الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَتَهَيَّأْ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَيُؤَخِّرُوهَا إلَى أَنْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ، وَاحْتَجُّوا بِتَأْخِيرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ إنَّمَا شُرِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ النَّوَوِيُّ "فِي شَرْحِهِ": قِيلَ: إنَّهَا شُرِعَتْ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَهِيَ سَنَةَ خَمْسٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ: إنَّهَا شُرِعَتْ فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي طُرُقِ الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ صَلَاةَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ1، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفَيْهِمَا". وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ". والدرامي فِي "سُنَنِهِ". وَالشَّافِعِيُّ. وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدَيْهِمَا"، كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَذَكَرَهُ، إلَى أَنْ قَالَ: ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي "الشِّفَا": وَالصَّحِيحُ أَنَّ حَدِيثَ الْخَنْدَقِ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ، فَهِيَ نَاسِخَةٌ، انْتَهَى.
1النسائي في "باب الأذان للفائت من الصلوات" ص 107 من حديث أبي سعيد، والطحاوي: ص 190، والدارمي: ص 188، وأحمد: ص 25 ج 3، وص 49 ج 3، وص 68 ج 3، والطيالسي: ص 295.
بَابُ الْجَنَائِزِ
قَوْلُهُ: إذَا اُحْتُضِرَ الرَّجُلُ وُجِّهَ إلَى الْقِبْلَةِ، عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ، وَالْمُخْتَارُ فِي بِلَادِنَا الِاسْتِلْقَاءُ، لِأَنَّهُ أَيْسَرُ، وَالْأَوَّلُ هُوَ السُّنَّةُ، قُلْت: لَمْ أَجِدْ لَهُ شَاهِدًا وَيَسْتَأْنِسُ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ2 عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، وَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إلَيْكَ"، الْحَدِيثَ، أَخْرَجَاهُ فِي "الدُّعَاءِ"، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ فِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا آوَى إلَى فِرَاشِهِ. نَامَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ إنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إلَيْكَ"، الْحَدِيثَ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ". وَالنَّسَائِيُّ فِي "الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" مِنْ فِعْلِهِ عليه السلام عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الرَّبِيعِ ابْنِ أَخِي الْبَرَاءِ، عَنْ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ، وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى تَحْتَ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ. الْحَدِيثَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "الشَّمَائِلِ"، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْقِبْلَةِ.
2 البخاري في "الوضوء في باب من بات على الوضوء" ص 38، ومن فعله في الدعاء "باب النوم على الشق الأيمن" ص 934، ومسلم في "باب الدعاء عند النوم" ص 348 ج 2، وابن ماجه في "الدعاء في باب ما يدعو به إذا آوى إلى فراشه" ص 285، وليس فيه متعلق، والترمذي في "الشمائل في باب صفة نوم النبي صلى الله عليه وسلم" ص 18.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"1 عَنْ أُمِّ سَلْمَى، قَالَتْ: اشْتَكَتْ فَاطِمَةُ شَكْوَاهَا الَّذِي قُبِضَتْ فِيهِ، فَكُنْتُ أُمَرِّضُهَا، فَأَصْبَحَتْ يَوْمًا، كَأَمْثَلِ مَا رَأَيْتُهَا، وَخَرَجَ عَلِيٌّ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقَالَتْ: يَا أُمَّهْ، اُسْكُبِي لِي غُسْلًا، فَاغْتَسَلَتْ، كَأَحْسَنِ مَا رَأَيْتُهَا تَغْتَسِلُ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أُمُّهُ، أَعْطِنِي ثِيَابِي الْجُدُدَ، فَأَعْطَيْتهَا، فَلَبِسَتْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أُمَّهْ، قَدِّمِي لِي فِرَاشِي وَسَطَ الْبَيْتِ، فَفَعَلْتُ، وَاضْطَجَعَتْ، فَاسْتَقْبَلَتْ الْقِبْلَةَ، وَجَعَلَتْ يَدَهَا تَحْتَ خَدِّهَا، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أُمَّهْ، إنِّي