الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الهمزة مع الحاء المهملة
195 -
" أحب الأعمال إلى الله الصلاة لوقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله (حم ق د ن) عن ابن مسعود (صح) ".
(أحب الأعمال) أي أعمال أهل الإيمان فلا يرد أن الإيمان أحب (إلى الله) حب الله للعمل إثابته عليه وقبوله له ومحبته لفاعله (الصلاة) المفروضة كما دل له قوله (لوقتها) فإنها ذات الأوقات، ولأنها الفرد الكامل إذا أطلقت فهي المتبادرة، فلا يرد أن من النوافل ما له وقت كالضحى أو نحوها، وقد قيَّد إطلاقه ما في رواية لحديث ابن مسعود هذا، وحديث أم فروة بلفظ:"لأول وقتها"(1) ويأتي حديث عند الطبراني بلفظ: "لأول وقتها" وفيه راوٍ ضعيف، ولكنه شهد له مداومته صلى الله عليه وسلم عليه كما قال الشافعي، ولأنه يشعر به التفضيل فإنه أريد أفضلية الصلاة الواقعة في الوقت على التي تقع خارج الوقت فالتي تقع خارج الوقت لا فضيلة لها فضلاً عن كونها مفضلاً، عليها ويدل له حديث:"أول الوقت رضوان الله، وآخر الوقت عفو الله"، يأتي (2)، وإذا كان آخر الوقت عفو الله فالصَّلاة في غير وقتها غير مقبولة، ويأتي البحث بأطول من هذا، وبيان أن التفضيل حقيقي وأن اللام في الأعمال للاستغراق في أثناء الوقت لا على التي تقع (ثم بر الوالدين) طاعتهما والإحسان إليهما وإن كان بر الأم أفضل من برِّ الأب كما يأتي (ثمَّ الجهاد في سبيل الله) يستفاد منه لعطفه بثم أنه لا يخرج الولد مجاهدًا إلا برضا الوالدين، إذ رضاهما بخروجه من برهما، وكذلك لا يخرج
(1) حديث أم فروة أخرجه أبو داود (426)، وأحمد (6/ 374)، والبيهقي (1/ 232)، والطبراني في الكبير (25/ 82 رقم 210)، وفي الأوسط (860).
(2)
برقم (2792).
للحجِّ إلا بإذنهما، ومثله خروجه لطلب العلم.
وتقديم الصَّلاة يدلُّ أنَّه يؤديها أول وقتها وإن كرهًا (حم ق د ن عن ابن مسعود)(1) زاد في رموز الكبير رمز ابن حبان وحذف رمز أبي داود.
196 -
" أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل (ق) عن عائشة"(صح).
(أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ) هذه الأحبية للعمل باعتبار صفة الدوام فيكون أعم من الأول باعتبار الصفة، فالصلاة المداوم عليها أوَّل وقتها أحبُّ إلى الله من صلاة أوَّل الوقت لا يداوم عليها فالعمل المداوم عليه أفضل من عمل لا يداوم عليه من حيث صفة الدوام وإن كان ذلك أفضل باعتبار ذاته ويحتمل أنَّه أُريدَ بهذا فرائض الطاعات؛ لأَنَّها دائمة متكررةٌ، فكأَنَّه قال: أحب الأعمال إلى الله الفرائض لدوامها في كل يوم كالصلاة أو في كل عام كالحجِّ والزَّكاة والصَّوم إلا أن قوله: "وإن قل" لا يناسب هذا (ق عن عائشة)(2).
197 -
" أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله (حب) وابن السني في عمل يوم وليلة (طب هب) عن معاذ"(صح).
(أحب الأعمال إلى الله أن تموت) خطاب لغير معين لكلِّ من يصلح للخطاب (ولسانك رطب من ذكر الله) أي قريب عهد بالذكر، جعل الذكر للسان بمثابة الماء وذلك لأن بالذكر حياة القلب كما أن بالماء حياة الأرض، فأثبت له الرطوبة كما هي ثابتة بالماء أو لأن بالذكر يجري ماء اللسان بخلافه مع السكوت، كما قال الزمخشري، ومن المجاز رطب لساني بذكرك وهذه الأحبية باعتبار الذكر وبالنظر إليه أي أحب الذكر إلى الله هذا النوع منه وهو ما يتصل
(1) أخرجه أحمد (1/ 421) والبخاري (504)، ومسلم (85) والنسائي (1/ 292)، صحيح ابن حبان (1477) ولم أقف عليه عند أبي داود من حديث ابن مسعود.
(2)
أخرجه البخاري (6100) ومسلم (783).
بحالة الموت ويحتمل أنه إشارة إلى حديث: "من كان آخر قوله من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة"(1)(حب وابن السني)(2) بضم المهملة فنون فتحتية مثناة هو الإِمام الحافظ الثقة أبو بكر أحمد بن محمَّد بن إسحاق بن إبراهيم من موالي جعفر بن أبي طالب الهاشمي، عرف بابن السني صاحب كتاب "عمل يوم وليلة" وراوي سنن النسائي عنه، سمع النسائي وغيره أكثر الترحال وسمع عنه جماعات، قال الذهبي: كان دينًا خيرًا صدوقًا، اختصر السنن وسمَّاه "المجتبى" عاش بضعًا وثمانين سنة، مات سنة 384 (3) في عمل يوم وليلة كتاب ألفه في ذلك. (طب هب عن معاذ) رمز المصنف لصحته، قال الشارح: إنه تبع ابن حبَّان في تصحيحه، قال الهيثمي في رواية الطبراني: فيه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك ضعَّفه جمعٌ ووثَّقه أبو زرعة وبقية رجاله ثقاتٌ.
198 -
" أحب الأعمال إلى من أطعم مسكينًا من جوع، أو دفع عنه مغرما أو كشف عنه كربا (طب) عن الحكم بن عمير (ض) ".
(أحبُّ الأعمال إلى الله من أطعم مسكينًا) في النهاية (4) قد تكرَّر ذكر المسكين والمساكين والمسكنة والتمسكن وكلها يدرو بمعناها على الخضوع والذلَّة وقلَّة المال والحال السيئة واستكان إذا خضع والمسكين الذي لا شيء له وقيل: هو
(1) ذكره الترمذي تحت حديث رقم (977).
(2)
أخرجه ابن حبان (818) وابن السني (2) والطبراني (20/ 93) رقم (181)(20/ 106) رقم (208)(20/ 107) رقم (212)، وقال الهيثمي (10/ 74): رواه الطبراني بأسانيد وفي أحدها: خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك ضعفه جماعة وثقة أبو زرعة الدمشقي وغيره وبقية رجاله ثقات، ورواه البزار وإسناده حسن، والبيهقي في الشعب (516)، وكذلك البخاري في خلق أفعال العباد (1/ 72) والطبراني في مسند الشاميين (191).
(3)
ينظر: تذكرة الحفاظ (3/ 939) وتاريخ دمشق (5/ 214). والنسائي نفسه مختصر السنن وسمّاه "المجتبى" انظر كتابي: "الأصول الستة رواياتها ونسخها".
(4)
النهاية (2/ 385).
الذي له بعض الشيء. انتهى. وإطعام المسكين من أشرف أنواع البر وناهيك أنه تعالى جعل عدم الحضِّ على إطعامه قرينًا للتكذيب بيوم الدين (من جوع أو دفع عنه مغرمًا) بفتح ميمه وسكون المعجمة من الغرامة وهي ما يلزم أداؤه (أو كشف عنه كربًا) الكشف الإزالة والكرب بفتح أوَّله وسكون ثانيه الذي يأخذ النفس والكربة بالضم مثله ويأتي الحث على هذه الأنواع من البر في حق غير المسكين أيضًا، وهذه الأحبية بالنظر إلى الإحسان إلى العباد فلا ينافي ما سلف لاختلاف جهات التفضيل (طب عن الحكم بن عمير) (1) رمز المصنف لضعفه قال الشارح: لكن له شواهد.
199 -
" أحب الأعمال إلى الله، بعد أداء الفرائض، إدخال السرور على المسلم (طب) عن ابن عباس"(ض).
(أحبُّ الأعمال إلى الله) أي الأعمال النفل كما دلَّ له قوله (بعد الفرائض إدخال السرور على المسلم) بفعل أو قول فهو أعم من حديث الحكم في المدخل عليه ويؤخذ منه أن أبغضها إليه تعالى إدخال الحزن على المسلم (طب عن ابن (2) عباس) رمز المصنف لضعفه، وقال الهيثمي: فيه إسماعيل بن عمر البجلي (3) وثَّقه ابن حبَّان وضعفه غيره.
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 245) رقم (3187) قال الهيثمي (3/ 116): فيه سليمان بن سلمة الخبائري وهو ضعيف. قال الذهبي: تركه أبو حاتم، المغني في الضعفاء برقم (2593). وقال الألباني في ضعيف الجامع (161) والسلسلة الضعيفة (1861) ضعيف جدًّا.
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 71) رقم (11079)، وفي الأوسط (7911)، وقول الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 193) وفي إسناده إسماعيل بن عمرو البجلي، قال المناوي في الفيض (1/ 167)، قال الحافظ العراقي: سنده ضعيفٌ وضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع (158) والسلسلة الضعيفة (2162).
(3)
وإسماعيل بن عمرو الجبلى انظر ترجمته في الميزان (1/ 399).
200 -
" أحب الأعمال إلى الله حفظ اللسان (هب) عن أبي جحيفة (ض) ".
(أحب الأعمال) المتروكة (إلى الله حفظ اللسان) عن النطق فيما لا ينفع وهذه الأحبية باعتبار الترك والأولات باعتبار الفعل وتأتي في حفظ اللسان أحاديث ويأتي زيادة في الكلام عليها (هب (1) عن أبي جحيفة) رمز المصنف لضعفه.
201 -
" أحب الأعمال إلى الله الحبُّ في الله، والبغض في الله (حم) عن أبي ذر (ح) ".
(أحب الأعمال إلى الله الحب في الله والبغض في الله) كلمة في للتعليل، مثلها في حديث:"أن امرأة دخلت النار في هرة"(2) أي الحب لأجل الله وهو أن يحب من يحبه الله وهم أهل طاعته وتبغض من يبغضه الله وهم أهل معصيته فتحب أنبياءه وصالحي عباده وتبغض أعداءه وأعداء رسله كالكفار والفساق وتأتي أحاديث يحصر فيها الإيمان على ذلك (حم عن أبي ذر)(3) رمز المصنف لحسنه.
202 -
" أحب أهلي إليَّ فاطمة (ت ك) عن أسامة ".
(أحب أهليَّ إلى فاطمة) أي من النساء فاطمة ابنته صلى الله عليه وسلم فلا ينافيه حديث الحسنين الآتي (ت ك عن أسامة بن زيد)(4) سكت عليه المصنف وقد حسَّنه
(1) أخرجه البيهقي في الشعب (4950) قال المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 337) رواه أبو الشيخ ابن حبان والبيهقي وفي إسناده من لا يحضرني الآن حاله. وفي إسناده أيضاً: عمرو بن محمَّد البصري قال ابن حجر في التقريب (5107) صدوق ربما أخطأ. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (165) والسلسلة الضعيفة (1115).
(2)
أخرجه مسلم (2619).
(3)
أخرجه أحمد (5/ 146). وأبو داود (4599)، وقال الهيثمي في المجمع (1/ 90) رواه أحمد وفيه رجل لم يسم، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (157) والسلسلة الضعيفة (1310).
(4)
أخرجه الترمذي (3819) وقال: حسنٌ صحيحٌ، والحاكم (2/ 417) وقال: صحيح الإسناد وتعقبه الذهبي قال فيه عمر بن أبي سلمة ضعيفٌ وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (167) والسلسلة الضعيفة (1844).
الترمذي وصحَّحه الحاكم.
203 -
" أحب أهل بيتي إلى الحسن والحسين (ت) عن أنس) "(ح).
(أحب أهل بيتي) أي من الرجال والنساء (إليّ الحسن والحسين) فهما أحب إليه من فاطمة إن حمل على عموم أهله الذي تفيده الإضافة، ويحتمل أنَّ المراد ما عدا فاطمة لما قدَّمناه فيكون الحسنان أحبُّ أهله إليه إلا أمَّهما وهي أحب أهله إليه إلا ابناها فلا تفيد أحبية أحد الفريقين إليه على الآخر (ت عن أنس)(1) رمز المصنف لحسنه، قال الشارح: فيه أبو شيبة، قال أبو حاتم: ضعيف.
204 -
" أحبّ النساء إليَّ عائشة، ومن الرجال أبوها (ق ت) عن عمرو بن العاص (ت هـ) عن أنس (صح) ".
(أحب النساء (2) إليَّ) من الزوجات الموجودات حال التكلم فلا تدخل خديجة ولا فاطمة (عائشة ومن الرجال) عطف على مقدر كأنَّه قال: أحب النَّاس إليَّ من النساء ومن الرجال (أبوها) كأنَّ المراد من الرجال غير أهل بيته فلا ينافيه حديث الحسنين ويأتي فيه الاحتمال الآخر (ق ت عن عمرو بن العاص ت عن أنس)(3).
205 -
" أحب الأسماء إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن (م د ت هـ) عن ابن عمر"(صح).
(أحب الأسماء إلى الله) ما سمِّي به العبد (عبد الله وعبد الرحمن) لشرف في ما
(1) أخرجه الترمذي (3772) وقال: غريب وكذا أبو يعلى (4294) والبخاري في التاريخ الكبير (8/ 377) وابن عدي (7/ 166) في ترجمة يوسف بن إبراهيم التميمي أبو شيبة وقال الحافظ ضعيف، التقريب (7855) وقال: صاحب عجائب. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (166) والسلسلة الضعيفة (1843).
(2)
في المطبوعة (الناس).
(3)
أخرجه البخاري (3662) ومسلم (2384)، والترمذي (3885) وحديث أنس أخرجه الترمذي (3890) وابن ماجه (101).
أضيف إليه لفظ "عبد" فإنهما اسمان مختصان بالله تعالى وهو حث على التسمية بهما (م د ت هـ (1) عن ابن عمر).
206 -
" أحب الأسماء إلى الله ما تعبد له، وأصدق الأسماء همام وحارث، الشيرازي في الألقاب (طب) عن ابن مسعود"(ض).
(أحب الأسماء إلى الله) التي تسمى به العباد فلا تدخل فيها أسماؤه الحسنى (ما تعبد) بضم المثناة وتشديد المُوحدة (له) أي ما دلَّ على العبودية لله من كل لفظ عبد أضيف إلى اسم من أسمائه الحسنى وظاهره استوائها في الأحبية إلا أن إفراد عبد الله وعبد الرحمن يدل على أنهما أحبّ الأحب وأما هما فلا دليل على أحبية أحدهما على الآخر، ويحتمل: أن عبد الله أحب من عبد الرحمن لتقديم ذكره، أو وجه أحبية ما أضيف إلى اسم من أسمائه الحسنى أنها محبوبة إليه قد اختارها لنفسه وأمر عباده أن يدعوه بها فأحب ما أضيف إليها واكتسب الأحبية منها وهذه سراية معنوية من المضاف إليه إلى المضاف، أشرف من السرايات اللفظية كاكتسابه منه تعريفًا وتأنيثاً (وأصدق الأسماء حارث وهمام)(2) كلاهما اسم فاعل من "حرث وهم" إلا أن الثاني جاء على صيغة المبالغة، قال في النهاية (3): الحارث الكاسب والإنسان لا يخلو من الكسب قطعاً، ومنها همام فعال من هم بالأمر يهم إذا عزم عليه وإنما كان أصدق لأن ما من أحد إلا وهو يهم بأمر كان خيرًا أو شرًا. انتهى.
إن قلت: عبد الله وعبد الرحمن من أصدق الأسماء لتحقيق العبودية فيهما، فلم كان حارث وهمام أصدق منهما. قلت: إنهما وإن كانا صادقين باعتبار العبودية وتحققها فيهما لكن القيام بحقها لا يفي به المسمى، فإنَّ حق العبد أن
(1) أخرجه مسلم (2132)، وأبو داود (4949)، والترمذي (2833).
(2)
في المطبوعة: (همام وحارث).
(3)
النهاية (1/ 360).
لا يخالف مولاه في كل ما أمر به ونهاه عنه، ومن ذا يقوم بذلك من العباد وكل بني آدم خطاءون كما قاله صلى الله عليه وسلم (1) فهما اسمان من أحب الأسماء وأصدقهما باعتبار لفظهما لا باعتبار مطابقة المسمى لمعناها بخلاف حارث وهمام فكل من المسمى بهما قائم بمدلوله أتم قيام فكانا أصدق الأسماء (الشيرازي في الألقاب طب عن ابن مسعود)(2) رمز المصنف لضعفه وجزم في الدرر بضعفه؛ لأنَّ فيه محمَّد بن محصن العكاشي متروك.
207 -
" أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة (حم خد طب) عن ابن عباس (صح) ".
(أحب الأديان إلى الله الحنيفية) في النهاية (3): الحنيفية عند العرب من كان على دين إبراهيم عليه السلام وأصل الحنف الميل وفيها (السمحة) السهلة التي ليس فيها شيء من الأصار والأغلال التي كانت في شرائع الأنبياء عليهم السلام ولما كانت أحب الأديان إليه اختارها لأحب رسله صلى الله عليه وسلم إليه وأمته {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} (حم خد طب عن بن عباس)(4) رمز المصنف
(1) يشير بذلك إلى حديث: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون". أخرجه الترمذي (2499)، وابن ماجه (4251) وأحمد (3/ 198)، والحاكم في المستدرك (4/ 272). وأبو يعلى (2922).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 73) رقم (9992) والأوسط (694) وفي إسناده محمَّد بن محصن العكاشي وهو متروك كما في المجمع (8/ 50). وانظر: تهذيب الكمال (29/ 372) وقال الحافظ: كذبوه، التقريب (6268). وقال الحافظ في الفتح (10/ 570) والقاري في الموضوعات الكبرى (452): سنده ضعيف. وقال الألباني في ضعيف الجامع (156) والسلسلة الضعيفة (408): موضوع.
