدُّعَاءُ لَهُمْ وَالْمُبَاهَلَةُ مَبْنَاهَا عَلَى الْعَدْلِ (1) ، فَأُولَئِكَ أَيْضًا يَحْتَاجُونَ أَنْ يَدْعُوا أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهِمْ نَسَبًا، وَهُمْ يَخَافُونَ عَلَيْهِمْ مَا لَا يَخَافُونَ عَلَى الْأَجَانِبِ؛ وَلِهَذَا امْتَنَعُوا عَنِ (2) الْمُبَاهَلَةِ، لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ (3) عَلَى الْحَقِّ، وَأَنَّهُمْ إِذَا بَاهَلُوهُ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ بَهْلَةُ اللَّهِ (4) وَعَلَى الْأَقْرَبِينَ إِلَيْهِمْ، بَلْ قَدْ يَحْذَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى وَلَدِهِ مَا لَا يَحْذَرُهُ (5) عَلَى نَفْسِهِ.

فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا (6) كَانَ مَا صَحَّ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:" «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» "، وَقَوْلُهُ:" «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» "، وَقَوْلُهُ:" «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ (7) أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» " لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ، بَلْ لَهُ فِيهِ شُرَكَاءُ، فَلِمَاذَا تَمَنَّى بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا رُوِيَ عَنْ سَعْدٍ (8) وَعَنْ عُمَرَ؟ .

فَالْجَوَابُ: أَنَّ فِي ذَلِكَ شَهَادَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ بِإِيمَانِهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَإِثْبَاتًا لِمُوَالَاتِهِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَوُجُوبَ مُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ. وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى النَّوَاصِبِ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ كُفْرَهُ أَوْ فِسْقَهُ، كَالْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ (9) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

(1) ن، م: مَبْنَاهَا عَلَى الْأَعْدَاءِ.

(2)

أ، ب: مِنْ.

(3)

أ: أَنَّهُ.

(4)

أ، ب: لَعْنَةُ اللَّهُ، وَفِي اللِّسَانِ الْبَهْلُ: اللَّعْنُ، وَعَلَيْهِ بَهْلَةُ اللَّهِ، وَبَهَلْتُهُ أَيْ لَعَنْتُهُ.

(5)

م، ح، ي، ر: مَا لَا يَحْذَرُ.

(6)

ن، م، ب: إِذَا.

(7)

هَؤُلَاءِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(8)

ن فَقَطْ: عَنْ سَعِيدٍ.

(9)

النَّبِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

ص: 46

وَسَلَّمَ - فِيهِمْ (1) يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنِ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ (2) وَهَؤُلَاءِ يُكَفِّرُونَهُ وَيَسْتَحِلُّونَ قَتْلَهُ، وَلِهَذَا قَتَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ؛ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجِمٍ الْمُرَادِيُّ مَعَ كَوْنِهِ كَانَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ.

وَأَهْلُ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ يَحْتَاجُونَ إِلَى إِثْبَاتِ إِيمَانِ عَلِيٍّ وَعَدْلِهِ وَدِينِهِ - لِلرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ - أَعْظَمَ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَى مُنَاظَرَةِ الشِّيعَةِ ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَصْدَقُ وَأَدْيَنُ، وَالشُّبَهُ (3) الَّتِي يَحْتَجُّونَ بِهَا أَعْظَمُ مِنَ الشُّبَهِ (4) الَّتِي تَحْتَجُّ بِهَا الشِّيعَةُ، كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَحْتَاجُونَ فِي أَمْرِ الْمَسِيحِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ إِلَى مُنَاظَرَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَيَحْتَاجُونَ أَنْ يَنْفُوا عَنْهُ مَا يَرْمِيهِ بِهِ الْيَهُودُ مِنْ أَنَّهُ كَاذِبٌ وَلَدُ زِنًا، وَإِلَى نَفْيِ مَا تَدَّعِيهِ النَّصَارَى مِنَ الْإِلَهِيَّةِ، وَجَدَلُ الْيَهُودِ أَشَدُّ مِنْ جَدَلِ النَّصَارَى، وَلَهُمْ شُبَهٌ لَا يَقْدِرُ النَّصَارَى أَنْ يُجِيبُوهُمْ عَنْهَا، وَإِنَّمَا يُجِيبُهُمْ عَنْهَا الْمُسْلِمُونَ. كَمَا أَنَّ لِلنَّوَاصِبِ شُبَهًا (5)

(1) فِيهِمْ: سَاقِطَةٌ م، (ن) ، (م) ، (و) .

(2)

سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى أَحَادِيثِ الْخَوَارِجِ فِيمَا مَضَى 1/66 وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَةَ هُنَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم فِي الْبُخَارِيِّ 4/200 - 201 كِتَابُ الْمَنَاقِبِ بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، مُسْلِمٍ 2/740 - 747 كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ ذِكْرِ الْخَوَارِجِ وَصِفَاتِهِمْ، بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى قَتْلِ الْخَوَارِجِ، وَانْظُرْ: جَامِعَ الْأُصُولِ لِابْنِ الْأَثِيرِ 10/436 - 440 سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ 4/336 كِتَابُ السُّنَّةِ بَابٌ فِي قِتَالِ الْخَوَارِجِ، سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 1/60 - 61 الْمُقَدَّمَةَ، بَابٌ فِي ذِكْرِ الْخَوَارِجِ، الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 3/65، 68، 73، 353، 354 - 355.

(3)

ح، ب: وَالشُّبْهَةُ، أ: وَالسُّنَّةُ.

(4)

ح، ب: الشُّبْهَةِ، أ: السُّنَّةِ.

(5)

ب فَقَطْ: شُبْهَةٌ.

ص: 47

لَا يُمْكِنُ الشِّيعَةَ أَنْ يُجِيبُوا عَنْهَا، وَإِنَّمَا يُجِيبُهُمْ عَنْهَا أَهْلُ السُّنَّةِ.

فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمُثْبِتَةُ لِإِيمَانِ عَلِيٍّ بَاطِنًا وَظَاهِرًا رَدٌّ عَلَى هَؤُلَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ، كَالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى إِيمَانِ أَهْلِ بَدْرٍ وَبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا ; فَإِنَّ فِيهَا رَدًّا عَلَى مَنْ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ مِنَ الرَّوَافِضِ وَالْخَوَارِجِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ مِنْ خَصَائِصِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَإِذَا شَهِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِمُعَيَّنٍ بِشَهَادَةٍ، أَوْ دَعَا لَهُ بِدُعَاءٍ؛ أَحَبَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَمِثْلُ (1) ذَلِكَ الدُّعَاءِ، وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُ بِذَلِكَ لِخَلْقٍ كَثِيرٍ، وَيَدْعُو بِهِ لِخَلْقٍ كَثِيرٍ وَكَانَ تَعْيِينُهُ لِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ مِنْ أَعْظَمِ فَضَائِلِهِ وَمَنَاقِبِهِ. وَهَذَا كَالشَّهَادَةِ بِالْجَنَّةِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ (2) وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ (3) ، وَغَيْرِهِمَا. وَإِنْ كَانَ قَدْ شَهِدَ بِالْجَنَّةِ لِآخَرِينَ. وَالشَّهَادَةُ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ

(1) ب فَقَطْ: أَوْ مِثْلُ.

(2)

الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 1/110 كِتَابُ الْإِيمَانِ بَابُ مَخَافَةِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ رضي الله عنه لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ)[سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 2] حَزِنَ وَاحْتَبَسَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ كَلَامًا، آخِرُهُ: فَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَالْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 3/137، 145 - 146، 287.

(3)

رَوَى الْبُخَارِيُّ 5/37 - 38 كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه، وَمُسْلِمٌ 4/1930 - 1932 كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ: مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه، حَدِيثًا عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه يَقُولُ فِيهِ - وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ -: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ. الْحَدِيثَ. كَمَا رَوَيَا حَدِيثًا آخَرَ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا قَوْمٌ - عِنْدَ مُسْلِمٍ: فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما فَمَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَسَأَلَهُ قَيْسٌ عَنْ ذَلِكَ فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَوَّلَهَا لَهُ، وَقَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ صلى الله عليه وسلم: وَأَمَّا الْعُرْوَةُ فَهِيَ عُرْوَةُ الْإِسْلَامِ، وَلَنْ تَزَالَ مُسْتَمْسِكًا بِهَا حَتَّى تَمُوتَ.

ص: 48

وَرَسُولِهِ لِعَبْدِ اللَّهِ حِمَارٍ الَّذِي ضُرِبَ فِي الْخَمْرِ (1) ، وَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ لِمَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَكَشَهَادَتِهِ لِعَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ بِأَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُعْطِيهِ لِمَا فِي قَلْبِهِ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " «إِنِّي لَأُعْطِي رِجَالًا وَأَدَعُ رِجَالًا، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، أُعْطِي رِجَالًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْهَلَعِ وَالْجَزَعِ وَأَكِلُ رِجَالًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنِ الْغِنَى وَالْخَيْرِ، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ» (2) .

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَمَّا صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ (3) قَالَ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ مَنْزِلَهُ، وَوَسِّعْ (4) مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ (5) ، وَنَقِّهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا (6) كَمَا يُنَقَّى (7) الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ، وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» ". قَالَ عَوْفُ بْنُ

(1) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/457 - 458

(2)

سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/64 - 65

(3)

أ، ب: الْمَيِّتِ.

