الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: حَدِيثُ مُوَاظَبَتِهِ عليه السلام عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ، مِنْ غَيْرِ تَرْكِهِ مَرَّةً، قُلْت: هَذَا مَعْرُوفٌ
الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ1 فِي "الْإِيمَانِ" عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ثَائِرُ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ، وَلَا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ"، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: "لَا، إلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ، وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ"، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: "لَا، إلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لَا، إلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَطْعَمُ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ، قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْمُصَلَّى، وَكَانَ يَغْتَسِلُ فِي الْعِيدَيْنِ، قُلْت: هُمَا حَدِيثَانِ: فَالْأَوَّلُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ:2عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ، قَالَ: وَقَالَ مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ3. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ثَوَابِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ، حَتَّى يَأْكُلَ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ النَّحْرِ، حَتَّى يُصَلِّيَ، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ: حَتَّى يَرْجِعَ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ:
سهيل، رواه مسلم بهذه الزيادة عن عمرو الناقد عن عبد الله بن إدريس، اه، وظني أن هذا القول مدرج عن أبي صالح، فليراجع.
1 البخاري في "الإيمان في باب الزكاة من الاسلام" ص 11، ومسلم في "الايمان في باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الاسلام" ص 30 ج 1.
2 في "العيدين في باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج" ص 130 ج 1.
3 الترمذي في "العيدين في باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج" ص 71، وابن ماجه في "باب الأكل يوم الفطر قبل أن يخرج" ص 127، والحاكم في "المستدرك" ص 294 ج 1، والدارقطني ص 180، والبيهقي في "الكبرى" ص 283 ج 3، والطيالسي: ص 109، وأحمد: ص 352 ج 5، وص 360 ج 5.
لَا أَعْرِفُ لِثَوَابِ بْنِ عُتْبَةَ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ". وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَثَوَابُ بْنُ عُتْبَةَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُجَرَّحْ بِشَيْءٍ يَسْقُطُ بِهِ حَدِيثُهُ، انْتَهَى. وَعَنْ الْحَاكِمِ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ"، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"، وَزَادَ: حَتَّى يَرْجِعَ، فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدِي صَحِيحٌ، فَإِنَّ ثَوَابَ بْنَ عُتْبَةَ الْمَهْرِيَّ، بَصَرِيٌّ ثِقَةٌ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، رَوَى عَنْهُ عَبَّاسٌ. وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَزِيَادَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ أَيْضًا صَحِيحَةٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بِالزِّيَادَةِ1.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ " حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ثَنَا إسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ الْأَوْدِيُّ ثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَخْرُجَ يَوْمَ الْفِطْرِ، حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَوْمَ النَّحْرِ، حَتَّى يَرْجِعَ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ الِاغْتِسَالِ فِي الْعِيدَيْنِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الطَّهَارَةِ".
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ لَهُ جُبَّةُ فَنَكٍ، أَوْ صُوفٍ، يَلْبَسُهَا فِي الْأَعْيَادِ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ2" مِنْ طَرِيق الشَّافِعِيِّ، أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسْلَمِيُّ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلْبَسُ بُرْدَ حِبَرَةٍ فِي كُلِّ عِيدٍ، انْتَهَى. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الوسط3" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ ثَنَا أَبِي ثَنَا سَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ4" عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بُرْدٌ أَحْمَرُ يَلْبَسُهُ فِي الْعِيدَيْنِ. وَالْجُمُعَةِ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَلَا يُكَبِّرُ، عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي طَرِيقِ الْمُصَلَّى "يَعْنِي جَهْرًا فِي عِيدِ الْفِطْرِ" وَعِنْدَهُمَا يُكَبِّرُ، اعْتِبَارًا بِالْأَضْحَى، وَلَهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الثَّنَاءِ الْإِخْفَاءُ، وَالشَّرْعُ وَرَدَ بِهِ فِي الْأَضْحَى، لِأَنَّهُ يَوْمُ تَكْبِيرٍ، وَلَا كَذَلِكَ الْفِطْرُ،
قُلْت: لَمْ أَجِدْ لَهُ شَاهِدًا، وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ5. ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِمَا" عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا غَدَا يَوْمَ الْفِطْر. وَيَوْمَ الْأَضْحَى يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ، حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى
1 رواه أحمد في "مسنده" ص 28 ج 3 عن أبي سعيد، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر يوم الفطر قبل أن يخرج، اهـ.
2 البيهقي: ص 280 ج 3، وكتاب "الأم" ص 206.
3 الطبراني في "معجمه الوسط" قال الهيثمي في "الزوائد" ص 198 ج 1: رجاله ثقات، اهـ.
4 وفي "السنن" ص 280 ج 3.
5 الدارقطني: ص 180، والبيهقي: ص 279 ج 3.
ثُمَّ يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْإِمَامُ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا، وَهُوَ ضَعِيفٌ، انْتَهَى. وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"1 مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ فِي الطَّرِيقِ، لَمْ يَذْكُرْ: الْجَهْرَ، وَقَالَ: غَرِيبُ الْإِسْنَادِ. وَالْمَتْنِ، ثُمَّ رَوَاهُ مَوْقُوفًا، وَالْمَرْفُوعُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُوَقَّرِيُّ ثَنَا الزُّهْرِيُّ ثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى، انْتَهَى. وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ"، فَقَالَ: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، فِي مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ أَبِي الطَّاهِرِ الْمَقْدِسِيَّ: كَانَ يُغْرِبُ، وَيَأْتِي بِالْأَبَاطِيلِ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ يَكْذِبُ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، رَوَى عَنْ الْمُوَقَّرِيِّ2 عَنْ الزُّهْرِيِّ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، وَأَبُو الطَّاهِرِ. وَالْمُوَقَّرِيُّ ضَعِيفَانِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَا يَتَنَفَّلُ فِي الْمُصَلَّى، قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ، لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، مَعَ حِرْصِهِ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْت: أَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ"3 عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، خَرَجَ، فَصَلَّى بِهِمْ الْعِيدَ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ4 عَنْ أَبَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَالْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ"، وَصَحَّحَهُ، وَأَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: صَدُوقٌ، صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِمَّنْ فَحُشَ خَطَؤُهُ، وَانْفَرَدَ بِالْمَنَاكِيرِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرَ الْمَتْنِ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"5 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ عَنْ
1 ص 298 ج 1.
