الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ الظُّهْرِ. وَالْعَصْرِ. وَالْمَغْرِبِ. وَالْعِشَاءِ، حِينَ لَقِينَا ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} فَقَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بلالاً، فأقام، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ، كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ، فَصَلَّاهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: الْعِشَاءَ، إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، وَهَذَا يُوَضِّحُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْعِشَاءَ لَا تُعَدُّ مِنْ الْفَوَائِتِ إلَّا مَجَازًا، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَقَالَ فِيهِ: عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِهِ، فَذَكَرَهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ احْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى تَأْخِيرِ الصَّلَوَاتِ فِي حَالِ الْخَوْفِ، قَالَ فِي "الشِّفَاءِ": وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْخَوْفِ، فَهِيَ نَاسِخَةٌ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ، فَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شُغِلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ. وَالْعَصْرِ. وَالْمَغْرِبِ. وَالْعِشَاءِ، حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ، فَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ قَالَ:"مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ غَيْرُكُمْ"، انْتَهَى. وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ ضَعِيفٌ، وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْمُتَقَدِّمُ أَوَّلَ الْبَابِ1، أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" حَدِيثُ بَطْحَانَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْعِلَلِ" بِإِسْنَادِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ، قَالَ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا صَلَاةَ لِمَنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ"، فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ هَذَا، وَلَا سَمِعْته عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ" هَكَذَا، قَالَ: مَا عَرَفْنَا لَهُ أَصْلًا، انْتَهَى.
1 حديث جابر تقدم عن قريب "في الفائتة".
بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ لِلسَّهْوِ قبل السلام، قلت: خرجه الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ2 أَنَّ النَّبِيَّ
(1) أخرجه البخاري في "الصلاة في باب من لم ير التشهد الأول واجباً" ص 115، ومسلم في "باب السهو في الصلاة والسجود" ص 211، وأبو داود في "باب من قام عن ثنتين، ولم يتشهد" ص 155، والنسائي في "السهو في باب ما يفعل من قام عن ثنتين ناسياً، ولم يتشهد، ص 181،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلَاةَ، وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ السَّلَامِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلَاعِيِّ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ سَالِمٍ الْعَنْسِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ نُفَيْرٍ عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ السَّلَامِ، انْتَهَى. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد عَنْ أَبِيهِ عَنْ ثَوْبَانَ، وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ مِنْ الرُّوَاةِ، عَنْ ابْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": انْفَرَدَ بِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ2، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ". وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ".
أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ3 إلَّا التِّرْمِذِيَّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَزَادَ، أَوْ نَقَصَ، فَلَمَّا سَلَّمَ، قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ:"وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: صَلَّيْت، كَذَا. وَكَذَا، قَالَ: فَثَنَى رِجْلَهُ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: إنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ لَنَبَّهْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنِّي إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّم، ثُمَّ لْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ"، وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ الْبُخَارِيِّ، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ فِيهِ، بِالْوَاوِ، وَلَفْظُهُ: وَيُسَلِّمُ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ، وَأَمَّا النَّسَائِيّ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ:"وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ"، إلَى آخِرِهِ، بِالْجُمْلَةِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد4. وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَافِعٍ أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ شَيْبَةَ
والترمذي في "باب ما جاء في سجدتي السهو قبل السلام" ص 51، وحسنه، وابن ماجه "فيمن قام من ثنتين ساهياً" ص 85، والطحاوي: ص 254.
1 في "باب من نسي أن يتشهد وهو جالس" ص 156، وابن ماجه في "باب من سجدهما بعد السلام" ص 86، والطيالسي: ص 134، وأحمد في "مسنده" ص 280 ج 5.
2 قال الحافظ في "التقريب": صدوق في أهل بلده، فخلط في غيرهم، قال في "الجوهر" روى إسماعيل هذا الحديث عن شامي، وهو عبد الله الكلاعي.
