المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كَمَثَلِ مَنْ أَنْفَقَ نَبَهْرَجًا وَدَلَّسَهُ؟، فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْرِفُونَ - نصب الراية - جـ ٢

[الجمال الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌فصل في القراءة

- ‌باب الإِمامة

- ‌بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْوِتْرِ

- ‌بَابُ النَّوَافِلِ

- ‌فَصْلٌ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌باب إدراك الفريضة

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌بَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّكْفِينِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌فَصْلٌ فِي حمل الجنائز

- ‌فَصْلٌ فِي الدَّفْنِ

- ‌بَابُ الشَّهِيدِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

- ‌كِتَابُ الزكاة

- ‌مقدمة

- ‌بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَقَرِ

- ‌فَصْل فِي الْغَنَمِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْخَيْلِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْفِضَّةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الذَّهَبِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْعُرُوضِ

- ‌بَابٌ فِيمَنْ يَمُرُّ عَلَى الْعَاشِرِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ

- ‌بَابٌ زَكَاةُ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ

- ‌بَابٌ صَدَقَةُ الْفِطْرِ

- ‌فَصْلٌ فِي مِقْدَارِ الْوَاجِبِ وَوَقْتِهِ

- ‌كتاب الصوم

- ‌مقدمة

- ‌بَابُ الِاعْتِكَافِ

الفصل: كَمَثَلِ مَنْ أَنْفَقَ نَبَهْرَجًا وَدَلَّسَهُ؟، فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْرِفُونَ

كَمَثَلِ مَنْ أَنْفَقَ نَبَهْرَجًا وَدَلَّسَهُ؟، فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْرِفُونَ الصَّحِيحَ مِنْ السَّقِيمِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لِلنُّقَّادِ، فَإِذَا أَوْرَدَ الْحَدِيثَ مُحْدِثٌ، وَاحْتَجَّ بِهِ حَافِظٌ لَمْ يَقَعْ فِي النُّفُوسِ إلَّا أَنَّهُ صَحِيحٌ، ولكن عَصَبِيَّةٌ، وَمَنْ نَظَرَ فِي "كِتَابِهِ" الَّذِي صَنَّفَهُ فِي الْقُنُوتِ، وَ"كِتَابِهِ" الَّذِي صَنَّفَهُ فِي الْجَهْرِ، وَمَسْأَلَةِ الْغَيْمِ، وَاحْتِجَاجِهِ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي يَعْلَمُ بُطْلَانَهَا، اطَّلَعَ عَلَى فَرْطِ عَصَبِيَّتِهِ، وَقِلَّةِ دِينِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ أَحَادِيثَ أُخْرَى، كُلَّهَا عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ حَتَّى مَاتَ، وَطَعَنَ فِي أَسَانِيدِهَا.

حَدِيثٌ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوِتْرِ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، قَالَتْ كُنَّا نَعُدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنْ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ. وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهِنَّ إلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيُمَجِّدُهُ، وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد ما يُسَلِّمُ، وَهُوَ قَاعِدٌ، وَفِي لَفْظٍ: كَانَ يُصَلِّي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، قَامَ فَرَكَعَ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": وَرُوِيَتْ صَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ2. وَأَنَسٍ. وَأُمِّ سَلَمَةَ. وَثَوْبَانَ، وَمُعْظَمُهَا ضَعِيفٌ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام فَعَلَهُ مَرَّةً، أَوْ مَرَّاتٍ، لِبَيَانِ الْجَوَازِ، فَإِنَّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةَ عَنْ عَائِشَةَ. وَخَلَائِقَ مِنْ الصَّحَابَةِ، أَنَّ آخِرَ صَلَاتِهِ فِي اللَّيْلِ، كَانَ وِتْرًا، مَعَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ اللَّيْلَ وِتْرًا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى كَلَامُهُ.

1 في "صلاة الليل" ص 256، واللفظ الآخر في: ص 254، وأبو داود: ص 196.

2 أخرج الطحاوي: ص 202 من حديث عائشة. وأنس. وثوبان. وأبي أمامة، والدارقطني: ص 179 من حديث أنس، وأحمد: ص 260 من حديث أبي أمامة، والدارمي: ص 198، والدارقطني: ص 177 من حديث ثوبان، ومن حديث أم سلمة.

3 أخرجه البخاري في "الوتر" في: ص 136، ومسلم في "باب صلاة الليل" ص 257.

ص: 137

‌بَابُ النَّوَافِلِ

الْحَدِيثُ السَّابِعُ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ" وَفَسَّرَهَا الْمُصَنِّفُ، وَقَالَ: إنَّهَا مُفَسَّرَةٌ فِي الْحَدِيثِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَ، وَهِيَ: رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَانِ، وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا. وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الْعَصْرِ فِي الْحَدِيثِ، فَلِهَذَا سَمَّاهُ فِي الْأَصْلِ حَسَنًا، وَخُيِّرَ لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ، وَالْأَفْضَلُ هُوَ الْأَرْبَعُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَلِهَذَا كَانَ مُسْتَحَبًّا،

ص: 137

لِعَدَمِ الْمُوَاظَبَةِ، وَذَكَرَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَفِي غَيْرِهِ ذَكَرَ الْأَرْبَعَ، فَلِهَذَا خُيِّرَ، إلَّا أَنَّ الْأَرْبَعَ أَفْضَلُ، خُصُوصًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. قُلْت: رَوَى الْجَمَاعَةُ1 إلَّا الْبُخَارِيَّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:"مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، إلَّا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ"، انْتَهَى. لِمُسْلِمٍ. وَأَبِي دَاوُد. وَابْنِ مَاجَهْ. وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ. وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، انْتَهَى. وَلِلنَّسَائِيِّ فِي رِوَايَةٍ: وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ، بَدَلَ: وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، رَوَاهُ عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ بِسَنَدِهِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ". وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجْهُ، انْتَهَى. وَجَمَعَ الْحَاكِمُ فِي لَفْظٍ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، فَقَالَ فِيهِ: وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي "مُعْجَمِهِ".

