المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: صور من انحرافات المعتزلة عن السنة - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني: بم يدرك حسن الأفعال وقبحها والثواب عليها والعقاب عند المعتزلة

- ‌المبحث الثالث: رأي المعتزلة في أفعال العباد

- ‌المبحث الرابع: أفعال التولد

- ‌المبحث الخامس: رأي المعتزلة في اللطف والصلاح والأصلح ومناقشتهم

- ‌المطلب الأول: مسالة اللطف

- ‌المطلب الثاني: مسألة الصلاح والأصلح

- ‌المبحث السادس: رأي المعتزلة في بعثة الرسل

- ‌الفصل الرابع: الأصل الثالث الوعد والوعيد

- ‌المبحث الأول: رأي المعتزلة في الوعد

- ‌المطلب الأول: عرض ما تيسر من شبهات المعتزلة التي يؤيدون بها رأيهم في الوعد مع المناقشة

- ‌المبحث الثاني: رأي المعتزلة في الوعيد

- ‌المطلب الأول: شبهات المعتزلة التي أيدوا بها رأيهم في الوعيد مع المناقشة:

- ‌المبحث الثالث: حقيقة الشفاعة ورأي المعتزلة فيها

- ‌المطلب الأول: عرض ما تيسر من شبهات المعتزلة التي يؤيدون بها رأيهم في الشفاعة مع المناقشة

- ‌المبحث الرابع: الإحباط والتكفير عند المعتزلة ومناقشتهم

- ‌المطلب الأول: رأي المعتزلة في الإحباط

- ‌الفصل الخامس: الأصل الرابع المنزلة بين المنزلتين

- ‌الفصل السادس: الأصل الخامس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الأول: رأي المعتزلة في حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأقسامه

- ‌المطلب الأول: حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند المعتزلة وأقسامه:

- ‌المبحث الثاني: رأي المعتزلة في الوسيلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحكم الخروج على السلطان وقتال المخالف لهم، وهل يفرقون بين قتال الكافر والفاسق

- ‌المبحث الثالث: مناقشة رأي المعتزلة في الوسيلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع بيان رأي أهل السنة:

- ‌المبحث الأول: حقيقة الإيمان عند المعتزلة

- ‌المبحث الثاني: الصلة بين الإيمان والإسلام

- ‌المبحث الثالث: زيادة الإيمان ونقصه

- ‌المبحث الرابع: منهج المعتزلة في تعامله مع اللغة العربية لتقرير العقائد

- ‌المبحث الأول: منهج المعتزلة في تفسير القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: موقف المعتزلة من السنة

- ‌المبحث الثالث: صور من انحرافات المعتزلة عن السنة

- ‌المبحث الأول: التطور الفكري للمعتزلة

- ‌المبحث الثاني: التطور السياسي للمعتزلة

- ‌المطلب الأول: نشأة الفرقة وتكونها في العصر الأموي

- ‌المطلب الثاني: المعتزلة في العصر العباسي

- ‌المطلب الثالث: المعتزلة بعد المتوكل

- ‌المطلب الرابع: المعتزلة في عصر البويهيين

- ‌المبحث الأول: وظيفة العقل في الإسلام

- ‌المبحث الثاني: مجال العقل في الإسلام

- ‌المبحث الثالث: نشأة الفرق العقلية

- ‌المبحث الرابع: مفهوم العقل عند المعتزلة

- ‌المبحث الخامس: من مباحث المعتزلة المجافية للعقل والمخالفة للسنة

- ‌المبحث الأول: موقف المعتزلة من الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌المبحث الثاني: أثر أصولهم الخمسة العقدية في آرائهم الأصولية

- ‌المبحث الثالث: مناقشة المعتزلة في خوارق العادات

- ‌المبحث الرابع: موقف المعتزلة من الحكمة والتعليل

- ‌المبحث الخامس: ذكر ما حرفت المعتزلة من معاني التنزيل لإبطال صفة الكلام

- ‌المبحث السادس: بين المعتزلة والقدرية والجهمية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: نماذج من تأويلات المعتزلة لنصوص الصفات والقدر

- ‌المطلب الثاني: مقارنة بين منهج المعتزلة ومنهج الجهمية في التأويل

- ‌المطلب الثالث: ذكر شبه المعتزلة في القول بخلق القرآن ونقضها

- ‌المطلب الرابع: أفول المدرسة العقلية القديمة:

- ‌المطلب الخامس: موقف السلف من المعتزلة وتأويلاتهم

- ‌المبحث الثامن: المعتزلة في ميزان أئمة السلف

- ‌المبحث الأول: المدرسة العقلية الحديثة وفكر الاعتزال

- ‌المبحث الثاني: نشأة المدرسة العقلية الحديثة

- ‌المطلب الأول: جمال الدين الأفغاني

- ‌المطلب الثاني: محمد عبده

- ‌المبحث الرابع: أثرها في الفكر الإسلامي الحديث

- ‌المبحث الخامس: موقف المدرسة العقلية الحديثة من السنة النبوية

- ‌المبحث السادس: موقف علماء المسلمين منهم

- ‌المبحث السابع: موقف الاستعمار البريطاني منهم واعترافه بما قدموه له من خدمات

- ‌النتيجة

- ‌الخاتمة

- ‌الفصل الأول: وجود الخوارج في الماضي والحاضر

- ‌المبحث الأول: تعريف الخوارج لغة

- ‌المبحث الثاني: تعريف الخوارج اصطلاحا

- ‌الفصل الثالث: نشأة الخوارج

- ‌الفصل الرابع: أسماء الخوارج

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: النزاع حول الخلافة

- ‌المبحث الثاني: قضية التحكيم

- ‌المبحث الثالث: جور الحكام وظهور المنكرات بين الناس

- ‌المبحث الرابع: العصبية القبلية

- ‌المبحث الخامس: العامل الاقتصادي

- ‌المبحث السادس: الحماس الديني

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: نشأة فرق الخوارج وأسبابها

- ‌المبحث الثاني: مناهج مؤرخي الفرق في ذكر فرق الخوارج

- ‌المطلب الأول: المحكمة

- ‌المطلب الثاني: الأزارقة

- ‌المطلب الثالث: النجدات

- ‌المطلب الرابع: الإباضية

- ‌المطلب الخامس: البيهسية

- ‌المطلب السادس: الصفرية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: حركات الخوارج على الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد النهروان

- ‌المبحث الثاني: حركات الخوارج الثورية ضد الحكم الأموي

- ‌المبحث الثالث: حركات الخوارج الثورية على الدولة العباسية

- ‌المبحث الأول: شجاعتهم وسرعة اندفاعهم

- ‌المبحث الثاني: مبالغتهم في العبادة والزهد

- ‌المبحث الثالث: فصاحتهم وقوة تأثيرهم

- ‌المبحث الرابع: صدقهم في الحديث

- ‌المبحث الخامس: ميلهم إلى الجدل وقوتهم فيه

- ‌المطلب الأول: بين العقل والشرع في التحسين والتقبيح

- ‌المطلب الثاني: بين ظاهر النص والتأويل

- ‌تمهيد

- ‌1 - صفات الله تعالى

- ‌2 - رؤية الله تعالى

- ‌3 - القول بخلق القرآن

- ‌4 - القدر

- ‌1 - وجود الجنة والنار قبل يوم القيامة

- ‌2 - عذاب القبر

- ‌3 - الشفاعة

- ‌4 - الميزان

- ‌5 - الصراط

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: حقيقة الإيمان

- ‌المطلب الثاني: زيادة الإيمان ونقصه

- ‌المطلب الثالث: العلاقة بين الإسلام والإيمان

- ‌المطلب الأول: الحكم بتكفير العصاة كفر ملة

- ‌المطلب الثاني: الحكم بتكفير العصاة كفر نعمة

- ‌المطلب الثالث: حقيقة القول بالمنزلة بين المنزلتين عند الإباضية

- ‌المطلب الرابع: وجوب الوعد والوعيد

- ‌المطلب الخامس: أدلة الخوارج على تكفير العصاة والرد عليها

- ‌أ- أدلتهم من الكتاب والرد عليها:

- ‌ب- أدلة الخوارج من السنة والرد عليها:

- ‌المطلب السادس: أدلة الإباضية على تكفير المذنبين كفر نعمة والرد عليها

- ‌المطلب السابع: تعقيب على آراء الخوارج في أمر العصاة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: حكم الإمامة