(3)
النهاية: (1/ 451).
(4)
أخرجه أحمد (1/ 236)، والبخاري في الأدب المفرد (287)، والطبراني في الكبير (11/ 227)(1157)، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 94): وصله أحمد بن حنبل وغيره من طريق محمَّد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس وإسناده حسن، حسنه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (2/ 41)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (110)، والسلسلة الصحيحة (881).
لصحته وقال الهيثمي: فيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري منكر الحديث، وقال العلائي: له طرق لا تنزل عن درجة الحسن بانضمامها، قال ابن حجر: له شاهد مرسل عند ابن سعد وقال في المختصر: إسناده حسن.
208 -
" أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها (م) عن أبي هريرة (حم ك) عن جبير بن مطعم"(صح).
(أحب البلاد إلى الله مساجدها) لأنَّها بيوت طاعته وكفاها شرفًا أنها بيوت الله تضاف إليه ولأنها محل أوليائه وأحبابه وإليها تنزل ملالكته ومنها بالأعمال الصالحات تصعد إلى سماواته (وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) لأنها محل الشياطين وموضع الكذب والأيمان الفاجرة والفحش والتفحش والمعاملات الباطلة، وحبه تعالى للبقاع وبغضه لها حبه لأهلها والساكنين بها وبغضه لهم ولمن يلازمها (م عن أبي هريرة (1) حم ك عن جبير بن مطعم).
209 -
" أحب الجهاد إلى الله كلمة حق تقال لإمام جائر (حم طب) عن أبي أمامة (ح) ".
(أحب الجهاد إلى الله كلمة حق تقال لإمام جائر) إنما كان هذا أحب إلى الله لما فيه من الإعلان بالحق والصدوع به وإيثار مرضاة الله على مرضاة عباده والمخاطرة بالنفس لإعلاء كلمته وإنما كان أحب من القتال وملاقة الأقران؛ لأنَّ ذلك فيه مظنة الظفر والغلبة والسلب وقوة النفس في الدفع عن دمها بخلاف المتكلم عند الجائر فليس فيه شيء من ذلك بل ما هو إلا مخاطرة بالنفس لا غير، وفيه أن أحب الأعمال إلى الله أشقها على فاعلها، وفيه: أن التعرض للشهادة مع القطع بعدم الغلبة جائز وأنه لا يشترط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأمان على النفس لأنَّ هذه المواقف مظنة عدم السلامة
(1) أخرجه مسلم (671) عن أبي هريرة وأحمد (4/ 81)، والحاكم (2/ 7).
ويحتمل: أن المراد أحب الجهاد اللساني؛ لأنَّ الجهاد نوعان جهاد بالسنان وجهاد باللسان كما ذكره أئمة التفسير في قوله تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} أن جهاد الكفار بالسنان وجهاد المنافقين باللسان (حم طب (1) عن أبي أمامة) رمز المصنف لحسنه، ورواه النسائي بلفظ "أفضل" وسيأتي، وإسناده صحيح فيؤخذ منه أنَّ الأحب هو الأفضل وأنه يرادفه.
210 -
" أحب الحديث إليّ أصدقه (حم خ) عن المسور بن مخرمة ومروان معا (صح) ".
(أحب الحديث إليّ أصدقه) لا يخفى أن الصدق مطابقة الواقع والصادق من قام به الصدق، وإذا كان كذلك ورد السؤال عن المراد بالأصدق فإنها لا تفاوت رتب المطابقة، والجواب: المراد أنه يراد أحد الأمرين إما أنه أراد بأصدق الكلام ما طابق الواقع وزاد باشتماله على موعظة وترغيب في الخير وزجر عن الشر وكما يرشد إليه ما يأتي من حديث: أصدق كلمة قالتها العرب: ألا كل شيء ما خلا الله باطل، ويحتمل: أنه أراد بأصدق الحديث القرآن لحديث البيهقي وابن عساكر وغيرهما: "أصدق الحديث كتاب الله"(2) ذكره المصنف في الذيل فيكون المعنى: أحب الحديث إليّ كتاب الله والقرآن سمي حديثًا لقوله: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (حم خ عن المسور (3)) بكسر ميمه وسكون السين المهملة وفتح الواو وآخره راء مهملة (بن مخرمة) بفتح الميم وسكون
(1) أخرجه أحمد (5/ 251) والطبراني في المعجم الكبير (8/ 281) رقم (8080)، والنسائي (7/ 161)، والبيهقي (10/ 91)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (168).
(2)
أخرجه النسائي (3/ 188) وأحمد (3/ 310)، وابن خزيمة (3/ 143). والبيهقي في الشعب (4786)، وابن عساكر في تاريخه (51/ 228 و 240). وانظر علل الدرافطني (5/ 323 رقم 916).
(3)
أخرجه أحمد (4/ 326)، والبخاري (2184)، وأخرجه أيضاً أبو داود (2693).
الخاء المعجمة فراء فميم آخر تاء تأنيث والمسور صحابي معروف من بني زهرة أمه الشفاء أخت عبد الرحمن بن عوف (1)(ومروان معًا) أي أخرجه كل منهما عنهما رمز المصنف لصحته.
211 -
" أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه (حم ق د ن) عن ابن عمرو (صح) ".
(أحب الصيام إلى الله) أي أفضله إليه كما صرح به حديث آخر (2)، وهذه الأحبية للصيام والصلاة باعتبار الزمانين التي وقعت هذه العبادة فيهما فهما أحب الفعل إليه باعتبار زمانهما وذلك لأنهما في غاية العدل والله يحب العدل كله فإنه جعل للعبد لنفسه حقًّا ولربه حقًّا وقام بالحقين فأتى بالعبادة على وجهها من الكمال والنشاط والرغبة فامتاز عمن أغفل حق الله وآثر حق نفسه وراحتها وعمن أوغل في عبادة الله وأفرط حتى مل وكرهها إلى النفس كما يأتي عدة أحاديث في النهي عن ذلك وعن الإيغال في العبادة وقد أبان ذلك بقوله (صيام داود) أي ما كان على صفته في الزمان لا أنه مجرد إخبار عن أحبية (صيام داود) فقط وكأنه قيل: وكيف كان: قال (كان يصوم يومًا ويفطر يومًا) فقام بحق الله وحق نفسه فهذا الأفضل منه (وأحب الصلاة) من نوافل الليل إلى الله تعالى (صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه) من أول النصف الثاني وهو بعد أخذه حظًّا لنفسه من النوم فيقبل على الطاعة برغبة ونشاط (وينام سدسه) الأخير ليأتي بصلاة الصبح وقد أخذت النفس راحتها من النوم والراحة والعبادة وفيه أن هذا أفضل النوافل صيامًا وصلاة.
(1) انظر: الإصابة (6/ 119) والطبقات الكبرى (1/ 15).
(2)
أخرجه البخاري (1976) ومسلم (1159).
إن قلت: قد تحت أن أحب الأوقات وأفضلها ثلث الليل الأخير وهنا قد جعل محلاً للنوم.
قلت: يحتمل أن ذلك في هذه الشريعة، ويحتمل أنه لمن لم يقم النصف الآخر أو أنه أطلق السدس على جزء منه فلا يفوت به كل الثلث الآخر (حم ق د ن عن بن عمرو)(1).
212 -
" أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي (ع حب هب) والضياء عن جابر (صح) ".
(أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي) لأنه يدل على صحة النفوس وانشراح الصدور وكرم طباع الآكلين ولأنه الطعام الذي يبارك فيه كما سلف (ع حب هب (2) والضياء عن جابر) رمز المصنف لصحته.
213 -
" أحب الكلام إلى الله تعالى أن يقول العبد "سبحان الله وبحمده" (حم م ت) عن أبي ذر"(صح).
(أحب الكلام إلى الله تعالى أن يقول العبد: سبحان الله) أنزِّه الله عن كلِّ قبيح (وبحمده) عطف على الجملة الفعلية المفادة سبحان الله؛ لأنَّه مصدر منصوب بفعل محذوف وجوبًا أي أسبِّح الله تسبيحًا ثم وضع سبحان موضع التسبيح وصار علمًا له ويحتمل أنها حالية أي أسبّحه متلبسًا بحمده والمعنى أسبح الله وأتلبس بحمده والإضافة في بحمده تفيد الحمد اللائق بجلاله الذي يستحق
(1) أخرجه أحمد (2/ 160) والبخاري (3238)، ومسلم (1159)، وأبو داود (2448)، والنسائي (3/ 214)، وابن ماجه (1712).
(2)
أخرجه أبو يعلى (2045) والطبراني في الأوسط (7317)، والبيهقي في الشعب (9620)، قال المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 98) والهيثمي (5/ 21) وقال: فيه عبد المجيد بن أبي رواد وهو ثقة وقال الإِمام أحمد: ثقة ليس به بأس، انظر: تهذيب الكمال (18/ 217). قال المناوي (1/ 172) قال الزين العراقي: إسناده حسن. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (31)، والسلسلة الصحيحة (895).
إضافته إليه فالياء للملابسة ووجه أحبيته هاتين الكلمتين أنهما اشتملتا على تنزيه الله مقرونًا به تحميده فأفادتا صفتي السلب والإيجاب فسلبت الأولى كل نقص عنه تعالى وأثبت الثانية صفة الثناء المتضمنة كل صفة كمال ووقفنا على أحسن ترتيب حيث تقدمت التخلية بالخاء المعجمة على التحلية بالحاء المهملة وهو الترتيب العقلي الوضعي والمراد أحب الكلام الثنائي فلا يرد أن الكلام المشتمل عليهما وعلى غيرهما أحب إليه تعالى كما يأتي قريبًا وكما يأتي في حديث: "أربع أفضل الكلام"(حم م ت عن أبي ذر)(1) رمز المصنف لصحته على القاعدة أنه إذا كان في الرموز الشيخان أو أحدهما رمز لصحته.
214 -
" أحب الكلام إلى الله تعالى أربع: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" لا يضرك بأيهن بدأت (حم م) عن سمرة بن جندب (صح) ".
(أحب الكلام) أي كلام العباد فلا يرد القرآن وإن كانت هي من القرآن أيضًا (إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) لأنها جمعت أنواع الثناء والتحميد والكبرياء (لا يضرك بأيهن بدأت) أي لا ينقص أجرها بالبداية بأيها لأنه لا ترتيب فيها (حم م (2) عن سَمُرَة) بفتح المهملة وضم الميم آخره راء بعدها تاء التأنيث بن جُنْدب بضم الجيم وفتح الدال المهملة وضمها رمز المصنف لصحته.
215 -
" أحب اللهو إلى الله تعالى إجراء الخيل والرمي (عد) عن ابن عمر (ح) ".
(أحب اللهو) في النهاية (3): اللهو اللعب يقال لهوت بالشيء لهوًا وتلهيت به إذا لعبت به وتشاغلت به وغفلت عن غيره.
(1) أخرجه أحمد (5/ 161)، ومسلم (2731)، والترمذي (3593).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 10)، ومسلم (2137).
(3)
النهاية (4/ 282).
قلت: وريحوه بأنها ترويح النفس بما تقتضيه الحكمة (إلى الله تعالى إجراء الخيل) تأديبها واللهو بها ويأتي أنه لا سبق إلا في ثلاث وذلك لما فيه من التدريب في الفراسة ومراوغة الأقران ويأتي استيفاء الكلام عليه هنالك ويأتي ضم ثالث إليهما ورابع وهو ملاعبة الرجل أهله (والرمي) بالنشاب والعلة العلة (عد (1) عن بن عمر) رمز المصنف لحسنه وكأنه لشواهده، قال الشارح: كل أسانيده ضعيفة.
216 -
" أحب العباد إلى الله تعالى أنفعهم لعياله (عبد الله في زوائد الزهد عن الحسن مرسلاً".
(أحب العباد إلى الله تعالى) أكثرهم ثوابًا (أنفعهم لعياله) لعيال الله في القاموس (2): عيال ككتاب من يتكفل به الرجل من عالة، والعباد عيال الله؛ لأنه المتكفل بهم في جميع أحوالهم والأنفع شامل لنفع الدين والدنيا (عبد الله) هو ابن أحمد بن حنبل، أحد أهل الرموز، ولم يأت هنا برمزه؛ لأنه إنما جعله لروايته في رواية المسند وهنا رواه (في زوائد الزهد) والزهد كتاب لأحمد (عن الحسن) وهو حيث يطلق الإِمام الكبير أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن البصري، تابعيٌّ جليلٌ (مرسلاً) سكت عليه (3) المصنف، وقال الشارح: إسناده ضعيفٌ.
217 -
" أحبُّ عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا (طب) عن أسامة بن شريك (ح) ".
(1) أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 177) في ترجمة محمَّد بن الحارث بن زياد وقال: أحاديثه منكرة متروك الحديث، وقال الألباني في ضعيف الجامع (165) والسلسلة الضعيفة (1835): ضعيف جداً.
(2)
القاموس المحيط (ص 1695).
(3)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (10/ 86) رقم (10033)، وعبد الله في الزوائد عن الحسن مرسلاً (44953)، قال المناوي (1/ 174): مرسل، وإسناده ضعيف لكن شواهده كثيرة، وحسنه الألباني في الجامع (172).
(أحب عباد الله إليه أحسنهم خلقًا) تقدَّم حسن الخلق ويأتي فيه عدَّة أحاديث ويجمعه، أي يجمع أصول كما سلف قوله:"طلاقة الوجه، وكف الأذى" وبذلك المعروف حسن الخلق (طب عن أسامة بن شَرِيك)(1) رمز المصنف لحسنه.
218 -
" أحب بيوتكم إلى الله بيت فيه يتيم مكرم (هب) عن عمر"(ض).
(أحب بيوتكم إلى الله بيت فيه يتيم) تقدَّم من هو (مكرم) يكرمه أهل البيت؛ لأنه لانفراده عن أبيه صار أحقُّ الناس بالإكرام ولصغر سنه (هب عن عمر)(2) رمز المصنف لضعفه.
219 -
" أحب الله تعالى عبدًا سمحًا إذا باع، وسمحًا إذا اشترى، وسمحًا إذا قضى، وسمحًا إذا اقتضى (هب) عن أبي هريرة"(ح).
(أحب الله) فعل ماض إخبار أنه تعالى أحب (عبدًا سمحًا إذا باع) المسامحة المساهلة في الأمور وعدم المشاحة فيها (وسمحًا إذا اشترى وسمحًا إذا قضى) غريمه دينًا (وسمحًا إذا اقتضى) من غرمائه والسماحة في هذه الأربعة دليل على السخاء وسماحة النفس والله تعالى يحب ذلك (هب عن أبي هريرة)(3) رمز المصنف لحسنه، قال الشارح: وفيه الواقدي وفيه كلام.
220 -
" أحبكم إلى الله أقلكم طعما وأخفكم بدنًا (فر) عن ابن عباس (ض) ".
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 181) رقم (471)، وقال المنذري (3/ 274): رواته يحتج بهم في الصحيح وقال الهيثمي (8/ 24): رجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الجامع (179) وفي السلسلة الصحيحة (432).
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب (11037)، وكذلك الطبراني في الكبير (12/ 388) رقم (13434) وابن عدي في الكامل (1/ 341) في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الحنفي قال البخاري: في حديثه نظر. قال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 171): هذا حديث منكر.
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (169) والسلسلة الضعيفة (1636).
(3)
أخرجه البيهقي في الشعب (11253)، وفي إسناده محمَّد بن عمر الواقدي.
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (164).
(أحبكم إلى الله أقلكم طُعْمًا) بضم الطاء الأكل على وقته وبالفتح هو ما يؤديه ذوق الشيء من حلاوة ومرارة أفاده في النهاية (1)(وأخفكم) بالخاء المعجمة ففاء من الخفة (بدنًا) نصب على التمييز كالأولى وخفة البدن من عدم امتلائه سمنًا، وذلك لأن قلَّة الطعام سبب للنشاط للعبادة ولقلة النوم ولقلة دواعي الشهوة، ومفاسد الأكل كثيرة، وآفاته عديدة، وقد عدَّه الأطباء من آفات الأبدان كما أنها من آفات الأديان، ولذا قيل: فإن الداء أكثر ما تراه يكون من الطعام أو الشراب وخفة البدن من ثمرات قلة الأكل وفوائده فوائده (فر عن ابن (2) عباس) رمز المصنف لضعفه؛ لأنَّ فيه أبا بكر بن عياش، قال الذهبي: ضعَّفه ابن نمير.
واعلم أنَّ هذه ثلاثة وعشرون حديثًا وردت بصيغة اسم التفضيل والأصل فيه أن يجيء للفاعل، فنقول: زيدًا أفضل من عمرو أو من الناس، أي أزيدهم فاضلية على غيره، وجاء قليلاً للمفعول، نحو: أشغل الناس أي أكثرهم مشغولية، وهذه الأحاديث جميعًا وردت على الأقل، إذ المراد بأحب الأعمال إلى الله أزيدها محبوبية وكذلك ما بعده وهو استعمال صحيح فصيح وإن كان أقل من الأوَّل، ثمَّ اعلم أنه أشكل إيراد هذه الصيغة التفضيلية في كلِّ ما ذكر لدلالتها على أن كلَّ ما ذكر بعدها أحب من كل ما عداها، وقد تعدَّدت وأنه يؤدِّي إلى التناقض، وقد ذكر المصنِّف نظير هذا في الإتقان في آيات {ومن أظلم ممن
…
} كذا [ومن أظلم ممن
…
] كذا بمعنى صلته. ثم قال: وأجيب بأوجه، منها تخصيص كل موضع.
