الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الشَّهِيدِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام فِي "شُهَدَاءِ أُحُدٍ":"زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ. وَدِمَائِهِمْ، وَلَا تُغَسِّلُوهُمْ"، قُلْت: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَفِي تَرْكِ غُسْلِ الشُّهَدَاءِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ1"، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ، وَيَقُولُ:"أَيُّهُمَا أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ"، فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إلَى أَحَدِهِمَا، قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ:"أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ، زَادَ الْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ رحمهما الله: وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ اللَّيْثَ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ، وَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِيهِ، انْتَهَى. وَلَمْ يُؤَثِّرْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَالتِّرْمِذِيِّ تَفَرُّدُ اللَّيْثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، بَلْ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ2" حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ ثَنَا عِيسَى بْنُ عَاصِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ، وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ النَّوَوِيُّ بِعَطَاءٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ، أَوْ فِي حَلْقِهِ، فَمَاتَ، فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ، كَمَا هُوَ، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": سَنَدُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ3" عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَلْمٌ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إلَّا
1 البخاري في "باب الصلاة على الشهيد" ص 179، والنسائي في "باب ترك الصلاة عليهم" ص 277، وأبو داود في "باب الشهيد يغسل" ص 91 ج 2 واللفظ له، والترمذي في "باب ترك الصلاة على الشهيد" ص 123، وابن ماجه في "باب الصلاة على الشهيد" ص 110.
2 أبو داود في "باب الشهيد يغسل" ص 91 ج 2، وكذا الحديث الذي بعده.
3 النسائي في "باب مواراة الشهيد في دمه" ص 282، وأحمد: ص 431 ج 5 والشافعي في كتاب "الأم" ص 237 والبيهقي ص 11 ج 4 وابن إسحاق في "السيرة" ص 142 ج 2.
يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَشْرَفَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، فَقَالَ: "إنِّي شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ، زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ"، انْتَهَى. وَبِهَذَا السَّنَدِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه، وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيُّ.
أَحَادِيثُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ: رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ1 فِي الْمَغَازِي، فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ"، وَمُسْلِمٌ فِي "فَضَائِلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، انْتَهَى. زَادَ فِيهِ مُسْلِمٌ: فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ، كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، فَقَالَ:"إنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَلَسْت أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنْ أَخْشَى أَنْ تَنَافَسُوا فِي الدُّنْيَا، وَتَقْتَتِلُوا فَتَهْلَكُوا، كَمَا هَلَكَ مَنْ قَبْلَكُمْ"، قَالَ عُقْبَةُ: فَكَانَتْ لَآخِرِ مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، انْتَهَى. زَادَ ابْنُ حِبَّانَ: ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عز وجل، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَحْمِلُ الصَّلَاةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الدُّعَاءِ، وَمِنْهُمْ الْبَيْهَقِيُّ. وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَقَوْلُهُ فِيهِ: صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، يَدْفَعُهُ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مِنْ الْخَصَائِصِ، لِأَنَّهُ عليه السلام قَصَدَ بِهَا التَّوْدِيعَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي "الصَّحِيحِ"، وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ وَرَدَ فِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ2 أَنَّهُ عليه السلام صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ، كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ رحمه الله فِي "صَحِيحِهِ": الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الدُّعَاءُ، إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الصَّلَاةِ لَلَزِمَ مَنْ يَقُولُ بِهَا، أَنْ يُجَوِّزَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ بِسِنِينَ، فَإِنَّ وَقْعَةَ أُحُدٍ كَانَتْ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ الدُّنْيَا بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ بِسَبْعِ سِنِينَ، وَهُوَ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَدْ نَاقَضَ ابْنُ حِبَّانَ هَذَا فِي أَحَادِيثِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: زَعَمَ أَئِمَّتُنَا أَنَّ بِلَالًا أَثْبَتَهَا، وَابْنُ عَبَّاسٍ نَفَاهَا، وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي، وَهَذَا شَيْءٌ يَلْزَمُنَا فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ. وَغَيْرَهُ رَوَوْا أَنَّهُ عليه السلام صَلَّى عَلَيْهِمْ، وَجَابِرٌ رَوَى أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، أَوْ يَكُونُ عليه السلام
قَصَدَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ أَنْ يُنَوِّرَ عَلَيْهِمْ قُبُورَهُمْ، كَمَا وَرَدَ فِي الْبُخَارِيِّ. وَمُسْلِمٍ3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ، أَوْ رَجُلٍ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ قَالَ:"إنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ عَلَى أَهْلِهَا ظُلْمَةً، وَإِنِّي أُنَوِّرُهَا بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ"، انْتَهَى.
1 البخاري في "الجنائز في باب الصلاة على الشهيد" ص 189، ومسلم في "الفضائل في باب إثبات الحوض لنبينا صلى الله عليه وسلم" ص 250 ج 2.
2 البخاري في "باب غزوة أحد" ص 578 ج 2.
3 البخاري في "باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن" ص 178، ومسلم: ص 309 ج 1.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"1 عَنْ أَبِي حَمَّادٍ الْحَنَفِيِّ، وَاسْمُهُ: الْمُفَضَّلُ بْنُ صَدَقَةَ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ، قَالَ: سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: فَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَمْزَةَ حِينَ قَامَ النَّاسُ مِنْ الْقِتَالِ، فَقَالَ رَجُلٌ: رَأَيْتُهُ عِنْدَ تِلْكَ الشَّجَرَاتِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ، فَلَمَّا رَآهُ وَرَأَى مَا مُثِّلَ بِهِ، شَهِقَ وَبَكَى، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَرَمَى عَلَيْهِ بِثَوْبٍ، ثُمَّ جِيءَ بِحَمْزَةَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ جِيءَ بِالشُّهَدَاءِ، فَيُوضَعُونَ إلَى جَانِبِ حَمْزَةَ، فَصَلَّى عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُرْفَعُونَ، وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ، حَتَّى صَلَّى عَلَى الشُّهَدَاءِ كُلِّهِمْ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"حَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، مُخْتَصَرٌ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ"، فَقَالَ: أَبُو حَمَّادٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ النَّسَائِيُّ فِيهِ: مَتْرُوكٌ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"2 حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ3 ثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ النِّسَاءُ يَوْمَ أُحُدٍ خَلْفَ الْمُسْلِمِينَ يُجْهِزْنَ عَلَى جَرْحَى الْمُشْرِكِينَ، إلَى أَنْ قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَمْزَةَ، وَجِيءَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَوُضِعَ إلَى جَنْبِهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَرُفِعَ الْأَنْصَارِيُّ، وَتُرِكَ حَمْزَةُ، ثُمَّ جِيءَ بِآخَرَ، فَوُضِعَ إلَى جَنْبِ حَمْزَةَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ، وَتُرِكَ حَمْزَةُ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ صَلَاةً، مُخْتَصَرٌ. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ"4 عَنْ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ مَسْعُودٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"5 عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ ثَنَا أُسَامَةُ6 بْنُ زَيْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنهم أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام مَرَّ بِحَمْزَةَ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الشُّهَدَاءِ غَيْرِهِ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"، وَقَالَ: لَمْ يَقُلْ فِيهِ: وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الشُّهَدَاءِ غَيْرِهِ إلَّا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ7، وَلَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رحمه الله
1 الحاكم في "المستدرك" ص 199 ج 3، وليس فيه ذكر الصلاة، ولا تعقب الذهبي، بل صححه، فليراجع، قلت: ثم وجدت الحوالة في "الجهاد" ص 119 ج 2، فيه ذكر الصلاة، وكلام الذهبي على أبي حماد أيضاً، والعجب من الذهبي يتكلم على أبي حماد ههنا، وسكت عنه في: ص 197 ج 3، وصحح حديثه في: ص 199 ج 3، وقال الحافظ في "اللسان": قال ابن عدي: ما أرى بحديثه بأساً، وكان أحمد بن محمد بن شعيب يثني عليه ثناءاً تاماً، وقال الأهوازي: كان عطاء بن مسلم يوثقه، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه، وقال البغوي: كوفي صالح الحديث، وابن عقيل، هو: عبد الله بن محمد بن عقيل.
2 وابن سعد في "طبقاته" ص 9 ج 3، وأحمد في "مسنده" ص 463 سمع ابن سلمة عن عطاء قبل الاختلاط، صرح به العراقي في "التقييد" ص 392.
3 لم يصرح في "المسند" بأنه ابن سلمة، ولكن في "الطبقات حماد بن سلمة".
4 ورواه ابن سعد من طريق عمرو بن عاصم الكلابي، قال: نا همام عن عطاء بن السائب عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث.
5 أبو داود في "باب الشهيد يغسل" ص 91 ج 2، والدارقطني في "السير" ص 474، والحاكم في "المستدرك" ص 365 ج 1.
6 الليثي صدوق بهم "تقريب".
7 قلت: تابعه روح بن عبادة، عند الحاكم.
فِي "التَّحْقِيقِ": وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ مُخَرَّجٌ لَهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" وَزِيَادَةٌ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" من جهة أبو دَاوُد، وَقَالَ: الصَّحِيحُ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ، أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الشُّهَدَاءِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ: وَعِلَّتُهُ ضَعْفُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ، وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي "أَحْكَامِهِ الْكُبْرَى" وَأَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ فِي أُسَامَةَ، وَقَالَ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَمِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي صَحَّحَهَا وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ أُسَامَةَ حَدِيثُ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَأْخُذُ مِنْ طُولِ لِحْيَتِهِ وَعَرْضِهَا، وَحَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ فِي الْأَوْقَاتِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى ثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ. وَرَوْحٍ عَنْ أُسَامَةَ بِهِ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"1 عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بن أبي عتبة أَوْ غَيْرِهِ عَنْ الْحَكَمِ بن عتبة عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عباس رضي الله عنهم، قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ عَنْ قَتْلَى أُحُدٍ، إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَمْزَةَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ عَشْرًا، ثُمَّ جَعَلَ يُجَاءُ بِالرَّجُلِ، فَيُوضَعُ، وَحَمْزَةُ مَكَانَهُ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ صَلَاةً، وَكَانَتْ الْقَتْلَى يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، وَهُوَ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ عَنْ غَيْرِ الشَّامِيِّينَ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"2. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ". وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ" عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَمْزَةَ يَوْمَ أُحُدٍ "فَهُيِّئَ لِلْقِبْلَةِ، ثُمَّ كَبَّرَ عَلَيْهِ سَبْعًا، ثُمَّ جَمَعَ إلَيْهِ الشُّهَدَاءَ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ صَلَاةً، زَادَ الطَّبَرَانِيُّ: ثُمَّ وَقَفَ عَلَيْهِمْ حَتَّى وَارَاهُمْ، سَكَتَ الْحَاكِمُ عَنْهُ، وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ، فَقَالَ: وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَكَذَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّهُ لم يصلِّ عليهم أصح، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ" بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ: أُتِيَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَعَلَ يصلي على عشرة، عَشَرَةٍ، وَحَمْزَةُ كَمَا هُوَ يُرْفَعُونَ وَهُوَ كَمَا هُوَ مَوْضُوعٌ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رحمه الله فِي "التَّحْقِيقِ": وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَتَعَقَّبَهُ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ" رحمه الله بِأَنَّ مَا حَكَاهُ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ إنَّمَا هُوَ فِي يَزِيدَ3
1 الدارقطني في "السير" ص 474.
