الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ زَكَاةُ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: قَالَ عليه السلام: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ"، قُلْت: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ1 مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: لَيْسَ فِي حَبٍّ، وَلَا تَمْرٍ صَدَقَةٌ، حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَأَعَادَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ بَدَّلَ: التمر يَعْنِي بِالْمُثَلَّثَةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ بِالْمُثَنَّاةِ، وَزَادَ أَبُو دَاوُد2 فِيهِ: وَالْوَسْقُ: سِتُّونَ مَخْتُومًا، وَابْنُ مَاجَهْ: وَالْوَسْقُ: سِتُّونَ صَاعًا.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ الثَّمَرِ صَدَقَةٌ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"3 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إسْحَاقَ أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا مَعْمَرٌ حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فيما دون خمسة ذَوْدٍ صَدَقَةٌ"، انْتَهَى. وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4، وَلَفْظُهُ: لَا يَحِلُّ فِي الْبُرِّ وَالتَّمْرِ زَكَاةٌ، حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَلَا يَحِلُّ فِي الْوَرِقِ زَكَاةٌ، حتى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوَاقٍ، وَلَا يَحِلُّ فِي الْإِبِلِ زَكَاةٌ، حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ ذَوْدٍ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: قَالَ عليه السلام: "مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ فَفِيهِ الْعُشْرُ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَبِمَعْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ5 عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ،
1 البخاري في"باب زكاة الورق" ص 194، ومسلم في "باب ما فيه الزكاة من الأموال" ص 316، والطحاوي: ص 314.
2 أبو داود في "باب ما تجب فيه الزكاة" ص 224 ج 1، وابن ماجه في "باب الوسق ستون صاعا" ص 133، كلاهما من طريق أبي البحتري عن أبي سعيد، وقال أبو داود: أبو البحتري لم يسمع من أبي سعيد، اهـ.
3 أحمد في "مسنده" ص 402 ج 2، والطحاوي: ص 315، عن ابن المبارك به.
4 الدارقطني: ص 199 من حديث أبي سعيد، ولم أجد من حديث أبي هريرة، والله أعلم.
5 البخاري في "باب العشر فيما يسقى من ماء السماء" ص 201، وأبو داود في "باب صدقة الزرع" ص 233 ج 1، والطحاوي: 315، هو ما نبت من النخيل من أرض يقرب ماؤها، فرسخت عروقها في الماء، فاستغنت عن ماء السماء والأنهار، وغيرها.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا1 الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ"، انتهى. رواه أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ، وَالْأَنْهَارُ، وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي2 أَوْ النَّضْحِ الْعُشْرُ " انْتَهَى. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فِيمَا سَقَتْ الْأَنْهَارُ، وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ3 عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِمَّا سَقَتْ السَّمَاءُ، وَمَا سُقِيَ بَعْلًا الْعُشْرَ، وَمَا سُقِيَ بِالدَّوَالِي نِصْفَ الْعُشْرَ، انْتَهَى. وَلَمَّا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمَ عَقَّبَهُ بِحَدِيثِ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، وَقَالَ: هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْأَوَّلِ4، وَالْمُفَسَّرُ يَقْضِي عَلَى الْمُبْهَمِ، وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ. انْتَهَى. وَأَبُو حَنِيفَةَ يُؤَوِّلُ حَدِيثَ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، بِزَكَاةِ التِّجَارَةِ، كَمَا فِي الْكِتَابِ. وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ جَعَلَهُ مَنْسُوخًا، وَلَهُمْ فِي تَقْرِيرِهِ قَاعِدَةٌ، ذَكَرَهَا السِّغْنَاقِيُّ نَقْلًا عَنْ "الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ"، قَالَ: إذَا وَرَدَ حَدِيثَانِ: أَحَدُهُمَا: عَامٌّ. وَالْآخَرُ: خَاصٌّ، فَإِنْ عُلِمَ تَقْدِيمُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ خُصَّ الْعَامُّ بِالْخَاصِّ، كَمَنْ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: لَا تُعْطِ أَحَدًا شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَعْطِ زَيْدًا دِرْهَمًا، فَإِنَّ هَذَا تَخْصِيصٌ لِزَيْدٍ، وَإِنْ عُلِمَ تَأْخِيرُ الْعَامِّ، كَانَ الْعَامُّ نَاسِخًا لِلْخَاصِّ، كَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَعْطِ زَيْدًا دِرْهَمًا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: لَا تُعْطِ أَحَدًا شَيْئًا، فَإِنَّ هَذَا نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ، هَذَا مَذْهَبُ عِيسَى بْنِ أَبَانَ، وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ: هَذَا إذَا عُلِمَ التَّارِيخُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ، فَإِنَّ الْعَامَّ يُجْعَلُ آخِرًا، لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ وَهُنَا لَمْ يُعْلَمْ التَّارِيخُ، فَيُجْعَلُ آخِرًا احْتِيَاطًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": وَاحْتَجَّتْ الْحَنَفِيَّةُ بِمَا رَوَى أَبُو مُطِيعٍ الْبَلْخِيّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِنَضْحٍ، أَوْ غَرْبٍ نِصْفُ الْعُشْرِ، فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ"، قَالَ: وَهَذَا الْإِسْنَادُ لَا يُسَاوِي شَيْئًا، أَمَّا أَبُو مُطِيعٍ فَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ رضي
الله عنه: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْوَى عَنْهُ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: تَرَكُوا حَدِيثَهُ، وَأَمَّا أَبَانُ فَضَعِيفٌ جِدًّا، ضَعَّفَهُ شُعْبَةُ.
1 عثرياً: هو ما يشرب بعروقه من غير سقي قبل ما يسيل إليه ماء المطر، وقبل ما يسقى بالعاثور، والعاثور شبه نهر يحفر في الأرض، يسقى به البقول، والنخل، والزرع.
2 السواني: جمع سانية، هي بعير يستقى عليه. والنضح: ما سقى من الآبار بالغرب، أو بالسانية، أي البعير، والمراد سقي النخل والزرع بالبعير، والبقر، والحمر.
3 ابن ماجه في "باب صدقة الزروع والثمار" ص 131.
4 قلت: هذا القول في "البخاري" بعد حديث ابن عمر، وقبل حديث أبي سعيد:"ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" وكان المناسب كما ذكره الشيخ، فكأن وضع الكلام انقلب في النسخة المطبوعة من موضعه.
آثَارٌ عَنْ التَّابِعِينَ: أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه، قَالَ: فِيمَا أَنْبَتَتْ الْأَرْضُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ الْعُشْرُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا فِي "مُصَنَّفِهِ"1 عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ النَّخَعِيّ: حَتَّى فِي كُلِّ عَشْرِ دَسْتَجَاتِ بَقْلٍ دَسْتَجَةٌ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّلَاثُونَ: قَالَ عليه السلام: "لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ، وَمِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَمِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ. وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنهم.
أَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ: فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ عَنْ الْخَضْرَاوَاتِ، وَهِيَ الْبُقُولُ، فَقَالَ: لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام شَيْءٌ، وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا. وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ ضَعَّفَهُ شُعْبَةُ، وَغَيْرُهُ، وَتَرَكَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، انْتَهَى. وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذَا الْمُرْسَلِ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"2، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، والدارقطني فِي "سُنَنِهِ" مِنْ حَدِيثِ إسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ، وَالْبَعْلُ، وَالسَّيْلُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ"، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي التَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالْحُبُوبِ، فَأَمَّا الْقِثَّاءُ، وَالْبِطِّيخُ، وَالرُّمَّانُ، وَالْقَصَبُ، وَالْخَضِرُ3، فَعَفْوٌ عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَزَعَمَ أَنَّ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ، لَا يُنْكَرُ أَنْ يُدْرِكَ أَيَّامَ مُعَاذٍ، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": وَفِي تَصْحِيحِ الْحَاكِمِ لِهَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى تَرَكَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ مُرْسَلٌ، وَمُعَاذٌ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، فَرِوَايَةُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْهُ أَوْلَى بِالْإِرْسَالِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ
1 ابن أبي شيبة: ص 19 ج 3، والطحاوي: ص 316 ج 1 عن إبراهيم، ومجاهد.