قلت: وقد أشرنا في كثير مما مضى إلى شيء من هذا ولم يجر في كلها إلا
(1) النهاية (3/ 125).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (1/ 86)، وضعفه الغماري في المداوى (1/ 205) من طريق الحاكم. قال المناوي (1/ 176): أخرجه الحاكم في تاريخه وفيه أبو بكر بن عياش قال الذهبي: ضعفه ابن نمير وهو ثفة، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (172) والسلسلة الضعيفة (1918).
بتكلف وذكر المصنف أجوبة لا تجرى ها هنا، وأقول: إذا تعذَّر التَّوجيه فلا ضير في أن يرادَ في أنَّ هذه المذكورة في نفسها هي أحب الأشياء إليه تعالى، وأما هي فيما بينها فمسكوت عن بيان أكثر محبوبية منها.
221 -
" أحب للناس ما تحب لتفسك (تخ ع طب ك هب) عن يزيد بن أسيد (صح) ".
(أحب للناس) المسلمين (ما تحب لنفسك) قد تقدَّم.
إن قلت: المحبة فعل قلبي غير اختياري، ولذا فسَّروا قوله صلى الله عليه وسلم:"اللَّهمَّ هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"(1) بالمحبة.
قلت: المراد أنَّك تأتي إلى الناس ما تحب أن يأتوا إليك، فعبر بالمحبة عن لازمها وما يتسبب عنها إذا أراد بذكر أسباب المحبة من تذكرك أن الله يحب منك أن تحب أخاك ويأمرك بذلك ويأجرك عليه ومن فعل ما هو من أسبابها كالمهاداة كما أرشد إليه حديث:"تهادوا تحابوا" أو المراد: أرد به لهم ما تريد لنفسك (تخ ع طب ك هب عن يزيد (2) بن أسد) بفتح الهمزة وسكون المهملة آخره مهملة، رمز المصنف لصحته.
222 -
" أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما (ت هب) عن أبي هريرةً (ح) ".
(أحبب حبيبك هونًا ما) في النهاية (3): حبًا مقتصدًا لا إفراط فيه وإضافة ما
(1) أخرجه أبو داود (2134)، والترمذي (1140)، والنسائي (7/ 75)، وابن ماجه (9711). وأخرجه أحمد (6/ 144)، والدارمي في مسنده (2253)، وابن حبان في صحيحه (4205). روي موصولا ومرسلا، وهو ضعيف لإرساله إلا أن الرواية المرسلة رجحها الترمذي.
(2)
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 317)، وأبو يعلى (911)، والطبراني في الكبير (22/ 238) رقم (625)، والحاكم في المستدرك (4/ 168)، والبيهقي في الشعب (11130)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (180) والسلسلة الصحيحة (72).
(3)
النهاية (5/ 283).
إليه مفيد التقليل بمعنى لا تسرف في الحب والبغض (عسى أن يكون بغيضك يومًا ما) وعسى هنا للإشفاق (وأبغض بغيضك بغضًا) ما مثل ما سلف (عسى أن يكون حبيبك يومًا ما) وعسى للترجي كلعل، والحديث إرشاد إلى الاعتدال في الأمور وعدم المبالغة والغلو في الحب والبغض، وأن كلا طرفي قصد الأمور ذميم، والأمر هنا للندب، والم بمعنى الحديث من قال:
واحبب إذا أحببت حبًّا مقاربًا
…
فإنَّك لا تدري متى أنت رافع
وأبغض إذا ابغضت غير مباين
…
فإنك لا تدري متى أنت راجع
(ت هب (1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه.
223 -
" أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي (ت ك) عن ابن عباس (صح) ".
(أحبوا الله) وجوبًا (لما يغذوكم به) في القاموس (2): الغذاء بالكسر ككساء ما به نماء الجسم غذاه يغذوه غذواً، أي لأجل ما يسديه إليكم من نعمة جمع نعمة وكلمة من للتبعيض إعلامًا بأن بعض نعمه تعالى توجب محبته ويحتمل أنها للبيان وكل نعمة من الله نعمة الإيجاد من العدم والإمداد من النعم وهو حث على حب الله بتذكر نعمه وإلا فأسباب محبته لا تنحصر فإنه تعالى محبوب بكماله الذاتي وإفاضته لأنواع عجائب مخلوقاته وبدائع ملكوته وإنما خص صلى الله عليه وسلم هذا؛ لأنه السبب اللازم للإنسان وحب المنعم واجب عقلاً كشكره (وأحبوني)
(1) أخرجه الترمذي (1997)، وقال: حديث غريب والبيهقي في الشعب (6595)، وقال هو وهم. وانظر علل الترمذي (1/ 150)، والعلل المتناهية (2/ 735)، وعلل الدارقطني (4/ 33)، وقال ابن حبان في الضعفاء بعد أن ذكر الحديث عن أبي هريرة (1/ 351): هذا الحديث ليس من حديث أبي هريرة وإنما هو قول على بي أبي طالب فقط ورفعه عن علي خطأ فاحش. وصححه الألباني في صحيح الجامع (178).
(2)
القاموس المحيط (ص 1698).
وجوبًا أيضاً (لحب الله) لأجل حبكم لله فمن أحب الله أحب رسله أو لأجل حبه إياي أو لأجل حب الله له ولذلك قيل: حبيت إلى قلبي حبيب حبيبتي، وقالوا: الأحباب ثلاثة: حبيبك، وحبيب حبيبك، والثالث: عدو عدوك، وهذا من أسباب حبه صلى الله عليه وسلم وإلا فإنه نعمة ورحمة فهو يحب لكونه نعمة فاضت بواسطته خيرات الدارين على العباد نالوا باتباعه كل ما يقر به العين فيه نالوا كل خير وبه دفع عنهم كل بؤس وضير وحبه طبعي فإن النعمة محبوبة طبعًا إلا أنه صلى الله عليه وسلم أشار إلى سبب المحبة الشرعي، (وأحبوا أهل بيتي) وجوبًا أيضًا (لحبي) لحبكم إياي فإنَّ من أحبه أحب آله؛ لذلك قيل: ويكرم ألف للحبيب المكرم، أو لحبي إياهم أو لحبي إياكم أيها الأمة فإني أحبكم فأسوق إليكم كل خير فأحبوا أهل بيتي مكافأة لي على محبتي إياكم (ت ك عن ابن (1) عباس) رمز المصنف لصحته، وصححه الحاكم والذهبي، وقول ابن الجوزي: هو غير صحيح وهموه فيه، نعم فيه عبد الله بن سليمان النوفلي أورده في الميزان، وقال: فيه جهالة ثم أورد له هذا الحديث.
224 -
" أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي (عق طب ك هب) عن ابن عباس (صح) ".
(أحبوا العرب) اسم لهذا الجيل من الناس سواء أقام بالبادية أو لا، ولا واحد له من لفظه (لثلاث لأني عربي) أي لأنَّ لساني ولغتي عربية كما في قرينتيه أو لأني واحد من العرب نسبي ونسبهم واحد أو للأمرين (ولأن القرآن عربي)
(1) أخرجه الترمذي (3789) والحاكم (3/ 150)، وقال الترمذي: حسن غريب، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 183)، والخطيب في تاريخه (4/ 159). وانظر العلل المتناهية (1/ 367)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (176). وانظر ترجمة عبد الله بن سليمان النوفلي في الميزان (2/ 432).
أي فصاحته وبلاغته وأسلوبه (وكلام أهل الجنة عربي) من الحور العين المنشأة بها ومن الأولين والآخرين النازلين بها وحين كانت هذه الثلاث خاصة بالعرب تعينت محبتهم وظاهره عموم كافرهم ومؤمنهم ويحتمل أنه أريد به أهل الإيمان منهم وان أريد به الأعم فهو يحب الكافر لبلاغته وبيانه وفصاحته وإن كان مبغوضًا لكفره وإن أريد المؤمن فإنه يفيد أن لمؤمن العرب زيادة خصوصية في المحبة على المؤمنين من غيرهم وإلا فإن أهل الإيمان مأمور بمحبتهم مطلقًا (عق طب ك هب عن ابن (1) عباس) رمز المصنف لصحته. وهو من رواية العلاء بن عمرو الحنفي، وهو متروك، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال، وقال أبو حاتم: هذا حديث كذب، وقال الذهبي في الميزان: العلاء بن عمرو الحنفي الكوفي متروك، ثم ساق له هذا الحديث عن ابن عباس ثم قال الذهبي: هذا موضوعٌ، وقال أبو حاتم: هذا كذب. انتهى.
قلت: وبه يُعرف ما في رمز المصنف لصحته ويُعرف أنَّ قوله في خطبة الكتاب أنه صانه عما تفرَّد به وضَّاع أو كذَّاب ليس بصحيح وسيأتي، وقد سلف بشأن كثير من الأحاديث التي لها هذا الحكم وأنه ما كان ينبغي ضمها إلى هذا الكتاب فقد شرط مصنفه في خطبته أنه صانه عن الوضاعين والكذابين إذا تفردوا بالحديث.
225 -
" أحبوا قريشًا فإنه من أحبهم أحبه الله (طب) عن سهل بن سعد (ض) ".
(أحبوا قريشًا) ذكر في القاموس (2) وجوهًا في تسمية قريش بهذا الاسم أنه
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 185) رقم (11441)، والحاكم (4/ 87)، والبيهقي في الشعب (1610)، قال الذهبي في التلخيص: وأظن الحديث موضوعًا أهـ والميزان (5/ 127)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 348) وقال: منكر لا أصل له. وقال الهيثمي (10/ 52): فيه العلاء بن عمرو الحنفي وهو مجمع على ضعفه وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (859) قال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 375): سمعت أبي يقول: هذا حديث كذب.
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (173)، والسلسلة الضعيفة (160).
(2)
القاموس المحيط (ص 7769).
لتجمعهم إلى الحرم، أو لأنهم كانوا يتقرشون البياعات يشترونه، أو لأن النضر بن كنانة تجمّع في ثوبه يومًا فقالوا تقرش إلى أن قال: وسميت بمصغر القرش وهو دابة بحرية (فإنه من أحبهم أحبه الله) والأظهر أنَّ المراد أهل الإيمان منهم وكأن صلى الله عليه وسلم أمر بحبهم حثًّا للعباد على ذلك؛ لأنه قد جرى منهم في صدر الإِسلام ما جرى من تكذيبه صلى الله عليه وسلم ورميه بمثل السحر والكهانة وأذيته مما يوجب نفرة القلوب عنهم فإن آل صلى الله عليه وسلم ذلك بالأمر بحبهم وأخبر أن حبهم يتسبب عنه حب الله لمن أحبهم (طب عن سهل بن سعد)(1) رمز المصنف لضعفه، وقال الهيثمي: فيه عبد المهيمن بن عباس وهو ضعيف.
226 -
" أحبوا الفقراء وجالسوهم، وأحب العرب من قلبك، وليردك عن الناس ما تعلم من نفسك (ك) عن أبي هريرة (صح) ".
(أحبوا الفقراء وجالسوهم) لأن ذلك يبعد عنكم الكبر ويلين القلوب ويهضم النفس (وأحب العرب من قلبك) كما سلف وإنما قيد به لئلا يكون حبهم تقية من غير القلب (وليردك عن الناس) عن الخوض فيهم والاعتراض عليهم (ما تعلم من نفسك) من العيوب فإنك إن نظرت إلى عيوبك استحييت أن تذكر غيرك بما هو فيك وهو مثل قوله: "طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس"(2)
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (6/ 123) رقم (5709)، وقول الهيثمي في المجمع (10/ 27)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (179) وفي السلسلة الضعيفة (650): ضعيف جدًّا. وقال الحافظ عبد المهيمن بن عباس: ضعيف. التقريب (4235)، وانظر تهذيب التهذيب (6/ 432).
(2)
جزء من حديث طويل أخرجه البزار (6237) وقال: وهذا الحديث لَا نعلمُهُ يُرْوَى بهذا اللفظ، عَن أنس إلَاّ مِن هذا الوجه ووجه آخر ضعيف رواه أَبَان بن أبي عياش، عَن أنس. والبيهقي في شعب الإيمان (10563)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 203)، ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 178) وفي العلل المتناهية (1385)، وقال الحافظ في بلوغ المرام (1510): رواه البزار بإسناد حسن. وقال الشيخ الألباني: ضعيف جداً. انظر: الضعيفة (8/ 299)، وضعيف الجامع (3644). تحريم آلات الطرب للألباني (ص: 74).
وأحسن من قال:
في عيوب النفس شغل شاغل
…
عن عيوب الناس إن كنت عليمًا
فإذا فهمت بشيء فيهم
…
فاذكرن نفسك إن كنت حليمًا
وفي معناه عدة أحاديث كحديث ابن عباس: "إذا أردت أن تذكر عيوب الناس فاذكر عيب نفسك"(1). (ك عن أبي هريرة)(2) رمز المصنف لصحته وقال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبي.
227 -
" احبسوا صبيانكم حتى تذهب فَوْعةُ العشاء، فإنها ساعة تخترق فيها الشياطين (ك) عن جابر (صح) ".
(احبسوا صبيانكم) امنعوهم من الخروج من المنازل (حتى تذهب فوعة العشاء) بالفاء والواو بزنة فورة في النهاية (3): أوله كفورته، وفوعة الطيب أول ما يفوح ويروى بالغين المعجمة لغة فيه (فإنها ساعة تخترق) بالخاء والراء والقاف من الاختراق قطع المفازة (فيها الشياطين) والحديث نهى عن إطلاق الصبيان أول وقت العشاء؛ لأنه مع انتشار الشياطين قد يصيبونهم بشر، وفيه دليل أنَّه قد يصاب الصبي بأذى من الشَّياطين فإذا احترس لم ينالوه بسوء (ك عن جابر)(4) رمز المصنف لصحته، وقال الحاكم: على شرط مسلم، وأقرَّه الذهبي.
(1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (328)، والبيهقي في الشعب (6758) بلفظ:"إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوب نفسك". في إسناده: أبو يحيى القتات: لين الحديث كما في التقريب (8444)، وقال الشيخ الألباني: ضعيف.
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 332) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه إن كان عمر الرياحي سمع من حجاج بن الأسود، ووافقه الذهبي، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (175) والسلسلة الضعيفة (1838) وانظر تضعيفه للحديث في الضعيفة.
(3)
النهاية (3/ 479).
(4)
أخرجه الحاكم (4/ 284) وقال: صحيح على شرط مسلم، وأحمد (3/ 362) وصححه الألباني في صحيح الجامع (182)، والسلسلة الصحيحة (905).
228 -
" احبسوا على المؤمنين ضالتهم: العلم (فر) وابن النجار في تاريخه عن أنس (ض) ".
(احبسوا على المؤمنين ضالتهم) في النهاية (1): قد تكرَّر ذكر الضالة في الحديث وهي الضائعة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره يقال: ضل الشيء إذا ضاع (العلم) بدل من ضالتهم وسماه ضالة؛ لأن العبد يطلبه ويفتش عنه كما يطلب الضالة وفي هذه التسمية والإبدال تنويه بشأن العلم ورفع من قدره وحثَّ على حفظه والخطاب للصحابة رضي الله عنهم أن يحفظوا علومه صلى الله عليه وسلم إلى من يأتي بعدهم، ثم هي وصية لأهل كل قرن من القرون بحفظ العلم ومن حفظه كتابته وتأليفه، ونشره بالتعليم وغير ذلك (فر وابن النجار) (2) ابن النجار هو: الإِمام الحافظ الكبير البارع مؤرخ العصر مفيد العراق محب الدين أبو عبد الله محمَّد بن محمود النجار البغدادي، صاحب التصانيف ولد سنة 578 سمع من خلائق وجمع فأوعى وكتب العالي والسافل وخرج لغير واحد وجمع تاريخ مدينة السلام ذيل به واستدرك على الخطيب وهو ثلاثمائة جزء، وكان من أعيان الحفاظ الثقات مع الدين والصيانة والنسك والفهم وسعة الرواية قال ابن الشاعر: كانت رحلة ابن النجار سبعة وعشرين سنة واشتملت مشيخته على ثلاثة آلاف شيخ وألف كتاب "القمر المنير في المسند الكبير" ذكر كل صحابي وما له من الحديث.
قلت: سرد الذهبي (3) مؤلفاته خمسة عشر مؤلفًا وأثنى عليه، وفاته 643 (في
(1) النهاية (3/ 98).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (1/ 320) وقال: وفيه زياد بن أبي حسان وفيه أيضاً بكر بن خنيس وعمرو بن حكام متروكان، وعزاه ابن عراق في تنزيه الشريعة (1/ 278) للديلمي. وقال الألباني في ضعيف الجامع (180) والسلسلة الضعيفة (821): موضوع.
(3)
انظر سير أعلام النبلاء (23/ 133) وتذكرة الحفاظ (4/ 1428).
تاريخه عن أنس) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه إبراهيم بن هانئ أورده الذهبي (1) في الضعفاء، وقال: مجهول يأتي بالبواطل عن شيوخ متروكين كما نبه الشارح.
229 -
" احتجموا لخمس عشرة، أو لسبع عشرة، أو لتسع عشرة، أو إحدى وعشرين، لا يتبيَّغْ بكم الدم فيقتُلَكم، البزار وأبو نعيم في الطب عن ابن عباس"(ض).
