الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ
الْحَدِيثُ الْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عليه السلام: "يَمْسَحُ الْمُقِيمُ كَمَالَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا"، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي مَسْحِ الْخُفَّيْنِ، قَوْلُهُ: عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَوْ جَاوَزْنَا هَذَا الْخُصَّ لَقَصَرْنَا، قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ1 أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، أَنَّ عَلِيًّا خَرَجَ مِنْ الْبَصْرَةِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا، ثُمَّ قَالَ: إنَّا لَوْ جَاوَزْنَا هَذَا الْخُصَّ لَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا خَرَجَ إلَى الْبَصْرَةِ رَأَى خُصًّا، فَقَالَ: لَوْلَا هَذَا الْخُصُّ لَصَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْت: وَمَا الْخُصُّ؟ قَالَ: بَيْتٌ مِنْ قَصَبٍ، انْتَهَى. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا2 أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ وِقَاءَ بْنِ إيَاسٍ3 الْأَسَدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ، وَنَحْنُ نَنْظُرُ إلَى الْكُوفَةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ يَنْظُرُ إلَى الْقَرْيَةِ، فَقُلْنَا لَهُ: أَلَا تُصَلِّي أَرْبَعًا؟ قَالَ: لَا، حَتَّى نَدْخُلَهَا، انْتَهَى. وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ4" تَعْلِيقًا مِنْ غَيْرِ سَنَدٍ، فَقَالَ: وَخَرَجَ عَلِيٌّ، فَقَصَرَ، وَهُوَ يَرَى الْبُيُوتَ، فَلَمَّا رَجَعَ قِيلَ لَهُ: هَذِهِ الْكُوفَةُ، قَالَ: لَا، حَتَّى نَدْخُلَهَا، انْتَهَى. وَرَوَى أَيْضًا5 أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بُيُوتِ الْمَدِينَةِ، وَيَقْصُرُ إذَا رَجَعَ حَتَّى يَدْخُلَهَا، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَلَا يَزَالُ عَلَى حُكْمِ السَّفَرِ حَتَّى يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ، فِي بَلْدَةٍ، أَوْ قَرْيَةٍ خَمْسَةَ يَوْمًا، أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ نَوَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، قَصَرَ، وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، وَالْأَثَرُ فِي مِثْلِهِ كَالْخَبَرِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُمَا6، قَالَا: إذَا قَدِمْتَ بَلْدَةً، وَأَنْتَ مُسَافِرٌ، وَفِي نَفْسِك أَنْ تُقِيمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، أَكْمِلْ الصَّلَاةَ بِهَا، وَإِنْ كُنْت لَا تَدْرِي مَتَى تَظْعَنُ، فَاقْصِرْهَا، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" ثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا عَمْرُو بْنُ ذَرٍّ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ إذَا أَجْمَعَ عَلَى إقَامَةٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، أَتَمَّ الصَّلَاةَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي
(1) في نسخة: "عن".
2 قلت: والبيهقي: ص 146 ج 3.
3 وقاء ابن إياس "بكسر الواو، بعدها قاف، بعدها مدة" كذا في "فتح الباري" ص 469 ج 2.
4 البخاري في "باب يقصر إذا خرج من موضعه" ص 148.
5 أي عبد الرزاق، وأحمد في "مسنده" ص 45 ج 2، وص 99 ج 2، وص 124 ج 2.
6 كذا قال الحافظ في "الدراية" والعيني في "البناية". وابن الهمام في "الفتح" وإني لم أجد هذا الأثر في "شرحه" في مظانه، والله أعلم، وعزا الترمذي إلى ابن عمر، أنه قال: من أقام خمسة عشر يوماً أتم الصلاة.