2 "الموقري" كذا في "تهذيب التهذيب والخلاصة" وقال فيه: حصن بالبقاء.
3 البخاري في آخر "كتاب العيدين" ص 135، ومسلم: ص 291، وأبو داود في "باب الصلاة بعد صلاة العيد" ص 171، والنسائي في "باب الصلاة قبل العيدين وبعدهما" ص 135، وكذا الترمذي: ص 70 وكذا ابن ماجه ص 93.
4 الترمذي في "باب لا صلاة قبل العيدين، ولا بعدهما" ص 70، والحاكم في "المستدرك" ص 295 ج 1 وأحمد في "مسنده".
5 ابن ماجه في "الصلاة قبل العيدين وبعدهما" ص 93، وأحمد في "مسنده" ص 26 ج 3، وص 40 ج 3، وقال: فإذا قضى صلاته صلى ركعتين، اه، والحاكم في "المستدرك" ص 297 ج 1، وصححه، ولفظه: إذا رجع من المصلى صلى ركعتين، اهـ.
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا، فَإِذَا رَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ قِيلَ: الْكَرَاهَةُ فِي الْمُصَلَّى خَاصَّةً، وَقِيلَ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ: لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَفْعَلْهُ،
قُلْت: هَذَا يَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورُ، لِأَنَّهُ نَفْيٌ مُطْلَقٌ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ الرَّاوِيَ هُنَاكَ أَخْبَرَ أَنَّهُ شَاهَدَهُ فِي الْمُصَلَّى لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا، وَقَدْ يَكُونُ صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الْعِيدَ، وَالشَّمْسُ عَلَى قِيدِ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ. قُلْت: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهِ. وَبِالْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ، عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعِيدِ مِنْ حِينِ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد. وَابْنُ مَاجَهْ1 عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ "بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ"، قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، صَاحِبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ النَّاسِ يَوْمَ عِيدِ فِطْرٍ، أَوْ أَضْحَى، فَأَنْكَرَ إبْطَاءَ الْإِمَامِ، وَقَالَ: إنْ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ فَرَغْنَا سَاعَتَنَا هَذِهِ، وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى مِنْ الْغَدِ، حِينَ شَهِدُوا بِالْهِلَالِ بَعْدَ الزَّوَالِ، قُلْت: رَوَى أَبُو دَاوُد. وَالنَّسَائِيُّ2، وَابْنُ مَاجَهْ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بشر جعفر بن وَحْشِيَّةَ عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ، حَدَّثَنِي عُمُومَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: أُغْمِيَ عَلَيْنَا هِلَالُ شَوَّالٍ، فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا، فَجَاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، فَشَهِدُوا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُفْطِرُوا، وَأَنْ يَخْرُجُوا إلَى عِيدِهِمْ مِنْ الْغَدِ، انْتَهَى. وَبِهَذَا اللَّفْظِ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد. وَالنَّسَائِيُّ فِيهِ: أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، وَإِذَا صَبَحُوا يَغْدُوا إلَى مُصَلَّاهُمْ، انْتَهَى. وَلَكِنْ يُحْمَلُ اللَّفْظُ الْمُجْمَلُ، عَلَى اللَّفْظِ الْمُعَيَّنِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" عَنْ
1 أبو داود في "باب وقت الخروج إلى العيد" ص 168، وابن ماجه في "باب وقت صلاة العيدين" ص 94، والحاكم في "المستدرك" ص 295 ج 1، وقال: على شرط البخاري.
2 أبو داود في "باب إذا لم يخرج الإِمام للعيد من يومه" ص 171، والنسائي في "باب الخروج إلى العيدين من الغد" ص 231، وابن ماجه في "الصيام في باب الشهادة على رؤية الهلال" ص 120، والدارقطني: ص 233، والطحاوي: ص 226، والبيهقي: ص 316 ج 3، وصححه النووي في "شرح المهذب" ص 27 ج 5، وقال صححه البيهقي، وقال الحافظ في "التلخيص": وصححه ابن المنذر. وابن السكن. وابن حزم.
سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ ثَنَا شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عُمُومَةً لَهُ شَهِدُوا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَخْرُجُوا الْعِيدَ مِنْ الْغَدِ، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "عِلَلِهِ": هَذَا حَدِيثٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ، فَرَوَوْهُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ. وَهُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَعِنْدِي أَنَّهُ حَدِيثٌ يَجِبُ النَّظَرُ فِيهِ، وَلَا يُقْبَلُ، إلَّا أَنْ تَثْبُتَ عَدَالَةُ أَبِي عُمَيْرٍ، فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ كَبِيرُ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا حَدِيثَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، لَمْ يَرْوِهَا عَنْهُ غَيْرُ أَبِي بِشْرٍ، وَلَا أَعْرِفُ أَحَدًا عَرَفَ مِنْ حَالِهِ مَا يُوجِبُ قَبُولَ رِوَايَتِهِ، وَلَا هُوَ مِنْ الْمَشَاهِيرِ، الْمُخْتَلَفِ فِي ابْتِغَاءِ مَزِيدِ الْعَدَالَةِ عَلَى إسْلَامِهِمْ، وَقَدْ ذكر الباوردي حَدِيثَهُ هَذَا، وَسَمَّاهُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَبْدَ اللَّهِ، وَهَذَا لَا يَكْفِي فِي التَّعْرِيفِ بِحَالِهِ، وَفِيهِ مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِ أَبِي عُمَيْرٍ كَوْنُ عُمُومَتِهِ لَمْ يُسَمَّوْا، فَالْحَدِيثُ جَدِيرُ بِأَنْ لَا يُقَالُ فِيهِ: صَحِيحٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَعُمُومَةُ أَبِي عُمَيْرٍ صَحَابَةٌ. لَا يَضُرُّ جَهَالَةُ أَعْيَانِهِمْ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ، وَاسْمُ أَبِي عُمَيْرٍ عَبْدُ اللَّهِ، وَهُوَ أَكْبَرُ أَوْلَادِ أَنَسٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد1 عَنْ رِبْعِيٍّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ. فَقَامَ أَعْرَابِيَّانِ، فَشَهِدَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاَللَّهِ، لَأَهَلَّا الْهِلَالُ أَمْسِ عَشِيَّةً، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا، وَأَنْ يَغْدُوا إلَى مُصَلَّاهُمْ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ: الصَّحَابَةُ كلهم ثقات2،
(2) أبو داود في "الصيام في باب شهادة رجلين في رؤية هلال شوال" ص 326، والدارقطني: ص 232، وص 233، والحاكم في "المستدرك" ص 297 ج 1، والبيهقي: ص 250 ج 4.
2 قال العراقي في "الايضاح" ص 58: إذا صح الاسناد عن الثقات إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فروى البخاري أنه حجة، وإن لم يسم ذلك الرجل، وروى الأثرم عن أحمد أنه صحيح، وحكاه الحافظ عبد الكريم الحلبي الحنفي عن أكثر العلماء، وذكر ابن الصلاح أن الجهالة بالصحابي غير قادحة، لأن الصحابة كلهم عدول، وفرق أبو بكر الصيرفي بين أن يرويه التابعي عنه معنعناً، وبين أن يصرح بالسماع، فإن الأول لا يقبل، لتطرق احتمال عدم اللقاء والتدليس، بخلاف الثاني، وقال العراقي: هو حسن متجه، وعليه يحمل كلام من أطلق قبوله، اهـ، مختصراً، قلت: لا سيما على مذهب البخاري، فإنه لا يكفي عنده إمكان اللقاء، بل ثبوته، والذي نرى من صنيع الإِمام أبي محمد بن حزم في "المحلى" أنه لا يفرق بين الصحابي. وغيره إذا لم يسم، ويقل في كليهما: إنه مجهول، فإنه روى في: ص 338 ج 7 عن عبد الله بن شقيق عن رجل من بلقين، قال: قلت: يا رسول الله، هل أحد أحق بشيء؟ الحديث، وقال: قال أبو محمد: هذا رجل مجهولَ، لا يدري أصدق في ادعائه الصحبة أم لا، اهـ، وروى في: ص 416 ج 4 عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، الحديث، وقال: قال أبو محمد: هذا لا بحجة لهم: أول ذلك: أنه عن رجل لا يدري أصحت صحبته أم لا، اهـ. قلت: هذا متجه أيضاً، لأن الراوي إذا قال: أخبرني ثقة لا يكون حجة، لتطرق احتمال أن يكون الثقة عنده، غير الثقة عند غيره، وكم من راوٍ انفرد فيه بعضهم بالتوثيق، فليكن هذا منه، فقوله: عن رجل من أصحاب النبي
سُمُّوا، أَوْ لَمْ يُسَمَّوْا، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" وَسَمَّى الصَّحَابِيَّ، فَقَالَ: عَنْ رِبْعِيٍّ بن خراش عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطَيْهِمَا، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى لِلِافْتِتَاحِ، وَثَلَاثًا بَعْدَهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ. وَسُورَةً، وَيُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ يَبْتَدِئُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِالْقِرَاءَةِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا بَعْدَهَا، وَيُكَبِّرُ رَابِعَةً، يَرْكَعُ بِهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ1 وَهُوَ قَوْلُنَا، قُلْت: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ. وَالْأَسْوَدِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ، تِسْعًا تِسْعًا: أَرْبَعٌ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، فَيَرْكَعُ. وَفِي الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ، فَإِذَا فَرَغَ، كَبَّرَ أَرْبَعًا، ثُمَّ رَكَعَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ2 عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ جَالِسًا، وَعِنْدَهُ حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، فَسَأَلَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَنْ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: سَلْ الْأَشْعَرِيَّ، فَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ: سَلْ عَبْدَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ أَقْدَمُنَا، وَأَعْلَمُنَا، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُكَبِّرُ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَقْرَأُ، ثم يكبر، فَيَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ، فَيَقْرَأُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، انْتَهَى.
