الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي الدَّفْنِ
الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم.
فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ2 عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا" انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، انْتَهَى. وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ الثَّعْلَبِيُّ، فِيهِ مَقَالٌ3، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": أَرَاهُ لَا يَصِحُّ مِنْ أَجْلِهِ، كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ لَا يُحَدِّثُ عَنْهُ، وَوَصَفَهُ بِالِاضْطِرَابِ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ، ربما رَفَعَ الْحَدِيثَ، وَرُبَّمَا وَقَفَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: قَالَ أَحْمَدُ رضي الله عنه: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، حَدَّثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، بِأَشْيَاءَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَرِيرٍ: رضي الله عنه، فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"4 عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، سَوَاءً، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ. وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مَسَانِيدِهِمْ"، وَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ"، وَمِنْ طَرِيقِهِ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ". وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ زَاذَانَ"، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: رَوَاهُ عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ سُفْيَانُ النوري، وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ. وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَأَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، انْتَهَى. وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي "مُسْنَدِهِ"5 عَنْ أَبِي جَنَابٍ عَنْ زَاذَانَ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام جَلَسَ عَلَى شَفِيرِ قَبْرٍ، فَقَالَ:"أَلْحِدُوا، وَلَا تَشُقُّوا، فَإِنَّ اللَّحْدَ لَنَا، وَالشَّقَّ لِغَيْرِنَا"، وَفِيهِ
1 قلت: حوالة النسائي غير رائجة، فليراجع.
2 أبو داود في "باب اللحد" ص 102 ج 2، والنسائي في "باب اللحد والشق" ص 283، والترمذي في "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللحد لنا والشق لغيرنا" ص 124، وابن ماجه في "باب استحباب اللحد" ص 112، وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" ص 72 ج 3، القسم الثاني، بلفظ: والشق لأهل الكتاب، والبيهقي ص 408 ج 3.
3 وصححه ابن السكن "تلخيص" ص 163.
4 وابن ماجه في "باب استحباب اللحد" ص 112، وأحمد: ص 362 ج 5، بلفظ: والشق لأهل الكتاب، والطيالسي: ص 92، وابن أبي شيبة: ص 127 ج 3، والبيهقي: ص 408 ج 3، وأبو اليقظان هو: عثمان بن عمير البجلي.
5 أحمد: ص 359 ج 4، وله طريق آخر، عند أحمد: ص 357 ج 5، رواه عن عفان عن حماد بن سلمة عن الحجاج عن عمرو بن مرة عن زاذان به، وأبو جناب الكلبي مدلس.
قِصَّةٌ، وَالْأَوَّلُ مَعْلُولٌ بِأَبِي الْيَقْظَانِ، وَاسْمُهُ: عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ الْبَجَلِيُّ، وَفِيهِ مَقَالٌ. وَالثَّانِي: مَعْلُولٌ بِأَبِي جَنَابٍ الْكَلْبِيِّ، وَفِي الْآخَرِ مَقَالٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ، فَرَوَاهُ أَبُو حَفْصِ بْنِ شَاهِينَ1 فِي "كِتَابِ الْجَنَائِزِ" حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ أَنَا الشَّحَّامُ ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا"، انتهى. والله الموفق.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"2 حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلَانِ: أَحَدُهُمَا: يَلْحَدُ، وَالْآخَرُ: يَضْرَحُ، فَقَالُوا: نَسْتَخِيرُ رَبَّنَا، وَنَبْعَثُ إلَيْهِمَا، فَأَيُّهُمَا سَبَقَ تَرَكْنَاهُ، فَأُرْسِلَ إلَيْهِمَا، فَسَبَقَ صَاحِبُ اللَّحْدِ، فَلَحَدُوا لِلنَّبِيِّ عليه السلام، انتهى. حدثنا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الطُّفَيْلِ الْمُقْرِي ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ الْقُرَشِيُّ ثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها3، قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اخْتَلَفُوا فِي اللَّحْدِ وَالشَّقِّ، حَتَّى تَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ، وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: لَا تَصِيحُوا4 عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيًّا وَلَا مَيِّتًا، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا. فَأَرْسَلُوا إلَى الشَّقَّاقِ، وَاللَّاحِدِ، فَجَاءَ اللَّاحِدُ، فَلُحِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ دُفِنَ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"5 مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ثَنَا نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُلْحِدَ لَهُ، وَلِأَبِي بَكْرٍ، وَلِعُمَرَ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"6 أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إسْحَاقَ ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ
1 قال الحافظ في "الدراية" سنده ضعيف، اهـ.