3 البخاري في "المساجد في باب التوجه إلى القبلة" ص 58، واللفظ له، إلا أنه ترك قوله: ثم يسلم، اختصاراً من الشيخ، أو خطأ من الناسخ، والله أعلم، وليس هذا اللفظ في مسلم أخرجه في "باب السهو في الصلاة" ص 212، وأبو داود في "باب إذا صلى خمساً" ص 153، والنسائي في "السهو في باب التحري" ص 184، وابن ماجه في "باب من سجدهما بعد السلام" ص 86.
4 في "باب من قال: بعد التسليم" ص 155، والنسائي في "باب التحري" ص 185، وأحمد: ص 205 ج 1 والبيهقي: ص 336 ج 1: وقال الحافظ في "الدراية" ص 125: صححه ابن خزيمة.
أَخْبَرَهُ عَنْ عُتْبَةَ1 بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ شَكَّ فِي صلاته، فليسجد سجدتين بعد ما يُسَلِّمُ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، قِيلَ: وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: إسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ عُتْبَةُ، ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَمُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ، وَإِنْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، فَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ. وَأَبُو حَاتِمٍ. والدارقطني.
الْحَدِيثُ الثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ2" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقِيلَ لَهُ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: "وَمَا ذَاكَ؟ "، قَالُوا: صَلَّيْتَ خمساً، فسجد سجدتين بعد ما سَلَّمَ، انْتَهَى. وَلَمْ يَقُلْ مسلم: بعد ما سَلَّمَ، وَلَكِنَّهُ أَخْرَجَ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَالْكَلَامِ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ مِنْهَا حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3. وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْ نَسِيتَ؟ إلَى أَنْ قَالَ: فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَقِيَ مِنْ الصَّلَاةِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، وَحَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ4 عَنْهُ أنه رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، فَقَامَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْخِرْبَاقُ. فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ، فَقَالَ:"أَصَدَقَ هَذَا؟ "، فَقَالُوا: نَعَمْ. فَصَلَّى رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد5. وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّعُودِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَسَبَّحَ بِهِ مَنْ خَلْفَهُ، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ: قُومُوا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَسَلَّمَ، سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ كَمَا صَنَعْتُ، انْتَهَى. سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي
1 عتبة "بالتاء" ويقال "بالقاف" والأول أرجح، كذا في "التقريب".
2 البخاري في "السهو في باب إذا صلى خمساً" ص 163، ومسلم في: ص 212، والنسائي: ص 185، وأبو داود في "باب إذا صلى خمساً" ص 153، والترمذي في "باب ما جاء في سجدتي السهو بعد السلام والكلام" ص 52، وابن ماجه: ص 85.
3 في "السهو" ص 164، ومسلم في "باب السهو في الصلاة" ص 213، واللفظ له، وأبو داود في "باب السهو في السجدتين" ص 192، والنسائي في "باب ما يفعل من سلم من اثنتين ناسياً، وتكلم" ص 182، والترمذي: ص 52، وابن ماجه: ص 86.
4 ص 214، وابن جارود:128.
5 في "باب من نسي أن يتشهد، وهو جالس" ص 155، والترمذي في "باب ما جاء في الإمام ينهض من الركعتين ناسياً" ص 48.
"مُخْتَصَرِهِ". وَالْمَسْعُودِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ1" نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَمِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ2، قَالَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: صَحِيحٌ، عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الصَّغِيرِ3" حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنُ السَّرْحِ ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْت أَبِي عَبْدَ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: صَلَّيْت خَلْفَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ صَلَاةً، فَسَهَا فِيهَا، فَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إلَيْنَا، وَقَالَ: أَمَا إنِّي، لَمْ أَصْنَعْ إلَّا كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَصْنَعُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ4"، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ثَنَا عِسْلُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ الْمَغْرِبَ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ، فَسَبَّحَ بِهِ الْقَوْمُ، ثُمَّ قَامَ، فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ فَوْرِي، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: لِلَّهِ أَبُوك! مَا مَاطَ عَنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: فِي الْكِتَابِ: فَتَعَارَضَتْ رِوَايَتَا فِعْلِهِ، فَبَقِيَ التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ "يَعْنِي حَدِيثَ ثَوْبَانَ الْمُتَقَدِّمَ": لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ قَدْ وَرَدَتْ فِي السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ، مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم. مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ5 عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى، ثَلَاثًا، أَمْ أَرْبَعًا، فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى ما استيقن، ثم سجد سَجْدَتَيْنِ، قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ"، وَأَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ6" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إنَّ أَحَدَكُمْ إذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَانُ، فَلَبَّسَ عَلَيْهِ، حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ"، زَادَ فِيهِ أَبُو دَاوُد. وَابْنُ مَاجَهْ،
1 ص 323، والطحاوي: ص 256.