صلى الله عليه وسلم أيضاً، فان قلت: فرق بينهما، لأن التوثيق يختلف فيه، لأنه شهادة علمي، وليس كذلك، قوله: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لأن مبناه الحسن، قلت: هذا قول من لم يمارس كتب الرجال، وطبقات أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإن اختلافهم في هذا ليس بأقل من اختلافهم في ذلك، وكأيّن من رجل يظنه بعضهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو فيه خاطئ، يخالفه غيره، وههنا شيء آخر وهو أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمع منه، وكذا من رآه صلى الله عليه وسلم في صباه، ولم يكن يميز، هما رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لا يقبل مرسل الأول من يرد المراسيل بغير مراسيل الصحابة، ذكره الحافظ في "الفتح" ص 2 ج 7، وكذا الثاني، ذكره السخاوي في "فتح المغيث" ص 63، فما يدري أن الرجل الذي أبهمه التابعي من أي نوع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وللبيهقي ههنا مسلك آخر: أنه روى في "سننه الكبرى" ص 83 ج 1 عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن أنس، حديث: اللمعة، وقال: هو مرسل، اهـ، وروى في: ص 183 ج 3 عن طارق بن شهاب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، حديث: زمِن لا يلزمه الجمعة، وقال: هذا الحديث، وإن كان فيه إرسال، فهو مرسل جيد، فطارق من خيار التابعين، وممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمع منه، اهـ، وروى: ص 190 ج 1 عن حميد بن عبد الرحمن، قال: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم، كما صحب أبو هريرة أربع سنين، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث، وقال: هذا الحديث رواته ثقات، إلا أن حميداً لم يسم الصحابي الذي حدثه، فهو المرسل، إلا أنه مرسل جيد، لولا مخالفته الأحاديث الثابتة الموصولة قبله، اهـ، فإن كل ما ذكرت من أقواله، وما ذكره الإِمام المخرج من قوله مشكل، لأنه إن اكتفى بقول التابعي في ثبوت صحبة الرجل الذي لم يسمه، فما معنى الارسال بعده؟ لا سيما في قوله: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين، وإن لم يكف، فما معنى قوله: إنه مرسل جيد، لأن الرجل مجهول، بعد، فالموافق للأدلة، قول ابن حزم، والله أعلم.
وقال البيهقي في: ص 249 ج 4: وتمامه عمومة له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كلهم ثقات، سموا أو لم يسموا.
1 قال الحافظ في "الدراية": وكذا رواه عبد الرزاق عن ابن مسعود بإسناد صحيح، اهـ.
2 ذكره ابن حزم في "المحلى" ص 83 ج 6، وقال: هذا إسناد في غاية الصحة، اهـ.
طَرِيقٌ آخَرُ 1: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا هُشَيْمِ ثَنَا مُجَالِدٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُعَلِّمُنَا التَّكْبِيرَ فِي الْعِيدَيْنِ، تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ: خَمْسٌ فِي الْأُولَى. وَأَرْبَعٌ فِي الْآخِرَةِ، وَيُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ. وَأَنْ يَخْطُبَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، انْتَهَى. وَيُنْظَرُ الطَّبَرَانِيُّ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى، قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "كِتَابِهِ"2: وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ، فِي التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ: تِسْعُ تَكْبِيرَاتٍ: فِي الْأُولَى خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ. وَفِي الثَّانِيَةِ يَبْدَأُ بِالْقِرَاءَةِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا، مَعَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ نَحْوُ هَذَا، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ الْمَرْفُوعَةِ3: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"4 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَائِشَةَ، جَلِيسٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ سَأَلَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ. وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِي الْأَضْحَى. وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى5: كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا، تَكْبِيرَهُ عَلَى الْجَنَائِزِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: صَدَقَ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: كَذَلِكَ كُنْت أُكَبِّرُ فِي الْبَصْرَةِ، حَيْثُ كُنْت عَلَيْهِمْ، انْتَهَى. سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد، ثُمَّ الْمُنْذِرِيُّ فِي
1 طريق آخر: رواه الطحاوي في: ص 40، حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا هشام ابن أبي عبد الله عن حماد عن إبراهيم عن علقمة بن قيس، قال: خرج الوليد بن عقبة على ابن مسعود. وحذيفة والأشعري رضي الله عنهم، فقال: إن العيد غداً، فكيف التكبير؟ فقال ابن مسعود: يكبر تكبيرة، ويفتتح به الصلاة، ثم يكبر بعدها ثلاثاً، ثم يقرأ، ثم يكبر تكبيرة، يركع بها، ثم يسجد، ثم يقوم، فيقرأ، ثم يكبر ثلاثاً، ثم يكبر تكبيرة، يركع بها، فقال الأشعري. وحذيفة: صدق أبو عبد الرحمن، اهـ، صحح الحافظ ابن كثير إسناد هذا الحديث في "التفسير".
2 الترمذي في "باب التكبير في العيدين" ص 70.
3 قلت: من الأحاديث المرفوعة في الباب، ما رواه الطحاوي في "شرح الآثار" ص 400 ج 2 على ابن عبد الرحمن. ويحيى بن عثمان، قالا: حدثنا عبد الله بن يوسف عن يحيى بن حمزة، قال: حدثني الوضين بن عطاء أن القاسم أبا عبد الرحمن حدثه، قال: حدثني بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد، فكبر أربعاً أربعاً، ثم أقبل علينا بوجهه، حين انصرف، فقال:"لا تنسوا كتكبير الجنازة" وأشار بأصبعه، وقبض إبهامه، قال الطحاوي: هذا حديث حسن الاسناد، وعبد الله بن يوسف. ويحيى بن حمزة. والوضين. والقاسم، كلهم أهل رواية، معروفون بصحة الرواية، اهـ، قلت: رجال الحديث كلهم معروفون، إلا وضين، ابن عطاء، قال الحافظ المخرج: ص 101 ج 1: وثقه أحمد، وقال ابن معين: لا بأس به، اهـ، ووثقه غير واحد، ومر الحافظ في "الفتح" ص 401 ج 2 على إسناد الطحاوي في "شرح الآثار" ص 164 ج 1، فيه وضين ابن عطاء هذا، فقال: إسناده قوي، اهـ. وقال في "التهذيب": قال أحمد بن حنبل. وابن معين. ودحيم: ثقة، قال أبو داود: صالح الحديث، وقال ابن عدي: ما أدري بحديثه بأساً، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال الساجي: عنده حديث واحد منكر، غير محفوظ، اهـ.
4 أبو داود في "باب التكبير في العيدين" ص 170، والطحاوي: ص 400 ج 4، وأحمد: ص 416 ج 4، والبيهقي: ص 289 ج 3.
5 أخرج الطحاوي في "الجنازة" ص 287 من حديث ابن مسعود موقوفاً، قال: التكبير في العيدين أربع، كالصلاة على الميت، اهـ، رجاله ثقات، وقال في "الزوائد": رواه الطبراني في "التكبير" ورجاله ثقات، اهـ.