"كِتَابِ الْآثَارِ1" أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ثَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: إذا كنت مسافر فَوَطَّنْتَ نَفْسَكَ عَلَى إقَامَةٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَأَتْمِمْ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي، فَاقْصِرْ الصَّلَاةَ، انْتَهَى. وَقَدَّرَهَا الشَّافِعِيُّ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ نَوَاهَا صَارَ مُقِيمًا، وَيَرُدُّهُ حَدِيثُ أَنَسٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ، وَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ. قُلْت: كَمْ أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ2، وَلَا يُقَالُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ عَزَمُوا عَلَى السَّفَرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي. أَوْ الثَّالِثِ، وَاسْتَمَرَّ بِهِمْ ذَلِكَ إلَى عَشْرٍ، لِأَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا هُوَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُمْ نَوَوْا الْإِقَامَةَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِأَجْلِ قَضَاءِ النُّسُكِ، نَعَمْ كَانَ يَسْتَقِيمُ هَذَا لَوْ كَانَ الْحَدِيثُ فِي قَضِيَّةِ الْفَتْحِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ: أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ3، وَكَانَ فِي الْفَتْحِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، أَقَامَ بِمَكَّةَ4 عَامَ الْفَتْحِ. وَالْآخَرُ: حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ، وَكَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ5، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "حَوَاشِيهِ": حَدِيثُ أَنَسٍ يُخْبِرُ عَنْ مُدَّةِ مُقَامِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَإِنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ يَوْمُ الْأَحَدِ، وَبَاتَ بِالْمُحَصَّبِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ، وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَعْمَرَتْ عَائِشَةُ مِنْ التَّنْعِيمِ، ثُمَّ طَافَ عليه السلام طَوَافَ الْوَدَاعِ، سَحَرًا قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ، وَخَرَجَ صَبِيحَتَهُ، وَهُوَ الرَّابِعَ عَشَرَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَغَيْرُهُ، فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ مُدَّةِ مُقَامِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ زَمَنِ الْفَتْحِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد. وَالْبَيْهَقِيِّ6 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِمَكَّةَ سَبْعَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": وَإِسْنَادُهَا عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَفِي رِوَايَةٍ7 لَهُمَا مُرْسَلَةٍ ضَعِيفَةٍ: خَمْسَةَ عَشَرَ، وَفِي رِوَايَةٍ8 لَهُمَا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَهِيَ
1 "كتاب الآثار باب الصلاة في السفر".ص34.
2 البخاري في "المغازي في باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح" ص 615، وفي "التقصير" ص 147، ومسلم في "صلاة المسافرين" ص 243 ج 1، وفي رواية له "إلى الحج" وأبو داود في "باب متى يتم المسافر" ص 180 ج 1، والنسائي في "كتاب التقصير" ص 211، وص 212، والترمذي: ص 71، وابن ماجه: ص 76.
3 البخاري في "المغازي" ص 615، وفي "التقصير" ص 147، وابن ماجه في "باب كم يقصر الصلاة المسافر إذا أقام ببلدة" ص 76، والبيهقي: ص 150 ج 3، وفيه التصريح بزمن الفتح.
4 هو عند أحمد في: ص 315 ج 1.
5 وهو صريح في بعض الطرق، عند مسلم.
6 أبو داود في "باب متى يتم المسافر" ص 180، والبيهقي: ص 151 ج 3 من طريق أبي داود. وأحمد: ص 315، وفيه أقام بمكة عام الفتح.
7 أبو داود: ص 180، والبيهقي: ص 151 ج 3، والنسائي: ص 212، وابن ماجه: ص 76، والطحاوي: ص 242، كلهم مسنداً.
8 أبو داود: ص 181، والبيهقي: ص 151 ج 3.
أَيْضًا ضَعِيفَةٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُمْكِنُ الْجَمْعُ: بِأَنَّ مَنْ رَوَى تِسْعَةَ عَشَرَ، عَدَّ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَمَنْ رَوَى سَبْعَةَ عَشَرَ، تَرَكَهُمَا، وَمَنْ رَوَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، عَدَّ أَحَدَهُمَا، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَقَامَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرَ، وَكَانَ يَقْصُرُ"، وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِثْلُ ذَلِكَ، قُلْت: رواه عن عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَقَامَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ1" عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: اُرْتُجَّ عَلَيْنَا الثَّلْجُ، وَنَحْنُ بآذربيجان ستة أشهر من غَزَاةٍ، وَكُنَّا نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا سَنَدٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ2 أَيْضًا، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، بِبَعْضِ بِلَادِ فَارِسٍ، سَنَتَيْنِ، فَكَانَ لَا يَجْمَعُ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ، نَحْوَهُ.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَقَامَ بِالشَّامِّ شَهْرَيْنِ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ3، قَالَ النَّوَوِيُّ: وفي مسنده عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَثَّقَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ".
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ4" حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا الْمُثْنَى5 بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ نَصْرِ بْنِ عِمْرَانَ، قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّا نُطِيلُ الْقِيَامَ بِخُرَاسَانَ، فَكَيْفَ تَرَى؟ قَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ أَقَمْت عَشَرَ سِنِينَ، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ6" أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّامِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكُنَّا نُصَلِّي أَرْبَعًا، وَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ7 عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقَامُوا بِرَامَهُرْمُزَ
(15) وفي "السنن" ص 152 ج 3، قال الحافظ في "الدراية": إسناده صحيح، وأحمد في "مسنده" ص 83 ج 2، نحوه.
