الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَوْلُ الْقَائِلِ: " إِسْقَاطُ الْحُدُوثِ "(1) إِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْمُحْدَثَ عَدَمٌ ; فَهَذَا مُكَابَرَةٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ إِسْقَاطَ الْمُحْدَثِ مِنْ قَلْبِ الْعَبْدِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي قَلْبِهِ إِلَّا الْقَدِيمُ ; فَهَذَا إِنْ أُرِيدَ بِهِ ذَاتُ الْقَدِيمِ فَهُوَ قَوْلُ النُّسْطُورِيَّةِ مِنَ النَّصَارَى، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَعْرِفَتُهُ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَتَوْحِيدُهُ، أَوْ قِيلَ: مِثْلُهُ، أَوِ الْمِثْلُ (2) الْعِلْمِيُّ، أَوْ نُورُهُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ، فَإِنَّ قُلُوبَ أَهْلِ التَّوْحِيدِ مَمْلُوءَةٌ بِهَذَا، لَكِنْ لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ذَاتُ الرَّبِّ الْقَدِيمِ وَصِفَاتُهُ الْقَائِمَةُ بِهِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الِاتِّحَادِ الْعَامِّ فَيَقُولُونَ: مَا فِي الْوُجُودِ إِلَّا الْوُجُودُ الْقَدِيمُ، وَهَذَا قَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ.
وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ لَمْ يُرِدْ هَذَا، فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ بِتَكْفِيرِ هَؤُلَاءِ الْجَهْمِيَّةِ الْحُلُولِيَّةِ، الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَإِنَّمَا يُشِيرُ إِلَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضَ النَّاسِ.
وَلِهَذَا قَالَ: " أَلَاحَ مِنْهُ لَائِحًا إِلَى أَسْرَارِ طَائِفَةٍ مِنْ صَفْوَتِهِ ".
[الكلام على رؤية الله تعالى]
وَالِاتِّحَادُ وَالْحُلُولُ الْخَاصُّ وَقَعَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعُبَّادِ وَالصُّوفِيَّةِ وَأَهْلِ الْأَحْوَالِ ; فَإِنَّهُ (3) يَفْجَؤُهُمْ مَا يَعْجِزُونَ عَنْ مَعْرِفَتِهِ، وَتَضْعُفُ عُقُولُهُمْ عَنْ تَمْيِيزِهِ، فَيَظُنُّونَهُ ذَاتَ الْحَقِّ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَظُنُّ أَنَّهُ رَأَى اللَّهَ بِعَيْنِهِ، وَفِيهِمْ مَنْ يَحْكِي مُخَاطَبَاتِهِ (4) لَهُ، وَمُعَاتَبَاتِهِ (5) . وَذَاكَ كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ
(1) و: الْمُحْدَثِ.
(2)
ح: أَوْ مِثْلُ، ب: أَوِ الْمِثَالُ.
(3)
ح، ب: فَإِنَّهُمْ.
(4)
ح، ب: مُخَاطَبَتَهُ.
(5)
ح، ب: وَمُعَاتَبَتَهُ، ن، م: وَمُعَايَنَاتِهِ.
الْمِثَالِ الْعِلْمِيِّ الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ بِحَسَبِ إِيمَانِهِمْ بِهِ.
وَمِمَّا يُشْبِهُ الْمِثَالَ الْعِلْمِيَّ رُؤْيَةُ الرَّبِّ تَعَالَى (1) فِي الْمَنَامِ، فَإِنَّهُ يُرَى فِي صُوَرٍ (2) مُخْتَلِفَةٍ، يَرَاهُ كُلُّ عَبْدٍ (3) عَلَى حَسَبِ إِيمَانِهِ، وَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمَ إِيمَانًا مِنْ غَيْرِهِ رَآهُ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، وَهِيَ رُؤْيَةُ مَنَامٍ بِالْمَدِينَةِ، كَمَا نَطَقَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الْمَأْثُورَةُ عَنْهُ (4) ، وَأَمَّا لَيْلَةُ الْمِعْرَاجِ فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَعْرُوفَةِ أَنَّهُ رَآهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، لَكِنْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، رَوَاهُ الْخَلَّالُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي " إِبْطَالِ التَّأْوِيلِ "(5) ، وَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الرُّؤْيَةِ هُوَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
(1) و: رُؤْيَةُ الْحَقِّ.
(2)
ن، م، ر: صُورَةٍ.
(3)
كُلُّ عَبْدٍ كَذَا فِي (و) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: يَرَاهُ الْعَبْدُ.