"مُخْتَصَرِهِ"، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَاسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" لِأَصْحَابِنَا، ثُمَّ أَعَلَّهُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَكُنْ بِالْقَوِيِّ، وَأَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ، قَالَ: وَلَيْسَ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي تَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى. قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَكِنْ أَبُو عَائِشَةَ1، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِيهِ: مَجْهُولٌ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لا أعرف حاله، انْتَهَى.
الْأَحَادِيثُ الْمَوْقُوفَةُ: قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ": حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَشْعَثَ2 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدِ تِسْعًا، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ"3، أَخْبَرَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ ثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: شَهِدْت ابْنَ عَبَّاسٍ كَبَّرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ بِالْبَصْرَةِ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَوَالَى بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ، قَالَ: وَشَهِدْت الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فَعَلَ ذَلِكَ أَيْضًا، فَسَأَلْت خَالِدًا كَيْفَ كَانَ فِعْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَفَسَّرَ لَنَا كَمَا صَنَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ. وَالثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ، سَوَاءٌ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى لِلِافْتِتَاحِ، وَخَمْسًا بَعْدَهَا. وَفِي الثَّانِيَةِ. يُكَبِّرُ خَمْسًا، ثُمَّ يَقْرَأُ، وَفِي رِوَايَةٍ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا فِي الثَّانِيَةِ، وَظَهَرَ عَمَلُ الْعَامَّةِ الْيَوْمَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَمْرٍ بَيَّنَهُ الْخُلَفَاءُ،
قُلْت: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"4 حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَبَّرَ فِي عِيدٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ: سَبْعًا فِي الْأُولَى. وَسِتًّا فِي الْآخِرَةِ، بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ، كُلُّهُنَّ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ إدْرِيسَ ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ بِهِ، نَحْوَهُ، حَدَّثَنَا هُشَيْمِ5 عَنْ حَجَّاجٍ. وَعَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً، انْتَهَى. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ثَنَا حُمَيْدٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَبَّرَ فِي عِيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً: سَبْعًا فِي الْأُولَى. وَخَمْسًا فِي الآخرة، انتهى. وكأنه رِوَايَةَ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ هَذِهِ، هِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، لِأَنَّهُ كَبَّرَ فِي الْأُولَى سَبْعًا، بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ، وَكَبَّرَ فِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ، فالجملة اثني عَشَرَ تَكْبِيرَةً، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ هَذَا، وَيُوَافِقُ مَذْهَبَنَا، فَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"6 حَدَّثَنَا هُشَيْمِ ثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عَبْدِ الله بن الحارث،
1 أبو عائشة الأموي مولاهم، جليس أبي هريرة، مقبول من الثانية "تقريب".
2 هو ابن عبد الملك الحمراني، ثقة.
3 والطحاوي: 401 عن خالد الحذاء، بإسناده.
4 رواه الطحاوي: ص 401 عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس، وفيه: ستاً في الآخرة، بعد القراءة، اهـ.
5 قلت: بهذا الاسناد أخرج الطحاوي في "شرح الآثار" ص 401 ج 2، والبيهقي: ص 219 ج 3 عن زائدة عن عبد الملك: ثنتي عشرة تكبيرة، وقال: هذا إسناد صحيح.
6 والطحاوي في "شرح الآثار" بهذا الاسناد: ص 401 ج 2، وباسناد آخر: حدثنا إبراهيم بن مرزوق
قَالَ: صَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمَ عِيدٍ، فَكَبَّرَ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ: خَمْسًا فِي الْأُولَى. وَأَرْبَعًا فِي الْآخِرَةِ، وَوَالَى بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ"، وَزَادَ فِيهِ: وَفَعَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ الْمَرْفُوعَةِ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد. وَابْنُ مَاجَهْ1 عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ، فِي الْأُولَى بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ. وَفِي الثَّانِيَةِ بِخَمْسٍ، قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، سِوَى تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَقَدْ اسْتَشْهَدَ بِهِ مُسْلِمٌ فِي مَوْضِعَيْنِ، قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ. وَابْنُ عُمَرَ. وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو، وَالطُّرُقُ إلَيْهِمْ فَاسِدَةٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "عِلَلِهِ" أَنَّ فِيهِ اضْطِرَابًا2، فَقِيلَ: عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَالِاضْطِرَابُ فِيهِ مِنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "عِلَلِهِ الْكُبْرَى": سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَضَعَّفَهُ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ غَيْرَ ابْنِ لَهِيعَةَ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أبو داود، وبان مَاجَهْ3 أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطائفي
حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا شعبة حدثنا قتادة. وخالد الحذاء عن عبيد الله بن الحارث، أنه صلى خلف ابن عباس في العيد، فكبر أربعاً، ثم قرأ، ثم كبر، فرفع، ثم قام في الثانية، فقرأ، ثم كبر ثلاثاً، ثم كبر، فرفع، اهـ، قال ابن حزم في "المحلى" ص 83 ج 5: هذا إسناد في غاية الصحة، اهـ. قال الحافظ في "الدراية": روى عبد الرزاق من طريق عبد الله بن الحارث، قال: شهدت ابن عباس كبر في صلاة العيد، بالبصرة، تسع تكبيرات، ووإلى بين القراءتين، قال: وشهدت المغيرة فعل مثل ذلك، وإسناده صحيح، اهـ.
1 أبو داود في "باب التكبير في العيدين" ص 170. وابن ماجه في "باب كم يكبر الإِمام في صلاة العيدين" ص 92. والحاكم في "المستدرك" ص 298 ج 1. والطحاوي: ص 399 ج 2: والدارقطني: ص 181، و"مسند" أحمد ص 701 ج 6.