- ‌المطلب الثاني: وحدة الإمامة

- ‌المطلب الثالث: شروط الإمام

- ‌المطلب الرابع: محاسبة الإمام والخروج عليه

- ‌المطلب الخامس: رأي الخوارج في إمامة المفضول

- ‌المطلب السادس: رأي الخوارج في إمامة المرأة

- ‌المطلب السابع: الفرق بين الخوارج والشيعة في الإمامة

- ‌المبحث السادس: آراء الخوارج في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌تمهيد:

- ‌أ- القول بعدم جواز التقية

- ‌ب- القول بجواز التقية قولا وعملا

الفصل: ‌المبحث الثالث: صور من انحرافات المعتزلة عن السنة

‌المبحث الثالث: صور من انحرافات المعتزلة عن السنة

إن موقف المعتزلة من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم المجافي لما قررته السنة وبينه القرآن العزيز من وجوب احترامهم وإكبارهم وإن كذبهم في الأحاديث المنافي مع وعيد الرسول للكذابين عليه وهو القائل ((من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)) (1) وهو حديث متواتر يقول عنه ابن الجوزي قد رواه الصحابة ثمانية وتسعون صحابيا وإن إنكارهم أو تشكيكهم في بعض الأحاديث، وإبطالهم قبول المتواتر والآحاد، هذه المواقف جميعها تعتبر انحرافا عن السنة ومجافاة للسلوك الذي سن اتباعه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم. . . وقد أوردت من الأدلة ما يثبت هذا الانحراف عن الهدي النبوي.

وفي هذا الفصل نضيف عددا آخر من المواقف والآراء التي آمن بها المعتزلة ووقفوا ينفحون عنها ويعضدونها بأدلتهم العقلية:

أ- وجوب معرفة الله بالدليل: لقد كان الإيمان بالله في عهد الرسول والصحابة بسيطا غير معقد، حتى إذا ما نشأت فرقة المعتزلة أدخلت مباحث غريبة عن الإسلام متأثرة بالمذهب والمقولات الفلسفية، وكان البحث في معرفة الله بالدليل وإيقاف صحة الإيمان على ذلك من بين تلك الموضوعات التي أحدثتها المعتزلة، وبذلك فرضوا على الفرق الأخرى النظر فيها، وقد ورثها عنهم الأشاعرة رغم انفصالهم عن المعتزلة، فقد جاء عن أبي جعفر السماني – وهو من كبار الأشاعرة – قوله:(إن هذه المسألة من مسائل المعتزلة بقيت في المذهب)(2) أي المذهب الأشعري. ولشدة تعلق المعتزلة بهذا المبحث فإنهم جعلوه منضوبا تحت مفهوم الإيمان فهذا أبو شمر يزعم (أن المعرفة بالله وبما جاء من عنده. . . ومعرفة التوحيد والعدل، عدل الله سبحانه، ونفي التشبيه عنه، كل ذلك إيمان والشاك فيه كافر)(3).وشغفهم هذا دفع بالقاضي عبد الجبار إلى أن يستشهد بحديث ينكره الرواة كما يقول فؤاد السيد (4) ليبرر ما ذهب إليه المعتزلة من وجوب معرفة الله: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خمس لا يعذر بجهلهن أحد، معرفة الله تعالى أن يعرفه ولا يشبه به شيئا)) (5).

(1) رواه البخاري (1291) ، ومسلم (3) ، من حديث المغيرة رضي الله عنه.

(2)

((فتح الباري)) (1/ 77).

(3)

((مقالات الإسلاميين)) (2/ 171).

(4)

((فضل الاعتزال)) (هامش رقم 55).

(5)

((فضل الاعتزال)) (150).

ص: 119

وإذا كانت معرفة الله وصفاته مقررة في الإسلام، فإن تعقيد هذه المعرفة ووجوب تحصيل الدليل عليها هو البدعة المنافية مع السنة الصحيحة. فهذا أبو هاشم (عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي ابن أبي علي الجبائي) من المعتزلة ذهب إلى أن (من لا يعرف الله بالدليل فهو كافر) لأن ضد المعرفة النكرة، والنكرة كفر (1).كما أن إبراهيم بن يسار النظام ذهب إلى أن المتمكن من المعرفة إن كان عاقلا (يجب عليه تحصيل معرفة الباري تعالى بالنظر والاستدلال)(2).نعم أن التقليد مذموم. لذلك نجد بعض أهل السنة يوجب الاستدلال هو أيضا إلا أنه لم يرد به (التعمق في طرق المتكلمين) بل اكتفى بما لا يخلو عنه من نشأ بين المسلمين من الاستدلال بالمصنوع على الصانع، وغايته، أنه يحصل في الذهن مقدمات ضرورية تتألف تألفا صحيحا وتنتج العلم، لكنه لو سئل: كيف حصل له ذلك ما اهتدى للتعبير عنه (3).ويقول ابن حجر لا حجة لمن اشترط النظر (لأن من لم يشترط النظر لم ينكر، أصل النظر، وإنما أنكر توقف الإيمان على وجود النظر بالطرق الكلمية، إذ لا يلزم من الترغيب في النظر جعله شرطا (4).وإذا كان في النظر بالنسبة للجماهير مشقة لم يوجبها عليهم الشرع، فإن فيه بالنسبة للعلماء والمختصين (فائدة معتبرة إذ لا يحسن بحامل السنة الجهل بالحجج النظرية على عقائدها) (5).والذي يثبت مخالفة ما ذهب إليه المعتزلة من وجوب معرفة الله بالدليل ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه قال:((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله)) (6).ففي هذا الحديث كما يقول ابن حجر (دليل. . . على الاكتفاء في قبول الإيمان بالاعتقاد الجازم خلافا لمن أوجب تعلم الأدلة)(7).وجاء عن معاوية بن الحكم قوله: ((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية فقلت: يا رسول الله، علي رغبة، أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله: أين الله؟ فقالت: في السماء فقال: ومن أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: فأعتقها)) (8).

فبهذه المعرفة الأولية المجملة بالله وبرسوله ثبت لها الإسلام وأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم عتقها. وكتب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وكسرى وغيرهما من الملوك يدعوهم إلى التوحيد ورسائله كلها تثبت أنه صلى الله عليه وسلم (لم يزد في دعائه. . . على أن يؤمنوا بالله ويصدقوه فيما جاء به من عنده، فمن فعل ذلك قبل منه سواء كان إذعانه عن تقدم نظر أم لا)(9).

ب- إنكارهم لرؤية الله يوم القيامة:

(1)((فتح الباري)) (17/ 118).

(2)

((ملل الشهرستاني)) (1/ 58).

(3)

((فتح الباري)) (17/ 118).

(4)

((فتح الباري)) (17/ 122).

(5)

((مقدمة ابن خلدون)) (838).

(6)

رواه البخاري (25) ، ومسلم (22) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه.

(7)

((فتح الباري)) (1/ 83).

(8)

رواه مسلم (537).

(9)

((فتح الباري)) (17/ 121).

ص: 120

لقد سبق لنا أن بينا أن غلو المعتزلة في فهمهم لعقيدة التوحيد تفرع عنه: أ- إيمانهم بنفي الصفات. ب- نفي الرؤية. ج- القول بخلق القرآن. نفي الصفات فقالوا: بخلق القرآن اعتقادا منهم أن ثبوت قدم أي صفة بما فيها كلامه تعالى: يثبت مع الله قديما غيره، وهذا عين الشرك في نظرهم، ونفوا الرؤية لأنها تقتضي الجسمية وهي ما يتنزه الله عنه. والمعتزلة أجمعوا على أن الله سبحانه ليس بجسم ولا عرض وأن شيئا من الحواس لا يدركه في الدنيا ولا في الآخرة. حتى أن بعضهم يكفر من يقول برؤيته (كما ترى المرئيات بالمقابلة أو المحاذاة أو في مكان حالا فيه دون مكان)(1).