2 أخرجه الحاكم في "المستدرك" ص 325.
3 ص 87.
4 لم أجد ترجمة ابن الزبير في "الطبقات" فليراجع، والحديث أخرجه البيهقي: ص 360 ج 2 عن حماد بن زيد باسناده، وأخرجه الطحاوي: ص 256.
5 في "السهو في الصلاة" ص 211، وابن جارود: ص 126، وغيرهما.
6 البخاري في "السهو" ص 164، وكذا مسلم: ص 210، وأبو داود في "باب من قال: يتم على أكثر ظنه" ص 155، وابن ماجه في "باب ما جاء في سجدتي السهو قبل السلام" ص 86، والنسائي في "باب التحري" ص 185، والترمذي في "باب فيمن يشك في الزيادة والنقصان" ص 53، والزيادة في أبي داود. وابن ماجه فقط، والدارقطني: ص 144.
وَهُوَ: قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَفِي لَفْظٍ: قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ لِيُسَلِّم، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد1. وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إذَا كُنْت فِي صَلَاةٍ، فَشَكَكْت، فِي ثَلَاثٍ، أو أربع، وأكبر طنك عَلَى أَرْبَعٍ، تَشَهَّدْتَ، ثُمَّ سَجَدْتَ سَجْدَتَيْنِ، وَأَنْتَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ تُسَلِّمَ، ثُمَّ تَشَهَّدْتَ أَيْضًا، ثُمَّ تُسَلِّمُ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ2. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "إذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ، وَاحِدَةً صَلَّى، أَمْ ثِنْتَيْنِ، فَلْيَبْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ، ثِنْتَيْنِ صَلَّى، أَوْ ثَلَاثًا، فَلْيَبْنِ عَلَى ثِنْتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ، ثَلَاثًا صَلَّى، أَوْ أَرْبَعًا، فَلْيَبْنِ عَلَى ثَلَاثٍ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ، قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى. قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي "كِتَابِهِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ3": اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ، فَطَائِفَةٌ: رَأَتْ السَّجْدَةَ بَعْدَ السَّلَامِ، عَمَلًا بِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ4، وَقَالَ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَمِنْ التَّابِعِينَ: الْحَسَنُ. وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى. وَالثَّوْرِيُّ. وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ. وَأَهْلُ الْكُوفَةِ، وَذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ، أَخْذًا بِحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَزَعَمُوا أَنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ بُحَيْنَةَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ، وَأَخْذًا بِحَدِيثِ الْخُدْرِيِّ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ:"إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى، ثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا، فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ"، انْتَهَى. وَبِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ ثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ صَلَّى بِهِمْ، فَنَسِيَ، فَقَامَ، وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا كَانَ آخِرَ صَلَاتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ، انْتَهَى. وَهَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي "سُنَنِهِ5" مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ بِهِ لفظ: ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ، بَعْدَ أَنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَقَالَ الْحَازِمِيُّ: وَتَابَعَ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ عَلَيْهِ ابْنُ لَهِيعَةَ. وَبَكْرُ بْنُ الْأَشَجِّ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، ثَنَا طَرِيفُ بْنُ حَارِثٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، قَبْلَ السَّلَامِ، وَبَعْدَهُ، وَآخِرُ الْأَمْرَيْنِ، قَبْلَ السَّلَامِ، ثُمَّ أَكَّدَهُ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ الْمَذْكُورِ، قَالَ: وَصُحْبَةُ مُعَاوِيَةَ مُتَأَخِّرَةٌ، قَالَ الْحَازِمِيُّ: وَطَرِيقُ الْإِنْصَافِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ أَحَادِيثَ
1 ص 154.