(4)

ن، م: وَأَوْسِعْ.

(5)

ح، ي، و، ر: بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ.

(6)

و، ر، ح، ي: مِنَ الْخَطَايَا.

(7)

ن، م، و، ح، ي: كَمَا نَقَّيْتَ.

ص: 49

مَالِكٍ فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا (1) ذَلِكَ الْمَيِّتَ (2) . وَهَذَا الدُّعَاءُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِذَلِكَ الْمَيِّتِ.

الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ (3)

قَالَ الرَّافِضِيُّ (4) : " وَعَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ (5) قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام (6) يَوْمَ الشُّورَى (7) يَقُولُ لَهُمْ (8) : لَأَحْتَجَّنَّ عَلَيْكُمْ بِمَا لَا يَسْتَطِيعُ عَرَبِيُّكُمْ وَعَجَمِيُّكُمْ تَغْيِيرَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَيُّهَا النَّفَرُ جَمِيعًا أَفِيكُمْ (9) أَحَدٌ وَحَّدَ اللَّهَ تَعَالَى

(1) أَنَا: زِيَادَةٌ فِي (ي) ، (ر) ، (ب) .

(2)

الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي مُسْلِمٍ 2/662 - 663 كِتَابُ الْجَنَائِزِ بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 1/46 كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَرَدِ 4/59 - 60 كِتَابُ الْجَنَائِزِ بَابُ الدُّعَاءِ، الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 6/23.

(3)

ن، م، و، أ: فَصْلٌ.

(4)

الرَّافِضِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (و) ، وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) ص 126 (م) 130 (م) .

(5)

ن: وَايِلَةَ.

(6)

عليه السلام: فِي (ن) ، (و) ، (ك) ، وَفِي (ر) ، (ي) ، (ق) رضي الله عنه.

(7)

يَوْمَ الشُّورَى: كَذَا فِي (ق) فَقَطْ، وَفِي (ك) : فِي الْبَيْتِ يَوْمَ الشُّورَى، فَسَمِعْتُ عَلِيًّا عليه السلام.

(8)

أ، ب، ق، ر، ح، ي: وَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ، و: يَقُولُ.

(9)

ك ص [0 - 9] 26 م - 127 م: هَلْ فِيكُمْ.

ص: 50

قَبْلِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ (1) بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ لَهُ أَخٌ مِثْلُ أَخِي جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ لَهُ عَمٌّ مِثْلُ عَمِّي حَمْزَةَ أَسَدِ اللَّهِ وَأَسَدِ رَسُولِهِ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ لَهُ زَوْجَةٌ مِثْلُ زَوْجَتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ سَيِّدَةِ نِسَاءِ (2) أَهْلِ الْجَنَّةِ غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ لَهُ (3) سِبْطَانِ مِثْلُ سِبْطَيِّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ نَاجَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ مَرَّاتٍ قَدَّمَ (4) بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُ (5) صَدَقَةً غَيْرِي (6) ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ (7) مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ (8) ، لِيُبْلِغِ (9) الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» غَيْرِي؟

(1) أ، ب: أَنْشُدُكُمْ.

(2)

نِسَاءِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ، (ق)(أ) ، (ي) .

(3)

و، أ، ب، ح، ي، ر، ق: مَنْ لَهُ.

(4)

قَدَّمَ كَذَا فِي (ب)، وَفِي (ك) وَقَدَّمَ وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: أَقْدَمَ.

(5)

نَجْوَاهُ: كَذَا فِي (ب) ، (ك) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ نَجْوَايَ.

(6)

ك: مِثْلِي.

(7)

ك: فَهَذَا عَلِيٌّ.

(8)

ك: مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.

(9)

ك: وَلِيُبْلِغِ.

ص: 51

قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ (1) إِلَيْكَ وَإِلَيَّ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّيْرِ (2) فَأَتَاهُ فَأَكَلَ (3) مَعَهُ» غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. (* قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا (4) يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، لَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ إِذْ رَجَعَ غَيْرِي مُنْهَزِمًا» غَيْرِي؟ (5) قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا *) (6) . قَالَ: (7) فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي وَكِيعَةَ (8) : «لَتَنْتَهُنَّ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا نَفْسُهُ كَنَفْسِي، وَطَاعَتُهُ كَطَاعَتِي، وَمَعْصِيَتُهُ كَمَعْصِيَتِي (9) يَفْصِلُكُمْ (10) بِالسَّيْفِ» غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ

(1) ك: الْخَلْقِ.

(2)

ك: وَإِلَيَّ وَأَشَدِّهِمْ لَكَ حُبًّا وَلِي حُبًّا يَأْكُلُ مَعِي هَذَا الطَّائِرَ.

(3)

م: يَأْكُلُ، ك: وَأَكَلَ.

(4)

ك: الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا.

(5)

أ، ب: عَلَى يَدَيْهِ غَيْرِي، وَسَقَطَتْ غَيْرِي الثَّانِيَةُ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ مَا عَدَا (ن) ، (ق) ، (ك) ، (و) .

(6)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .

(7)

قَالَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .

(8)

ك: لِبَنِي رَبِيعَةَ.

(9)

ك: وَطَاعَتُهُ طَاعَتِي وَمَعْصِيَتُهُ مَعْصِيَتِي.

(10)

ن، م: يُعَطِّلُكُمْ.

ص: 52

لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَيُبْغِضُ هَذَا، غَيْرِي» ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ «هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ (1) سَلَّمَ عَلَيْهِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ: جِبْرَائِيلُ (2) وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ حَيْثُ جِئْتُ بِالْمَاءِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْقَلِيبِ» غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ «هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ نُودِيَ بِهِ مِنَ السَّمَاءِ لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتًى إِلَّا عَلِيٌّ» غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ «هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ هَذِهِ (3) هِيَ الْمُوَاسَاةُ، فَقَالَ لَهُ (4) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ مِنِّي (5) وَأَنَا مِنْهُ. فَقَالَ: جِبْرِيلُ (6) وَأَنَا مِنْكُمَا» غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ (7) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تُقَاتِلُ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ» عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرِي (8) ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ:

(1) أ، ر، ن، م، ب، ح: رَجُلٌ.

(2)

أ، ح، ب، ن، م، ق، و: جِبْرِيلُ ك ص 128 جِبْرَئِيلُ.

(3)

ك: جِبْرَئِيلُ يَوْمَ حُنَيْنَ هَذِهِ، ي: جِبْرَئِيلُ هَذِهِ.

(4)

لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) ، (و) .

(5)

أ، ب: هُوَ مِنِّي.

(6)

ي: فَقَالَ لَهُ جِبْرَئِيلُ، ك: فَقَالَ جِبْرَئِيلُ عليه السلام.

(7)

لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .

(8)

ك: عَلَى النَّبِيِّ غَيْرِي.

ص: 53

فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنِّي قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِ الْقُرْآنِ وَأَنْتَ تُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِهِ» غَيْرِي؟ (1) قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ رُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا. قَالَ فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ «فِيكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ (بَرَاءَةٌ) مِنْ أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَزَلَ (2) فِيَّ شَيْءٌ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ (3) لَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا عَلِيٌّ» (4) غَيْرِي؟ قَالُوا اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ كَافِرٌ» (5) غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ (6) أَنَّهُ «أَمَرَ بِسَدِّ أَبْوَابِكُمْ وَفَتْحِ بَابِي فَقُلْتُمْ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَنَا سَدَدْتُ أَبْوَابَكُمْ (7) وَلَا فَتَحْتُ بَابَهُ، بَلِ اللَّهُ سَدَّ أَبْوَابَكُمْ وَفَتَحَ بَابَهُ»

(1) ك: وَتُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ غَيْرِي.

(2)

ن، م: هَلْ نَزَلَ.

(3)

ك: فَقَالَ إِنَّهُ.

(4)

أ، ب: إِلَّا أَهْلِي.

(5)

ن، م، ق: إِلَّا مُنَافِقٌ، و، ك: إِلَّا كَافِرًا، أ: إِلَّا كَافِرٌ مُنَافِقٌ.

(6)

ك: أَتَعْلَمُونَ.

(7)

ن، م، ر: بَابَكُمْ.

ص: 54

غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا (1) .

(* قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَتَعْلَمُونَ (2)«أَنَّهُ نَاجَانِي (3) يَوْمَ الطَّائِفِ دُونَ النَّاسِ فَأَطَالَ ذَلِكَ، فَقُلْتُمْ نَاجَاهُ دُونَنَا، فَقَالَ: مَا أَنَا انْتَجَيْتُهُ بَلِ اللَّهُ انْتَجَاهُ» ، غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ *) (4) .

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ وَعَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ، يَزُولُ الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ كَيْفَمَا زَالَ» (5) قَالُوا (6) : اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَتَعْلَمُونَ (7) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، لَنْ تَضِلُّوا مَا اسْتَمْسَكْتُمْ بِهِمَا، وَلَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ» ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ وَقَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَاضْطَجَعَ فِي مَضْجَعِهِ غَيْرِي (8) ؟

(1) ن، م، أ، ر، ي: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

(2)

أ، ب، ق، ح: هَلْ تَعْلَمُونَ.

(3)

ك: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ نَاجَانِي.

(4)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .

(5)

ك ص 129 م: مَعَ الْحَقِّ يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ.

(6)

ر، و، ح، ي، ب: فَقَالُوا.

(7)

ح، ب: هَلْ تَعْلَمُونَ.

(8)

ك: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ حِينَ هَرَبَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: مَنْ يَفْدِينِي بِنَفْسِهِ؟ فَفَدَى لَهُ بِنَفْسِهِ وَاضْطَجَعَ فِي مَضْجَعِهِ غَيْرِي.

ص: 55

قَالُوا: اللَّهُمَّ (1) لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ (2) هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ بَارَزَ عَمْرَو بْنِ عَبْدِ (3) وُدٍّ الْعَامِرِيَّ حَيْثُ (4) دَعَاكُمْ إِلَى الْبِرَازِ غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ نَزَلَ فِيهِ آيَةُ التَّطْهِيرِ حَيْثُ (5) يَقُولُ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 33] غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ سَيِّدُ الْمُؤْمِنِينَ» (6) غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا.

قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا سَأَلْتُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا وَسَأَلْتُ لَكَ (7) مِثْلَهُ» غَيْرِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ (8) لَا.

وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو عَمْرٍو (9) الزَّاهِدُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لِعَلِيٍّ

(1) اللَّهُمَّ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.

(2)

ك: بِاللَّهِ رَبِّكُمْ.

(3)

عَبْدِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ، (ي) ، (ق) .

(4)

أ، ب: حِينَ.

(5)

حَيْثُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .

(6)

ك: أَنْتَ سَيِّدُ الْعَرَبِ الْمُؤْمِنِينَ.

(7)

ك: إِلَّا سَأَلْتُ لَكَ.

(8)

اللَّهُمَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(9)

أَبُو عَمْرٍو: كَذَا فِي (أ) ، (ر) ، (ك) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ أَبُو عُمَرَ.

ص: 56

أَرْبَعُ خِصَالٍ لَيْسَتْ (1) لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ غَيْرَهُ، هُوَ أَوَّلُ عَرَبِيٍّ وَعَجَمِيٍّ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2) وَهُوَ الَّذِي كَانَ لِوَاؤُهُ (3) مَعَهُ فِي كُلِّ زَحْفٍ، وَهُوَ الَّذِي صَبَرَ مَعَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ (4) ، وَهُوَ الَّذِي غَسَّلَهُ وَأَدْخَلَهُ قَبْرَهُ (5) .

وَعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَرَرْتُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ بِقَوْمٍ (6) تُشَرْشَرُ أَشْدَاقُهُمْ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ (7) مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَقْطَعُونَ (8) النَّاسَ بِالْغِيبَةِ. قَالَ: وَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ وَقَدْ ضَوْضَئُوا (9)، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ (10) مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ (11) الْكُفَّارُ. قَالَ: ثُمَّ عَدَلْنَا عَنِ الطَّرِيقِ (12) ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ رَأَيْتُ عَلِيًّا يُصَلِّي، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ (13) هَذَا عَلِيٌّ قَدْ سَبَقَنَا. قَالَ: لَا لَيْسَ هَذَا عَلِيًّا (14) . قُلْتُ: فَمَنْ هُوَ (15) قَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ

(1) ك: لَيْسَ.

(2)

ك: صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

(3)

م، ح، ي، ر، و: لَوَاهُ، ك: لِوَائِهِ.

(4)

ن: خَيْبَرَ، أ: فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ.

(5)

ك: وَأَدْخَلَهُ فِي قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا، وَأَدْخَلَهُ فِي قَبْرِهِ.

(6)

أ: بِأَقْوَامٍ.

(7)

أ، ك: يَا جِبْرَائِيلُ.

(8)

ك ص 129 م 130 م: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقْطَعُونَ، و: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ يَقْطَعُونَ.

(9)

أ، ب: بِقَوْمٍ قَدْ ضَوْضَؤُا، ك: بِقَوْمٍ ضؤضؤا.

(10)

ي، ك: يَا جِبْرَئِيلُ.

(11)

هَؤُلَاءِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .

(12)

ر: عَدَلْنَا الطَّرِيقَةَ، ك: عَدَلْنَا عَنْ ذَلِكَ الطَّرِيقِ.

(13)

ي: فَقُلْتُ يَا جِبْرَئِيلُ، ك: فَقُلْتُ لِجِبْرَئِيلَ: يَا جِبْرَئِيلُ.

(14)

ك: عَلِيٌّ.

(15)

أ، ب: فَمَنْ هَذَا؟

ص: 57

الْمُقَرَّبِينَ وَالْمَلَائِكَةَ الْكَرُوبِيِّينَ لَمَّا سَمِعَتْ فَضَائِلَ عَلِيٍّ وَخَاصَّتَهُ (1) وَسَمِعَتْ (2) قَوْلَكَ فِيهِ: أَنْتَ مِنَى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، اشْتَاقَتْ إِلَى عَلِيٍّ، فَخَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا مَلَكًا عَلَى صُورَةِ عَلِيٍّ، فَإِذَا اشْتَاقَتْ إِلَى عَلِيٍّ (3) جَاءَتْ (4) إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ؛ فَكَأَنَّهَا قَدْ رَأَتْ عَلِيًّا» .

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ نَشِيطٌ: أَنَا الْفَتَى ابْنُ الْفَتَى أَخُو الْفَتَى» . قَالَ: فَقَوْلُهُ: أَنَا الْفَتَى، يَعْنِي (5) هُوَ فَتَى الْعَرَبِ (6) وَقَوْلُهُ ابْنُ الْفَتَى، يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ (7) مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:{سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: 60] وَقَوْلُهُ: أَخُو الْفَتَى، يَعْنِي عَلِيًّا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ جِبْرِيلَ فِي (8) يَوْمِ بَدْرٍ وَقَدْ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ فَرِحٌ (9) وَهُوَ يَقُولُ (10) :«لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ» .

(1) ك: وَمَحَاسِنَهُ.

(2)

ن، م، و، ق، ر: سَمِعَتْ.

(3)

ن، م: إِلَيْهِ.

(4)

ك: جَاءُوا.

(5)

يَعْنِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(6)

ك: الْعَرَبِ بِالْإِجْمَاعِ أَيْ سَيِّدُهَا.

(7)

ك: وَإِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عليه السلام.

(8)

فِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(9)

وَهُوَ فَرِحٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ق) .

(10)

ك: وَقَدْ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ فَرِحٌ مَسْرُورٌ يَقُولُ.

ص: 58

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (1) قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا أَبُو ذَرٍّ، لَوْ صَمَتُّمْ حَتَّى تَكُونُوا كَالْأَوْتَارِ، وَصَلَّيْتُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَالْحَنَايَا، مَا نَفَعَكُمْ ذَلِكَ حَتَّى تُحِبُّوا عَلِيًّا (2) .

وَالْجَوَابُ: أَمَّا قَوْلُهُ (3) عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ وَمَا ذَكَرَهُ يَوْمَ الشُّورَى، فَهَذَا كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ (4) ، وَلَمْ يَقُلْ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَوْمَ الشُّورَى شَيْئًا مِنْ هَذَا وَلَا مَا يُشَابِهُهُ (5)، بَلْ قَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه: لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَإِنْ (6) بَايَعْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَتُطِيعَنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَكَذَلِكَ قَالَ لِعُثْمَانَ. وَمَكَثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (7) ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُشَاوِرُ الْمُسْلِمِينَ.

فَفِي الصَّحِيحَيْنِ (8) - وَهَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ (9) - عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ فِي

(1) ب: وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، ح: وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه.

(2)

ك، و: عَلِيًّا عليه السلام، ر، ي: عَلِيًّا رضي الله عنه.

(3)

و: فَيُقَالُ قَوْلُهُ.

(4)

ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قِسْمًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَوْضُوعَاتِ 1/378 - 380 وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَانْظُرْ بَاقِيَ كَلَامِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ كَلَامًا مُمَاثِلًا السُّيُوطِيُّ فِي اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ 1/361.

(5)

ن، م: وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ عَلِيٍّ يَوْمَ الشُّورَى شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَلَا مَا يُشْبِهُهُ.

(6)

أ: وَلَئِنْ.

(7)

عَبْدُ الرَّحْمَنِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(8)

لَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ فِي مُسْلِمٍ مَعَ طُولِ بَحْثِي عَنْهُ.

(9)

15 - 18 كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بَابُ قِصَّةِ الْبَيْعَةِ، وَالْكَلَامُ التَّالِي ص 17 - 18

ص: 59

مَقْتَلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (1) : اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْكُمْ. قَالَ (2) الزُّبَيْرُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَلِيٍّ. وَقَالَ (3) طَلْحَةُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي [إِلَى عُثْمَانَ. وَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ جَعَلَتْ أَمْرِي](4) إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ (5) . فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيُّكُمْ تَبَرَّأَ (6) مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فَنَجْعَلُهُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ. لِيَنْظُرَنَّ أَفْضَلَهُمْ فِي نَفْسِهِ (7) ؟ فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَتَجْعَلُونَهُ إِلَيَّ وَاللَّهُ عَلَيَّ أَنْ لَا آلُوَ (8) عَنْ أَفْضَلِكُمْ. قَالَا: نَعَمْ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، فَقَالَ: لَكَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقَدَمُ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتُ، فَاللَّهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ وَلَئِنْ أَمَّرْتُ عَلَيْكَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ. ثُمَّ خَلَا بِالْآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ (9) .