2 والبيهقي: ص 152 ج 3.
3 البيهقي في "الكبرى" ص 152 ج 3.
4 قلت: على إسناد الصحيح.
5 المثنى بن سعيد عن أبي جمرة، نصر بن عمران، كذا في "البناية" ص 968، وهو الصحيح.
6 وأخرج الطحاوي: ص 244، بمعناه مطوّلاً.
7 البيهقي في "السنن" ص 152 ج 3.
تِسْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ1، وَفِيهِ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ، مُسْنَدَةٌ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ2" عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا، يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، انْتَهَى. قَالَ أَبُو دَاوُد: غَيْرُ مَعْمَرٍ لَا يُسْنِدُهُ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ"، وَقَالَ: تَفَرَّدَ مَعْمَرٌ بِرِوَايَتِهِ مُسْنَدًا، وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ. وَغَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ. وَمُسْلِمٍ، لَا يَقْدَحُ فِيهِ تَفَرُّدُ مَعْمَرٍ، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ حَافِظٌ، فَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ3" أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، تَفَرَّدَ بِهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ4" عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ بِمَكَّةَ تِسْعَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، فَنَحْنُ إذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا، وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد: سَبْعَ عَشْرَةَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي تِسْعَ عَشْرَةَ. وَسَبْعَ عَشْرَةَ، وَأَصَحُّهَا عِنْدِي5: تِسْعَ عَشْرَةَ، وَهِيَ الَّتِي أَوْدَعَهَا الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"، فَأُخِذَ مَنْ رَوَاهَا، وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَهُوَ أَحْفَظُ مَنْ رَوَاهُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي "الْمَعْرِفَةِ6": وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، فَمَنْ رَوَى تِسْعَ عَشْرَةَ، عَدَّ يَوْمَ الدُّخُولِ، وَيَوْمَ الْخُرُوجِ، وَمَنْ رَوَى سَبْعَ عَشْرَةَ، لَمْ يَعُدَّهُمَا، وَمَنْ رَوَى ثَمَانِ عَشْرَةَ، عَدَّ أَحَدَهُمَا، قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ7 عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
1 قال الحافظ في "الدراية": صحيح.
2 أبو داود في "باب إذا أقام بأرض العدو يقصر" ص 181، والبيهقي في "السنن" ص 152 ج 3، وقال: تفرد معمر، الخ، ولحديث جابر شاهد من حديث أنس، عند الطبراني في "الأوسط" ذكره في "الزوائد" ص 158 ج 2، لكن فيه متروك.
3 والبيهقي في "سننه" ص 152.
4 البخاري في "أبواب التقصير" ص 147، وفي "المغازي" ص 615، وأبو داود في: ص 180 ج 1، بلفظ: سبع عشرة.
5 أصحها عندي إلى قوله: انتهى، من كلام البيهقي في "سننه" ص 151 ج 3 أيضاً، لعل في العبارة سقطاً، فليراجع النسخة الصحيحة، فليكن "قال البيهقي في السنن".
6 قلت: وفي "السنن" ص 151 ج 3 أيضاً، إلى قوله: من روى ثمان عشرة، عد أحدهما.
7 حديث محمد بن إسحاق تقدم عن قريب، وذكرت هنا من أخرجه مسنداً.
أَقَامَ عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، فَقَدْ رَوَاهُ كَذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ. وَسَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ، لَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مِنْ قَوْلِهِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ حِينَ صَلَّى بِأَهْلِ مَكَّةَ، وَهُوَ مُسَافِرٌ:"أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَالتِّرْمِذِيُّ1 عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً، لَا يُصَلِّي إلَّا رَكْعَتَيْنِ، يَقُولُ:"يَا أَهْلَ مَكَّةَ، صَلُّوا أَرْبَعًا، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ". وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ". وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ. وَالْبَزَّارُ فِي "مَسَانِيدِهِمْ"، وَلَفْظُ الطَّيَالِسِيِّ: قَالَ: مَا سَافَرَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَفَرًا قَطُّ، إلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى يَرْجِعَ، وَشَهِدْت مَعَهُ حنين، وَالطَّائِفَ، وَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، حَجَجْت مَعَهُ، وَاعْتَمَرْت، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ حَجَجْت مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَاعْتَمَرْت، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ:"أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ"، ثُمَّ حَجَجْت مَعَ عُثْمَانَ، وَاعْتَمَرْت، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ إنَّ عُثْمَانَ أَتَمَّ، انْتَهَى. وزاد فيه ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: وَشَهِدْت مَعَهُ الْفَتْحَ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً، لَا يُصَلِّي إلَّا رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ فِيهِ: وَحَجَجْت مَعَ عُثْمَانَ سَبْعَ سِنِينَ، مِنْ إمَارَتِهِ، فَكَانَ لَا يُصَلِّي إلَّا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّاهَا بِمِنًى أَرْبَعًا، انْتَهَى.
