الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب إدراك الفريضة
الْحَدِيثُ التَّاسِعَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عليه السلام: "لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ النِّدَاءِ إلَّا مُنَافِقٌ، أَوْ رَجُلٌ يَخْرُجُ لِحَاجَةٍ، يُرِيدُ الرُّجُوعَ"، قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ1" بِمَعْنَاهُ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَدْرَكَ الْأَذَانَ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ، فَهُوَ مُنَافِقٌ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ أَحَدٌ بَعْدَ النِّدَاءِ، إلَّا مُنَافِقٌ، إلَّا أَحَدٌ أَخْرَجَتْهُ حَاجَةٌ، وَهُوَ يُرِيدُ الرُّجُوعَ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، فَذَكَرُوهُ، وَأَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ2 إلَّا الْبُخَارِيَّ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ رَجُلٌ حِينَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِلْعَصْرِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ، انْتَهَى. وَهَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّهُ مُسْنَدٌ، وَكَذَلِكَ نَظَائِرُهُ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ، وَقَالَ: لا تختلفون فِي ذَلِكَ، وَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدِهِ"3، وَزَادَ فِيهِ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَلَا تَخْرُجُوا حَتَّى تُصَلُّوا، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: حَدِيثُ الْوَعِيدِ بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ، قُلْت: كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ4: الْجَمَاعَةُ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "بَابِ الْإِمَامَةِ"، مَعَ غَيْرِهِ.
الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْأَفْضَلُ فِي عَامَّةِ السُّنَنِ
1 في "أواخر أبواب الأذان" ص 54.
2 أخرجه مسلم في "باب فضل صلاة الجماعة"، ص 232، والترمذي في "الأذان في باب كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان" ص 38، وأبو داود في "باب الخروج من المسجد بعد الأذان" ص 86، وابن ماجه قبل "أبواب المساجد" ص 54، والنسائي في "باب التشديد في الخروج من المسجد بعد الأذان: ص 111.
3 وأحمد في "مسنده" ص 537 ج 2، ولفظه: ثم قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة، فلا يخرج أحدكم حتى يصلي، اهـ، وكذا الطيالسي في "مسنده" ص 337.
4 قد تقدم هذا الحديث من قبل، وأخرجه مسلم في "باب فضل الجماعة" ص 232، من حديث ابن مسعود.
وَالنَّوَافِلِ الْمَنْزِلُ، هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَمُسْلِمٌ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ حُجْرَةً مِنْ حَصِيرٍ فِي رَمَضَانَ، فَصَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَالِيَ، حَتَّى اجْتَمَعَ إلَيْهِ أُنَاسٌ، وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، ثُمَّ جَاءُوا لَيْلَةً، فَحَضَرُوا، وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ، وَحَصَبُوا الْبَابَ، فَخَرَجَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمْ: "مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ"؟! وَفِي آخِرِهِ: "فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إلَّا الْمَكْتُوبَةَ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَالنَّسَائِيُّ. وَالتِّرْمِذِيُّ، مُخْتَصَرًا، فلفظ أبو دَاوُد:"صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا، إلَّا الْمَكْتُوبَةَ"، انْتَهَى. وَلَفْظُ الْآخَرِينَ:"أَفْضَلُ صَلَاتِكُمْ، فِي بُيُوتِكُمْ، إلَّا الْمَكْتُوبَةَ"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ فِي "الْعِلْمِ الْمَشْهُورِ": وَقَدْ اسْتَدَلَّ مَنْ يَرَى صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ فِي الْبُيُوتِ، وَأَنَّهَا لَا تُقَامُ جَمَاعَةً بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَأَخَذَ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ عُمَرَ، أَنَّهُ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَبِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ، قَالَ: فَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ حِبَّانَ رواه في "صحيحه" صَحَّحَ فِيهِ مِنْ سَقِيمٍ، وَمَرَّضَ مِنْ صَحِيحٍ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ هَذَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ2 عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْهُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَيُنْظَرُ الصَّحِيحَانِ.