(احتجموا) أمر إرشاد (لخمس عشرة أو لسبع عشرة أو لتسع عشرة) اللام للوقت وليست مثلها في قوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1] قال بعض المحققين: هذه الأحاديث في الأيام المعينة المذكورة موافقة لما أجمع عليه الأطباء من أنَّ الحجامة في النصف الثاني وما يليه من الربع الثالث من أرباعه أنفع له من أوله وآخره ثم هذه الأوقات تختار إذا كانت الحجامة على سبيل الاحتياط والتحرز من الأذى وحفظ الصحة وأما في مداواة الأمراض فحيث ما وجد الاحتياج إليها (أو إحدى وعشرين) حذفت اللام والمعنى عليها كأنه لدلالة ما قبلها (لا يتبيغ) بمثناة تحتية ومثناة فوقية فموحدة فمثناة تحتية مشددة آخره غين معجمة قاله في النهاية (2) يقال: تبيَّغ به الدم إذا احترق وتحير في مجراه ومنه يتبيَّغَ الماء إذا تحير وتردد في مجراه، ويقال فيه: تبوّغ بالواو، وقيل: إنه من المقلوب أي لا يَبْغي عليه الدم فيقتله من البغي: مجاوزة الحد والأول أوجه. انتهى.
قلت: ولعل هذا مقيد بما لم تكن هذه الأيام أربعًا أو سبتًا؛ لحديث أبي هريرة عند الحاكم والبيهقي (3) مرفوعًا: "من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت فرأى في
(1) انظر لسان الميزان (1/ 118)، والميزان (1/ 199).
(2)
النهاية (1/ 174).
(3)
أخرجه الحاكم (4/ 454) والبيهقي في السنن (1/ 240)، وفي إسناده سليمان بن أرقم وهو ضعيف. انظر: التقريب (2532).
جسده وضحًا فلا يلومنَّ إلا نفسه" (بكم الدم فيقتلكم) وهذا تعليم منه صلى الله عليه وسلم لما يصلح به الأبدان؛ لأنه بعث لما يصلح العباد للأديان والأبدان. وقد ألَّف أبو نعيم كتابًا في الطب النبوي، وذكر ابن القيم في الهدي (1) من الطب النبوي شطرًا نفيسًا (البزار وأبو نعيم في الطب عن ابن عباس)(2) رمز المصنف لضعفه، قال الهيثمي: فيه ليث بن أبي سليم ثقة لكنه مدلس، وقال العراقي: روى بسند حسن موقوفًا ورفعه الترمذي.
230 -
" احترسوا من الناس بسوء الظن (طس عد) عن أنس".
(احترسوا من النَّاس بسوء الظنِّ) في القاموس (3): الاحتراس الاحتياط والمعنى تحفظوا من مكائد الناس وأذاهم بسوء الظن فيهم؛ لئلا يطلعوا على سرائركم وشركم وذلك أنه قد يحسن الإنسان ظنه بأحد الناس فيطلعه على سره ويبثه ما لديه من خفي أمره فيضره ويؤذيه، ولذا قال: أسأت إذ أحسنت ظني بكم والحزم سوء الظن بالناس. إن قلت قد نهى صلى الله عليه وسلم عن سوء الظن، ويأتي فيه أحاديث كحديث:"إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث"(4).
قلت: يحتمل أنه أراد هنا الاحتراس عمن يظن شره ويجوز فيه أن يظن
(1) انظر زاد المعاد (4/ 52 - 53).
(2)
أخرجه البزار كما في كشف الأستار (3/ 389) ورقم (3023) وقول الهيثمي في المجمع (5/ 93) وأخرجه الطبراني في الكبير (11/ 70) رقم (1071) وكذلك الديلمي (1/ 89) رقم (284) والسهمي في تاريخ جرجان (1/ 326) والرافعي في التدوين (3/ 246). وتخريج أحاديث الإحياء (4/ 132)، وليث بن أبي سليم قال عنه الحافظ: صدوق اختلط جداً، ولم يتميز حديثه فترك، انظر: التقريب (5685). وقال الألباني في ضعيف الجامع (181)، والضعيفة (1863): ضعيف. وقد صححه من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم دون قوله: "لا يتبيّغ" في الصحيحة برقم (908) و (2747). وكذلك في صحيح ابن ماجه (2808) من رواية أنس بن مالك.
(3)
القاموس المحيط (ص 692).
(4)
أخرجه البخاري (5144)، ومسلم (2563).
الإنسان إحسان ظنه فيه مما يلوح عليه من عدم رعايته لحرمة الناس وهتكه الأسرار والأعراض وفي قوله: احترسوا إشارة إلى ذلك؛ لأن الاحتراس والتحفظ إنما يكون عمن يخاف شره بخلاف من يؤمن شره فهو منهي عن إساءة الظن به، وقد أشار قوله تعالى:{إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12] إلى أن بعضه غير إثم وإن كان هذا في الظن نفسه لا في الإساءة، ويحتمل: أن أحاديث النهي عن إساءة الظن في باب الديانات فالحمل فيها على السلامة ويحترس منهم فيما يخاف من الاطلاع عليه شرهم فيعاملهم معاملة من يحسن الظن فيهم في باب الدين ومعاملة من يحترس عنهم في غيره (طس عد (1) عن أنس) سكت عليه المصنف وفيه بقية بن الوليد مدلس إلا أنه قال المصنف في الكبير: أنه حسن قال الشارح: وهو ممنوع فإن فيه بقية بن الوليد رواه بالعنعنة عن معاوية بن يحيى وهو ضعيف فله علتان.
231 -
" احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه (د) عن يعلى بن أمية".
(احتكار الطعام) في النهاية (2): من احتكر طعامًا أي اشتراه وحبسه ليقل فيغلوا (إلحاد في الحرم) في النهاية (3): إلحاد في الحرم أي ظلم فيه وعدوان ويأتي حديث عام للحرم وغيره بلفظ: "من احتكر على أمتي طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس"(4)، والحرم أريد به هنا مكة كما صرح به الحديث الثاني
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (598)، وابن عدي في الكامل (6/ 401)، وقال الهيثمي في المجمع (8/ 89): فيه بقية بن الوليد وهو مدلس وبقية رجاله ثقات. وانظر الفتح (10/ 531)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (182) والسلسلة الضعيفة (156): ضعيف جدًّا. ومعاوية بن يحيى قال الحافظ: صدوق له أوهام. التقريب (6773)، وانظر تهذيب الكمال (28/ 224).
(2)
النهاية (1/ 417).
(3)
النهاية: (4/ 236).
(4)
أخرجه ابن ماجه (2155)، وأحمد (1/ 21)، وأبو يعلى (55)، والبيهقي في الشعب (11217).=
وخص الحرم لأن مكة أحوج البقاع إلى الطعام؛ لأنها واد غير ذي زرع كما قاله الخليل فطعامها مجلوب فالاحتكار فيها دناءه إضرار على الاحتكار في غيرها وقد قال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25] الآية فتوعد على إرادة الإلحاد فيه فكيف وقوعه (د عن يعلى (1) بن أمية) يعلى بالعين المهملة منقول من مضارع علاه وهو من مسلمة الفتح شهد حنينًا والطائف وقد ينسب إلى أمه فيقال فيه بن منية كما يأتي للمصنف وسكت المصنف عليه وعد الشارح من رواته ثلاثة مجاهيل وعد الذهبي هذا الحديث من مناكير بعض رواته عن يعلى.
232 -
" احتكار الطعام بمكة إلحاد (طس) عن ابن عمر"(ح).
(احتكار الطعام بمكة إلحاد) وهو مقيد بحديث الحرم فيحتمل: أنه نص على بعض مسمياته لزيادة خصوصية والأول باق على شموله لما يصدق عليه لفظ الحرم (طس عن ابن عمر)(2) رمز المصنف لحسنه، وقال الهيثمي: فيه عبد الله بن المؤمل (3) وثقه ابن حبان وغيره وضعّفه جمع.
233 -
" احثوا التراب في وجوه المداحين (ت) عن أبي هريرة (عد حل) عن ابن عمر"(صح).
(أحثوا التراب في وجوه المداحين) في النهاية (4) أي ارموا، يقال: حثا يحثو
=قال الحافظ في الفتح (4/ 348): رواه بن ماجه وإسناده حسن. وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (5351) وضعيف ابن ماجه (472).
(1)
أخرجه أبو داود (2020)، وفي إسناده جعفر بن يحيى بن ثوبان وهو مجهول وكذلك عمه عمارة لين، وعده الذهبي في الميزان (2/ 151) من مناكيره وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (184).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (1485) والبيهقي في الشعب (11221) وفي إسناده عبد الله بن المؤمل ضعيف، التقريب (3648) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (183) وقال في ضعيف الترغيب (1107): منكر
(3)
انظر مجمع الزوائد (4/ 101).
(4)
النهاية (1/ 339).
وحثي حَثْيًا يريد به الخيبة وأن لا يعطوا شيئًا، عليه ومنهم من يُجريه على ظاهره فيرمي فيها التراب. انتهى. والمداحين جمع مدَّاح اسم فاعل للمبالغة من مدحه كمنعه مدحًا أحسن الثناء عليه، وظاهره في كل مدح إلا ما خصصه الشارع كالمزكي للشاهد والراوي ومنه تراجم العلماء في كتب التاريخ والرجال إن حمل المدح على العموم وإلا فإن الظاهر أنه أريد به المدح في الوجه ومواجهة الممدوح، ويحتمل: أنه أريد بالمداح الجاهل لمدحه مكتسبًا لحاجة كما يقتضيه تفسير النهاية وذلك كشعراء الأمراء ويحتمل أن يراد به المبالغون في المدح والإطراء كما تقتضيه صيغة فعّال، أو المراد بالمداحين الذين يمدحون من لا يستحق ذلك كما يقضي به تقريره صلى الله عليه وسلم لعمه العباس ولكعب بن زهير على مدحهما له ولم يقل لهما إلا خيرًا إما لأنهما لم يقولا إلا حقًّ وما بالغا في المدح بل ما بلغا ما يستحقه من الثناء أو لأنهما لم يطلبا عليه مكافأة.
فإن قلت: قد مدح صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه معينين. قلت: لا يدخل في ذلك لأنه إخبار عن مقاماتهم عند الله والذي يقوي عند النظر أنه لم يرد صلى الله عليه وسلم إلا المرتزقة بالمدح والثناء المبالغين في الإطراء كشعراء الملوك الذين ملأوا الدنيا زورًا وكذبًا ونفاقًا (ت (1) عن أبي هريرة) واستغربه الترمذي (عد حل عن ابن عمر) رمز المصنف لصحته فيما قوبل على خطه وقال الشارح: لم يرمز له المصنف بشيء.
234 -
" احثوا في أفواه المداحين التراب (هـ) عن المقداد بن عمر (حب) عن ابن عمرو، ابن عساكر عن عبادة بن الصامت (صح) ".
(1) أخرجه الترمذي (2394) عن أبي هريرة وابن عدي في الكامل (7/ 84)، في ترجمة سالم بن عبد الله الخياط وأبو نعيم في الحلية (6/ 99)، وأورده العقيلي في الضعفاء (3/ 415) في ترجمة الفضل بن صالح وقال: حديثه غير محفوظ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (168)، والسلسلة الصحيحة (912).
(أحثوا في أفواه المداحين التراب) هو كما سلف والتعبير هنا بالأفواه وفي الأول بالوجوه إما لتعدد صدور الحديث منه صلى الله عليه وسلم فاختلاف العبارات تفننا وإعلامًا بأن المراد مقابلتهم بالخيبة، وإما تعبيراً من بعض الرواة لما ظن أن أحد اللفظين في معنى الآخر (هـ عن المقداد بن عمرو حب عن ابن عمر (1) ابن عساكر عن عبادة بن الصامت) رمز المصنف لصحته.
235 " أحد يا سعد (حم) عن أنس (صح) ".
(أَحِّد) بفتح الهمزة وكسر الحاء المهملة مشددة ثم مهملة فعل أمر من الوحدة فالهمزة بدل من الواو (يا سعد) في النهاية (2): وفي حديث سعد في الدعاء أنَّه صلى الله عليه وسلم قال لسعد وكان يشير في دعائه بأصبعين: "أحد أحد" أي أشر بأصبع واحدة لأن الذي يدعوه واحد هو الله تعالى. انتهى.
قال المصنف في الكبير: عن سعد بن أبي وقاص قال: مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أدعوا بأصبعي فقال: "أحد أحد" وأشار بالسبابة (حم (3) عن أنس) رمز المصنف لصحته، وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح إلا أنه لم يسم تابعيه.
236 -
" أحد، أحد (د ن ك) عن سعد (ت ن ك) عن أبي هريرة (صح) ".
(أحد أحد) هو بصيغة الأول كرره تأكيدًا لفظيًا والخطاب لسعد والقصَّة القصة وكأنه اختلف اللفظ لاختلاف الرواة (د ن ك عن سعد ق ن ك عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وصححه الترمذي وغربه وصححه الحاكم وأقره الذهبي (4).
(1) أخرجه ابن ماجه (3742) عن المقداد بن عمرو، وابن حبان (5769) عن ابن عمر، وأخرجه بن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 196) عن عبادة بن الصامت.
(2)
النهاية (1/ 27).
(3)
أخرجه أحمد (3/ 183) وقول الهيثمي في المجمع (10/ 117)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (190).
(4)
أخرجه أبو داود (1499)، والنسائي (3/ 38)، والحاكم (1/ 536) وقال: صحيح الإسناد عن سعد، والترمذي (3557)، والنسائي (3/ 38)، والحاكم (1/ 536) وقال: صحيح الإسناد=
237 -
" أُحد جبل يحبنا ونحبه (خ) عن سهل بن سعد (ت) عن أنس (حم طب) والضياء عن سويد بن عامر الأنصاري، وأبو القاسم بن بشران في أماليه عن أبي هريرة (صح) ".
(أُحد) بضم الهمزة والحاء المهملة اسم الجبل المعروف قرب المدينة فيه قبور الشهداء والوقعة المعروفة (يحبنا ونحبه) في النهاية (1): أنه محمول على المجاز والمراد يحبنا أهله ونحبهم وهم الأنصار، ويجوز أن يكون من المجاز الصريح أن نحب الجبل نفسه لأنه في أرض من نحب.
قلت: كأنه يريد من مجاز الحذف أو من المجاز العقلي في الإيقاع على المكان أو من المرسل وعلى الأخير.
ومن مذهبي حب الديار لأهلها
…
وللناس فيما يعشقون مذاهب
وبعضهم يحمل محبة الجبل له صلى الله عليه وسلم على حقيقة، قلت: إذ لا مانع بأن يخلق الله فيه إدراكًا يحب به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت الأحجار تسلِّم عليه، وقال:"إني لأعرف حجرًا (2) سلَّم عليَّ قبل أن أبعث" على أنه لو احتيج إلى الحمل على المجاز في يحبّنا فأي حامل على هذا في نحبّه، فإن المحبة تقع على الجمادات كما قال صلى الله عليه وسلم: "حبب إلي من دنياكم الطيب
…
" (3)، و {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} [آل عمران: 14] وقال صلى الله عليه وسلم في مكة: "والله إنك لأحب البقاع إلي" (خ عن سهل بن سعد (4) ت عن أنس حم طب والضياء عن عقبة بن سويد بن عامر
= وكذلك أخرجه أحمد (2/ 420) عن أبي هريرة وصححه الألباني في صحيح الجامع (181).
(1)
النهاية (1/ 327).
(2)
أخرجه مسلم (2277)، من رواية جابر بن سمرة.
(3)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 78).
(4)
أخرجه البخاري (1481) عن سهل والبخاري (4084، 7333)، ومسلم (1345)، والترمذي (3922) عن أنس، وأحمد (3/ 443) والطبراني في الكبير (7/ 90) رقم (6467) عن عقبة بن=
الأنصاري) زاد المصنف في الكبير عن أبيه فروايته هنا مرسلة وما له غيره قال أبو القاسم بن بشر أن في "أماليه" عن أبي هريرة، ولم يذكر في الكبير رواية أبي القاسم فهذه من زوائد الصغير على الكبير.
238 -
" أُحد جبل يحبنا ونحبه، فإذا جئتموه فكلوا من شجره، ولو من عضاهه (طس) عن أنس (ض) ".
(أُحد جبل يحبنا ونحبه فإذا جئتموه فكلوا من شجره) فإن من أحبه صلى الله عليه وسلم كان الخير فيه وفيما حصل منه والأكل من شجره كالإكرام له والتبرك بما فيه من سرَّ المحبة (ولو من عضاهه) جمع عضة وقيل: عضاهة، وهي كل شجرة عظيمة ذات شوك، وفيه دليل على أن المحبة لنفس البقعة (طس عن (1) أنس) رمز المصنف لضعفه، قال الهيثمي: فيه كثير ابن زيد وثَّقه أحمد وفيه كلام.
239 -
" أحد ركن من أركان الجنة (ع طب) عن سهل بن سعد (ض) ".
(أُحد ركن من أركان الجنة) جانب عظيم من جوانبها (ع طب (2) عن سهل بن سعد) رمز المصنف لضعفه قال الهيثمي: فيه عبد الله بن جعفر والد علي بن
=سويد بن عامر، وابن البشران في أماله برقم (1257) عن أبي هريرة. وقال الهيثمي (4/ 13): رواه أحمد والطبراني في الكبير وعقبة ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا وبقية رجاله رجال الصحيح، قال الحافظ في الإصابة (3/ 231)، ورواه أحمد والبخاري في تاريخه ورواه البغوي وابن أبي عاصم وابن شاهين وأبو نعيم.
(1)
أخرجه الطبراني في الأوسط (1905)، وأورده ابن عدي في الكامل (6/ 59)، وقال الهيثمي في المجمع (4/ 13)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (186)، والسلسلة الضعيفة (1869).
انظر: خلاصة الوفاء للسمهودي (2/ 399 - 402) وكثير بن زيد قال عنه الحافظ: صدوق يخطئ التقريب (5611).