2 ابن ماجه في "باب ما جاء في الشق" ص 113، قال الحافظ في "التلخيص" ص 163: إسناده حسن.
3 أحمد في "مسنده" ص 24 ج 2 عن وكيع عن العمري عن عبد الرحمن ابن القاسم عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحد له لحد، اهـ.
4 في نسخة دار الكتب المصرية "لا تصخبوا""أحمد رضا البجنوري".
5 ابن أبي شيبة في "مصنفه" ص 127 عن حجاج عن نافع به، وأحمد في "مسنده" ص 24 ج 2 عن العمري عن نافع به، ولم يذكر، أبا بكر، ولا عمر.
6 ابن ماجه في "باب ذكر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ودفنه" ص 118، واللفظ لابن هشام في آخر "سيرته" ص 375 ج 2، رواه عن ابن إسحاق بإسناده، بل كأنه ملفق، والبيهقي: ص 408 ج 3، مختصراً، ورواه ابن سعد في "طبقاته" ص 74 ج 3، القسم الثاني، عن داود بن الحصين عن عكرمة به، مختصراً، إلى قوله: فألحد له، قال الحافظ في "الدراية" في إسناده ضعف، وقال في "التقريب": حسين بن عبد الله ضعيف.
الْجَرَّاحِ يَضْرَحُ، كَحَفْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ يَحْفِرُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ يَلْحَدُ، فَدَعَا الْعَبَّاسُ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا: اذْهَبْ إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ. وَلِلْآخَرِ: اذْهَبْ إلَى أَبِي طَلْحَةَ، اللَّهُمَّ خِرْ لِرَسُولِك1، فَوَجَدَ صَاحِبُ أَبِي طَلْحَةَ أَبَا طَلْحَةَ، فَجَاءَ بِهِ، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ جِهَازِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: نَدْفِنُهُ فِي مَسْجِدِهِ، وَقَالَ قَائِلٌ: نَدْفِنُهُ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إلَّا دُفِنَ حَيْثُ قُبِضَ"، فَرَفَعَ فِرَاشَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَحَفَرَ له تحته، ثم دُعي النَّاسَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2 يُصَلُّونَ عَلَيْهِ أَرْسَالًا، دَخَلَ الرِّجَالُ، حَتَّى إذَا فَرَغُوا، أَدْخَلَ النِّسَاءَ، حَتَّى إذَا فَرَغَ النِّسَاءُ، أَدْخَلَ الصِّبْيَانَ، وَلَمْ يَؤُمَّ النَّاسَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ، فَدُفِنَ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَسَطِ اللَّيْلِ، لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ، وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَقُثَمُ أَخُوهُ، وَشُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ أَوْسُ بْنُ خَوْلَى وَهُوَ أَبُو لَيْلَى لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنْشُدُك اللَّهَ، وَحَظَّنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: انْزِلْ، وَكَانَ شُقْرَانُ مَوْلَاهُ، أَخَذَ قَطِيفَةً كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهَا، فَدَفَنَهَا فِي الْقَبْرِ، وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَك، فَدُفِنَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُلَّ سَلًّا، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَاضْطَرَبَتْ الرِّوَايَاتُ فِي إدْخَالِهِ عليه السلام، قُلْت: رَوَى الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي "مُسْنَدِهِ"3 أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سُلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ4. وَغَيْرُهُ عن ابن جريج عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، وَالنَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا5 عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةَ، وَأَبِي النَّضْرِ6 لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ رضي الله عنهم، انْتَهَى.
1 قوله: "اللهم خِر لرسولك" هذا اللفظ ليس في السيرة، بل هو في ابن ماجه.