أَثَرٌ عَنْ عُمَرَ: رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ2" عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ:"يَا أَهْلَ مَكَّةَ، أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ صَلَّى بِأَهْلِ مَكَّةَ الظُّهْرَ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ:"يَا أَهْلَ مَكَّةَ، أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. وَأَصْحَابَهُ رضوان الله عليهم كَانُوا يُسَافِرُونَ، وَيَعُودُونَ إلَى أَوْطَانِهِمْ، مُقِيمِينَ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ جَدِيدٍ3، قُلْت: لَمْ أَجِدْ لَهُ شَاهِدًا
1 أبو داود في "باب متى يتم المسافر: ص 180، والترمذي في "باب التقصير في السفر" ص 71، لكن بغير هذا السياق، كأنه اختصر من سياق الطيالسي، وأخرجه الطيالسي: ص 115، والطحاوي: ص 242، وأحمد في "مسنده" ص 430 ج 4، وص 431 ج 4، وص 432 ج 4، وص 440 ج 4، والبيهقي: ص 135 ج 3، وص 153 ج 3، وتعلق بعضهم بعلي بن زيد بن جدعان.
2 "الموطأ في باب المسافر إذا كان إماماً، أو وراء إمام" ص 52.
3 أخرجه الطحاوي: ص 242 عن أبي عباس، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من عند أهله، لم يصل الا ركعتين حتى يرجع إليهم، اهـ وأحمد: ص 45 ج 2 عن ابن عمر أيضاً، وتقدم في: ص 308، وأخرج البيهقي عنه: ص 156 ج 3 موقوفاً، إذا أتيت أهلك، أو ماشيتك، فأتم الصلاة، اهـ.
وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا دَخَلَ مِصْرَهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَدَّ نَفْسَهُ بِمَكَّةَ مِنْ الْمُسَافِرِينَ، قُلْت: يَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ أَنَسٍ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ، قِيلَ: كَمْ أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا، انْتَهَى. أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ عليه السلام أَقَامَ بِمَكَّةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَحَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: غَزَوْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَشَهِدْت الْفَتْحَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إلَّا رَكْعَتَيْنِ، يَقُولُ يَا أَهْلَ مَكَّةَ، صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ1 عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ بِالْأَبْطَحِ بِمَكَّةَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، فَأَتَاهُ بِلَالٌ بِوُضُوئِهِ، قَالَ: فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، فَتَوَضَّأَ، وَأَذَّنَ بِلَالٌ، فَجَعَلْت أَتَتَبَّعُ فاه، ههنا وههنا، يَقُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا:"حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ"، قَالَ: ثُمَّ أُرْكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحِمَارُ. وَالْكَلْبُ، لَا يَمْنَعُ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ، أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ2" عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَافَرْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ. وَمَعَ عُمَرَ، كُلُّهُمْ صَلَّى حِينَ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ، إلَى أَنْ رَجَعَ إلَيْهَا، رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسِيرِ، وَفِي الْمُقَامِ بِمَكَّةَ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْقَصْرِ، رُخْصَةٌ، أَوْ عَزِيمَةٌ: اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ عَزِيمَةٌ، بِأَحَادِيثَ: مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، انْتَهَى. أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ3"، وَفِي لَفْظٍ: قَالَتْ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ، فَأَتَمَّهَا فِي الْحَضَرِ، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الْأُولَى، انْتَهَى. زَادَ فِي لَفْظٍ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقُلْت لِعُرْوَةِ: فَمَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ؟، قَالَ: إنَّهَا تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: قَالَتْ: فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، فَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْأَوَّلِ، انْتَهَى. ذَكَرَهُ بَعْدَ الْمَنَاقِبِ، فِي "بَابِ مِنْ أَيْنَ
1 حديث أبي جحيفة هذا أخرجه مسلم في "باب سترة المصلي" ص 196، وأما البخاري، فأخرجه في اثني عشر موضعاً، ولم أجد في شيء منها ما يتعلق بغرض المخرج، والله أعلم.