2 "المستدرك" ص 401 ج 1، والدارقطني: ص 201، والبيهقي: ص 129 ج 4.
3 ليس لفظ: "الخضر" في "المستدرك" والله أعلم.
مُوسَى، وُلِدَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ سَمَّاهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ، وَقِيلَ: إنَّهُ صَحِبَ عُثْمَانَ مُدَّةً، وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا مَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ1 عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: عِنْدَنَا كِتَابُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْ الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِي "الْإِمَامِ": وَفِي الِاتِّصَالِ بَيْنَ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، وَمُعَاذٍ نَظَرٌ، فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ وَفَاةَ مُوسَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ طَلْحَةَ، فَلَهُ طُرُقٌ: أَحَدُهَا: عِنْدَ الْبَزَّارِ فِي "مُسْنَدِهِ"، والدارقطني فِي "سُنَنِهِ"2 عَنْ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ ثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ"، انْتَهَى. قَالَ الْبَزَّارُ: وَرَوَى جَمَاعَةٌ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مُرْسَلًا، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ: عَنْ أَبِيهِ إلَّا الْحَارِثَ بْنَ نَبْهَانَ عَنْ عَطَاءٍ، وَلَا نَعْلَمُ لِعَطَاءٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ إلَّا هَذَا الْحَدِيثَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ"، وَأَعَلَّهُ بِالْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَرْوِيهِ عَنْ عَطَاءٍ غَيْرَهُ، وَضَعَّفَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ كَثِيرِينَ، وَوَافَقَهُمْ.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه: لَا يُحَدِّثُ عَنْهُ إلَّا مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ نَصْرِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بِهِ3، وَنَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ: كَذَّابٌ، وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ مُسْلِمٌ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ، وَالْمُرْسَلُ الَّذِي أَشَارَ إليه الترمذي، وغيره، ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ، انْتَهَى. وَهَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ، فَإِنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ هَذَا هُوَ ابْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ، وَهُوَ صَدُوقٌ، رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَثَّقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ، وَلَا يُحْتَجُّ مِنْ حَدِيثِهِ إلَّا بِمَا رَوَاهُ عَنْهُ الْأَكَابِرُ: الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ فَفِي حَدِيثِهِمْ عَنْهُ نَظَرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1رواه الحاكم: ص 401 ج 1، أيضاً، ورواه البيهقي: ص 128 ج 4.
2 هذا، وما بعده من "سنن الدارقطني" ههنا كله في: ص 200، وص 201.
3 قوله: به، الظاهر منه أن موسى بن طلحة يروى عن أبيه، كما في الرواية التي قبلها، والتي في الدارقطني: عن موسى بن طلحة عن معاذ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ رضي الله عنه: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ رحمه الله أيضاً عن الصفر بْنِ حَبِيبٍ، سَمِعْت أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ:"لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ"، مُخْتَصَرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْخَيْلِ، وَمِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيِّ رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ" قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ": لَيْسَ هَذَا مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ، فَقَلَبَهُ هَذَا الشَّيْخُ عَلَى أَبِي رَجَاءٍ، وَهُوَ يَأْتِي بِالْمَقْلُوبَاتِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ، فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِيبٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي كَثِيرٍ مَوْلَى بَنِي جَحْشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ حِين بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا، وَلَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ، انْتَهَى. وَهُوَ مَعْلُولٌ بِابْنِ شَبِيبٍ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ في "كتاب الضعفاء": يسرف الْأَخْبَارَ، وَيُقَلِّبُهَا، لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ، انْتَهَى. وَالشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ" تَرَكَ ذِكْرَ ابْنِ شَبِيبٍ، وَوَثَّقَ الْبَاقِينَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّنْجَارِيِّ ثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ"، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ": لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ صَالِحِ بْنِ مُوسَى عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِيمَا أَنْبَتَتْ الْأَرْضُ مِنْ الْخُضْرَةِ زَكَاةٌ" انْتَهَى. وَهُوَ مَعْلُولٌ بِصَالِحٍ، قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": هُوَ صَالِحُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلَتْ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا، لَا يُعْجِبُنِي حَدِيثُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "كِتَابِ الْعِلَلِ"1: هَذَا حَدِيثٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، فَرُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، فَقَالَ: الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ2 عَنْ عَطَاءٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ خَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ3: عَنْ عَطَاءٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ أَنَّ النَّبِيَّ
1 قلت: روى هذه كلها في "السنن" ص 201.
2 الحارث بن نبهان، عند الدارقطني: ص 201.
3وهشام الدستوائي، عند الدارقطني: ص 201.
عليه السلام مُرْسَلٌ، وَرُوِيَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَقِيلَ: عَنْ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ عَنْ عُمَرَ، وَقِيلَ: عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ، وَقِيلَ: عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ مُرْسَلٌ، وَهُوَ أَصَحُّهَا كُلِّهَا، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَمَعَهَا قَوْلُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُمَرَ، قَالَ: لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ، قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ قَدْ عَلَّلَ الْبَيْهَقِيُّ بِهِ رِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَمُجَاهِدٌ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ، وَأَخْرَجَ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي إسْحَاقِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ، وَالْبُقُولِ صَدَقَةٌ، قَالَ الشَّيْخُ: وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا أَحَادِيثُ: "إنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي خَمْسَةٍ"، فَكُلُّهَا مَدْخُولَةٌ، وَفِي مَتْنِهَا اضْطِرَابٌ، فَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: إنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ: الْحِنْطَةِ. وَالشَّعِيرِ. وَالتَّمْرِ. وَالزَّبِيبِ. وَالذُّرَةِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: إنَّمَا سَنَّ، إلَى آخِره، وَالْعَرْزَمِيُّ مَتْرُوكٌ، وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"2، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَمُعَاذِ بْنِ جبل حين يعثهما رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ يُعَلِّمَانِ النَّاسَ أَمْرَ دِينِهِمْ: لَا تَأْخُذْ الصَّدَقَةَ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ. وَالْحِنْطَةِ. وَالزَّبِيبِ. وَالتَّمْرِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: أَنَّهُمَا حِينَ بُعِثَا إلَى الْيَمَنِ، لَمْ يَأْخُذَا الصَّدَقَةَ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": وَهَذَا غَيْرُ صَرِيحٍ فِي الرَّفْعِ، انْتَهَى. وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ3 عَنْ خَصِيفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لَمْ تَكُنْ الصَّدَقَةُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الْحِنْطَةِ. وَالشَّعِيرِ. وَالتَّمْرِ. وَالزَّبِيبِ. وَالذُّرَةِ، انْتَهَى. مُرْسَلٌ، وَفِيهِ خَصِيفٌ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: لَمْ يَفْرِضْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا فِي عَشَرَةِ أَشْيَاءَ: الْإِبِلِ. وَالْبَقَرِ. وَالْغَنَمِ. وَالذَّهَبِ. وَالْفِضَّةِ. وَالْحِنْطَةِ. وَالشَّعِيرِ. وَالتَّمْرِ. وَالزَّبِيبِ، أَرَاهُ قَالَ: وَالذُّرَةِ، وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، فَذَكَرَ: السُّلْتَ، عِوَضَ: الذُّرَةِ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: "إنَّمَا الصَّدَقَةُ فِي الْحِنْطَةِ. وَالشَّعِيرِ. وَالتَّمْرِ. وَالزَّبِيبِ"، وَهَذَا أَيْضًا مُرْسَلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 ابن ماجه في "باب ما تجب فيه الزكاة" ص 131.