(2)
أخرجه أبو يعلى (7516)، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 151) رقم (5813) عن سهل بن سعد وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 13)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير (187) والسلسلة الضعيفة (1819).
المديني ضعيف قال ابنه علي: أبي ضعيف.
240 -
" أُحد هذا جبل يحبنا ونحبه، على باب من أبواب الجنة، وهذا عَيْر يبغضنا ونبغضه وإنه على باب من أبواب النار (طس) عن أبي عبس بن جبر (ض) ".
(أُحد هذا جبل يحبنا ونحبه وهو على باب من أبواب الجنة) لا ينافي أنه ركن من أركانها لاحتمال أنه ركن قريب من بابها، وهذا عير: بالمهملة فمثناة تحتية فراء جبل بالمدينة وهو أحد ما في المدينة وهما عير وثور لحديث علي صلى الله عليه وسلم: المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ذكره في "خلاصة الوفا"(1)، يبغضنا ونبغضه هذا مما يرد تأويل النهاية (2) أن المراد يحبنا أهله إذ أهل الجبلين واحد وهم الأنصار فلا يتم ذلك (وهو على باب من أبواب النار) قال في خلاصة الوفا (3): عير على ترعة من ترع النار ضعيف.
فإن قلت: الجبال تنسف نسفًا وتكون قاعًا صفصفًا فكيف تكون هذه الجبال من جبال الجنة والنار؟
قلت: يحتمل أنهما يخصصان بعدم النسف، ويحتمل أنهما ينسفان ثم يعادان كما يعود الحي بعد وفاته (طس (4) عن أبي عبس) بالمهملتين بينهما موحدة ساكنة اسمه عبد الرحمن بن جبر بالجيم فموحدة فراء بزنه عبس وأبو عبس صحابي بدري جليل (5) ورمز المصنف لضعف الحديث، قال الهيثمي: فيه عبد المجيد بن أبي عبس لينه أبو حاتم (6) وفيه أيضًا من لم أعرف.
(1) انظر: خلاصة الوفاء (1/ 203 - 205) و (399 - 402).
(2)
النهاية (1/ 869).
(3)
المصدر السابق (2/ 684)، وفيه: وما روي أن عيرًا على ترعة من ترع النار، واهٍ.
(4)
أخرجه الطبراني في الأوسط (6505)، وقول الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 13).
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (188) والسلسلة الضعيفة (1618).
(5)
انظر: أسد الغابة (1/ 689)، والإصابة (4/ 295).
(6)
انظر: لسان الميزان (4/ 55).
241 -
" أحد أبوي بلقيس كان جنيًّا، أبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه في التفسير وابن عساكر عن أبي هريرة"(ض).
(أحد أبوا بلقيس) التي حكى الله قصتها في القرآن (كان جنيًّا) لم يبين من هو؟ هل الأب أو الأم؟ ذكر المصنف في الدر المنثور رواية عن مجاهد قال: صاحبة سبأ أمها جنية، وكذلك ذكر روايات أخرى في ذلك، وذكر عن الحسن البصري إنكار ذلك.
فإن قيل: قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [الروم: 21] يقضي بأنه لا تناكح بين الإنس والجن.
قلت: الآية إخبار امتنان من الله تعالى على عباده فيها، فيكون ذلك باعتبار الأغلب ولا ينافيه الأقل، ويحتمل أنه أريد خلق لأبيكم آدم زوجًا من نفسه وأخرجها منه نظير قوله:(وجعل منها زوجها)(أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه (1) في التفسير وابن عساكر عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه لأن فيه سعيد بن بشير ضعيف، وبشير بن نهيك قال أبو حاتم: لا يحتج به ووثَّقه النسائي.
242 -
" احذروا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله، وينطق بتوفيق الله ابن جرير عن ثوبان (ض) ".
(احذروا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله) تقدَّم الكلام عليه في "اتقوا"(وينطق بتوفيق الله) بتسديده وتأييده فلا ينطق إلا عن خبر صادق وشيء واقع (ابن جرير (2) عن ثوبان) بالمثلثة تثنية ثوب وهو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو عبد الله أو
(1) أخرجه أبو الشيخ في العظمة (1096)، وابن عساكر (69/ 67)، وابن عدي في الكامل (3/ 369) في ترجمة سعيد بن بشير، وأورده الذهبي في الميزان (3/ 189) في ترجمة سعيد بن بشير وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (185)، والسلسلة الضعيفة (1818). وانظر ترجمة بشير بن نهيك في تهذيب الكمال (4/ 181) وقال الحافظ: ثقة، التقريب (726).
(2)
أخرجه ابن جرير (34/ 32) وأبو نعيم في الأربعين على مذهب المتحققين من الصوفية (1/ 94) =
أبو عبد الرحمن لازم النبي صلى الله عليه وسلم سفرًا وحضرًا ونزل الشام، رمز المصنف لضعفه.
243 -
" احذروا زلة العالم، فإن زلته تكبكبه في النار (فر) عن أبي هريرة (ض) ".
(احذروا زلة العالم فإن زلته تكبه) هو تكرير الكب جعل التكرير في اللفظ دليلاً على التكرير في المعنى كأنه إذا ألقي في النار يكب مرة بعد أخرى حتى يستقر في قعرها قاله في الكشاف (1) وتقدم الكلام عليه في: "اتقوا زلة العالم". (في النار) قال تعالى: {فكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشعراء: 94](فر عن أبي هريرة (2)) رمز المصنف لضعفه.
244 -
" احذروا الدنيا، فإنها أسحر من هاروت وماروت، ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا (هب) عن أبي الدرداء (ض) ".
(احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت) تقدم الكلام على ما فيه في قوله: "اتقوا الدنيا
…
" الحديث ولا زيادة فيه على ما سلف (ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الدنيا هب عن أبي الدرداء) رمز المصنف (3) لضعفه.
= رقم (55) وفي الحلية (4/ 81) وقال تفرد به مؤمل عن أسد. قلت مؤمل بن سعيد بن يوسف قال البخاري: منكر الحديث (التاريخ الكبير 8/ 49).
(1)
انظر: الكشاف (1/ 884).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (307)، قال الغماري في المداوى (1/ 219): ضعيف، وقال المناوي (1/ 187): ضعيف؛ لأن فيه محمَّد بن ثابت البناني قال الذهبي: ضعفه غير واحد، ومحمد بن عجلان أورده في الضعفاء وقال صدوق ذكره البخاري في الضعفاء وقال الحاكم سيء الحفظ عن أبيه عجلان وهو مجهول. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (194).
(3)
أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا (70) والبيهقي في الشعب (10504)، وقال المناوي (1/ 188): ضعيف لأن فيه هشام بن عمار قال أبو حاتم صدوق وقد تغير وكان كلما لقن يتلقن وقال أبو داود: حدث بأرجح من أربعمائة حديث لا أصل لها. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (191) والسلسلة الضعيفة (34).
245 -
" احذروا الدنيا، فإنها خضرة حلوة (حم) في الزهد عن مصعب بن سعد مرسلاً".
(احذروا الدنيا فإنها خَضِرة) بالخاء المعجمة مفتوحة والضاد المعجمة مكسورة حُلوة بالحاء المهملة مفتوحة ومضمومة قال في النهاية (1): أي غضة ناعمة طرية والحلوة من النساء من تستخف وتستحلى (حم في الزهد عن مصعب)(2) بضم الميم صاد وعين مهملات (ابن سعد) ابن أبي وقاص قال فيه: ابن سعد: كثير الحديث ثقة (مرسلاً) لأنه تابعي توفي سنة 103.
246 -
" احذروا الشهوة الخفية: العالم يحب أن يجلس إليه (فر) عن أبي هريرة (ض) ".
(احذروا الشهوة الخفية) في النهاية (3): قيل: هي كل شيء من المعاصي يضمره صاحبه ويصر عليه وإن لم يعمله، وقيل: هي أن يرى الجارية حسنة فيغض عنها طرفه ثم ينظر بقلبه كما كان ينظر بعينه. انتهى.
قلت: أما هنا فقد فسرها الإبدال منها بقوله (العالم يحب أن يجلس إليه) ويصح أن يكون هذا استئنافًا كأنه قيل: وما هي؟ قال: العالم وهو تحذير للناس عن العالم الذي يحب الجلوس إليه إما لأنهم يعينونه على معصية محبته الشهرة بالعلم والتأكل به أو لأنه لا يوثق بعلمه لأنه بمحبته الجلوس إليه يتصنع لهم ويروي لهم ما لم يكن ويكره أن يرد إلى الصواب، ويحتمل أنه تحذير للعلماء أي احذروا أيها العلماء الشهوة التي تخفى عليكم وهي محبتكم أن يجلس
(1) النهاية (2/ 41).
(2)
أخرجه أحمد في الزهد (ص 12)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (192)، والسلسلة الصحيحة (910). وانظر ترجمة مصعب في تهذيب الكمال (28/ 24)، وقال الحافظ في التقريب (6688): ثقة من الثالثة.
(3)
النهاية (2/ 516).
إليكم وإنما جعلها خفية؛ لأنها تخفى عليهم ويظنونها خيرًا وللنفس إلى الشهرة وعلو الذكر نزوع لا يدفعه إلا من وفقه الله لجهاد نفسه.
إن قلت: قد يجد الإنسان محبة أن يجلس إليه من يأخذ عنه العلم. قلت: إن أحب ذلك لكونه نشرًا للعلم وإفادة المسلمين ودعاء إلى الخير ورجاء للأجر فهذا حسن وطاعة من الطاعات وإن أحبه ليظهر اسمه ويرتفع ذكره فهو المنهي عنه والأعمال بالنيات (فر عن (1) أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه إبراهيم بن محمَّد الأسلمي متروك.
247 -
" احذروا الشهرتين: الصوف، والخز، أبو عبد الرحمن السلمي في سنن الصوفية (فر) عن عائشة (ض) ".
(احذروا الشهرتين) تثنية شهرة وهي ما يشتهر به صاحبه بمخالفته الناس والمراد هنا في اللباس كما بين ذلك الأبدال بقوله (الصوف والخز) بالخاء المعجمة والزاي قال في النهاية (2): الخز المعروف ثياب تنسج من صوف وإبريسم وهي مباحة وقد لبسها الصحابة والتابعون فيكون النهي عنها لأجل التشبه بالعجم وزي المترفين وإن أريد بالخز النوع الآخر وهو المعروف الآن فهو حرام لأنه كله معمول من الإبريسم. انتهى.
والحديث يحتمل: أن يراد الأول فالنهي للتنزيه، ويحتمل: أن يراد الثاني فهو للتحريم وقِرانه بالصوف يرشد إلى الأول وهو تحذير عن اللبس بما يضر لابسه مشتهراً بلبسه من خشونة أو ضدها أو طول أو قصر كما في حديث أبي هريرة
(1) أخرجه الديلمي في الفردوس كما في الكنز (28965)، وفي المداوى للغماري (1/ 221) وقول المناوي (1/ 188)، وفي إسناده إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق متروك (التقريب: 241). ورد في المخطوط: محمَّد بن إبراهيم الأسلمي، أظن الصواب كما ذكرت.
وقال الألباني في ضعيف الجامع (193)، وفي السلسلة الضعيفة (2001): ضعيف جدًّا.
(2)
النهاية (2/ 28).
الآتي: "نهي عن الشهرتين رقة الثياب وغلظها ولينها وخشونتها وطولها وقصرها ولكن سددوا فيما بين ذلك (أبو عبد الرحمن السلمي) هو العالم الحافظ الزاهد شيخ المشايخ محمَّد بن حسين النيسابوري الصوفي جمع العالي والنازل وصنف وجمع وسارت بتصانيفه الركبان وصنف للصوفية سننًا هي المراد بقول المصنف (في سنن الصوفية) وألف تفسيراً قال الذهبي (1): ألف حقائق التفسير فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية فنسأل الله العافية، قال الخطيب: قال القطان: كان السلمي غير ثقة يضع للصوفية الأحاديث (2).
(فر عن عائشة)(3) رمز المصنف لضعفه وقال في الكبير بعد سرده: وضعف.
248 -
" احذروا صُفْر الوجوه، فإنه إن لم يكن من علة أو سهر فإنه من غل في قلوبهم للمسلمين (فر) عن ابن عباس (ض) ".
(احذروا صفر الوجوه فإنه إن لم يكن من علة أو سهر فإنه من غل) بكسر الغين المعجمة الغش وخبث القلب وعدم سلامته وذلك أن سليم القلب يلوح عليه سيما الإيمان ويشرف على وجهه أنوار سلامة صدره، وفي الحديث إرشاد إلى علم القيافة (في قلوبهم للمسلمين) فالوجه صحيفة القلب وعنوانه يلوح عليه ما فيه من خير وشر (فر (4) عن ابن عباس) رمز المصنف لضعفه.
(1) سير أعلام النبلاء (13/ 442).
(2)
انظر: لسان الميزان (5/ 140)، تذكرة الحفاظ (3/ 1046).
(3)
أخرجه الديلمي في الفردوس (258)، وقال الغماري في المداوي (1/ 222) من طريق أبي عبد الرحمن السلمي وقال المناوي (1/ 189): فيه أحمد بن الحسين الصفار كذبوه، وقال الألباني في ضعيف الجامع (195) وفي السلسلة الضعيفة (2067): موضوعٌ.
(4)
أخرجه الديلمي في الفردوس كما في الكنز (1020) وفي المداوي للغماري (1/ 222) وأورده القاري في الموضوعات الكبرى (154) عن ابن عباس، وفيه رجاء بن نوح البلخي كذاب. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (195) والسلسلة الضعيفة (2097).
249 -
" احذروا البغي، فإنه ليس من عقوبة هي أحضر من عقوبة البغي (عد) وابن النجار عن علي (ض) ".
(احذروا البغي) تقدم أنه مجاوزة الحد (فإنه) أي الشأن (ليس عقوبة أحضر من عقوبة البغي) بالحاء المهملة والضاد المعجمة من الحضور أي أشد حضورًا أي قربًا وتقدَّم أنه والعقوق مما تعجل عقوبتهما في الدنيا (عد وابن النجار (1) عن علي) رمز المصنف لضعفه.
250 -
" احرثوا فإن الحرث مبارك، وأكثروا فيه من الجماجم (د) في مراسيله عن علي بن الحسين مرسلاً".
(احرثوا فإن الحرث مبارك وأكثروا فيه من الجماجم) بالجيمين قال في النهاية (2): هي الخشبة التي يكون في رأسها سكة الحرث ذكره في الجيم وفي القاموس في الخاء المعجمة الخمة بالضم الكتاب فإن ثبتت الرواية بالمعجمة فكان هذا جمعها وهو الأوفق والأنسب للإكثار وفي الشرح أنه البدر أو العظام التي تعلق على الزرع لدفع الطير ويدل للثاني ما في خبر منقطع عند (3) البيهقي أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالجماجم أن يجعل في الزرع من أجل العين (د في مراسيله عن علي (4) بن الحسين مرسلاً) كان يغني عنه قوله في مراسيله فإنها ليس فيها إلا المرسل.
251 -
"أحسن الناس قراءة الذي إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله (محمَّد بن نصر في كتاب الصلاة (هب خط) عن ابن عباس، السجزي في الإبانة (خط) عن ابن
(1) أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 138) في ترجمة محمَّد بن الفرات وقال: قال أبو بكر بن أبي شيبة شيخ كذاب، وقال ابن عدي: الضعف بين علي ما يرويه، وابن عساكر في تاريخ دمشق (18/ 81)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (190) وفي السلسلة الضعيفة (1871).
(2)
النهاية (1/ 299).
(3)
أخرجه البيهقي في السنن (6/ 138) عن علي بن أبي طالب وقال: هذا منقطع.
(4)
أخرجه أبو داود في المراسيل (540)، والبيهقي (6/ 138) وقال: مرسل. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (190).
عمر (فر) عن عائشة (ض) ".
(أحسن الناس قراءة الذي إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله) يخافه فيرق قلبه عند قراءة كتاب ربه وكأن المراد أحسنهم أجرًا وثوابًا إلا أنه يأتي التصريح أن المراد أحسنهم صوتًا (محمَّد بن نصر في كتاب الصلاة هب خط عن ابن (1) عباس) رمز المصنف لضعفه؛ لأنَّ فيه إسماعيل بن عمرو البجلي قال الذهبي: ضعَّفوه (السجزي) بكسر المهملة فجيم ساكنة فزاي فياء النسبة إلى سجستان الإقليم المعروف أفاده في القاموس (2) والسجزي هو الإِمام الحافظ علم السنة أبو نصر عبد الله بن سعيد السجزي نزيل الحرم ومصر (في الإنابة) كتاب كبير له سماه الإنابة الكبرى في مسألة القرآن وهو كتاب دال على اطلاعه وخبرته بالرجال والطرق مات في مكة سنة 444 (3)(خط عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه قال الشارح: فيه حماد بن حماد يحدث عن الثقات بالمناكير (فر عن عائشة) رمز المصنف لضعفه قال الشارح: فيه يحيى بن عثمان بن صالح، قال ابن أبي حاتم: تكلموا فيه لكن يتقوى بتعدد الطرق فيصير حسنًا، وقد أخرج البزار بسند قال فيه الهيثمي: رجاله رجال الصحيح من حديث جابر مرفوعًا بلفظ: أحسن الناس صوتًا بالقرآن الذي إذا سمعته يقرأ رأيت أنه يخشى الله.
(1) أخرجه البيهقي في الشعب (2145)، والدارمي (3489)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 19)، وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (3/ 208)، والطبراني في الأوسط (207)، وابن عدي في الكامل (2/ 772) عن ابن عمر، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 170): فيه حميد بن حماد وثقه ابن حبان وقال: ربما أخطأ، وابن المبارك في الزهد (9/ 38) رقم (114). صححه الألباني في صحيح الجامع (194)، وفي السلسلة الصحيحة (1583)، وفي سنن ابن ماجه (1339) عن جابر -مرفوعاً-: إن أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله. وقال الشيخ الألباني: صحيح.