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ2. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، مِنْ السُّنَّةِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ: أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ. وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا. وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ. وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ،" انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3 عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ صَلَّى فِي يوم اثنتي عَشْرَةَ رَكْعَةً، بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ: رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ. وَأَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ. وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ. وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ. وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ"، انْتَهَى. وَضَعَّفَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ هَذَا، وَقَالَ: إنَّهُ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى. فَصَحَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: إنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَقَوْلُهُ: وَخُيِّرَ لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ "يَعْنِي خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا، أَوْ رَكْعَتَيْنِ"، لِأَنَّ الْآثَارَ

1 أخرجه مسلم في "باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض" ص 251، وأبو داود في "باب تفريع أبواب التطوع، وركعات السنة" ص 185، وابن ماجه في "باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة" ص 81، والترمذي في "باب من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة من السنة" ص 56، وكذا النسائي في "آخر قيام الليل" ص 256، وكذا الحاكم في: ص 311 ج 1.

2 تقدم ذكر المواضع منها في حديث أم حبيبة.

3 وروى النسائي في "أواخر الوتر" ص 257 إلى قوله: بيتاً في الجنة، وضعفه.

ص: 138

اخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ، فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد1. وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللَّهُ امرءً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَابْنُ خُزَيْمَةَ، ثُمَّ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صحيحهما"، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَالْمُرَادُ أَنَّهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ، لِمَا جَاءَ فِي خَبَرِ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى"، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلنَّسَائِيِّ. وَابْنِ حِبَّانَ. وَالْحَاكِمِ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ: وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ2. وَأَحْمَدُ، وَقَالَا: أَرْبَعًا، عِوَضَ: رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَاخْتَارَ إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَنْ لَا يَفْصِلَ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ "يَعْنِي قَوْلَهُ: يَفْصِلُ التَّسْلِيمَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ": يَعْنِي التَّشَهُّدَ3، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ ابْنِ حِبَّانَ، إنَّهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ، وَأَعَادَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "آخِرِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ تَطَوُّعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّهَارِ"، وَزَادَ فِيهَا: يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَالنَّبِيِّينَ، وَالْمُرْسَلِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَإِنَّمَا ضَعَّفَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ أَجْلِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ ثِقَةٌ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: قَالَ سُفْيَانُ: كُنَّا نَعْرِفُ فَضْلَ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ على حَدِيثِ الْحَارِثِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَفِي عَاصِمٍ مَقَالٌ، وَصَحَّ قَوْلُهُ أَيْضًا: وَذَكَرَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ ذَكَرَ الْأَرْبَعَ، عَزَى إلَى سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، كَانَ كَأَنَّمَا تَهَجَّدَ مِنْ لَيْلَتِهِ، وَمَنْ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ الْعِشَاءِ، كَانَ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ ، كَانَ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ،" وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ4. والدارقطني مِنْ قَوْلِ كَعْبٍ. وَرَوَى إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ في "مسنده 5"

1 في "باب الصلاة قبل العصر" ص 187، والترمذي في "باب الأربع قبل العصر" ص 58، وأحمد: ص 117 ج 2، والبيهقي: ص 473 ج 2.

2 في "باب كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتطوع بالنهار" ص 77، وأحمد في "مسنده" ص 85 ج 1، والدارقطني: ص 194، والنسائي قبيل "كتاب الافتتاح" ص 140.

3 أخرج الدارقطني في "السنن" ص 140 حديث أبي سعيد، وفي آخره: وفي كل ركعتين، فسلم، ثم قال: قال: أبو حنيفة "يعني التشهد".

4 أخرجه البيهقي في "السنن" ص 477 ج 2، والنسائي في "باب القدر الذي إذا سرقه السارق قطع يده" ص 259 ج 2، وكذا الدارقطني: ص 365.

5 قلت: وروى أحمد: ص 125، وص 144، عن وكيع عن سفيان، وروى أبو داود في "التطوع في باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة" ص 188 ج 1، والشافعي في "كتاب الأم" ص 154 ج 7، والطحاوي: ص 179، والبيهقي: ص 459 ج 2، كلهم من طريق سفيان هكذا، وروى أحمد من طريق مطرف

ص: 139

أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى أَثَرِ كُلِّ صَلَاةٍ رَكْعَتَيْنِ، إلَّا الْفَجْرَ. وَالْعَصْرَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "كِتَابِ الْعِلَلِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، فَذَكَرَهُ.

أَحَادِيثُ النَّافِلَةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ: لِأَصْحَابِنَا فِي تَرْكِهَا أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1 عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، فَقَالَ: مَا رَأَيْت أَحَدًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهَا، وَرَخَّصَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، انْتَهَى. سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد، ثُمَّ الْمُنْذِرِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ" فَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُمَا، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": إسْنَادُهُ حَسَنٌ، قَالَ: وَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْهُ، بِأَنَّهُ نَفْيٌ، فَتُقَدَّمُ رِوَايَةُ الْمُثْبَتِ، وَلِكَوْنِهَا أَصَحَّ، وَأَكْثَرَ رُوَاةً، وَلِمَا مَعَهُمْ مِنْ عِلْمِ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ ابْنُ عُمَرَ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِمَا" عَنْ حَيَّانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيِّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ عِنْدَ كُلِّ أَذَانَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، مَا خَلَا الْمَغْرِبَ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، إلَّا حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ رَجُلٌ مَشْهُورٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، لَا بَأْسَ بِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": أَخْطَأَ فِيهِ حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فِي الْإِسْنَادِ. وَالْمَتْنِ جَمِيعًا، أَمَّا السَّنَدُ: فَأَخْرَجَاهُ3 فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ. وَكَهْمَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ "لِمَنْ شَاءَ". وَأَمَّا الْمَتْنُ: فَكَيْفَ يَكُونُ صَحِيحًا، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ كَهْمَسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ بُرَيْدَةَ يُصَلِّي قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ4 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ"، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: "لِمَنْ شَاءَ، خَشْيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"، انْتَهَى. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي "الْمَوْضُوعَاتِ"، وَنَقَلَ عَنْ الْفَلَّاسِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ حَيَّانُ هَذَا كَذَّابًا، انْتَهَى.