(4)
رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (ط. الْمَعَارِفِ) 4/201 (رَقَمْ 2580)، 221 (رَقْمُ 2634) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" رَأَيْتُ رَبِّي تبارك وتعالى ". وَصَحَّحَ أَحْمَدْ شَاكِرْ الْحَدِيثَيْنِ وَقَالَ: " وَهُوَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ 1/78 وَقَالَ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ "، وَعَقَدَ أَبُو بَكْرٍ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي " كِتَابِ السُّنَّةِ " فَصْلًا بِعُنْوَانِ " بَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ تَعَالَى " (ص 188 - 193) أَوْرَدَ فِيهِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَقْمُ 433) وَقَدْ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ وَقَالَ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والْآجُرِّيُّ (ص 494) وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ "(ص 444) وَالضِّيَاءُ فِي " الْمُخْتَارَةِ "، وَانْظُرْ كَلَامَ الْأَلْبَانِيِّ عَلَى بَاقِي الْأَحَادِيثِ، وَقَدْ عَلَّقَ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 3/168 عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ:" يَعْنِي فِي الْمَنَامِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ الْأُخْرَى ".
(5)
سَبَقَتْ تَرْجَمَةُ أَبِي يَعْلَى 1/142 وَكِتَابُهُ " إِبْطَالُ التَّأْوِيلِ "، ذَكَرَهُ بروكلمان GAL الْمُلْحَقَ 3/503 وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَوْجُودٌ. عَلَى أَنَّهُ ظَهَرَ مَخْطُوطًا مُؤَخَّرًا، وَهُوَ مَوْضِعُ رِسَالَةٍ لِلدُّكْتُورَاةِ (دِرَاسَةٌ وَتَحْقِيقٌ) مُقَدَّمَةٌ إِلَى قِسْمِ الْعَقِيدَةِ بِكُلِّيَّةِ أُصُولِ الدِّينِ بِجَامِعَةِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ سُعُودٍ الْإِسْلَامِيَّةِ.
وَسَلَّمَ -، وَمَا قَالَهُ أَصْحَابُهُ، فَتَارَةً يَقُولُ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مُتَّبِعًا لِأَبِي ذَرٍّ ; فَإِنَّهُ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ بِفُؤَادِهِ (1) .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: «أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: " نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ» (2) . وَلَمْ يُنْقَلْ هَذَا السُّؤَالُ عَنْ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ. وَأَمَّا مَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ الْعَامَّةِ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ (3) : " نَعَمْ رَأَيْتُهُ "، وَأَنَّ عَائِشَةَ سَأَلَتْهُ، فَقَالَ:" لَمْ أَرَهُ " فَهُوَ كَذِبٌ، لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا يُجِيبُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ مُطْلَقًا، فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ (4) .
(1) ذَكَرْتُ فِي تَعْلِيقِي عَلَى كَلَامٍ مُمَاثِلٍ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي " دَرْءِ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ " 8/42 أَنَّنِي بَحَثْتُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " مُسْنَدِ أَبِي ذَرٍّ فِي الْجُزْءِ الْخَامِسِ مِنْ طَبْعَةِ الْحَلَبِيِّ "، فَلَمْ أَجِدْهُ. وَقُلْتُ:" وَلَعَلَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَوَاهُ فِي غَيْرِ الْمُسْنَدِ ". وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي كِتَابِ " التَّوْحِيدِ "(تَحْقِيقُ الشَّيْخِ مُحَمَّدُ خَلِيل هَرَّاس رحمه الله ط. الْقَاهِرَةِ 1387 1968) ص 208 وَنَصُّهُ: " حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ غَيْرَ مَرَّةٍ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثَنَا مَنْصُورٌ وَهُوَ ابْنُ زَاذَانَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الرِّشْكِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَنْبَأَ مَنْصُورٌ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الرِّشْكِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَرَهُ بِعَيْنِهِ ".
(2)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/636 - 637
(3)
وَ: سَأَلَهُ فَقَالَ.
(4)
انْظُرْ كِتَابَ الشَّرِيعَةِ لِلْآجُرِّيِّ بِتَحْقِيقِ الشَّيْخِ مُحَمَّد حَامِد الْفِقِي رحمه الله ط. السُّنَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ 1369 1950 ص 491 - 497 (وَانْظُرْ تَعْلِيقَاتِ الشَّيْخِ مُحَمَّد حَامِد) ، وَانْظُرْ كِتَابَ التَّوْحِيدِ لِابْنِ خُزَيْمَةَ ص 197 - 230 وَكِتَابَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ لِلْبَيْهَقِيِّ ص 433 - 447 تَحْقِيقُ الشَّيْخِ مُحَمَّد زَاهِد الْكَوْثَرِيُّ ط. السَّعَادَةِ 1358
فَلَمَّا كَانَ أَبُو ذَرٍّ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهِ اتَّبَعَهُ أَحْمَدُ، مَعَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ (1) . وَتَارَةً يَقُولُ أَحْمَدُ: رَآهُ. فَيُطْلِقُ (2) اللَّفْظَ وَلَا يُقَيِّدُهُ بِعَيْنٍ وَلَا قَلْبٍ (* اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ، وَتَارَةً يَسْتَحْسِنُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: رَآهُ. وَلَا يَقُولُ بِعَيْنٍ وَلَا قَلْبٍ *)(3)، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ الَّذِينَ بَاشَرُوهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: رَآهُ بِعَيْنِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ مَا نَقَلُوهُ عَنْ أَحْمَدَ الْخَلَّالِ فِي كِتَابِ " السُّنَّةِ " وَغَيْرِهِ (4) .