2 وقال الطحاوي في "شرح الآثار" ص 399 ج 2: أما حديث ابن لهيعة فبين الاضطراب، مرة يحدث عن عقيل، ومرة عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب، ومرة عن خالد بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب، ومرة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة. وأبي واقد رضي الله عنه، وقد ذكرناه كله في هذا الباب.
وبعد: فمذهبهم في ابن لهيعة ما قد شرحناه في غير موضع، اهـ ابن لهيعة عن يزيد بن حبيب، ويونس عن الزهري، عند الدارقطني: ص 180، وعنه عن يونس عن الزهري في "الأوسط" قاله الحافظ في "التلخيص" وعنه عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب، وعنه عن عقيل عن ابن شهاب، وعنه عن خالد بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب، الثلاثة عند الطحاوي: ص 399، وقال الحافظ في "التلخيص": هو في "الأوسط" عن يونس. وابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة، عند أحمد في "مسنده" ص 37 ج 2، ولفظه: سبعاً قبل القراءة، وخمساً بعد القراءة، اهـ.
3 أبو داود: ص 170. وابن ماجه: ص 92. والدارقطني: ص 181. و"المنتقى": ص 137. وأحمد: ص 180 ج 2. والبيهقي: ص 215 ج 3، قال الطحاوي: ص 398 ج 2، عبد الله بن عبد الرحمن ليس
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "التَّكْبِيرُ فِي الْفِطْرِ، سَبْعٌ فِي الْأُولَى. وَخَمْسٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا"، انْتَهَى. زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيهِ: وَخَمْسٌ فِي الثَّانِيَةِ، سِوَى تكبيرة الصلاة، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَالطَّائِفِيُّ هَذَا ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ1: مِنْهُمْ ابْنُ مَعِينٍ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "الْعِلَلِ": سَأَلْت الْبُخَارِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ صَحِيحٌ2، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ3. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ، فِي الْأُولَى سَبْعًا، قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا، قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَهُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي "عِلَلِهِ الْكُبْرَى": سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ فِي هَذَا الْبَابِ أَصَحُّ مِنْهُ، وَبِهِ أَقُولُ، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ أَيْضًا صَحِيحٌ. وَالطَّائِفِيُّ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ" هَذَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي التَّصْحِيحِ، فَقَوْلُهُ: هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ "يَعْنِي أَشْبَهَ مَا فِي الْبَابِ" وَأَقَلَّ ضَعْفًا، وَقَوْلُهُ: وَبِهِ أَقُولُ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ، أَيْ، وَأَنَا أَقُولُ: إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَشْبَهُ مَا فِي الْبَابِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَحَدِيثُ الطَّائِفِيِّ أَيْضًا صَحِيحٌ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ، وَقَدْ عُهِدَ مِنْهُ تَصْحِيحُ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْبُخَارِيِّ: أَصَحُّ شَيْءٍ، لَيْسَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا، قَالَ: وَنَحْنُ، وَإِنْ خَرَجْنَا عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَلَكِنْ أَوْجَبَهُ، أَنَّ كَثِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَهُمْ مَتْرُوكٌ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَا يُسَاوِي شَيْئًا، وَضَرَبَ عَلَى حَدِيثِهِ فِي الْمُسْنَدِ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ. والدارقطني: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْكَذِبِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نُسْخَةً مَوْضُوعَةً، لَا يَحِلُّ ذِكْرُهَا فِي الْكُتُبِ، إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّعَجُّبِ، وَالطَّائِفِيُّ ضَعَّفَهُ نَاسٌ: مِنْهُمْ ابْنُ مَعِينٍ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ فِي "الْعِلْمِ الْمَشْهُورِ": وَكَمْ حَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ فِي "كِتَابِهِ"
عندهم بالذي يحتج بروايته، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ليس بسماع، اهـ قلت: أيسر ما قيل في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: إن فيه تدليساً، ذكرت ما يتعلق به في: ص 58.
1 قال النسائي ليس بالقوي، وكذا قال أبو حاتم، قال ابن عدي: أما سائر حديثه فعن عمرو بن شعيب، وهي مستقيمة، فهو ممن يكتب حديثه، قلت: ثم خلطه بمن بعده، فوهم "ميزان".
2 في "تهذيب التهذيب" عن البخاري: فيه نظر، اهـ.
3 الترمذي في "باب التكبير في العيدين" ص 70. وابن ماجه: ص 92. والدارقطني: ص 181. والطحاوي: ص 399. والبيهقي: ص 286 ج 3.
مِنْ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةٍ، وَأَسَانِيدَ وَاهِيَةٍ: مِنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ، فَإِنَّ الْحَسَنَ عِنْدَهُمْ مَا نَزَلَ عَنْ دَرَجَةِ الصَّحِيحِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، إلَّا مِنْ كَلَامِهِ، قَالَ فِي "عِلَلِهِ" الَّتِي فِي آخِرِ كِتَابِهِ "الْجَامِعِ": وَالْحَدِيثُ الْحَسَنُ عِنْدَنَا مَا رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِ، وَلَمْ يَكُنْ شَاذًّا، وَلَا فِي إسْنَادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٌ: لَيْسَ فِي تَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا أَخَذَ مَالِكٌ فِيهَا بِفِعْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ1" حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ، مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ، فِي الْأُولَى سَبْعًا، قَبْلَ الْقِرَاءَة. وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا، قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ2" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ، فِي الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتِ، وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا، انْتَهَى. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا3 عَنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "التَّكْبِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ، فِي الْأُولَى سَبْعُ تَكْبِيرَاتٍ، وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسُ تَكْبِيرَاتِ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "عِلَلِهِ الْكُبْرَى": سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ، وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ4. وَغَيْرُهُ مِنْ الْحُفَّاظِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَعَلَهُ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْبُخَارِيُّ، رَوَاهُ مَالِكٌ
1 ابن ماجه: ص 92. والحاكم في "المستدرك" ص 607 ج 3، راجعه، قلت: عبد الرحمن بن سعد ضعيف، قاله في "التقريب" وقال في "الجوهر": منكر الحديث، وسعد بن عمار مستور، والحديث مضطرب، راجع له "الجوهر".
