الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الزكاة
مقدمة
…
كتاب الزَّكَاةِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: "أَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ". قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
فَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ1 فِي آخِرِ "أَبْوَابِ الصَّلَاةِ" عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْت أَبَا أُمَامَةَ، يَقُولُ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ:"اتَّقُوا اللَّهَ وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ، تَدْخُلُونَ جَنَّةَ رَبِّكُمْ"، قَالَ: قُلْت لِأَبِي أُمَامَةَ: مُنْذُ كَمْ سَمِعْت هَذَا الْحَدِيثَ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ، وَأَنَا ابْنُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْإِيمَانِ، وَغَيْرِهِ"، قَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ عِلَّةٌ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَقَدْ احْتَجَّ مُسْلِمٌ بِأَحَادِيثَ لِسُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، وَسَائِرُ رُوَاتِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمْ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "كِتَابِ مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ"2 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْمَقْدِسِيَّ ثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ثَنَا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام، قَالَ:"أَخْلِصُوا عِبَادَةَ رَبِّكُمْ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَحُجُّوا بَيْتَ رَبِّكُمْ، تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ"، وَفِيهِ قِصَّةٌ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: فِيهِ حَدِيثُ مُعَاذٍ رضي الله عنه لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيُّ عليه السلام إلَى الْيَمَنِ، وَفِيهِ: فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، الْحَدِيثَ، أَخْرَجَاهُ3 عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدِيثُ ضِمَامَ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَفِيهِ: قَالَ: أَنْشُدُك بِاَللَّهِ، اللَّهُ أَمَرَك أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتُقَسِّمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ عليه السلام:"اللَّهُمَّ نَعَمْ"، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ4 عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، وحديث جبرئيل عليه السلام أَخْرَجَاهُ5 عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَى النبي عليه السلام رجلاً، فَقَالَ:
1 الترمذي في "باب بعد باب فضل الصلاة" ص 78، والحاكم في "المستدرك" ص 9 ج 1.
2 قال الهيثمي في "الزوائد" ص 45 ج 1: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه يزيد بن مرثد، ولم يسمع من أبي الدرداء، اهـ.
3 البخاري في "أوائل الزكاة" ص 187، ومسلم في الايمان في باب الدعاء إلى الشهادتين" ص 36 ج 1.
4 البخاري في "كتاب العلم في باب القراءة والعرض على المحدِّث" ص 15.
5 البخاري في "الايمان في باب سؤال جبريل" ص 12، ومسلم في "أوائل الايمان" ص 29.
يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِيمَانُ؟، قَالَ:"أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، قَالَ: فَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ"، الْحَدِيثَ، وَحَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ، وَفِيهِ: قَالَ، وَذَكَرَ لَهُ عليه السلام الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟، قَالَ:"لَا، إلَّا أَنْ تَطَوُّعَ"، الْحَدِيثَ، أَخْرَجَاهُ1 مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ، وَحَدِيثُ:"بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ" 2، وَفِيهِ أَحَادِيثُ مَانِعِ الزَّكَاةِ، سَيَأْتِي آخِرَ الْكِتَابِ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ المصنف رحمه الله: لابد مِنْ مِلْكِ النِّصَابِ، لِأَنَّهُ عليه السلام قَدَّرَ السَّبَبَ بِهِ، قُلْت: مِنْ شَوَاهِدِ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ3، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنهم.
أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"4 مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَسَمَّى آخَرَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ. وَالْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام، قَالَ:"إذَا كَانَتْ لَك مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ عَلَيْك شَيْءٌ "يَعْنِي فِي الذَّهَبِ" حَتَّى يَكُونَ لَك عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَتْ لَك عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ، فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهَا ذَلِكَ"، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَعَلِيٌّ يَقُولُ: فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، أَوْ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام، وَلَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، انْتَهَى. قَالَ: وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَرْفَعُوهُ، انْتَهَى. وَفِيهِ عَاصِمٌ، وَالْحَارِثُ. فَعَاصِمٌ وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ. وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ عَدِيٍّ، فَالْحَدِيثُ حَسَنٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله فِي "الْخُلَاصَةِ": وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَوْ حَسَنٌ، انْتَهَى. وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ ضَعْفُ الْحَارِثِ لِمُتَابَعَةِ عَاصِمٍ لَهُ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ"5،
1 البخاري في "الايمان في باب الزكاة من الاسلام" ص 11، ومسلم في "بيان الصلوات" ص 30.