لكنهم اختلفوا هل يرى الله بالقول؟ فقال أبو الهذيل وأكثر المعتزلة: نرى الله بقلوبنا، بمعنى أنا نعلمه بقلوبنا، وأنكر هشام الفوطي عباد بن سليمان ذلك (2).أما الخابطية (أصحاب أحمد بن خابط ت 232هـ) والحدثية (أصحاب الفضل الحدثي (ت 257هـ) فإنهم آمنوا بالرؤية ولكنهم صرفوها إلى رؤية العقل الأول العقل الفعال) (3). وفكرة العقل هذه فكرة يونانية آمن بها بعض الفلاسفة المسلمين وتسربت إلى الفكر الاعتزالي. والمعتزلة حين ينفون الرؤية يزعمون أن كل شيء يرى بالعين يجب أن يكون في مقابلة العين، أو ينبغي أن يكون جسما يحتل حيزا، بهذا ناظر أبو إسحاق النصيبيني رئيس معتزلة البصرة أبا بكر محمد بن الطيب الباقلاني (ت 403هـ)(4)، بل فإن تعله (5) الجسمية يركن إليها كل النفاة لرؤية الله. يقول القرطبي:(اشترط النفاة في الرؤية شروطا عقلية كالبنية المخصوصة، والمقابلة وإيصال الأشعة وزوال الموانع كالبعد والحجب في خبط لهم وتحكم)(6).والمعتزلة مناصرة منهم لرأيهم يردون كل الأحاديث النبوية التي تثبت الرؤية بدعوى أنها أحاديث آحاد (وإنما يقبل خبر الواحد فيما طريقه العمل (7) ويحاولون في الوقت نفسه اختلاق أحاديث كثيرة تتساوق مع مذهبهم. فهذا القاضي عبد الجبار يورد أثرا بصيغة التمريض ينسبه لابن عباس فيقول وروي أن نجدة الحروري سأل ابن عباس فقال: كيف معرفتك بربك؟ فقال: (أعرفه بما عرفني به نفسه من غير رؤية، وأصفه بما وصف به نفسه من غير صورة، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالقياس معروف بغير تشبيه (8).كما ينسب خبرا لعائشة يقول (إنها سمعت بأن القوم يقولون: بأن الله يرى، فقالت: لقد قف شعري مما قلتموه ودفعت ذلك بقوله تعالى: لَاّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الأنعام:103])(9).

أما الآيات القرآنية التي تثبت رؤية الله فإنهم يقفون منها موقف التأويل والتخريج المتعسف: فهذا الزمخشري يفسر قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22 - 23] بأن المراد بناظرة الثانية (بالظاء) منتظرة فالمؤمنون وهم الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ينتظرون ذلك اليوم. ويبين أن تقديم المفعول به (إلى ربها) يفيد الاختصاص بمعنى أن هذه الوجوه (تنظر إلى ربها خاصة لا تنظر إلى غيره. . . ومعلوم أنهم ينظرون إلى أشياء لا يحيط بها الحصر ولا تدخل تحت العدد في محشر يجتمع فيه الخلائق كلهم. . . فاختصاصه بنظرهم إليه لو كان منظورا إليه محال، فوجب حمله على معنى يصح معه الاختصاص)(10).

(1)((فضل الاعتزال)) (63) - ((مقالات الإسلاميين)) (1/ 238، 329)) - ((ملل الشهرستاني)) (1/ 81).

(2)

((مقالات الإسلاميين)) (1/ 238)).

(3)

((ملل الشهرستاني)) (1/ 63).

(4)

((إعجاز القرآن المقدمة للمحقق)) (23).

(5)

كذا بالمطبوع.

(6)

((فتح الباري)) (17/ 195).

(7)

((فضل الاعتزال)) (158).

(8)

((فضل الاعتزال)) (150).

(9)

((فضل الاعتزال)) (158).

(10)

((الكشاف)) (4/ 192).

ص: 121

ويستنجد بالعربية ليؤيد تأويله فيقول (والذي يصبح معه أن يكون من قول الناس: أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بي تريد معنى التوقع والرجاء ومنه قول القائل:

وإذا نظرت إليك من الملك

والبحر دونك زدتني نعما (1)

وسمعت سرورية مستجدية بمكة وقت الظهر حين يغلق الناس أبوابهم ويأوون إلى مقايلهم تقول: عيينتي نويظرة إلى الله وإليكم. والمعنى أنهم لا يتوقعون النعمة والكرامة إلا من ربهم كما كانوا في الدنيا لا يخشون ولا يرجون إلا إياه (2). وكل آية يمكن أن يستشعر منها معنى رؤية الله، يؤولها الزمخشري بشكل يدفع الرؤية، فيشرح الفوز في قوله تعالى: فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185] بقوله (وأي فوز أعظم من دخول الجنة) ويعلق سراج الدين البلقيني على ذلك بقوله (أشار إلى عدم الرؤية)(3).وهو عين التأويل الذي ينقله القاضي عبد الجبار عن أبي علي الجبائي الذي يصور معنى التطور الذي طرأ على موقف مثبتة الرؤية. ذلك أن أوائلهم كانوا (يقولون بالرؤية مع التشبيه. ثم من بعد لما عرفوا فساد القول بالتشبيه ثبتوا على القول بالرؤية للإلف والعادة، واحتجوا بقوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22 - 23] وهذا لا حجة لهم فيه لأن النظر ليس هو الرؤية، فتحمل الآية على النظر إلى الثواب أو الانتظار. كما روي عن كثير من الصحابة (4).فهو ينسب عقيدتهم إلى الإلف والعادة لا النظر والفهم، ثم يؤول مستندهم من الآية بنفس تأويل الزمخشري الذي تناول أحمد ابن المنير الرد عنه في كتابه (الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال) فقال (ما أقصر لسانه عند هذه الآية فكم له يدندن ويطيل في حجب الرؤية ويشقق القباء ويكثر ويتعمق. لما فغرت فاه صنع في مصامتها بالاستدلال. . . ومما يعلم أن الممتع برؤية جمال وجه الله تعالى لا يصرف عنه طرفه ولا يؤثر عليه غيره) (5) ويقول ابن بطال (إن تأويلهم لناظرة بمنتظرة خطأ لأنه لا يتعدى بإلى (6) ويتحدث ابن كثير عمن تأول حرف الجر "إلى" في قوله تعالى إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:23] وفسره بأنه مفرد الآلاء وهي النعم فيقول: فقد أبعد هذا القائل النجعة وأبطل فيما ذهب إليه، وأين هو من قوله تعالى: كَلا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ [المطففين: 15](7).قال الشافعي رحمه الله لما سئل عن هذه الآية: لما حجب الله قوما بالسخط دل على أن قوما يرونه بالرضا. وسأله الربيع بن سليمان: أوتدين بهذا يا سيدي؟، فقال (والله لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا)(8).وبالإضافة إلى الأدلة النقلية الصحيحة التي أوردها أهل السنة فإنهم تناولوا شبهة المعتزلة العقلية بالرد عنها عقليا ولغويا فهذا ابن حجر يورد ما عدده البيهقي من الأوجه اللغوية التي تفيدها عبارة ناظرة في كلام العرب منتهياً إلى أن أولاده بالقبول في الآية هو نظر الرؤية (9).وهذا أبو بكر الباقلاني يرد عن اعتراض أبي إسحاق النصيبيني ويبين أن الرؤية لا تتم بالعين لما يستلزم ذلك من المكان (وإنما يرى بالإدراك الذي في العين، ولو كان الشيء يرى بالعين لكان يجب أن ترى كل عين قائمة، وقد علمنا أن الأجهر عينه قائمة ولا يرى شيئا. .)

(1)((الكشاف)) (4/ 544).

(2)

((الكشاف)) (4/ 192).

(3)

((الإتقان)) (2/ 190).

(4)

((فضل الاعتزال)) (158).

(5)

((مطبوع على هامش الكشاف)) (4/ 192).

(6)

((فتح الباري)) (17/ 195).

(7)

((تفسير ابن كثير)) (8/ 305).

(8)

((مناقب الشافعي)) (1/ 419).

(9)

((فتح الباري)) (17/ 194).