2 في نسخة "ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم".
3 الشافعي في كتاب "الأم" ص 242، قوله: أخبرنا الثقة. قال في "الجوهر": أخبرنا الثقة، ليس بتوثيق، وعمرو بن عطاء ضعفه يحيى. والنسائي، قال الحافظ في "التلخيص" قيل: الثقة ههنا، مسلم بن خالد.
4 مسلم بن خالد الزنجي ضعيف، والحديث من جهة عمران معضل، قاله في "الجوهر".
5 مجهول، ومع ذلك، الحديث مرسل.
6 كذا في البيهقي: ص 54 ج 4، وفي كتاب "الأم" ص 242: ابن النضر، فليراجع.
(*) أقول: في نسخة "الدار" أيضاً "أبو النضر""البجنوري عفا الله عنه"
وَمِنْ طريق الشافعي، رواه الْبَيْهَقِيُّ1، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ الْحِجَازِ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: اضْطَرَبَتْ الرِّوَايَاتُ فِي إدْخَالِهِ عليه السلام، فَمِمَّا وَرَدَ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ، مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام أُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، وَلَمْ يُسَلَّ سَلًّا، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ"، وَعَزَاهُ لِمَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد، وَقَالَ فِيهِ: عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ"، وَإِنَّمَا هُوَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ، قَالَ: لِأَنَّهُ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ إنَّمَا يَرْوِي عَنْ النَّخَعِيّ لَا التَّيْمِيِّ، وَلَعَلَّ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي ذَلِكَ اشْتِرَاكُهُمَا فِي الِاسْمِ، وَاسْمِ الْأَبِ، وَالْبَلَدِ، وَفِي كَثِيرٍ مِنْ الرُّوَاةِ، مِنْ فَوْقٍ، وَمِنْ أَسْفَلَ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْمُهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ، انْتَهَى. قُلْت: صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"2، فَقَالَ: عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، فَذَكَرَهُ، وَزَادَ: وَرُفِعَ قَبْرُهُ، حَتَّى يُعْرَفَ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ"3. وَالْعُقَيْلِيُّ فِي "ضُعَفَائِهِ" عَنْ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أُخِذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، وَأُلْحِدَ لَهُ، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا، انْتَهَى. وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَدِيٍّ تَضْعِيفُ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، وَلَيَّنَهُ هُوَ، وَقَالَ: هُوَ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"4 حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إسْحَاقَ ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُخِذَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، وَاسْتُلَّ اسْتِلَالًا، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَلَا يُتَصَوَّرُ إدْخَالُهُ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، لِأَنَّ الْقَبْرَ فِي أَصْلِ الْحَائِطِ، انْتَهَى.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْخُصُومِ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد5 عَنْ أَبِي إسْحَاقَ، هُوَ: السَّبِيعِيُّ، قَالَ: أَوْصَانِي الْحَارِثُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخِطْمِيَّ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ،
1 البيهقي في "سننه الكبرى" ص 54 ج 4، وقال: والذي ذكره الشافعي أشهر في أرض الحجاز، اهـ. قلت: قال الشافعي في كتاب "الأم": هو من الأمور العامة التي يستغنى فيها عن الحديث، اهـ.
2 ابن أبي شيبة: ص 130 ج 3.
3 أخرجه البيهقي في "سننه" ص 54 ج 4 عن ابن عدي حدثنا عبد الله بن محمد البغوي حدثنا يحيى بن عبد الحميد حدثنا أبو بردة في منزله حدثنا علقمة بن مرثد عن ابن بريدة، الحديث، وقال أبو بردة: هذا عمر بن يزيد التيمي الكوفي، وهو ضعيف.
4 ابن ماجه في "باب ما جاء في إدخال الميت القبر" ص 112، قال الحافظ في "الدراية": فيه عطية، وهو ضعيف.
5 أبو داود في "باب كيف يدخل الميت قبره" ص 102 ج 2، وابن أبي شيبة: ص 130 ج 3، والبيهقي في "سننه" ص 54 ج 4.