2 أخرجه البخاري في "الايمان" ص 6، ومسلم فيه في "باب أركان الاسلام" ص 32، كلاهما من حديث ابن عمر.
3 أخرجه الشيخان: البخاري في "باب ما أدى زكاته، فليس بكنز" ص 189، ومسلم في "أوائل الزكاة" ص 315.
4 أبو داود في "باب زكاة السائمة" ص 228 ج 1.
5 وتقدمه ابن حزم "المحلى" ص 70 ج 6، كأن العبارة عبارته، إلى قوله: رواه موقوفاً.
هَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ ابن وَهْبٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَاصِمٍ، وَالْحَارِثُ عَنْ عَلِيٍّ، فَقَرَنَ أَبُو إسْحَاقَ فِيهِ بَيْنَ عَاصِمٍ، وَالْحَارِثِ، وَالْحَارِثُ كَذَّابٌ1 وَكَثِيرٌ مِنْ الشُّيُوخِ، يُجَوِّزُ عَلَيْهِ مِثْلَ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ الْحَارِثَ أَسْنَدَهُ، وَعَاصِمٌ لَمْ يُسْنِدْهُ، فَجَمَعَهُمَا جَرِيرٌ، وَأَدْخَلَ حَدِيثَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَكُلٌّ ثِقَةٌ رَوَاهُ مَوْقُوفًا، فَلَوْ أَنَّ جَرِيرًا أَسْنَدَهُ عَنْ عاصم، وبيَّن ذلك أخدنا بِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا لَا يَلْزَمُ، لِأَنَّ جَرِيرًا ثِقَةٌ، وَقَدْ أَسْنَدَ عَنْهُمَا، انْتَهَى. وَهُوَ فِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ"2 عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا:"لَيْسَ فِي مَالِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ"، انْتَهَى. وَلَيْسَ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، فَلَهُ طُرُقٌ: أَحَدُهَا: عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ3 عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ"، انْتَهَى. وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ضَعِيفٌ، وَفِي رِوَايَتِهِ عَنْ غَيْرِ الشَّامِيِّينَ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَرَوَاهُ مُعْتَمِرٌ. وَغَيْرُهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مَوْقُوفًا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ4 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، وَقَالَ: هُوَ الصَّحِيحُ، وَرَوَاهُ بَقِيَّةُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَرَفَعَهُ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "كِتَابِ غَرَائِبِ مَالِكٍ" عَنْ إسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، نَحْوُهُ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الصَّوَابُ مَوْقُوفٌ، انْتَهَى. قُلْت: رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْر، وَأَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي "الْمُوَطَّأِ"5 بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ مَوْقُوفًا عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي "مُسْنَدِهِ" مَوْقُوفًا كَذَلِكَ.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"6 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "كِتَابِهِ" بِلَفْظِ:"مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ"، انْتَهَى. ثُمَّ رَوَاهُ مَوْقُوفًا، وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، انْتَهَى. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "عِلَلِهِ": حَدِيثُ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ
1 قال الحافظ ابن عبد البر في "كتاب العلم" ص 154 ج 2: لم يبن في الحارث كذب، إنما نقم عليه إفراطه في حب عليِّ، وتفضيله على غيره.
2 قلت: الحديث في "مسند أحمد" ص 148 من زيادة ابنه موقوفاً، وأما مرفوعاً، فلم أره، والله أعلم، وأخرجه الدارقطني: ص 199 أيضاً مرفوعاً، وكذا ابن أبي شيبة موقوفاً
3 الدارقطني: ص 198 مرفوعاً، وفي: ص 199 موقوفاً.