2 الترمذي ص 53، وصححه، وابن ماجه: ص 86، وأحمد: ص 193، والحاكم في "المستدرك" ص 325، على شرط مسلم، وقال الحافظ في "التلخيص" ص 113: وهو معلول، ثم ذكر العلة.
3 ص 85.
4 وبحديث ابن مسعود عن البخاري في "باب التوجه نحو القبلة حيث كان" ص 58 من قوله عليه السلام في حديث طويل: "إذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين"، اهـ. قال الحازمي في "الاعتبار": هذا حديث صحيح، متفق عليه، أخرجاه في "الصحيح" من حديث منصور، وله في "الصحاح" طرق، اهـ.
5 في "باب ما يفعل من نسي شيئاً من صلاته" ص 186.
السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَبَعْدَهُ، كُلَّهَا ثَابِتَةٌ صَحِيحَةٌ، وَفِيهَا نَوْعُ تَعَارُضٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ، تَقَدُّمُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، بِرِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ، وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ هَذَا مُنْقَطِعٌ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ، وَلَا يُعَارَضُ بِالْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ، وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْأَحَادِيثِ عَلَى التَّوَسُّعِ، وَجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ. الْمَذْهَبُ الثَّالِثِ: أَنَّ السَّهْوَ إذَا كَانَ فِي الزِّيَادَةِ كَانَ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ، أخذاً بحديث ذي اليدين، وإذا كان في النقصان، كان قبل السلام، أَخْذًا بِحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. الْقَوْلِ الرَّابِعِ: أَنَّهُ إذَا نَهَضَ مِنْ ثِنْتَيْنِ ، سَجَدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ ، وَإِذَا كَانَ فِي النُّقْصَانِ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ ، أَخْذًا بِحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ ، وَكَذَا إذَا شَكَّ ، فَرَجَعَ إلَى الْيَقِينِ ، أَخْذًا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ، وَإِذَا سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ ، أَخْذًا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَكَذَا إذَا شَكَّ ، وَكَانَ مِمَّنْ يَرْجِعُ إلَى التَّحَرِّي ، أَخْذًا بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ ، فَإِنَّهُ احْتِيَاطٌ ، فَفَعَلَ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، أَوْ قَالَهُ فِي نَظِيرِ كُلِّ وَاقِعَةٍ عَنْهُ. انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": عَنْ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ ادَّعَى نَسْخَ السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، ثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، فَذَكَرَهُ، ثُمَّ أَكَّدَهُ بِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ، أَنَّهُ عليه السلام سَجَدَ فِيمَا قَبْلَ السَّلَامِ، وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَمَا أَخْبَرَنَا، وَسَاقَ مِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلَمْ يَدْرِ، أَزَادَ، أَمْ نَقَصَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ يُسَلِّمُ"، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَمُعَاوِيَةُ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ، إلَّا أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا، زَعَمَ أَنَّ قَوْلَ الزُّهْرِيِّ: مُنْقَطِعٌ، وَأَحَادِيثُ السُّجُودِ: قَبْلُ. وَبَعْدُ، ثَابِتَةٌ قَوْلًا وَفِعْلًا، وَتَقْدِيمُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ غَيْرُ مَعْلُومٍ بِرِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انتهى1.