وَقَالَ: هَذَا مِنْ السُّنَّةِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَهُوَ كَالْمُسْنَدِ لِقَوْلِهِ: مِنْ السُّنَّةِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ1" عَنْ مِنْدَلِ بْنِ عَلِيٍّ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: سَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَعْدًا، وَرَشَّ عَلَى قَبْرِهِ مَاءً، انْتَهَى. وَمِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ ضَعِيفٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ شَاهِينَ2 فِي "كِتَابِ الْجَنَائِزِ" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَشْعَثِ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مِهْرَانَ ثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ غَالِبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُدْخَلُ الْمَيِّتُ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، وَيُسَلُّ سَلًّا"، انْتَهَى.
الْآثَارُ: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ3" حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كُنْت مَعَ أَنَسٍ رضي الله عنه فِي جِنَازَةٍ، فَأَمَرَ بِالْمَيِّتِ، فَأُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، انْتَهَى. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَدْخَلَ مَيِّتًا مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، انْتَهَى.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْأَصْحَابِ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ4 مِنْ حَدِيثِ الْمِنْهَالِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام، دَخَلَ قَبْرًا لَيْلًا، فَأُسْرِجَ لَهُ سِرَاجٌ، فَأَخَذَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، وَقَالَ:"رَحِمَكَ اللَّهُ، إنْ كُنْتَ لَأَوَّاهًا تَلَّاءً لِلْقُرْآنِ"، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَأُنْكِرَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَدَارَهُ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ سَمَاعًا، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَمِنْهَالُ بْنُ خَلِيفَةَ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رحمه الله: فيه نظر. والله أعلم.
الْآثَارُ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"5 عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَبَّرَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفِّفِ أَرْبَعًا، وَأُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ وَلْيَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، وَأَدْخَلَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ: قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: فَإِذَا وُضِعَ فِي لَحْدِهِ، يَقُولُ وَاضِعُهُ: بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، كَذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَضَعَ أَبَا دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيَّ فِي الْقَبْرِ، قُلْتُ: هَكَذَا وَقَعَ فِي "الْهِدَايَةِ وَالْمَبْسُوطِ"، وَهُوَ وَهْمٌ، فَإِنَّ أَبَا دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ
1 ابن ماجه في "باب إدخال الميت القبر" ص 112، وقال الحافظ: إسناده ضعيف.
2 قال الحافظ في "الدراية": إسناده ضعيف.
3 ابن أبي شيبة: ص 130 ج 3، قال الحافظ في "الدراية": إسناده صحيح، لكنه موقوف على أنس، اهـ.
4 الترمذي في "باب ما جاء في الدفن بالليل" ص 125، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ص 131 ج 3.
5 ابن أبي شيبة: ص 131 ج 3، وقال ابن حزم في "المحلى" ص 178 ج 5: صحيح.
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ، وَكَانَتْ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي "تَارِيخِهِ"، وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ فِي "كِتَابِ الرِّدَّةِ" لَهُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَنَسٍ الصُّفْرِيُّ1 عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، قَالَ: كَانَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ رَجُلًا مِنْ الْيَمَامَةِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، وَكَانَ قَدْ ادَّعَى النُّبُوَّةَ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا، إلَى أَنْ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ أُمِّ سَعْدٍ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَتْ: رَأَيْتُ نَسِيبَةَ بِنْتَ كَعْبٍ، وَيَدُهَا مَقْطُوعَةٌ، فَقُلْتُ لَهَا: مَتَى قُطِعَتْ يَدُكِ؟ قَالَتْ: يَوْمَ الْيَمَامَةِ، كُنْت مَعَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إلَى حَدِيقَةٍ، فَاقْتَتَلُوا عَلَيْهَا سَاعَةً، حَتَّى قَالَ أَبُو دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَاسْمُهُ: سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ: احْمِلُونِي عَلَى التِّرْسَةِ، حَتَّى تَطْرَحُونِي عَلَيْهِمْ، فَأَشْغَلُهُمْ، فَحَمَلُوهُ عَلَى التِّرْسَةِ، وَأَلْقَوْهُ فِيهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قَتَلُوهُ رحمه الله، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ، وَأَنَا أُرِيدُ عَدُوَّ اللَّهِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ، فَعَرَضَ إلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَضَرَبَنِي، فقطع يدي، فو الله مَا عَرَّجْتُ عَلَيْهَا، وَلَمْ أَزَلْ حَتَّى وَقَعْتُ عَلَى الْخَبِيثِ مَقْتُولًا، وَابْنِي يَمْسَحُ سَيْفَهُ بِثِيَابِهِ، فَقُلْت لَهُ: أَقَتَلَتْهُ يَا بُنَيَّ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أُمَّاهُ، فَسَجَدْت لِلَّهِ شُكْرًا، قَالَ: وَابْنُهَا، هُوَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ بَكْرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْنَبَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، كَمْ قُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ؟ قَالَ: سِتُّمِائَةٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ. وَالْأَنْصَارِ. وَغَيْرُ ذَلِكَ، ثُمَّ عَقَدَ "بَابًا فِي أَسْمَائِهِمْ"، وَذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَا دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيَّ، سِمَاكَ بْنَ خَرَشَةَ، وَقَالَ: إنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَفِي "مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي دُجَانَةَ" أَسْنَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ، قَالَ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ اُسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ مِنْ الْأَنْصَارِ: أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ: فَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ2 مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ عليه السلام إذَا دَخَلَ الْمَيِّتُ الْقَبْرَ، قَالَ:"بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ"، انْتَهَى. وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ:"بِسْمِ اللَّهِ، وَبِاَللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ"، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ3" مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ، بِلَفْظِ:"بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ"، وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ في فِي
"صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ الثَّانِيَ عَشَرَ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ4"، بِلَفْظِ:"إذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي قُبُورِهِمْ، فَاقْرَءُوا لَهُمْ5: بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ"، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَهَمَّامُ
1 نسخة الدار "الظفري" من البجنوري عفا الله عنه".
2 ابن ماجه في "باب ما جاء في إدخال الميت القبر" ص 363، والترمذي في "باب ما يقول إذا أدخل الميت قبراً" ص 124.
3 أبو داود في "باب الدعاء للميت إذا وضع في القبر" ص 102 ج 2.
4 الحاكم في "المستدرك" ص 366، والبيهقي: ص 55 ج 3، وابن جارود في "المنتقى" ص 269، إلا أن فيه سنة رسول الله، بدل: ملة رسول الله.
5 في نسخة "الدار": فقولوا "المصحح البجنوري".
بْنُ يَحْيَى ثَبْتٌ مَأْمُونٌ، إذَا أَسْنَدَ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يُعَلَّلُ بِمَنْ وَقَفَهُ، وَقَدْ وَقَفَهُ شُعْبَةُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَهُوَ ثِقَةٌ، إلَّا أَنَّ شُعْبَةَ، وهشام الدَّسْتُوَائِيَّ رَوَيَاهُ عَنْ قَتَادَةَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ، انْتَهَى. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمَوْقُوفِ: هُوَ الْمَحْفُوظُ، قُلْت: قَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"1 مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ مَرْفُوعًا، أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام كَانَ إذَا وَضَعَ الْمَيِّتَ فِي قَبْرِهِ، قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، انْتَهَى. وَرَوَى الطبراني في "معجمه الوسط" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ ثَنَا سَوَّارُ بْنُ سَهْلٍ الْمَخْزُومِيُّ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، أَعْنِي لَفْظَ الْحَاكِمِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"2 حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ بِشْرِ بْنِ إسْمَاعِيلَ3 حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ اللَّجْلَاجِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي اللَّجْلَاجُ أَبُو خَالِدٍ: يَا بُنَيَّ إذَا أَنَا مِتَّ فَأَلْحِدْنِي، فَإِذَا وَضَعْتَنِي فِي لَحْدِي، فَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، ثُمَّ شِنَّ عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُمَّ اقْرَأْ عِنْدَ رَأْسِي بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ، وَخَاتِمَتِهَا فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ: قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَيُوَجِّهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ، بِذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْت: غَرِيبٌ، وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد4، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ
عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ قَتَادَةَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: "هِيَ التِّسْعُ"، فَذَكَرَ مِنْهَا: اسْتِحْلَالَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، ثُمَّ قَالَ:"قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا"، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ"، وَقَالَ: قَدْ احْتَجَّ الشَّيْخَانِ بِرُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ، غَيْرِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سِنَانٍ5، فَأَمَّا عُمَيْرُ بْنُ قَتَادَةَ، فَإِنَّهُ صَحَابِيٌّ، وَابْنُهُ عُبَيْدٌ مُتَّفَقٌ عَلَى
1 قلت: ورواه ابن أبي شيبة: ص 131 ج 3 حدثنا وكيع عن هشام عن قتادة به مرفوعاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وضعتم موتاكم في قبوركم، فقولوا: بسم الله، وعلى سنة رسول الله"، أبو خالد الأحمر عن حجاج عن نافع عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع الميت في القبر، قال:"بسم الله، وبالله، وعلى سنة رسول الله".