4 قلت: رواه البيهقي: ص 104 عن ابن نمير موقوفاً، وقال: هذا هو الصحيح، وقال: رواه بقية عن إسماعيل بن عياش عن عبيد الله مرفوعاً، وليس بصحيح، اهـ، لعل في العبارة سقط، والله أعلم.
5 "الموطأ" ص 104 "أوائل الزكاة" والشافعي في "كتاب الأم" ص 14 ج 2.
6 الدارقطني: ص 198، والترمذي في "باب لا زكاة على المال المستفاد" ص 81 ج 1.
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ" يَرْوِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ سُوَيْد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا، وَالصَّحِيحُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مَوْقُوفًا، كَذَا قَالَهُ عَنْهُ مَعْمَرٌ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَشُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَغَيْرُهُمْ، وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، وَكَذَلِكَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، وَقَدْ رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَرَفَعَهُ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْ مَالِكٍ غَيْرُهُ، وَالصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ مَوْقُوفٌ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ رضي الله عنه، فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"1 عَنْ حَسَّانَ بْنِ سِيَاهٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ"، وَأَعَلَّهُ بِحَسَّانَ بْنِ سِيَاهٍ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ يَرْوِيهِ عَنْ ثَابِتٍ غَيْرَهُ، انْتَهَى. وَحَسَّانُ بْنُ سِيَاهٍ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ": هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا، لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ إذَا انْفَرَدَ، لِمَا ظَهَرَ مِنْ خَطَئِهِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ صَلَاحِهِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"2 عَنْ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ"، انْتَهَى. وَحَارِثَةُ هَذَا ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ رحمه الله فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ": كَانَ مِمَّنْ كَثُرَ وَهْمُهُ، وَفَحُشَ خَطَؤُهُ، تَرَكَهُ أَحْمَدُ، وَيَحْيَى، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ: تَعَلَّقَ الْخَصْمُ، وَهُوَ: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَمَالِكٌ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، بِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ رحمه الله: وَرَوَاهُ أَيُّوبُ. وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ، ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ كَثِيرُ الْغَلَطِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله فِي "الْخُلَاصَةِ": وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ، وَأَعَلَّهُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ نَافِعٍ بِهِ مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ بِهِ مَوْقُوفًا.
قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَى الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ زَكَاةٌ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رضي الله عنه.
1 ص 199.
2 ابن ماجه في "باب من استفاد مالا" ص 129، وأبو عبيد في "كتاب الأموال" ص 413.
أَحَادِيثُ زَكَاةِ مَالِ الْيَتِيمِ، أَوْ الصَّغِيرِ: أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ1 عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ:"مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ لَهُ، وَلَا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّمَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ، لِأَنَّ الْمُثَنَّى يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَقَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ" رحمه الله: قَالَ: مَهْمَا سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ، انْتَهَى2.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ إسْحَاقَ ثَنَا مِنْدَلٌ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، نَحْوُهُ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ3: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ، انْتَهَى. وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إسْحَاقَ ضَعِيفٌ، وَمِنْدَلٌ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَرْفَعُ الْمَرَاسِيلَ، وَيُسْنِدُ الْمَوْقُوفَاتِ مِنْ سُوءِ حِفْظِهِ، فَلَمَّا فَحُشَ ذَلِكَ مِنْهُ، اسْتَحَقَّ التَّرْكَ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فِي مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ"، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الْعَرْزَمِيُّ ضَعِيفٌ، وَقَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": هَذِهِ الطُّرُقُ الثَّلَاثَةُ ضَعِيفَةٌ، لَا يَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ عِنْدِي بِمَا رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، لِأَنَّ هَذَا الْإِسْنَادَ لَا يَخْلُو مِنْ إرْسَالٍ، أَوْ انْقِطَاعٍ، وَكِلَاهُمَا لَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، فَإِنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَإِذَا رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، فَأَرَادَ بِجَدِّهِ مُحَمَّدًا، فَمُحَمَّدٌ لَا صُحْبَةَ لَهُ، وَإِنْ أَرَادَ عَبْدَ اللَّهِ، فَشُعَيْبٌ لَمْ يَلْقَ عَبْدَ اللَّهِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": النَّاسُ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي تَوْثِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ: عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، كَأَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: رَأَيْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَعَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنَ رَاهْوَيْهِ، وَالْحُمَيْدِيَّ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ، فَمَنْ النَّاسُ بَعْدَهُمْ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حِبَّانَ: لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُ شُعَيْبٍ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ خَطَأٌ، وَقَدْ رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْعُدُولِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَجَاءَ
1 الترمذي في "باب الزكاة في مال اليتيم" ص 81، والدارقطني: ص 206، وأبو عبيد في "كتاب الأموال" ص 428.