1 الاستدراك: أغفل الإمام المخرج أحاديث التشهد في السهو، وتبعه العيني: وابن الهمام، ولم يذكرا من ذلك شيئاً، وقد قال في "الهداية": ثم يتشهد، ثم يسلم، قلت: روى الترمذي في "باب التشهد في سجدتي السهو" ص 52، وأبو داود في "باب سجدتي السهو، فيهما تشهد وتسليم" ص 156، وابن حزم في "المحلى" من طريق أبي داود: ص 170 ج 4، وابن جارود في "المنتقى" ص 129، كلهم عن محمد بن يحيى الذهلي عن محمد بن عبد الله الأنصاري، والحاكم في "المستدرك" ص 323 عن محمد بن إدريس الحنظلي عن الأنصاري، وأخرج البيهقي في "سننه" ص 354 ج 2، من طريق الحاكم عن الأشعث عن ابن سيرين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم، فنسى فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم، اهـ. سكت عنه أبو داود. وابن حزم، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين وأخرج مسلم الحديث عن إسماعيل بن إبراهيم. وعبد الوهاب عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران ابن حصين، رفعه، وفيه: ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم، اهـ. وقد تقدم، وروى الطحاوي في ص 252 عن ربيع المؤذن عن يحيى بن حسان حدثنا وهيب حدثنا منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم، فلم يدر، أثلاثاً صلى، أم أربعاً، فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب، فليتمه، ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتي السهو، ويتشهد ويسلم"، ورجاله ثقات، وأخرج أبو داود في "باب من قال: يتم على أكثر ظنه" ص 154، والدارقطني: ص 145، والبيهقي: ص 356 ج 2 عن أبي عبيدة عن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا كنت في صلاة، فشككت، في ثلاث أو أربع، وأكبر ظنك على أربع، تشهدت، ثم سجدت سجدتين، وأنت جالس قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضاً، ثم تسلم"، اهـ. قال أبو داود: رواه عبد الواحد
الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَاظَبَ عَلَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ. وَالْقُنُوتِ. وَالتَّشَهُّدِ. وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ، مِنْ غَيْرِ تَرْكِهَا مَرَّةً، قُلْت: هَذَا مَعْرُوفٌ، وَلَمْ يُنْقَلْ التَّرْكُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: حَدِيثُ نَهْيِهِ عليه السلام عَنْ الْبُتَيْراءِ، قُلْت: رَوَاهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "التَّمْهِيدِ" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ إسْمَاعِيلَ بْنِ الْفَرَجِ ثَنَا أَبِي ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قِبْطِيَّةُ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ ثَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْبُتَيْراءِ، أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَاحِدَةً، يُوتِرُ بِهَا، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" مِنْ جِهَةِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ: الْغَالِبُ عَلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ الْوَهْمُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": لَيْسَ دُونَ الدَّرَاوَرْدِيِّ مَنْ يُغْمَضُ عَنْهُ، وَالْحَدِيثُ شَاذٌّ، لَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعْرَفْ عَدَالَةُ رُوَاتِهِ، وَعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ، الْغَالِبُ عَلَى حَدِيثِهِ الْوَهْمُ، انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: لَيْسَ دُونَ الدَّرَاوَرْدِيِّ مَنْ يُغْمَضُ عَنْهُ، فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ شَيْخَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، هُوَ: ابْنُ الْفَرَضِيِّ الْإِمَامُ الثِّقَةُ الْحَافِظُ، وَالْحَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ سَلَامَةَ البراري، أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ1، يُعْرَفُ، بِقِبْطِيَّةَ، قَالَ فِيهِ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ ثِقَةً حَافِظًا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": وَالْمَرْوِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ فَسَّرَ الْبُتَيْرَاءَ: أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ رَكْعَتَيْنِ يُتِمُّ إحْدَاهُمَا رُكُوعًا وَسُجُودًا، وَلَا يُتِمُّ الْأُخْرَى، انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" عَنْ الْحَكَمِ بِسَنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ، مَوْلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ وِتْرِ اللَّيْلِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، هَلْ تَعْرِفُ وِتْرَ النهار؟ قلت: نعم، هو الْمَغْرِبُ، قَالَ: صَدَقْت، وَوِتْرُ الليل واحدة، بذلك أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْت: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: هِيَ الْبُتَيْرَاءُ، قَالَ: يَا بُنَيَّ، لَيْسَ تِلْكَ الْبُتَيْرَاءَ، إنَّمَا الْبُتَيْرَاءُ: أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ الرَّكْعَةَ، يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا وَقِيَامَهَا، ثُمَّ يَقُومُ فِي الْأُخْرَى، وَلَا يُتِمُّ لَهَا رُكُوعًا وَلَا سُجُودًا وَلَا قِيَامًا، فَتِلْكَ الْبُتَيْرَاءُ، انْتَهَى. وَهَذَا إنْ صَحَّ، فَفِي حَدِيثِ النَّهْيِ مَا يَرُدُّ هَذَا، وَتَفْسِيرُ رَاوِي الْحَدِيثِ، يُقَدَّمُ عَلَى تَفْسِيرِ غَيْرِهِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ تَقَدَّمَ
عن حصيف، ولم يرفعه، ووافق عبد الواحد أيضاً سفيان. وشريك. وإسرائيل، واختلفوا في الكلام في متن الحديث، ولم يسندوه، وروى الطحاوي: ص 256، وأحمد: ص 429 ج 1، والبيهقي: ص 345 ج 1 عن أبي عبيدة عن عبد الله، قال: السهو أن يقوم في قعود أو يقعد في قيام، أو يسلم في الركعتين، فإنه يسلم، ثم يسجد سجدتي السهو، ويسلم، اهـ. قلت: أبو عبيدة عن أبيه مرسل، والله أعلم.