2 "المستدرك" ص 401 ج 1.
3 البيهقي في "السنن" ص 129 ج 4، الروايات كلها.
الْحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ عليه السلام: "فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ"، قُلْت: رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ الْعُقَيْلِيُّ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ" مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محرز عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام، قَالَ:"فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ"، انْتَهَى. وَلَمْ أَجِدْهُ فِي "مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ" بِهَذَا اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا لَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ أَهْلِ الْعَسَلِ الْعُشْرُ، انْتَهَى. وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَالْحَدِيثُ مَعْلُولٌ بعبد الله بن محرز، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ": كَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ، إلَّا أَنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ، وَلَا يَعْلَمُ، وَيُقَلِّبُ الْأَخْبَارَ، وَلَا يَفْهَمُ، انْتَهَى.
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو، وَمِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَيَّارَةَ الْمُتَعِيِّ.
أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَمْرٍو: فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1 فِي "سُنَنِهِ" حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيِّ أَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْمِصْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ هِلَالٌ أَحَدُ بَنِي مُتْعَانَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُشُورِ نَحْلٍ لَهُ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ وَادِيًا، يُقَالُ لَهُ: سَلَبَةُ، فَحَمَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ الْوَادِيَ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَتَبَ سُفْيَانُ بْنُ وَهْبٍ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَكَتَبَ عُمَرُ: إنْ أَدَّى إلَيْك مَا كَانَ يُؤَدِّي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عُشُورِ نَحْلِهِ، فَاحْمِ لَهُ سَلَبَةَ، وَإِلَّا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَابُ غَيْثٍ، يَأْكُلُهُ مَنْ شَاءَ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ النَّسَائِيّ سَوَاءً، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ2 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام أَخَذَ مِنْ الْعَسَلِ الْعُشْرَ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ: فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"3 حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ الدَّوْسِيُّ عَنْ مُنِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ الدَّوْسِيِّ، قَالَ: أَتَيْت النَّبِيَّ عليه السلام، فَأَسْلَمْت، وَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لِقَوْمِي مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، فَفَعَلَ، وَاسْتَعْمَلَنِي عَلَيْهِمْ، وَاسْتَعْمَلَنِي أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ عليه السلام، وَاسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ، قَالَ: يَا قَوْمِ أَدُّوا زَكَاةَ الْعَسَلِ، فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِي مَالٍ لَا يُؤَدَّى
1 أبو داود في "باب زكاة العسل" ص 233، والنسائي في "باب زكاة النحل" ص 346.
2 ابن ماجه في "باب زكاة العسل" ص 132.
3 ابن أبي شيبة: ص 20 ج 3، مختصراً من هذا السياق، وسياق المخرج عن الشافعي: وأبي عبيد في "كتاب الأموال" ص 496.
زَكَاتُهُ، قَالُوا: كَمْ تَرَى؟، قُلْت: الْعُشْرُ، فَأَخَذْت مِنْهُمْ الْعُشْرَ، فَأَتَيْت بِهِ عُمَرَ رضي الله عنه، فَبَاعَهُ وَجَعَلَهُ فِي صَدَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ1 أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، فَذَكَرَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَتَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ بِهِ، وَرَوَاهُ الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ، فَقَالَ: عَنْ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ مُنِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِهِ، انْتَهَى. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَعَبْدُ اللَّهِ وَالِدُ مُنِيرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُهُ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: مُنِيرٌ هَذَا لَا نَعْرِفُهُ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَسُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالِدِ مُنِيرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، يَصِحُّ حَدِيثُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام لَمْ يَأْمُرْهُ بِأَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ الْعَسَلِ، وَأَنَّهُ شَيْءٌ رَآهُ، فَتَطَوَّعَ لَهُ بِهِ أَهْلُهُ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَيَّارَةَ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"2 عَنْ سَعِيدِ3 بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي سَيَّارَةَ الْمُتَعِيِّ، قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي نَحْلًا، قَالَ:"أَدِّ الْعُشُورَ"، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ احْمِهَا لِي، فَحَمَاهَا لِي، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ"، وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي وُجُوبِ الْعُشْرِ فِيهِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلَتْ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: حَدِيثٌ مُرْسَلٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ فِي زَكَاةِ الْعَسَلِ شَيْءٌ يَصِحُّ، انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ التِّرْمِذِيِّ، وَذَكَرَهُ فِي "عِلَلِهِ الْكُبْرَى"، وَقَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي "الْكَمَالِ": أَبُو سَيَّارَةَ الْمُتَعِيُّ الْقَيْسِيُّ، قِيلَ: اسْمُهُ عَمِيرَةُ بْنُ الْأَعْلَمِ، رَوَى عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام حَدِيثًا فِي زَكَاةِ الْعَسَلِ، وَلَيْسَ لَهُ سِوَاهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ"، وَمِنْ طَرِيقِهِ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مَسَانِيدِهِمْ" بِنَحْوِهِ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الْعَسَلِ حَتَّى يَبْلُغَ عَشْرَ قِرَبٍ، لِحَدِيثِ بَنِي سَيَّارَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤَدُّونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَذَلِكَ،
1 الشافعي في "كتاب الأم" ص 33 ج 2، والبيهقي في "السنن" ص 127 ج 4.
2 ابن ماجه في "باب زكاة العسل" ص 132، وأحمد: ص 236، والطيالسي: ص 169، ومن طريقه البيهقي: ص 126 ج 4، وابن أبي شيبة.
3 سعيد، كذا في الأصول كلها، وفي "فتح القدير والدراية" سعد، وفي نسخة "الدار" أيضاً "سعيد".
قُلْت: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَفَّافُ الْمِصْرِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ بَنِي سَيَّارَةَ بَطْنٌ مِنْ فَهْمٍ1 كَانُوا يُؤَدُّونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، [قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "كِتَابِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ": صَوَابُهُ بَنِي شَبَّابَةَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، بَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ، ثُمَّ أَلِفٌ، ثُمَّ بَاءٌ أُخْرَى قَالَ: وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ فَهْمٍ، ذَكَرَهُ فِي "تَرْجَمَةِ شَبَّابَةَ وَسَيَّابَةَ"، وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ هَذَا الْجَاهِلُ2: هَكَذَا فِي غَالِبِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ، لِحَدِيثِ بَنِي سَيَّارَةَ، وَهُوَ غَلَطٌ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِهَا أَبِي سَيَّارَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى. قُلْت: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا صَوَابًا مَعَ قَوْلِهِ: كَانُوا يُؤَدُّونَ، بَلْ الصَّوَابُ بَنِي سَيَّارَةَ] عَنْ نَحْلٍ3 كَانَ لَهُمْ الْعُشْرَ، مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةً، وَكَانَ يَحْمِي وَادِيَيْنِ لَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه اسْتَعْمَلَ عَلَى مَا هُنَاكَ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيَّ فَأَبَوْا أَنْ يُؤَدُّوا إلَيْهِ شَيْئًا، وَقَالُوا: إنَّمَا كُنَّا نُؤَدِّيهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَتَبَ سُفْيَانُ إلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ: إنَّمَا النَّحْلُ ذُبَابُ غَيْثٍ يَسُوقُهُ اللَّهُ عز وجل رِزْقًا إلَى مَنْ يَشَاءُ، فَإِنْ أَدُّوا إلَيْك مَا كَانُوا يُؤَدُّونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاحْمِ لَهُمْ أَوْدِيَتَهُمْ، وَإِلَّا فَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ. فَأَدَّوْا إلَيْهِ مَا كَانُوا يُؤَدُّونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَحَمَى لَهُمْ أَوْدِيَتَهُمْ، انْتَهَى. وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي "كِتَابِ الْأَمْوَالِ"4 حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْخَذُ فِي زَمَانِهِ مِنْ الْعَسَلِ مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةً مِنْ أَوْسَطِهَا، انْتَهَى.