(1) ر، و، ح، ي: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.

(2)

الْبُخَارِيُّ 5/17: فَقَالَ.

(3)

الْبُخَارِيُّ: فَقَالَ.

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ مَا عَدَا (ب) وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ.

(5)

الْبُخَارِيِّ: إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.

(6)

ن، ر، أ، ح، ي: يَتَبَرَّأُ.

(7)

ن، ر، ح، ي: أَفْضَلَ مَنْ فِي نَفْسِهِ، أ: أَفْضَلَ مِنْ نَفْسِهِ، و: أَفْضَلَ فِي نَفْسِهِ، م: أَفْضَلَ مَنْ هُوَ فِي نَفْسِهِ.

(8)

ن، م: عَلِيَّ لَا آلُوَ، عَلِيَّ مِنْ أَنْ لَا آلُوَ.

(9)

جَاءَ جُزْءٌ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ 2/103 كِتَابُ الْجَنَائِزِ بَابُ مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَالْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ 9/78 كِتَابُ الْأَحْكَامِ، بَابُ كَيْفَ يُبَايِعُ الْإِمَامُ النَّاسَ.

ص: 60

وَفِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ (1) قَالَ الْمِسْوَرُ (2) : إِنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا. قَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (3) : لَسْتُ بِالَّذِي أَتَكَلَّمُ فِي هَذَا الْأَمْرِ (4) وَلَكِنَّكُمْ إِنْ شِئْتُمْ (5) اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ مَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ [حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ ذَلِكَ الرَّهْطَ وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ](6) يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ (7) اللَّيَالِي، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَصْبَحْنَا مِنْهَا فَبَايَعْنَا (8) عُثْمَانَ. قَالَ الْمِسْوَرُ: طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ (9) مِنَ اللَّيْلِ، فَضَرَبَ الْبَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ، فَقَالَ: أَرَاكَ نَائِمًا؛ فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ (10) بِكَبِيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا، فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ، فَشَاوَرَهُمَا (11) ، ثُمَّ دَعَانِي، فَقَالَ: ادْعُ لِي عَلِيًّا، فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ [حَتَّى إِبْهَارِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدَهُ وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى

(1) بْنِ مَخْرَمَةَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) .

(2)

عِبَارَةُ " قَالَ الْمِسْوَرُ " سَاقِطَةٌ مِنْ (ب)، وَفِي (و) : قَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ.

(3)

أ: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ب، ح، ي: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، ن، م، ر: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

(4)

الْبُخَارِيُّ: لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ.

(5)

ن، م، أ: إِنْ شِئْتُ.

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (و) ، الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبُخَارِيِّ أُولَئِكَ الرَّهْطِ.

(7)

ح، ب: فِي تِلْكَ.

(8)

ن: فِيهَا بَايَعْنَا.

(9)

ح، ب: هَجْعَةٍ.

(10)

و، ح، ي: هَذِهِ الثَّلَاثَ أ، ر، ب: فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ.

(11)

ح، أ، ب، ر: فَسَارَّهُمَا.

ص: 61

مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا. ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي عُثْمَانَ، فَدَعَوْتُهُ فَنَاجَاهُ] (1) حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ؛ فَلَمَّا صَلَّى النَّاسُ الصُّبْحَ، وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ أَرْسَلَ إِلَيَّ مَنْ (2) كَانَ حَاضِرًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الْحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا عَلِيُّ إِنِّي (3) قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلَا تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا. فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (4) وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ وَالْمُسْلِمُونَ. هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ هَذَا الرَّافِضِيُّ أَنْوَاعٌ مِنَ الْأَكَاذِيبِ الَّتِي نَزَّهَ اللَّهُ عَلِيًّا عَنْهَا، مِثْلَ احْتِجَاجِهِ بِأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَزَوْجَتِهِ، وَعَلِيٌّ رضي الله عنه أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ. وَلَوْ قَالَ الْعَبَّاسُ: هَلْ فِيكُمْ مِثْلُ أَخِي حَمْزَةَ وَمِثْلُ أَوْلَادِ إِخْوَتِي (5) مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَجَعْفَرٍ؟ لَكَانَتْ هَذِهِ الْحُجَّةُ مِنْ جِنْسِ تِلْكَ، بَلِ احْتِجَاجُ الْإِنْسَانِ بِبَنِي إِخْوَتِهِ أَعْظَمُ مِنِ احْتِجَاجِهِ بِعَمِّهِ. وَلَوْ قَالَ عُثْمَانُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ تَزَوَّجَ بِنْتَيْ نَبِيٍّ (6) ؟ لَكَانَ مَنْ جِنْسِ قَوْلِ الْقَائِلِ هَلْ فِيكُمْ مَنْ زَوْجَتُهُ كَزَوْجَتِي (7) ؟ وَكَانَتْ فَاطِمَةُ قَدْ مَاتَتْ قَبْلَ الشُّورَى كَمَا مَاتَتْ زَوْجَتَا عُثْمَانَ، فَإِنَّهَا مَاتَتْ

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ وَأَثْبَتُّهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ.

(2)

ب: أَرْسَلَ لِمَنْ، الْبُخَارِيُّ: فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ.

(3)

ن، م، أ: فَإِنِّي.

(4)

ح، ب: عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(5)

ر، ح: إِخْوَتِي.

(6)

ن، م: بِنْتَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(7)

أ، ب: مِثْلَ زَوْجَتِي.

ص: 62

بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (1) .

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ لَهُ وَلَدٌ كَوَلَدِي (2) ؟ .

وَفِيهِ أَكَاذِيبُ مُتَعَدِّدَةٌ، مِثْلُ قَوْلِهِ:«مَا سَأَلْتُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا وَسَأَلْتُ لَكَ مِثْلَهُ» . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «لَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا عَلِيٌّ. مِنَ الْكَذِبِ» (3) .

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي كِتَابِ شِعَارِ الدِّينِ (4) : وَقَوْلُهُ: «لَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي» . هُوَ شَيْءٌ جَاءَ بِهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَنْ زَيْدِ بْنِ يَثِيعَ (5) ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ فِي الرِّوَايَةِ مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّفْضِ. وَعَامَّةُ (6) مَنْ بَلَّغَ عَنْهُ غَيْرُ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَقَدْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيُعَلِّمُ الْأَنْصَارَ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ. وَبَعَثَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْبَحْرَيْنِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَبَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ، وَبَعَثَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ إِلَى مَكَّةَ. فَأَيْنَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُبَلِّغُ عَنْهُ إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ .

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفِيهِ أَكَاذِيبُ: مِنْهَا قَوْلُهُ: كَانَ لِوَاؤُهُ مَعَهُ فِي كُلِّ

(1) ح، ب: بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ.

(2)

أ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدَيْنِ كَوَلَدَيَّ، ب: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ لَهُ وَلَدٌ كَوَلَدِي، ح: هَلْ فِيكُمْ وَلَدٌ كَوَلَدِي.

(3)

أ، ب: فَمِنَ الْكَذِبِ.

(4)

سَبَقَتْ تَرْجَمَةُ الْخَطَّابِيِّ 1/303 وَلَمْ يَذْكُرْ سزكين فِي تَرْجَمَتِهِ لِلْخَطَّابِيِّ م [0 - 9] ج [0 - 9] ص [0 - 9] 27 - 429 كِتَابَ شِعَارِ الدِّينِ، فَهُوَ مِنَ الْكُتُبِ الْمَفْقُودَةِ.

(5)

أ: زَيْدُ بْنُ بَقِيعٍ، وَذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 2/107 وَقَالَ: زَيْدُ بْنُ يَثِيعَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي ذَرٍّ، مَا رَوَى عَنْهُ سِوَى أَبِي إِسْحَاقَ، وَسَمَّاهُ أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ زَيْدَ بْنَ نُفَيْعٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

(6)

أ: وَغَايَةُ.

ص: 63

زَحْفٍ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْمَعْلُومِ، إِذْ لِوَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، وَلِوَاؤُهُ يَوْمَ الْفَتْحِ كَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَأَمَرَهُ (1) رَسُولُ اللَّهِ (2) صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَكِّزَ رَايَتَهُ بِالْحُجُونِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ (3) : أَهَاهُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُرَكِّزَ الرَّايَةَ؟ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (4) . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " وَهُوَ الَّذِي صَبَرَ مَعَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ ".

وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ «لَمْ يَكُنْ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَالْعَبَّاسُ آخِذٌ (5) بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِرِكَابِهِ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ " قَالَ: فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي أَيْنَ أَصْحَابُ السَّمُرَةِ؟ فَوَاللَّهِ كَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ عَلَيَّ حِينِ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةَ (6) الْبَقَرِ عَلَى أَوْلَادِهَا، فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ. وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ، " وَنَزَلَ عَنْ بَغْلَتِهِ وَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى فَرَمَى بِهَا (7) الْقَوْمَ وَقَالَ: " انْهَزَمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ " قَالَ الْعَبَّاسُ: " فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا

(1) وَأَمَرَهُ: كَذَا فِي (أ) ، (ب)، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَأَمَرَ.

(2)

رَسُولُ اللَّهِ: لَيْسَتْ فِي (ح) ، (ب) .