فَائِدَةٌ: قَدْ يُعَارَضُ هَذَا الْحَدِيثُ3 بِحَدِيثِ: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدِي هَذَا"، يَدُلُّ عَلَى لَفْظِ أَبِي دَاوُد الْمُتَقَدِّمِ:"صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا"، وَنَظِيرُ هَذَا، حَدِيثُ:"عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً"، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ4. وَمُسْلِمٌ فِي "الْحَجِّ" عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، مَعَ حَدِيثِ: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إلَى اللَّهِ، مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، قَالُوا: يَا رَسُولُ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ
1 في "الصلاة في باب صلاة الليل" ص 101، وفي "الأدب في باب ما يجوز من الغضب والتشديد لأمر الله" ص 903، كأنه أخذ منه، ومسلم في "باب الحث على صلاة الليل، وإن قلت" ص 266، والنسائي في "أوائل قيام الليل" ص 237، وأبو داود في "باب فضل التطوع في البيت" ص 211، والترمذي قبل "الوتر في باب فضل التطوع في البيت" ص 59، والطحاوي: ص 206.
2 أخرجه أبو داود في "باب قيام شهر رمضان" ص 202، والترمذي في "الصوم في باب قيام شهر رمضان" ص 99، والنسائي في "التهجد باب قيام شهر رمضان" ص 238، وابن ماجه في "الصلاة باب قيام شهر رمضان" ص 95، والطحاوي: ص 206.
3 قلت: لم تتحرر لي هذه العبارة، قال العيني في "البناية" ص 882: فان قلت: يعارض هذا قوله عليه السلام: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام" قلت: يحمل هنا على الفرض، أي صلاة مفروضة في مسجدي هذا، يدل عليه لفظ أبي داود:"صلاة المرء"، الحديث، اهـ.
4 في "باب عمرة في رمضان" ص 239، وكذا في مسلم: ص 409.
الْبُخَارِيُّ فِي "الْعِيدَيْنِ1" عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، فَيُحْمَلُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِ عَلَى الصَّوْمِ. وَالصَّلَاةِ فَقَطْ، وَيُسْتَأْنَسُ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ2. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا، مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، يُعْدَلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَائِمًا الْعَشْرَ قَطُّ، انْتَهَى. أَخْرَجُوهُ3 فِي "الصَّوْمِ" إلَّا الْبُخَارِيَّ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ4: لَمْ يُرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَائِمًا الْعَشْرَ قَطُّ، وَرَجَّحَ التِّرْمِذِيُّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى، فَإِنَّ بَعْضَ الْحُفَّاظِ، قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ لَمْ تَعْلَمْ بِصِيَامِهِ عليه السلام، فَإِنَّهُ كَانَ يَقْسِمُ لِتِسْعِ نِسْوَةٍ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَتَّفِقْ صِيَامُهُ فِي نَوْبَتِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ: لَمْ يُرَ، مبنية للفاعل، لتتفق الروايتين، عَلَى أَنَّ حَدِيثَ الْمُثْبِتِ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ النَّافِي، وَقِيلَ: إذَا تَسَاوَيَا فِي الصِّحَّةِ، يُؤْخَذُ بِحَدِيثِ هُنَيْدَةَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد5. وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ هُنَيْدَةَ عَنْ امْرَأَةٍ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَأَوَّلُ اثْنَيْنِ مِنْ الشَّهْرِ، وَالْخَمِيسَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ": اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هُنَيْدَةَ، فَرُوِيَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ أُمَّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، مُخْتَصَرًا، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ، غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ، ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَالْحَدِيثُ وَرَدَ بِقَضَائِهَا، تَبَعًا لِلْفَرْضِ، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ ذِي مِخْبَرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَمِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ
1 "باب فضل العمل في أيام التشريق" ص 132.
2 في "الصوم في باب العمل في أيام العشر" ص 94، وابن ماجه في "باب صيام العشر" ص 125.
3 أخرجه مسلم قبيل "الحج في باب صوم عشر ذي الحجة" ص 372، وأبو داود في "الصيام في باب بعد باب صيام العشر" ص 338، والترمذي في "باب صيام العشر" ص 94، وكذا ابن ماجه: ص 125.