(2)
القاموس المحيط (ص 660).
(3)
انظر: تذكرة الحفاظ (3/ 118).
252 -
"أحسن الناس قراءة من قرأ القرآن يتحزن به (طب) عن ابن عباس"(ض).
(أحسن الناس قراءة من قرأ القرآن يتحزن) يتكلف الحزن ويتطلبه وإن لم يكن حزن كما دل له صيغة تفعل ويدل له حديث: "فإن لم تبكوا فتباكوا"(1) ويأتي اقرؤوا القرآن بالحزن (به) بسبب ما فيه من القوارع والزواجر والتخويف من غضب الله وسخطه وما أنزله بالعصاة من العقوبة وما أحل بهم من النقم (طب عن ابن (2) عباس) رمز المصنف لضعفه، قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث وفيه ضعف، قال الحافظ ابن حجر: ابن لهيعة صدوق اختلط بعد احتراق كتبه.
253 -
"أحسنوا إذا وليتم، واعفوا عما ملكتم، الخرائطي في مكارم الأخلاق عن أبي سعيد".
(أحسنوا إذا وليتم) بفتح أوله مخففًا ويجوز ضمه مثقلًا وفي نسخ فيما أوليتم (واعفوا عما ملكتم) فيه الحث على الإحسان على من ولي أمر أحد إليه وعلى العفو عن المماليك وهو من عطف الخاص على العام فإن العفو عن المملوك من الإحسان إلى من ولي الإنسان أمره (الخرائطي (3) في مكارم
(1) أخرجه ابن ماجه (1337) و (4196)، والبزار في مسنده (1235)، وأبو يعلى في مسنده (689) والبيهقي في السنن (10/ 231)، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 157) هذا إسناد فيه أبو رافع واسمه إسماعيل بن رافع ضعيف متروك، وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه (281) و (918) وفي ضعيف الترغيب (877).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 7) رقم (10852) وقال الهيثمي في المجمع (7/ 170): وفيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث وفيه ضعف وأخرجه كذلك أبو نعيم في الحلية (4/ 19)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (200) والسلسلة الضعيفة (1882).
(3)
أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق (374) وكذلك القضاعي في مسند الشهاب (712) من طريق الخرائطي وفي إسناده عطية العوفي وهو ضعيفٌ وقال الغمارى في المداوي (1/ 228) =
الأخلاق) اسم كتاب ألفه (عن أبي سعيد) سكت عليه المصنف، قال الشارح: فيه ضعف.
254 -
" أحسنوا جوار نعم الله لا تُنفِّرُوها، فقلما زالت عن قوم فعادت إليهم (ع عد) عن أنس (هب) عن عائشة (ض) ".
(أحسنوا جوار نعم الله) جمع نعمة ونعمه تعالى لا تحصى، وإحسان جوارها شكرها والمواساة منها وإعطاء كل ذي حق حقه هذا في النعم المالية وفي النعم البدنية كنعمة النظر فشكرها استعمالها فيما خلقت له من النظر بها في ملكوت الله وتسريحها في عجائب صنع الله ليزداد إيمانًا ويقينًا وطاعة وكذلك سائر الجوارح والأعضاء وهو باب واسع فإن أنواع نعم الله لا تحصى فضلاً عن أفرادها وكذلك شكرها، وقوله (لا تنفروها) أي بكفرها فإنه سبب لنفورها كما أن شكرها سبب لبقائها وزيادتها كما أفاده قوله:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] فإذا أفادها الشكر الزيادة فإفادته لبقائها بالأولى، وفي كلام نهج البلاغة: إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر (فقلما زالت عن قوم فعادت إليهم) فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم (ع عد (1) عن أنس) رمز المصنف لضعفه؛ لأنه فيه عثمان بن ثابت قال البيهقي: ضعيف وضعَّفه الهيثمي (هب عن عائشة) قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى كسرة ملقاة فأخذها ومسحها وأكلها ثم ذكره وفيه محمَّد الموقري ضعَّفه البيهقي.
=والألباني في ضعيف الجامع (202) والسلسلة الضعيفة (1873): موضوع.
(1)
أخرجه أبو يعلى (3405) وابن عدي في الكامل (5/ 162) عن أنس وقال الهيثمي (8/ 357): فيه عثمان بن مطر، وهو ضعيف، وكما في التقريب (4519)، والبيهقي في الشعب (4557) والطبراني في الأوسط (6451) (7889) عن عائشة وقال الهيثمي: الموقري ضعيف، والعسكري كما في الأجوبة المرضية للسخاوي (2/ 496) بتحقيقنا، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (204)، وفي الإرواء (1961). وقد أخرجه ابن ماجه (3353)، وابن أبي الدنيا في كتاب الشكر رقم (2).
255 -
" أحسنوا إقامة الصفوف في الصلاة (حم حب) عن أبي هريرة (صح) ".
(أحسنوا إقامة الصفوف في الصلاة) تسويتها وتراصها وإتمامها الأول فالأول ص 93 وتأتي عدة أحاديث في ذلك، والأصل في الأمر الإيجاب (حم حب (1) عن أبي هريرة (2)) رمز المصنف لصحته، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
256 -
" أحسنوا لباسكم، وأصلحوا رحالكم، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس (ك) عن سهل بن الحنظلية".
(أحسنوا لباسكم) فيه الأمر بإحسان اللباس والمراد لا تكونون على هيئة غير مقبولة بل تحسنون الهيئة في الملبوس وفي اللباس (وأصلحوا رحالكم) بكسر الراء وحاء مهملة جمع راحلة وهي من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال والذكر والأنثى فيه سواء والياء للمبالغة وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت قاله في النهاية (3)(حتى تكونوا كأنكم شامة) في النهاية (4): هي الخال في الجسد معروف أراد كونوا في أحسن زي وهيئة حتى تنظروا الناس وينظروا إليكم وكما تظهر الشامة وينظر إليها دون باقي الجسد (في الناس) فيه حث على تحسين الهيئة وإصلاح المركوب وانتخابه بحيث يكون علامة في الناس في هيئته ومركوبه وإن ذلك لا ينافي الزهادة في الدنيا (ك عن سهل (5) بن الحنظلية)
(1) في الأصل (هب).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 485) وابن حبان (2179)، وقال الهيثمي في المجمع (2/ 89) وقال: رجاله رجال الصحيح. وكذا المنذري (1/ 189)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (195).
(3)
النهاية (2/ 209).
(4)
النهاية (1/ 31).
(5)
أخرجه الحاكم (4/ 183)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (206) والسلسلة الضعيفة (2082).
وقد روي مطولاً بلفظ إنكم قادمون على إخوانكم فأحسنوا.
257 -
" أحسنوا الأصوات بالقرآن (طب) عن ابن عباس (ض) ".
(أحسنوا الأصوات بالقرآن) قد فسَّر هذا الإحسان ما يأتي من قوله اقرءوا القرآن بلحون العرب وإياكم ولحون أهل الكتابين وهذا الحديث تأديب في كيفية التلفظ به والأولان في صدوره عن قلب حزين خاشع (طب عن ابن (1) عباس) رمز المصنف لضعفه كما رأيناه في النسخة التي قوبلت على خطه وقال الشارح: إنه لم يرمز له المصنف بشيء قال: ومن زعم أنه رمز لضعفه فقد وهم والحديث كما قال الهيثمي: رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما راوٍ ضعَّفه البخاري وبقية رجاله رجال الصحيح.
258 -
" أحسنوا إلى محسن الأنصار، واعفوا عن مسيئهم (طب) عن سهل بن سعد وعبد الله بن جعفر معًا (صح) ".
(أحسنوا إلى محسن الأنصار واعفوا عن مسيئهم) هو توصية للأمة بالأنصار أو للأئمة على الأول فالأئمة أعرف وأحق بذلك (طب عن سهل (2) بن سعد
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (12/ 118) رقم (12643)، وابن عدي في الكامل (3/ 385) بلفظ "زينوا" وقال: وأبو سعد البقال كوفي حدث عنه شعبة والثوري وابن عيينة وهم وغيرهم من ثقات الناس وله غير ما ذكرت من الحديث شيء صالح وهو في جملة ضعفاء الكوفة الذي يجمع حديثهم ولا يترك وكان قاسم المطرز قد جمع حديثه يمليه علينا.
وفي إسناده أيضاً عبد الله بن خراش قال البخاري في التاريخ الكبير (5/ 80) منكر الحديث، وفي التقريب (3293): ضعيف وأطلق عليه بن عمار الكذب. وقال الذهبي في الكاشف ت (2703) ضعفوه، وقال الهيثمي في المجمع (7/ 170): رواه الطبراني بإسنادين وفي أحدهما عبد الله بن خراش، وثّقه ابن حبان وقال: ربما أخطأ ووثقه البخاري وغيره وبقية رجاله رجال الصحيح، وقال الألباني في ضعيف الجامع (203) والسلسلة الضعيفة (1881): ضعيف جدًّا.
(2)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (6/ 208) رقم (6028) وفي الأوسط (835)، وقال الهيثمي في المجمع (10/ 36)، رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط والكبير بأسانيد في أحدها عبد الله بن مصعب وفي الآخر عبد المهيمن بن عباس وكلاهما ضعيف. وصححه الألباني في صحيح الجامع =
وعبد الله بن جعفر معًا) رمز المصنف لصحته قال الشارح: فيه عبد المهيمن بن عباس ابن سهل وهو ضعيف.
259 -
" أحصوا هلال شعبان لرمضان (ت ك) عن أبي هريرة (صح) ".
(أحصوا هلال شعبان لرمضان) الهلال غرة القمر والإحصاء هنا من الحفظ من قولك أحصيت الشيء إذا حفظته أي احفظوا ليلة رؤيته لتعرفوا أول رمضان بيقين أو من الإحصاء وهو التعداد أي أحصوا عدة شعبان وذلك بعد معرفة ليلة هلاله. ويناسبه حديث: "أحصوا عدة شعبان لرمضان" أخرجه الدارقطني من رواية رافع بن خديج (1) وذلك ليدخل في صوم رمضان بيقين لا بظن، وفيه مأخذ لعدم شرعية صوم الشك (ت ك (2) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته؛ لأنه رواه الترمذي من طريق مسلم صاحب الصحيح وصحَّحه الحاكم ورجاله رجال الصَّحيح إلا محمَّد بن عمرو فإنه لم يخرج له الشيخان.
260 -
" احضروا الجمعة؛ وادنوا من الإِمام؛ فإنَّ الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها (حم دك هق) عن سمرة (صح) ".
(احضروا الجمعة) أي صلاتها (وادنوا من الإِمام) اقربوا مثله من دنى يدنو إذا قرب (فإن العبد لا يزال) إشارة إلى أن ذلك فيمن اعتاد التأخر لا لو اتفق له نادرًا أو لم يجد مكانًا لتأخره (يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها) أي في درجاتها وفيه مجازاة من جنس الفعل لما تأخَّر عن موقف الطاعة أخر عن موقف
= (196)، والسلسلة الصحيحة (916).
(1)
أخرجه الدارقطني (2/ 163) رقم (30).
(2)
أخرجه الترمذي (687) وقال: لا نعرفه إلا من حديث أبي معاوية، والحاكم (1/ 425)، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وتعقبه الشارح بأن محمَّد بن عمرو الليثي لم يخرج له الشيخان شيئاً، وقال الحافظ في التقريب (6188): صدوق له أوهام. وصححه ابن العربي في العارضة (3/ 203)، وحسَّنه الألباني في الجامع (198) والسلسلة الصحيحة (565).
الجزاء، فأما لو تأخر لعذر كمنكر يراه في الصفوف الأولى أو يسمعه فإنه لا حرج عليه في التأخر بل لعله يكون مأجور ببعده عن المنكر ونحوه (وإن دخلها) فإن درجته متأخرة (حم د ك هق (1) عن سمرة) رمز المصنف لصحته.
261 -
" احفظ لسانك، ابن عساكر عن مالك بن يخامر".
(احفظ لسانك) تقدم فيه الكلام، وفي التعبير بالحفظ إشارة إلى أنه سريع التقلب وأنه كالكلب العقور الضاري وفي كلام النهج: اللسان سبع إذا خلي عنه عقر، والمراد حفظها عن الشر (ابن عساكر عن مالك بن يخامر) (2) بمثناة تحتية مضمومة فخاء معجمة مفتوحة وكسر الميم وهو السكسكي الحمصي قال أبو نعيم: ذكر في الصحابة ولا يثبت (3). قلت: كان على المصنف أن يقول مرسلاً.
262 -
" احفظ ما بين لحييك، وما بين رجليك (ع) وابن قانع، وابن منده، والضياء عن صعصعة المجاشعي (صح) ".
(احفظ ما بين لحييك) بفتح اللام تثنية لحى وهو أحد جانبي الفم والذي بينهما اللسان عن الكلام وعن أكل الحرام وعن الاستهزاء بإخراجه على الناس إن كان من عرف ذلك الزمان (وما بين رجليك) وهو الذكر في حق الرجل وفرج المرأة وهذا كناية وليست نسبة ولا صفة والمراد حفظهما عما حرمه الله وفي التعبير بالحفظ إشارة إلى ما سلف وقد جمع الله بين التوصية بحفظ ما بين الجارحتين في قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ
(1) أخرجه أحمد (5/ 10)، وأبو داود (1018)، والحاكم (1/ 289)، والبيهقي (2/ 238)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (200) والسلسلة الصحيحة (365).
(2)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17/ 271) رقم (743) من رواية عقبة بن عامر ورواية ابن عساكر لم أقف عليها، ترجمته في تاريخ دمشق (56/ 522). وصححه الألباني في صحيح الجامع (204) والسلسلة الصحيحة (1122).
(3)
انظر: الإصابة (5/ 579) وتهديب الكمال (27/ 166)، والثقات (5/ 383).
فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 3 - 5](1)(ع وابن قانع وابن مندة) بميم مفتوحة فنون ساكنة فدال مهملة فهاء هو الإِمام الحافظ الجوّال أبو عبد الله محمَّد ابن إسحاق بن محمَّد بن يحيى بن منده له رحلة طويلة وتصانيف كثيرة قال ابنه عبد الرحمن: سمعت أبي يقول: كتبت عن ألف شيخ وسبعمائة شيخ، قال أبو نعيم: كان ابن منده جبلاً من الجبال، وقال المستغفري: ما رأيت أحدًا أحفظ من أبي عبد الله ابن منده، وله كتاب معرفة الصحابة، قال الحافظ ابن عساكر: فيه أوهام كثيرة (2)، وفاته سنة 395 (3).
قلت: وبنو منده أربعة أئمة حفاظ إلا أنه إذا أطلق فالمراد من ذكرنا ويدل لذلك أن المصنف يقول تارة في معرفة الصحابة وهو كتاب المذكور (والضياء عن صعصعة المجاشعي) بالجيم ومعجمة بعد الألف ثم مهملة نسبة إلى مجاشع اسم قبيلة ورمز المصنف لصحته.
263 -
" احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قيل: إذا كان القوم بعضهم في البعض، قال إن استطعت إن لا يرينها أحد فلا يرينها، قيل: إذا كان أحدنا خاليا. قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس (حم 4 ك هق) عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده"(صح).
(احفظ عورتك) صدر الحديث أنه قال راويه: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي
(1) أخرجه أبو يعلى كما في كنز العمال (7853) والبيان والتعريف (1/ 37) وابن قانع (777) والضياء في المختارة (8/ 16) رقم (6) وابن عساكر (40/ 480).
ولم أقف عند أبي يعلى من حديث صعصة وما وقفت عليه عنده من حديث أبي موسى قال: كنت أنا وأبو الدراء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من حفظ ما بين فكيه ورجليه دخل الجنة" وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (209) والضعيفة (2102) وقال: هذا إسناد ضعيف مظلم.
(2)
انظر: تاريخ دمشق (52/ 33).
(3)
انظر: الكواكب المنيرات (رقم 60).
منها وما نذر فذكره وفي النهاية (1): العورة هي كل ما يستحيا منه إذا ظهر وهي من الرجل ما بين السرة إلى الركبة ومن المرأة الحرة جميع جسدها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين وفي أخمصها خلاف ومن الأمة مثل الرجل وما يبدو منها في حال الخدمة كالرأس والرقبة والساعد فليس بعورة. انتهى. (إلا من زوجتك وما ملكت يمينك) فإنه يجوز لكل منهما رؤية عورة الآخر قيل: يحتمل أن القائل هو السائل أولاً أو غيره (إذا كان القوم بعضهم في البعض) خص السائل هذه الحالة لأنها مظنة انكشاف العورة للازدحام وضيق الأماكن وعدم السراويل كما كانت عليه العرب (قال: إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها) فجعل ذلك بالاستطاعة إما لإرادة التسهيل في مثل تلك المواقف لتعذر الاحتراز ويحتمل أنه أراد أن ذلك مستطاع على كل حال من الأحوال (قال: إذا كان أحدنا خاليًا قال: الله أحق أن يستحى منه من الناس) متعلق بأحق يحتمل أنَّ المراد أنَّه تعالى لا يفارقك بحال فلا تكشف عورتك أصلًا ويحتمل أنَّ الملائكة لا تفارقك فلا تبرز عورتك وأنت خال وعلى كل حال فهو إرشاد إلى حفظ العورة في جميع الأحوال (حم 4 ك هق عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده) رمز المصنف لصحته وقال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وصححه الترمذي (2).
264 -
" احفظ ود أبيك، لا تقطعه فيطفئ الله نورك (خد طس هب) عن ابن عمر (خ) ".