2 قال الهيثمي في "الزوائد" ص 44 ج 3: رجاله موثقون، ورواه البيهقي في "سننه" ص 56 ج 4 عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه، أنه قال لبنيه، الحديث، وفي آخره: رأيت ابن عمر يستحب ذلك، اهـ.
3 في نسخة "الدار" حدثنا بشر بن إسماعيل "المصحح البجنوري".
4 أخرجه أبو داود في "الوصايا في باب التشديد في أكل مال اليتيم" ص 41 ج 2، والنسائي في "المحاربة في باب ذكر الكبائر" ص 164 ج 2، مختصراً، والحاكم في "المستدرك" ص 59 ج 1، وص 259 ج 4، وصححه، والبيهقي: ص 408 ج 3.
5 لجهالته، ووثقه ابن حبان، كذا في "مختصر الذهبي".
إخْرَاجِهِ، وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ، وَاسْتَدَلَّ النَّوَوِيُّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ" عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام:"إذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ، وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إلَيْكَ"، الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا1، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْقِبْلَةِ، وَلَهُ نَظِيرٌ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ2 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إلَى فِرَاشِهِ، فَلْيَنْفُضْهُ بِطَرَفِ رِدَائِهِ، وَلْيُسَمِّ اللَّهَ تَعَالَى، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ، فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَلْيَقُلْ: سُبْحَانَكَ رَبِّي، اللَّهُمَّ بِك وَضَعْت جَنْبِي، وَبِك أَرْفَعُ، اللَّهُمَّ إنْ أَمْسَكْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا وَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا حَفِظْت بِهِ عِبَادَك الصَّالِحِينَ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّابِعَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام جُعِلَ عَلَى قَبْرِهِ اللَّبِنُ، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: أَلْحِدُوا لِي لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"3 فِي النَّوْعِ السَّابِعِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُلْحِدَ، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا، رُفِعَ قَبْرُهُ مِنْ الْأَرْضِ نَحْوَ شِبْرٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ، وَلُحِدَ لَهُ، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"4 عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: غَسَّلْت النَّبِيَّ عليه السلام، فَذَهَبْت أَنْظُرُ مَا يَكُونُ مِنْ الْمَيِّتِ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، إلَى أَنْ قَالَ: وَأُلْحِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَحْدًا، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَا مِنْهُ غَيْرَ اللَّحْدِ، انْتَهَى. وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ، فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ5 نَصْبَ اللَّبِنِ أَيْضًا، كَمَا ذَكَرْنَاهُ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ جُعِلَ عَلَى قَبْرِهِ طُنٌّ *مِنْ قَصَبٍ،
1 في أول "باب الجنائز".
2 البخاري في "الدعوات في باب بعد باب التعوذ والقراءة عند النوم" ص 935 ج 2، ومسلم في "كتاب الذكر والدعاء في باب الدعاء عند النوم" ص 349 ج 2، ملفق.
3 قال الحافظ في "التلخيص" ص 165: والبيهقي من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عنه.
4 الحاكم في "المستدرك" ص 362 ج 1.