2 الدارقطني: ص 181. والدارمي: ص 199، في كليهما عن عبد الرحمن بن سعد، المتقدم، عن عبد الله بن محمد بإسناده، وكذا البيهقي: ص 288 ج 3، قلت: عبد الله هذا، هو عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد القرظ، كما في "البيهقي" ذكره الشيخ في "الأذان" ص 138 أيضاً، فضمير جده، إما يعود إلى عبد الله، فالحديث مرسل، أو إلى محمد، وجده سعد القرظ، وأياً ما كان، ليس هذا الحديث حديثاً آخر غير الذي قبله، فقول الشيخ: حديث آخر، ليس كما ينبغي، فلعل من هذا، ظن بعض من كتب على الترمذي، من أهل عصرنا، ما ظن، فذكره من مسانيد عمار، والله أعلم.
3 الدارقطني: ص 181، ورواه الطحاوي: ص 399 عن فرج بن فضالة عن عبد الله بن عامر الأسلمي، عن نافع به، وقال: عبد الله بن عامر عندهم ضعيف، وإنما أصل الحديث عن ابن عمر نفسه، ثم أخرجه كذلك، قلت: كأن فرج بن فضالة اضطرب فيه أيضاً، وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" ص 207 الحديث الموقوف، وقال: قال أبي: هذا خطأ، وروى هذا الحديث عن أبي هريرة، أنه كان يكبر، اهـ.
4 في "الموطأ" ص 63 موقوفاً، و"مسند أحمد" ص 357 مرفوعاً من قوله عليه السلام، وفيه: خمساً بعد القراءة، اهـ. وفي إسناده ابن لهيعة. والطحاوي: ص 399 ج 2 من طريق مالك. وصخر بن جويرية.
فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: شَهِدْت الْأَضْحَى. وَالْفِطْرَ، مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَكَبَّرَ فِي الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا، قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ1: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ2" أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: يُكَبِّرُ فِي الْأَضْحَى. وَالْفِطْرِ. وَالِاسْتِسْقَاءِ، سَبْعًا فِي الْأُولَى. وَخَمْسًا فِي الْأُخْرَى، وَيُصَلِّي قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَبُو بَكْرٍ. وَعُمَرُ. وَعُثْمَانُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، انْتَهَى.
1حديث آخر: رواه البيهقي في "سننه" ص 292 ج 3 عن جابر بن عبد الله، قال: مضت السنة أن يكبر في العيدين سبعاً، وخمساً، يذكر الله ما بين كل تكبيرتين، اهـ، قال صاحب "الجوهر": في سنده من يحتاج إلى كشف حاله، وفيه أيضاً على بن عاصم، قال: يزيد بن هارون: ما زلنا نعرفه بالكذب، وقال يحيى: ليس بشيء، وكان أحمد سيء الرأي فيه، وقال النسائي: متروك، قلت: ذكره الطحاوي في "شرح الآثار" ص 402 ج 2 باسناد صحيح عن جابر، أنه قال: عشر تكبيرات مع تكبيرة الصلاة، اهـ.
حديث آخر: ذكره في "الزوائد" ص 204 ج 2 عن عبد الرحمن بن عوف، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج له العنزة في العيد، حتى يصلي إليها، وكان يكبر ثلاث عشرة تكبيرة، وكان أبو بكر. وعمر يفعلان ذلك، اهـ. قلت: في إسناده حسن بن حماد البجلي، يحتاج إلى كشف حاله، قال الشوكاني في "النيل": هو لين الحديث، اهـ، وقال الحافظ في "التلخيص": صحح الدارقطني إرساله، اهـ.
حديث آخر: رواه البيهقي في "سننه" ص 348 ج 3، والدارقطني: ص 189، والحاكم في "المستدرك" ص 316، وصححه عن محمد بن عبد العزيز عن أبيه عن طلحة عن ابن عباس، قال: سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب رداءه وصلى ركعتين، وكبر في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمسة تكبيرات، اهـ. قال في "التعليق المغني": في تصحيحه نظر، لأن محمد بن عبد العزيز هذا، قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال ابن القطان: وأبوه عبد العزيز مجهول الحال، فاعتل الحديث بهما، اهـ.
حديث آخر: أخرج الطحاوي في "شرح الآثار" ص 399 ج 2 عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أبي واقد الليثي. وعائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالناس يوم الفطر. والأضحى، في الأولى: سبعاً. وفي الثانية خمساً، اهـ. قلت: فيه ابن لهيعة، قال الحافظ في "التلخيص": ضعيف، اهـ، وقد اضطرب في إسناده، وقال: أبو حاتم: هذا حديث باطل بهذا الاسناد، اهـ.
حديث آخر: موقوف: أخرجه في "زيادات أحمد" ص 73 عبد الله، حدثني سريح بن يونس حدثنا محبوب بن محرز بياع القوارير كوفي ثقة، كذا قال سريح، عن إبراهيم بن عبد الله "يعني ابن فروح" عن أبيه، قال: صليت خلف عثمان العيد، فكبر سبعاً، وخمساً، اهـ. قلت: محبوب بن محرز لين الحديث، وشيخه إبراهيم من رجال اللسان يحتاج إلى كشف حاله.
