الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
سماحة الشيخ/ صالح بن محمَّد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الهادي من شاء من عباده لسبيل المتقين السالك بهم صراط الذين أنعم عليهم من أوليائه وأنصار دينه وبعد، فإن أشرف ما اشتغل به طالب العلم من بحثٍ ومراجعةٍ بعد كتاب الله الذي هو حبله المتين الهادي للتي هي أقوم مذاكرة كلام رسوله صلى الله عليه وسلم واستنباط الأحكام منه والاستدلال به على المحجة البيضاء واعتماده لحل مشاكل الحياة المبهمات، وقد قام حملة كنوز الشريعة وحماة الملة بعنايةٍ فائقة وجهودٍ عظيمة يذودون عن الملة ويبَصِّرون التائه بمنار الطريق فخدموا سنة رسول الله جمعًا وتنسيقا واستنباطاً، وإيضاح ما قد يشكل وكشف ما قد يوهم فتركوا لنا ثروةً علمية عظيمة نفيسة نسأل الله أن يحسن جزاءهم ويعلي قدرهم ويصل من جاء بعدهم من أهل العلم بمنظومتهم الكريمة، لقد قاموا بتهيئة كنوز السنة وتقريبها للراغبين فيها ما بين إفراد أبواب من أبواب العلم بالتصنيف أو جمع لما أمكن جمعه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسند الصحيح فاحصوا ودونوا كل ما قاله رسول الله أو علم به فاقره ثم جاء حملة تراثهم فصنفوا في ذلك ما قد يسر على الراغبين بالسنة السبيل، وممن اعتنى بذلك وأسهب بالتطويل أو جمع باختصار الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، فألف كتابه "الجامع الكبير" الذي يعد أوسع كتاب جمع الأحاديث القولية والفعلية وألف بعده كتابه "الجامع الصغير" ثم زيادة الجامع الصغير. وألف في المتواترات إلى غير ذلك مما يجده من يريد معرفة مؤلفات السيوطي. وقد اعتنى الناس بكتاب الجامع
الصغير للسيوطي وألفت عليه شروح عدة وتعقيبات عليه أو دفاع عنه وأوسع ما تداولته الأيدي من شروحه كتاب: (فيض القدير شرح الجامع الصغير) للعلامة محمَّد عبد الرؤوف المناوي وغيره.
وممن تصدى لشرحه بعد الألف ومئة من الهجرة العلامة محمَّد بن إسماعيل الأمير الصنعاني أحد كبار علماء اليمن في وقته المتوفى عام اثنين وثمانين ومئة بعد الألف من هجرة سيد المرسلين بشرح سماه (التنوير) شرح الجامع الصغير وقد بقي مخطوطاً رغم عناية أهل العلم بمؤلفات البدو الصنعاني رحمه الله لما له من مكانة بين علماء اليمن وغيرهم فبقي كتابه في أحشاء المكتبات لا يطَّلع عليه إِلا من لديه مخطوطة الكتاب ثم يسَّر الله خروجه من خزانة المكتبة فتلقاه الباحث المهتم بكنوز السنة أحد منسوبي جامعة الإِمام محمَّد بن سعود الإِسلامية تلك الجامعة الجديرة باحتضان العلم والعلماء ولها مكانتها وآثارها في نشر العلم وهي إحدى مناراة العلم والباحث المقصود هو الدكتور المعتني بالحديث الحامل لشهادة الدكتوراه فيه/ محمَّد إسحاق بن محمَّد إبراهيم وله أعمال كريمة وعنده رغبة في تتبع مكتبات أهل الحديث لعلمه بعظيم أثر ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حل مشاكل المسلمين خاصة والبشرية عامة فقام جزاه الله خيراً بتحقيق هذا الشرح واجتهد في الدلالة على مواضع الأحاديث من مصادرها التي عزاها إليها السيوطي رحمه الله فكان لعمله في هذا الكتاب أثرٌ كبير في تسهيل المرجع إلى مواقع هذه الأحاديث من الكتب المخرجة منها والاطلاع على ما يمكن من شروحها وفي ذلك خدمة كبيرة للعلم
والعلماء فله منا الشكر والدعاء بالتوفيق لإبراز ما يمكن من كنوز السنة، بارك الله فيه وزادنا وإياه من البر والتقوى. وقد اطلعت على كثيرٍ من عمله في هذا الكتاب وقابلت كثيرًا من الشرح في التنوير على ما في فيض القدير للمناوي ولذا فإن اجتماع الكتابين عند طالب العلم مفيد جدًّا وإن كان بينهما تفاوت في بعض المواضع طولًا أو قصرًا والصنعاني رحمه الله ألف شرحه وأتمه قبل وفاته بحوالي ثمان وعشرين سنة ولهذا قد يجد القارئ بعض مواقف يجزم فيها القارئ أن الإمام الصنعاني لو راجعه قبل وفاته بعشر سنوات أو أكثر لربما تجنب بعض ما كتب أو زاد على بعض ما كتب رحمه الله رحمة واسعة ولكن الكمال لا يحوزه أحد بعد الأنبياء وبحر علمه ودفاعه عن السنة وانتصاره لأئمة السنة أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية لا يخفى على أهل العلم كما أن ما أضافه إليه فضيلة الدكتور محمد إسحاق من تعليقات ونقل تصحيح بعض الأحاديث التي أشار إليها السيوطي بالضعف أو نقل تضعيف بعض الأحاديث التي صححها السيوطي مما يجعل هذا الشرح مفيدًا وكريمًا، كما أن الدكتور محمد إسحاق وضع فهرسًا لأطراف أحاديث الجامع الصغير .. وقد رغب فضيلته إلى أن أكتب له كلمةً بشأن هذا الكتاب فوجدته كتابًا مفيدًا أتى بجل ميزات فيض القدير وسلم من كثيرٍ من الأفكار الصوفية أو ما يخالف مسلك أهل السنة في الأسماء والصفات وربما وجد القارئ بعض التفاوت في تعداد الأحاديث فعلى سبيل المثال وأظنه مع المثال بالندرة أيضًا فمثلًا (لا نكاح إلا بولي .. الخ) في الفيض عددها ثلاثة وفي التنوير أربعة.
هذه كلمة أكتبها إجابةً لرغبة الشيخ الدكتور محمد إسحاق وعسى أن يترحم علينا جميعاً من يقرأ في هذا الشرح فيعمنا مع السيوطي والصنعاني ومحقق كتاب التنوير هذا بالدعاء والله الموفق وأسأل الله أن يغفر لنا وللإمام السيوطي وشراح كتابه ويغفر لمحقق الكتاب وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رئيس مجلس القضاء الأعلى
في المملكة العربية السعودية
صالح بن محمد اللحيدان
14/ 5/ 1430 هـ