الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَزِيرَ ". قَالَ (1) : " وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا يَرْتَضِي لِنَفْسِهِ الْإِمَامَةَ " (2) .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا إِنْ كَانَ قَالَهُ (3) فَهُوَ أَدَلُّ دَلِيلٍ (4) عَلَى أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْإِمَامَ، وَذَلِكَ أَنَّ قَائِلَ هَذَا إِنَّمَا يَقُولُهُ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ أَنْ يُضَيِّعَ حَقَّ الْوِلَايَةِ، وَأَنَّهُ إِذَا وَلَّى غَيْرَهُ، وَكَانَ وَزِيرًا لَهُ، كَانَ أَبْرَأَ لِذِمَّتِهِ، فَلَوْ كَانَ عَلِيٌّ هُوَ الْإِمَامَ، لَكَانَتْ تَوْلِيَتُهُ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ إِضَاعَةً لِلْإِمَامَةِ أَيْضًا، وَكَانَ يَكُونُ وَزِيرًا لِظَالِمٍ غَيْرِهِ، وَكَانَ قَدْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ، وَهَذَا لَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَخَافُ اللَّهَ، وَيَطْلُبُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ.
وَهَذَا كَمَا لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ وَصَّى بِدُيُونٍ، فَاعْتَقَدَ الْوَارِثُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَهَا شَخْصٌ، فَأَرْسَلَهَا إِلَيْهِ مَعَ رَسُولِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا لَيْتَنِي (5) أَرْسَلْتُهَا مَعَ مَنْ هُوَ أَدْيَنُ مِنْهُ، خَوْفًا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ الْأَوَّلُ مُقَصِّرًا فِي الْوَفَاءِ، تَفْرِيطًا أَوْ خِيَانَةً. وَهُنَاكَ شَخْصٌ حَاضِرٌ يَدَّعِي أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلدَّيْنِ دُونَ ذَلِكَ الْغَائِبِ، فَلَوْ عَلِمَ الْوَارِثُ أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ ; لَكَانَ يُعْطِيهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِرْسَالِ بِهِ إِلَى ذَلِكَ الْغَائِبِ.
[كلام الرافضي على عدم خروج أبي بكر وعمر مع جيش أسامة والرد عليه]
(فَصْلٌ)(6)
قَالَ الرَّافِضِيُّ (7) : " وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي
(1) بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ مُبَاشَرَةً.
(2)
ك: يَرْتَضِي نَفْسَهُ لِلْإِمَامَةِ.
(3)
ح: أَنَّهُ إِنْ كَانَ هَذَا قَالَهُ.
(4)
ح، ر، ي: فَهُوَ مِنْ أَدَلِّ دَلِيلٍ.
(5)
ح، ب: قَالَ لَيْتَنِي.
(6)
سَقَطَتْ كَلِمَةُ فَصْلٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، وَفِي (ي) الْفَصْلُ الْعِشْرُونَ.
(7)
فِي (ك) ص 133 (م) .
مَرَضِ مَوْتِهِ، مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، مُكَرِّرًا لِذَلِكَ:«أَنْفِذُوا (1) جَيْشَ أُسَامَةَ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَخَلِّفَ عَنْ جَيْشِ أُسَامَةَ، وَكَانَ الثَّلَاثَةُ مَعَهُ، وَمُنِعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنْ ذَلِكَ» ".
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْمُتَّفَقِ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ عِنْدَ كُلِّ مَنْ يَعْرِفُ السِّيرَةَ (2) ، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُثْمَانَ فِي جَيْشِ أُسَامَةَ، وَإِنَّمَا رُوِيَ ذَلِكَ فِي عُمَرَ، وَكَيْفَ يُرْسِلُ أَبَا بَكْرٍ فِي جَيْشِ أُسَامَةَ، وَقَدِ اسْتَخْلَفَهُ يُصَلِّي بِالْمُسْلِمِينَ مُدَّةَ مَرَضِهِ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ مَرَضِهِ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ إِلَى الْخَمِيسِ إِلَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَمْ يُقَدِّمْ فِي الصَّلَاةِ بِالْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ، وَلَمْ تَكُنِ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّاهَا أَبُو بَكْرٍ بِالْمُسْلِمِينَ فِي مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً وَلَا صَلَاتَيْنِ، وَلَا صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ، حَتَّى يُظَنَّ مَا تَدَّعِيهِ الرَّافِضَةُ مِنَ التَّلْبِيسِ، وَأَنَّ عَائِشَةَ قَدَّمَتْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، بَلْ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ مُدَّةَ مَرَضِهِ، فَإِنَّ النَّاسَ مُتَّفِقُونَ (3) عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ، وَعَلَى أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ عِدَّةَ (4) أَيَّامٍ. وَأَقَلُّ مَا قِيلَ: إِنَّهُ صَلَّى بِهِمْ سَبْعَةَ عَشْرَةَ صَلَاةً، صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَخَطَبَ بِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
(1) انْفُذُوا: كَذَا فِي (ب)، (ك) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: نَفِّذُوا.
(2)
ح، ب: السِّيَرَ.
