المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أثر الرحلة في حياة الراحل: - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - ١١/ ٣

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(22)«الرِّحْلات»

- ‌المقدمة

- ‌أثر الرّحلة في الحياة العلمية والأدبية

- ‌ الرحلة في نظر الإسلام:

- ‌ المثبطات عن الرحلة:

- ‌ علاج هذه المثبطات:

- ‌ فوائد الرحلة:

- ‌ أثر الرحلة في حياة الراحل:

- ‌ ماذا يستفيد قوم الرجل من رحلته

- ‌ ماذا تستفيد البلد ممن يرحلون إليهم من ثمرات أفكارهم

- ‌ أثر الرحلة في تنمية العلوم:

- ‌ أثر الرحلة في ثراء الأدب:

- ‌ أثر الرحلة في تعارف الشعوب:

- ‌النهضة للرّحلة

- ‌الرحلة الجزائرية

- ‌ سوق أهراس:

- ‌ تبسة:

- ‌ عين البيضاء:

- ‌ قسنطينة:

- ‌ باتنة:

- ‌ عاصمة الجزائر:

- ‌خلاصة الرّحلة الشرقية

- ‌ الوصول إلى مالطة:

- ‌ السفينة في مرسى الإسكندرية:

- ‌ رسالة "الدعوة إلى الإصلاح

- ‌ الطريق إلى القاهرة:

- ‌ زيارة مساجد ومعاهد القاهرة:

- ‌ صلاة الجمعة بالأزهر:

- ‌ مسامرات علمية:

- ‌ الصلاعة:

- ‌ إنا أنزلناه في ليلة مباركة:

- ‌ درس في التفسير:

- ‌ تعليم الصبيان:

- ‌ إلقاء درس في التفسير:

- ‌ الاجتماع بأهل العلم والفضل:

- ‌ زيارة بورسعيد:

- ‌ الرسوُّ في يافا:

- ‌ جولة قصيرة في حيفا:

- ‌ المرور في بيروت إلى دمشق:

- ‌ مع علماء وفضلاء دمشق:

- ‌ صلاة الجمعة في المسجد الأموي:

- ‌ زيارة مقام ابن العربي:

- ‌ المكتبة الظاهرية ودار الحديث:

- ‌ مسامرات أدبية:

- ‌ محادثات علمية في المدرسة التجارية بدمشق:

- ‌ خضاب الشيب:

- ‌ الشيخ عبد القادر الخطيب:

- ‌ درس في الجامع الأموي:

- ‌ درس آخر في المسجد الأموي:

- ‌ رسالة "الحرية في الإسلام

- ‌ حفل علمي:

- ‌ احتفال علمي بتوزيع الشهادات:

- ‌ الأستاذ أحمد كرد علي:

- ‌ أثر حياة الأمير عبد القادر:

- ‌ ليلة العيد:

- ‌ من دلائل النبوة:

- ‌ زيارة القبور:

- ‌ محاورة مع الشاعر خير الدين الزركلي:

- ‌ الشيخ عطاء الكسم:

- ‌ قصيدة في تسمية حروف الهجاء:

- ‌ لقاء مع رجالات دمشق:

- ‌ فراق دمشق:

- ‌ المبيت في المريجات:

- ‌ محاضرة شفيق المؤيد:

- ‌ مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا:

- ‌ الشيخ راغب التميمي:

- ‌ بين الاستبداد والعدل:

- ‌ بحث في الحرية:

- ‌ نفحة شعرية:

- ‌ رسالة للشيخ البوسي:

- ‌ الشيخ سيدي محمد المكي بن عزوز:

- ‌ كلام على اللؤلؤ:

- ‌ مكانة العلم:

- ‌ معنى كلمة المسجد:

- ‌ ساعات في الإسكندرونة:

- ‌ التعصب للمذهب:

- ‌ النزول في أزمير:

- ‌ الوصول إلى إستنبول:

- ‌ الكلام على الحلول والاتحاد:

- ‌ الخطباء من الترك:

- ‌ الشيخ إسماعيل الصفايحي:

- ‌ تسمية كتاب "الشفا

- ‌ عيادة مريض:

- ‌ حديث المهدي:

- ‌ الشيخ عبد العزيز جاويش:

- ‌ فضيلة الاتحاد:

- ‌ زيارة مكتبات استنبول:

- ‌ بين القديم والحديث:

- ‌ الشيخ إبراهيم ظافر:

- ‌ دار الفنون ومدرسة الواعظين:

- ‌ القفاز:

- ‌ عطلة يوم الثلاثاء:

- ‌ فاتحة الرسائل:

- ‌ سياسة الدول:

- ‌ وعكة صحية:

- ‌ القمر ليلة أربعة عشر:

- ‌ الخضر عليه السلام

- ‌ مغادرة الآستانة:

- ‌ منار أزمير:

- ‌ منار نابولي:

- ‌ جولة في مرسيليا:

- ‌ العودة إلى تونس:

- ‌حديث عن رحلتي إلى دمشق

- ‌ بعض ما كتبته الصحف عن هذه المجامع:

- ‌ الكلمة التي ألقيتها في منزل الدكتور المالكي:

- ‌ المحاضرة بالمجمع:

- ‌ إلقاء درس بالجامع الأموي:

- ‌ إلقاء درس حديث بجامع باب مصلى:

- ‌ الحالة الدينية بدمشق:

- ‌ الجمعيات الإسلامية في دمشق:

- ‌رحلتي إلى سورية ولبنان

- ‌مشاهد برلين

- ‌ مقدمة:

- ‌ من ذكرياته وأقواله في ألمانيا:

- ‌ شعره في ألمانيا:

- ‌ مرافق الحياة:

- ‌ الديانة:

- ‌ الجد والعمل:

- ‌ المعاهد العلمية:

- ‌ نظامات علمية:

- ‌ مشروعات خيرية:

- ‌ ترجمتهم للقرآن:

- ‌ عنايتهم بالعربية:

- ‌ عنايتهم باللسان العثماني:

- ‌ أخلاق وآداب:

- ‌ نقودهم:

- ‌ كلمة في الموسيقى:

- ‌ اللغة ونبذة من آدابها:

- ‌ ضبط إداري:

- ‌ العقوبة البدنية:

- ‌ مسجد الأسرى:

- ‌ خطاب الإمام محمد الخضر حسين في تدشين مسجد ببرلين في أثناء الحرب

الفصل: ‌ أثر الرحلة في حياة الراحل:

وقال آخر:

تقول سليمى لو أقمت بأرضنا

ولم تدر أني للمقام أطوفُ

وقال ابن دراج:

ألم تعلمي أن الثواء هو النوى

وأن بيوت العاجزين قبور

ويروى: أن المأمون أراد الخروج في بعض الحروب، فوقفت له جارية ممن شغف بهن، ورغبت إليه أن لا يخرج، فقال: لولا قول جرير:

قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم

دون النساء ولو باتت بأطهارِ

لما خرجت.

*‌

‌ فوائد الرحلة:

إذا درسنا تاريخ العلماء والأدباء الذين رحلوا عن أوطانهم، ووجهنا النظر إلى ما نتج عن رحلاتهم من فوائد تعود عليهم أنفسهم، أو على قومهم، أو على الأوطان التي نزلوا بها، وقفنا على فوائد كثيرة يقدرها الباحثون عن وسائل رقي الأفراد والجماعات.

*‌

‌ أثر الرحلة في حياة الراحل:

من أنفس ما يكسبه الرجل في رحلته: أن يعلم أشياء لم يكن يعلمها من قبل، فكم من عالم لم يبلغ المقام الذي يشار إليه بالبنان إلا بالرحلة! ولابن خلدون في "المقدمة" مقالة افتتحها بقوله:"إن الرحلة في طلب العلم ولقاء الأساتذة مزيد كمال من التعلم"، وختمها بقوله:"فالرحلة لابد منها في العلم لاكتساب الفوائد والكمال بلقاء المشايخ والتلقي عن الرجال".