2 وقال النووي في "شرح المهذب" ص 239 ج 5: هذا الحديث ضعيف.
3 الدارقطني: ص 206، وكذا ما بعده.
رَجُلٌ، فَاسْتَفْتَاهُ فِي مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: يَا شُعَيْبُ! امْضِ مَعَهُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَدْ صَحَّ بِهَذَا سَمَاعُ شُعَيْبٍ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَدْ أَثْبَتَ سَمَاعَهُ مِنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: جَدُّهُ الْأَدْنَى مُحَمَّدٌ، وَلَمْ يُدْرِكْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدُّهُ الْأَعْلَى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَلَمْ يُدْرِكْهُ شُعَيْبٌ، وَجَدُّهُ الْأَوْسَطُ عَبْدُ اللَّهِ، وَقَدْ أَدْرَكَهُ، فَإِذَا لَمْ يُسَمِّ جَدَّهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدًا، وَاحْتَمَلَ أن يكون عمرواً، فَيَكُونُ فِي الْحَالَيْنِ مُرْسَلًا، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَبْدَ اللَّهِ الَّذِي أَدْرَكَهُ، فَلَا يَصِحُّ الْحَدِيثُ، وَلَا يَسْلَمُ مِنْ الْإِرْسَالِ، إلَّا أَنْ يَقُولَ فِيهِ: عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رحمه الله: وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ سَمَّى فِيهِ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ، فَسَلِمَ مِنْ الْإِرْسَالِ، عَلَى أَنَّ الْمُرْسَلَ عِنْدَنَا حُجَّةٌ، انْتَهَى. وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي "كِتَابِ الْبُيُوعِ، مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ": لَمْ أَزَلْ أَطْلُبُ الْحُجَّةَ الظَّاهِرَةَ فِي سَمَاعِ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهَا1.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "معجمه الوسط"2 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ ثَنَا الْفُرَاتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ ثَنَا شَجَرَةُ بن عيسى المغافري عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ" انْتَهَى. قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، انْتَهَى.
الْآثَارُ: أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ3 عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ثَنَا أَشْعَثُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ صَلْتٍ الْمَكِّيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ أَبَا رَافِعٍ أَرْضًا، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو رَافِعٍ بَاعَهَا عُمَرُ رضي الله عنه بِثَمَانِينَ أَلْفًا، فَدَفَعَهَا إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، فَكَانَ يُزَكِّيهَا، فَلَمَّا قَبَضَهَا وَلَدُ أَبِي رافع عدوا مالهم، فَوَجَدُوهَا نَاقِصَةً، فَسَأَلُوا عَلِيًّا، فَقَالَ: أَحَسَبْتُمْ زَكَاتَهَا؟ قَالُوا: لَا، فَحَسَبُوا زَكَاتَهَا، فَوَجَدُوهَا سَوَاءً، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَكُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّهُ يَكُونُ عِنْدِي مَالٌ لَا أُزَكِّيهِ؟!، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَشْعَثَ، وَقَالَا: عَنْ أَبِي رَافِعٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى.
