الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"جمعية الهداية الإسلامية"، و"جمعية التمدن الإسلامي"، ما زالت تجاهد في هذا السبيل، والذي وقع أيام كنت هناك: أن وزير المعارف الدكتور عبد الرحمن بك الكيالي ألف لجنة من بعض مدرسي المعارف، وأعضاء الجمعيات الإسلامية، مثل: الأستاذ الشيخ محمود ياسين، والأستاذ الشيخ بهجة البيطار، والأستاذ الشيخ عبد القادر بن المبارك، لوضع منهج للتعليم الديني في مدارس الحكومة، ونرجو أن تكون اللجنة قد توفقت في وضع هذا المنهج، وأن وزارة المعارف قد تلقته بما يدل على إخلاصها في تأليف اللجنة، فتقوم على تنفيذه، وتجعل علوم الدين من العلوم التي ينبني عليها نجاح الطالب ورسوبه في الامتحان.
وأذكر أن فضيلة الأستاذ الشيخ طاهر الكيالي، من أفاضل علماء حلب، وهو من أجل من لقيت في الشام استقامة على الدين، قد كتب مذكرة لمعالي وزير المعارف الذي هو من آل الكيالي، يذكّر فيها بما للدين من فضل في رقي النشء وسعادة الأمة، ويطلب منه العناية بالتعليم الديني في المدارس، وجعله علماً أساسياً في الامتحان، يرتبط به نجاح الطالب وسقوطه.
*
الجمعيات الإسلامية في دمشق:
أنشئت منذ سنين "جمعية الهداية الإسلامية"، وحضرات قراء المجلة يعرفون كثيراً من أعمال هذه الجمعية مما ننشره لها في هذه المجلة من بيانات تذيعها إرشاداً للأمة، أو استنكاراً أو احتجاجاً على بعض ما يصدر من حكومة دمشق من تصرفات تخالف الدين، والحق أن هذه الجمعية تعدّ في مقدمة الجمعيات التي تصدع بالحق في شجاعة، ومن حضرات أعضائها: الأستاذ الشيخ محمود ياسين، والأستاذ السيد الشريف النص، والأستاذ السيد عارف الدوجي.
وأنشئت منذ سنين أيضاً "جمعية التمدن الإسلامي"، وحضرات أعضاء جمعيتنا يطلعون على مجلتها "التمدن الإسلامي"، ويقرؤون ما ينشر في هذه المجلة من المباحث الدينية والاجتماعية والتاريخية المفيدة، ومن حضرات أعضائها القائمين بشؤونها: الأستاذ حسن الشطي، والأستاذ الشيخ محمد أحمد دهمان نزيل مصر اليوم، والأستاذ الشيخ بهجة البيطار، والأستاذ الشيخ علي ظبيان، والأستاذ أحمد العظمة، ولهذه الجمعية أيضاً فضل كبير في تقويم سياسة الحكومة متى انحرفت عن سبيل الحق.
وأنشئت منذ سنين "الجمعية الغراء"، وفضل هذه الجمعية في مدارس أنشأتها لتعليم الدين والعربية، وقد وقع بينها وبين إدارة الأوقاف في العهد الأخير اتفاق على منهج للتعليم، يأتي -إن شاء الله- بفوائد كبيرة، وقد رأينا من مدير الأوقاف العام حسن بك الحكيم، ومدير أوقاف دمشق أبي نصر اليافي بك عناية بإصلاح شؤون الأوقاف، وعزماً على النهوض بالتعليم الديني على وجه صحيح، فنرجو لهم من الله التوفيق.
ومما أعجبت به في دمشق: جماعة من طلاب العلم يتلقون العلم عن فضيلة الأستاذ الشيخ حسن الميداني بمدرسة جامع منجك، ويهتدون بهديه، والأستاذ عالم مستنير الفكر، مستقيم على الآداب السامية، فصيح اللسان، وكثيراً ما دارت بينتا وبينه مذكرات في مسائل دينية وعربية، فنلقى منه ما ينبغي أن يتحلّى به أهل العلم من جودة النظر، وحسن الأناة، والتواضع والإنصاف.
وتم تأليف "جمعية العلماء" التي تركتها عندما غادرت دمشق بصدد التأليف، ورئيس هذه الجمعية حضرة صاحب الفضيلة الزعيم المخلص الأستاذ الشيخ محمد كامل القصاب، وأخذت هذه الجمعية تعمل للغرض الذي أنشئت
من أجله، وهو الذود عن حمى الشريعة، والعمل للمحافظة على كرامة العلم، ورفعة مكانة أهله، وسننشر لها في الجزء التالي رداً على مديرية الأوقاف بدمشق.
والخلاصة: أن في دمشق جمعيات إسلامية يقوم بها رجال يجمعون إلى الغيرة شجاعة أدبية، ونرجو أن تقدر حكومة دمشق قدرهم، وتفتح صدرها لما يقدمونه لها من نصائح، وتتلقى هذه النصائح بالقبول والتشجيع؛ فإن هذه الجمعيات هي التي تعبر عن آراء الأمة تعبيراً صادقاً، وإنما تنجح الحكومات وتقوم على قاعدة العدل، متى أقامت لآراء الأمة وزناً، ولم تقصر نظرها على ما تملك من قوة.
وأضيف إلى هذا: أن في دمشق قاضياً عادلاً غيوراً على دينه، هو الشيخ عبد المحسن الأسطواني، ووجود مثل هذا القاضي الفاضل في مقدمة رجال الدين، مما يزيدهم قوة على تأدية الأمانة التي وضعها الله في أعناقهم؛ من حراسة الشريعة، والذبّ عن حماها بألسنة لا تعرف الملق، وقلوب لا تستهويها زهرة الحياة الدنيا.
وممن لقيتهم على جانب عظيم من الاهتمام بالحالة الدينية في الشرق، وتتبع ما يظهر في مصر وغيرها من الآراء الدينية: حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ جميل الشطي مفتي الحنابلة، ولهذا المفتي الفاضل مواقف محمودة تشهد بأنه قائم على تاريخ علماء الإسلام الذين لا يرون الوظيفة إلا وسيلة لخدمة الشريعة، ولا ينبغي أن تكون كمامة على فم العالم تمنعه من أن يصدع بالحق، أو تفعل به ما تفعل أم الخبائث، فتهبط به إلى أن يقول غير الحق.