ص: 122

ويبين أن إثبات رؤيته ليس فيه قلب لحقيقة ولا إثبات لما يتنافى مع تنزيه الله بل لما كان الله أكمل الموجودات وجب أن يكون مرئيا (والشيء إنما يرى لأنه موجود)(1).وقريب من هذا المعنى يقرره ابن تيمية فهو يقول: (فكل ما كان وجوده أكمل كان أحق بأن يرى. . . والموجود الواجب الوجود أكمل الموجودات وجودا، وأبعد الأشياء عن العدم، فهو أحق بأن يرى، وإنما لم نره لعجز أبصارنا عن رؤيته لا لأجل امتناع رؤيته)(2).أما الأحاديث الصحيحة التي تثبت انحراف المعتزلة عنها، فهي كثيرة وقد عقد الإمام البخاري في كتاب التوحيد بابا ترجم له بقوله باب قول الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (3) وقد أورد فيه عددا من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم التي تثبت الرؤية. كما عقد مسلم بابا في كتاب الإيمان لهذا الغرض ترجم له النووي بقوله: (باب معرفة طريق الرؤية)(4) سرد فيه عددا من الأخبار تثبت الرؤية منها: جاء عن جرير بن عبد الله قوله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنكم سترون ربكم عيانا)). وقد أورده البخاري عن جرير في كتابي مواقيت الصلاة والتوحيد (5)، وأورد نحوه عن أبي سعيد الخدري في كتاب التفسير (6).كما خرج نحوه مسلم عن أبي سعيد الخدري في كتاب الإيمان (7) وعن أبي هريرة في كتاب الزهد والرقائق (8).

وخرجه أيضا ابن ماجه عن جرير في المقدمة وعن أبي هريرة في كتاب الزهد كما أورد نحوه أبو داود في كتاب السنة عن أبي هريرة وخرجه الترمذي في كتاب صفة الجنة عن أبي هريرة.

فرؤية المؤمنين لربهم في الدار الآخرة لا يمكن دفعها وكل محاولة لمنعها إنما هي إبطال متعمد للحديث الصحيح، وتأويل متعسف لصريح القرآن العزيز.

ج – إنكارهم لشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم:

الشفاعة التي أثبتها أهل السنة أربعة أنواع:

1 -

الخلاص من هول الموقف، وهي خاصة بمحمد رسول الله صلى الله عليه.

2 -

الشفاعة في قوم يدخلون الجنة بغير حساب.

3 -

الشفاعة في رفع الدرجات.

(1)((إعجاز القرآن)) - المقدمة- للسيد صقر (23).

(2)

((منهاج السنة)) (2/ 255).

(3)

((فتح الباري)) (17/ 193).

(4)

شرح مسلم – الإيمان- (1/ 167).

(5)

رواه البخاري (7435).

(6)

((صحيح البخاري)) (7439).

(7)

((صحيح مسلم)) (183).

(8)

((صحيح مسلم)) (2968).

ص: 123

4 -

الشفاعة في إخراج قوم من النار عصاة أدخلوها بذنوبهم. والمعتزلة ولئن اشترطوا في النوع الثاني من الشفاعة أن تكون خاصة بمن لا تبعة عليه فإنهم قبلوا النوعين الأول والثالث، بينما ردوا النوع الرابع (1)، لأنهم ينكرون شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر من الأمة الإسلامية (2) مستندين إلى المتشابه من قوله تعالى: فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:48] ولأنها تخالف مبدأهم في الوعد والوعيد. وقد شذ عنهم أبو هاشم بن الجبائي حيث أقر الشفاعة مع كون الشفيع ساخطا، وقال:(قد تصح بلا توبة)(3).أما القاضي عبد الجبار فيقر شفاعة الرسول ولكنه يجعلها خاصة بأهل الثواب دون أهل العقاب ولأولياء الله دون أعدائه وتتمثل شفاعته صلى الله عليه وسلم في أن يزيدهم من الفضل والتعظيم في الجنة هذا هو مفهوم الشفاعة التي يثبتها ويخطئ من ينكرها خطأ عظيما (4) مستدلا على ما ذهب إليه بقوله تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر: 18]، فأهل النار عنده يستحقون (اللعن والغضب والسخط فكيف يجوز للرسول صلى الله عليه وسلم أن يشفع لهم، ومن حق الشافع أن يكون محبا لمن يشفع له راضيا عنه، وهذا يوجب إن كان عليه السلام يشفع لهم – أن يكون راضيا عمن سخط عليه ولعنه وذلك لا يصح)(5).فهم يصدرون في إنكارهم للشفاعة عن إيمانهم بالوعد والوعيد، وعيد الله للمذنبين، ووعيده للأتقياء المطيعين، وقد سبقت كلمة الله بذلك، ولا مبدل لكلماته، فإذا خرج المؤمن من الدنيا عن طاعة وتوبة استحق الثواب وإذا خرج عن كبيرة ولم يثب خلد في النار (6)، إذ لا يصح خروجهم منها لأنهم من أهل العقاب، ولا يجوز مع ذلك أن يكونوا من أهل الثواب لأن ذلك كالمتضاد (7).

(1)((فتح الباري)) (17/ 237).

(2)

((مقالات الإسلاميين)) (2/ 166).

(3)

((فضل الاعتزال)) (208).

(4)

((فضل الاعتزال)) (207).

(5)

((فضل الاعتزال)) (208).

(6)

((المعتزلة)) لزهدي جار الله (51).

(7)

((فضل الاعتزال)) (209).

ص: 124

وهم وإن خلدوهم في النار إلا أنهم جعلوا عذابهم أخف من عذاب الكافرين. وبموقفهم هذا يكونون قد أنكروا أمرا أثبت بالسنة الصحيحة، جاء في سنن أبي داود عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم:((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)) (1) وبناء على ذلك فقد أتت السنة بأن الله يخرج قوما من النار بعد أن يمتحنوا بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم (2).وقد يعترض بعضهم بأن الشفاعة ليست واردة في القرآن، وهذا لا يمنع ثبوتها، وكثيرة هي المسائل والأحكام التي اختصت بذكرها السنة، وقد قيل يوما لعمران بن حصين وهو جالس في المسجد: يا أبا النجيد إنكم لتحدثوننا بأحاديث لم نجد لها أصلا في القرآن؟ فغضب عمران وقال لسائله: قرأت القرآن؟ قال نعم. قال: فهل وجدت صلاة العشاء أربعا ووجدت المغرب ثلاثا. .؟ إلى أن انتهى إلى ذكر الشفاعة (3) مذكرا لهم بقوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر:7].وقد استنبط العديد من الصحابة شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة من القرآن نفسه، فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول:(إنكم يا معشر أهل العراق تقولون أرجى آية في القرآن: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا. . . [الزمر:53] الآية لكنا أهل البيت نقول: إن أرجى آية في كتاب الله: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [الضحى:5] وهي الشفاعة)(4).

د – إنكارهم لمعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم:

يعود إنكار بعض المعتزلة لمعجزات رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ومعجزات الرسل السابقين إلى تصورهم للنبوة، فقد اختلفوا فيما بينهم: هل هي جزاء أو ثواب؟ أم لا؟ فقال بعضهم: هي ثواب وجزاء على عمل صالح عمله النبي صلى الله عليه وسلم فاستحق أن يجزيه الله بالنبوة. وقال آخرون ليست بجزاء ولا ثواب (5) وممن قال بأنها جزاء على عمل عباد بن سليمان، وممن قال بأنها تكون ابتداء أبو علي الجبائي (6).

(1) رواه أبو داود (4739) والترمذي (2435) سكت عنه أبو داود ،وقد قال في ((رسالته لأهل مكة)): كل ما سكت عنه فهو صالح. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (4739).

(2)

((موعظة المؤمنين)) (1/ 10).

(3)

((دلائل النبوة)) (1/ 35).

(4)

((الإتقان)) (2/ 161).

(5)

((مقالات الإسلاميين)) (1/ 297، 2/ 326).

(6)

((مقالات الإسلاميين)) (2/ 137).