1 في "الدراية. والفتح" فهم "بالفاء" فليراجع
2 قوله: قال هذا الجاهل، قلت: لا أدري ما المراد بالجاهل، ومن أي حرف حرّف هذا، قال ابن الهمام في "الفتح" ص 7 ج 3: قوله: لحديث شبابة: قال في "العناية": في بعض النسخ: أبي سيارة، وهو الصواب، بعد ما ذكر أن صوابه بني شبابة، كما قدمناه، فاستجهله الزيلعي، وقال: كيف يكون صواباً مع قوله: كانوا يؤدون، اهـ، وليس هذا الدفع بشيء، لأنه لو قيل: عن أبي سيارة أنهم كانوا يؤدون لم يحكم بخطأ العبارة، فإنه أسلوب مستمر في ألفاظ الرواة، والمراد منه قومه، كانوا يؤدون، أو أنه مع باقي القوم، بل الصواب أن أبا سيارة هنا ليس بصواب، فإنه ليس في حديث أبي سيارة ذكر القرب، بل ما تقدم من قوله: إن لي نحلاً، فقال عليه السلام: أدّ العثور، لا كما استبعده به، اهـ ما قال ابن الهمام.
3 قوله: عن نحل، مرتبط بقوله: كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله: قال الدارقطني، إلى قوله: بل الصواب بني سيارة، مدرج من الحافظ المخرج، راجع "فتح القدير" ص 6 ج 2.
4 "كتاب الأموال" ص 497.
*أقول: في نسخة أيضاً "فهم" بالفاء "البجنوري".
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ: مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ1 عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينِ عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "فِي الْعَسَلِ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَزُقٍّ زِقٌّ"، انْتَهَى. وَقَالَ: فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرُ شَيْءٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ"، وَأَعَلَّهُ بِصَدَقَةَ هَذَا، وَضَعَّفَهُ عَنْ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنِ مَعِينٍ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُمَا. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ"، وَقَالَ فِي صَدَقَةَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ الثِّقَاتِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الطبراني في "معجمه الوسط"، وَلَفْظُهُ: وَقَالَ: "فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ، فِي كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ شَيْءٌ"، انْتَهَى. قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَا يُرْوَى هَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام حَكَمَ بِتَفَاوُتِ الْوَاجِبِ لِتَفَاوُتِ الْمُؤْنَةِ، قُلْت: يُشِيرُ إلَى مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"2 مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عن جابر مرفوعاً:"فيما سَقَتْ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ"، انْتَهَى. وَرَوَى أَبُو دَاوُد حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ، بِلَفْظِ:"فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ بَعْلًا، الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي، أَوْ النَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ"، انْتَهَى. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ3 مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَدِينِيِّ ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ"، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": وَعَاصِمٌ هَذَا أَثْنَى عَلَيْهِ مَعْنُ بْنُ عِيسَى، فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَمَّا الْحَارِثُ هَذَا، فَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ مَشْهُورٌ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَيُكْتَبُ حَدِيثُهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ4 عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ، وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِمَّا سَقَتْ السَّمَاءُ، وَمَا سُقِيَ بَعْلًا الْعُشْرَ، وَمَا سُقِيَ بِالدَّوَالِي نِصْفَ
1 الترمذي في "باب زكاة العسل" ص 80، والبيهقي: ص 126 ج 4، وقال: قال أبو عيسى: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو عن نافع عن النبي صلى الله عليه وسلم، اهـ. وقال الهيثمي في "الزوائد" ص 77 ج 3: صدقة فيها كلام كثير، وقد وثقه أبو حاتم، وغيره.
2 حديث ابن عمر، وجابر تقدم تخريجهما في الحديث التاسع والعشرين.
3 الترمذي في "باب الصدقة فيما يسقى بالأنهار وغيرها" ص 81.
4 ابن ماجه في "باب صدقة الزروع والثمار" ص131
الْعُشْرَ، انْتَهَى. لِأَنَّ مَا خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ وَعَمَّتْ مَنْفَعَتُهُ كَانَ أَحْمَلَ لِلْمُوَاسَاةِ، فَأَوْجَبَ فِيهِ الْعُشْرَ، تَوْسِعَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَجَعَلَ فِيمَا كَثُرَتْ مُؤْنَتُهُ نِصْفَ الْعُشْرَ، رِفْقًا بِأَهْلِ الْأَمْوَالِ.
قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَعَلَ الْمَسَاكِنَ عَفْوًا، قُلْت: غَرِيبٌ، وَفِي "كِتَابِ الْأَمْوَالِ"1 لِأَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه جَعَلَ الْخَرَاجَ عَلَى الْأَرَضِينَ الَّتِي تَغُلُّ مِنْ ذَوَاتِ الْحَبِّ وَالثِّمَارِ، وَاَلَّتِي تَصْلُحُ لِلْغَلَّةِ مِنْ الْعَامِرِ وَالْغَامِرِ، وَعَطَّلَ مِنْ ذَلِكَ الْمَسَاكِنَ، وَالدُّورَ الَّتِي هِيَ مَنَازِلُهُمْ، وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ فِيهَا شَيْئًا، انْتَهَى ذَكَرَهُ مِنْ غَيْرِ سَنَدٍ.
1 "كتاب الأموال" ص72
بَابٌ مَنْ يَجُوزُ دَفْعُ الصَّدَقَاتِ إلَيْهِ وَمَنْ لَا يَجُوزُ
قَوْلُهُ: وَعَلَى ذَلِكَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ يَعْنِي عَلَى سُقُوطِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْقُرْآنِ، قُلْت: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"2 حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: إنَّمَا كَانَتْ الْمُؤَلَّفَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه انْقَطَعَتْ، انْتَهَى. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ"3 فِي قوله تعالى:{إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الْآيَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى4 ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ: أَبُو سُفْيَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يربوع، ومن بني جُمَحَ: صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ: سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى: حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَمِنْ بَنِي هَاشِمٍ: أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَمِنْ بَنِي فَزَارَةَ: عُيَيْنَةُ بْنُ حُصَيْنِ بْنِ بَدْرٍ، وَمِنْ بَنِي تَمِيمٍ: الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَمِنْ بَنِي نَصْرٍ: مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ، وَمِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ، وَمِنْ ثَقِيفٍ: الْعَلَاءُ بْنُ حَارِثَةَ، أَعْطَى النَّبِيُّ عليه السلام كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِائَةَ نَاقَةٍ، إلَّا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَرْبُوعٍ، وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، فَإِنَّهُ أَعْطَى كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ، انْتَهَى. وَرَوَى أَيْضًا: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ثَنَا الْحُسَيْنُ ثَنَا هِشَامٌ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى عَنْ حِبَّانَ بْنِ أَبِي جَبَلَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، وَقَدْ أَتَاهُ عُيَيْنَةُ بْنُ حُصَيْنٍ:{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}
2 ابن أبي شيبة: ص 66 ج 3، قلت: جابر هذا هو الجعفي ضعيف.
3 ص 112 ج 10.
4 كان في "الطبري" عبد الأعلى عن محمد بن ثور عن معمر، لكن رأينا ابن جرير أكثر من هذا الاسناد، وفيه محمد بن عبد الأعلى، أو ابن عبد الأعلى سوى هذا الموضع، فعرفنا أن في "نسخة التفسير" غلط، والله أعلم.