1 اختصر المخرج كلام الحاكم، وسكت على قوله: فلم أقدر عليها، وهذا اختصار قبيح، فإنه ترك بياناً مغيراً، لأن الحاكم ذكر بعده حديثاً استشهد له على سماع شعيب عن جده عبد الله، وقال: هذا حديث رواته ثقات حفاظ، وهو كالأخذ باليد، على صحة سماع شعيب عن جده، اهـ، وقد ذكرت ما يتعلق به في أحاديث "الوضوء من مس الفرج" ص 32.
2 في رواية الطبراني: علي بن سعيد من رجال "اللسان" ص 231 ج 4، قال الدارقطني: ليس بذاك، والفرات بن محمد، قال ابن الحارث: كان ضعيفاً متهماً بالكذب، أو معروفاً، كذا في "اللسان" وعبد الملك بن أبي كريمة ثقة، كذا في "تهذيب التهذيب" ص 418 ج 6.
3 الدارقطني: ص 207، والبيهقي: ص 107 ج 4.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ1: أَنْبَأَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَلِينِي، وَأَخًا لِي يَتِيمًا فِي حِجْرِهَا، وَكَانَتْ تُخْرِجُ مِنْ أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ رضي الله عنه فِي "الْمُوَطَّأِ"، كَمَا تَرَاهُ، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عمر أَنَّهُ كَانَ يُزَكِّي مَالَ الْيَتِيمِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ2 عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: ابْتَغَوْا بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى، لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ، قَالَ البيهقي: إسناده صَحِيحٌ3، وَلَهُ شَوَاهِدُ عَنْ عُمَرَ. ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ: ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: سَمِعْت أَبَا مِحْجَنٍ، أَوْ ابْنَ مِحْجَنٍ وَكَانَ خَادِمًا لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: قَدِمَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَيْفَ مَتْجَرُ أَرْضِك، فَإِنَّ عِنْدِي مَالُ يَتِيمٍ، قَدْ كَادَتْ الزَّكَاةُ تُفْنِيهِ، قَالَ: فَدَفَعَهُ إلَيْهِ، قَالَ: وَرَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ عَنْ عُمَرَ، وَكِلَاهُمَا مَحْفُوظٌ. وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُمَرَ مُرْسَلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ4 ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ، فِي الَّذِي يَلِي الْيَتِيمَ، قَالَ: يُعْطِي زَكَاتَهُ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْأَصْحَابِ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد5، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ. وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ. وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ"، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَحَمَّادُ الْأَوَّلُ: هُوَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ الثَّانِي: هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْعِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَتَكَلَّمَ فِيهِ الْأَعْمَشُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ رُوِيَ
مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمُرَادَ قَلَمُ الْإِثْمِ، أَوْ قَلَمُ الْأَدَاءِ. انْتَهَى. وَبَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي "كِتَابِ الْحَجْرِ".
1 الدارقطني: ص 207، والبيهقي: 107 ج 4.
2 الشافعي في كتاب "الأم" ص 24 ج 2، وص 25، و"الموطأ" ص 106.
3 قال ابن التركماني في "الجوهر" ص 107: كيف يكون صحيحاً، ومن شرائط الصحة الاتصال، وسعيد ولد لثلاث مضين من خلافة عمر، ذكره مالك، وأنكر سماعه منه، وقال ابن معين: رآه، وكان صغيراً، ولم يثبت له سماع منه، اهـ. ثم فيه علل أخرى، راجعه.
4 وابن أبي شيبة عن أبي الزبير عن جابر: ص 25 ج 3، مختصراً.
5 أبو داود في "الحدود في باب المجنون يسرق" ص 256 ج 2، والنسائي في "باب من لا يقع طلاقه من الأزواج" ص 103 ج 2، واللفظ له، وابن ماجه في "باب طلاق المعتوه والصغير" ص 148، وابن جارود: ص 370، والدارمي: ص 399، والطحاوي: 336 ج 1.