ص: 125

ونفي الاصطفاء عن النبوة رأي قديم أبداه بعض الفلاسفة حيث جعلوا النبوة مرتبة من المعرفة والسمو الروحي يبلغها المجتهدون الذين يتدرجون في معاناة ورياضة نفسية خاصة. وبذلك افتقدت النبوة جلالها وقدسيتها، وصارت لدى هؤلاء الفلاسفة ومن تأثر بهم من المعتزلة من الموضوعات التي يتناولونها بعيدا عما تستحقه من الاحترام. فهذا واصل بن عطاء يخطب فيجيد فيقول عمرو بن عبيد وكان شاهدا الجمع:"ترون لو أن ملكا من الملائكة أو نبيا من الأنبياء يزيد على هذا"(1)؟ بل بلغ بهم استهتارهم بمقام النبي صلى الله عليه وسلم أن جوز عليه بعضهم تعمد ارتكاب المعاصي إلا أنها لا تكون إلا صغائر (2).وبناء على هذا فإن الكثير من المعتزلة يعتبرون الحجة قائمة على الناس بالعقل لا بالنبوة فحتى من لم يبلغه خبر الرسول فهو محجوج (3) لتقصيره في إعمال عقله للوصول إلى الحقيقة. ومن المعتزلة من نفى أن تكون المعجزات دلائل صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في دعواه الرسالة ففلق البحر وقلب العصا حية ومحق السحر وانشقاق القمر والمشي على الماء وغيرها لا تدل في زعمهم على صدق الرسالة (4). والقرآن نفسه كما ذهب إلى ذلك هشام الفوطي وعباد بن سليمان (لم يجعل علما على النبي صلى الله عليه وسلم وهو عرض من الأعراض لا يدل شيء منها على الله ولا على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم (5).فهل نعجب بعد هذا إذا أنكر النظام ما روي من معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم من انشقاق القمر وتسبيح الحصا في يده ونبوع الماء بين أصابعه (6)؟ فهو حين يتحدث عن رواية ابن مسعود لحديث الانشقاق يتناولها دون التزام لأي لون من ألوان الأدب إزاء الصحابة الذين قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي)) (7) فيقول: (وهذا من الكذب الذي لا خفاء به لأن الله تعالى لا يشق القمر له وحده ولا لآخر معه وإنما يشقه ليكون آية للعالمين): فكيف لم يعرف بذلك العامة، ولم يؤرخ الناس بذلك العام، ولم يذكره شاعر ولم يسلم عنه كافر ولم يحتج به مسلم على ملحد (8)؟ وفي الحقيقة فإنه بإنكاره للكثير من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم إنما يرمي إلى إنكار ثبوته (9) سيما والنظام معجب بقول البراهمة بإبطال النبوات (ولم يجسر على إظهار هذا القول خوفا من السيف)(10).

وقد تسرب هذا التشكيك في المعجزات إلى المسيحيين البيزنطيين، يتسنمونها لرد رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا الإمبراطور باسيليوس الثاني يسال أبا بكر الباقلاني في سفرته إلى بيزنطة: هذا الذي تدعونه من معجزات نبيكم: من انشقاق القمر كيف هو عندكم؟.

(1)((ميزان الاعتدال)) (3/ 277).

(2)

((ميزان الاعتدال)) (1/ 279).

(3)

((ميزان الاعتدال)) (1/ 296).

(4)

((الفرق بين الفرق)) (162).

(5)

((إعجاز القرآن)) للباقلاني – مقدمة- سيد صقر (8).

(6)

((الفرق بين الفرق)) (132) - ((السنة ومكانتها)) (206).

(7)

رواه البخاري (3673) ، من حديث أبي سعيد الخدري، ومسلم (2540) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنها.

(8)

((تأويل مختلف الحديث)) (21)((الفرق بين الفرق)) (319).

(9)

((الفرق بين الفرق)) (132).

(10)

((الفرق بين الفرق)) (131).

ص: 126

ويتصدى الباقلاني للجواب: هو صحيح عندنا انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأى الناس ذلك، إنما رآه الحضور ومن اتفق نظره في تلك الحال ويقول الملك: وكيف لم يرد جميع الناس؟ فيجيب الباقلاني: لأن الناس لم يكونوا على أهبة ووعد لشقوقه وحضوره ثم قاس له بالخسوف الذي لا يراه جميع أهل الأرض، وإنما يراه من كان في محاذاته ويختم بقوله:(فما أنكرت من انشقاق القمر إذ كان في ناحية أن لا يراه إلا أهل تلك الناحية، ومن تأهب للنظر له، فأما من أعرض عنه، أو كان في الأمكنة التي لا يرى القمر منها فلا يراه)(1).

وهذا أسلوب يستخدم مع الكافرين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم الذين لا يؤمنون بحديثه، وإلا فقد ثبت حديث انشقاق القمر عن ابن مسعود وابن عمر وأنس وابن عباس. جاء عن ابن مسعود قوله:((انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا)) (2).وقد أورد محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على ترجمة باب انشقاق القمر بصحيح مسلم ما قاله القاضي عياض في هذا الموضوع وجاء فيه (انشقاق القمر من أمهات معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم وقد رواها عدة من الصحابة رضي الله عنهم مع ظاهر الآية الكريمة وسياقها، قال الزجاج: وقد أنكرها بعض المبتدعة مخالفي الملة وذلك لمن أعمى الله قلبه، ولا إنكار للعقل فيها، لأن القمر مخلوق لله تعالى، يفعل فيه ما يشاء، كما يفنيه ويكوره في آخر الأمر)(3).

(1)((إعجاز القرآن)) للباقلاني – مقدمة- سيد صقر (30).

(2)

رواه البخاري (3636) ، ومسلم (2800).

(3)

((مسلم)) (4/ 2158)(هامش رقم 3).

ص: 127

وبلغت ببعض المعتزلة مناوأتهم للإسلام وللرسول صلى الله عليه وسلم أن أنكروا إعجاز القرآن فقال النظام: إن نظم القرآن وحسن تأليف كلماته ليس معجزة النبي صلى الله عليه وسلم ولا دلالة فيه على صدقه في دعواه النبوة ذلك أن القرآن كتاب كسائر الكتب المنزلة لبيان الأحكام من الحلال والحرام، ووجه الدلالة في هذا الكتاب على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هو ما فيه من الأخبار عن الغيوب. فأما نظم القرآن وحسن تأليف آياته فإن العباد قادرون على مثله وعلى ما هو أحسن منه في النظم والتأليف ولم يعارضه العرب لأن الله تعالى صرفهم عن ذلك وسلب علومهم به وهو ما عرف عندهم بالصرفة (1). وقال عيسى بن صبيح الملقب بالمردار (ت 226هـ) إن الناس قادرون على مثل القرآن فصاحة ونظما وبلاغة (2).ونفى هشام الفوطي وعباد بن سليمان أن يكون شيء من الأعراض دالا على الله سبحانه أو على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ولما كانا يزعمان أن القرآن أعراض فهو ليس علما للنبي صلى الله عليه وسلم (3).وذهب ابن الراوندي الزنديق في كتابه (الدامع) إلى الطعن في نظم القرآن ومعانيه، وارتطم في إثم القول: إن في القرآن سفها وكذبا (4) إلا أن هذه الآراء الغريبة كان قد تناولها العديد من رجال الاعتزال بالطعن والتجريح والرد عليها: فتولى أبو الحسين الخياط وأبو علي الجبائي الرد على ابن الراوندي فنقض ما تورط فيه من الانحرافات في كتابه (الدامع) وتولى الجاحظ في كتابه (نظم القرآن) الرد على النظام في قوله بالصرفة (5).ومما رد به أبو سليمان الخطابي في كتابه (إعجاز القرآن على دعوى الصرفة أن دلالة الآية تشهد بخلافه)، وهي قوله سبحانه وتعالى: قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء: 88] فأشار القرآن إلى أمر طريقة التكلف والاجتهاد وسبيله التأهب والاحتشاد والمعنى في الصرفة التي وصفوها لا يلائم هذه الصفة فدل على أن المراد غيرها (6).

(1)((فضل الاعتزال)) (70) - ((الفرق بين الفرق)) (143) ، ((ملل الشهرستاني)) (1/ 56) - ((مسلم)) (57) - ((إعجاز القرآن)) - مقدمة- سيد صقر (807).

(2)

((ملل الشهرستاني)) (1/ 54).

(3)

((مقالات الإسلاميين)) (1/ 296).

(4)

((إعجاز القرآن)) للباقلاني – مقدمة- سيد صقر (8).

(5)

((إعجاز القرآن)) للباقلاني – مقدمة- سيد صقر (8).

(6)

((إعجاز القرآن)) - مقدمة- سيد صقر (13).

