الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبِي الْمُنْذِرِ ثَنَا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى عُمَّالِهِ فِي سُنَّةِ الصَّدَقَاتِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، انْتَهَى. وَرَوَى أَبُو دَاوُد1 مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ. وَالْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ زُهَيْرٌ: أَحْسَبُهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"هَاتُوا رُبُعَ الْعُشُورِ"، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، إلَى أَنْ قَالَ:"وَفِي الْغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ"، الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَجْزُومًا، لَمْ يَشُكَّ فِيهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْبَقَرِ بِتَمَامِهِ.
1 تقدم حديث أبي داود في الفصل السابق.
فَصْلٌ فِي الْخَيْلِ
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ"2 عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ"، انْتَهَى. بِأَلْفَاظِهِمْ السِّتَّةِ. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَزَادَ فِيهِ: إلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ، إذْ لَوْ مَلَكَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا، وَلَفْظُهُ: لَيْسَ فِي الْعَبْدِ صَدَقَةٌ، إلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ: لَا صَدَقَةَ عَلَى الرَّجُلِ فِي فَرَسِهِ وَلَا فِي عَبْدِهِ، إلَّا زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَلِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَوَائِدُ سَتَأْتِي فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد3، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ عَفَوْت لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَّةِ"، انْتَهَى. قال أبو داود: وروى هَذَا الْحَدِيثَ الْأَعْمَشُ4 عَنْ أَبِي إسْحَاقَ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلَتْ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: كِلَاهُمَا عِنْدِي صَحِيحٌ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَوَى عَنْهُمَا.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"5 عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ الْبَصْرِيِّ ثَنَا الصَّقْرُ
2 البخاري في "باب ليس على المسلم في فرسه صدقة" ص 197، ومسلم في "باب ما فيه الزكاة" ص 316، وأبو داود في "باب صدقة الرقيق" ص 232، والنسائي في "باب زكاة الخيل" ص 342، وابن ماجه في "باب صدقة الخيل والرقيق" ص 131، والترمذي في "باب ليس في
الرقيق والخيل صدقة" ص 80، والدارقطني: ص 214.
3 أبو داود في "زكاة السائمة" بطوله ص 228 ج 1، والترمذي في "باب زكاة الذهب والورق" ص 79 ج 1، وابن ماجه في "باب صدقة الخيل والرقيق" ص 131.
4 حديث الأعمش أخرجه الطحاوي: ص 311، عن أبي إسحاق عن عاصم، وروى الطحاوي عن سفيان بن عيينة، وشريك، وإبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله تعإلى عنه.
5 ص 200.
بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: سَمِعْت أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام، قَالَ: لَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ، وَلَا فِي الْجَبْهَةِ صَدَقَةٌ، قَالَ الصَّقْرُ: الْجَبْهَةُ: الْخَيْلُ، وَالْبِغَالُ، وَالْعَبِيدُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْجَبْهَةُ: الْخَيْلُ، انْتَهَى. وَالصَّقْرُ ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ": لَيْسَ هُوَ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٌ، فَقَلَبَهُ الصَّقْرُ عَلَى أَبِي رَجَاءٍ، وَهُوَ يَأْتِي بِالْمَقْلُوبَاتِ، انْتَهَى. وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ الرَّاوِي عَنْ الصَّقْرِ هُوَ الْغَسَّانِيُّ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي عَبْدٍ مُسْلِمٍ، وَلَا فِي فَرَسِهِ شَيْءٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ1 عَنْ بَقِيَّةَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاذٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَفَوْت لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْجَبْهَةِ، وَالْكُسْعَةِ، وَالنُّخْعَةِ،" قَالَ بَقِيَّةُ: الْجَبْهَةُ: الْخَيْلُ، وَالْكُسْعَةُ: الْبِغَالُ، وَالْحَمِيرُ، وَالنُّخْعَةُ: الْمُرَبَّيَاتُ فِي الْبُيُوتِ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَأَبُو مُعَاذٍ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَقِيلَ: عَنْهُ هَكَذَا، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةُ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ بِهِ، وَرَوَاهُ كَثِيرُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو سَهْلٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مُرْسَلًا، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ.