2 وقال الهيثمي في "الزوائد" ص 156 ج 2: رواه أبو يعلى. والطبراني في "الأوسط" ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.
3 أخرجه البخاري في "أول كتاب الصلاة" ص 51، وفي "التقصير في باب القصر إذا خرج من موضعه" ص 148، وقبل "المغازي في باب إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه" ص 560، وأخرجه مسلم في "كتاب المسافرين" ص 341 ج 1
أَرَّخُوا التَّارِيخَ"، وَهَذَا الرِّوَايَةُ تَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّ زِيَادَةَ الصَّلَاةِ فِي الْحَضَرِ كَانَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ1، انْتَهَى. وَأَجَابَ الْخَصْمُ بِأَنَّهُ رَأْيٌ لَا رِوَايَةٌ، وَبِأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْمَفْرُوضِ الْأَوَّلِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ2" عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، بِلَفْظِ: افْتَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ، كَمَا افْتَرَضَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ3. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عُمَرَ، قَالَ: صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ السَّادِسِ وَالسِّتِّينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَلَمْ يَقْدَحْهُ بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ اعْتَرَضَهُ النَّسَائِيّ فِي "سُنَنِهِ4" بِأَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا، فَقَالَ: وَابْنُ أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عُمَرَ، انْتَهَى. وَقَوَّى ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، بِأَنَّ ابْنَ مَاجَهْ أَخْرَجَهُ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ، وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مُسْلِمًا حَكَمَ فِي "مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ" بِسَمَاعِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ عُمَرَ، فَقَالَ: وَأَسْنَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ حَفِظَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، انْتَهَى. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ5 مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ
1 قلت: قد تقدم في "المواقيت" ص 223 حديث أبي مسعود، وفي: ص 225، حديث أنس، فيهما أربع ركعات: الظهر. والعصر. والعشاء، قبل الهجرة.
2 في "كتاب المسافرين" 241، والنسائي في "باب كيف فرضت الصلاة" ص 79، وأحمد في "مسنده" ص 355 ج 1.
3 في "باب عدد صلاة العيد" ص 232، والطحاوي: ص 245، وابن ماجه في "باب تقصير الصلاة في السفر" ص 76، وأحمد: ص 37 ج 1، والطيالسي: ص 20 ج 10.
4هذا الحديث رواه النسائي في "الجمعة في باب عدد صلاة الجمعة أيضاً" ص 209، وفي آخره، قال: أبو عبد الرحمن بن أبي ليلى، لم يسمع من عمر، اهـ.
5 قلت: يؤيده أيضاً ما عند الطحاوي: ص 209، صلى بنا عمر، وفي: ص 245 خطبنا عمر، ولكن للتأويل فيها مجال، وأصرح منه ما رواه الدارقطني في "سننه" ص 232، أبو بكر النيسابوري حدثنا محمد بن علي الوراق حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا إسرائيل عن عبد الأعلى عن ابن أبي ليلى، قال: كنت عند عمر، فأتاه راكب، فزعم أنه رأى الهلال، الحديث، ورواه ابن سعد في "طبقاته" ص 75 ج 6، عن مالك بن إسماعيل عن إسرائيل به، قال: كنت جالساً عند عمر، الحديث، وراجع "مسند أحمد" ص 32 ج 1 أيضاً، ورواه البيهقي في "سننه" ص 248 ج 4 عن ورقاء عن عبد الأعلى عن عبد الرحمن، قال كنت، الحديث، وأما الزيادة التي رواها ابن ماجه. والبيهقي في "السنن" ص 199 ج 3 فهي من رواية محمد بن بشر عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد، وروى الحديث الثوري. ومحمد بن طلحة بن مصرف. وشريك عن زبيد، ولم يذكروا كعباً، وسأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث، وقال: قال أبي: الثوري أحفظ، ذكره في "العلل" ص 138 ج 1، والله أعلم.