(3)
فِي هَامِشِ (ر)، (ي) كُتِبَ مَا يَلِي:" وُجِدَ فِي أَصْلِ الْأَصْلِ مَكْتُوبٌ بِخَطِّ مُصَنِّفِهِ مِنْ هُنَا إِلَى عِنْدِ قَوْلِهِ لَكِنْ خَرَجَ النَّبِيُّ ".
(4)
ح، ب: مُدَّةَ.
هَذَا مِمَّا تَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، وَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي بِهِمْ إِلَى فَجْرِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ: صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْفَجْرِ، وَكَشَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ، فَرَآهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا رَأَوْهُ كَادُوا يُفَتَنُونَ فِي صَلَاتِهِمْ، ثُمَّ أَرْخَى السِّتَارَةَ. وَكَانَ ذَلِكَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِهِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى قَرِيبًا مِنَ الزَّوَالِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ صَلَّى بِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ (1) الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَ (2) فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى بِهِمْ مُدَّةَ مَرَضِهِ كُلَّهَا، لَكِنْ (3)«خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ لَمَّا وَجَدَ خِفَّةً فِي نَفْسِهِ، فَتَقَدَّمَ وَجَعَلَ أَبَا بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْتَمُّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (4) ، وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِأَبِي بَكْرٍ» ، وَقَدْ كَشَفَ السِّتَارَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، وَهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَوَجْهُهُ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، فُسِّرَ بِذَلِكَ لَمَّا رَأَى اجْتِمَاعَ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَلَمْ يَرَوْهُ بَعْدَهَا.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا كَانَتْ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ. وَقِيلَ: صَلَّى خَلْفَهُ غَيْرَهَا.
فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْخُرُوجِ فِي الْغَزَاةِ وَهُوَ يَأْمُرُهُ بِالصَّلَاةِ بِالنَّاسِ؟ !
(1) مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) .
(2)
ح، ب: الَّتِي قِيلَ، وَبَعْدَ " قَبْلَ " يُوجَدُ بَيَاضٌ بِمِقْدَارِ كَلِمَةٍ فِي (ي) .
(3)
فِي هَامِشِ (ر) أَمَامَ هَذَا الْمَوْضِعِ كُتِبَ " كُتِبَ إِلَى هُنَا دُونَ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ فِي أَصْلِ الْأَصْلِ ".
(4)
عِنْدَ عِبَارَةِ " صلى الله عليه وسلم " تَنْتَهِي ص 241 وَكُتِبَ فِي أَسْفَلِ الصَّفْحَةِ مَا يَلِي: " اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يَلِي رَبْطَ آخَرِ هَذِهِ الْوَرَقَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَالنَّاسُ أَوَّلَ الْوَرَقَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَهُ فَتَنَبَّهْ "، وَوُجِدَتْ هَذِهِ الصَّفْحَةُ فِي غَيْرِ مَكَانِهَا فِي نُسْخَةِ (ي) إِذَا جَاءَتْ فِي ص 252
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ جَهَّزَ جَيْشَ أُسَامَةَ قَبْلَ أَنْ يَمْرَضَ، فَإِنَّهُ أَمَّرَهُ عَلَى جَيْشٍ عَامَّتُهُمُ الْمُهَاجِرُونَ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانُوا (1) ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَى أَهْلِ مُؤْتَةَ، وَعَلَى جَانِبِ فِلَسْطِينَ، حَيْثُ أُصِيبَ أَبُوهُ، وَجَعْفَرٌ، وَابْنُ رَوَاحَةَ، فَتَجَهَّزَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ لِلْغَزْوِ، وَخَرَجَ فِي ثِقَلِهِ إِلَى الْجَرْفِ، وَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا لِشَكْوَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةَ فَقَالَ:" «اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ وَالنَّصْرِ وَالْعَافِيَةِ. ثُمَّ أَغِرْ (2) حَيْثُ أَمَرْتُكَ أَنْ تُغِيرَ " قَالَ أُسَامَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَصْبَحْتَ ضَعِيفًا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ عَافَاكَ، فَأْذَنْ لِي فَأَمْكُثُ حَتَّى يَشْفِيَكَ اللَّهُ، فَإِنِّي إِنْ خَرَجْتُ وَأَنْتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ خَرَجْتُ وَفِي نَفْسِي مِنْكَ قُرْحَةٌ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْكَ النَّاسَ " فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ، فَلَمَّا جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ لِلْخِلَافَةِ أَنْفَذَهُ مَعَ ذَلِكَ الْجَيْشِ، غَيْرَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي (3) أَنْ يَأْذَنَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْإِقَامَةِ ; لِأَنَّهُ ذُو رَأْيٍ نَاصِحٍ لِلْإِسْلَامِ، فَأَذِنَ لَهُ، وَسَارَ أُسَامَةُ لِوَجْهِهِ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَصَابَ فِي ذَلِكَ (4) الْعَدُوِّ مُصِيبَةً عَظِيمَةً، وَغَنِمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَتَلَ قَاتِلَ أَبِيهِ، وَرَدَّهُمُ اللَّهُ سَالِمِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ» .
(1) ح، ب: وَكَانَ.
(2)
ن، م: ثُمَّ أَغِرْ.
(3)
فِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) .
(4)
ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (ي) .