قَوْلُهُ: وَتَأْوِيلُهُ2: فَرَسُ الْغَازِي، هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
قُلْت: غَرِيبٌ، وَذَكَرَهُ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ فِي كِتَابِ "الْأَسْرَارِ"، فَقَالَ: إنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَمَّا بَلَغَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: صَدَقَ، رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَرَادَ فَرَسَ الْغَازِي، قَالَ: وَمِثْلُ هَذَا لَا يُعْرَفُ بِالرَّأْيِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ، انْتَهَى. وَرَوَى أَبُو أَحْمَدَ بْنُ زَنْجُوَيْهِ فِي كِتَابِ "الْأَمْوَالِ"3 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ
طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْخَيْلِ أَفِيهَا صَدَقَةٌ؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَى فَرَسِ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَدَقَةٌ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "فِي كُلِّ فَرَسٍ سَائِمَةٍ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِمَا" عَنْ اللَّيْثِ بْنِ حَمَّادٍ الْإِصْطَخْرِي حَدَّثَنَا
1 ص 118 ج 4.
2 قال الجصاص في "أحكام القرآن" ص 189 ج 3: هذا عند أبي حنيفة على خيل الركوب، ألا ترى أنه لم ينف صدقتها إذا كانت للتجارة بهذا الخبر؟! اهـ.
3 قال الحافظ في "الدراية" ص 158: إسناده صحيح.
4 الدارقطني: ص 214، والبيهقي: ص 119 ج 4، قال الهيثمي في "الزوائد" ص 69 ج 3: فيه ليث بن حماد. وعراك، وكلاهما ضعيف.
أَبُو يُوسُفَ عن غورك1 بن الحضرمي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فِي الْخَيْلِ السَّائِمَةِ فِي كُلِّ فَرَسٍ دِينَارٌ"، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ غَوْرَكٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَمَنْ دُونَهُ ضُعَفَاءُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَمْ يُخَالِفْهُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَأَبُو يُوسُفَ هَذَا هُوَ أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ الْقَاضِي2، وَهُوَ مَجْهُولٌ عِنْدَهُمْ، انْتَهَى. وَفِيهِ شَيْءٌ، فَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَغَيْرُهُ. وَاسْتَدَلَّ لَنَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" بِحَدِيثٍ أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الْخَيْلَ، فَقَالَ:"وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا، وَلَا فِي ظُهُورِهَا، فَهِيَ لِذَلِكَ سَتْرٌ"، وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ حَقَّهَا إعَادَتُهَا وَحَمْلُ الْمُنْقَطِعِينَ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا، ثُمَّ نُسِخَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: قَدْ عَفَوْت لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ، إذْ الْعَفْوُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ شَيْءٍ لَازِمٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَكَذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ"، وَالْحَدِيثُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ أَبِي صَالِحٍ4 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِ مَانِعِ الزَّكَاةِ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ: هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ. وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ. وَلِرَجُلٍ أَجْرٌ، فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ، فَرَجُلُ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا، وَلَا فِي رِقَابِهَا. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: فِي ظُهُورِهَا وَلَا بُطُونِهَا، الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الدِّينَارِ وَالتَّقْوِيمِ مَأْثُورٌ عَنْ عُمَرَ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"5 عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إلَى عُمَرَ، فَقَالُوا: إنَّا قَدْ أَصَبْنَا أَمْوَالًا خَيْلًا وَرَقِيقًا، وَإِنَّا نُحِبُّ أَنْ تُزَكِّيَهُ، فَقَالَ: مَا فَعَلَهُ صَاحِبَايَ قَبْلِي فَأَفْعَلُ أَنَا، ثُمَّ اسْتَشَارَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: أَحْسَنَ، وَسَكَتَ عَلِيٌّ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: هُوَ حَسَنٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ جِزْيَةً رَاتِبَةً يُؤْخَذُونَ بِهَا بَعْدَك، فَأَخَذَ مِنْ الْفَرَسِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ أَعَادَهُ قَرِيبًا مِنْهُ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ وَالْقِصَّةِ، وَقَالَ فِيهِ: فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ فَرَسٍ دِينَارًا، انْتَهَى. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
1 غورك "بالغين المعجمة" كذا في الدارقطني. والميزان، وفي الدارقطني الخضرم، وفي البيهقي الحصرم "بمهملتين" والله أعلم، وفي "الميزان" غورك بن الحضرمي، وفي "الدراية" عورك "بالعين المهملة".
2 أي ليس هو بصاحب لأبي حنيفة.
3البخاري في "المساقاة في باب شرب الناس والدواب من الأنهار" ص 319، ومسلم في "باب إثم مانع الزكاة" ص 319.