فِي "مسنده" عن الحنين بْنِ وَاقِدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَهُ، قَالَ: خَرَجْت مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إلَى مَكَّةَ، فَاسْتَقْبَلَنَا أَمِيرُ مَكَّةَ، الْحَدِيثَ، بَلْ صَرَّحَ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَذَكَرَهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ1 عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَانَا، وَنَحْنُ ضُلَّالٌ، فَعَلَّمَنَا، فَكَانَ فِيمَا عَلَّمَنَا أَنَّ اللَّهَ عز وجل أَمَرَنَا أَنْ نُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ، انْتَهَى. قَالَ فِي "تَنْقِيحِ التَّحْقِيقِ": هَكَذَا عَزَاهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي "الْمُنْتَقَى" لِلنَّسَائِيِّ، ولم أجد فِيهِ فِي "قَصْرِ الصَّلَاةِ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْمَدِينِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُتِمُّ لِلصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، كَالْمُقْصِرِ فِي الْحَضَرِ"، انْتَهَى. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" بِأَنَّ بَقِيَّةَ مُدَلِّسٌ، وَشَيْخُ الدَّارَقُطْنِيِّ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُفْلِسِ، وَكَانَ كَذَّابًا، انْتَهَى. قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": اشْتَبَهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْمُفْلِسِ هَذَا، بِآخَرَ، وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ بْنِ المفلس الخماني، وَهُوَ كَذَّابٌ وَضَّاعٌ، قَالَ: وَالْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ في رواته مجهول، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ. وَأَحْمَدُ. وَمَالِكٌ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ، بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ2" عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْت لعمر بن الخطاب: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ، فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:"صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِابْنِ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ": فَاقْبَلُوا رُخْصَتَهُ، وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ3 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، وَلَيْسَ بِالْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
1 حديث آخر، أخرجه الطحاوي: ص 194 عن علي يقول: فرض النبي صلى الله عليه وسلم أربع صلوات: صلاة الحضر، أربع ركعات. وصلاة السفر ركعتين. وصلاة الكسوف ركعتين. وصلاة المناسك ركعتين، اه، وفي إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف.
2 في "باب صلاة المسافر" ص 241 ج 1، وأبو داود في "باب صلاة المسافر" ص 177 ج 1، والنسائي في "التقصير" ص 211، وابن ماجه: ص 76، والترمذي في "تفسير النساء" ص 128 ج 2، وأحمد: ص 25 ج 1، وص 36 ج 1.
3 أبو داود في "الصيام في باب اختيار الفطر" ص 334، والترمذي في "الصوم في باب الرخصة في الافطار للحبلى" ص 89، والنسائي في "باب ذكر وضع الصيام عن المسافر" ص 316 ج 1، وابن ماجه في "باب الافطار للحامل والمرضع" ص 121، والطحاوي: ص 246، وأحمد: ص 347 ج 4.
فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدْتُهُ يَتَغَدَّى، فقال:"أدن، فكلْ، فَقُلْتُ: إنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: إذَنْ أُخْبِرْك عَنْ الصَّوْمِ، إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ، وَشَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنْ الْحَامِلِ. وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ"، فيالهف نَفْسِي أَنْ لَا أَكُونَ طَعِمْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلَا يُعْرَفُ لِأَنَسٍ هَذَا، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ".
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ1" عَنْ الْعَلَاءِ بْن زُهَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اعْتَمَرَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ، حَتَّى إذَا قَدِمَتْ مَكَّةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي، أَنْتَ وَأَمِّي قَصَرْتَ، وَأَتْمَمْتُ، وَأَفْطَرْتَ، وَصُمْتُ، قَالَ:"أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ"، وَمَا عَابَ عَلَيَّ، انْتَهَى. وَالْعَلَاءُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنْ الثقات مالا يُشْبِهُ حَدِيثَ الْأَثْبَاتِ، فَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، كَذَا قَالَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ"، وَذَكَرَهُ فِي "كِتَابِ الثِّقَاتِ" أَيْضًا، فَتَنَاقَضَ كَلَامُهُ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِمَا" عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ3 عَنْ عَائِشَةَ بِهِ، وَلَفْظُهُمَا، قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ، فَأَفْطَرَ، وَصُمْتُ، وَقَصَرَ، وَأَتْمَمْتُ، فَقُلْت: بِأَبِي وَأَمِّي أَنْتَ، الْحَدِيثَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَذَكَرَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ" أَنَّ هَذَا الْمَتْنَ مُنْكَرٌ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْتَمِرْ فِي رَمَضَانَ قَطُّ، انْتَهَى. قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ4 عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: حَجَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَجَّةً وَاحِدَةً، وَاعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَ، كُلُّهُنَّ
1 في باب المقام الذي يقصر بمثله" ص 213، والبيهقي: ص 142 ج 3، وقال ابن القيم في "الهدى" ص 130: ناقلاً عن شيخه ابن تيمية: هذا الحديث كذب على عائشة، ولم تكن عائشة تصلي بخلاف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسائر الصحابة، وهي تشاهدهم يقصرون، وتتم هي وحدها بلا موجب، وكيف: وهي القائلة: فرضت الصلاة ركعتين، فزيد في صلاة الحضر، وأقرت صلاة السفر، فكيف يظن أنها تزيد على ما فرض الله، وتخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأصحابه؟!، قال الزهري لعروة لما حدثه عن أبيه عنها بذلك: فما شأنها كانت تتم الصلاة؟ فقال: تأولت كما تأول عثمان، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حسن فعلها، وأقرها عليه، فما للتأويل وجه، ولا يصح أن يضاف إتمامها إلى التأويل، مع هذا التقدير، اهـ، قلت: قد تكلم الحافظ ابن تيمية على هذا الحديث في "فتاواه" ص 409 ج 2، وقال ابن قيم في "الهدى" ص 170: هذا الحديث غلط، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان قط، وعمره مضبوطة العدد. والزمان، ونحن نقول: يرحم الله أم المؤمنين، ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان قط، وقد قالت عائشة: لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة، رواه ابن ماجه. وغيره، اهـ.