5 أي من حديث سعد بن أبي وقاص، لا من حديث علي.
*أي حزمة.
قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ1" حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جُعِلَ عَلَى قَبْرِهِ طُنٌّ مِنْ قَصَبٍ، انْتَهَى. وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ2" أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ "قَالَ: أَوْصَى أَبُو مَيْسَرَةَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ الْهَمْدَانِيُّ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى لَحْدِهِ طُنٌّ مِنْ قَصَبٍ، وَقَالَ: إنِّي رَأَيْت الْمُهَاجِرِينَ يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ، قَالَ: فَضَمُّوا أَرْبَعَةَ حَرَادِيَّ3 بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ، وَجَعَلُوهَا لَحْدًا. انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ عليه السلام جُعِلَ فِي قَبْرِهِ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ، فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ4. قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله: قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّمَا جَعَلَهَا شُقْرَانُ بِرَأْيِهِ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا عَلِمُوا بِفِعْلِهِ، وَفِي رِوَايَةِ لِلتِّرْمِذِيِّ إشَارَةٌ إلَى هَذَا، انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام نَهَى عَنْ تَرْبِيعِ الْقُبُورِ، وَمَنْ شَاهَدَ قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ أَنَّهُ مُسَنَّمٌ، قُلْتُ: الْأَوَّلُ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رضي الله عنهما فِي "كِتَابِ الْآثَارِ5" أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا يَرْفَعُهُ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَرْبِيعِ الْقُبُورِ وَتَجْصِيصِهَا، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: فِيهِ أَحَادِيثُ: فَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ6" عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ أَنَّ سُفْيَانَ التَّمَّارَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ عليه السلام مُسَنَّمًا، انْتَهَى. وَهُوَ مِنْ
مَرَاسِيلِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يَرْوِ الْبُخَارِيُّ بِسَنَدِ ابْنِ دِينَارٍ التَّمَّارِ إلَّا قَوْلَهُ هَذَا، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"، وَلَفْظُهُ عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: دَخَلْت الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ قَبْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَيْت قَبْرَ النَّبِيِّ عليه السلام، وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ مُسَنَّمَةً، انْتَهَى. وَعَارَضَهُ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ7"، بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد8 عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْت: يَا أُمُّهُ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةً وَلَا لَاطِيَةً، مَبْطُوحَةً بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا:
1 ابن أبي شيبة: ص 133 ج 3.
2 ابن سعد في "طبقاته" ص 73 ج 6، وابن أبي شيبة، مختصراً.
3 "الحرادى" ما يلقى على خشب السقف من أطنان القصب، الواحد حردى "كذا في المغرب" وفي نسخة "الدار" هرادى "بالهاء" والمعنى واحد. "البجنوري".
4 مسلم في "الجنائز" ص 311.
5 أخرجه البخاري في "الجنائز في باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم" ص 186 ج 1، وابن أبي شيبة: ص 134.
6 "كتاب الآثار" ص 42.
7 وفي "شرح المهذب ص 297 ج 5، بمعنى ما في "الخلاصة".
8 أبو داود في "باب تسوية القبر" ص 103 ج 2، والحاكم في "المستدرك" ص 369 ج 1.