4 لم أر هذا اللفظ، لا في مسلم. ولا في السنن، إلا ما ذكر الترمذي بلا سند، والآخر لمسلم: لم يصم العشر.
5 في "باب صوم العشر" ص 338، والنسائي في "باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر" ص 328، وأحمد في "مسنده" ص 271 ج 5، وص 288 ج 6، وص 423 ج 6.
حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّلُولِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لِيَأْخُذْ كُلُّ إنْسَانٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ"، قَالَ: فَفَعَلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى الْغَدَاةَ، انْتَهَى.
فَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ، وَتَأْتُونَ الْمَاءَ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ"، إلَى أَنْ قَالَ: فَمَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الطَّرِيقِ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ:"احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا"، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ، قَالَ: فَقُمْنَا فَزِعِينَ، ثُمَّ قَالَ:"ارْكَبُوا" فَرَكِبْنَا، فَسِرْنَا، حَتَّى إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَزَلَ، فَدَعَا بِمِيضَأَةٍ، كَانَتْ مَعِي، فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ:"احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَك، فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ"، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ، فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": وَقَدْ رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، وَفِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الصَّلَاةُ مِنْ غَدَاةٍ، فَلْيُصَلِّ مَعَهَا مِثْلَهَا"، هَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ2". وَلَمْ يُتَابَعْ خَالِدٌ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَعَهُ، وَإِنَّمَا اللَّفْظُ الصَّحِيحُ فِيهِ:"فَإِذَا كَانَ مِنْ الْغَدَاةِ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا"، كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَكِنْ حَمَلَهُ خَالِدٌ عَلَى الْوَهْمِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ:"أَيَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الرِّبَا، وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ"، كَمَا سَيَأْتِي، وَنَسَبَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ" الْوَهْمَ فِيهِ لِلرَّاوِي عَنْ خَالِدٍ، وَهُوَ الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانُ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْبَيْهَقِيّ، فَلْيُرَاجَعْ، وَسُمَيْرٌ:"بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ"، وَرَبَاحٌ:"بِالْمُوَحَّدَةِ".
وَأَمَّا حَدِيثُ ذِي مِخْبَرٍ، فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ3" مِنْ حَدِيثِ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ صُلَيْحٍ عَنْ ذِي مِخْبَرٍ الْحَبَشِيِّ4 وَكَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ "يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم" وضوءً لَمْ يَلْثَ مِنْهُ التُّرَابُ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا، فَأَذَّنَ، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، غَيْرَ عَجِلٍ، ثُمَّ قَالَ لِبِلَالٍ:"أَقِمْ الصَّلَاةَ"، ثُمَّ صَلَّى، وَهُوَ غَيْرُ عَجِلٍ، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الْأَذَانِ".
وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد5 أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ
1 في "باب قضاء الصلاة الفائتة" ص 238، والنسائي قبل "الأذان" ص 102، والطحاوي: ص 234
2 في "المواقيت في باب من نام عن صلاة أو نسيها" ص 70، والبيهقي في "السنن" ص 217 ج 2
3 في "المواقيت" ص 71، وأحمد: ص 91 ج 4.
4 في "مسند أحمد" ذي مخمر.
5 في "المواقيت في باب من نام عن صلاة أو نسيها" ص 70، وأحمد في "مسنده" ص 444 ج 4، وص 441 ج 4، والحاكم في "المستدرك" ص 274، والطحاوي: ص 233 ج 1، والدارقطني: ص 147.
بْنِ حُصَيْنٍ بِنَحْوِهِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" بِزِيَادَةٍ فِيهِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ صِحَّةِ سماع الحسن عن عِمْرَانَ، وَإِعَادَتُهُ الرَّكْعَتَيْنِ، لَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَلَيْسَ فِي سَمَاعِ، الحسن، من عمران، فقال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُمَا قَالَا: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَيْضًا إنَّهُ قَالَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الْأَذَانِ".