وفي الرحلة عون على التمكن من بعض الأخلاق السامية، مثل: خلق

ص: 10

الصبر؛ لكثرة ما يلاقيه الراحل من متاعب بدنية، وآلام نفسية، ومثل: أدب المداراة؛ فإن البعيد عن وطنه أشد شعوراً بالحاجة إلى هذا الأدب ممن يعيش بين قوم يعرفون من حسبه ومكانة بيته ما يجعل صراحته خفيفة على أسماعهم.

ولا يخلو الراحل من أن يلاقي في رحلته رجالاً صاروا مثلاً عالية في مكارم الأخلاق، فيزداد بالاقتداء بهم كمالاً على كمال.

بقي يحيى بن يحيى بن بكير النيسابوري عند مالك بعد أن أتم الرواية عنه، وقال: أقمت لأستفيد من شمائله.

وقد يرى الرجل في وطنه سلطاناً طاغياً، وحكماً جائراً، فيتخلص بالرحلة إلى بلد يكون مجال الحرية فيه أوسع.

كان أَبو جعفر أحمد بن صابر القيسي كاتباً للأمير أبي سعيد فرج بن الأحمر ملك الأندلس، فكان يرفع يديه في الصلاة على ما صح في الحديث، فبلغ ذلك السلطان، فتوعده بقطع يده، فقال: إقليم تمات فيه سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يتوعد بقطع اليد عليها، لجدير أن يرحل منه، فخرج، وقدم مصر.

وقد ينشأ الفتى في نبوغ، ويضيق بلده عن أنظاره الواسعة، فيرحل إلى مدينة تكون أوسع مجالاً للآراء الخطيرة، فتعظم مكانته، ويكثر الانتفاع بحكمته، ولولا الرحلة، لما عظم شأنه، ولما كثرت ثمرات نبوغه.

أذكر أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام مر عند خروجه من الشام بالكرك، فتلقاه صاحبها، وسأله الإقامة عنده، فقال له الشيخ: بلدك صغير عن علمي. وتوجه إلى القاهرة.

وأسوق شاهداً على هذا: أن القاضي يوسف بن أحمد بن كج الدينوري

ص: 11

قد بلغ في العلم مرتبة كبيرة، وقال له بعض من لقيه: يا أستاذ! الاسم لأبي حامد الغزالي، والعلم لك، فقال القاضي: ذاك رفعته بغداد، وأنا حطتني الدينور.

وقد تكون رحلة العالم أو الأديب من أسباب ظهور علمه أو أدبه، وانتشاره في الآفاق.

قال الأديب أَبو بكر المعروف بابن بقي:

ولي همم ستقذف بي بلاداً

نأت إما العراق أو الشآما

لكيما تحمل الركبان شعري

بوادي الطلح أو وادي الخزامى

وكيما تعلم الفصحاء أني

خطيب علّم السجع الحماما

وقد أطلعتهن بكل أرض

بدوراً لايفارقن التماما

وربما أدرك الرجل في وطنه ضيق عيش يخشى أن يعوقه عن الازدياد من العلم، أو التفرغ لنشره بالتدريس والمذاكرة، فيرحل حيث يلقى كفافاً أو يساراً يساعده على أن يقبل على الدرس والبحث بنفس مطمئنة.

رحل القاضي عبد الوهاب بن نصر من بغداد إلى مصر، ونبه على سبب رحلته فقال:

سلامٌ على بغداد في كل موطنٍ

وحوّلها مني السلام المضاعف

فو الله ما فارقتها على قلى لها

وإني بشطي جانبيها لعارف

ولكنها ضاقت عليّ بأسرها

ولم تكن الأرزاق فيها تساعف

وكذلك قال أَبو سعد النبرماني:

فقد سرت في شرق البلاد وغربها

وطوّفت خيلي بينها ورِكابِيا

ص: 12