(3)

بْنِ الْعَوَّامِ: فِي (ح) ، (س)(ر) ، (ب) فَقَطْ.

(4)

الْحَدِيثُ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ تَابِعِيٌّ فِي الْبُخَارِيِّ 4/53 كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ مَا قِيلَ فِي لِوَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَنَصُّهُ: قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ رضي الله عنه: أَهَهُنَا أَمَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُرَكِّزَ الرَّايَةَ؟

(5)

ن، م، و: وَهُوَ آخِذٌ.

(6)

و: عَطْفَ.

(7)

ح: بِهِ.

ص: 64

أَنْ رَمَاهُمْ فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا، حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ» . أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (1) . وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ:" وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ (2) " وَفِيهِ: " قَالَ الْعَبَّاسُ: لَزِمْتُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَانَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ فَلَمْ نُفَارِقْهُ "(3) .

وَأَمَّا غُسْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَإِدْخَالُهُ قَبْرَهُ، فَاشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ بَيْتِهِ،

(1) الْحَدِيثُ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِّبِ رضي الله عنه فِي مُسْلِمٍ 3/1398 - 1400 كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابٌ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، الْمُسْنَدُ ط. الْمَعَارِفِ 3/208 - 210 وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر رحمه الله فِي تَعْلِيقِهِ: وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ 2/10 - 61 مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ 3: 327، وَزَعَمَ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ لَمْ يُخْرِجَاهُ، وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ الذَّهَبِيُّ بِإِخْرَاجِ مُسْلِمٍ إِيَّاهُ. وَهَكَذَا لَا نَجِدُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ الْعَبَّاسِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَعَلَّ ابْنَ تَيْمِيَةَ يَقْصِدُ أَنَّ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي الْبُخَارِيِّ؛ وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا أَيْ: مَا زِلْتُ أَرَى قُوَّتَهُمْ ضَعِيفَةً.

(2)

الْحَدِيثُ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 4/30 - 31 كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ مَنْ قَادَ دَابَّةَ غَيْرِهِ، وَنَصُّهُ: قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ فَانْهَزَمُوا، فَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَنَائِمِ، وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَفِرَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِّبْ. وَالْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ 3/1400 - 1401 الْمَوْضِعِ السَّابِقِ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى فِي الْبُخَارِيِّ 4/32 كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ بَغْلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْبَيْضَاءَ 4/43 كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ مَنْ صَفَّ أَصْحَابَهُ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ 4/67 كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ مَنْ قَالَ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ فُلَانٍ 5/153 كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) وَانْظُرْ: فَتْحَ الْبَارِي 8/28 - 32.

(3)

هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 3/1398 الْمَسْنَدُ ط. الْمَعَارِفِ 3/208.

ص: 65

كَالْعَبَّاسِ وَأَوْلَادِهِ، وَمَوْلَاهُ شُقْرَانَ (1) ، وَبَعْضُ الْأَنْصَارِ، لَكِنْ عَلِيٌّ كَانَ (2) يُبَاشِرُ الْغُسْلَ، وَالْعَبَّاسُ حَاضِرٌ لِجَلَالَةِ الْعَبَّاسِ، وَأَنَّ عَلِيًّا أَوْلَاهُمْ بِمُبَاشَرَةِ ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " هُوَ أَوَّلُ عَرَبِيٍّ وَعَجَمِيٍّ (3) صَلَّى " يُنَاقِضُ مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا حَدِيثُ الْمِعْرَاجِ وَقَوْلُهُ فِيهِ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ وَالْمَلَائِكَةَ الْكَرُوبِيِّينَ لَمَّا سَمِعَتْ فَضَائِلَ عَلِيٍّ وَخَاصَّتَهُ، وَقَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (4) :" أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ " اشْتَاقَتْ إِلَى عَلِيٍّ فَخَلَقَ اللَّهُ (5) لَهَا مَلَكًا عَلَى صُورَةِ عَلِيٍّ ".

فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا (6) مِنْ كَذِبِ الْجُهَّالِ الَّذِينَ لَا يُحْسِنُونَ أَنْ يَكْذِبُوا، فَإِنَّ الْمِعْرَاجَ كَانَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِإِجْمَاعِ النَّاسِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 1] .

(1) شُقْرَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و

(2)

أ، ب، ي: لَكِنْ كَانَ عَلِيٌّ.

(3)

وَعَجَمِيٍّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(4)

ن، م: وَخَاصَّةً قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم، و، ر، ح، ي: وَخَاصَّةً قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(5)

لَفْظُ الْجَلَالَةِ لَيْسَ فِي (ح) ، (ر) ، (و) ، (ي) .

(6)

و: فَيُقَالُ هَذَا.

ص: 66

[وَكَانَ الْإِسْرَاءُ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ](1) . وَقَالَ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى - مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى - وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [سُورَةُ النَّجْمِ] إِلَى قَوْلِهِ: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى - وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى - عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 12 - 14] إِلَى قَوْلِهِ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 19] وَهَذَا كُلُّهُ نَزَلَ بِمَكَّةَ بِإِجْمَاعِ النَّاسِ.

وَقَوْلُهُ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ " قَالَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهِيَ آخِرُ الْغَزَوَاتِ عَامَ تِسْعٍ مِنِ الْهِجْرَةِ. فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ سَمِعُوا قَوْلَهُ:" «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» "؟ .

ثُمَّ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ عَلَى الْمَدِينَةِ مُشْتَرَكٌ، فَكُلُّ الِاسْتِخْلَافَاتِ الَّتِي قَبْلَ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَبَعْدَ تَبُوكَ كَانَ يَكُونُ بِالْمَدِينَةِ رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُطِيعِينَ (2) يَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِمْ. وَغَزْوَةُ (3) تَبُوكَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مُطِيعٌ إِلَّا مَنْ عَذَرَهُ اللَّهُ مِمَّنْ هُوَ عَاجِزٌ عَنِ الْجِهَادِ، فَكَانَ الْمُسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَقَلَّ وَأَضْعَفَ مِنَ الْمُسْتَخْلَفِ عَلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ وَمَغَازِيهِ وَعُمَرِهِ وَحَجِّهِ، وَقَدْ سَافَرَ [النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم](4) مِنَ الْمَدِينَةِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ سَفْرَةٍ، وَهُوَ يَسْتَخْلِفُ فِيهَا مَنْ يَسْتَخْلِفُهُ، كَمَا اسْتَخْلَفَ فِي غَزْوَةِ الْأَبْوَاءِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ (5) ، وَاسْتَخْلَفَ فِي غَزْوَةِ (6)

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(2)

الْمُطِيعِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(3)

وَغَزْوَةُ: كَذَا فِي (أ)، (ب) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَفِي غَزْوَةِ.

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(5)

انْظُرْ فِي ذَلِكَ: جَوَامِعَ السِّيرَةِ لِابْنِ حَزْمٍ، ص [0 - 9] 00

(6)

ن، م، و: وَفِي غَزْوَةِ.

ص: 67

بُوَاطٍ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ (1) ، ثُمَّ لَمَّا رَجَعَ وَخَرَجَ فِي طَلَبِ كَرْزِ بْنِ جَابِرٍ (* الْفِهْرَيِّ اسْتَخْلَفَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ (2) ، وَاسْتَخْلَفَ فِي غَزْوَةِ الْعَشِيرَةِ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَشْهَلِ (3) ، وَفِي غَزْوَةِ بَدْرٍ اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ (4) ، وَاسْتَخْلَفَهُ فِي غَزْوَةِ قَرْقَرَةَ الْكَدْرِ (5) ، وَلَمَّا ذَهَبَ إِلَى بَنِي سَلِيمٍ، وَفِي غَزْوَةٍ (6) حَمْرَاءِ الْأَسَدِ، وَغَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ، وَغَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ: وَاسْتَخْلَفَهُ (7) لَمَّا خَرَجَ فِي طَلَبِ اللَّقَاحِ الَّتِي اسْتَاقَهَا عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَنُودِيَ ذَلِكَ (8) الْيَوْمَ: يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي، وَفِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَاسْتَخْلَفَهُ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، وَاسْتَخْلَفَ

(1) الَّذِي فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 2/248 وَفِي جَوَامِعِ السِّيرَةِ ص [0 - 9] 02 أَنَّ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَدِينَةِ فِي غَزْوَةِ بُوَاطٍ هُوَ السَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. وَلَكِنْ يَذْكُرُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ 3/246 وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: اسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، وَقَالَ الْمَقْرِيزِيُّ فِي إِمْتَاعِ الْأَسْمَاعِ ص 54 وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، وَقِيلَ: السَّائِبَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ.

(2)

انْظُرْ فِي ذَلِكَ " وَهَذِهِ غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَى ": الْبِدَايَةَ وَالنِّهَايَةَ 3/247، إِمْتَاعَ الْأَسْمَاعِ ص 54، ابْنَ هِشَامٍ 2/251

(3)

فِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ 3/246، إِمْتَاعِ الْأَسْمَاعِ ص 55، ابْنِ هِشَامٍ 2/248، جَوَامِعِ السِّيرَةِ، ص 102: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ فِي غَزْوَةِ الْعَشِيرَةِ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيَّ.