(احفظ ود أبيك) هو بالضم مصدر وده إذا أحبّه وبالكسر الصديق قال ابن
(1) النهاية (3/ 319).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 3) والترمذي (2769) وأبو داود (4017) والنسائي في السنن الكبرى (8972)، وابن ماجه (1920)، والحاكم (4/ 180) والبيهقي (1/ 199) وكذلك الطبراني في الكبير (19/ 413) رقم (962). وحسنه الألباني في صحيح الجامع (303).
الأثير (1): فعلى الضم فيه حذف.
قلت: تقديره احفظ أهل ود أبيك وعلى الكسر لا تقدير والأول الأولى لما يأتي من حديث: "أن من البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه"، ولأنه الذي صرح به ابن عمر وذلك أنه مر في سفره بأعرابي فقال له: ألست فلانًا؟ فقال: نعم، فأعطاه حمارًا كان يتعقبه ونزع عمامته فأعطاه إياها فقال من معه: أما يكفيه درهمان فقال له: كان أبوه صديقًا لعمر وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث (لا تقطعه فيطفئ الله نورك) أي النور الذي ينال من بركات بر أبيك وهو حث على البر بأحباء الآباء وذلك بعد وفاة الآباء كما يأتي التقييد به أي أنه يكون بعده آكد (خد طس هب عن ابن عمر) رمز المصنف لحسنه وقال العراقي: إسناده جيد، وقال الهيثمي: إسناده حسن (2).
265 -
" احفظوني في العباس؛ فإنه عمي وصنو أبي (عد) وابن عساكر عن علي"(ض).
(احفظوني) احفظوا وصيتي وأمري (في العباس) في إكرامه أو احفظوني بحفظه فإنكم إذا حفظتم حقه وقمتم بما يجب له فقد حفظتموني (فإنه عمي) علة للوصية بحفظه يقول قد أمرتم بالقيام بحق قرابتي فالعباس أقرب قريب من أصولي الباقين، كما أرشد إليه حديث الحسن عند الطبراني في الأوسط:"احفظوني في العباس فإنه بقية آبائي"(وصنو أبي) الصنو بكسر الصاد المهملة المثل وأصله أن تطلع نخلتان من أصل واحد أي أن أصل العباس وأصل أبي
(1) النهاية (5/ 164).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (8633) والبيهقي في الشعب (7898) والبخاري في الأدب المفرد (40) وحسنه الهيثمي في المجمع (8/ 148)، وقال المناوي (1/ 196) قال العراقي: إسناده جيد، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (210) والسلسلة الضعيفة (2089) لأن في إسناده عبد الله بن صالح كاتب الليث صدوق كثير الغلط وكانت فيه غفلة كما في التقريب (3388).
واحد، وهو مثل أبي قاله في النهاية (1)، وزيادة هذا بعد قوله فإنه عمّي زيادة في الحث وإزالة ما يتوهم من المعاني التي يطلق عليها لفظ العم وإن لم يكن في ذلك الزمان فليس بشيء منها إلا أنه خطاب باق على مر الدهور فقد سمعه من لا يعرف أن العباس صنو أبيه، وهذه التوصية تخصي صلى الله عليه وسلم للعباس من بين القرابة مع ثبوت التوصية بهم أجمعين، ووجه تخصيصه بذلك ما أخرجه الترمذي (2) وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ عن المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال: دخل العبّاس على رسول الله فقال: ما أغضبك؟ فقال: يا رسول الله ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مستبشرة وإذا لقونا لقونا بغير ذلك قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه ثم قال: "والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله" ثم قال: "أيها الناس من أذاني في عمّي فقد آذاني فإن عمّ الرجل صنو أبيه" وفي معناه أحاديث باعثة على تخصيصه بالوصية (عد وابن عساكر عن علي (3)) رمز المصنف لضعفه قال الهيثمي: ورواه الطبراني في الأوسط وذكر اللفظ الذي ذكرناه، ثم قال: وفيه من لم أعرفهم.
266 -
"احفظوني في أصحابي وأصهاري، فمن حفظني فيهم حفظه الله في الدنيا والآخرة، ومن لم يحفظني فيهم تخلى الله عنه، ومن تخلى الله منه أوشك أن يأخذه البغوي (طب) وأبو نعيم في المعرفة، وابن عساكر عن عياض الأنصاري"(ض).
(1) النهاية (3/ 57).
(2)
أخرجه الترمذي (3758).
(3)
أخرجه الطبراني في الأوسط (4209) وفي الصغير (572) وابن عدي في الكامل (2/ 358)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 313) وأخرجه كذلك ابن أبي شيبة في المصنف (32212). وقول الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 269)، قال ابن عدي: وللحسين بن عبد الله بن ضميرة من الحديث غير ما ذكرت وهو ضعيف منكر الحديث وضعفه بين علي حديثه. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (15).
(احفظوني في أصحابي وأصهاري) في النهاية (1): الصهر حرمة التزويج والفرق بينه وبين النسب أن النسب ما يرفع إلى ولادة قريبة من جهة الآباء والصهر ما كان من خلطه يشبه القرابة يحدثها التزويج (فمن حفظني فيهم حفظه الله في الدنيا والآخرة) جزاء من جنس الفعل فيحفظه في الدنيا من شرورها ويحفظه في الآخرة عن أهوالها (ومن لم يحفظني فيهم تخلى الله عنه) بالخاء المعجمة مشدد اللام أي تركه وأعرض عنه قال في القاموس: تخلى عنه ومنه تركه والمراد من رحمته وغفرانه (ومن تخلى الله عنه أوشك) قرب وأسرع (أن يأخذه) فيه التوصية بحفظ الأصحاب والأصهار بمعرفة حقهم والثناء عليهم والدعاء لهم لمن غاب عنهم (البغوي طب وأبو (2) نعيم في المعرفة وابن عساكر عن عياض) بكسر المهملة فمثناة تحتية آخره ضاد معجمة هو ابن حمار صحابي تميمي بصري، ورمز المصنف لضعفه، وقال الهيثمي: فيه ضعفاء وقد وثقوا، وقال شيخه العراقي: سنده ضعيف.
267 -
" احفوا الشوارب وأعفوا اللحى (م ت ن) عن ابن عمر (عد) عن أبي هريرة"(صح).
(أحفوا الشوارب) قال النووي (3): هو بقطع الهمزة ووصلها من أحفى شاربه وحفاه استأصله والمراد هنا أخذ ما طال على الشفة حتى تبدي الشفة ولا تحفيه من أصله (وأعفوا اللحى) بالقطع والوصل أيضًا والمراد توفير اللحية
(1) النهاية (3/ 63).
(2)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17/ 369) رقم (1012)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (59/ 104) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 2186) رقم (5439)، والحافظ في الإصابة (4/ 759) وقال: سنده ضعيف، وضعّفه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (3/ 125). وقال الألباني في ضعيف الجامع (212) وفي السلسلة الضعيفة (2104): موضوع.
(3)
شرح مسلم للنووي (3/ 150).
خلاف عادة الفرس. انتهى. وفي النهاية (1): إحفاء الشوارب المبالغة في قصّها فأفاد إذا استقصائها، ومثله في القاموس (2)، وللعلماء خلاف طويل في المسئلة وقد بسطناه في حاشية شرح العمدة واللحى بضم اللام وكسرها جمع لحية (م ت ن (3) عن ابن عمر عد عن أبي هريرة).
268 -
" احفوا الشوارب، وأعفوا اللحى، ولا تشبهوا باليهود، الطحاوي عن أنس".
(أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى، ولا تشبهوا باليهود) وفي لفظ لابن حبان بدل اليهود المجوس، وفي رواية: المشركين، وفي أخرى بكسرى، قال العراقي: والمشهور أن كثرة الأخذ من اللحية من فعل المجوس (الطحاوي) هو الإِمام العلامة صاحب التصانيف البديعة أبو جعفر أحمد بن محمَّد بن سلامة المصري الطحاوي الحنفي وطحا قرية من قرى مصر ولد سنة 239 أخذ عن عوالم وكان فقيهًا ثبتًا ثقة عاملاً لم يخلف مثله، كان أولاً يقرى على المزني فقال له: والله لا جاء منك شيء فغضب من ذلك وانتقل إلى ابن أبي عمران وهو قاضي مصر حنفي جليل فلما صنف مختصره قال رحمه الله: أبا إبراهيم لو كان حيًّا لكفّر عن يمينه، قال الذهبي: صنف أبو جعفر في اختلاف العلماء وفي الشروط وفي أحكام القرآن وكتاب معاني الآثار وهو ابن أحب المزني مات في القعدة سنة 321 (4)(عن أنس) لم يرمز له المصنف بشيء قال الشارح: ووهم من قال أنه رمز لصحته (5).
(1) النهاية (1/ 410).
(2)
القاموس المحيط (ص 447).
(3)
أخرجه مسلم (259) والترمذي (2763) والنسائي (1/ 16) عن ابن عمر وابن عدي في الكامل (5/ 39) عن أبي هريرة.
(4)
انظر: تاريخ دمشق (5/ 367) ولسان الميزان (1/ 274).
(5)
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 230)، وقال العجلوني (1/ 59): رواه الطحاوي عن أنس بسند ضعيف، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (217) وفي السلسلة الضعيفة (2107) =
269 -
" احفوا الشوارب، وأعفوا اللحى، وانتفوا الشعر الذي في الآناف (عد هب) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده"(ض).
(أحفوا الشوارب واعفوا اللحى وانتفوا الشعر الذي في الأناف) أي الذي في باطن الأنف (عد هب (1) عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده) رمز المصنف لضعفه قال مخرجه البيهقي: قال الإِمام أحمد: هذا اللفظ الأخير غريبٌ وفي ثبوته نظر.
270 -
" أحق ما صليتم على أطفالكم (الطحاوي (هق) عن البراء (صح) ".
(أحق ما صليتم على أطفالكم) جمع طفل وهو المولود وفيه مشروعيّة الصلاة عليه، والمراد صلاة الجنازة واسم التفضيل مجرد عن الزيادة، والمراد حقيق عليكم الصلاة عليهم، وفي الإضافة إليهم دليل على أنه لا صلاة على أطفال الكفار ويحتمل أن اسم التفضيل على بابه والأحقية سببها عدم تلوثهم بالذنوب والآثام ويحتمل أن المراد من الصلاة الدعاء للأطفال بأن الله يتم قواهم ويقودهم إلى هداهم (الطحاوي هق عن البراء (2)) بموحدة مفتوحة وراء وهمزة، ممدود، هو إذا أطلق ابن عازب بالمهملة وراء بعد الألف فموحدة، أنصاري أوسي صحابي جليل رمز المصنف لصحته وتعقب بأن فيه ليث عن عاصم وليث لين وعاصم لا يعرف.
= لأن في إسناده أبو جعفر هذا هو عبد الله بن جعفر بن نجيح والد علي ابن المديني، وهو ضعيف كما جزم به الحافظ في التقريب (3255).
(1)
أخرجه البيهقي في الشعب (2764) وقال: غريب وفي ثبوته نظر، وابن عدي في الكامل (2/ 392) في ترجمة حفص بن واقد وذكر له عدة أحاديث منها هذا الحديث.
(2)
أخرجه البيهقي في السنن (4/ 9) الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 508) وفي إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، والبخاري في الكنى (1/ 10) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 339) ت (1500) قال الذهبي في المهذب (3/ 1353) رقم (6030): فيه ليث بن أبي سليم وهو لين وعاصم لا يعرف. وضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع (2119).
271 -
" أُحِلَّ الذهب والحرير لإناث أمتي، وحُرّم على ذكورها (حم ن) عن أبي موسى (صح) ".
(أحل) معبر الصيغة للعلم بالفاعل فإن الله هو الذي يحلل ويحرم (الذهب والحرير) أي لبسهما وهذا الحديث خصص حديث علي عند الشيخين (1) من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة بالرجال لقوله (لإناث أمتي) إلا أنه قد عارض هذا حديث أسماء بنت يزيد عند أبي داود (2) بلفظ: "أيما امرأة تقلدت قلادة من ذهب قلدت في عنقها مثلها من النار" والأحاديث في التحليل والتحريم قد تعارضت بلا مرية، وقد اختلف الناس في العمل بها فمنهم من ذهب إلى أن أحاديث التحريم منسوخة، وادعى الدميري الإجماع على حل لبس الذهب للنساء وذهب آخرون إلى خلاف ذلك وأولوا أدلة التحليل، وذهب آخرون على أن أدلة التحريم يراد بها الكراهة والتنزه عن زينة الدنيا، ولبسط المسئلة محل آخر (وحرم) فعبر الصيغة كالأول والنكتة النكتة (على ذكورها) وقد أبيح لهم للضرورة كالحكة فإنه أبيح لأجلها لبس الحرير كما هو معروف في الحديث (حم ن عن أبي موسى (3)) ورواه الترمذي وصححه ورمز المصنف لصحته.
272 -
" أحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال (هـ ك هق) عن ابن عمر (صح) ".
(أحلت لنا ميتتان ودمان) فيه الإبهام أولاً ثم التفسير بثانياً إشارة إلى عظم المنة بذلك (فأما الميتتان فالحوت والجراد) أي ميتة الحوت وميتة الجراد (وأما الدمان فالكبد والطحال) بزنة كتاب معروف وتسميتهما دمًا باعتبار ما كانا
(1) أخرجه البخاري (5832) ومسلم (2073).
(2)
أخرجه أبو داود (4238) قال في عون المعبود: نقل الحافظ عبد الحق عن ابن المديني أنه قال: حديث حسن ورجاله معروفون والله أعلم.
(3)
أخرجه أحمد (4/ 392) والنسائي (8/ 116)، والترمذي (1720) وقال: حديث حسن صحيح.
عليه وإلا فإنهما لا يؤكلان إلا وقد صارا لحمًا، وفي الحديث دليل على أن العام إذا ورد عمل به على عمومه ولا يبحث عن مخصصه، وهي مسألة خلافية في الأصول فإن قوله أحلت لنا ميتتان ودمان يدل أنها كانت قد دخلت تحت قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] وقول الزمخشري (1): أنهما محمولان على المعنى العرفي ولا يتناولان السمك والجراد والكبد والطحال لا حاجة إليه، نعم يتم ذلك في الكبد والطحال لأنهما لا يسميان دمًا إلا مجازًا والإطلاق لا يتناول إلا الحقيقة إلا أن الزمخشري جعل قوله:{أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} [الأنعام: 145] قيداً يخرج الكبد والطحال فنقض كلامه في البقرة كلامه في الأنعام، وفيه دليل على تخصيص الكتاب بالسنة (5 ك هق عن ابن (2) عمر) رمز المصنف لصحته إلا أنه نقل الشارح كلامًا عن الحافظ العراقي أن الصحيح أنه موقوف على ابن عمر، وقال البيهقي بعد تخريجه: هذا إسناد صحيح وهو في معنى المسند انتهى. وكأنه يريد أن له حكم الرفع إذ لا يقال من قبيل الرأي كما قاله النووي (3).
(1) انظر: الكشاف (1/ 107).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 97) وابن ماجه (3314) قال البوصيري (4/ 21): هذا إسناد ضعيف، والبيهقي في السنن (1/ 254) وقال: وروي موقوفاً على ابن عمر وهو الصحيح، وقد استنكر الإِمام أحمد المرفوع كما في "العلل ومعرفة الرجال" (رقم 1795) وقال أبو زرعة الرازي: الموقوف أصح (2/ 17) رقم (1524)، انظر: العلل لابن أبي حاتم (2/ 17)، والعلل للدارقطني (11/ 266)، والتنقيح (3/ 383 - 384) والتلخيص الحبير (1/ 26). قال الحافظ ابن حجر: الرواية الموقوفة التي صححها أبو حاتم وغيره هي في حكم المرفوع؛ لأن قول الصحابي أحل لنا وحرم علينا كذا مثل قوله: أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا فيحصل الاستدلال بهذه الرواي لأنها في معنى المرفوع والله أعلم. وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (210) وفي السلسلة الصحيحة (1118).
(3)
انظر: تدريب الراوي (1/ 213).
273 -
" احلفوا بالله وبروا واصدقوا، فإن الله يحب أن يحلف به (حل) عن ابن عمر (ض) ".
(احلفوا بالله وبروا واصدقوا) في النهاية (1): الحلف اليمين، حلف يحلف حلفًا وأصلها العقد بالعزم والنية. انتهى. والحلف بالشيء تعظيم له ولذا نهى عن الحلف بغير الله كما يأتي:"من حلف فليحف بالله"(2) والبر خلاف الفجور، والمراد الوفاء بما حلف به من فعل أو ترك وهذا مقيد بحديث أبي هريرة "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الذي هو خير" (3) سيأتي (فإن الله يحب أن يحلف به) لأنه تعظيم له وأما قوله:{وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} [البقرة 224] فلا ينافيه؛ لأنه نهي عن الحلف به ما أمر به أن يوصل وجعل القسم معترضًا بين فعل الخير والوفاء به أو نهي عن كثرة الحلف أي لا تجعلوا الله معرضًا} لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به ولذلك ذم تعالى {كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} [لقلم: 10](حل عن ابن عمر)(4) رمز المصنف لضعفه، قال مخرجه: تفرد به مسعر بن وَبْره، ومسعر ضعيف، قال البخاري: لا يصح حديثه.
274 -
" احلقوه كله، أو اتركوه كله (د ن) عن ابن عمر (صح) ".
(احلقوه) من حلق يحلق كضرب يضرب فهو بكسر اللام والضمير عائد إلى الرأس فإن سببه أنه صلى الله عليه وسلم قال لمن رآه قد حلق رأسه وترك بعضه، فلا ينافيه ما ثبت من أنه صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في النسك، والحلق نفسه للرأس مباح في غير الحج والعمرة فإنه فيهما نسك على الأصح (كله) تأكيد للضمير (أو اتركوه كله) ففيه
(1) النهاية (1/ 425).