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1 أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ2 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَالَ:"مَنْ يكلأنا اللَّيْلَةَ؟ " فَقَالَ بِلَالٌ: أَنَا، فَاسْتَقْبَلَ مَطْلَعَ الشَّمْسِ، فَمَا أَيْقَظَهُمْ إلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَقَامُوا، فَأَذَّنَ بِلَالٌ، وَصَلَّوْا الرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّوْا الْفَجْرَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَكَذَا الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ بِلَالٍ، فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ". وَالْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"، قَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى. وَالْفَضْلُ بْنُ سُهَيْلٍ3، قَالَا: ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ يحيى بن سعيد عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ بِلَالٍ، فَذَكَرَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ، فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ ثَنَا أبي عن عتبة أبي عَمْرٍو عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فقال:"من يكلأنا اللَّيْلَةَ؟ " فَقُلْت: أَنَا، فَنَامَ، وَنَامَ النَّاسُ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ، فَقَالَ:"أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ هَذِهِ الْأَرْوَاحَ عَارِيَّةٌ فِي أَجْسَادِ الْعِبَادِ، يَقْبِضُهَا وَيُرْسِلُهَا إذَا شَاءَ، فَاقْضُوا حَوَائِجَكُمْ عَلَى رِسْلِكُمْ"، فَقَضَيْنَا حَوَائِجَنَا عَلَى رِسْلِنَا، وَتَوَضَّأْنَا، وَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَنَسٍ إلَّا عُتْبَةُ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ4" أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ الْبُخَارِيُّ، الْمُقْرِي بِالْكُوفَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ ثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ عَنْ أَسْبَاطٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: عَرِّسْ بِنَا
1 في "المواقيت" ص 70.
2 في "أواخر المواقيت" ص 102، وأحمد في "مسنده" ص 81 ج 4، والطحاوي: ص 234.
3 في نسخة "سهل".
4 ص 109.
يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:"مَنْ يُوقِظُنَا؟ " فَقُلْت: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَنِمْتُ، وَنَامُوا، فَمَا اسْتَيْقَظْنَا إلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ فِي رُءُوسِنَا، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَتَوَضَّأَ، وَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرُ، انْتَهَى. وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ، وَقَالَ:"إنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ لَأَيْقَظَنَا، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ بَعْدَكُمْ، فَهَكَذَا لِمَنْ نَامَ، أَوْ نَسِيَ"، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقِ بْنِ بُكَيْر ثَنَا حَرْبِيُّ بْنُ حَفْصٍ ثَنَا صَدَقَةُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ، فَنِمْنَا عَنْ الصَّلَاةِ، صَلَاةِ الْغَدَاةِ، حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ، كَمَا كَانَ يُؤَذِّنُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، كَمَا كَانَ يُصَلِّي، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّلُولِيِّ، فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي "سُنَنِهِ1" أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ يزيد2 بْن أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِيهِ، وَاسْمُهُ:"مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ السَّلُولِيُّ"، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَسْرَيْنَا لَيْلَةً، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ، نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَامَ، وَنَامَ النَّاسُ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إلَّا بِالشَّمْسِ قَدْ طَلَعَتْ عَلَيْنَا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُؤَذِّنَ، فَأَذَّنَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ، ثُمَّ حَدَّثَنَا مَا هُوَ كَائِنٌ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عليه السلام، فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ:"صَلُّوهَا وَإِنْ طَرَدَتْكُمْ الْخَيْلُ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ3" عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسْحَاقَ الْمَدِينِيِّ عَنْ ابْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ سِيلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَدْعُوهُمَا وَإِنْ طَرَدَتْكُمْ الْخَيْلُ"، انْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ": عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إسْحَاقَ الْمَدَنِيُّ أَبُو شَيْبَةَ الْوَاسِطِيُّ4، وَيُقَالُ: عَبَّادُ بْنُ إسْحَاقَ، أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ بِثَبْتٍ، وَلَا بِقَوِيٍّ، وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: سَأَلَتْ عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمْ يَحْمَدُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا لَمْ يَحْمَدُوهُ فِي مَذْهَبِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدَرِيًّا، فَنَفَوْهُ مِنْ الْمَدِينَةِ،
1 في "آخر المواقيت" ص 102 والطحاوي: ص 269.
2 بالياء، وهو الصواب، وفي النسائي:"بريد" بالباء الموحدة مصغراً، وهو خطأ.