2 "المستدرك في معرفة الصحابة" ص 198 ج 3، والبيهقي في "السنن" ص 12 ج 4، وابن سعد في "الطبقات" ص 8 ج 3، الجزء الأول، والطحاوي: ص 290، وابن ماجه في "باب الصلاة على الشهداء أو دفنهم" ص 110، واللفظ للدارقطني: ص 474 عن محمد ابن كعب عن ابن عباس.
3 الدمشقي.
بْنِ زِيَادٍ، وَأَمَّا رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَهُوَ الْكُوفِيُّ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ: ابْنُ زِيَادٍ1، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ عَلَى لِينِهِ، وَقَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ، وَرَوَى لَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: لَا أعلم تَرَكَ حَدِيثَهُ، وَقَدْ جَعَلَهُمَا2 فِي "كِتَابِهِ" الَّذِي فِي الضُّعَفَاءِ وَاحِدًا، وَهُوَ وَهْمٌ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ رحمه الله فِي "سُنَنِهِ"3 عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَمْزَةَ يَوْمَ أُحُدٍ بِاللَّفْظِ الَّذِي قَبْلَهُ، سَوَاءٌ، ثُمَّ قَالَ: وَعَبْدُ الْعَزِيزِ هَذَا ضَعِيفٌ.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي "السِّيرَةِ"4 عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ مِقْسَمٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَمْزَةَ رضي الله عنه فَجِيءَ بِبُرْدَةٍ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ، وَكَبَّرَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ أُتِيَ بِالْقَتْلَى يُوضَعُونَ إلَى حَمْزَةَ، يُصَلِّي عَلَيْهِمْ، وَعَلَيْهِ مَعَهُمْ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ صَلَاةً، مُخْتَصَرٌ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي "الرَّوْضِ الْأُنُفِ": قَوْلُ ابْنِ إسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، إنْ كَانَ هُوَ الْحَسَنَ بْنَ عُمَارَةَ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، فَهُوَ ضَعِيفٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ، فَهُوَ مَجْهُولٌ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ صَلَّى عَلَى شَهِيدٍ فِي شَيْءٍ مِنْ مَغَازِيهِ، إلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَلَا فِي مُدَّةِ الْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قُلْت: قَدْ وَرَدَ مُصَرَّحًا فِيهِ بِالْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ الزَّبِيدِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ5 عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ أَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَتْلَى، فَرَأَى مَنْظَرًا سَاءَهُ، فَرَأَى حَمْزَةَ قَدْ شُقَّ بَطْنُهُ، وَاصْطُلِمَ أَنْفُهُ، وَجُدِعَتْ أُذُنَاهُ، فَقَالَ:"لَوْلَا أَنْ يَحْزَنَ النِّسَاءُ، أَوْ يَكُونَ سُنَّةً بَعْدِي6 لَتَرَكْته، حَتَّى يَحْشُرَهُ اللَّهُ فِي بُطُونِ السِّبَاعِ، وَالطَّيْرِ، وَلَمَثَّلْت بِثَلَاثِينَ7 مِنْهُمْ مَكَانَهُ"، ثُمَّ دَعَا بِبُرْدَةٍ، فَغَطَّى بِهَا وَجْهَهُ، فَخَرَجَتْ رِجْلَاهُ، فَغَطَّى بِهَا رِجْلَيْهِ، فَخَرَجَ رَأْسُهُ، فَغَطَّى بِهَا رَأْسَهُ، وَجَعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ الْإِذْخِرِ، ثُمَّ قَدَّمَهُ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ عَشْرًا، ثُمَّ جَعَلَ يُجَاءُ بِالرَّجُلِ فَيُوضَعُ إلَى جَنْبِهِ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ، ثُمَّ يُرْفَعُ، وَيُجَاءُ بِالرَّجُلِ الْآخَرِ، فَيُوضَعُ، وَحَمْزَةُ مَكَانَهُ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ
1 بخلاف الدمشقي فإنه يقال فيه: يزيد بن زياد أيضاً.
2 أي ابن الجوزي.
3 ص 474.
4 ابن هشام ص 142 ج 2، على هامش "الروض الأنف" للسهيلي.
5 قلت: ورواه الدارقطني في "السير" ص 474، عن إسماعيل بن عياش عن عبد الملك بن أبي عتبة، أو غيره عن الحكم بن عتيبة به، قال الدارقطني: إسماعيل مضطرب الحديث عن غير الشاميين.
6 في نسخة الدار "لولا أن يخرج النساء فيكون سنة بعدي""من المصحح البجنوري".
7 في "الدارقطني" بسبعين، والله أعلم.