1 إن كان هذا هو الذي في "التذكرة" ص 136 ج 2، فهو أبو علي الحسن بن سليمان البصري، المعروف "بقبطية" الحافظ.
فِي الوتر عند الطَّحَاوِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَقَدَّمَ أَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ فِي النَّهْيِ عَنْ الْبُتَيْراءِ، ضَعِيفٌ، وَمُرْسَلٌ، وَلَمْ أَجِدْهُ1.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عليه السلام: "إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، أَنَّهُ كَمْ صَلَّى، فَلْيَسْتَقْبِلْ الصَّلَاةَ"،
قُلْت: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ فِي الَّذِي لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، أَثَلَاثًا. أَوْ أَرْبَعًا، قَالَ: يُعِيدُ حَتَّى يَحْفَظَ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ: قَالَ: أَمَّا أَنَا إذَا لَمْ أَدْرِ كم، فَإِنِّي أُعِيدُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. وَشُرَيْحٍ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَقَالَ عليه السلام: "مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ" الصَّوَابَ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَمُسْلِمٌ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: "وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ"، وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ مُطْلَقًا، فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا، وَيَأْخُذُ بِحَدِيثِ الْخُدْرِيِّ3. وَبِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الْآتِيَيْنِ، وَعِنْدَنَا: إنْ كَانَ لَهُ ظَنٌّ بَنَى عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، وَإِلَّا فَبَنَى عَلَى الْيَقِينِ، وَحُجَّتُنَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا، رَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ4. وَالْأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، دُونَ لَفْظِ: التَّحَرِّي، وَرَوَاهَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، دُونَ لَفْظِ: التَّحَرِّي، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أو من دونه، فأدرج فِي الْحَدِيثِ، قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: إنَّ مَنْصُورَ5 بْنَ الْمُعْتَمِرِ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَثِقَاتِهِمْ، وَقَدْ رَوَى الْقِصَّةَ بِتَمَامِهَا، وَفِيهَا لَفْظُ: التَّحَرِّي، مُضَافًا إلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ رَوَاهَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُفَّاظِ، كَمِسْعَرٍ. وَالثَّوْرِيِّ. وَشُعْبَةَ. وَوُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ. وَفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ. وَجَرِيرٍ. وَغَيْرِهِمْ6، وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا خِلَافُ الْجَمَاعَةِ، قُلْنَا: عَنْ ذَلِكَ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّحَرِّيَ يَكُونُ بِمَعْنَى الْيَقِينِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} ، ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ. الثَّانِي: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، مَعْنَاهُ، فَلْيَتَحَرَّ الَّذِي يَظُنُّ أَنَّهُ نَقَصَهُ، فَيُتِمَّهُ، فَيَكُونُ التَّحَرِّي أَنْ يُعِيدَ مَا شَكَّ فِيهِ، وَيَبْنِيَ عَلَى حَالٍ يَسْتَيْقِنُ فِيهَا، قَالَ: وهو عندي كلام عربي
1 أي لم يعزه النووي إلى أحد من أرباب الأصول، ولم يجد الشيخ في كتاب حديث محمد بن كعب، والله أعلم.