2 قلت: ذكر الحديث ابن حزم في "المحلى" ص 83 ج 6، وقال: إلا أن في الطريق إبراهيم بن أبي يحيى، وهو أيضاً منقطع، اهـ.. قلت: محمد هذا، هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولم ير هو، ولا أبوه على ابن أبي طالب رضي الله عنه.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: حَدِيثُ: لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ، وَذَكَرَ مِنْهَا تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ. قُلْت: تَقَدَّمَ فِي "صِفَةِ الصَّلَاةِ"، وَلَيْسَ فِيهِ تَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ.
قَوْلُهُ: ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُطْبَتَيْنِ، بِذَلِكَ وَرَدَ النَّقْلُ الْمُسْتَفِيضُ. قُلْت: فِيهِ أَحَادِيثُ، فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ. وَعُمَرُ يُصَلُّونَ الْعِيدَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ1 أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: شَهِدْت الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَبِي بَكْرٍ. وَعُمَرَ. وَعُثْمَانَ، فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِيدَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ2 أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفِطْرِ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ، فَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ، وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثوبه، يلقي يه النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ، مُخْتَصَرٌ، وَذَهِلَ الْمُنْذِرِيُّ، فَعَزَاهُ لِلنِّسَائِيِّ، وَتَرَكَ الْبُخَارِيَّ. وَمُسْلِمًا.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ3 إلَّا الْبُخَارِيَّ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْأَضْحَى. وَيَوْمَ الْفِطْرِ، فَيَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّى صَلَاتَهُ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، وَهُمْ جُلُوسٌ فِي مُصَلَّاهُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِبَعْثٍ، ذَكَرَهُ لِلنَّاسِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ، وَكَانَ يَقُولُ: تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا، وَكَانَ أَكْثَرَ مَنْ يَتَصَدَّقُ النِّسَاءُ، انْتَهَى. بِلَفْظِ مُسْلِمٍ، وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ4، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةَ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ، الْحَدِيثَ بِنَحْوِ مَا سَبَقَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد5. وَالنَّسَائِيُّ. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى الشَّيْبَانِيِّ
1 البخاري في "باب الخطبة قبل العيد" ص 131. ومسلم في "كتاب العيدين" ص 289 ج 1.
2 البخاري في "باب موعظة الإِمام النساء" ص 133. ومسلم: ص 289، وأبو داود في "باب الخطبة" ص 169 ج 1، والنسائي في "باب قيام الإِمام للخطبة متوكئاً على إنسان" ص 233.
3في "العيدين" ص 290. وأبو داود في "العيدين في باب الخطبة" ص 169، مختصراً وليس فيه: متعلق، والنسائي في "باب استقبال الإمام الناس بوجهه في الخطبة" ص 233 عن عياض عن أبي سعيد، وكذا ابن ماجه في "باب ما جاء في الخطبة في العيدين" ص 92.
4 "البخاري في باب الخروج إلى المصلى بغير منبر" ص 131.
5 أبو داود في "باب الجلوس للخطبة" ص 170، وقال: هذا مرسل. والنسائي في "باب التخيير بين الجلوس للخطبة يوم العيدين" ص 233، وابن ماجه في "باب انتظار الخطبة بعد الصلاة" ص 93.
عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: حَضَرْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى بِنَا الْعِيدَ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ قَضَيْنَا الصَّلَاةَ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ، فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ، فَلْيَذْهَبْ، انْتَهَى. قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ مُرْسَلٌ، وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: غَلِطَ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى فِي إسْنَادِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ1" حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ ثَنَا أَبُو بَحْرٍ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فِطْرٍ، أَوْ أَضْحَى، فَخَطَبَ قَائِمًا، ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً، ثُمَّ قَامَ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": وَرَوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: السُّنَّةُ أَنْ يَخْطُبَ فِي العيدين خطبتين، فيفصل بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ ضَعِيفٍ غَيْرِ مُتَّصِلٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَكْرِيرِ الْخُطْبَةِ شَيْءٌ2، وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ الْقِيَاسُ عَلَى الْجُمُعَةِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَوْلُهُ: فَإِنْ غُمَّ الْهِلَالُ، وَشُهِدَ عِنْدَ الْإِمَامِ بِالْهِلَالِ، بَعْدَ الزَّوَالِ، صَلَّى الْعِيدَ مِنْ الْغَدِ، لِأَنَّ هَذَا تَأْخِيرٌ بِعُذْرٍ، وَقَدْ وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ، قُلْت: يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ أَبِي عُمَيْرٍ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِعِ مِنْ الْبَابِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمُومَتِي، مِنْ الْأَنْصَارِ، أَنَّهُمْ أُغْمِيَ عَلَيْهِمْ هِلَالُ شَوَّالٍ، فَأَصْبَحُوا صِيَامًا، فَجَاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، فَشَهِدُوا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ عليه الصلاة والسلام أَنْ يُفْطِرُوا، وَأَنْ يَخْرُجُوا إلَى عِيدِهِمْ مِنْ الْغَدِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَطْعَمُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ3. وَابْنُ مَاجَهْ. وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ". وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَنْ ثَوَابِ بْنِ عُتْبَةَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ بُرَيْدَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الْأَضْحَى، حَتَّى يَرْجِعَ، زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": فَيَأْكُلُ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ، انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ"، وَصَحَّحَ الزِّيَادَةَ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يُكَبِّرُ فِي الطَّرِيقِ "يَعْنِي فِي عِيدِ الْأَضْحَى"،
1 ابن ماجه في "باب ما جاء في الخطبة في العيدين" ص 92.
2 قوله: لم يثبت في تكرير الخطبة، الخ: قلت: أخرج ابن ماجه في "باب الخطبة في العيدين" ص 92 عن جابر، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى، فخطب قائماً، ثم قعد قعدة، ثم قام، اهـ. قال الحافظ في "الدراية": إنه يرد قول النووي: إنه لم يرد في تكرير الخطبة يوم العيد شيء، اهـ.
3 قد تقدم الحديث، بعد الحديث الثالث، في الباب.