صَلَاةً، وَكَانَتْ الْقَتْلَى سَبْعِينَ، فَلَمَّا دُفِنُوا. وَفَرَغَ مِنْهُمْ، نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا} الْآيَةَ، فَصَبَرَ عليه السلام، وَلَمْ يَقْتُلْ، وَلَمْ يُعَاقِبْ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلٌ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "مَرَاسِيلِهِ"1 عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ عَشَرَةً عَشَرَةً2 فِي كُلِّ عَشَرَةٍ حَمْزَةُ رضي الله عنه حتى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ صَلَاةً3، انْتَهَى. وَحُصَيْنٌ، هُوَ: ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ أَحَدُ الثِّقَاتِ، الْمُخَرَّجُ لَهُمْ فِي "الصَّحِيحَيْنِ". وَابْنُ مَالِكٍ الْغِفَارِيُّ، اسمه: غزوان، وهو تَابِعِيٌّ، رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعَ إرْسَالِهِ لَا يَسْتَقِيمُ، كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، فإن الشافعي، قَالَ4: كَيْفَ يَسْتَقِيمُ أَنَّهُ عليه السلام صَلَّى عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ صَلَاةً، إذَا كَانَ يُؤْتَى بِتِسْعَةٍ، وَحَمْزَةُ عَاشِرُهُمْ، وَشُهَدَاءُ أُحُدٍ إنَّمَا كَانُوا اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ شَهِيدًا، فَإِذَا صَلَّى عَلَيْهِمْ عَشَرَةً عَشَرَةً، فَالصَّلَاةُ إنَّمَا تَكُونُ سَبْعَ صَلَاةٍ، أَوْ ثَمَانِيًا، فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ سَبْعُونَ صَلَاةً؟!، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَلَا يُعَرَّجُ بِمَا يَرْوِيهِ ابْنُ إسْحَاقَ إذَا لَمْ يذكر اسم روايه، لِكَثْرَةِ رِوَايَتِهِ
(24) أبو داود في "المراسيل" ص 46، ولفظه: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بحمزة، فوضع، وجيء بتسعة، فصلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفعوا، وترك حمزة، ثم جيء بتسعة، فوضعوا، فصلى عليهم سبع صلوات، حتى صلى على سبعين، وفيهم حمزة، على كل صلاة صلاها، اهـ، وليس فيه إشكال، وكذا عند الطحاوي في "شرح الآثار" ص 290، والدارقطني: ص 193، وابن أبي شيبة: ص 116 ج 3، رجاله ثقات، وأما عند البيهقي: ص 12 ج 4، ولفظ المخرج عنده فقط، ففيه الاشكال، وروى ابن سعد في "الطبقات" ص 9 ج 3: أخبرنا وكيع. وفضل بن دكين عن شريك عن حصين عن أبي مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد عشرة عشرة، يصلي على حمزة مع كل عشرة، اهـ، وفي: ص 34 ج 2، أخبرنا أبو المنذر البزاز حدثنا سفيان الثوري عن حصين عن أبي مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد، اهـ.
2 قلت: اجتمع في حديث أبي مالك أمران، وهما عند البيهقي فقط، أشكل بسببهما تأويل الحديث: الأول: أنه عليه السلام صلى على قتلى أحد عشرة عشرة، في كل عشرة حمزة. الثاني: هو أن عدد الصلاة على حمزة كانت سبعين، وهذا لا يرد على أكثر روايات هذا الحديث، الخالية عن هذا الجمع، ولا على أحاديث أخرى، كما قال المخرج، وللحديث تأويل آخر، وللشافعي عليه إشكال آخر، ذكرهما في "كتاب الأم" ص 237، قال: وإن كان عنى سبعين تكبيرة، فنحن وهم نزعم أن التكبير على الجنائز أربع، فهي إذا كانت تسع صلوات، تكون ستاً وثلاثين تكبيرة، فمن أين جاءت أربع وثلاثون؟! ينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحيي على نفسه، اهـ، قلت: إن كان مراد الإِمام، بأن الأمر استقر على أربع تكبيرات في الجنائز، فمسلم، وهذا لا يرد التأويل، لأنه ثبت أنه عليه السلام كبر على الجنائز ثلاثاً. وأربعاً. وخمساً. وأكثر من ذلك، وفي جنازة حمزة كان يكبر تسعاً، وإن أراد أنه عليه السلام لم يكبر على جنازة أكثر من أربع تكبيرات قط، وأنه وإننا متفقان على هذا، فهذا ليس بصحيح، والله أعلم.
وقال الحافظ في "التلخيص" ص 159: وأجيب: المراد أنه صلى على سبعين نفساً. وحمزة معهم كلهم، فكأنه صلى عليه سبعين صلاة، اهـ.
3قال الذهبي في "مختصر السنن": كذا قال، ولعله سبع صلوات، إذ شهداء أحد سبعون، أو نحوها، "عمدة" ص 172 ج 4.
4 في كتاب "الأم" ص 237.
عَنْ الضُّعَفَاءِ الْمَجْهُولِينَ، وَالْأَشْبَهُ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَتَانِ غَلَطًا، لِمُخَالَفَتِهِمَا الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ كَانَ قَدْ شَهِدَ الْقِصَّةَ، وَأَمَّا مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ عليه السلام صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، فَكَأَنَّهُ عليه السلام وَقَفَ عَلَى قُبُورِهِمْ، وَدَعَا لَهُمْ، وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى نَسْخٍ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ1 عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ عليه السلام عَلَى أَعْرَابِيٍّ أَصَابَهُ سَهْمٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَ حَيًّا حَتَّى انْقَطَعَتْ الْحَرْبُ، وَنَحْنُ نُصَلِّي عَلَى الْمُرَيَّثِ2، وَعَلَى الَّذِي يُقْتَلُ ظُلْمًا فِي غَيْرِ مَعْرَكٍ، انْتَهَى. قُلْت: يَسْتَقِيمُ هَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَعَلَى آخَرَ مَعَهُ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ صَلَاةً، كَمَا تَقَدَّمَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ. وَغَيْرِهِ وَأَمَّا كَوْنُ شُهَدَاءِ أُحُدٍ كَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا فَمُسَلَّمٌ، ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي السِّيرَةِ، نَقْلًا عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ، وَسَمَّاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ"3: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ رَجُلًا، مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ. وَشِمَاسُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ الْأَسَدِيُّ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلًا: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ"4 عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ5 عند شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ التَّابِعِيِّ6 أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ
1 قاله البيهقي في "السنن" ص 16 ج 4 بمعناه.