وَكَذَلِكَ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " رَآهُ بِعَيْنِهِ "، بَلِ الثَّابِتُ عَنْهُ إِمَّا الْإِطْلَاقُ، وَإِمَّا التَّقْيِيدُ بِالْفُؤَادِ.
وَقَدْ ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى (5) وَمَنِ اتَّبَعَهُ عَنْ أَحْمَدَ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ فِي رُؤْيَتِهِ تَعَالَى: إِحْدَاهَا: أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ، وَاخْتَارُوا ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ اخْتَارَهُ الْأَشْعَرِيُّ وَطَائِفَةٌ. وَلَمْ يَنْقُلْ هَؤُلَاءِ عَنْ
(1) رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ 1/158 - 159 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) أَثَرَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْأَوَّلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَآهُ بِقَلْبِهِ وَالثَّانِي، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:(مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)[سُورَةُ النَّجْمِ: 11](وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى [سُورَةُ النَّجْمِ: 13] قَالَ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ 5/70 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ النَّجْمِ) أَثَرًا عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِهِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ "، وَجَاءَ الْأَثَرُ بِنَفْسِ الْمَعْنَى فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/294 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِر رحمه الله فِي تَعْلِيقِهِ:" وَنَسَبَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ 6/124 أَيْضًا لِلطَّبَرَانِيِّ وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ".
(2)
ح، ب: وَيُطْلِقُ.
(3)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ح) .
(4)
لَعَلَّ كَلَامَ أَحْمَدَ وَرِوَايَتَهُ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ بِالْإِسْنَادِ رَوَاهُ عَنْهُ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ " السُّنَّةِ ".
(5)
ن: كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
أَحْمَدَ لَفْظًا صَرِيحًا بِذَلِكَ، وَلَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ الثَّابِتَ عَنْ أَحْمَدَ مِنْ جِنْسِ النُّقُولِ الثَّابِتَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِمَّا تَقْيِيدُ الرُّؤْيَةِ بِالْقَلْبِ، وَإِمَّا إِطْلَاقُهَا، وَأَمَّا تَقْيِيدُهَا بِالْعَيْنِ فَلَمْ يَثْبُتْ لَا عَنْ أَحْمَدَ وَلَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَأَمَّا مَنْ سِوَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ اتِّفَاقَ السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ بِعَيْنِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" «وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ» "(1) ، وَهَذَا لِبَسْطِهِ مَوْضِعٌ آخَرُ.
وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ السَّالِكِينَ يَرِدُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْوَالِ مَا يَصْطَلِمُهُ (2) ، حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ هُوَ الْحَقُّ، وَأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ، أَوْ أَنَّ الْحَقَّ يَتَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِهِ، أَوْ أَنَّهُ يَرَى الْحَقَّ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الَّذِي يُشَاهِدُونَهُ وَيُخَاطِبُونَهُ هُوَ الشَّيْطَانُ، وَفِيهِمْ مَنْ يَرَى عَرْشًا عَلَيْهِ نُورٌ، وَيَرَى الْمَلَائِكَةَ
(1) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ 4/2245 (كِتَابُ الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ، بَابُ ذِكْرِ ابْنِ صَيَّادٍ) . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ حَذَّرَ النَّاسَ الدَّجَّالَ: " إِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ مَنْ كَرِهَ عَمَلَهُ، أَوْ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ". وَقَالَ: " تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عز وجل حَتَّى يَمُوتَ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/345 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الدَّجَّالِ)، وَفِيهِ:" تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَنْ يَرَى. . الْحَدِيثَ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا الْحَدِيثُ حَسَنٌ صَحِيحٌ ".
(2)
قَالَ الْقَاشَانِيُّ فِي كِتَابِ " اصْطِلَاحَاتِ الصُّوفِيَّةِ "(تَحْقِيقُ د. مُحَمَّد كَمَال جَعْفَر، الْهَيْئَةُ الْمِصْرِيَّةُ الْعَامَّةُ لِلْكِتَابِ 1981) ص 30 " الِاصْطِلَامُ ": هُوَ الْوَلَهُ الْغَالِبُ عَلَى الْقَلْبِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْهَيَمَانِ ". وَقَالَ ابْنُ عَرَبِيٍّ فِي رِسَالَةِ " اصْطِلَاحَاتِ الصُّوفِيَّةِ " ص 240:" الِاصْطِلَامُ: نَوْعُ وَلَهٍ يَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ فَيَسْكُنُ تَحْتَ سُلْطَانِهِ ".