عن أبي إسحاق في: ص 143، وص 144، ولم يذكر الاستثناء.

قلت: وروى الطحاوي في: ص 179 من حديث عائشة بمعنى حديث علي، وأحمد: ص 51 ج 4 من حديث سلمة ابن الأكوع، قال: كنت أسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأيته صلى بعد العصر ولا بعد الصبح قط، اهـ.

1 في "التطوع في باب الصلاة قبل المغرب" ص 189.

2 ص 98.

3 أما البخاري ففي "باب كم بين الأذان والاقامة" ص 87، وأما مسلم ففي "فضائل القرآن في باب استحباب الركعتين قبل صلاة المغرب" ص 278.

4 عند البخاري في "التهجد في باب الصلاة قبل المغرب" ص 157.

ص: 140

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "كِتَابِ مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ" حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَاعِدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَكِّيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ ثَنَا عِيسَى بْنُ سِنَانٍ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلْنَا نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، هَلْ رَأَيْتُنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يصلي الركعتين قَبْلَ الْمَغْرِبِ؟ فَقُلْنَ: لَا، غَيْرَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: صَلَّاهُمَا عِنْدِي مَرَّةً، فَسَأَلَتْهُ مَا هَذِهِ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ:"نَسِيت الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ، فَصَلَّيْتُهُمَا الْآنَ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، مُعْضَلٌ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي "الْآثَارِ" أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ سَأَلَ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ عَنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، قَالَ: فَنَهَاهُ عَنْهَا، وَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَبَا بَكْرٍ. وَعُمَرَ، لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَهَا، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الخصوم: أخرج الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ1" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: لِمَنْ شَاءَ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: قَالَ: "صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ قَالَ: صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ"، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ:"لِمَنْ شَاءَ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً"، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي "كِتَابِ الِاعْتِصَامِ"، وَفِي لَفْظِ أَبِي دَاوُد: قَالَ: "صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ"، وَزَادَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ": وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ الْمُؤَذِّنُ إذَا أَذَّنَ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ، فَيَرْكَعُونَ رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، فَيَحْسَبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ، مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَقُلْت لَهُ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهِمَا؟ قَالَ: كَانَ يَرَانَا نُصَلِّيهِمَا، فَلَمْ يَأْمُرْنَا، وَلَمْ يَنْهَانَا، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3 عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ، قَالَ: أَتَيْت عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، فَقُلْت: أَلَا أُعْجِبُك مِنْ أَبِي تَمِيمٍ، رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ! فَقَالَ عُقْبَةُ: إنَّا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْت: فَمَا يَمْنَعُك الْآنَ؟! قَالَ: الشُّغْلُ، انْتَهَى. وَرَوَى الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"

1 البخاري في "باب كم بين الأذان والاقامة" ص 87، واللفظ الآخر له في "التهجد" ص 157، وفي "الاعتصام" ومسلم في "فضائل القرآن" ص 278، وأبو داود في "باب الصلاة قبل المغرب" ص 189 بلفظيه، وابن ماجه في "باب ما جاء في الركعتين قبل المغرب" ص 82. والترمذي في "باب ما جاء في الصلاة قبل المغرب" ص 26.

2 في "باب الصلاة إلى الاسطوانة" ص 72، ومسلم في "باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها، ص 278 ج 1.

3 في "التهجد في باب الصلاة قبل المغرب" ص 158.

ص: 141

حَدِيثَ أَنَسٍ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إلَّا عَنْ أَنَسٍ، وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ، وَعَارَضَهَا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ أَنَّهُ عليه السلام، قَالَ:"بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، إلَّا الْمَغْرِبَ"، انْتَهَى. وَالْخُصُومُ يُجِيبُونَ: بِأَنَّ رِوَايَةَ الْمُثْبِتِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّافِي، مَعَ أَنَّ رِوَايَةَ الْإِثْبَاتِ أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ1" فِي النَّوْعِ الثَّانِي وَالتِّسْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ، إلَّا وَبَيْنَ يَدَيْهَا رَكْعَتَانِ"، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ2". وَالتِّرْمِذِيُّ فِي "الشمائل" عن عبيد عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ عَنْ قَرْثَعٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ، يُفْتَحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ" بِلَفْظِهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ، وَقَالَ: أَبْوَابُ السَّمَاءِ تُفْتَحُ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، انْتَهَى. وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: عُبَيْدَةُ بْنُ مَعْتَبٍ الضَّبِّيُّ ضَعِيفٌ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْمُنْذِرِيُّ عَزْوَهُ إلَى التِّرْمِذِيِّ فِي "مُخْتَصَرِهِ"، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَيِّدَهُ "بِالشَّمَائِلِ"، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ثَنَا عُبَيْدَةُ بِهِ، وَفِي لَفْظِهِ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفِيهِنَّ تَسْلِيمٌ فَاصِلٌ؟ قَالَ: "لَا"، وَهَذَا هُوَ لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ فِي "الشَّمَائِلِ".