ص: 128

هـ - موقفهم من حد شارب الخمر والنبيذ: لقد تمسك بعض المعتزلة بالرأي الشاذ حول حد الخمر القائل: إن الرسول لم يفرض في الخمر حدا، وأنه وبعض الصحابة إنما ضربوا بالجريد والنعال والأردية وعزف هؤلاء المعتزلة عما أجمع عليه الصحابة من وجوب الحد في الخمر (1) بل وهاجموا الحد، من ذلك أن جعفر بن مبشر زعم (أن إجماع الصحابة على حد شارب الخمر كان خطأ، إذ المعتبر في الحدود: النص والتوقيف)(2).والملاحظ أن النص والتوقيف متوفران، فالاتفاق كامل بين الصحابة والعلماء على أن الرسول صلى الله عليه وسلم جلد من شرب الخمر ولكن ثمة اختلاف حول عدد الجلدات (3).وقد أطنب الفقهاء والمحدثون في الحديث عن الموضوع وسرد كل الآراء مهما كانت متضاربة ومتطرفة، وقد أورد ابن حجر خلاصة حول الموضوع قال فيها: وقد استقر الإجماع على ثبوت حد الخمر وإن لا قتل فيه، واستمر الاختلاف في الأربعين والثمانين (4).والملاحظ أن حد النبيذ بدوره ثمانون جلدة (5) أي أنه مساو لحد الخمر فقد قرر الفقهاء وجوب جلد من شرب خمرا أو نبيذا مسكرا ثمانين سكر أو لم يسكر (6).وخالف عمرو بن عبيد فنسب إلى الحسن البصري أنه قال: إن السكران من النبيذ لا يجلد وقد أكذبه أيوب السختياني وقال: أنا سمعت الحسن يقول: يجلد (7).

وموقفهم من حد السارق:

ومن المواطن التي خالف فيها العديد من المعتزلة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم موقفهم من حد السرقة. فقد جعل القرآن الكريم قطع اليد جزاء وفاقا للسرقة فقال جل من قائل: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة: 38].

ثم جاءت السنة وحددت قيمة المسروق الذي يوجب القطع وبينت حاله كما بينت ما ينبغي القطع فيه، ومن أين يقع القطع. جاء عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم (8) وفي حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا)) (9) على أن يكون المسروق حرزا والسارق مستغنيا عن السرقة. كما سن الرسول أن لا قطع في ثمر ولا كثر (10)، وبين أن القطع إنما يكون في اليد اليمنى ومن الرسغ. وخالف الكثير من المعتزلة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا أبو الهذيل العلاف والجبائي يفسقان سارق الدرهم من حرز (11).أما جعفر بن مبشر فيزعم أن من سرق حبة أو ما دونها فهو فاسق منخلع من الإيمان مخلد في النار (12).ويذهب النظام إلى أن من غصب أو سرق مائة وتسعة وتسعين درهما لم يفسق بذلك حتى يكون ما سرقه أو غصبه وخان فيه مائتي درهم فصاعدا (13).

وبذلك هدموا الشرع وتحللوا من الأحكام وحكموا أهواءهم فيما يأتون وما يدعون.

ز – تخليدهم صاحب الكبيرة في النار:

(1)((نيل الأوطار)) (7/ 169).

(2)

((ملل الشهرستاني)) (1/ 59) - ((الفرق بين الفرق)) (168).

(3)

((فتح الباري)) (7/ 161).

(4)

((فتح الباري)) (15/ 80).

(5)

((فتح الباري)) (15/ 75).

(6)

((رسالة أبي زيد القيرواني)) (440).

(7)

((مقدمة مسلم)) (1/ 23) - ((ميزان الاعتدال)) (3/ 276).

(8)

((الموطأ)) (519).

(9)

((فتح الباري)) (15/ 107).

(10)

((الرسالة)) (41) - ((الموطأ)) (524).

(11)

((مقالات الإسلاميين)) (1/ 3331).

(12)

((الفرق بين الفرق)) (168) - ((ملل الشهرستاني)) (1/ 59).

(13)

((الفرق بين الفرق)) (144) - ((مقالات الإسلاميين)) (1/ 334) - ((الملل)) (1/ 58).

ص: 129

كنا رأينا أثناء حديثنا عن أصل المعتزلة الرابع الوعد والوعيد كيف قرروا أن مرتكب الكبيرة هو في منزلة بين المنزلتين في الدنيا ومخلد في النار يوم القيامة ما لم يتب، ورأينا كيف أن مبدأهم ذلك مبني على إيمانهم بعدل الله، هذا العدل الذي جعلهم غلوهم في تصوره ينفون معه الشفاعة لأنها في رأيهم تعطل تنفيذ وعده ووعيده ولا مبدل لكلماته تعالى:

على أننا قبل الخوض معهم في آرائهم هذه المنافية للسنة الصحيحة يحسن بنا أن نرى تعريفهم للكبائر والصغائر. فقد (قال قائلون منهم: كل ما أتى فيه الوعيد فهو كبير وكل ما لم يأت فيه الوعيد فهو صغير)(1). وذهب جعفر بن مبشر إلى أبعد من ذلك فقد جعل ارتكاب أي لون من ألوان الذنوب والمعاصي كبيرة شريطة أن يكون مرتكبها متعمدا (2).وقد غلت بعض فرق المعتزلة في الحكم على مرتكبي الذنوب، حتى أنها لم تميز بين الصغير من الذنوب والكبير. فالواصلية مثلا (تزعم أن كل مرتكب للذنب صغير أو كبير مشرك بالله)(3)، ولعل هذا الحكم القاسي يعود إلى تسوية القدرية عموما (بين الشرك وما دونه من الكبائر في أن كلا من النوعين لا يغفر بدون التوبة، ولا يشاء الله أن يغفرهما إلا للتائبين)(4).إلا أن واصلا يسمي هذا المذنب موحدا وليس بمشرك ولا كافر (5).وبلغ الغلو بالجبائي درجة وصف معها الكثير من أرض الإسلام والمسلمين بالكفر، وكيف لا يكون كذلك، وهم القائلون أن القرآن غير مخلوق، وأن الله سبحانه أراد المعاصي وخلقها لأن هذا كله عنده كفر، فبغداد ومصر وغيرهما على قياسه – دار كفر (6).ثم إن هذه الذنوب والمعاصي عندهم لن يغفرها الله إلا بالتوبة، وإقامة الحد على المقترف للذنب لا يفيده (7) مستدلين على ذلك بقوله تعالى: إِلَاّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة: 34].

وحين تجابهون بقول الله تعالى: إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا [النساء: 48] وهو صريح في أن الله يغفر لمن يشاء من المذنبين والعصاة يلجأون إلى التأويل وإن كان متعسفا.

(1)((مقالات الإسلاميين)) (1/ 332).

(2)

((مقالات الإسلاميين)) (1/ 332).

(3)

((الفرق بين الفرق)) (177).

(4)

((الإنصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال)) (1/ 532).

(5)

((الفرق بين الفرق)) (119).

(6)

((مقالات الإسلاميين)) (2/ 155).

(7)

((فتح الباري)) (1/ 75).

ص: 130

يقول الزمخشري لتطويع هذه الآية لمذهبهم (الوجه أن يكون الفعل المنفي لا "يغفر" جميعا موجهين إلى قوله تعالى: لمن يشاء كأنه قيل: إن الله لا يغفر لمن يشاء الشرك ويغفر لمن يشاء ما دون الشرك على أن المراد بالأول من لم يتب وبالثاني من تاب. ونظيره قولك: إن الأمير لا يبذل الدينار ويبذل القنطار لمن يشاء تريد لا يبذل الدينار لمن لا يستأهله ويبذل القنطار لمن يستأهله (1).فقد سوى بين المسلم والمشرك في وجوب التوبة مطوعا الآية لخدمة هذه التسوية (فردته ونبت عنه)(2) كما يقول صاحب كتاب (الإنصاف). لأن (الشرك غير مغفور البتة وما دونه من الكبائر مغفور لمن يشاء الله أن يغفر له، هذا مع عدم التوبة وأما مع التوبة فكلاهما مغفور)(3). وهذه هي عقيدة أهل السنة و (الآية إنما وردت فيمن لم يتب ولم يذكر فيها توبة كما سنرى فذلك أطلق الله تعالى نفي مغفرة الشرك وأثبت مغفرة ما دونه مقرونة بمشيئة الله، فهذا وجه انطباق الآية على عقيدة أهل السنة)(4).ثم أن المعتزلة بعد أن أقروا أن الله لا يغفر لمن خرج من الدنيا على معصية بدون توبة لأن ذلك يتنافى مع عدله وبالتالي مع وعده ووعيده، بل ومع نظريتهم في الصلاح والأصلح، وضعوا صاحب الكبيرة في المنزلة بين المنزلتين في الحياة الدنيا وأنزلوه جهنم في الآخرة خالدا فيها غير أن عذابه أخف من عذاب الكافر (5).وهو حكم يزعم جعفر بن مبشر أنه من موجبات العقول مخالفا (أسلافه الذين قالوا: إن ذلك معلوم بالشرع دون العقل (6).ذلك أن أهل النار إذا دخلوها لم يصح خروجهم منها لأن في خروجهم ثوابا، فيصبح الواحد منهم من أهل الثواب، ومن أهل العقاب معا وهذا كالمتضاد (7).