مَقْبُوضَةٌ الْآنَ، وَقَدْ تَطَهَّرْتُ، فَلَا يَكْشِفْنِي أَحَدٌ، فَقُبِضَتْ مَكَانَهَا، انْتَهَى. وَسَنَدُهُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ2 بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلْمَى، فَذَكَرَهُ، سَوَاءً، بِزِيَادَةٍ: قَالَتْ: فَجَاءَ عَلِيٌّ فَأَخْبَرْتُهُ، انْتَهَى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرَكَانِيُّ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ بِهِ، نَحْوَهُ، هَكَذَا وَقَعَ فِي "مُسْنَدِ أُمِّ سَلْمَى"، وَصَوَابُهُ: سَلْمَى، قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي رَتَّبَ فِيهِ أَسْمَاءَ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ" عَلَى الْحُرُوفِ: الصَّوَابُ سَلْمَى، وَهِيَ زَوْجَةُ أَبِي رَافِعٍ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَهَا، بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ، حَدِيثَيْنِ فِي الْمُسْنَدِ، وَسَمَّاهَا سَلْمَى، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": أَبُو رَافِعٍ، مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم احْتَوَشَتْهُ امرأتان، كل واحدة منها، اسْمُهَا "سَلْمَى" إحْدَاهُمَا: أُمُّهُ. وَالْأُخْرَى: زَوْجَتُهُ، فَأُمُّهُ سَلْمَى، مَوْلَاةِ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ خَادِمًا لَهُ، رَوَى جارية بن محمد بن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ"، وَأَمَّا زَوْجَتُهُ سَلْمَى، فَهِيَ مَوْلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، شَهِدَتْ خَيْبَرَ، وَوَلَدَتْ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ، كَاتِبَ عَلِيٍّ رضي الله عنه، انْتَهَى.
وَفِي حَاشِيَةٍ عَلَيْهِ: وَلِأَبِي رَافِعٍ امْرَأَةٌ أُخْرَى اسْمُهَا "سَلْمَى" تَابِعِيَّةٌ، لَا صُحْبَةَ لَهَا، وَرَوَى عَنْهَا الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ، ذَكَرَهَا ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَدِيثَ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْمَوْضُوعَاتِ"، وَفِي "الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ" مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيِّ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أمه سلمى، فذكره بفظ أَحْمَدَ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: فَجَاءَ عَلِيٌّ رضي الله عنه، فَأُخْبِرَ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا يَكْشِفُهَا أَحَدٌ، فَدَفَنَهَا بِغُسْلِهَا ذَلِكَ، انْتَهَى. قَالَ فِي "الْمَوْضُوعَاتِ": وَقَدْ رَوَاهُ نُوحُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَيْضًا، قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، أَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ فَمَجْرُوحٌ، شَهِدَ بِكَذِبِهِ مَالِكٌ. وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ. وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: يُحَدِّثُ عَنْ الْمَجْهُولِينَ بِأَحَادِيثَ بَاطِلَةٍ، وَأَمَّا عَاصِمٌ، فَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ فِيهِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا نُوحُ بْنُ يَزِيدَ. وَالْحَكَمُ، فَكِلَاهُمَا شِيعِيٌّ، وَأَيْضًا فَالْغُسْلُ
1 ص 461 ج 6.
2قلت: في "المسند" عبد الله بن علي بن أبي رافع، عن أبيه، فليراجع.
إمَّا أَنْ يَكُونَ لِحَدَثِ الْمَوْتِ، فَكَيْفَ تَغْتَسِلُ قَبْلَ الْحَدَثِ؟! هَذَا مِمَّا لَا يُنْسَبُ إلَى عَلِيٍّ. وَفَاطِمَةَ، بَلْ يُنَزَّهُونَ عَنْ مِثْلِ هَذَا، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ قَالَ فِي "الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ"، إلَّا أَنَّهُ زَادَ: ثُمَّ إنَّ أَحْمَدَ. وَالشَّافِعِيَّ يَحْتَجَّانِ فِي جَوَازِ غُسْلِ الرَّجُلِ زَوْجَتِهِ، بِأَنَّ عَلِيًّا غَسَّلَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها، رَدًّا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ". وَنُوحُ بْنُ يَزِيدَ هُوَ الْمُؤَدِّبُ، صَدُوقٌ ثِقَةٌ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَمَاهُ بِالتَّشَيُّعِ، وَالْحَكَمُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: قَدَرِيٌّ صَدُوقٌ، انْتَهَى.