2 "المريث" كذا في نسخة الدار، وكان صحح قبله في المطبوع "الموتى" ولعل الأول هو الأنسب بالمقام "البجنوري".
3 ابن سعد في "الطبقات" ص 9 ج 3، القسم الأول.
4 أبو داود في "المراسيل" ص 46.
5 النسائي في "باب الصلاة على الشهيد" ص 377، والطحاوي: ص 291، ورواته ثقات، وإسناده صحيح، والحاكم في "المستدرك" ص 595 ج 3، والبيهقي: ص 15 ج 4، وقال: يحتمل أنه بقي حياً حتى انقطعت الحرب، ثم مات.
6 قوله: شداد بن الهاد التابعي، ظني أنه مصحَّف الأصل: الليثي، لأن شداد بن الهاد هذا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، معروف، ذكره الحاكم في "المستدرك" ثم روى حديثه هذا. ولعل التصحيف من قديم، فإن الشوكاني الذي عدة اجتهاده الزيلعي، تم "التلخيص" قال في "النيل" ص 37 ج 4: أما حديث شداد ابن الهاد فهو مرسل، لأن شداداً تابعي، اهـ. وقد صرح الحافظ في غير موضع من "الفتح" أن ابنه عبد الله صحابي: وهو ابن أخت ميمونة رضي الله عنهما، قلت: إن شداداً سلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت عنده سلمى بنت عميس، خلف عليها بعد حمزة رضي الله عنه، قاله الحاكم. وابن سعد: ص 209 ج 8، فولدت له عبد الله ابن شداد، وأعجب من قول الشوكاني، ما قال النووي في "شرح المهذب" ص 265 ج 5، فإنه قال مثله، فلعل الزيلعي تبع النووي، وتبعهما الشوكاني، والغلط من النووي، ثم الزيلعي، ويؤيده هذا عده حديث شداد في عداد المراسيل، ولولا الخطأ منه، لذكره فيما قبل، حيث ذكر الموصولات، والله أعلم.
جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: أَنَّهُ اُسْتُشْهِدَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي حَدَّثَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عَطَاءٍ1 أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَتْلَى بَدْرٍ، انْتَهَى. وَحَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، انْتَهَى. وَفِيهِ أَيْضًا فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ مِنْ غَيْرِ سَنَدٍ، قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ أَبِي أَوَّلَ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، قَتَلَهُ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْهَزِيمَةِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الْوَاقِدِيُّ رحمه الله فِي "كِتَابِ فَتُوحِ الشَّامِ" حَدَّثَنِي رُوَيْمُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ الْوَاقِصِيِّ عَنْ سَيْفٍ، مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ قَيْسٍ الْيَشْكُرِيِّ قَالَ: كُنْت فِي الْجَيْشِ الَّذِي وَجَّهَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إلَى أَيْلَةَ، وَأَرْضِ فِلَسْطِينَ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا، إلَى أَنْ قَالَ: فَلَمَّا نَصَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ وَانْكَشَفَ الْقِتَالُ، لَمْ يَكُنْ هَمُّ الْمُسْلِمِينَ إلَّا افْتِقَادَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، فَفَقَدُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ نَفَرًا: مِنْهُمْ سَيْفُ بْنُ عَبَّادٍ الْحَضْرَمِيُّ. وَنَوْفَلُ بْنُ دَارِمٍ2. وَسَالِمُ بْنُ دُوَيْمٍ. وَسَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لِأُمِّهِ ، وَاغْتَمَّ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِفَقْدِهِمْ اغْتِمَامًا شَدِيدًا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّهَارُ أَمَرَ عَمْرٌو النَّاسَ بِجَمْعِ الْغَنَائِمِ، وَأَنْ يُخْرِجُوا إخْوَانَهُمْ مِنْ بَيْنِ الرُّومِ، وَبَنِي الْأَصْفَرِ، فَالْتَقَطُوهُمْ، مِائَةً وَثَلَاثِينَ رَجُلًا، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَمَرَ بِدَفْنِهِمْ، وَكَانَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تِسْعَةُ آلَافِ رَجُلٍ، وَأَرْسَلَ عَمْرٌو إلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما كِتَابًا، فِيهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّهِ، إنِّي وَصَلْت إلَى أَرْضِ فِلَسْطِينَ، وَلَقِينَا عَسْكَرَ الرُّومِ، مَعَ بِطْرِيقٍ يُقَالُ لَهُ: رُومَاسُ3 فِي مِائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا بِالنَّصْرِ، وَقَتَلْنَا مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا، وَقُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا، أكرمهم الله بالشهاة4، انتهى.