وللمعتزلة أدلتهم فيما ذهبوا إليه من تأبيد العقاب في النار من ذلك: أ- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها نفسه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا)) (8).

وقد أجيب عنه بستة أجوبة منها:

1 -

أن محمد بن عجلان رواه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة فلم يذكر خالدا مخلدا.

(1)((الزمخشري)) (1/ 532).

(2)

((الإنصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال)) (1/ 532).

(3)

((الإنصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال)) (1/ 532).

(4)

((الإنصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال)) (1/ 532).

(5)

((الملل والنحل)) (1/ 45، 48، 70، 81).

(6)

((الفرق بين الفرق)) (168).

(7)

((فضل الاعتزال)) (209).

(8)

رواه البخاري (5778) ، ومسلم (109) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 131

2 -

أن الخلود إنما يصدق على من استحله، فله يصير باستحلاله كافرا. والكافر مخلد بلا ريب. 3 - ورد التخليد مورد الزجر والتغليظ وحقيقته غير مراده (1).ب- ويستدلون أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم ((إياكم والزنا فإن فيه سوء الحساب وسخط الرحمن وخلود النار)) (2). وقوله صلى الله عليه وسلم ((من انتسب إلى غير أبيه فالجنة عليه حرام)) وقوله صلى الله عليه وسلم ((من اقتطع مال امرئ مسلم حرم الله عليه الجنة وأدخله النار)). (3) ج – ومما يروونه عن خلود أهل النار في النار وأهل الجنة في الجنة قوله صلى الله عليه وسلم:((إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار نادى مناد بينهما: يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت)) (4).ويقول القاضي عبد الجبار كما ثبت خلود أهل الكفر في النار ثبت أيضا تخليد قاتل النفس والفار من الزحف وأكل مال اليتيم وغير ذلك (5) .. وبما أن الله صاحب أعظم نعمة على الإنسان فإن من عصاه ينبغي أن يعظم عقابه بعظم معصيته (وذلك يبين حسن العقاب الدائم)(6).ونجد من المعتزلة من يتخلى عن الخلود كالعلاف ويقول بفناء نعيم أهل الجنة وفناء عذاب أهل النار (7) مما جعل عددا من زعماء المعتزلة يردون عنه ويوبخونه كالجبائي وأبي موسى (عيسى بن صبيح المعروف بالمردار). وقد ألف منهما كتابا ذكر فيه فضائح أبي الهذيل، ولجعفر بن حرب أحد زعماء المعتزلة كتاب سماه (توبيخ أبي الهذيل)(8).وقد تصدى أهل الحديث للرد عن ضلالات المعتزلة مستندين إلى ما صح في السنة النبوية من الآثار، وقد أجمعوا على أن المعاصي ليست موجبة للخلود، فقد جاء عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحيا أو الحياة شك مالك فينبتون كما تنبت الحبة فى جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية)) (9). وقد عقب ابن حجر على هذا الحديث بقوله: (وأراد البخاري بإيراده، الرد على المرجئة لما فيه من بيان ضرر المعاصي مع الإيمان، وعلى المعتزلة في أن المعاصي موجبة للخلود)(10) فلا يلزم من إطلاق دخول النار التخليد فيها (11).

(1)((فتح الباري)) (3/ 470).

(2)

((فضل الاعتزال)) (155).

(3)

رواه الحاكم (4/ 328) ، من حديث جابر بن عتيك، قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/ 184): رجاله رجال الصحيح خلا أبا سفيان بن جابر بن عتيك ولم يتكلم فيه أحد. وقال الألباني في ((صحيح الترغيب)) (1840) صحيح لغيره. ورواه الطبراني في ((الكبير)) (1/ 273) ، من حديث أبي أمامة.

(4)

رواه البخاري (4730) ، ومسلم (2849) ، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(5)

((فضل الاعتزال)) (209).

(6)

((فضل الاعتزال)) (210).

(7)

((تأويل مختلف الحديث)) (44) ، ((الفرق بين الفرق)) (122).

(8)

((الفرق بين الفرق)) (122).

(9)

رواه البخاري (22) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(10)

((فتح الباري)) (1/ 80).

(11)

((فتح الباري)) (14/ 291).

ص: 132

وإذا اعتبرت إقامة الحد كفارة لصاحبها ومجزية عن إعلان التوبة، فإن غفران ذنب من لم يقم عليه الحديث ولم يتب يبقى رهن إرادة الله وذلك مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم في عصابة من صحابته ((بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله، فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك)) (1).وإن المعتزلة القدرية بتشددهم في تخليد مرتكب الذنب في النار ما لم يتب ينطبق عليهم المثل السائر (السيد يعطي والعبد يمنع) لأن الله تعالى يصرح كرمه بالمغفرة للمصر على الكبائر إن شاء، وهم يدفعون في وجه هذا التصريح ويحيلون المغفرة بناء على قاعدة الأصلح والصلاح التي هي بالفساد أجدر وأحق (2).

ح- إنكارهم لعذاب القبر: ومما أثبتته السنة وأنكره المعتزلة عذاب القبر. يقول الأشعري: إنهم والخوارج نفوا عذاب القبر (3).ولئن جعل القاضي عبد الجبار المعتزلة ينقسمون إلى منكر لعذاب القبر ومثبت له فإنه يقول إن الذي نفاه إنما هو ضرار بن عمرو "وهو من أصحاب واصل بن عطاء" ويورد حجة المنكرين فيقول: إن الميت لما يدفن (لا يسمع ولا يبصر ولا يدرك ولا يلتذ فكيف يجوز عليه المسألة والمعاقبة مع الموت)؟ ويضيف: (وأنكر مشايخنا عذاب القبر في كل حال)(4).وهذا مخالف صراحة لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه، وقد عقد البخاري بابا في كتاب الجنائز ترجم له بقوله:(باب ما جاء في عذاب القبر)(5) وقد أورد فيه عددا من الأحاديث منها:- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم؟)) الحديث (6).

كما أن كلا من أبي داود والنسائي والترمذي عقدوا أبوابا ترجموا لها بنحو ما ترجم له البخاري وأوردوا فيها أحاديث كثيرة تثبت كلها عذاب القبر.

‌المصدر:

موقف المعتزلة من السنة النبوية لأبي لبابة حسين – ص 113

المبحث الرابع: الرد على شبه المعتزلة حول الحديث النبوي (7)

يعتبر الحديث النبوي المصدر الثاني من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم، وهو وإن كان دونه في المنزلة، إلا أنه مثله في الحجية ....

وما أثاره المعتزلة حوله من شبه، إنما هي شبه واهية، لا تستند إلى دليل، ولا تؤيدها حجة.

من تلك الشبه: ذمهم لتعلم الحديث، وإنكار حجية أحاديث الآحاد، ورفض الأحاديث التي تتعارض مع عقولهم وأصولهم.

- أما ذمهم لتعلم الحديث وأهله: فهو معروف عنهم، إذ حذروا من تعلمه، وقللوا من فائدته والاستدلال به، ونصوا على أنه لا حاجة إليه، إذ اعتبروا أن العقول تغني عنه، والأذهان تكتفي بغيره.

(1) رواه البخاري (6487).

(2)

((الإنصاف الكشاف)) (1/ 533).

(3)

((مقالات الإسلاميين)) (2/ 116).

(4)

((فضل الاعتزال)) (202).

(5)

((فتح الباري)) (3/ 473).

(6)

((فتح الباري)) (3/ 480) – والحديث خرجه مسلم 4/ 2200 – الترمذي 3/ 374.