(4)

انْظُرْ فِي ذَلِكَ: جَوَامِعَ السِّيرَةِ ص 107، ابْنَ هِشَامٍ 2/263 - 264

(5)

وَتُعْرَفُ بِغَزْوَةِ بَنِي سَلِيمٍ؛ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ 3/46 وَابْنُ حَزْمٍ (جَوَامِعُ السِّيرَةِ) ص 152 وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عَرْفَطَةَ الْغِفَارِيَّ أَوِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَقَالَ الْمَقْرِيزِيُّ فِي إِمْتَاعِ الْأَسْمَاعِ ص 107: وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ.

(6)

ن، م: إِلَى بَنِي سَلِيمٍ فِي غَزْوَةِ.

(7)

ن، م، أ، ي: وَاسْتَخْلَفَ.

(8)

ح، ب: وَنُودِيَ فِي ذَلِكَ.

ص: 68

أَبَا لُبَابَةَ فِي غَزْوَةِ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَغَزْوَةِ السَّوِيقِ، وَاسْتَخْلَفَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فِي غَزْوَةِ غَطَفَانَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا غَزْوَةُ أَنْمَارٍ، وَاسْتَخْلَفَهُ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنَ رَوَاحَةَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْمَوْعِدَ، وَاسْتَخْلَفَ سِبَاعَ بْنَ عَرْفَطَةَ الْغِفَارِيَّ فِي غَزْوَةِ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ وَفِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ، وَاسْتَخْلَفَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ، وَاسْتَخْلَفَ أَبَا رَهْمٍ (1) فِي عُمْرَةِ (2) الْقَضِيَّةِ *) (3) ، وَكَانَتْ تِلْكَ الِاسْتِخْلَافَاتُ أَكْمَلَ مِنِ اسْتِخْلَافِ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَامَ تَبُوكَ، وَكُلُّهُمْ كَانُوا مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ (4) هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِذِ الْمُرَادُ التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الِاسْتِخْلَافِ (5) .

وَإِذَا قِيلَ: فِي تَبُوكَ كَانَ السَّفَرُ بَعِيدًا.

قِيلَ: وَلَكِنْ كَانَتِ الْمَدِينَةُ وَمَا حَوْلَهَا أَمْنًا، لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَدْوٌ يُخَافُ، لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ أَسْلَمُوا، وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ ذَهَبَ. وَفِي غَيْرِ تَبُوكَ كَانَ الْعَدُوُّ مَوْجُودًا حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ يَخَافُ عَلَى مَنْ بِهَا، فَكَانَ خَلِيفَتُهُ يَحْتَاجُ إِلَى مَزِيدِ اجْتِهَادٍ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الِاسْتِخْلَافِ فِي تَبُوكَ (6) .

فَصْلٌ

وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ (7) وَهُوَ نَشِيطٌ: " أَنَا الْفَتَى ابْنُ الْفَتَى أَخُو الْفَتَى» " قَالَ:

(1) ن، م: وَأَبَا رَهْمٍ.

(2)

ر، ح: فِي غَزْوَةِ.

(3)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (و) .

(4)

ن، م، و: وَكُلُّهُمْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ ر، ح، ي: وَكُلُّهُمْ كَانَ.

(5)

ن: الِاسْتِخْلَافَاتِ.

(6)

ن، م، و: فِي اسْتِخْلَافِ تَبُوكَ، وَسَقَطَتْ عِبَارَةُ " فِي تَبُوكَ " مِنْ:(ح) ، (ي) ، (ر) .

(7)

ذَاتَ يَوْمٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

ص: 69

فَقَوْلُهُ: أَنَا الْفَتَى يَعْنِي فَتَى الْعَرَبِ، وَقَوْلُهُ: ابْنُ الْفَتَى يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، مِنْ قَوْلِهِ:{سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: 60] ، وَقَوْلُهُ أَخُو الْفَتَى يَعْنِي عَلِيًّا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ جِبْرِيلَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ وَقَدْ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ فَرِحٌ وَهُوَ يَقُولُ:" «لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ، وَلَا فَتًى إِلَّا عَلِيٌّ» ".

فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ (1) مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَكْذُوبَةِ الْمَوْضُوعَةِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ (2) ، وَكَذِبُهُ مَعْرُوفٌ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْإِسْنَادِ مِنْ وُجُوهٍ.

مِنْهَا: أَنَّ لَفْظَ الْفَتَى فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلُغَةِ الْعَرَبِ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَدْحِ، كَمَا لَيْسَ هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الذَّمِّ، وَلَكِنْ بِمَنْزِلَةِ اسْمِ (3) الشَّابِّ وَالْكَهْلِ وَالشَّيْخِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالَّذِينَ قَالُوا عَنْ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ، هُمُ الْكُفَّارُ، وَلَمْ يَقْصِدُوا مَدْحَهُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْفَتَى كَالشَّابِّ الْحَدَثِ (4) .

(1) ن: فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ.

(2)

لَمْ أَجِدِ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ، وَأَمَّا الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْهُ وَهُوَ: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتًى إِلَّا عَلِيٌّ، فَوَصَفَهُ بِالْوَضْعِ وَتَكَلَّمَ عَلَى الْكَذَّابِينَ مِنْ رُوَاتِهِ كُلٌّ مِنِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ 1/381 - 382، وَالسُّيُوطِيِّ فِي اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ 1/364 - 365 وَعْلَيِ الْقَارِئِ فِي الْأَسْرَارِ الْمَرْفُوعَةِ ص 384 - 385، وَابْنِ عِرَاقٍ الْكِنَانِيِّ، فِي تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ، 1/385 وَابْنِ الْعَجْلُونِيِّ فِي كَشْفِ الْخَفَاءِ 2/363 - 364.

(3)

اسْمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(4)

بَعْدَ كَلِمَةِ الْحَدَثِ يُوجَدُ سَقْطٌ طَوِيلٌ فِي (ح) ، (ي)، (ر) يَنْتَهِي عِنْدَ عِبَارَةِ: نَفَعَهُ إِيمَانُهُ وَإِنْ أَبْغَضَهُ ص 75

ص: 70

وَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَفْتَخِرَ بِجَدِّهِ وَابْنِ عَمِّهِ (1) .

وَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُؤَاخِ عَلِيًّا وَلَا غَيْرَهُ، وَحَدِيثُ الْمُؤَاخَاةِ لِعَلِيٍّ وَمُؤَاخَاةِ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ مِنَ الْأَكَاذِيبِ. وَإِنَّمَا آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَلَمْ يُؤَاخِ بَيْنَ مُهَاجِرِيٍّ وَمُهَاجِرِيٍّ.

وَمِنْهَا: أَنَّ هَذِهِ الْمُنَادَاةَ يَوْمَ بَدْرٍ كَذِبٌ.

وَمِنْهَا: أَنَّ ذَا الْفَقَارِ لَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ، وَإِنَّمَا كَانَ سَيْفًا مِنْ سُيُوفِ أَبِي جَهْلٍ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَ بَدْرٍ ذُو الْفَقَارِ مِنْ سُيُوفِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ مِنْ سُيُوفِ الْكُفَّارِ، كَمَا رَوَى ذَلِكَ أَهْلُ السُّنَنِ. فَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَنَفَّلَ (2) سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ (3) يَوْمَ بَدْرٍ (4) .

وَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ كَهْلًا قَدْ تَعَدَّى سِنَّ الْفِتْيَانِ.

(1) ب فَقَطْ: أَوِ ابْنِ عَمِّهِ.

(2)

ب فَقَطْ: نَفَلَ.

(3)

ب: سَيْفَ ذِي الْفَقَارِ، أ: سَيْف ذو الْفَقَارِ ن: سَيْفُهُ ذُو الْفَقَارِ.

(4)

الْحَدِيثَ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/60 - 61 كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ: فِي النَّفْلِ؛ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَهُوَ فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/939 كِتَابُ الْجِهَادِ بَابُ السِّلَاحِ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُطَوَّلًا فِي: الْمُسْنَدُ ط. الْمَعَارِفِ 4/146 - 147 وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر رحمه الله: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَالْحَدِيثُ ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي التَّارِيخِ 4/11 - 12 مِنْ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ بِأَطْوَلَ مِمَّا هُنَا. ذُو الْفَقَارِ بِفَتْحِ الْفَاءِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَتْ فِيهِ حُفَرٌ صِغَارٌ حِسَانٌ، وَالسَّيْفُ الْمُفَقَّرُ: الَّذِي فِيهِ حُزُوزٌ مُطَمَئِنَّةٌ عَنْ مَتْنِهِ.

ص: 71

فَصْلٌ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي رَوَاهُ الرَّافِضِيُّ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ لَيْسَ مَرْفُوعًا (1) ، فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، مَعَ أَنَّ (2) نَقْلَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فِيهِ (3) نَظَرٌ وَمَعَ هَذَا فَحُبُّ عَلِيٍّ وَاجِبٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ، بَلْ عَلَيْنَا أَنْ نُحِبَّهُ كَمَا عَلَيْنَا أَنْ نُحِبَّ عُثْمَانَ وَعُمَرَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَأَنْ نُحِبَّ الْأَنْصَارَ.

فَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ» "(4) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ إِلَيَّ أَنَّهُ لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ» "(5) .

فَصْلٌ

قَالَ الرَّافِضِيُّ (6) : " وَمِنْهَا مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْفِرْدَوْسِ فِي كِتَابِهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ (7) : " «حُبُّ

(1) عِبَارَةُ " لَيْسَ مَرْفُوعًا " سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(2)

أ، ب: مَعَ أَنَّهُ.

