الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ، كَنِسْبَةِ الْأَعْمَامِ بَنِي الْجَدِّ الْأَعْلَى إِلَى الْجَدِّ الْأَعْلَى جَدِّ الْأَبِ، فَلَمَّا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ أَوْلَى مِنَ الْأَعْمَامِ، كَانَ الْجَدُّ الْأَدْنَى أَوْلَى مِنَ الْإِخْوَةِ.
وَهَذِهِ حُجَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ تَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْجَدِّ عَلَى الْإِخْوَةِ.
وَأَيْضًا فَالْقَائِلُونَ بِمُشَارَكَةِ الْإِخْوَةِ لِلْجَدِّ لَهُمْ أَقْوَالٌ مُتَعَارِضَةٌ مُتَنَاقِضَةٌ، لَا دَلِيلَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، كَمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ يَعْرِفُ الْفَرَائِضَ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ فِي الْجَدِّ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ دَائِمًا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ.
[كلام الرافضي على علم علي رضي الله عنه والرد عليه]
(فَصْلٌ)(1)
قَالَ الرَّافِضِيُّ (2) : " فَأَيُّ نِسْبَةٍ لَهُ بِمَنْ قَالَ (3) : سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، سَلُونِي عَنْ طُرُقِ السَّمَاءِ فَإِنِّي أَعْرَفُ بِهَا مِنْ طُرُقِ الْأَرْضِ (4) .، قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: رَأَيْتُ عَلِيًّا صَعِدَ الْمِنْبَرَ بِالْكُوفَةِ وَعَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مُتَقَلِّدًا بِسَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(* مُتَعَمِّمًا (5) بِعِمَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِي إِصْبَعِهِ (6) خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
(1) فَصْلٌ سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، وَفِي (ي) الْفَصْلُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ.
(2)
فِي (ك) ص 134 (م) 135 (م) .
(3)
ك: إِلَى مَنْ قَالَ.
(4)
ك: الْأَرْضِ، سَلُونِي عَمَّا دُونَ الْعَرْشِ
(5)
ن، م، ب: مُعْتَمًّا.
(6)
ن، م، ب: وَفِي يَدِهِ.
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - *) (1) فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَكَشَفَ (2) . عَنْ بَطْنِهِ، فَقَالَ: سَلُونِي [مِنْ](3) . قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَإِنَّمَا بَيْنَ الْجَوَانِحِ مِنِّي عِلْمٌ جَمٌّ، هَذَا سَفَطُ (4) . الْعِلْمِ، هَذَا لُعَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، هَذَا مَا زَقَّنِي (5) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زِقًّا (6) مِنْ غَيْرِ وَحْيٍ إِلَيَّ (7) ، فَوَاللَّهِ، لَوْ ثُنِيَتْ (8) . لِي وِسَادَةٌ فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا لَأَفْتَيْتُ أَهْلَ (9) . التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ، وَأَهْلَ (10) . الْإِنْجِيلِ بِإِنْجِيلِهِمْ، حَتَّى يُنْطِقَ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ فَتَقُولُ (11) : صَدَقَ عَلِيٌّ، قَدْ أَفْتَاكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيَّ، {وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} ".
وَالْجَوَابُ: أَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ " سَلُونِي " فَإِنَّمَا كَانَ يُخَاطِبُ بِهَذَا (12) . أَهْلَ الْكُوفَةِ لِيُعَلِّمَهُمُ الْعِلْمَ وَالدِّينَ ; فَإِنَّ غَالِبَهُمْ كَانُوا جُهَّالًا لَمْ يُدْرِكُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ الَّذِينَ (13) حَوْلَ مِنْبَرِهِ هُمْ أَكَابِرُ
(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ح) ، (ر) .
(2)
ح، ر، ب: فَكَشَفَ
(3)
مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
(4)
ن، م: ضَغَطُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(5)
ح، ب، م: رَزَقَنِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَفِي (ك) : زَفَّنِي بِهِ.
(6)
ح، ب، م: رِزْقًا.
(7)
ح، ب، ن، م، ي: مِنْ غَيْرِ وَحْيٍ أُوحِيَ إِلَيَّ.