طَرِيقٌ آخَرُ لَهُ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي "مُوَطَّئِهِ3" حَدَّثَنَا بُكَيْر بْنُ عَامِرٍ الْبَجَلِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ. وَالشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ أَرْبَعًا إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، فَسَأَلَهُ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:"إنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، فَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِي تِلْكَ السَّاعَةِ خَيْرٌ، قُلْت: أَفِي كُلِّهِنَّ قِرَاءَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَتَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ؟ فَقَالَ: لَا"، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي "مُخْتَصَرِ الْمُخْتَصَرِ" وَضَعَّفَهُ، فَقَالَ: وَعُبَيْدَةُ بْنُ مُعَتِّبٍ لَيْسَ مِمَّنْ يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِخَبَرِهِ، وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو مُوسَى4

1 قلت: الحديث أخرجه الدارقطني: ص 99 عن سليم بن عامر عن أبي عامر الخبايري عن عبد الله بن الزبير، وقال محشيه في "نسخة صحيحة": سليم بن عامر أبي عامر الخبايري، قلت: رجال الدارقطني ثقات، وأخرجه ابن نصر المروزي في "قيام الليل" ص 26، وفيه سليم بن عامر أبي عامر.

2 "كتاب التطوع في باب الأربع قبل الظهر" ص 187، والترمذي في "الشمائل في باب صلاة الضحى" ص 21، وابن ماجه في "باب أربع الركعات قبل الظهر" ص 82، وأحمد في "مسنده" ص 416 ج 5، والطحاوي: ص 196، والبيهقي في "السنن" ص 488 ج 2.

3 ص 58.

4 وأخرجه أحمد. ص 418 ج 5 عن يحيى بن آدم عن شريك به، وأخرجه البيهقي في "سننه" ص 489 ج 2 من طريق شريك، وسفيان عن الأعمش بإسناده.

ص: 142

ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ ثَنَا شَرِيكٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ فَذَكَرَهُ، وَلَيْسَ فِيهِ: لَا يُسَلِّمُ بَيْنَهُنَّ، انْتَهَى. وَتَكَلَّمَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "عِلَلِهِ" وَذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُ أَبِي مُعَاوِيَةَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ أَبِي مُعَاوِيَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ. وَأَحْمَدَ، كَمَا تَقَدَّمَ.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ1" خِلَافُهُ، أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، قَالَتْ: كُنَّا نَعُدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنْ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوَضَّأُ، وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهَا إلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ، وَيَحْمَدُهُ، وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ، وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ، فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيَحْمَدُهُ، وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا، يُسْمِعُنَا، مُخْتَصَرٌ، وَهُوَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ، كَانَ يُوتِرُ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ.

الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عليه السلام، "صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَأَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ2 عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى"، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُ شُعْبَةَ فِيهِ، فَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَوَقَفَهُ بَعْضُهُمْ، وَرَوَاهُ الثِّقَاتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ صَلَاةَ النَّهَارِ، انْتَهَى. وَقَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدِي خَطَأٌ، وَقَالَ فِي "سُنَنِهِ الْكُبْرَى": إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، إلَّا أَنَّ جَمَاعَةً

(1) أخرج مسلم في "قيام الليل" ص 257 ج 1 في حديث طويل رواه عن سعيد عن قتادة عن زرارة عن سعد ابن هشام عن عائشة، ولفظه: يصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم، فيصلي التاسعة، فيقعد، ثم يسلم، لكن أخرج النسائي في "باب كيف الوتر بثلاث" ص 248 هذا الحديث بهذا الاسناد، ولفظه: كان لا يسلم في ركعتي الوتر، اهـ. فالجمع بينهما أن الركعة الثامنة في السياق الطويل هي الثانية من ثلاث ركعات الوتر، ذكرت في السياق الطويل، مع ست ركعات قيام الليل، أو المراد بالقعود، القعود الطويل للذكر والتحميد والدعاء، دون قعود التشهد، وأن المراد بالتسليم التسليم المسموع، هو التسليم لايقاظ أمهات المؤمنين للصلاة، دون تسليم الصلاة على أن النسائي روى الحديث في "باب قيام الليل: ص 237 عن سعيد باسناده، ولفظه: يصلي ثمان ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيذكر الله عز وجل، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين، وهو جالس بعد ما سلم، ثم يصلي ركعة، اهـ.

2 أخرجه أبو داود في "باب صلاة النهار" ص 190، والطيالسي: ص 261، والترمذي في "باب ما جاء في أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" ص 76، والنسائي في "باب كيف صلاة الليل" ص 246، وابن ماجه في "باب صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" ص 94، والطحاوي: ص 197، والدارقطني: ص 160، والبيهقي: 487، وذكر تصحيحه عن البخاري، ونقل صاحب "الجوهر" تضعيفه عن ابن معين، وضعف زيادة: النهار، وأحمد. وغيره من أهل العلم، قاله ابن تيمية في "فتاواه" ص 55 ج 2،وأطال في تضعيفه ببيان شاف، والله أعلم.

ص: 143

مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عُمَرَ خَالَفُوا الْأَزْدِيَّ فِيهِ، فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ النَّهَارَ: مِنْهُمْ سَالِمٌ. وَنَافِعٌ. وَطَاوُسٌ، ثُمَّ سَاقَ رِوَايَةَ الثَّلَاثَةِ، انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ النَّهَارِ، وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، ثُمَّ ابن حبان في "صحيحهما"، ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مِنْ "صَحِيحِهِ": أحدهما: فِي النَّوْعِ السَّابِعِ وَالسِّتِّينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، مُحْتَجًّا بِهِ فِي حَدِيثِ: مَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ، فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا، إنَّهَا فِي تَسْلِيمَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ مَا أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا، فَإِنْ كَانَ لَهُ شُغْلٌ، فَرَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ،" ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: "فَإِنْ كَانَ لَهُ شُغْلٌ"، إلَى آخِرِهِ، مُدْرَجٌ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، فَفَصَلَهُ مِنْ الْحَدِيثِ، وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" عَنْ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ عَنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ هَذَا، صَحِيحٌ هُوَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، انْتَهَى.

طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ" عَنْ إسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيِّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، مَرْفُوعًا، نَحْوُهُ، وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ الْعُمَرِيِّ إلَّا الْحُنَيْنِيُّ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "غَرَائِبِ مَالِكٍ" عَنْ إسْحَاقَ الْحُنَيْنِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ بِهِ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ الْحُنَيْنِيُّ1 عَنْ مَالِكٍ، انْتَهَى.

طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ2" عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْر بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى"، انْتَهَى.

طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي "كِتَابِهِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ": حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْجَلَّابُ3 بِهَمْدَانَ ثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ ثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا أُبَيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى"، انْتَهَى. وَقَالَ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إلَّا أَنَّ فِيهِ عِلَّةً، يَطُولُ بِذِكْرِهَا الْكَلَامُ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ، فَأَخْرَجَهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "تَارِيخِ أَصْبَهَانَ4" عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، مَحْبُوبِ بْنِ مَسْعُودٍ، الْبَصْرِيِّ، الْبَجَلِيِّ ثَنَا عَمَّارُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى"، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ: أَبِي هُرَيْرَةَ، فَرَوَاهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي "غَرِيبِ الْحَدِيثِ" حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ

1 والحنيني ضعيف "دراية" ص 120.

2 ص 160، قال الحافظ في "الدراية" في سنده نظر.

3 في نسخة "الخلال".

4 في "ترجمة محبوب بن مسعود البجلي" كذا في "الدراية".

ص: 144

ثَنَا أَبِي عَنْ ابن أبي ذئب الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى"، انْتَهَى. وَلِلشَّافِعِيِّ أَيْضًا فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي التَّطَوُّعِ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، مَا أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُصَلِّيَ مِنْ اللَّيْلِ؟ قَالَ:"يُصَلِّي أَحَدُكُمْ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً، فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى مِنْ اللَّيْلِ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ1. وَالنَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ ثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى، تَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد2. وَالنَّسَائِيُّ. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ رَبِّهِ بْنَ سَعِيدٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ، فَذَكَرَهُ، وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّ شُعْبَةَ أَخْطَأَ فِي سَنَدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَوَاضِعَ، وَحَدِيثُ اللَّيْثِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْحَادِيَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعِشَاءِ أَرْبَعًا، قُلْت: قَالَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ: هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ أَجِدْهُ، وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ الْعُجَابِ، فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ3" مِنْ حَدِيثِ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى أَهْلِهِ، فَيَرْكَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يَأْوِي إلَى فِرَاشِهِ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِي آخِرِهِ: حَتَّى قُبِضَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ أَبُو دَاوُد: فِي سَمَاعِ زُرَارَةَ مِنْ عَائِشَةَ نَظَرٌ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَحْفُوظَةُ عِنْدِي، فَإِنَّ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ، قَالَ: سَمِعَ زُرَارَةُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَهَذَا مَا صَحَّ لَهُ، فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ زُرَارَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد4". وَالنَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ الْكُبْرَى" عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: سَأَلْتهَا عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ قَطُّ، فَدَخَلَ عَلَيَّ، إلَّا صَلَّى بَعْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، أَوْ سِتًّا، وَسَكَتَ عَنْهُ.

1 في "باب التخشع في الصلاة" ص 50، وأحمد: ص 211، وحسن إسناده أبو حاتم في "العلل" ص 132.

2 في "باب صلاة النهار" ص 190، وابن ماجه في "باب صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" ص 132، وأحمد: ص 167 ج 4، والطيالسي: ص 195.

3 في "باب صلاة الليل" ص 197.

4 في "باب الصلاة بعد العشاء" ص 192، والبيهقي في "سننه" ص 472 من طريق أبي داود.

ص: 145

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ1" حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِي أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى الْعِشَاءَ رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَوْتَرَ بِسَجْدَةٍ، ثُمَّ نَامَ، حتى يصلي بَعْدَهَا صَلَاتَهُ مِنْ اللَّيْلِ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَرْوِيهِ بِهَذَا اللَّفْظِ إلَّا ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا أَحْسَنَ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ2" لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ كَانَ الْمُقْتَضِيَةُ لِلدَّوَامِ، فَلِذَلِكَ أَخَّرْنَاهُ، أَخْرَجَهُ فِي "كِتَابِ الْعِلْمِ فِي بَابِ السَّمَرِ فِي الْعِلْمِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ إلَى مَنْزِلِهِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ.

حَدِيثٌ عَنْ عَائِشَةَ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِهَا الْمُتَقَدِّمِ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ، فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتِي، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّانِيَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الْأَرْبَعِ فِي الضُّحَى. قُلْت: رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ4" مِنْ حَدِيثِ مُعَاذَةَ، أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ، كَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ، انْتَهَى. وَفِي رِوَايَةٍ: وَيَزِيدُ مَا شَاءَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فروخ حدثنا طبيب بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَتْ عمرة: سمعت أم المؤمنين عَائِشَةَ تَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِكَلَامٍ، انْتَهَى. وَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا، وَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ5 عَنْ عُرْوَةَ عَنْ

1 ص 4 ج 4، وأخرج الطبراني من حديث أنس رفعه: وأربع بعد العشاء كعدلهن ليلة القدر، ومثله عن ابن عباس. وابن عمر، مع زيادة، لكن فيها كلها ضعف، قال الهيثمي في "الزوائد" ص 230 ج 2: راجعه، وأخرج الدارقطني من حديث أبي، موقوفاً، نحوه.