إنَّهُ كَانَ أَوَّلًا، كَمَا قَالَ الْقَاسِمُ، مُسَطَّحًا، ثُمَّ لَمَّا سَقَطَ الْجِدَارُ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ جُعِلَ مُسَنَّمًا، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَيْضًا فِي "الْآثَارِ1" أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ عليه السلام. وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ. وَعُمَرَ، نَاشِزَةً مِنْ الْأَرْضِ، عَلَيْهَا فَلْقٌ مِنْ مَدَرٍ أَبْيَضَ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو حَفْصِ بْنِ شَاهِينَ فِي "كِتَابِ الْجَنَائِزِ" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ عَمْرِو بن شمة2 عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلْت ثَلَاثَةً كُلَّهُمْ لَهُ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ عليه السلام أَبٌ: سَأَلْت أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ. وَسَأَلْت الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. وَسَأَلْت سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قُلْت: أَخْبِرُونِي عَنْ قُبُورِ آبَائِكُمْ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكُلُّهُمْ قَالُوا: إنَّهَا مُسَنَّمَةٌ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْقُبُورَ تُسَطَّحُ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ: أَبْعَثُك عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْته، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْته، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، فَتُوُفِّيَ صَاحِبٌ لَنَا، فَأَمَرَ فَضَالَةُ بِقَبْرِهِ فَسُوِّيَ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رحمه الله فِي "التَّحْقِيقِ": وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ تَعْلِيَةِ الْقُبُورِ بِالْبِنَاءِ الْحَسَنِ الْعَالِي، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ: رَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"3 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْمَكِّيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَدْفِنُوا مَوْتَاكُمْ بِاللَّيْلِ، إلَّا أَنْ تُضْطَرُّوا" انْتَهَى. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ4، أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ، فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ عليه السلام أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ، حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ رَجُلٌ إلَى ذَلِكَ، وَقَالَ عليه السلام:"إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ"، انْتَهَى. وَفِي "الْمَغَازِي" لِلْوَاقِدِيِّ5 عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهما، قَالَتْ: مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى سَمِعْنَا
1 "كتاب الآثار" ص 42.
2 في نسخة "الدار" عمرو بن شمر "البجنوري".
3 ابن ماجه في "باب ما جاء في الأوقات التي لا يصلى فيها على الميت ولا يدفن" ص 110.
4 مسلم: ص 306، وأبو داود في "باب في الكفن" ص 93 ج 2.
5 وابن سعد في "الطبقات" ص 79 ج 2، القسم الثاني، عن الواقدي، قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة به.
صَوْتَ الْمِسَاحِيِّ فِي السَّحَرِ، لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمَنْهِيُّ عَنْهُ الدَّفْنُ قَبْلَ الصَّلَاةِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ1: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ، الْحَدِيثَ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَتَحَرَّى الدَّفْنَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، دُونَ غَيْرِهَا، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الدَّفْنُ بِاللَّيْلِ، وَيَدْفَعُ تَفْسِيرَ النَّوَوِيِّ، وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ دُفِنُوا لَيْلًا، فَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي "الْبُخَارِيِّ"2 عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، قَالَ لَهَا: فِي كَمْ كُفِّنَ النَّبِيُّ عليه السلام، إلَى أَنْ قَالَتْ: فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ، وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد3 عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رَأَى نَاسٌ فِي الْمَقْبَرَةِ نَارًا، فَأَتَوْهَا، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَبْرِ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ:"نَاوِلُونِي صَاحِبَكُمْ"، وَإِذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَسَنَدُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ4 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَاتَ إنْسَانٌ كَانَ النَّبِيُّ عليه السلام يَعُودُهُ، فَمَاتَ بِاللَّيْلِ، فَدَفَنُوهُ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ:"مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي"؟ قَالُوا: كَانَ اللَّيْلُ وَالظُّلْمَةُ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَشُقَّ عَلَيْك، فَأَتَى قَبْرَهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ5 عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا نُوَرَّثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ"، وَأَبَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَهَجَرَتْهُ: وَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ صَلَّى عَلَيْهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه، وَدَفَنَهَا لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنْ النَّاسِ جِهَةٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا مَاتَتْ اسْتَنْكَرَ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَايَعَ تِلْكَ الْأَشْهُرَ، مُخْتَصَرٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الْجِهَادِ".
1 حديث عقبة بن عامر تقدم في "فصل الأوقات المكروهة" ص 250، راجعه.
2 البخاري في "باب موت يوم الاثنين" ص 186.
3 أبو داود في "باب الدفن بالليل" ص 95 ج 2، والحاكم في "المستدرك" ص 368 ج 1.
4 البخاري في "باب الأذن بالجنازة" ص 167، قوله: فصففنا، الخ، في: ص 176 ج 1.
5 البخاري في؟ غزوة خيبر" ص 609، ومسلم في "الجهاد في باب حكم الفىء" ص 91 ج 2.