(8)
لَوْ ثُنِيَتْ كَذَا فِي (م) ، (ك) ، وَفِي (ح) ، (ر)(ن) ، (ي) بُنِيَتْ وَفِي (ب) بُيِّتَتْ
(9)
ك: لِأَهْلِ
(10)
ك: وَلِأَهْلِ
(11)
ك: فَيَقُولُ، وَكُتِبَ بَيْنَ السُّطُورِ عِبَارَةٌ غَيْرُ وَاضِحَةٍ كَأَنَّهَا:" أَيْ كُلُّ وَرَقَةٍ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ".
(12)
ر، ح، ي: بِهَا
(13)
ح، م: الَّذِي
أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، الَّذِينَ تَعَلَّمُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعِلْمَ وَالدِّينَ، فَكَانَتْ رَعِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ أَعْلَمَ الْأُمَّةِ وَأَدْيَنَهَا، وَأَمَّا الَّذِينَ كَانَ عَلِيٌّ يُخَاطِبُهُمْ فَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ عَوَامِّ النَّاسِ التَّابِعِينَ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مِنْ شِرَارِ التَّابِعِينَ، وَلِهَذَا كَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَذُمُّهُمْ وَيَدْعُو عَلَيْهِمْ، وَكَانَ التَّابِعُونَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ خَيْرًا مِنْهُمْ.
وَقَدْ جَمَعَ النَّاسُ الْأَقْضِيَةَ وَالْفَتَاوَى الْمَنْقُولَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، فَوَجَدُوا أَصْوَبَهَا وَأَدَلَّهَا عَلَى عِلْمِ صَاحِبِهَا أُمُورَ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ.
وَلِهَذَا كَانَ مَا يُوجَدُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي وُجِدَ نَصٌّ يُخَالِفُهَا عَنْ عُمَرَ أَقَلَّ مِمَّا وُجِدَ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَلَا يَكَادُ يُوجَدُ نَصٌّ يُخَالِفُهُ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي يَفْصِلُ الْأُمُورَ الْمُشْتَبِهَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ مِنْهُمُ اخْتِلَافٌ عَلَى عَهْدِهِ. وَعَامَّةُ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ كَانَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ.
وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عَنْ عَلِيٍّ كَذِبٌ ظَاهِرٌ لَا تَجُوزُ نِسْبَةُ مِثْلِهِ إِلَى عَلِيٍّ ; فَإِنَّ [عَلِيًّا](1) . أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَبِدِينِ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَحْكُمَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، إِذْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ أَحَدٍ إِلَّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ (* وَإِذَا تَحَاكَمَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى إِلَى الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يَحْكُمُوا [بَيْنَهُمْ] (2) . إِلَّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ *) (3) كَمَا قَالَ تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ}
(1) ن، م: فَإِنَّهُ
(2)
بَيْنَهُمْ فِي (ب) فَقَطْ
(3)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ح) .
[سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 41] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 42] إِلَى قَوْلِهِ: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَائَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعْلِنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعكُمْ جَمِيعًا} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 48] إِلَى قَوْلِهِ: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 49](1) .
وَإِذَا كَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، أَنَّ الْحَاكِمَ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِلَّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، سَوَاءٌ وَافَقَ مَا بِأَيْدِيهِمْ (2) مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ أَوْ لَمْ يُوَافِقْهُ، كَانَ مَنْ نَسَبَ عَلِيًّا إِلَى أَنَّهُ (3) يَحْكُمَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، أَوْ يُفْتِيهِمْ بِذَلِكَ، وَيَمْدَحُهُ بِذَلِكَ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَجْهَلِ (4) النَّاسِ بِالدِّينِ، وَبِمَا يُمْدَحُ بِهِ صَاحِبُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ زِنْدِيقًا مُلْحِدًا أَرَادَ الْقَدْحَ فِي عَلِيٍّ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ، دُونَ الْمَدْحِ وَالثَّوَابِ.
(1) ن، م: لَفَاسِقُونَ الْآيَةَ.
(2)
ن، م: مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ.
(3)
ح، ر، ي، ب: إِلَى أَنْ.
(4)
ر: مِنْ جَهْلِ.