3 في "التطوع في باب تخفيف ركعتي الفجر" ص 186، والطحاوي ص 176.
4 قلت: أما ما ذكر من توثيق عبد الرحمن هذا، فهو صحيح، إلا أنه أخطأ في النسبة. والكنية، فان عبد الرحمن بن إسحاق الذي روى حديث الطرد، هو عبد الرحمن بن إسحاق بن الحارث بن كنانة، العامري، القرشي المدني، أخرج له مسلم، واستشهد به البخاري، ووثقه ابن معين، وأما أبو شيبة الواسطي، فهو عبد الرحمن بن إسحاق ابن سعد بن الحارث، أبو شيبة الواسطي الأنصاري، ويقال: الكوفي، رجل آخر، روى حديث وضع اليدين تحت السرة، وهو ضعيف، والله أعلم.
فَأَمَّا رِوَايَاتُهُ، فَلَا بَأْسَ بِهَا، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ، وَابْنُ سِيلَانَ "بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، بَعْدَهَا آخِرُ الْحُرُوفِ سَاكِنَةٌ، وَآخِرُهُ نُونٌ"، وَاسْمُهُ: عَبْدُ رَبِّهِ، هَكَذَا جَاءَ مُسَمًّى فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، وَقِيلَ: هُوَ جَابِرُ بْنُ سِيلَانَ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ"، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَهُ مِنْ جِهَةِ أَبِي دَاوُد: وَابْنُ سِيلَانَ، هَذَا هُوَ عَبْدُ رَبِّهِ، وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَعِلَّتُهُ الْجَهْلُ بِحَالِ ابْنِ سِيلَانَ، وَلَا يُدْرَى أَهُوَ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سِيلَانَ، أَوْ جَابِرُ بْنُ سِيلَانَ؟ فَجَابِرُ بْنُ سِيلَانَ يَرْوِي عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرٍ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، فَقَالَ: يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرٍ، وَقَالَ ابْنُ الْفَرَضِيِّ: رَوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَأَبِي هُرَيْرَةَ، فَعَلَى هَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فِي "الْإِسْنَادِ" جَابِرًا، وَهُوَ غَالِبُ الظَّنِّ، وَعَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سِيلَانَ أَيْضًا مَدَنِيٌّ، سَمِعَ أَبَا هريرة، روى عَنْهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ. وَابْنُ الْفَرَضِيِّ. وَغَيْرُهُمَا، وَأَيُّهُمَا كَانَ، فَحَالُهُ مَجْهُولٌ، لَا يُعْرَفُ، وَأَيْضًا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ إسْحَاقَ، هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: عَبَّادُ الْمُقْرِي، قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: سَأَلْت عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَحْمَدُوهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: رَوَى أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ: تَقَدَّمَ بَعْضُهَا أَوَّلَ الْبَابِ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ1 عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا:"رَكْعَتَا الْفَجْرِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ:"خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ2 عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ مِنْ النَّوَافِلِ أَسْرَعَ مِنْهُ إلَّا الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ3. وَمُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مُعَاهَدَةً عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، انْتَهَى. أَخْرَجَاهُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْهَا، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ4 عَنْهَا أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَدَعُ، أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ عَنْهَا5 أَيْضًا، قَالَتْ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ قَائِمًا، وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسًا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ النِّدَاءَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدَعُهُمَا أَبَدًا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ في "معجمه الوسط" عَنْ هَدِيَّةَ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ
1 في "باب استحباب ركعتي الفجر" ص 251 ج 1، والنسائي في "باب المحافظة على الركعتين قبل الفجر" ص 253، والترمذي في "باب ما جاء في ركعتي الفجر من الفضل" ص 56، والطحاوي: ص 177، والحاكم: ص 253، وصححه.
2 ص 251 ج 1، ولم أر في البخاري هذه اللفظة، فلينظر.
3 في "التهجد في باب تعاهد ركعتي الفجر" ص 156، وأبو داود. ص 185، ومسلم: ص 251.
4 في "باب الركعتين قبل الظهر" ص 157، وأبو داود: ص 185.
5 البخاري في "التهجد في باب المداومة على ركعتي الفجر" ص 155.