يَعْنِي لَيْسَ الْيَوْمَ مُؤَلَّفَةٌ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمْ يَبْقَ فِي النَّاسِ الْيَوْمَ مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ أَحَدٌ، إنَّمَا كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رضي الله عنه، وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" لِمَذْهَبِنَا عَلَى سُقُوطِ الْمُؤَلَّفَةِ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ: صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، قَالَ: وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ قَالَهُ فِي وَقْتٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَى التَّأْلِيفِ.
قَوْلُهُ: وَفِي الرِّقَابِ أَنْ يُعَانَ الْمُكَاتَبُونَ مِنْهَا فِي فَكِّ رِقَابِهِمْ، قُلْت: رَوَى الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ"1 مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّ مُكَاتَبًا قَامَ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ حُثَّ النَّاسَ عَلَيَّ، فَحَثَّ عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى، فَأَلْقَى النَّاسُ عَلَيْهِ: هَذَا يُلْقِي عِمَامَةً، وَهَذَا يُلْقِي مُلَاءَةً، وَهَذَا يُلْقِي خَاتَمًا، ختى أَلْقَى النَّاسُ عَلَيْهِ سَوَادًا كَثِيرًا، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مُوسَى مَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ، قَالَ: اجْمَعُوهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَبِيعَ، فَأَعْطَى الْمُكَاتَبَ مُكَاتَبَتَهُ، ثُمَّ أَعْطَى الْفَضْلَ فِي الرِّقَابِ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى النَّاسِ، وَقَالَ: إنَّ هَذَا الَّذِي قَدْ أَعْطَوْهُ فِي الرِّقَابِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رضي الله عنه، وَالزُّهْرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالُوا:{وَفِي الرِّقَابِ} هُمْ الْمُكَاتَبُونَ، انْتَهَى. وَاسْتَشْهَدَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ2، وَالْحَاكِمُ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام، فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي مِنْ الْجَنَّةِ، وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ، قَالَ:"أَعْتِقْ النَّسَمَةَ، وَفُكَّ الرَّقَبَةَ"، قَالَ: أَوَ لَيْسَا وَاحِدًا؟ قَالَ: "لَا، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَفَرَّدَ بِعِتْقِهَا، وَفَكُّ الرَّقَبَةِ، أَنْ تُعِينَ فِي ثَمَنِهَا"، انْتَهَى. وَهَذَا لَيْسَ في الْمَقْصُودُ، فَإِنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ تَفْسِيرُ الْآيَةِ لَا تَفْسِيرُ الْفَكِّ، نَعَمْ، الْحَدِيثُ مُفِيدٌ فِي مَعْرِفَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْفَكِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} مُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: مُنْقَطِعُ الْحَاجِّ، لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ رَجُلًا جَعَلَ بَعِيرًا لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ الْحَاجَّ، قُلْت: اسْتَشْهَدَ لَهُ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أُمِّ مَعْقِلٍ، قَالَتْ: كَانَ لَنَا جَمَلٌ، فَجَعَلَهُ أَبُو مَعْقِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إلَى أَنْ قَالَ: فَهَلْ أُخْرِجَتْ عَلَيْهِ، فإن الحج في سَبِيلِ اللَّهِ، مُخْتَصَرٌ، وَهَذَا لَا يُغْنِي، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَفْسِيرُ قوله تعالى:{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، وَأَيْضًا فَلَفْظُ الْحَدِيثِ لَا يَمْنَعُ دُخُولَ الغزاة في الحاج، وَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال إلَّا عَلَى تَقْدِيرِ الْحَصْرِ، وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ، فَلَا يَكْفِي فِي الْمَقْصُودِ، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد3 فِي "كِتَابِ الْحَجِّ فِي بَابِ الْعُمْرَةِ" عَنْ
1 ص 113 ج 10.
2 وأحمد في "مسنده" ص 299 ج 4.
3 أبو داود: ص 279 ج 1.
إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَسُولُ مَرْوَانَ الَّذِي أُرْسِلَ إلَى أُمِّ مَعْقِلٍ، قَالَتْ: كَانَ أَبُو مَعْقِلٍ حَاجًّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَتْ أُمُّ مَعْقِلٍ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ عَلَيَّ حَجَّةً، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ حَتَّى دَخَلَا عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عَلَيَّ حَجَّةً، وَإِنَّ لِأَبِي مَعْقِلٍ بَكْرًا، قَالَ أَبُو مَعْقِلٍ: جَعَلْتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَعْطِهَا فَلْتَحُجَّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، فَأَعْطَاهَا الْبَكْرَ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"1، وَمِنْ طَرِيقِهِ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ فِيهِ رَجُلًا مَجْهُولًا، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، وَلَفْظُ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: أَرْسَلَ مَرْوَانُ إلَى أُمِّ مَعْقِلٍ يَسْأَلُهَا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَهَا جَعَلَ بَكْرًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَنَّهَا أَرَادَتْ الْعُمْرَةَ، فَسَأَلَتْ زَوْجَهَا الْبَكْرَ، فَأَبَى عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا، وَقَالَ:"إنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لَمِنْ سَبِيلِ اللَّهِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، يُقَالُ لَهَا: أُمُّ مَعْقِلٍ بِنَحْوِهِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي مَعْقِلٍ أَنَّهُ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إنَّ أُمَّ مَعْقِلٍ جَعَلَتْ عَلَيْهَا حَجَّةً، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْقِلِ بْنِ أُمِّ مَعْقِلٍ الْأَسَدِيِّ أَسَدُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ مَعْقِلٍ، قَالَتْ: لَمَّا حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ، وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ، فَجَعَلَهُ أَبُو مَعْقِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَصَابَنَا مَرَضٌ، وَهَلَكَ أَبُو مَعْقِلٍ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ عليه السلام، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ جِئْتُهُ، فَقَالَ:"يَا أُمَّ مَعْقِلٍ مَا مَنَعَك أَنْ تَخْرُجِي مَعَنَا؟ " قَالَتْ: لَقَدْ تَهَيَّأْنَا فَهَلَكَ أَبُو مَعْقِلٍ، وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ هُوَ الَّذِي نَحُجُّ عَلَيْهِ، فَأَوْصَى بِهِ أَبُو مَعْقِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ:"فَهَلَّا خَرَجْت عَلَيْهِ؟ فَإِنَّ الْحَجَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَمَّا إذَا فَاتَتْك هَذِهِ الْحَجَّةِ مَعَنَا فَاعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّهَا الْحَجَّةُ" 2، وَرَوَاهُ أَيْضًا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَجَّ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا: أَحِجَّنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَمَلِك، فَقَالَ: مَا عِنْدِي مَا أُحِجَّكِ عَلَيْهِ، قَالَتْ: أَحِجَّنِي عَلَى جَمَلِك فلان، قال: ذاك حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"أَمَا إنَّك لَوْ حججتها عَلَيْهِ كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، مُخْتَصَرٌ، وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ ثَنَا حُمَيْدٍ بْنُ مَسْعَدَةَ ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ مَعْقِلٍ، قَالَتْ: مَاتَ أَبُو مَعْقِلٍ، وَتَرَكَ بَعِيرًا جَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،
1 أحمد في "مسنده" ص 405 ج 6، والحاكم في "المستدرك" ص 482 ج 1 من طريقه.
2 في نسخة الدار كحجة "البجنوري".
فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبَا مَعْقِلٍ هَلَكَ، وَتَرَكَ بَعِيرًا جَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَلَيَّ حَجَّةٌ، فَقَالَ:"يَا أُمَّ مَعْقِلٍ حُجِّي عَلَى بَعِيرِك، فَإِنَّ الْحَجَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي الطَّاهِرِ بْنِ السَّرْحِ1: ثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي طَلِيقٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: طَلَبَتْ مِنِّي أُمُّ طَلِيقٍ جَمَلًا تَحُجُّ عَلَيْهِ، فَقُلْت: قَدْ جَعَلْتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَتْ: لَوْ أَعْطَيْتَنِيهِ لَكَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَسَأَلْت النَّبِيَّ عليه السلام، فَقَالَ:"صَدَقَتْ، لَوْ أَعْطَيْتَهَا، لَكَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَنَّ الْعُمْرَةَ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ بِهِ.
قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي ذَهَبْنَا إلَيْهِ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَعْنِي جَوَازَ الِاقْتِصَارِ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ، قُلْت: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَحَدِيثُ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"2، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ" فِي هَذِهِ الْآيَةِ3 أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قوله تعالى:{إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الْآيَةَ، قَالَ: فِي أَيِّ صِنْفٍ وَضَعْته أَجْزَأَك، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ4 عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:{إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الْآيَةَ، قَالَ: أَيُّمَا صِنْفٍ5 أَعْطَيْته مِنْ هَذَا أَجْزَأَ عَنْك، انْتَهَى. ثَنَا حَفْصٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْفَرْضَ فِي الصَّدَقَةِ، فَيَجْعَلُهُ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ، انْتَهَى. وَرُوِيَ أَيْضًا6 عَنْ الْحَجَّاجِ بن أرطاة عن المهال بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا وَضَعْتهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَك، انْتَهَى. وَأُخْرَجَ نَحْوَ ذَلِكَ7 عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ بِأَسَانِيدَ حَسَنَةٍ، وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ8، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، قَالَ: وَالْفُقَرَاءُ صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَاهُمْ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي "كِتَابِ الْأَمْوَالِ"9: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام أَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَالٌ فَجَعَلَهُ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ سِوَى صِنْفِ الْفُقَرَاءِ، وَهُمْ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ: الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وعيينة بن حصين، وَعَلْقَمَةُ
1 كذا في "الصغير" ص 15 "السرح" والله أعلم.
2 ابن أبي شيبة: ص 42 ج 3، وإسناده منقطع.
3 الطبري في "تفسيره" ص 116 ج 10 إسناده حسن.
4 الطبري: ص 115 ج 10.
5 الطبري: ص 115 ج 10، ولفظه: أيما صنف أعطيته من هذا أجزأك، اهـ.
6 الطبري في "التفسير" ص 115 ج 10.
7 أخرج ابن أبي شيبة. ص 42 عنهم، وعن عكرمة، والحسن، وحذيفة، وعمر رضي الله عنهم.
8 حديث معاذ متفق عليه.
9 "كتاب الأموال" ص 58، إلى قوله: فنأمر لك بها.
بْنُ عُلَاثَةَ، وَزَيْدُ الخيل، قَسَمَ فِيهِمْ الذَّهَبِيَّةَ الَّتِي بَعَثَ بِهَا إلَيْهِ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ الصَّدَقَةُ، ثُمَّ أَتَاهُ مَالٌ آخَرُ، فَجَعَلَهُ فِي صِنْفٍ آخَرَ، وَهُمْ الْغَارِمُونَ، فَقَالَ لِقَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ، حِينَ أَتَاهُ وَقَدْ تَحَمَّلَ حَمَالَةً: يَا قَبِيصَةَ أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَك بِهَا، وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ1 بْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ أَنَّهُ أَمَرَ لَهُ بِصَدَقَةِ قَوْمِهِ، وَلَوْ وَجَبَ صَرْفُهَا إلَى جَمِيعِ الْأَصْنَافِ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَى وَاحِدٍ، وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه، فَالْمُرَادُ بِهَا بَيَانُ الْأَصْنَافِ الَّتِي يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَكَذَا الْمُرَادُ بِآيَةِ الْغَنِيمَةِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ عليه السلام لِمُعَاذٍ: "خُذْهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ"،قُلْت: رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ"2 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ:"إنَّك تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ إلى شهادة لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ عليه السلام: "تَصَدَّقُوا عَلَى أَهْلِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا"، قُلْت: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"3 حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَصَدَّقُوا إلَّا عَلَى أَهْلِ دِينِكُمْ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{لَيْسَ عَلَيْك هُدَاهُمْ} إلَى قَوْلِهِ: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إلَيْكُمْ} فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقُوا عَلَى أَهْلِ الْأَدْيَانِ"، انْتَهَى. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ سَالِمٍ الْمَكِّيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: كَرِهَ النَّاسُ أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{لَيْسَ عَلَيْك هُدَاهُمْ} قَالَ: فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ، انْتَهَى. وَهَذَانِ مُرْسَلَانِ، وَرَوَى أَبُو أَحْمَدَ بْنُ زَنْجُوَيْهِ4 النَّسَائِيّ فِي "كِتَابِ الْأَمْوَالِ": حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَصَدَّقَ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ الْيَهُودِ بِصَدَقَةٍ، فَهِيَ تَجْرِي عَلَيْهِمْ، انْتَهَى.
1 حديث سلمة أخرجه أحمد في "مسنده" ص 37 ج 4، وأخرجه أبو داود في باب الظهار ص 309 ج 1.
2 البخاري في "أوائل الزكاة" ص 187، ومسلم "في الإيمان" ص 36.
3 ابن أبي شيبة: ص 39، وليس فيه: أشعث.
4 وأبو عبيد في "كتاب الأموال" ص 613 عن ابن لهيعة عن زهرة بن معبد به.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ عليه السلام: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم.
فَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ رَيْحَانَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام، قَالَ:"لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ، سَوِيٍّ"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعْدٍ بِهِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ2 عَنْ سَعْدٍ، فَلَمْ يَرْفَعْهُ، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": وَرَيْحَانُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ مَجْهُولٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ أَعْرَابِيًّا صَدُوقًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ3، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ السَّابِعِ وَالسَّبْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي، قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"4 عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَشَاهِدُهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، ثُمَّ رَوَاهُ بِسَنَدِ السُّنَنِ. وَسَكَتَ عَنْهُ.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ الْبَزَّارُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَالصَّوَابُ حَدِيثُ إسْرَائِيلَ، وَقَدْ تَابَعَ إسْرَائِيلَ عَلَى رِوَايَتِهِ أَبُو حُصَيْنٍ، فَرَوَاهُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْحَاكِمِ.
1 أبو داود في "باب ما يعطى من الصدقة وحد الغنى" ص 238، والترمذي في "باب من لا تحل له الصدقة" ص 83.
2 حديث شعبة، عند الطحاوي: ص 303، روى عنه الحجاج بن منهال موقوفاً، وروى الحاكم في "المستدرك" ص 407 ج 1 عن آدم بن إياس عن شعبة، ورفعه.
3 النسائي في "باب إذا لم يكن له دراهم، وكان له عدلها" ص 363، وابن ماجه في "باب من سأل عن ظهر غنى" ص 133، قال الهيثمي: رواه الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح.
4 ص 407 ج 1.
وَأَمَّا حَدِيثُ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ: فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ1 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ ثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ السَّلُولِيِّ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَقَدْ أَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ فَسَأَلَهُ رِدَاءَهُ، فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ، قَالَ:"إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ"، مُخْتَصَرٌ. وَقَالَ: غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بِهِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ".