(7)

ينظر: ((موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية)(ص100 - 130) الأمين الصادق الأمين/ 1414هـ/ جامعة أم القرى.

ص: 133

"وذكروا أن الواحد من أصحاب الحديث يحب الاستكثار من طريق واحد، ولا يكون فيه كبير فائدة، إلا تخير الزيادات فيه."ومعلوم" أن المعتزلة لم يشتهروا بالفقه والحديث، لأنهم توفروا "اكتفوا" على ما عندهم، وهو أجدى في الدين، من طلب الفقه والحديث"(1).

هذا وإن ذمهم لتعلم الحديث، ينبئ عن جهلهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلة معرفتهم به، وعدم الاعتناء والاهتمام به، ولذلك قل استدلالهم بالحديث في كتبهم. قال عبدالله بن المبارك:"وجدت الدين لأهل الحديث، والكلام للمعتزلة، والكذب للرافضة، والحيل لأهل الرأي"(2).

- أما حجية أحاديث الآحاد: فلو ترك الاحتجاج بها، لتهاوت أركان الشريعة الإسلامية، واندثر الحق، وغاب الهدى، وصار للباطل صولة ..

والأدلة كثيرة من كتاب الله وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف، بل وإجماعهم على الاحتجاج وقبول الاستدلال به كثيرة لا تحصى .. وسوف نورد فيها ما يناسب المقام:- قال تعالى: فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة: 122]. أورد الإمام البخاري هذه الآية، في ترجمة أول باب من كتاب:(أخبار الآحاد) ليدلل بها على جواز العمل به والقول بأنه حجة (3).ولفظ طَآئِفَةٌ في الآية يتناول الواحد فما فوقه، ولا يختص بعدد معين، وذلك منقول عن ابن عباس وغيره (4).

- وفي السنة النبوية: روى البخاري بسنده إلى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: (بينا الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة).والحجة في هذا الحديث بينة ظاهرة، فإن أهل قباء كانوا على قبلة فرض الله عليهم التوجه إليها، وهي بيت المقدس، فتحولوا عنها بخبر الذي أخبرهم بأن النبي أمر أن يستقبل الكعبة (5).

(1)((فصل الاعتزال وطبقات المعتزلة)): القاضي عبدالجبار، (ص193 - 194) – الدار التونسية للنشر.

(2)

انظر: ((مختصر الصواعق المرسلة)): (ص 471).

(3)

انظر: ((صحيح البخاري)): (4/ 132)، و ((فتح الباري)):(13/ 233) ترقيم محمد فؤاد عبدالباقي/ ط دار الفكر.

(4)

((فتح الباري)) (13/ 234) ترقيم محمد فؤاد عبدالباقي/ ط دار الفكر.

(5)

انظر ((فتح الباري)): (13/ 237).

ص: 134

- وقد قبل أبو طلحة ومن معه خبر المخبر لهم في تحريم الخمر، وهو واحد، إذ أخبرهم في تحريم ما كان حلالاً عندهم، وأكد أبو طلحة رضي الله عنه ذلك بإتلاف الجرار وهي مال، وإراقة الخمر وهي سرف، فلو لم يكن الخبر عندهم حجة لما أقدم على ذلك."والأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصر، وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الأرض، المجاورين لبلاد العرب، وكانوا آحاداً، وأمرهم بتعليم من أسلم، شرائع الدين، كما بعث كثيراً من أصحابه إلى جهات متعددة ليعلموا الناس شعائر الإسلام. فبعث معاذاً إلى اليمن، وأبا موسى إلى زبيد، وأبا عبيدة إلى نجران، وبعث إلى كل طائفة معلماً يعلمهم دينهم، ويبلغهم أحكام الشرع، وكانت الحجة قائمة بتبليغ كل واحد من هؤلاء على من بلغهم، وهم ملزمون بقبول ما أمرهم به"(1)."وقد أجمع الصحابة والتابعون لهم من سلف الأمة، بل والأمة بأسرها على قبول خبر الواحد الثقة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى حدث متكلموا المعتزلة بعد المائة، فخالفوا الإجماع"(2).وقد نقل جماعة من العلماء هذا الإجماع (3).أسباب ردهم لأحاديث الآحاد (4):

من أبرز الأسباب التي جعلتهم يقفون هذا الموقف، أن الأحاديث هذه كانت تتعارض مع ما قرروه في نظرياتهم العقدية، وأصولهم المنحرفة.

- من ذلك قولهم في صفات الله تعالى، وتسليط عقولهم على نصوص الوحي بالتأويلات التي لا ضابط لها.- ومن ذلك نفيهم الأحاديث في رؤية الله تعالى يوم القيامة، رغم أن أحاديث الرؤية كثيرة بلغت حد التواتر في الصحاح والسنن والمسانيد، وقد رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ثلاثين صحابياً (5).

ومن تلك الأحاديث ما رواه البخاري بسنده إلى جرير قال: ((كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال: إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا)) (6).قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: "من كذب بالرؤية فهو زنديق"(7).- ومن ذلك: توسعهم في موضوع القدر، حتى جعلوه أصلاً من أصولهم الخمسة، وقد زعموا أن العقل هو الذي قادهم إلى ذلك، أما نصوص الكتاب والسنة، فلا دخل لها بشأن العدل، وما ورد من أحاديث الآحاد دالاً على ذلك، فهو ضرب من ضروب الخطأ (8).- وفي قضية مرتكب الكبيرة: فالمعتزلة لا يعتمدون على نص من القرآن أو السنة في إطلاقهم الأحكام على صاحب الكبيرة، وإنما كان جل اعتمادهم على العقل، إذ تجاوزوا الأحاديث وحكموا على صاحب الكبيرة بالخلود في النار كالكافر (9).

- ورد المعتزلة أحاديث الشفاعة في أهل الكبائر يوم القيامة، وأنكروها أيما إنكار، وقالوا: إن النبي لا يشفع لصاحب الكبيرة ولا يجوز له ذلك؟! لأن إثابة من لا يستحق الثواب قبيحة. والفاسق إنما يستحق العقوبة على الدوام، فكيف يخرج من النار بشفاعته صلى الله عليه وسلم؟ (10).والأحاديث التي وردت في إثبات الشفاعة لأهل الكبائر ثابتة، منها أحاديث متعددة في الصحيحين، ومنها ما يكثر عدده في السنن والمسانيد (11).- وقد بارك المستشرقون موقف المعتزلة من السنة النبوية، ورأوا أن وجهتهم في رد الأحاديث بالعقل هي الوجهة الصحيحة التي يجب أن تناصر وتؤيد ضد المتشددين الحرفيين الجامدين على النصوص .. فهم أهل العقل الحر والمنهج القويم، الذي يجب أن يبقى ويستمر (12).

‌المصدر:

العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب لمحمد حامد الناصر - ص 25

(1) ينظر: ((الإحكام في أصول الأحكام)) لابن حزم (1/ 110، 113 - 114).

(2)

ينظر: ((الإحكام في أصول الأحكام)) لابن حزم (1/ 110، 113 - 114).

(3)

انظر: ((الرسالة للإمام الشافعي)) (ص 453)، ((فتح الباري)) (13/ 234)، و ((إرشاد الفحول)) للشوكاني (ص49) مطبعة البابي الحلبي/ 1937م.

(4)

ينظر: ((موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية)) (ص132، 285، 286، 355).

(5)

انظر: ((شرح الطحاوية)) (194).

(6)

((صحيح البخاري)) -كتاب التوحيد- (97)، (8/ 179).

(7)

((لوامع الأنوار البهية)): (2/ 246)، محمد أحمد السفاريني، مكتبة أسامة/ الرياض/ المكتب الإسلامي/ بيروت.

(8)

انظر: ((فضل الاعتزال)) للقاضي عبدالجبار (ص286)، (ص210).

(9)

انظر: ((فضل الاعتزال)) للقاضي عبدالجبار (ص286)، (ص210).

(10)

((شرح الأصول الخمسة)): للقاضي عبدالجبار (ص688 - 689).

(11)

انظر ((الفتاوى)) لابن تيمية، (1/ 314)، و ((صحيح البخاري)) -كتاب الإيمان-.

(12)

((موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية)) (ص 355) الأمين الصادق الأمين.

ص: 135