الْآثَارُ: أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ لَيْثِ1 بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَنْ وَلِيَ مَالَ الْيَتِيمِ، فَلْيُحْصِ عَلَيْهِ السِّنِينَ، وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ أَخْبَرَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ الزَّكَاةِ، فَإِنْ شَاءَ زَكَّى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا أَثَرٌ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ مُجَاهِدًا لَمْ يَلْقَ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، إلَّا أَنَّهُ يَنْفَرِدُ2 بِإِسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، انْتَهَى. وَهَذَا الْأَثَرُ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ فِي "كِتَابِ الْآثَارِ" أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم، قَالَ: لَيْسَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ": كَانَ مِنْ الْعُبَّادِ يَعْنِي لَيْثَ بْنَ أَبِي سُلَيْمٍ لَكِنْ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، حَتَّى كَانَ لَا يَدْرِي مَا يُحَدِّثُ بِهِ، فَكَانَ يَقْلِبُ الْأَسَانِيدَ، وَيَرْفَعُ الْمَرَاسِيلَ، تَرَكَهُ يَحْيَى بْنُ الْقَطَّانِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ حِبَّانَ تَرْجَمَ عَلَيْهِ لَيْثُ3 بْنُ أَبِي سُلَيْمِ بْنِ زَنِيمٍ اللَّيْثِيُّ، وَتَعَقَّبَهُ الشَّيْخُ زَكِيُّ الدِّينِ الْمُنْذِرِيُّ فِي "حَاشِيَتِهِ" بِخَطِّهِ، فَقَالَ: لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ لَيْسَ هُوَ ابْنَ زَنِيمٍ اللَّيْثِيَّ، فَرَّقَهُمَا إمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْبُخَارِيُّ فِي "تَرْجَمَتَيْنِ"، وَكَذَلِكَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْعُقَيْلِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ فِي "كُتُبِهِمْ". وَابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ قُرَشِيٌّ: مَوْلَاهُمْ، وَاللَّيْثِيُّ إنَّمَا هُوَ ابْنُ زَنِيمٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ. نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: لَا زَكَاةَ فِي مَالِ الضِّمَارِ، قُلْت: غَرِيبٌ. وَرَوَى أَبُو عبيد القاسم بن سلاح فِي "كِتَابِ الْأَمْوَالِ فِي بَابِ الصَّدَقَةِ" حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: إذَا حَضَرَ الْوَقْتُ الَّذِي يُؤَدِّي فِيهِ الرَّجُلُ زَكَاتَهُ أَدَّى عَنْ كُلِّ مَالٍ، وَعَنْ كُلِّ دَيْنٍ، إلَّا مَا كَانَ مِنْهُ ضِمَارًا لَا يَرْجُوهُ، انْتَهَى. وَرَوَى مَالِكٌ4 رضي الله عنه فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنهما كَتَبَ فِي مَالٍ قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلَاةِ ظُلْمًا، فَأَمَرَ بِرَدِّهِ
إلَى أَهْلِهِ، وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ، لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ، ثُمَّ عَقَّبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ، أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ إلَّا زَكَاةُ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّهُ كَانَ ضِمَارًا، قَالَ مَالِكٌ رضي الله عنه: الضِّمَارُ: الْمَحْبُوسُ عَنْ صَاحِبِهِ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله فِي "الْإِمَامِ": فِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ أَيُّوبَ وَعُمَرَ.
1 البيهقي في "السنن" ص 108 ج 4، وابن أبي شيبة في "المصنف" ص 25 ج 3، وأبو عبيد في "كتاب الأموال" ص 452، قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن ليث به.
2 في البيهقي "يتفرد".
3 قال الهيثمي في "الزوائد" ص 127 ج 2، وص 33 ج 3، هو ثقة مدلس، انتهى. وابن زنيم "بالزاي، والنون" مصغراً.
4 مالك في "الموطأ في باب الزكاة في الدَّين" ص 107، ومن طريقه البيهقي في "السنن" ص 150 ج 4.