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"2 عَنْ الْوَازِعِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةٌ، فَرَكِبَهُ النَّاسُ، فَقَالَ:"إنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِصَحِيحٍ سَوِيٍّ، وَلَا لِعَامِلٍ قَوِيٍّ"، انْتَهَى. وَالْوَازِعُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ": يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ الثِّقَاتِ عَلَى قِلَّةِ رِوَايَتِهِ، وَيُشْبِهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا، بَلْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَتِهِ لِكَثْرَةِ وَهْمِهِ. فَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيُّ فِي "تَارِيخِ جُرْجَانَ" مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ حَاتِمٍ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ بَهْرَامَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ طَلْحَةَ: فَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ الثَّقَفِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ"، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ يَعْلَى3، وَضَعَّفَهُ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلَيَّنَهُ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَوَثَّقَهُ عَنْ شُعْبَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ يُكْتَبُ حَدِيثُهُمْ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"4 حَدَّثَنَا أحمد بن رشدين ثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْر ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام نَحْوَهُ، سَوَاءً.
1 الترمذي في "باب من لا تحل له الصدقة" ص 83، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ص 56 ج 3، وفيه جبلة بن جنادة، فليراجع.
2 ص 211.
3 هو إسماعيل بن يعلى.
4 قال الهيثمي: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام، اهـ.
* أقول: في نسخة "الدار" أيضاً حبشي بن جنادة "من البجنوري".
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ" مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ، سَوَاءً، وَأَعَلَّهُ بِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، وَضَعَّفَهُ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَضَعَّفَ أَيْضًا ابْنَ الْبَيْلَمَانِيِّ.
حَدِيثٌ آخَرُ فِي الْبَابِ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عدي بن الخباز، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ عليه السلام فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهُوَ يَقْسِمُ الصَّدَقَةَ، فَسَأَلَاهُ، فَرَفَعَ فِينَا الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ فَرَآنَا جَلْدَيْنِ، فَقَالَ:"إنْ شِئْتُمَا أعطيتكما، ولاحظ فِيهِمَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مكتسب"، انتهى2. وقال صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه: مَا أَجْوَدَهُ مِنْ حَدِيثٍ، هُوَ أَحْسَنُهَا إسْنَادًا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ لِلشَّافِعِيِّ: رضي الله عنه فِي تَخْصِيصِهِ غَنِيَّ الْغُزَاةِ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد3، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، إلَّا لِخَمْسَةٍ: الْعَامِلِ عَلَيْهَا. أَوْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ. أَوْ غارم. أو غازي فِي سَبِيلِ اللَّهِ. أَوْ مِسْكِينٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ مِنْهَا، فَأَهْدَاهَا لِغَنِيٍّ" انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مُرْسَلًا، قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدٍ، كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الثَّبْتُ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: حَدِيثُ مُعَاذٍ رضي الله عنه، قُلْت: تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ عليه السلام لِامْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ سَأَلَتْهُ عَنْ التَّصَدُّقِ عَلَيْهِ: "لَك أَجْرَانِ: أَجْرُ الصَّدَقَةِ. وَأَجْرُ الصِّلَةِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ4
1 أبو داود في "باب من يعطى من الصدقة" ص 238، والنسائي في "باب مسألة القوي المكتسب" ص 363، والطحاوي: ص 303، والدارقطني: ص 211، وابن أبي شيبة: ص 56 ج 3.
2 حديث آخر: رواه أحمد في "مسنده" ص 62 ج 4، وص 375 ج 5 بإسناد واحد، والطحاوي في "شرح الآثار" ص 303 عن عكرمة بن عمار عن سماك عن رجل من بني هلال، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصلح الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي"، اهـ قال الهيثمي في "الزوائد" ص 93 ج 3: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، اهـ.
3 أبو داود في "باب من يجوز له أخذ الصدقة، وهو غني" ص 238، وابن ماجه فيه: ص 133.
4 البخاري في "باب الزكاة على الزوج والأيتام" ص 198، ومسلم في "باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين" ص 323، واللفظ له،
إلَّا أَبَا دَاوُد عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعَاشِرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ" قَالَتْ: فَرَجَعْت إلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْت: إنَّك رَجُلٌ خَفِيفُ ذَاتِ الْيَدِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، فَأْتِهِ فَاسْأَلْهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنِّي، وَإِلَّا صَرَفْتُهَا إلَى غَيْرِكُمْ، قَالَتْ: فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ: بَلْ ائْتِيهِ، أَنْتِ، قَالَتْ: فَانْطَلَقَتْ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِبَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَتِي حَاجَتُهَا، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ الْمَهَابَةُ، قَالَتْ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا بِلَالٌ رضي الله عنه، فَقُلْنَا لَهُ: أَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ امْرَأَتَيْنِ بِالْبَابِ تَسْأَلَانِك: أَتُجْزِئُ الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا عَلَى أَزْوَاجِهِمَا، وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حُجُورِهِمَا، وَلَا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ، قَالَتْ: فَدَخَلَ بِلَالٌ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"مَنْ هُمَا؟ " قَالَ: امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَزَيْنَبُ، قَالَ:"أَيُّ الزَّيَانِبِ؟ " قَالَ: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَهُمَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ"، انْتَهَى. وَوَهِمَ الْحَاكِمُ، فَرَوَاهُ فِي آخِرِ "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": وقولهما: أتجزئ: يدل على زَكَاةِ الْفَرْضِ لَا التَّطَوُّعِ، لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجْزَاءِ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْوَاجِبِ، انْتَهَى. وَضَعَّفَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ" الِاسْتِدْلَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْهُ، بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: قَالَ: إنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا بَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، وَزَيْنَبَ، وَبَيْنَهُمَا ابْنُ أَخِي زَيْنَبَ، هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْنَبَ، فَذَكَرَهُ. قُلْت: الْإِسْنَادَانِ عِنْدَ النَّسَائِيّ فِي "عِشْرَةِ النِّسَاءِ"، وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ1 فِي "الزَّكَاةِ".
الثَّانِي: قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ زَيْنَبَ سَمِعَتْهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَعْنِي قَوْلَهُ:"لَهُمَا أَجْرَانِ"، إلَخْ. وَلَا أَخْبَرَهَا بِلَالٌ بِهِ، لَكِنْ ظَهَرَ أَنَّ زَيْنَبَ سَمِعَتْهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثٍ آخَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ2، رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ زَيْدِ
والنسائي في "باب الصدقة على الأقارب" ص 361، وابن ماجه في "باب الصدقة على ذى قرابة" ص 133 مختصراً، والترمذي في "باب زكاة الحلي" ص 81 مختصراً، ليس فيه متعلق، وفي إسناده زيادة، واستدرك به الحاكم في "المستدرك" ص 603 ج 4، وقال: لم يخرجاه بهذه السياقة، وهذا ليس منه بعجيب، لأن له في مئين من الأحاديث مثل هذا، والمتيقظ في هذا الباب صاحبه البيهقي، فإنه لم يقع له مثل هذا، إلا في أقل قليل، كحديث ابن مسعود في وفد جن نصيبين: ص 108، والله أعلم.
1 الترمذي في "باب زكاة الحلي" ص 81، وأما النسائي، فلم أجدَ فيه في "عشرة النساء"، والله أعلم.
2 قلت: حديث أبي سعيد هذا رواه البخاري في "باب الزكاة على الأقارب" ص 197 عن ابن أبي مريم عن محمد بن جعفر به، كأنه خفى هذا على ابن القطان، ورواه البخاري في ثلاثة مواضع غير هذا الموضع،
بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ، فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ، ثُمَّ مَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ لَهُنَّ:"تَصَدَّقْنَ"، فَلَمَّا انْصَرَفَ، وَصَارَ إلَى مَنْزِلِهِ جاءته امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إنَّك الْيَوْمَ أَمَرْتَنَا بِالصَّدَقَةِ، وَعِنْدِي حُلِيٌّ لِي، فَأَرَدْت أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ هُوَ وَوَلَدُهُ أَحَقُّ مَنْ تُصُدِّقَ1 بِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ عليه السلام:"صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، زَوْجُك وَوَلَدُك أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْهِمْ"، انْتَهَى.
