الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الجد والعمل:
يعمل الأمان في حياتهم على شاكلة سياسيهم الكبير (بسمارك) القائل: "إن استراح، صدئ". فإذا رأيتهم -لا سيما في غرة النهار- وهم ينتشرون في الأرض بخطاً سريعة. ونشاط، يتمثل لك الجد في أوسع مظهره، وينكشف لك الفرق ما بين العامل والقاعد في أجلى صوره.
وفي بعض إحصائيات ليست ببعيدة أن (52) في المئة من السكان يرتزقون من الصنائع، وأن المعامل المنشأة في شمال المدينة وشرقها تحتوي على أكثر من ثلاث مئة ألف عامل.
لا يلاقي المتجول في أنحاء المدينة -على سعة منطقتها - طائفة تتسول، أو يسمع لها نغمًا، وتخطر لي ذكرى أني لم ألق من السائلين في أشهر الإقامة هناك أكثر من عدد أنامل الكف الواحدة، وهم إما رجل قطع جناحه، أو عجوز بلغت من الكبر عتياً، ولا عجب إذ لم نشاهد كثيراً من العجزة يتكففون؛ فإن في الباب التاسع عشر من قوانينهم المدنية: أن تقوم الحكومة بعيش من قعد به العجز على الاكتساب بنفسه.
*
المعاهد العلمية:
تأسست في برلين كلية يعمرها (250) أستاذاً، و (6000) تلميذ، ومن شعبها: مدرسة الألسن الشرقية، المنشأة في سنة نيف. 1880، ويتعلم في هذه الشعبة نحو (500) تلميذ.
والمدارس من غير هذه الكية لم أجد بها حساباً، وإنما عرفت منها مدرسة للصناع بها نحو (3000) تلميذ، ومدرسة للزراعة بها (1000) تلميذ، ومدرسة لطب الحيوان بها (500) تلميذ، ومدرسة للمهندسين بها (4000) تلميذ.
وأنشؤوا منذ خمس سنوات داراً في "دالم" على جانب من برلين، وجلبوا إليها كل ما يفتقر إليه علماء الطبيعة من أدوات التجربة والوسائل المساعدة على البراعة الفائقة في هذا العلم، والمقدرة الواسعة في استنباط نتائجه، وقد أصبحت هذه المحلة دار إقامة لكثير من علماء الطبيعة.
وشرع (فريدريك الأول) الذي نُصّب ملكاً على "بروسيا" في أوائل المئة الثامنة عشرة، بإنشاء دار كتب يقدر ما في خزائنها من المجلدات بمليون ونصف. ومن بينها قسم للكتب التركية، وآخر للكتب العربية. طفت بعض خزائن هذا القسم، فكنت أتناول كتاباً بعد آخر، فأجدهما مختلفين في فنيهما اختلافاً بعيداً، ثم طالعت الفهرس، فألفيته مرتباً على حروف المعجم، بحيث تسرد فيه الكتب التي تشترك بأوائل أسمائها في حروف من حروف الهجاء على نسق واحد، وإن تفرقت في موضوعات فنونها. فقرأت في حرف الهمزة مثلاً:"أحكام القرآن" لابن العربي، "إسعاف المبطي"، "الإعلام بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ"، "إنفاذ الأوامر الإلهية بنصرة العساكر العثمانية وإنقاذ الجزيرة العربية". وخصوا قسماً منها بالخرائط الجغرافية العتيقة والحديثة، وبها معرض نضدوا فيه آثار الخطوط العتيقة، وما سبق لحروفها من الأشكال الغريبة، وفتحوا في طبقتها الأولى للمطالعة محلاً سمكوا بناءه في شكل مثمن فسيح، وصففوا فيه مكاتب وكراسي في دائرة كبيرة، ومن فوق كل مكتبة مسرجة من الكهرباء، وأعدوا قبالة هذا المحل بهواً في شكل مربع مستطيل لمطالعة الجرائد والمجلات خاصة، ويماثله في طبقة عالية محل لمطالعة الكتب العربية والتركية، أو النسخ منها.
ولا يمكَّن أحدٌ من كتاب إلا إذا كانت بيده ورقة الإذن في المطالعة،