4 قلت: حديث أبي صالح عن أبي هريرة هذا هو الذي تقدم فيما استدل به ابن الجوزي آنفاً، فما وجه الإعادة؟.
5 الدارقطني: ص 214، وأعاده في: ص 219، وأخرجه الطحاوي: ص 310، وأحمد في "مسنده: ص 14، إلى قوله: يؤخذون بها بعدك، وكذا الحاكم في "المستدرك" ص 400، وصححه، وقال الهيثمي في "الزوائد" ص 69 ج 3: رواه أحمد. والطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات، اهـ.
الشَّيْبَانِيُّ فِي "كِتَابِ الْآثَارِ"1 أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْخَيْلِ السَّائِمَةِ الَّتِي يُطْلَبُ نَسْلُهَا: إنْ شِئْت فِي كُلِّ فرس ديناراً وعشرة دَرَاهِمَ، وَإِنْ شِئْت فَالْقِيمَةُ، فَيَكُونُ فِي كُلِّ مِائَتَيْ درهم خمسة دراهم، في كل فرس ذكر أَوْ أُنْثَى، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ يَقُولُ: ابْتَاعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُمَيَّةَ أَخُو يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَرَسًا أُنْثَى بِمِائَةِ فَلوص، فَنَدِمَ الْبَائِعُ، فَلَحِقَ بِعُمَرَ، فَقَالَ: غَصَبَنِي يَعْلَى، وَأَخُوهُ فَرَسًا لِي. فَكَتَبَ إلَى يَعْلَى أَنْ الْحَقْ بِي، فَأَتَاهُ، وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: إنَّ الْخَيْلَ لَتَبْلُغُ هَذَا عِنْدَكُمْ؟ مَا عَلِمْت أَنَّ فَرَسًا يَبْلُغُ هَذَا، فَنَأْخُذُ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةً، وَلَا نَأْخُذُ مِنْ الْخَيْلِ شَيْئًا، خُذْ مِنْ كُلِّ فَرَسٍ دِينَارًا، فَقَدَّرَ عَلَى الْخَيْلِ دِينَارًا، انْتَهَى. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يُصَدِّقُ الْخَيْلَ، وَأَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِصَدَقَةِ الْخَيْلِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ رَوَى فِيهِ جَوَيْرِيَةَ عَنْ مَالِكٍ حَدِيثًا صَحِيحًا، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2 عَنْ جُوَيْرِيَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ، قَالَ: رَأَيْت أَبِي يُقَيِّمُ3 الْخَيْلَ، ثُمَّ يَرْفَعُ صَدَقَتَهَا إلَى عُمَرَ رضي الله عنه، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهِمَا شَيْءٌ""يَعْنِي فِي الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ"، قُلْت: الْحَدِيثُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ". وَلَيْسَ فِيهِ: الْبِغَالُ، أَخْرَجَاهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسُئِلَ النَّبِيُّ عليه السلام عَنْ الْحُمُرِ، فَقَالَ:"مَا نَزَلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ"، إلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ4 فِي "بَدْءِ الْخَلْقِ قَبْلَ بَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم"، وَأَعَادَهُ فِي تَفْسِيرِ {إذَا زُلْزِلَتْ} وَأَوَّلُهُ: الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ. وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ. وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، إلَى آخِرِهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُطَوَّلًا فِي "الزَّكَاةِ"، وَهُوَ حَدِيثُ مَانِعِ الزَّكَاةِ، وَأَوَّلُهُ: مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ، وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي
1 "كتاب الآثار في باب زكاة الدواب والعوامل" ص 47.
2 هو في "الطحاوي" ص 310 ج 1، وروى الشافعي في كتاب "الأم" ص 220 ج 7 أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن السائب بن يزيد أن عمر أمر أن يؤخذ في الفرس شاتان، أو عشرة، أو عشرون درهما، اهـ. وقال الحافظ في "الدراية": روى الدارقطني في "غرائب مالك" بإسناد صحيح عنه عن الزهري، أن السائب بن يزيد أخبره، قال: رأيت أبي يقيم الخيل" ثم يدفع صدقتها إلى عمر.
3 في "الجوهر" يقوم، وفي "الطحاوي" يقيم.
4 أخرجه البخاري في"المساقاة في باب شرب الناس والدواب من الأنهار" ص 319، وفي "الجهاد" ص 400، وفي "المناقب" ص 514، وفي "التفسير" ص 741 ج 2، وفي "الاعتصام" ص 1093، وأخرجه مسلم في "باب إثم مانع الزكاة" ص 319 ج 1.