2 قلت: أخرجه في "العلم" ص 22، وفي "الصلاة في باب من يقوم عن يمين الإمام بحذائه" ص 97.

3 في"باب جواز النافلة قائماً وقاعداً" ص 252، قلت: أخرج البيهقي في "سننه" ص 477 عن شريح عن عائشة، قالت: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء قط، فدخل على، إلا صلى أربع ركعات، أو ست ركعات.

4 في "باب استحباب صلاة الضحى" ص 249.

5 في "باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الليل، والنوافل" ص 152، ومسلم في: ص 248.

ص: 146

عَائِشَةَ، قَالَتْ: إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَدَعُ الْعَمَلَ، وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضُ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَّحَ1 رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسُبْحَةِ الضُّحَى قَطُّ، وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا، انْتَهَى. وَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَأَلْت عَائِشَةَ، هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا، إلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ، انْتَهَى. فَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "حَوَاشِيهِ": يَحْتَمِلُ أَنَّهَا أَخْبَرَتْ فِي الْإِنْكَارِ عَنْ رُؤْيَتِهَا وَمُشَاهَدَتِهَا. وَفِي الْآخَرِ بِغَيْرِ الْمُشَاهَدَةِ، إمَّا مِنْ خَبَرِهِ عليه السلام، أَوْ خَبَرِ غَيْرِهِ عَنْهُ، وَقَدْ يَكُونُ إنْكَارُهَا، أَيْ مُوَاظِبًا عَلَيْهَا، وَمُعْلِنًا بِهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْإِنْكَارُ إنَّمَا هُوَ لِصَلَاةِ الضُّحَى الْمَعْهُودَةِ عِنْدَ النَّاسِ، عَلَى الَّذِي اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ، مِنْ صَلَاتِهَا ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، وَأَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُصَلِّيهَا أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ، فَيُصَلِّيهَا مَرَّةً أَرْبَعًا، وَمَرَّةً سِتًّا، وَمَرَّةً ثَمَانِيَةً، وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ، وَقَدْ رَأَى جَمَاعَةٌ أَنْ يصلي فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، لِيُخَالِفَ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الْفَرَائِضِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عليه السلام: "لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ". قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2 عَنْ عَطَاءِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمَا أَعْلَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَنَّاهُ، وَمَا أَخْفَاهُ أَخْفَيْنَاهُ لَكُمْ، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهِ لِلشَّافِعِيِّ عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِوُجُوبِهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَلَيْسَ الْحَدِيثُ بِصَرِيحٍ فِيهِ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ حَدِيثُ: الْمُسِيءُ صَلَاتَهُ، أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ3" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ: أَنَّهُ عليه السلام، قَالَ لَهُ:"إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ، فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ"، وَفِي آخِرِهِ:"ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا"، وَحَدِيثُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ أَيْضًا، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ4، وَفِيهِ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَهُ: "إذَا اسْتَقْبَلْت الصَّلَاةَ، فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا شِئْت"، وَفِي آخِرِهِ، "ثُمَّ اصْنَعْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَسَجْدَةٍ"، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِتَمَامِهِ فِي حَدِيثِ: "لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُورَةٍ مَعَهَا"، وَهُوَ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، لَيْسَ فِيهِ: "ثُمَّ اصْنَعْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ"، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1 وأخرج أحمد في "مسنده" ص 155 ج 2 من حديث ابن عمر أنه قال: بدعة، وكذا البخاري في "باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم" ص 238، ومسلم في "باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم" ص 409 ج 1.

2 في"باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة" ص 170 قلت: قال الحافظ في "الفتح" ص 209 ج 2: قد أنكر الدارقطني على مسلم، وقال: إن المحفوظ عن أبي أسامة وقفه، كما رواه أصحاب ابن جريج.

3 البخاري في "باب وجوب القراءة للامام والمأموم" ص 105، ومسلم في "باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة" ص 170 ج 4.

4 ص 340 ج 4، وروى أبو داود عن أبي سعيد عن أبي هريرة، وفيه: ثم افعل ذلك في صلاتك كلها، اه، وأخرجه الدارمي، في: ص 158، وفيه: فوصف الصلاة هكذا: أربع ركعات حتى فرغ، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" ص 241 ج 1 بلفظ الدارمي، إلا أنه لم يذكر أربع ركعات.

ص: 147

قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْأُخْرَيَيْنِ إنْ شَاءَ قَرَأَ، وَإِنْ شَاءَ سَبَّحَ، وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ، هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ عَلِيٍّ. وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَائِشَةَ، قُلْت: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَلِيٍّ. وَابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَا: اقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَسَبِّحْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، وَهُوَ عَنْ عَائِشَةَ غَرِيبٌ1.

الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام دَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ "يَعْنِي الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ"، قُلْت: يَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ، رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ2 إلَّا التِّرْمِذِيَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُورَتَيْنِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَيُطِيلُ فِي الرَّكْعَةِ الأولى مالا يُطِيلُ فِي الثَّانِيَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْعَصْرِ، وَهَكَذَا فِي الصُّبْحِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عليه السلام: "لَا يُصَلَّى بَعْدَ صَلَاةٍ، مِثْلُهَا"، قُلْت: غَرِيبٌ مَرْفُوعًا، وَوَقَفَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَا يُصَلَّى بَعْدَ صَلَاةٍ، مِثْلُهَا، انْتَهَى. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يُصَلَّى عَلَى إثْرِ صَلَاةٍ مِثْلُهَا، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد3 وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: أَتَيْت ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلَاطِ، وَهُمْ يُصَلُّونَ، قُلْت: أَلَا تُصَلِّي مَعَهُمْ؟ قَالَ: قَدْ صَلَّيْت، إنِّي قَدْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:"لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ السَّابِعِ وَالسَّبْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي، وَلَفْظُهُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا أَنْ نُعِيدَ صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ، يُحْتَجُّ بِخَبَرِهِ إذَا رَوَى عَنْ

1 قال الحافظ في "الدراية" ص 122: عن عائشة، لم أجد.

2 أخرجه البخاري في "باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب" ص 107، ومسلم في "باب القراءة في الظهر والعصر" ص 185، وأبو داود في "باب ما جاء في القراءة في الظهر" ص 123، والنسائي في "باب القراءة في الركعتين الأوليين من صلاة العصر" ص 153، وابن ماجه في "باب الجهر بالآية أحياناً" ص 60، وليس فيه متعلق، والله أعلم.

3 في "باب إذا صلى في جماعة، ثم أدرك جماعة يعيد" ص 93، والنسائي في "باب سقوط الصلاة عمن صلى مع الإمام في المسجد جماعة" ص 138، والطحاوي في: ص 187، وابن حزم في "المحلى" من طريق الطحاوي: ص 232 ج 4، وصححه، وفي: ص 259 ج 2 من طريق أبي داود، وصححه، وفي: ص 125 أيضاً، وأخرجه أحمد في "مسنده" ص 41 ج 2، وص 19 ج 2، والدارقطني: ص 159، والبيهقي: ص 303 ج 2.

ص: 148

غَيْرِ أَبِيهِ، فَأَمَّا رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، فَلَا تَخْلُو مِنْ انْقِطَاعٍ وَإِرْسَالٍ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُحْتَجَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا، انْتَهَى. قِيلَ: وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "صَحِيحِهِ" قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا أَيْ لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعِدْهَا ابْنُ عُمَرَ، لِأَنَّهُ كَانَ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ1": قَالَ مَالِكٌ: ثَنَا نَافِعٌ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: إنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي، ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ، أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَيَّتَهمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَيْسَ ذَلِكَ إلَيْك، إنَّمَا ذَلِكَ إلَى اللَّهِ، يَجْعَلُ أَيَّهمَا شَاءَ، انْتَهَى. رَوَاهُ فِي "الْمُوَطَّأِ"، قَالَ: وَهَذَا مِنْ ابْنِ عُمَرَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:"لَا صَلَاةَ مَكْتُوبَةَ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ"، إنَّمَا أَرَادَ بِهِ كِلْتَاهُمَا عَلَى وَجْهِ الْفَرْضِ، أَوْ إذَا صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ، فَلَا يُعِيدُهَا أُخْرَى، ثُمَّ أَسْنَدَ2 عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَقَامَ يُصَلِّي الظُّهْرَ، فَقَالَ:"أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا، فَيُصَلِّي مَعَهُ؟ "، قَالَ: وَرَوَيْنَا عَنْ الْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلًا فِي هَذَا الْخَبَرِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَصَلَّى مَعَهُ، وَقَدْ كَانَ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَيْنَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُمَا فَعَلَا، وَكَانَا قَدْ صَلَّيَا بِالْجَمَاعَةِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَدَعْوَى مَنْ ادَّعَى نَسْخَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ بَاطِلَةٌ، لَا يَشْهَدُ بِهَا لَهُ تَارِيخٌ، وَلَا سَبَبٌ، وَإِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَخْبَارِ، فَهُوَ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

أَحَادِيثُ إعَادَةِ الْفَرِيضَةِ لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ3 عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"كَيْفَ أَنْتَ، إذَا كَانَ عَلَيْك أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ قُلْت: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ، فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَك نَافِلَةٌ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ: يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ، لَمْ يَقُلْ: عَنْ وَقْتِهَا، وَفِي لَفْظٍ: وَلَا تَقُلْ: إنِّي قَدْ صَلَّيْت، فَلَا أُصَلِّي، وَفِي لَفْظٍ:"صَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ نَافِلَةً"، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ4 عَنْهُ عليه السلام، قَالَ:"إنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ، يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ، فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِمِيقَاتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً"، مُخْتَصَرٌ، مِنْ حَدِيثِ التَّطْبِيقِ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ": لَمْ يُخْرِجْ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا، انْتَهَى.

1 وفي "السنن" ص 3 2 ج 2.

2 أي البيهقي في "المعرفة" وأما في "السنن" فذكر حديث أبي سعيد تعليقاً، والله أعلم، وأسنده الترمذي في "باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلى فيه" ص 30، وحسنه الدارمي في: ص 165، وأبو داود في "باب الجمع في المسجد مرتين" ص 92.

3 في "باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها" ص 231 ج 1.

4 حديث ابن مسعود أخرجه مسلم في "باب الندب إلى وضع الأيدي على الرُّكب" ص 202 ج 1.