(3)

أ، ب: وَفِيهِ.

(4)

سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/297

(5)

سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/296

(6)

الرَّافِضِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (و) ، وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) ص 130 (م) ، 131 (م) .

(7)

ك: عَنْ مُعَاذٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ، و: عَنْ مُعَاذٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ.

ص: 72

عَلِيٍّ (1) حَسَنَةٌ لَا تَضُرُّ مَعَهَا سَيِّئَةٌ وَبُغْضُهُ سَيِّئَةٌ لَا يَنْفَعُ (2) مَعَهَا حَسَنَةٌ» ".

وَالْجَوَابُ: أَنَّ كِتَابَ الْفِرْدَوْسِ (3) فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَاتِ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَمُصَنِّفُهُ شِيرَوَيْهِ بْنُ شَهْرَدَارَ الدَّيْلَمِيُّ (4) وَإِنْ كَانَ مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ وَرُوَاتِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الَّتِي جَمَعَهَا وَحَذَفَ أَسَانِيدَهَا، نَقَلَهَا (5) مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ لِصَحِيحِهَا وَضَعِيفِهَا وَمَوْضُوعِهَا ; فَلِهَذَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّا.

وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَشْهَدُ الْمُسْلِمُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَقُولُهُ (6) ; فَإِنَّ حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَعْظَمُ مِنْ حُبِّ عَلِيٍّ، وَالسَّيِّئَاتُ تَضُرُّ مَعَ ذَلِكَ. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَضْرِبُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حِمَارٍ (7) فِي

(1) ك: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام.

(2)

ك: لَا تَنْفَعُ.

(3)

و: فَيُقَالُ أَمَّا كِتَابُ الْفِرْدَوْسِ.

(4)

أ، ن، ب، م: شَهْرَيَارُ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَهُوَ شِيرَوَيْهِ بْنُ شَهْرَدَارَ بْنِ شِيرَوَيْهِ بْنِ فَنَاخْسَرُو، وُلِدَ سَنَةَ 445 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 509، مُؤَرِّخٌ وَمُحَدِّثٌ، لَهُ تَارِيخُ هَمَذَانَ وَفِرْدَوْسُ الْأَخْيَارِ وَهُوَ كِتَابٌ كَبِيرٌ فِي الْحَدِيثِ اخْتَصَرَهُ ابْنُهُ شَهْرَدَارَ، وَاخْتَصَرَ الْمُخْتَصَرَ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، انْظُرْ تَرْجَمَةَ شِيرَوَيْهِ فِي شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/23 - 24، الْأَعْلَامِ 3/268

(5)

نَقَلَهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(6)

أ، ب: مَا يَقُولُهُ، وَلَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ وَلَكِنِّي وَجَدْتُ حَدِيثًا مَوْضُوعًا مُقَارِبًا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ 1 - 37 وَهُوَ: حُبُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَأْكُلُ السَّيِّئَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ. وَذَكَرَهُ أَيْضًا السُّيُوطِيُّ فِي اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ 1/355

(7)

و: عَبْدَ اللَّهِ حِمَارًا. ن، م: عَبْدَ اللَّهِ حِمَارٌ.

ص: 73

الْخَمْرِ، وَقَالَ:" إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ "(1) . وَكُلُّ مُؤْمِنٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يُحِبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَالسَّيِّئَاتُ تَضُرُّهُ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ وَعُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الشِّرْكَ يَضُرُّ صَاحِبَهُ وَلَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ (2) ، وَلَوْ أَحَبَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ; فَإِنَّ أَبَاهُ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يُحِبُّهُ وَقَدْ ضَرَّهُ الشِّرْكُ حَتَّى دَخَلَ النَّارَ، وَالْغَالِيَةُ يَقُولُونَ إِنَّهُمْ يُحِبُّونَهُ وَهُمْ كُفَّارٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " «لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» "(3) . وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ سَرَقَ لَقُطِعَتْ يَدُهُ وَإِنْ كَانَ يُحِبُّ عَلِيًّا، وَلَوْ زَنَى أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَوْ كَانَ يُحِبُّ عَلِيًّا، وَلَوْ قَتَلَ لَأُقِيدَ بِالْمَقْتُولِ وَإِنْ كَانَ يُحِبُّ عَلِيًّا. وَحُبُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمُ مِنْ حُبِّ عَلِيٍّ، وَلَوْ تَرَكَ رَجُلٌ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَفَعَلَ الْكَبَائِرَ لَضَرَّهُ ذَلِكَ مَعَ حُبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَيْفَ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ مَعَ حُبِّ عَلِيٍّ؟ .

(1) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/457 - 458

(2)

سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(3)

أ، ب: وَلَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ. . . وَالْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، وَجَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، 5/23 كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بَابُ ذِكْرِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ 4/175 كِتَابُ الْأَنْبِيَاءِ بَابُ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ وَنَصُّهُ فِيهِ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، وَفِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ. الْحَدِيثَ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ 8/160 كِتَابُ الْحُدُودِ بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، مُسْلِمٌ 3/1315 - 1316 كِتَابُ الْحُدُودِ، بَابُ قَطْعِ السَّارِقِ الشَّرِيفِ وَغَيْرِهِ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/188 كِتَابُ الْحُدُودِ بَابُ فِي الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيِّ وَالدَّارِمِيِّ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ.

ص: 74

ثُمَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُحِبِّينَ لَهُ الَّذِينَ رَأَوْهُ وَقَاتَلُوا مَعَهُ أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَكَانَ هُوَ دَائِمًا يَذُمُّهُمْ وَيَعِيبُهُمْ (1) وَيَطْعَنُ عَلَيْهِمْ وَيَتَبَرَّأُ مِنْ فِعْلِهِمْ بِهِ (2) ، وَدَعَا اللَّهَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُبْدِلَهُ بِهِمْ خَيْرًا مِنْهُمْ، وَيُبْدِلَهُمْ بِهِ شَرًّا مِنْهُ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ إِلَّا ذُنُوبُهُمْ بِتَخَاذُلِهِمْ فِي الْقِتَالِ مَعَهُ وَمَعْصِيَتِهِمْ لِأَمْرِهِ. فَإِذَا كَانَ أُولَئِكَ خِيَارَ الشِّيعَةِ وَعَلِيٌّ يُبَيِّنُ أَنَّ تِلْكَ الذُّنُوبَ تَضُرُّهُمْ فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهَا لِمَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ أُولَئِكَ؟ .

وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا (3) الْقَوْلُ كُفْرٌ ظَاهِرٌ (4) يُسْتَتَابُ صَاحِبُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ هَذَا مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " «وَبُغْضُهُ سَيِّئَةٌ لَا يَنْفَعُ مَعَهَا حَسَنَةٌ» " فَإِنَّ مَنْ أَبْغَضَهُ إِنْ كَانَ كَافِرًا فَكُفْرُهُ هُوَ الَّذِي أَشْقَاهُ، وَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا نَفَعَهُ إِيمَانُهُ وَإِنْ أَبْغَضَهُ (5) .

وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ (6) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ [أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:](7) حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ يَوْمًا خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ، وَمَنْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. وَقَوْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ:«أَنَا وَهَذَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ» . هُمَا حَدِيثَانِ

(1) وَيَعِيبُهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(2)

بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (م) .

(3)

أ، ب: وَبِالْجُمْلَةِ هَذَا.

(4)

ظَاهِرٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(5)

هُنَا يَنْتَهِي السَّقْطُ الطَّوِيلُ فِي (ح) ، (ر) ، (ي) .

(6)

ح، ر: وَمِنْهَا الَّذِي ذَكَرَهُ، ي: وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ.

(7)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ، (أ) ، (ي) .

ص: 75

مَوْضُوعَانِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ (1) . وَعِبَادَةُ سَنَةٍ فِيهَا الْإِيمَانُ وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كُلَّ يَوْمٍ وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يَقُومُ مَقَامَهُ حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ شَهْرًا؛ فَضْلًا عَنْ حُبِّهِمْ يَوْمًا.

وَكَذَلِكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ قَامَتْ بِالرُّسُلِ فَقَطْ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 165] . وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ الرُّسُلِ وَالْأَئِمَّةِ أَوِ الْأَوْصِيَاءِ (2) أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى حُبِّ عَلِيٍّ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ النَّارَ " مِنْ أَبْيَنِ الْكَذِبِ (3) بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ (4) ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى حُبِّ عَلِيٍّ لَمْ يَنْفَعْهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَعْمَلُوا صَالِحًا، وَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ دَخَلُوا الْجَنَّةَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا عَلِيًّا بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمْ يَخْطُرْ بِقُلُوبِهِمْ لَا حُبُّهُ وَلَا بُغْضُهُ.

(1) لَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ. أَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَقَدْ وَصَفَهُ بِالْوَضْعِ وَتَكَلَّمَ عَلَى رُوَاتِهِ الْوَضَّاعِينَ كُلٌّ مِنِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ 1/382 - 383 وَالسُّيُوطِيِّ فِي اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ، 1/365 - 366 وَالشَّوْكَانِيِّ فِي الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ ص 373. وَلَمْ يَنْقُلِ ابْنُ تَيْمِيَةَ كَعَادَتِهِ كَلَامَ ابْنِ الْمُطَهَّرِ بِنَصِّهِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ كَلَامَهُ هُنَا مُبَاشَرَةً مَعَ الرَّدِّ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ؛ وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ الْمُطَهَّرِ فِي ك ص 131 (م) ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَوْمًا خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ، وَمَنْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إِذْ أَقْبَلَ عَلِيٌّ عليه السلام فَقَالَ: أَنَا وَهَذَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ.