1 قلت: وفي مراسيل أبو داود: ص 46 عن عطاء نحوه، إلا أن فيه أحد، بدل: بدر، ولم يذكر إسناده، اهـ.
2 في نسخة "الدار" نوفل بن ذارم "البجنوري".
3 في نسخة "رويس" وفي نسخة الدار "روميس""البجنوري".
2 حديث آخر: ذكره المغلطاي في "السيرة" ص 81، ولفظه: قال ابن ماجشون، لما سئل كم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة؟ قال: اثنتان وسبعون، كحمزة، فقيل له: من أين لك هذا؟ قال: من الصندوق الذي تركه مالك بخطه عن نافع عن ابن عمر، اهـ.
حديث آخر: أخرجه الطحاوي في "شرح الآثار" ص 290 حدثنا فهد حدثنا يوسف بن بهلول حدثنا عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه يعني عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم أحد بحمزة، فسجى ببردة، ثم صلى عليه، فكبر تسع تكبيرات، ثم أتى بالقتلى يصفون، ويصلى
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ رضي الله عنه.
وَحَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1 مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه حَدَّثَهُ أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ لَمْ يُغَسَّلُوا، وَدُفِنُوا بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، انْتَهَى.
قوله: لأن شهداء أحد ما كان كلهم قتيل السيف والسلاح
قَوْلُهُ: وَقَدْ صَحَّ أَنَّ حَنْظَلَةَ لَمَّا اُسْتُشْهِدَ جُنُبًا غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ
1 عليهم. وعليه معهم، اهـ. قلت: رجاله كلهم ثقات، إلا ابن إسحاق، فإنه مختلف فيه، ومدلس، إلا أنه صرح بالتحديث.
حديث آخر: عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد، فكبر تسعاً تسعاً، ثم سبعاً سبعاً، ثم أربعاً أربعاً، حتى لحق الله، رواه الطبراني في "الكبير والأوسط" وإسناده حسن، "زوائد" ص 35 ج 3.
حديث آخر: أخرجه أبو داود في "باب الرجل يموت بسلاحه" ص 351 عن أبي سلام عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: طلب رجل من المسلمين رجلاً من جهينة، فضربه فأخطأه، وأصاب نفسه بالسيف، فابتدره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدوه قد مات، فلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثيابه، ودمائه، وصلى عليه، اهـ. مختصراً، قال الشوكاني: الحديث سكت عنه أبو داود. والمنذري، وفي إسناده سلام بن أبي سلام، وهو مجهول، قال أبو داود، بعد إخراجه عن سلام المذكور: إنما هو زيد بن سلام عن جده أبي سلام، اهـ. وزيد ثقة، انتهى قول الشوكاني: ص 26 ج 4 في "النيل". قلت: ليراجع نسخ أبي داود، قال الشوكاني: أما حديث سلام، فلم أقف للمانعين من الصلاة على جوابه، لأنه قتل في المعركة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسماه شهيداً، وصلى عليه.
حديث آخر: أخرجه البيهقي: ص 16 ج 4 أن عامراً رجع إليه سلاحه، فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنه شهيد"، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسلمون، اهـ: مختصراً، وبعض رواته فيه كلام، ولى فيه تأمل آخر.
حديث آخر: روى ابن سعد عن عبد الله بين نمير عن الأشعث بن سوار عن أبي إسحاق السبيعي، أن علياً صلى على عمار بن ياسر، وهاشم بن عتبة رضي الله عنهما، وكبر عليهما تكبيراً واحداً، خمساً. أو ستاً. أو سبعاً. والشك من أشعث، ورواه البيهقي: ص 17 ج 4 عن الأشعث عن الشعبي، ولم يذكر التكبير.
حديث آخر: قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أنا الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة أن علياً صلى على عمار، ولم يغسله، كذا في "طبقات ابن سعد" ص 187 ج 3، وص 188 ج 3، القسم الأول
حديث آخر: ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عبد الله بن دينار الأسلمي عن أبيه، قال: لما حج معاوية، إلى قوله: فتقدم جبير بن مطعم فصلى عليه أي عثمان كذا في "طبقات ابن سعد" ص 52 ج 3 القسم الأول روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة، قال: صلى الزبير على عثمان "تلخيص" ص 171.
(38)
أبو داود في "باب الشهيد يغسل" ص 91 ج 2، والترمذي في "باب ما جاء في قتلى أحد" ص 121، وقال: حسن غريب، والدارقطني في "السير" ص 474، والحاكم في "المستدرك" ص 365 ج 1، كلهم عن أسامة.=
ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيَدٍ.
فَحَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما: أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ. وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"2 فِي "كِتَابِ الْفَضَائِلِ" مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إسْحَاقَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ، وَقَدْ قُتِلَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الثَّقَفِيُّ:"إنَّ صَاحِبَكُمْ حَنْظَلَةَ تُغَسِّلُهُ الْمَلَائِكَةُ"، فَاسْأَلُوا صَاحِبَتَهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ، وَهُوَ جُنُبٌ لَمَّا سَمِعَ الْهَائِعَةَ3، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ"، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، انْتَهَى. وَلَيْسَ عِنْدَهُ4: فَاسْأَلُوا صَاحِبَتَهُ، إلَى آخِرِهِ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي "الرَّوْضِ الْأُنُفِ": وَصَاحِبَتُهُ هِيَ زَوْجَتُهُ، جَمِيلَةُ بِنْتُ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، أُخْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَكَانَتْ قَدْ ابْتَنَى بِهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَرَأَتْ فِي مَنَامِهَا، كَأَنَّ بَابًا مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ، فَدَخَلَ، وَأُغْلِقَ دُونَهُ، فَعَرَفَتْ أَنَّهُ مَقْتُولٌ مِنْ الْغَدِ، فَلَمَّا أَصْبَحَتْ دَعَتْ بِرِجَالٍ مِنْ قَوْمِهَا، وَأَشْهَدَتْهُمْ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا، خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ، ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ الْقَتْلَى، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِهَذَا الْخَبَرِ تَعَلَّقَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الشَّهِيدَ يُغَسَّلُ إذَا كَانَ جُنُبًا، انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْوَاقِدِيِّ صَحِيحٌ، نَقَلَهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْهُ فِي "الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ حَنْظَلَةَ"5، وَزَادَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنِّي رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، بِمَاءِ الْمُزْنِ، فِي صِحَافِ الْفِضَّةِ"، قَالَ أَبُو أَسِيد السَّاعِدِيُّ: فَذَهَبْنَا إلَيْهِ، فَوَجَدْنَاهُ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، فَرَجَعْت، فَأَخْبَرْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَ إلَى زَوْجَتِهِ، فَذَكَرَتْ أَنَّهُ خَرَجَ، وَهُوَ جُنُبٌ، انْتَهَى. وَلَفْظُ الْوَاقِدِيِّ فِي "كِتَابِ الْمَغَازِي"، قَالَ: وَكَانَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ، تَزَوَّجَ جَمِيلَةَ بِنْتَ6 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، وَدَخَلَ عَلَيْهَا لَيْلَةَ قِتَالِ أُحُدٍ، بَعْدَ أَنْ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَصْبَحَ جُنُبًا، وَأَخَذَ سِلَاحَهُ، وَلَحِقَ بِالْمُسْلِمِينَ، وَأَرْسَلَتْ إلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ قَوْمِهَا، فَأَشْهَدَتْهُمْ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِهَا، فَسَأَلُوهَا، فَقَالَتْ: رَأَيْت فِي لَيْلَتِي، كَأَنَّ السَّمَاءَ فُتِحَتْ، ثُمَّ أُدْخِلَ، وَأُغْلِقَتْ دُونَهُ، فَعَرَفَتْ أَنَّهُ مَقْتُولٌ مِنْ الْغَدِ، وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، فَلَمَّا انْكَشَفَ الْمُشْرِكُونَ، اعْتَرَضَ حَنْظَلَةُ لِأَبِي سُفْيَانَ، يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَحَمَلَ
2 "المستدرك" ص 204 ج 3، ومن طريقه البيهقي: ص 150 ج 4.
3 الهائعة، كذا في "المستدرك والسيرة" لابن هشام. والبيهقي، وفي السهيلي: الهاتفة، وفي "التلخيص" الهاتف.
4 قوله ليس عنده، لا أدري ما المراد، لأن السؤال عن الصحابة موجود في الحديث.
5 لم أجد في "الطبقات" ترجمة حنظلة بن أبي عامر، والله أعلم.
6 كذا في "الطبقات" ص 279 ج 8 "يعني جميلة بنت عبد الله بن أبيّ ابن سلول" بخلاف ما عند السهيلي.
عَلَيْهِ الْأَسْوَدُ بْنُ شَعُوبٍ بِالرُّمْحِ، فَقَتَلَهُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إنِّي رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، بِمَاءِ الْمُزْنِ، فِي صِحَافِ الْفِضَّةِ"،قَالَ أَبُو أَسِيد السَّاعِدِيُّ: فَذَهَبْنَا، فَنَظَرْنَا إلَيْهِ، فَإِذَا رَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً، قَالَ أَبُو أَسِيد: فَرَجَعْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَرْسَلَ إلَى امْرَأَتِهِ، فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ خَرَجَ، وَهُوَ جُنُبٌ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ1 عَنْ الْحَجَّاجِ2 عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُصِيبَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ الْوَاهِبِ، وَهُمَا جُنُبَانِ، فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام:"إنَّى رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُمَا" انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سننه3" من حديث أبو شَيْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بِهِ، نَحْوَهُ، وَالسَّنَدَانِ ضَعِيفَانِ، وَخَبَرُ حَمْزَةَ ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ رحمه الله فِي "الْمَغَازِي"، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُ حَمْزَةَ، لِأَنَّهُ كَانَ جُنُبًا ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَمْ يُغَسِّلْ الشُّهَدَاءَ"، وَقَالَ:"لُفُّوهُمْ بِدِمَائِهِمْ، وَجِرَاحِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُجْرَحُ فِي اللَّهِ، إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ"، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيَدٍ: فَرَوَاهُ ابْنُ إسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي4" حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيَدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إنَّ صَاحِبَكُمْ "يَعْنِيَ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ" لَتُغَسِّلُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَاسْأَلُوا أَهْلَهُ مَا شَأْنُهُ؟ " فَقَالَتْ: إنَّهُ خَرَجَ، وَهُوَ جُنُبٌ حِين سَمِعَ الْهَائِعَةَ، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ إسْحَاقَ، رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ"، وَذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي "السِّيرَةِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ" مِنْ قَوْلِ ابْنِ إسْحَاقَ، لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ حِينَ سَمِعَ الْهَائِعَةَ، قَالَ: وَيُقَالُ: الْهَائِعَةُ، وَالْهَيْعَةُ: وَهِيَ الصَّوْتُ الشَّدِيدُ عِنْدَ الْفَزَعِ، قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "خَيْرُ النَّاسِ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعَنَانِ فَرَسِهِ، إذَا سَمِعَ هَيْعَةً طَارَ إلَيْهَا"، انْتَهَى. وَأَحْمَدُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنهما، فِي الْجُنُبِ يُغَسَّلُ، وَمَالِكٌ. وَالشَّافِعِيُّ رضي الله عنهما، مَعَ الصَّاحِبَيْنِ رحمهم الله.