ص: 149

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1. وَالتِّرْمِذِيُّ. وَالنَّسَائِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه، قَالَ: شَهِدْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ، فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ إذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي أُخْرَى الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، فَقَالَ: عَلَيَّ بِهِمَا، فَجِيءَ بِهِمَا، تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، قَالَ: مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ قَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، قَالَ:"فَلَا تَفْعَلَا، إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ، فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ. وَالْبَيْهَقِيِّ: وَلْيَجْعَلْ الَّتِي صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ نَافِلَةً، وَقَالَا: إنَّهَا رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ شَاذَّةٌ، مَرْدُودَةٌ، لِمُخَالَفَتِهَا الثِّقَاتِ.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ نُوحِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَامِرٍ السُّوَائِيِّ، بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: إذَا جِئْت الصَّلَاةَ، فَوَجَدْت النَّاسَ، فَصَلِّ مَعَهُمْ، وَإِنْ كُنْت صَلَّيْت، تَكُنْ لَك نَافِلَةً، وَهَذِهِ مَكْتُوبَةً، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ3 إلَّا مُسْلِمًا عَنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، قَالَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا، فَقَالَ:"مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ"، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": قَالَ الْعُلَمَاءُ: هَذَا فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ، وَأَمَّا الْفَرْضُ، فَلَا يَجُوزُ الْقُعُودُ فِيهِ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ، بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ عَجَزَ لَمْ يَنْقُصْ ثَوَابُهُ، انْتَهَى. قُلْت: يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الْجِهَادِ" عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا"، انْتَهَى. ذَكَرَهُ4 فِي "بَابِ مَا يُكْتَبُ لِلْمُسَافِرِ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الْإِقَامَةِ"، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ5 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلَاةِ"، قَالَ: فَأَتَيْته، فَوَجَدْته جَالِسًا، فَوَضَعْت يَدِي على رأسه، فقال:"مالك يَا عَبْدَ اللَّهِ"؟ قَالَ: حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَّك قُلْتَ:"صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلَاةِ"، وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا، قَالَ:

1 في "باب من صلى في منزله، ثم أدرك الجماعة يصلي معهم" ص 92، والنسائي في "باب إعادة الفجر مع الجماعة لمن صلى وحده" ص 137، والترمذي في "باب ما جاء، يصلي الرجل وحده، ثم يدرك الجماعة" ص 30، والطحاوي: ص 213، والدارقطني: ص 159، والدارمي: ص 165، والحاكم: ص 245، والبيهقي: ص 301 ج 2.

2 ص 92، والدارقطني: ص 103.

3 البخاري "قبيل التهجد في باب صلاة القاعد" ص 150".

4 ص 420.

5 في "باب جواز النافلة قائماً وقاعداً" ص 253

ص: 150

"أَجَلْ! وَلَكِنِّي لَسْت كَأَحَدٍ مِنْكُمْ". انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ ثَوَابِي فِي النَّفْلِ قَاعِدًا، كَثَوَابِي قَائِمًا، هَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ السَّابِعَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رَوَى ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إلَى خَيْبَرَ، يُومِئُ إيمَاءً، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَأَبُو دَاوُد. وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ2 إلَى خَيْبَرَ، انْتَهَى. قَالَ النَّسَائِيُّ: عَمْرُو بْنُ يَحْيَى لَا يُتَابَعُ عَلَى قَوْلِهِ: عَلَى حِمَارٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، انْتَهَى. قِيلَ: وَقَدْ غَلَّطَ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَغَيْرُهُ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى فِي ذَلِكَ، وَالْمَعْرُوفُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَعَلَى الْبَعِيرِ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: يومئ إيماءً، لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ3، وَشَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ ذَكَرَ فِيهِ: يوميء بِرَأْسِهِ، وَعَزَاهُ لِلصَّحِيحَيْنِ4، وَلَمْ أَجِدْ لَفْظَ الْإِيمَاءِ إلَّا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، مَعَ أَنَّ الشَّيْخَ فِي "الْإِمَامِ" عَزَاهُ لِلصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ كَانَ وجهه، يوميء بِرَأْسِهِ، فَلْيُنْظَرْ، وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ" بِهَذَا اللَّفْظِ، وَقَالَ: أَخْرَجَاهُ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، انْتَهَى. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ": تَفَرَّدَ الْبُخَارِيُّ بِذِكْرِ "الْإِيمَاءِ" فِيهِ، لَكِنْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، أَيْنَمَا توجهت يوميء، وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ هُوَ. وَمُسْلِمٌ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ عَلَى الرَّاحِلَةِ يسبح، يوميء بِرَأْسِهِ، قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَلَمْ يَكُنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي الْمَكْتُوبَةِ، انْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ": وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ فِعْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قُلْت: هَذَا تَقْصِيرٌ مِنْهُ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ5 فِي "صَلَاةِ الْمُسَافِرِ" بِلَفْظِ مُسْلِمٍ، كِلَاهُمَا عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: اسْتَقْبَلْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ قَدِمَ مِنْ الشَّامِ، فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ، فَرَأَيْته يُصَلِّي عَلَى

1 في "باب جواز النافلة على الدابة في السفر" ص 244، وأبو داود في "السفر في باب التطوع على الراحلة في السفر" ص 180 واللفظ له.

2 وفي مسلم "موجه" بدل: متوجه.

3 السياق الذي ذكره صاحب "الهداية" من حديث ابن عمر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار، وهو متوجه إلى خيبر، انتهى. الحديث فيه إلى قوله: خيبر، وليس فيه: يوميء إيماءً، أما لفظ الإِيماء برأسه، فهو في "البخاري" ص 149 من طريق سالم عن ابن عمر، وفيه: يسبح على ظهر راحلته، حيث كان وجهه يوميء برأسه، اهـ وليس هذا في سياق مسلم الذي ذكره المؤلف، لكن في "البخاري" سياق آخر. نبا نظر الزيلعي عنه، وهو في "باب الوتر في السفر" ص 136 عن نافع عن ابن عمر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته، حيث توجهت به، يوميء إيماءً، الخ.

4 قلت: هو في البخاري في "باب من تطوع في السفر" ص 149، ولم أجد في مسلم.

5 في "باب صلاة التطوع على الحمار" ص 149، ومسلم في "باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر" ص 245.

ص: 151