2 ص 242، والبيهقي: ص 142 ج 3.
3 قال البيهقي: من قال: عن أبيه في هذا الحديث، فقد أخطأ، اهـ.
4 البخاري في "باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم" ص 239، ومسلم في "باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم" ص 409.
فِي ذِي الْقِعْدَةِ، إلَّا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": فِي هَذَا الْحَدِيثِ إشْكَالٌ، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَعْتَمِرْ إلَّا أَرْبَعَ عُمَرَ، كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا بِالسَّنَدِ الْأَوَّلِ وَمَتْنِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ، فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَدْرَكَ عَائِشَةَ، وَدَخَلَ عَلَيْهَا، وَهُوَ مُرَاهِقٌ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ1 أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْصُرُ فِي الصوم، وَيُتِمُّ، وَيُفْطِرُ، وَيَصُومُ، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْتَهَى. وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُمَرَ. وَدَلَّهُمْ بْنِ صَالِحٍ. وَالْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ، وَثَلَاثَتُهُمْ ضُعَفَاءُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفٌ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي فِي السَّفَرِ، فَقُلْت لَهَا: لَوْ صَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَتْ: يَا ابْنُ أَخِي إنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيَّ، انْتَهَى. وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ يُعَارَضُ هَذَا بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ2 عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ عُمَرَ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ، انْتَهَى. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ عُثْمَانَ أَتَمَّ فِي آخَرِ الْأَمْرِ، كَمَا أَخْرَجَاهُ3 مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ عَنْهُ، وَمِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ سَالِمٍ أَنَّهُ عليه السلام صَلَّى صَلَاةَ الْمُسَافِرِ بِمِنًى: وَغَيْرُهُ رَكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ. وَعُمَرَ. وَعُثْمَانَ رَكْعَتَيْنِ، صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْجَمْعِ بَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ4 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا5، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَخَّرَ الظُّهْرَ،
1 الدارقطني: ص 242، والبيهقي: ص 141 ج 3، والطحاوي: ص 241 عن مغيرة بن زياد عن عطاء.
2 البخاري في "باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلوات وقبلها" ص 149، ومسلم في "صلاة المسافرين" ص 242، واللفظ له، وفي رواية له عن ابن عمر أنه قال: وعثمان له ثمان سنين، أو ست سنين.
3 البخاري في "التقصير في باب الصلاة بمنى" ص 147، ومسلم: ص 243 من رواية نافع، ومسلم من رواية سالم أيضاً، والبخاري: ص 225 من رواية عبيد الله عن أبيه، وكذا مسلم.
4 البخاري في "التقصير في باب يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس" 150، ومسلم في "باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر" ص 245.
5 قوله: لهما "أي البخاري. ومسلم" وإني لم أجد هذه الألفاظ إلا في مسلم فقط، فلينظر، والله أعلم.
حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يجمع بنيهما، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَعْجَلَ بِهِ السَّيْرُ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ، فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ، حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ، حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ: كَانَ إذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بَعْدَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاةِ فِي سَفْرَةٍ سَافَرَهَا، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ. وَالْعَصْرِ. وَالْمَغْرِبِ. وَالْعِشَاءِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَقُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ، انْتَهَى. زَادَ فِي رِوَايَةٍ: بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ، قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَسَأَلْت سَعِيدًا لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ، كَمَا سَأَلْتنِي، فَقَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ2: رِوَايَةُ: مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ، رَوَاهَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَجُمْهُورُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ: مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا سَفَرٍ، وَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3 عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَبَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، قَالَ: قُلْت: فَمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ لِأَصْحَابِنَا: أَسْنَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لَنَا فِي "التَّحْقِيقِ" بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ4 عَنْ حَنَشٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: حَنَشُ بْنُ قَيْسٍ ثِقَةٌ، انْتَهَى. قَالَ فِي "تَنْقِيحِ التَّحْقِيقِ": لَمْ يُتَابَعْ الْحَاكِمُ عَلَى تَوْثِيقِهِ، فَقَدْ كَذَّبَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَكَذَلِكَ قَالَ النَّسَائِيُّ. والدارقطني، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ5: تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو عَلِيٍّ الرَّحَبِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِحَنَشٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، لَا يُحْتَجُّ بِخَبَرِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ" وَقَالَ: حَنَشُ بْنُ قَيْسٍ
1 في "باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر" ص 246.