حَقَّهَا، الْحَدِيثَ، فَعَزَاهُ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ لِمُسْلِمٍ فَقَطْ، وَكَأَنَّهُمَا اعْتَمَدَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الزَّكَاةِ" فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْحَدِيثَ هُنَاكَ، وَاخْتَصَرَ مِنْهُ ذِكْرَ الْحُمُرِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ بَعْضَهُ.
فَصْلٌ
الْحَدِيثُ السَّابِعَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "لَيْسَ فِي الْحَوَامِلِ وَالْعَوَامِلِ، وَلَا فِي الْبَقَرَةِ الْمُثِيرَةِ صَدَقَةٌ"،قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَفِي الْعَوَامِلِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"1 مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرٍ ثَنَا أَبُو إسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَالْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ زُهَيْرٌ: وَأَحْسَبُهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "هَاتُوا رُبُعَ الْعُشُورِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ"، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ فِيهِ: وَلَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ شَيْءٌ، مُخْتَصَرٌ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَجْزُومًا، ليس فيه: قال زُهَيْرٌ: وَأَحْسَبُهُ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": هَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ، وَكُلُّ مَنْ فِيهِ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ، وَلَا أَعْنِي رِوَايَةَ الْحَارِثِ، وَإِنَّمَا أَعْنِي رِوَايَةَ عَاصِمٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهَذَا مِنْهُ تَوْثِيقٌ لِعَاصِمٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ بِهِ مَرْفُوعًا، وَوَقَفَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ"2، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، وَمَعْمَرٌ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ الْبَقَرِ صَدَقَةٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ". والدارقطني فِي "سُنَنِهِ" عَنْ سَوَّارِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَطَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ"، وَأَعَلَّهُ بِسَوَّارٍ، وَنَقَلَ تَضْعِيفَهُ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنِ مَعِينٍ. وَوَافَقَهُمْ، وَقَالَ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ غَالِبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَرْفُوعًا نَحْوُهُ، وَغَالِبٌ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ الرَّازِيُّ: مَتْرُوكٌ.
حَدِيثٌ فِي الْمُثِيرَةِ: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"3 عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سعد
1 أبو داود في "باب زكاة السائمة" ص 237، والدارقطني: ص 204، مجزوماً فيها، والبيهقي: ص 116 ج 4.
2 وابن أبي شيبة: ص 14 ج 3، والدارقطني: ص 204، كلاهما عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق به، وكذا في البيهقي: ص 116 ج 4.
3 الدارقطني: ص 204، وقال الحافظ في "الدراية": إسناده حسن، وقال: أخرجه عبد الرزاق موقوفاً، وهو أصح
عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنهم أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام، قَالَ:"لَيْسَ فِي الْمُثِيرَةِ صَدَقَةٌ"، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رحمه الله: فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَالصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ، انْتَهَى. وَوَقَفَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَوْقُوفًا.
الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "لَا تَأْخُذُوا مِنْ حَزَرَاتِ أَمْوَالِ النَّاسِ، وَخُذُوا مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ".قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ1 بَعْضَهُ مُرْسَلًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لِمُصَدَّقِهِ "لا تأخذ من حرزات أَنْفُسِ النَّاسِ شَيْئًا، خُذْ الشَّارِفَ، وَالْبِكْرَ، وَذَوَاتِ الْعَيْبِ"، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ هِشَامٍ بِهِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ثَنَا حَمَّادُ عَنْ هِشَامٍ بِهِ، وَالشَّارِفُ: الْهَرِمَةُ، وَالْبِكْرُ: الصَّغِيرُ مِنْ الْإِبِلِ، يُؤَدِّي. وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"2 أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مُرَّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِغَنَمٍ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَرَأَى مِنْهَا شَاةً حَامِلًا، ذَاتَ ضَرْعٍ عَظِيمٍ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الشَّاةُ؟ فَقَالُوا: شَاةٌ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: مَا أَعْطَى هَذِهِ أَهْلُهَا، وَهُمْ طَائِعُونَ، لَا تَفْتِنُوا النَّاسَ! لَا تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ3 الْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي "كِتَابِ الْأَمْوَالِ"، وَقَالَ: الْحَزَرَاتُ: هِيَ خِيَارُ الْمَالِ، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الصُّنَابِحِ الأخمسي، قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيُّ عليه السلام نَاقَةً حَسَنَةً فِي إبِلِ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ صَاحِبُ الصَّدَقَةِ: إنِّي ارْتَجَعْتُهَا بِبَعِيرَيْنِ مِنْ حَوَاشِي الْإِبِلِ، قَالَ: نَعَمْ إذًا، انْتَهَى. وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ مُعَاذٍ رضي الله عنه4 حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ عليه السلام، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَك بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فإِن هم أَطَاعُوا لَك بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وكرائم أموالهم، الحديث.
