الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْل فِي الْغَنَمِ
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: حَدِيثُ بَيَانِ زَكَاةِ الْغَنَمِ فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَكِتَابِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ أَنَسٍ، وَفِي كِتَابِ عُمَرَ، وَفِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
قَوْلُهُ: وَالضَّأْنُ وَالْمَعْزُ فِيهِ سَوَاءٌ، لِأَنَّ لَفْظَةَ الْغَنَمِ شَامِلَةٌ لِلْكُلِّ، وَالنَّصُّ وَرَدَ بِهِ، قُلْت: الضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ إلَى الْغَنَمِ، مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ أَنَسٍ، قَالَ: وَفِي الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1.
الْحَدِيثُ الْحَادِيَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "إنَّمَا حَقُّنَا الْجَذَعَةُ، وَالثَّنِيُّ"، قُلْت: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَبِمَعْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ فِي "الضَّحَايَا"2 عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يُقَالُ لَهُ: مُجَاشِعٌ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَعَزَّتْ الْغَنَمُ، فَأَمَرْنَا مُنَادِيًا فَنَادَى: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إنَّ الْجَذَعَ يُوَفِّي مَا يُوَفِّي مِنْهُ الثَّنِيُّ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"3 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةُ. أَوْ جُهَيْنَةَ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ قَبْلَ الْأَضْحَى بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، أَعْطَوْا جَذَعَيْنِ، وَأَخَذُوا ثَنِيًّا، فَقَالَ عليه السلام:"إنَّ الْجَذَعَةَ تُجْزِئُ مِمَّا تُجْزِئُ مِنْهُ الثَّنِيَّةُ"، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ فِي الضَّحَايَا"، وَصَحَّحَهُ، وَعَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ رضي الله عنه: لَا بَأْسَ بِحَدِيثِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ إذَا انْفَرَدَ، قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد4، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ شُعْبَةَ5 عَنْ سِعْرٍ، قَالَ: جَاءَنِي رَجُلَانِ، مُرْتَدِفَانِ، فَقَالَا: إنَّا رَسُولَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنَا إلَيْك لِتُؤْتِيَنَا صَدَقَةَ غَنَمِك، قُلْت:
وَمَا هِيَ؟ قَالَا: شَاةٌ، قَالَ: فَعَمِدْتُ إلَى شَاةٍ مُمْتَلِئَةٍ مَخَاضًا وَشَحْمًا، فَقَالَا: هَذِهِ شَافِعٌ، وَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَأْخُذَ شَافِعًا، وَالشَّافِعُ: الَّتِي فِي بَطْنِهَا وَلَدُهَا، قُلْت: فَأَيَّ شَيْءٍ تَأْخُذَانِ؟ قَالَا: عَنَاقًا، جَذَعَةً، أَوْ ثَنِيَّةً، فَأَخْرَجْتُ إلَيْهِمَا عَنَاقًا، فَتَنَاوَلَاهَا، انْتَهَى.
1 البخاري: ص 196.
2 أبو داود في "باب ما يجوز من الضحايا في السن" ص 31 ج 2، وابن ماجه في "باب كم يجزئ من الغنم عن البدنة" ص 234.
3 أحمد في "مسنده" ص 368، والحاكم في "المستدرك" ص 226 ج 4 من طريق أحمد. وغيره.
4 أبو داود في "باب زكاة السائمة" ص 229، والنسائي في "باب إعطاء السيد المال بغير اختيار المصدق" ص 341، وأحمد في "مسنده" ص 414 ج 3، و"كتاب الأموال" ص 403.
5 عند النسائي. وأحمد: مسلم بن ثفنة، وكذا في أبي داود رواية.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"1 مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، فَكَانَ يَعُدُّ عَلَى النَّاسِ السَّخْلَ، فَقَالُوا: أَتَعُدُّ عَلَيْنَا السَّخْلَ، وَلَا تَأْخُذُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: نَعَمْ، نَعُدُّ عَلَيْهِمْ السَّخْلَةَ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي، وَلَا نَأْخُذُهَا، وَلَا نَأْخُذُ الْأَكُولَةَ، وَلَا الرُّبَّى، وَلَا الْمَاخِضَ، وَلَا فَحْلَ الْغَنَمِ، وَنَأْخُذُ الْجَذَعَةَ، وَالثَّنِيَّةَ، وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْغَنَمِ وَخِيَارِهِ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله: سَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي كِتَابِ "الْأَمْوَالِ"2 حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عباس عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيِّ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ لِسُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ: خُذْ الْجَذَعَ. وَالثَّنِيَّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيَّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بعث مصدِّفاً، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْجَذَعَةَ. وَالثَّنِيَّةَ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْغِذَاءُ: "بِغَيْنٍ مَكْسُورَةٍ3 وَذَالٍ معجمة ممدودة"، وهو الردئ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِيَ عَشَرَ: رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا لَا يُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ إلَّا الثَّنِيُّ، فَصَاعِدًا، قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي كِتَابِهِ "غَرِيبُ الْحَدِيثِ" عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَا يُجْزِئُ فِي الضَّحَايَا إلَّا الثَّنِيُّ، فَصَاعِدًا، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي "بَابِ: ثَنَا" مِنْ كِتَابِهِ.
قَوْلُهُ: وَجَوَازُ التَّضْحِيَةِ عُرِفَ نَصًّا "يَعْنِي التَّضْحِيَةَ بِالْجَذَعِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ4 عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ"، انْتَهَى. وَفِيهِ أَحَادِيثُ سَتَأْتِي فِي "الْأُضْحِيَّةَ" إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ"، قُلْت: تَقَدَّمَ5 فِي كِتَابِ عَمْرٍو: فِي الشَّاةِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً سَائِمَةً شَاةٌ، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"6 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هِنْدٍ الصِّدِّيقِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فِي أَرْبَعِينَ شَاةٍ شَاةٌ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي "معجمه الوسط"7 مِنْ حَدِيثِ سَلَّامٍ
1 مالك في "الموطأ في باب ما جاء فيما يعتد به من السخل في الصدقة" ص 113، وعند البيهقي: ص 100 ج 4، والربى: هي الشاة تربى في البيت، لأجل اللبن، وقيل: هي الشاة القريبة العهد بالولادة، والغذاء: جمع غذى، السخلة، والأكولة: هي التي تعزل للأكل.
2 "كتاب الأموال" ص 390.
3 وفي "الموطأ" بغين معجمة، وكذا في "الصراح".
4 مسلم في "باب سن الأضحية" ص 155 ج 2.
5 تقدم كتاب عمرو في "باب صدقة السوائم" ص 383، فليراجع، وفي "الدراية" هو في كتاب عمرو بن حزم، اهـ.
6 ابن ماجه في "باب صدقة الغنم" ص 131، وأبو هند هذا مجهول.
7 قال الهيثمي في "الزوائد" ص 73 ج 3: رواه الطبراني في "الأوسط" عن محمد بن إسماعيل بن عبد الله عن أبيه، ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات، اهـ.