2 في "باب التوجه إلى نحو القبلة" ص 58: ومسلم في "السهو" ص 211.
3 أخرجه مسلم في "باب السهو في الصلاة" ص 211، وقد تقدم، وكذا حديث عبد الرحمن تقدم تخريجه عن قريب.
4 حديث الحكم بن عتيبة، عند البخاري: ص 58، وحديث الأعمش، عند مسلم: ص 213، وحديث إبراهيم بن سويد، عند مسلم: ص 212.
5 قلت: تابع منصوراً أبو حصين على لفظ التحري، عند الطبراني.
6 كل هؤلاء، عند مسلم: ص 212.
مُطَابِقٌ لِحَدِيثِ الْخُدْرِيِّ، إلَّا أَنَّ الْأَلْفَاظَ قَدْ تَخْتَلِفُ، لِسَعَةِ الْكَلَامِ فِي الْأَمْرِ الَّذِي مَعْنَاهُ وَاحِدٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَقَالَ عليه السلام: "مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ، أَثْلَاثًا صَلَّى، أَمْ أَرْبَعًا، بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ1. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ كُرَيْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "إذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ، وَاحِدَةً صَلَّى، أَمْ ثِنْتَيْنِ، فَلْيَبْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ، أَثْلَاثًا صَلَّى، أَمْ أَرْبَعًا، فَلْيَبْنِ عَلَى ثَلَاثٍ، وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ:"إذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ، وَاحِدَةً صلى، أم ثنتان، فَلْيَجْعَلْهَا وَاحِدَةً، وَإِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتَيْنِ. وَالثَّلَاثِ، فَلْيَجْعَلْهَا ثِنْتَيْنِ، وَإِذَا شَكَّ فِي الثَّلَاثِ. وَالْأَرْبَعِ، فَلْيَجْعَلْهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ لِيُتِمّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ، حَتَّى يَكُونَ الْوَهْمُ فِي الزِّيَادَةِ، ثُمَّ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَلَفْظُهُ": فَلَمْ يَدْرِ، أَثْلَاثًا صَلَّى، أَمْ أَرْبَعًا، فَلْيُتِمَّ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ خَيْرٌ مِنْ النُّقْصَانِ، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى. وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ"، فَإِنَّ فِيهِ عَمَّارَ بْنَ مَطَرٍ الرَّهَاوِيَّ، وَقَدْ تَرَكُوهُ، انْتَهَى. وَعَمَّارٌ لَيْسَ فِي السُّنَنِ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ2 عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ، كَمْ صَلَّى، فَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ، حَتَّى إذَا اسْتَيْقَنَ أَنْ قَدْ أَتَمَّ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ وِتْرًا، شَفَعَهَا، وَإِنْ كَانَتْ شَفْعًا، كَانَ ذَلِكَ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ3 فِي "أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ" عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلَمْ يَدْرِ، كَمْ صَلَّى، ثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَةً، يُحْسِنُ رُكُوعَهَا، وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ"، انْتَهَى. قَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، مِنْ ذِكْرِ الرَّكْعَةِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
1 الترمذي في "باب فيمن يشك في الزيادة والنقصان" ص 53، وصححه، وابن ماجه: ص 86، وأحمد: ص 93 ج 1، والحاكم في "المستدرك" ص 325، وقال: على شرط مسلم، وقال الحافظ في "التلخيص" ص 113: هو معلول، ثم بين العلة فيه، وقال: فإنه من رواية ابن إسحاق عن مكحول عن كريب، وقد رواه أحمد في "مسنده" عن ابن علية عن ابن إسحاق عن مكحول مرسلاً، قال ابن إسحاق: فلقيت حسين بن عبد الله، فقال لي: هل أسنده لك؟ قلت: لا، فقال: ولكنه حدثني أن كريباً حدثه به، وحسين ضعيف جداً، اهـ.
2 ص 211.
3 ص 322.