وحديث آخَرُ: قَالَ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"5: قَرَأْت فِي كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ بِحِمْصَ، عِنْدَ آلِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْحِمْصِيِّ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الغامزي مِنْ غَامِزَةِ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: "ثَلَاثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ طَعِمَ
1 البيهقي: ص 102 ج 4، وابن أبي شيبة: ص 12 ج 3، وروى الطحاوي: ص 314 ج 1 مرسلاً، وعن عروة عن عائشة مسنداً أيضاً بإسناد رجاله ثقات.
2 "الموطأ" ص 115، ومن طريقه أبو عبيد في "كتاب الأموال" ص 403، ورواه أبو عبيد عن هشيم عن الأنصاري، وابن أبي شيبة عن الأحمر عنه ص 12 ج 3، ولم يذكرا عائشة، والله أعلم.
3 حزرات: جمع حزرة "بالحاء المهملة" وتقديم المنقوطة على الراء، كذا قال ابن الهمام في "الفتح" والحافظ في "الدراية" وهو خيار الأموال.
4تقدم تخريجه في "أوائل الزكاة" أخرجه البخاري في "باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة" ص 196.
5240:2
طَعْمَ الْإِيمَانِ: مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ، وَأَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وَأَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ رَافِدَةً عَلَيْهِ فِي كُلِّ عَامٍ، وَلَمْ يُعْطِ الْهَرِمَةَ، وَلَا الدَّرَنَةَ، وَلَا الْمَرِيضَةَ، وَلَا الشُّرَطَ اللَّئِيمَةَ، وَلَكِنْ مِنْ وَسَطِ أَمْوَالِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ، انْتَهَى. وَلَمْ يَصِلْ أَبُو دَاوُد بِهِ سَنَدَهُ، وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَزَّارُ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَحَادِيثِ الْأُصُولِ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "فِي خَمْسٍ الْإِبِلِ شَاةٌ، وَلَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا".قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": وَرَوَى الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى، وَأَبُو إسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي "كِتَابَيْهِمَا": أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: قَالَ: "فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْ الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا"، انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ، تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ عُمَرَ رضي الله عنه1 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ كِتَابَ الصَّدَقَةِ، وَكَانَ فِيهِ: فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ أَنَسٍ، عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، فِي خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ.
قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا، فَرَوَى مَعْنَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ2 الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكِتَابِ عُمَرَ رضي الله عنه فِي الصَّدَقَاتِ: أَنَّ الْإِبِلَ إذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَلَيْسَ فِيمَا دُونَ الْعَشْرِ شَيْءٌ يَعْنِي حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَهَكَذَا قَالَ فِي كُلِّ نِصَابٍ، قُلْت: وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لِمُحَمَّدٍ فِي قَوْلِهِ: إنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي النِّصَابِ مَعَ الْعَفْوِ، بِظَاهِرِ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ أَنَسٍ: مِنْ كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ. فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، الْحَدِيثَ. وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، الْحَدِيثَ. وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ غَيْرُ الْوُجُوبِ إلَى النِّصَابِ الْآخَرِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ الْأَوَّلَ مُنْسَحِبٌ إلَى الْوُجُوبِ الثَّانِي، وَمَا بَيْنَهُمَا هُوَ الْعَفْوُ.
قَوْلُهُ: لِأَنَّ الصُّلْحَ قَدْ جَرَى عَلَى ضِعْفِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَعْنِي مَعَ بَنِي تَغْلِبَ، قُلْت: أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ رحمه الله عن عبادة بن نعمان التَّغْلِبِيِّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه لَمَّا صَالَحَهُمْ يَعْنِي نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ عَلَى تَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ، قَالُوا: نَحْنُ عَرَبٌ لَا نُؤَدِّي مَا يُؤَدِّي
1 تقدم كتاب عمر في "فصل في الإِبل" ص 338 من هذا الجزء، وفي ذلك الفصل كتاب أنس أيضاً.
2 أبو عبيد في "كتاب الأموال" ص 363.