(2)

أَوِ الْأَوْصِيَاءِ: كَذَا فِي (أ) ، (ي)(ب)، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَالْأَوْصِيَاءِ.

(3)

و: الْمَكْذُوبَاتِ، وَهَذَا الْكَلَامُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُطَهَّرِ فِي (ك) ، ص 131 (م) بِهَذَا النَّصِّ، وَلَمْ يُفْرِدْهُ ابْنُ تَيْمِيَةَ بِكَلَامٍ مُسْتَقِلٍّ كَعَادَتِهِ مِنْ قَبْلُ.

(4)

ن، م: أَهْلِ الْعِلْمِ، و: أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.

ص: 76

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 112] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ 69] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ - الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ - وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أُولَئِكَ {جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ 133 - 136](1) فَهَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِمْ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ حُبِّ عَلِيٍّ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا - إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا - وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا - إِلَّا الْمُصَلِّينَ} [سُورَةُ الْمَعَارِجِ 19 - 22](2) إِلَى قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [سُورَةُ الْمَعَارِجِ 35] وَأَمْثَالُ ذَلِكَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ حُبُّ عَلِيٍّ.

وَقَدْ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِدَّةُ وُفُودٍ، وَآمَنُوا بِهِ، وَآمَنَ

(1) ن، م:(أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) إِلَى قَوْلِهِ: (فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) .

(2)

جَاءَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ كَامِلَةً فِي (أ) ، (ب) ، فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ:(هَلُوعًا) إِلَى قَوْلِهِ: (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) .

ص: 77

بِهِ طَوَائِفُ مِمَّنْ لَمْ يَرَهُ، وَهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا بِذِكْرِ عَلِيٍّ وَلَا عَرَفُوهُ، وَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْجَنَّةِ. وَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَى دَعْوَى حُبِّهِ الشِّيعَةُ الرَّافِضَةُ (1) وَالنُّصَيْرِيَّةُ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةُ، وَجُمْهُورُهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، بَلْ مُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ.

فَصْلٌ

وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْعَهْدِ الَّذِي عَهِدَهُ اللَّهُ (2) فِي عَلِيٍّ، وَأَنَّهُ رَايَةُ الْهُدَى وَإِمَامُ الْأَوْلِيَاءِ، وَهُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمَهَا لِلْمُتَّقِينَ (3) إِلَخْ (4) .

(1) أ، ب، ت، م، و: الشِّيعَةُ وَالرَّافِضَةُ.

(2)

أ، م، ح، ب: عَهِدَ اللَّهُ.

(3)

أ، ب، م: الْمُتَّقِينَ.

(4)

نَصُّ كَلَامِ ابْنِ الْمُطَهَّرِ فِي (ك) ص 131: وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فِي عَلِيٍّ عليه السلام، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ بَيِّنْهُ لِي، فَقَالَ: اسْمَعْ، فَقُلْتُ: سَمِعْتُ، فَقَالَ: إِنَّ عَلِيًّا رَايَةُ الْهُدَى، وَإِمَامُ الْأَوْلِيَاءِ، وَنُورُ مَنْ أَطَاعَنِي، وَهُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ، مَنْ أحَبَّهُ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُ أَبْغَضَنِي، فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ. فَجَاءَ عَلِيٌّ عليه السلام فَبَشَّرْتُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَفِي قَبْضَتِهِ، فَإِنْ يُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي، وَإِنَّ يُتِمَّ لِيَ الَّذِي بَشَّرْتَنِي فَاللَّهُ أَوْلَى بِي، قَالَ: فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَجْلِ قَلْبَهُ، وَاجْعَلْ رَبِيعَهُ الْإِيمَانَ، فَقَالَ اللَّهُ عز وجل: قَدْ فَعَلْتُ بِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّهُ رَفَعَ إِلَيَّ أَنَّهُ سَيَخُصُّهُ مِنَ الْبَلَاءِ شَيْءٌ لَمْ يُخَصَّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ أَخِي وَصَاحِبِي، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ، إِنَّهُ مُبْتَلًى وَمُبْتَلًى بِهِ، وَرَوَى صَاحِبُ كِتَابِ حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: آمَنَ (فِي الْأَصْلِ: أُومِنَ) مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، وَمَنْ تَوَلَّاهُ فَقَدْ تَوَلَّانِي، وَمَنْ تَوَلَّانِي فَقَدْ تَوَلَّى اللَّهَ عز وجل: وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: يَا عَلِيُّ مَنْ سَبَّكَ فَقَدْ سَبَّنِي، وَمَنْ سَبَّنِي فَقَدْ سَبَّ اللَّهَ، وَمَنْ سَبَّ اللَّهَ أَكَبَّهُ عَلَى مَنْخَرَيْهِ فِي النَّارِ. وَالْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ مِنْ قِبَلِ الْمُخَالِفِينَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، لَكِنِ اقْتَصَرْنَا فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ.

ص: 78

فَإِنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ (1) وَالْعِلْمُ. وَمُجَرَّدُ رِوَايَةِ صَاحِبِ الْحِلْيَةِ وَنَحْوِهِ (2) لَا تُفِيدُ وَلَا تَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ ; فَإِنَّ صَاحِبَ الْحِلْيَةِ قَدْ رَوَى فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَالْأَوْلِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً، بَلْ مَوْضُوعَةً بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ (3) ، وَهُوَ وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ أَهْلِ (4) الْحَدِيثِ ثِقَاتٌ فِيمَا يَرْوُونَهُ عَنْ شُيُوخِهِمْ، لَكِنَّ الْآفَةَ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَهُمْ. وَهُمْ لَمْ يَكْذِبُوا فِي النَّقْلِ عَمَّنْ نَقَلُوا عَنْهُ، لَكِنْ يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْ رِجَالِ الْإِسْنَادِ مِمَّنْ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ أَوْ يَغْلَطُ، وَهُمْ يُبَلِّغُونَ عَمَّنْ حَدَّثَهُمْ مَا سَمِعُوهُ مِنْهُ، وَيَرْوُونَ الْغَرَائِبَ لِتُعْرَفَ. وَعَامَّةُ الْغَرَائِبِ ضَعِيفَةٌ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:" اتَّقُوا هَذِهِ الْغَرَائِبَ، فَإِنَّ عَامَّتَهَا ضَعِيفَةٌ ".

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: هُوَ كَلِمَةُ التَّقْوَى. مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ (5) ، فَإِنَّ تَسْمِيَتَهُ (كَلِمَةً) مِنْ جِنْسِ تَسْمِيَةِ الْمَسِيحِ عليه السلام كَلِمَةَ اللَّهِ (6) وَالْمَسِيحُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَثَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ، خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، فَهُوَ مَخْلُوقٌ بِالْكَلِمَةِ. وَأَمَّا عَلِيٌّ فَهُوَ مَخْلُوقٌ كَمَا خُلِقَ

(1) بِالْحَدِيثِ: زِيَادَةٌ فِي (ح) ، (ب) .

(2)

وَنَحْوِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ح) ، (ب) ، (ر) .

(3)

أ، ب: بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ الذَّهَبِيُّ عَنِ السُّلَمِيِّ فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/46 - 47. قِيلَ: كَانَ يَضَعُ الْأَحَادِيثَ لِلصُّوفِيَّةِ، وَانْظُرْ لِسَانَ الْمِيزَانِ 5/140 - 141 وَسَبَقَتْ تَرْجَمَةُ السُّلَمِيِّ 2/465.

(4)

ح، ب: وَأَهْلِ.

(5)

ن، م: أَنَّهُ كَذِبٌ.

(6)

كَلِمَةَ اللَّهِ: كَذَا فِي (أ) ، (ب)، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: كَلِمَةً.

ص: 79

سَائِرُ النَّاسِ.

وَكَلِمَةُ التَّقْوَى مِثْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، مِنَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي يُصَدِّقُ الْمُؤْمِنُونَ بِمَضْمُونِهَا إِنْ كَانَتْ خَبَرًا (1) ، وَيُطِيعُونَهَا إِنْ كَانَتْ أَمْرًا، فَمَثَلُ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ، يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ.

وَكَلِمَةُ التَّقْوَى اسْمُ جِنْسٍ لِكُلِّ كَلِمَةٍ يُتَّقَى اللَّهُ فِيهَا (2) ، وَهُوَ الصِّدْقُ وَالْعَدْلُ.

فَكُلُّ مَنْ تَحَرَّى الصِّدْقَ فِي خَبَرِهِ، وَالْعَدْلَ فِي أَمْرِهِ فَقَدْ لَزِمَ كَلِمَةَ التَّقْوَى. وَأَصْدَقُ الْكَلَامِ وَأَعْدَلُهُ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَهُوَ أَخَصُّ الْكَلِمَاتِ بِأَنَّهَا كَلِمَةُ التَّقْوَى.

وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَمَّارٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ كِلَاهُمَا مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ (3) .

(1) أ، ن، م، و: خَيْرًا.

(2)

ح، ب، ق: بِهَا.

(3)

لَمْ أَجِدْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ.

ص: 80