2 ص 167 ج 3.
3 مسلم: ص 246 ج 1.
4 الترمذي في "باب الجمع بين الصلاتين" ص 26، والحاكم في "المستدرك" ص 275، والبيهقي ص 169 ج 3، والدارقطني: ص 152، وقال: حنش هذا، أبو علي الرحبي متروك، اهـ. وقال الذهبي في "مختصره" قلت: بل ضعفوه، اهـ.
5 ص 169 ج 3.
الرَّحَبِيُّ، أَبُو عَلِيٍّ، وَلَقَبُهُ:"حَنَشٌ"، كَذَّبَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ، وَتَرَكَهُ ابْنُ مَعِينٍ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ الْحَاكِمِ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ عُمَرَ، قَالَ: جَمْعُ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنْ الْكَبَائِرِ، انْتَهَى. قَالَ: وَأَبُو الْعَالِيَةِ لَمْ يَسْمَعْ1 مِنْ عُمَرَ، ثُمَّ أَسْنَدَهُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْعَدَوِيِّ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى عَامِلٍ لَهُ: ثَلَاثٌ مِنْ الْكَبَائِرِ: الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، إلَّا مِنْ عُذْرٍ. وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ. وَالنُّهْبَى، قَالَ: وَأَبُو قَتَادَةَ أَدْرَكَ عُمَرَ، فَإِذَا انْضَمَّ هَذَا إلَى الْأَوَّلِ صَارَ قَوِيًّا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْعُذْرُ يَكُونُ بِالسَّفَرِ. وَالْمَطَرِ، وَتَأَوَّلَ الطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ الْآثَارِ2" الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْوَارِدَ فِي الْحَدِيثِ، عَلَى أَنَّهُ صَلَّى الْأُولَى فِي آخِرِ وَقْتِهَا، وَالثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، لَا أَنَّهُ صَلَّاهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَقَوَّى ذَلِكَ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ3 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةً لِغَيْرِ وَقْتِهَا، إلَّا بِجَمْعٍ، فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ. وَالْعِشَاءِ، بِجَمْعٍ، وَصَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنْ الْغَدِ قَبْلَ وَقْتِهَا، انْتَهَى. وَبِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ4أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقِظَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ، حَتَّى يَدْخُلَ وقت صلاة أخرى"، أخرجه مُسْلِمٌ، قَالَ: وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا سَفَرٍ،، وَفِي لَفْظٍ: قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الظُّهْرِ. وَالْعَصْرِ. وَالْمَغْرِبِ. وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ، قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إلَى ذَلِكَ؟، قَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ، قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَّا، وَلَا مِنْهُمْ، بِجَوَازِ الْجَمْعِ فِي الْحَضَرِ، قَالَ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْجَمْعِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَأْخِيرِ الْأُولَى، وَتَعْجِيلِ الْأُخْرَى، قَالَ: وَأَمَّا عَرَفَةُ، وَجَمْعٌ فَهُمَا مَخْصُوصَانِ بِهَذَا الْحُكْمِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
1 أبو العالية، أسلم بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، ودخل على أبي بكر، وصلى خلف عمر، وإن مسلماً حكى الاجماع على أنه يكفي لاتصال السند المعنعن كون الشخصين في عصر واحد، وكذا الكلام في رواية أبي قتادة عن عمر، فإنه أدركه، كذا في "الجوهر النقي".
2 ص 96.
3 البخاري في "الحج في باب متى يصلي الفجر بجمع" ص 228، ومسلم فيه في "باب استحباب زيادة التغليس لصلاة الصبح يوم النحر" ص 417، والطحاوي: ص 97، وأبو داود في "الحج _في باب الصلاة بجمع" ص 274، واللفظ له.
4 أخرجه مسلم في "باب قضاء الصلاة الفائتة" ص 239، في حديث طويل، والطحاوي: ص 98.