1 أخرج الحاكم في "المستدرك" ص 195 ج 3 عن ابن عباس، قال: قتل حمزة رضي الله عنه جنباً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"غسلته الملائكة"، قال: صحيح، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي في "مختصره" فقال: معلى بن عبد الرحمن الواسطي هالك، اهـ، وابن سعد في "الطبقات" ص 9 ج 3 الجزء الأول أخبرنا محمد ابن عبد الله الأنصاري حدثني أشعث، قال: سئل الحسن أيغسل الشهداء؟ قال: نعم، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيت الملائكة تغسل حمزة"، اهـ.
2 قال الحافظ في "التلخيص" ص 59: في إسناد الطبراني حجاج، وهو مدلس.
3 البيهقي: ص 15 ج 4، وقال: أبو شيبة ضعيف.
4 ورواه البيهقي في "السنن" ص 15 ج 4 عن ابن إسحاق عن عاصم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث، وقال: مرسل، وذكره ابن هشام في "السيرة" ص 133 ج 2، بلا إسناد.
وَأَمَّا الْمُرْسَلُ: فَرَوَاهُ الْإِمَامُ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ السَّرَقُسْطِيُّ فِي "آخِرِ كِتَابِهِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: خَرَجَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ رضي الله عنه مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ وَاقَعَ امْرَأَتَهُ فَخَرَجَ، وَهُوَ جُنُبٌ لَمْ يَغْتَسِلْ، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ لَقِيَ حَنْظَلَةَ، أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ، فَسَقَطَ أَبُو سُفْيَانَ عَنْ فَرَسِهِ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ حَنْظَلَةُ، وَقَعَدَ عَلَى صَدْرِهِ يَذْبَحُهُ، فَمَرَّ بِهِ جَعْوَنَةُ بْنُ شَعُوبٍ الْكِنَانِيُّ، فَاسْتَغَاثَ بِهِ أَبُو سُفْيَانَ، فَحَمَلَ عَلَى حَنْظَلَةَ، فَقَتَلَهُ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ، وَيَقُولُ:
لَأَحْمِيَنَّ صَاحِبِي وَنَفْسِي
…
بِطَعْنَةٍ مثل شعاع الشمس
انتهى.
وَقَوْلُهُ: وَشُهَدَاءُ أُحُدٍ مَاتُوا عِطَاشًا، وَالْكَأْسُ تُدَارُ عَلَيْهِمْ، خَوْفًا مِنْ نُقْصَانِ الشَّهَادَةِ، قُلْت: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الْإِيمَانِ" فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ثَنَا عُثْمَانُ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حَسَنَيْنِ1، حَدَّثَنِي ابْنُ سَابِطٍ. وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: انْطَلَقْتُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَطْلُبُ ابْنَ عَمِّي، وَمَعِي شَنَّةٌ مِنْ مَاءٍ، فَقُلْت: إنْ كَانَ بِهِ رَمَقٌ سَقَيْته مِنْ الْمَاءِ، وَمَسَحْت بِهِ وَجْهَهُ، فَإِذَا بِهِ يَنْشَعُ2، فَقُلْت: أَسْقِيك؟ فَأَشَارَ: أَنْ نَعَمْ، فَإِذَا رَجُلٌ، يَقُولُ: آهْ فَأَشَارَ ابْنُ عَمِّي: أَنْ انْطَلِقْ بِهِ إلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ، أَخُو عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَأَتَيْته، فَقُلْت: أَسْقِيك؟ فَسَمِعَ آخَرَ، يَقُولُ آهْ، فَأَشَارَ هِشَامٌ: أَنْ انْطَلِقْ بِهِ إلَيْهِ، فَجِئْت، فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ، فَرَجَعْت إلَى هِشَامٍ، فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ، فَرَجَعْت إلَى ابْنِ عَمِّي، فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ، انْتَهَى. وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعُمَرِيُّ3 ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ الْقُشَيْرِيُّ حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ. وَعِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ. وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ أُثْبِتُوا يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، فَدَعَا الْحَارِثُ بِمَاءٍ يشربه فنظر إليه عِكْرِمَةَ، فَقَالَ: ارْفَعُوهُ إلَى عِكْرِمَةَ، فَرَفَعُوهُ إلَيْهِ، فَنَظَرَ إلَيْهِ عَيَّاشٌ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: ارْفَعُوهُ إلَى عَيَّاشٍ، فَمَا وَصَلَ إلَى عَيَّاشٍ، وَلَا إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، حَتَّى مَاتُوا وَمَا ذَاقُوا، انْتَهَى. وَهَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ
1 هكذا في نسختي "الدار" وكان قبله في المطبوع "حسين" وفي بعض النسخ "حنين" ولعل الذي أدرجناه الآن في الصلب هو الصحيح "البجنوري".
2 في "أقرب الموارد" نشع الرجل نشوعاً: كرب من الموت، ثم نجا، ونشعاً: شهق. ولعل الثاني هو المراد "البجنوري".
3 في نسخة الدار "المعمري""البجنوري".