الثَّالِثُ: قَالَ: إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ خَاصٍّ بِهَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ، فَإِنْ حَكَمَ لِغَيْرِهِمَا بِمِثْلِ ذَلِكَ فَمِنْ دَلِيلٍ آخَرَ، لَا مِنْ نَفْسِ الْخَبَرِ، انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا.
الْحَدِيثُ الْأَرْبَعُونَ: قَالَ عليه السلام: "يَا بَنِي هَاشِمٍ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ غُسَالَةَ النَّاسِ، وَأَوْسَاخَهُمْ وَعَوَّضَكُمْ مِنْهَا بِخُمُسِ الْخُمُسِ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ2 فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ مَرْفُوعًا:"إنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ"، الْحَدِيثَ. وَأَوَّلُهُ عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: اجْتَمَعَ أَبِي رَبِيعَةُ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَا: لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ، قَالَا لِي، وَلِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّرَهُمَا عَلَى هَذِهِ فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَأَصَابَا مِمَّا يُصِيبُ النَّاسُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَرْسِلُوهُمَا، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَلَغْنَا النِّكَاحَ، وَأَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ، وَأَوْصَلُ النَّاسِ، وَجِئْنَاك
ومسلم في "الايمان" بهذا الاسناد عن ابن أبي مريم عن محمد بن جعفر، لكنه مختصر، ليس فيه متعلق، وبمعنى هذا الحديث حديث أبي هريرة، رواه أحمد في "مسنده" ص 373، والطحاوي في "شرح الآثار" ص 308، واستدل به على أن تلك الصدقة كانت تطوعاً، ولكني لم أدر كيف يستدل بهما على أن زينب لم تسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظني أن لفظ: قلت، سقط من الناسخ، قبل قوله: في حديث آخر، وحديث أبي سعيد ذكره المخرج ردّاً على ابن القطان، أو انقلب نظام كلام على الناسخ حيث أورد الحديث في خلال كلام ابن القطان، ولم يكن كذلك، قال الحافظ في "الدراية" بعد ذكره حديث زينب: وفي الباب عن أبي سعيد عن البزار، اهـ. (أقول: نعم: كان في العبارة ههنا سقط من الناسخ، ولكن استدركناه في التصحيح الأخير، فلم يبق الآن اختلال في نظم الكلام، كما تراه "البجنوري") .
1 في البخاري "تصدقت".
2 في "باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم" ص 344.
لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَنُؤَدِّيَ إلَيْك كَمَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَنُصِيبَ كَمَا يُصِيبُونَ، قَالَ: فَسَكَتَ طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ:"إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أوساخ الناس"، أدعو إلَيَّ مَحْمِيَّةَ بْنَ جَزْءٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْأَخْمَاسِ، وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَتَيَاهُ، فَقَالَ لِمَحْمِيَّةَ: أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَك لِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَأَنْكَحَهُ، وَقَالَ لِنَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ: أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَك لِي، فَأَنْكَحَنِي، وَقَالَ لِمَحْمِيَّةَ: أَصْدِقْ عَنْهُمَا مِنْ الْخُمُسِ: كَذَا وَكَذَا، مُخْتَصَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"1 حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا مُسَدَّدٌ ثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَمِعْت أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً، وَفِي آخِرِهِ: فَقَالَ لَهُمَا عليه السلام: "إنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْءٌ، إنَّمَا هِيَ غُسَالَةُ الْأَيْدِي، وَإِنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ لَمَا يُغْنِيكُمْ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"2 حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا شَرِيكٌ عَنْ خَصِيفٍ3 عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَا تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ، فَجَعَلَ لَهُمْ خُمُسَ الْخُمُسِ، انتهى. ورواه الطبراني فِي "تَفْسِيرِهِ" حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ بِهِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَهْلُ بَيْتِهِ لَا يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ، فَجَعَلَ لَهُمْ خُمُسَ الْخُمُسِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: رُوِيَ أَنَّ مَوْلًى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ، أَتَحِلُّ لِي الصَّدَقَةُ؟ فَقَالَ:"لَا، أَنْتَ مَوْلَانَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد4، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام بَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي، فَإِنَّك تُصِيبُ مِنْهَا، قَالَ: حَتَّى آتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْأَلَهُ، فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:"مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَالْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ"، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، انْتَهَى. وَأَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْمُهُ: أَسْلَمُ، وَابْنُ أَبِي رَافِعٍ اسْمُهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ، وَهُوَ كَاتِبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، انْتَهَى. بَقِيَّةُ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ، "وَمَوْلَى الْقَوْمِ
1 قال في "الزوائد" ص 91 ج 3: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه حسين بن قيس الملقب بحنش، وفيه كلام كثير، وقد وثقه أبو محصن.
2 ابن أبي شيبة: ص 61 ج 3، وابن جرير في "تفسيره" ص 5 ج 10 عن ابن وكيع به.
3 في المصنف: حصين، وظني أنه ليس بصحيح.
4 أبو داود في "باب الصدقة على بني هاشم" ص 240، والترمذي في "باب كراهية الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم ص 83، والنسائي في "باب موالي القوم منهم" ص 366، وأحمد في "مسنده" ص 8 ج 6، وص 10 ج 6، والحاكم في "المستدرك" ص 404 ج 1.
مِنْ أَنْفُسِهِمْ فِي "الصَّحِيحِ"1 عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، وَرَوَى أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"2 حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: أَتَيْت أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّدَقَاتِ، فَرَدَّتْهُ، وَقَالَتْ: حَدَّثَنِي مولى لرسول الله صلى، يُقَالُ لَهُ: مِهْرَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إنَّا آلُ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ، وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: قَالَ عليه السلام فِي حَقِّ يَزِيدَ، وَابْنِهِ معين:
"يَا يَزِيدُ لَك مَا نَوَيْت، وَيَا مَعْنُ لَك مَا أَخَذْت" حِينَ دَفَعَ إلَى مَعْنٍ وَكِيلُ أَبِيهِ يَزِيدَ صَدَقَتَهُ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3 عَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: بَايَعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَا، وَأَبِي، وَجَدِّي، وَخَطَبَ عَلِيٌّ، فَأَنْكَحَنِي، وَخَاصَمْت إلَيْهِ، وَكَانَ أَبِي يَزِيدُ قَدْ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا، فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَجِئْتُ، فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا إيَّاكَ أَرَدْتُ، فَخَاصَمْتُهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"لَك مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ، وَلَك مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ"، انْتَهَى. انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَلَمْ يُخَرِّجْ لمعن غَيْرَهُ.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ: مَا أَخْرَجَاهُ4 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا في زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا في يد غني، فأسبحوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ، عَلَى سَارِقٍ. وَعَلَى زَانِيَةٍ. وَعَلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ، فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُك عَلَى سَارِقٍ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ، فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الْغَنِيُّ، فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ، فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ.
1 البخاري في "الفرائض في باب مولى القوم من أنفسهم" ص 1000 ج 2.
2 أحمد في "مسنده" ص 448 ج 3، وابن أبي شيبة: ص 60 ج 3، وأحمد في "مسنده" ص 34 ج 4 عن عبد الرزاق عن سفيان بمعناه، وقال: ميمون أو مهران، وأخرجه الطحاوي: ص 300 عن ورقاء عن عطاء بمعناه، وقال: هرمز، أو كيسان.
3 البخاري في "باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يعلم" ص 191. ومسلم في "باب ثبوت أجر المتصدق، وإن وقعت الصدقة في يد فاسق" ص 329.