الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يكره من التعمق والتنازع
في العلم والغلو في الدين
* قال البخاري رحمه الله في باب:
ما يكره من التعمق والتنازع في العلم، والغلو في الدين والبدع:
لقوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلَاّ الْحَقِّ} [النساء: 171].
حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا هشام: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لا تواصلوا» . قالوا: إنك تواصل، قال:«إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني» ، فلم ينتهوا عن الوصال، قال: فواصل بهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يومين، أو ليلتين، ثم رأوا الهلال، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«لو تأخر الهلال لزدتكم» . كالمنكي لهم.
حدثنا عمر بن حفص بن غياثٍ حدثنا الأعمش حدثني إبراهيم التيمي حدثني أبي قال: خطبنا علي رضي الله عنه على منبر من آجرٍ، وعليه سيف فيه صحيفة معلقة، فقال: والله ما عندنا من كتاب يقرأ إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل، وإذا فيها:(المدينة حرمٌ من عير كذا، فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً). وإذا فيه: (ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً). وإذا فيها: (من والى قوماً بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً).
حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا مسلم، عن مسروق قال قالت عائشة رضي الله عنها: صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ترخص فيه، وتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فحمد الله ثم قال:«ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني أعلمهم بالله وأشدهم له خشية» .
حدثنا محمد بن مقاتل: أخبرنا وكيع، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة قال: كاد الخيران أن يهلكا: أبو بكر وعمر، لما قدم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفد بني تميم، أشار أحدهما بالأقرع بن حابس الحنظلي أخي بني مجاشع، وأشار الآخر بغيره، فقال أبو بكرٍ لعمر: إنما أردت خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ -إلى قوله- عَظِيمٌ} . قال ابن أبي مليكة: قال ابن الزبير: فكان عمر بعد -ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر- إذا حدث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحديث حدثّه كأخي السرار، لم يسمعه حتى يستفهمه.
حدثنا إسماعيل حدثني مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في مرضه: «مروا أبا بكر يصلي بالناس» . قالت عائشة: قلتُ: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل: فقال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» . فقالت عائشة: فقلت لحفصة: قولي إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل بالناس. ففعلت حفصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل للناس» . فقالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيراً.
حدثنا آدم: حدثنا ابن أبي ذئب: حدثنا الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي قال: جاء عويمر العجلاني إلى عاصم بن عدي، فقال: أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فيقتله، أتقتلونه به، سل لي يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم،
فسأله فكره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المسائل وعابها، فرجع عاصم فأخبره: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كره المسائل، فقال عويمر: والله لآتين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فجاء وقد أنزل الله تعالى القرآن خلف عاصم، فقال له:«قد أنزل الله فيكم قرآناً» . فدعا بهما فتقدما فتلاعنا، ثم قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، ففارقها ولم يأمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بفراقها، فجرت السنة في المتلاعنين. وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«انظروها، فإن جاءت به أحمر قصيراً مثل وحرةٍ، فلا أراه إلا قد كذب، وإن جاءت به أسحم أعين ذا أليتين، فلا أحسب إلَاّ قد صدق عليها» . فجاءت به على الأمر المكروه.
حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني مالك بن أوس النصري، وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكراً من ذلك، فدخلت على مالكٍ فسألته، فقال: انطلقت حتى أدخل على عمر أتاه حاجبه يرفأ، فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون؟ قال: فدخلوا فسلموا وجلسوا، فقال: هل لك في علي وعباس؟ فأذن لهما، قال العباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين الظالم، استبا، فقال الرهط عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين، اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر، فقال: اتئدوا، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:«لا نورث ما تركنا صدقة» .
يريد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نفسه؟ قال الرهط: قد قال ذلك، فأقبل عمر على علي وعباسٍ فقال: أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ذلك؟ قالا: نعم، قال عمر: فإني محدثكم عن هذا الأمر، إن الله كان خص رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا المال بشيء لم يعطه أحداً غيره، فإن الله يقول:{مَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ} [الحشر: 6]، فكانت هذه خالصة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأْثر بها عليكم، وقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي
منها هذا المال، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله، فعمل النبي صلى بذلك حياته، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك؟ فقالوا: نعم، ثم قال لعلي وعباس: أنشدكما الله هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم، ثم توفى الله نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأنتما حينئذٍ - وأقبل على علي وعباس - تزعمان أن أبا بكر فيها كذا، والله يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق، ثم توفى الله أبا بكر فقلت: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل به رسول الله صلى وأبو بكر، ثم جئتماني وكلمتكما على كلمةٍ واحدةٍ وأمركما جميع، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك، وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها، فقلت: إن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه، تعملان فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبما عمل فيها أبو بكر، وبما عملت فيها منذ وليتها، وإلَّا فلا تكلماني فيها، فقلتما: ادفعها إلينا بذلك، فدفعتها إليكما بذلك، أنشدكم بالله، هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم، قال أفتلتمسان مني قضاءً غير ذلك، فوالذي بإذنه تقوم السماء والأرض، لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنها فأدفعاها إلي فأنا أكفيكماها.