قُلْت: وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. وَمُنْقَطِعٍ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ هَيْئَةُ الِاضْطِجَاعِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّ فَاطِمَةَ لَمَّا حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ، أَمَرَتْ عَلِيًّا فَوَضَعَ لَهَا غُسْلًا، فَاغْتَسَلَتْ، وَتَطَهَّرَتْ، وَدَعَتْ بِثِيَابِ أَكْفَانِهَا، فَلَبِسَتْهَا، وَمَسَّتْ مِنْ الْحَنُوطِ، ثُمَّ أَمَرَتْ عَلِيًّا أَنْ لَا تُكْشَفَ إذَا هِيَ قُبِضَتْ، وَأَنْ تُدْرَجَ كَمَا هِيَ فِي أَكْفَانِهَا، فَقُلْت لَهُ: هَلْ عَلِمْت أَحَدًا فَعَلَ نَحْوَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ1، وَكَتَبَ فِي أَطْرَافِ أَكْفَانِهِ: يَشْهَدُ كَثِيرُ بن عباس أن لاإله إلَّا اللَّهُ انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" وَالْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي غُسْلِ عَلِيٍّ لِفَاطِمَةَ، رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "كِتَابِ الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها"، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ ثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْمَخْزُومِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أُمِّهِ، أُمِّ جَعْفَرٍ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: يَا أَسْمَاءُ إنِّي أَسْتَقْبِحُ مَا يُفْعَلُ بِالنِّسَاءِ، إنَّهُ يُطْرَحُ عَلَى الْمَرْأَةِ الثَّوْبُ فَيَصِفُهَا، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَلَا أُرِيك شَيْئًا رَأَيْتُهُ بِالْحَبَشَةِ؟ فَدَعَتْ بِجَرَائِدَ رَطْبَةٍ فَلَوَتْهَا، ثُمَّ طَرَحَتْ عَلَيْهَا ثَوْبًا، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ، يُعْرَفُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ الرَّجُلِ، فَإِذَا أَنَا مِتَّ فَاغْسِلِينِي أَنْتِ. وَعَلِيٌّ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ غَسَّلَهَا عَلِيٌّ. وَأَسْمَاءُ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"2 عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ فَاطِمَةَ أَوْصَتْ أَنْ يُغَسِّلَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ. وَأَسْمَاءُ، فَغَسَّلَاهَا، وَيُنْظَرُ. وَاسْتَدَلَّ النَّوَوِيُّ أَيْضًا فِي "الْخُلَاصَةِ" لِلشَّافِعِيِّ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ3، وَأَحْمَدُ، والدارقطني، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِمَا" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْبَقِيعِ، وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي، وَأَقُولُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ: بَلْ أَنَا يَا عَائِشَةُ، "وَارَأْسَاهُ"، ثُمَّ قَالَ: "مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتَّ قَبْلِي،
1 كثير بن عباس، راجع له البخاري: ص 142 أنه صحابي صغير.
2 الدارقطني: ص 194، والبيهقي: ص 396 ج 3، قال في "الجوهر": في مسنده من يحتاج إلى كشف حاله، اهـ
3 ابن ماجه في "الجنازة في باب غسل الرجل امرأته" ص 107، وأحمد: ص، والدارقطني: ص 192، والبيهقي: ص 396 ج 3، قال النووي في "شرح المهذب" ص 133 ج 5: إسناده ضعيف، فيه محمد بن إسحاق صاحب المغازي، وهو مدلس، وإذا قال المدلس: عن، لا يحتج به، اهـ
فَغَسَّلْتُكِ. وَكَفَّنْتُكِ. وَصَلَّيْتُ عَلَيْك. وَدَفَنْتُكِ؟، انْتَهَى. وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ. فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يَقْتَضِي الْمُبَاشَرَةَ، فَقَدْ يَأْمُرُ بِغُسْلِهَا. الثَّانِي: أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَقَدْ عَنْعَنَ، انْتَهَى. وَاسْتَشْهَدَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"1 عَنْ نُعَيْمِ عن حماد بن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حين قدم الْمَدِينَةِ، سَأَلَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، فَقَالُوا: تُوُفِّيَ، وَأَوْصَى أَنْ يُوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَصَابَ الْفِطْرَةَ"، ثُمَّ ذَهَبَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَا أَعْلَمُ فِي تَوْجِيهِ الْمُحْتَضَرِ غَيْرَهُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْبَابِ غَيْرَهُ، وَهَذَا الِاسْتِشْهَادُ غَيْرُ طَائِلٍ، إذْ لَيْسَ فِيهِ التَّوْجِيهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ، وَإِنَّمَا فِيهِ مُجَرَّدُ التَّوْجِيهِ فَقَطْ، وَمُجَرَّدُ التَّوْجِيهِ فِيهِ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْوَصَايَا". وَالنَّسَائِيُّ فِي "الْمُحَارَبَةِ" عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ أَبَاهُ عُمَيْرَ بْنَ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ، وَكَانَ لَهُ صُحْبَةٌ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ:"هُنَّ تِسْعٌ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ. وَالسِّحْرُ. وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ. وَأَكْلُ الرِّبَا. وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ. وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ. وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ. وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ. وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ، أَحْيَاءً. وَأَمْوَاتًا"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"2، وَقَالَ: رِجَالُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي "الصَّحِيحِ"، إلَّا عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ سِنَانٍ، انْتَهَى. وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سِنَانٍ حِجَازِيٌّ، لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيّ3 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ثَنَا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ ثَنَا طَيْسَلَةُ، سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ عَنْ الْكَبَائِرِ، فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "هُنَّ سَبْعٌ"، فَذَكَرَهُ، وَرَوَاهُ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ" عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيِّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَهُ، وَمَدَارُهُ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ، قَاضِي الْيَمَامَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَمَشَّاهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَقَالَ: إنَّهُ مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، انْتَهَى. وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ شَاهِينَ فِي "كِتَابِ الْجَنَائِزِ" لَهُ بَابٌ فِي تَوْجِيهِ الْمُحْتَضَرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ
1 "المستدرك" ص 354، والبيهقي: ص 384 ج 3، وفي "الحصن الحصين" ص 178، بلفظ:"فإذا حضره الموت وجه إلى القبلة" عزاه إلى "المستدرك" فليراجع.
2 الحاكم في "المستدرك" ص 59، وص 259 ج 4، وصححه، ولم يذكر السحر، وأبو داود في "الوصايا في باب التشديد في أكل مال اليتيم" ص 41 ج 2، والنسائي في "المحاربة في باب ذكر الكبائر" ص 164 ج 2، مختصراً، والبيهقي: ص 408 ج 3.
3 أخرجه البغوي في "الجعديات" وفي سنده طيسلة، وهو ابن علي، وأخرجه البيهقي: ص 409 ج 3 عن حسين بن محمد عن أيوب بن عتبة.
غَيْرَ أَثَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، قَالَ: يُسْتَقْبَلُ بِالْمَيِّتِ الْقِبْلَةُ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ نَحْوَهُ، بِزِيَادَةِ: عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، مَا عَلِمْتُ أَحَدًا تَرَكَهُ مِنْ مَيِّتِهِ، انْتَهَى1.
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الْخُدْرِيِّ. وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَائِشَةَ. وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. وَوَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ. وَابْنِ عُمَرَ2.
أَمَّا حَدِيثُ الْخُدْرِيِّ: فَأَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ3 إلَّا الْبُخَارِيَّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ"، انْتَهَى. أَخْرَجُوهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْهُ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ" فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا عَزَاهُ لِأَبِي دَاوُد4. وَالْحَاكِمِ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ"، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ5 عَنْهُ مَرْفُوعًا، نَحْوَهُ، سَوَاءً، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ6 فِي "كِتَابِ الدُّعَاءِ" لَهُ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي "ضُعَفَائِهِ"، وَأَعَلَّهُ بِعَبْدِ الْوَهَّابِ، وَأَسْنَدَ عَنْ وَكِيعٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ مُجَاهِدٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: ذَكَرَهُ أَبِي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ وَكِيعٌ: ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْته مِنْ أَبِيك؟ قَالَ: فَذَهَبَ وَتَرَكَنِي، انْتَهَى.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ" بِغَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ فِيهِ: كَانَ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يَرَهُ، وَيُجِيبُ عَنْ كُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ، فَاسْتَحَقَّ النزاع، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَرْمِيهِ بِالْكَذِبِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ7 أَيْضًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ
1 ولأحمد. والنسائي. والترمذي من حديث عبد الله بن زيد، كان إذا نام وضع يده اليمنى تحت خده، وفي الباب عن ابن مسعود، عند النسائي. والترمذي. وابن ماجه، وعن حفصة، عن أبي داود، وعن حذيفة، عند الترمذي، وعن أبي قتادة، رواه الحاكم. والبيهقي في "الدلائل" بلفظ: كان إذا عرّس، وعليه ليل توسد يمينه، وأصله في مسلم "تلخيص" ص 152.
2 وابن مسعود، عند الطبراني، قال في "الزوائد" ص 323 ج 2: إسناده حسن، اهـ.
3 مسلم في "أوائل الجنائز" ص 300، وأبو داود في "باب التلقين" ص 88 ج 2، والنسائي في "باب تلقين الميت" ص 258، والترمذي في "باب تلقين المريض" ص 117، وابن ماجه في "باب تلقين الميت" ص 105.
4 أبو داود في "الجنائز في باب التلقين" ص 88 ج 2.
5 مسلم في "أوائل الجنائز" ص 300، وابن ماجه في "باب تلقين الميت" ص 105.
6 قال الهيثمي في "الزوائد" ص 323 ج 2: رواه البزار، وفيه عبد الوهاب بن مجاهد، وهو ضعيف، اهـ.
7 حديث عائشة، رواه النسائي في "الجنائز في باب تلقين الميت" ص 259 عن إبراهيم بن يعقوب بإسناده.
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ عن يَعْقُوبَ الْجُوزَجَانِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ ثَنَا وُهَيْبٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، مَرْفُوعًا، نَحْوَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ وَاثِلَةَ: فَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ مَكْحُولٍ" مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي مُعَاذٍ عُتْبَةَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اُحْضُرُوا مَوْتَاكُمْ، وَلَقِّنُوهُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَبَشِّرُوهُمْ بِالْجَنَّةِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ مِنْ ابْنِ آدَمَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَصْرَعِ، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَمُوتُ عَبْدٌ حَتَّى يَأْلَمَ كُلُّ عِرْقٍ مِنْهُ عَلَى حِيَالِهِ"، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ شَاهِينَ فِي "كِتَابِ الْجَنَائِزِ" لَهُ، وَهُوَ مُجَلَّدٌ وَسَطٌ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ السَّبِيعِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نَجْدَةَ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ ثَنَا حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي عَاصِمٌ. وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا:"لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مُسْلِمٌ يَقُولُهَا عِنْدَ الْمَوْتِ إلَّا أَنْجَاهُ اللَّهُ مِنْ النَّارِ"، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ1"،
قَوْلُهُ: "فَإِذَا مَاتَ شُدَّ لَحْيَاهُ وَغُمِّضَ عَيْنَاهُ"، بِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُثُ، قُلْت: تَغْمِيضُ الْبَصَرِ، فِيهِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ2" عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ. فَأَغْمَضَهُ، فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ:"لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ"، ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، رَبَّ الْعَالَمِينَ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ3" عَنْ قَزَعَةَ بْنِ سُوَيْد عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ، فَأَغْمِضُوا الْبَصَرَ، فَإِنَّ الْبَصَرَ يَتْبَعُ الرُّوحَ، وَقُولُوا خَيْرًا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْبَيْتِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَقَالَ: لَا يُعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ إلَّا قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْد، وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، لَمْ يَكُنْ بِالْقَوِيِّ، وَاحْتَمَلُوا حَدِيثَهُ، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ" بِقَزَعَةَ، وَقَالَ: إنَّهُ كَانَ كَثِيرَ الْخَطَأِ، فَاحِشَ الْوَهْمِ، حَتَّى كَثُرَ ذَلِكَ فِي رِوَايَتِهِ، فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ شَدِّ اللَّحْيَيْنِ غَرِيبٌ.
1 ابن ماجه في "سننه" ص 105 مع زيادة.
2 مسلم في "أوائل الجنائز" ص 300، والطبراني في "الأوسط" عن أبي بكرة، إلا أن فيه مجهول، قاله في "الزوائد" ص 330.
3 ابن ماجه في "الجنائز في باب ما جاء في تغميض الميت" ص 106، وأحمد: ص 125 ج 4، و"المستدرك ص 352 ج 1.