(2)
أخرجه البخاري (5757) ومسلم (1646).
(3)
أخرجه مسلم (1650) وأبو داود (3247)، والترمذي (1530)، والنسائي (7/ 10).
(4)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 267)، والديلمي (333)، والجرجاني في تاريخه (1/ 329)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (211) وفي السلسلة الصحيحة (1119).
كراهة حلق بعض الرأس وتبقية بعضه (د ن عن ابن عمر)(1) قال: رأى النبي - صلى الله عليهو سلم - رجلاً حلق رأسه وترك بعضه فذكره، رمز المصنف لصحته وقد أخرجه مسلم بالسند الذي أخرجه به أبو داود.
275 -
" احملوا النساء على أهوائهن (عد) عن ابن عمر (ض) ".
(احملوا النساء على أهوائهن) احتملوهن على ما بهن من الهوى لما تكرهونه وقد كثرت التوصية بالاحتمال والاغتفار لهن، ويحتمل أن المراد احملوهن على ترك ما يهوين (وهن) عنه أو ساعدوهن على التزويج بمن يهوين فإنه أدوم للمودة.
وبهذا الاحتمال جزم الشارح (عد عن ابن عمر)(2) رمز المصنف لضعفه.
هذا آخر الهمزة مع الحاء المهملة وتتبعه الهمزة مع الخاء المعجمة.
276 -
" أخاف على أمتي ثلاثاً: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، والتكذيب بالقدر (طب) عن أبي الدرداء"(ض).
(أخاف على أمتي ثلاثًا زلة عالم) خطيئته لأنه يقتدي بها غيره، فيعظم النبلاء أو لأنه يعاقب عليها فيعم عقابه من لا ذنب له (وجدال منافق بالقرآن) الجدال اللدد في الخصومة والقدرة عليها وذلك أن القرآن ذو وجوه محتملة فيأتي المنافق ويتبع من وجوهه ما هو متشابه ويجادل به فيضل ويضل من لا رسوخ له في العلم وفي كلام علي رضي الله عنه مخاطبًا لمن يخوض مع الخوارج: لا تناظروهم بالقرآن فإنه حمّال ذو وجوه أي يحمّل كل تأويل فيحتمله وذو وجوه أي معان
(1) أخرجه أحمد (2/ 88) وأبو داود (4195)، والنسائي (8/ 103) ومسلم (2120).
(2)
أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 177) في ترجمة محمَّد بن الحارث بن زياد وقال يحيى بن معين: متروك الحديث، وقال عمرو بن علي: روى عن ابن البيليماني أحاديث منكرة متروك الحديث، وأورده الذهبي في الميزان (6/ 97). وقال الألباني في ضعيف الجامع (219) وفي السلسلة الضعيفة (2068): موضوع.
مختلفة (والتكذيب بالقدر) تقدم الكلام فيه مستوفى (طب)(1) عن أبي الدرداء) رمز المصنف لضعفه قال الهيثمي: فيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف.
277 -
" أخاف على أمتي من بعدي ثلاثاً: ضلالة الأهواء: واتباع الشهوات في البطون والفروج، والغفلة بعد المعرفة الحكيم والبغوي، وابن منده وابن قانع، وابن شاهين، وأبو نعيم، الخمسة في كتب الصحابة عن أفلح"(سنده ضعيف).
(أخاف على أمتي من بعدي ثلاثًا) أخافها على دينهم أن يفسدها عليهم (ضلالة الأهواء) أي الأهواء الضالة عن الحق والرشد والصواب ونسبة الضلال إلى الهوى إشارة إلى أنه قد صار الحكم للهوى وأنه قد تصرف في المتصف به حتى صار له الحكم والأفعال الصادرة عنه (واتباع الشهوات) إضافة للمصدر إلى مفعوله أي اتباع الأمة الشهوات (في البطون والفروج) وهي أمهات الشهوات وأصلها وتأتي في ذلك أحاديث عديدة (والغفلة بعد المعرفة) الغفلة عن الله وعما يجب له بعد معرفته وذلك لأنه ضلال بعد هدى وهو أشد من ضلال قبله لأنه نكوص عن الحق موجب لسلب نور القلب، هذا ولا يخفى أن مفهوم العدد في قوله ثلاث غير مراد هنا كما أنه في الأول كذلك كما أنه غير مراد في الآتي وإنما أتي به حثًا على حفظ المذكورات (الحكيم (2) والبغوي وابن
(1) أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (7/ 203) وفي الكبير (20/ 138 رقم 282) عن معاذ بن جبل. وقال: فيه معاوية بن يحيى وهو ضعيف، وما رواه عنه إسحاق بن سليمان الرازي أضعف وهذا منه. وأورده الطبراني أيضاً في مسند الشاميين (2220) عن أبي الدرداء، وفي الإسناد: معاوية بن يحيى، وأبو نعيم في الحلية (1/ 219)، والبزار (3071 كشف الأستار)، وقال المناوي (1/ 222): قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (220).
(2)
أخرجه الحكيم في نوادر الأصول (2/ 249) وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 46)، والبغوي في معجم الصحابة (1/ 235) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 335)، وأورده الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/ 100) وعزاه إلى ابن منده وابن شاهين وقال: ومداره على يوسف بن خالد وهو =
منده وابن قانع وابن شاهين وأبو نعيم الخمسة في كتب الصحابة) أي في كتبهم التي ألفوها في أسماء الصحابة وتقدمت تراجم من ذكر من الأئمة غير ابن شاهين: هو الإِمام العالم المفيد محدث العراق أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ صاحب التصانيف ولد سنة 297 وسمع من خلائق وعنه خلائق قال ابن ماكولا: ثقة مأمون سمع بالشام وفارس والبصرة وجمع الأبواب والتراجم وصنف (شيئاً كثيراً) له التفسير الكبير ألف جزء وله المسند ألف وثلاثمائة جزء والتاريخ مائة وخمسون جزء والزهد مائة جزء مات سنة 385 (1)(عن أفلح) بفتح الهمزة ففاء ساكنة ولام مفتوحة آخره حاء مهملة هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: إنه مولى أم سلمة قال المصنف في الأصل: وسنده ضعيف.
278 -
" أخاف على أمتي من بعدي ثلاثاً: حيفَ الأئمة، وإيماناً بالنجوم، وتكذيباً بالقدر، ابن عساكر عن أبي محجن".
(أخاف على أمتي من بعدي ثلاًثا حيف) بالحاء المهملة فمثناه تحتية ففاء الجور والظلم (الأئمة) وذلك أن الإِمام إذا جار صلت الأمة بجوره وتابعته على حكمه وعمتهم العقوب؛ لأنهم بين معين له وساكت على ظلمه ومعرض عن نصرة المظلوم والكل آثمون، ولأنه بظلمه يختلط الحلال بالحرام ويضاع الشرائع وتظهر البدع وتنتفي البركة في الأموال وتظلم القلوب بالشبهات ويترتب عليه من المنكرات ما لا ينحصر (وإيمانًا بالنجوم) تصديقًا بأن لها تأثيراً في العالم من سعادة ونحاسة وذلك نوع من الشرك كما دلَّ عليه حديث: "من أتى
= السمتي وهو متروك الحديث. وقال الألباني في ضعيف الجامع (221) وفي السلسلة الضعيفة (2071): موضوع.
(1)
انظر: لسان الميزان (4/ 283)، تاريخ دمشق (43/ 531).
كاهنًا أو منجمًا فصدقه فيما قال فقد كفر بما أنزل على محمد" (1)(وتكذيبًا بالقدر) لما كان في غاية التضاد أن تصدق تأثير النجوم وهي جمادات ما تحس ولا تعقل ويكذب بقدر الله جمع بينهما لأن بينهما كمال الانقطاع (ابن عساكر عن أبي (2) محجن) بكسر الميم فحاء مهملة ساكنة فجيم مفتوحة آخره نون اسمه عمر بن حبيب أو عبد الله صحابي ثقفي كان شاعرًا مجيدًا وفارسًا جوادًا لكنه منهمك في الشرب، جلده عمر ثلاث مرات في الشرب أو ثمانياً (3)، سكت عليه المصنف وقال في الكبير: ضعيف وقال العراقي: سنده ضعيف.
279 -
" أخاف على أمتي بعدي خصلتين: تكذيبا بالقدر، وتصديقا بالنجوم (ع عد خط) في كتاب النجوم عن أنس (ض) ".
(أخاف على أمتي بعدي خصلتين) يحتمل أن هذا هو حديث أبي محجن وأنهما سمعاه معًا فحفظ أحدهما الثلاث وسقطت الثالثة على الآخر أو على من روى عنه ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الثلاث مرة والاثنتَين مرة فحفظ كل ما سمع (تكذيبًا بالقدر وتصديقًا بالنجوم) فيه من البديع الطباق ومن البيان التوشيع (ع عد (4) خط في كتاب النجوم) متعلق بالخطيب أي بالفعل المسند إليه المقدر
(1) أخرجه أبو داود (3904)، والطيالسي (382)، وأحمد (2/ 429)، والبزار (5/ 256)، والبيهقي (7/ 198)، كلهم بدون ذكر "منجما".
(2)
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (58/ 401)، والرافعي في التدوين (2/ 390) وقال الحافظ في الإصابة (7/ 360)، وضعفه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (1/ 29) في: إسناده أبو سعد البقال واسمه سعيد بن المرزبان وهو ضعيف مدلس وعلي بن يزيد الصدائي فيه لين. وصححه الألباني بشواهده الكثيرة في صحيح الجامع (214) وفي السلسلة الصحيحة (1127).
(3)
انظر: الإصابة (7/ 360).
(4)
أخرجه أبو يعلى (4135) قال الهيثمي (7/ 203): فيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف، وابن عدي في الكامل (4/ 34)، والخطيب في كتاب النجوم المطبوع باسم: القول في علم النجوم (ص: 163). وابن عساكر (23/ 207)، قال المناوي في الفيض (1/ 204) حسنٌ لغيره، وصححه الألباني في صحيح الجامع (215) والسلسلة الصحيحة (1127).
وهو أخرج فإن الكتاب له خاصة (عن أنس) رمز المصنف لضعفه وقال الشارح: هو حسن لغيره.
280 -
" أخبرني جبريل أن حسيناً يقتل بشاطئ الفرات ابن سعد عن علي"(خ).
(أخبرني جبريل أن حسينًا) هو ابن علي سبطه صلى الله عليه وسلم (يقتل بشاطئ الفرات) جانبه وفي الطبراني (1) عن عائشة يقتل بأرض الطف وهو ساحل البحر، فلا منافاة، وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم كما أخبر وهو من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وإخبار جبريل له تبشيرًا له بأن سبطه من الشهداء ومن أهل الدرجة التي لا تنال إلا من يحب صلال السيوف وهي درجة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا (ابن سعد (2) عن علي) دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان قال: فذكره وروى أحمد نحوه في المسند وفيه يحيى بن زكريا عن رجل عن الشعبي عن علي ويحيى ضعفه الدارقطني وغيره ورمز المصنف لحسنه قال الشارح: ولعله لاعتضاده بغيره وساق أحاديث بمعناه.
281 -
" أخبروني بشجرة شبه الرجل المسلم لا يتحات ورقها، ولا، ولا، ولا، تؤتي أكلها كل حين، هي النخلة (خ) عن ابن عمر"(صح).
(أخبروني بشجرة شبه الرجل المسلم) فيه دليل على جواز إلقاء المسائل على الجلساء لاستخراج أفهامهم ولا ينافيه النهي عن الأغاليط لأن ذلك فيما يراد
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (3/ 107) رقم (2814) وقال الهيثمي في المجمع (9/ 188) في إسناده ابن لهيعة.
(2)
أخرجه ابن سعد في الجزء المطبوع من الطبقات الكبرى (مكتبة الصديق 1/ 429 رقم 417) في الطبعة الخامسة، وهو عند أحمد في المسند (1/ 85) عن علي وكذلك في الطبراني في المعجم الكبير (3/ 107) رقم (2814) من رواية عائشة.
وصححه الألباني في صحيح الجامع (219) وفي السلسلة الصحيحة (1171).
به تغليط المسئول (لا يتحات ورقها) لا تساقط (ولا ولا) اكتفاء قد بينه حديث: "لا يأكل إلا طيبًا ولا تضع إلا طيبًا
…
" وتمام الحديث في البخاري قال عبد الله: فوقع في نفسي أنهما النخلة فأردت أن أقول: هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم وثمة أبو بكر وعمر فلما لم يتكلما بشيء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي النخلة". انتهى، وقوله: "لا يتحات ورقها ولا ولا" هو وجه الشبه وتمامه (تؤتى كلها كل حين) فإن بركة النخلة عامة في جميع أحيانها وأحوالها من حين تطلع إلى أن تبسر توكل أنواعها ثم بعد ذلك ينتفع بجميع أجزائها حتى بالنوى علفًا للدواب وكذلك بركة المسلم عامة في جميع أقواله ونفعه مستمر له ولغيره حتى بعد وفاته وهذا عند أئمة البيان من التشبيه المفصل وفي الحديث تحريض على العلم وبوَّب البخاري على هذا الحديث بقوله باب الفهم في العلم (هي النخلة) قاله صلى الله عليه وسلم لما لم يقله غيره وفيه ضرب الأمثال والأشباه في تصوير المعاني لترسيخ في الذهن ولتجديد النظر (خ عن ابن (1) عمر) ولم يخرجه مسلم.
282 -
" أخبر تقله (ع طب عد حل) عن أبي الدرداء"(ض).
(أخبر تقله) بفتح اللام لأنه مجزوم لحقه الضمير ففتح وقال الشارح: إنه بكسر اللام أو ضمها من القلي وهو البغض الشديد أي أخبر الناس وجوبهم ببغضهم وذلك لأن الخبرة محك الرجال يعرف بها رديئهم من جيدهم وهو في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة"(2) فإن عدم الوجدان لا يكون إلا بعد الخبرة وفي معناه قال (3):
(1) أخرجه البخاري (4698)، ومسلم (2811).
(2)
أخرجه البخاري (6498) ومسلم (2547).
(3)
نسبت هذه الأبيات إلى المعتصم أبو يحيى بن معن كما في المغرب (2/ 196)، وعزاه إليه الصفدي كما في الوافي بالوفيات (5/ 30) وابن خلكان في وفيات الأعيان (5/ 40).
وزهَّدني في الناس معرفتي بهم
…
وطُول اختباري صاحبًا بعد صاحب
فلم تُرِني الأيامُ خِلًّا يسرُّني
…
بواديه إلا ساءني في العواقب
والمعنى على الإخبار أن اختبار الناس سبب لبغضهم وإن كان لفظه لفظ الأمر فمعناه على الإخبار إذ قد علم أنه ينهى عن بغض الناس فالمراد النهي عن التعرض لفعل سببه وهو البحت والتفتيش والاختبار بل يدعهم على ظاهر حالهم ويحتمل أن الأمر على ظاهره كحديث: "احترسوا عن الناس بسوء الظن"(1)(ع طب عد (2) حل عن أبي الدرداء) رمز المصنف لضعفه قال الهيثمي: فيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف قال ابن الجوزي: لا يصح، وقال السخاوي: طرقه كلها ضعيفة لكن شاهده في الصحيحين: "الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة"(3).
283 -
" اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم (حم ق) عن أبي هريرة (صح) ".
(اختتن إبراهيم) في القاموس (4): ختن الولد يَخْتِنُه فهو ختين ومختون قطع غُرْلَتَه (وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم) قرية بالشام ويروى بغير ألف ولام وقيل
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (598)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 210)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 129).
(2)
أخرجه أبو يعلى كما في المطالب العالية (2723)، والطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (8/ 90) والبزار كما في كشف الأستار (189)، وابن عدي في الكامل (2/ 38)، وكذلك الطبراني في مسند الشاميين (1493)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 236)، وأورده الذهبي في الميزان (4/ 497). وفي إسناده أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف وأطال السخاوي في ذكر طرق هذا الحديث في المقاصد الحسنة (ص: 25 - 26). وقال: كلها ضعيفة. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (222) والسلسلة الضعيفة (2110).
(3)
أخرجه البخاري (6133) ومسلم (2547).
(4)
القاموس المحيط (ص 1540).
القدوم بالتخفيف والتشديد آلة النجارة قاله ابن الأثير (1): وفي رواية ابن عساكر عن أبي هريرة أنه اختتن وهو ابن مائة وعشرين سنة ثم عاش ثمانين بعد ذلك، ذكره المصنف في الذيل ورواية الكتاب أرجح؛ لأنها من رواية الشيخين وابن عساكر قد ضعف المصنف في ديباجة الكبير ما يسنده إليه، والحديث مسوق للحث على الاختتان وبيان أنه من شرع إبراهيم ولعله لم يفعله إلا في هذه السنن العالية؛ لأنه لم يؤمر به قبل ذلك ويؤخذ منه أنه لا يترك الختان وإن علت السنن وأما كونه واجبًا أو سنة فقد أشبعنا الكلام في ذلك في حاشية العمدة (حم ق عن أبي هريرة)(2).
284 -
" اختضبوا بالحناء فإنه طيب الريح، يسكن الروع (ع) والحاكم في الكنى عن أنس"(ض).
(اختضبوا بالحناء) هو من خضبه يخضبه إذا لونه أي لونوا أشعاركم أو أبدانكم والظاهر أن المراد الأول (فإنه طيب الريح) أي فإن نوره وهو الفاغية طيب الريح وتقدير المضاف يدل له حديث عائشة عند أحمد والنسائي (3) أنه صلى الله عليه وسلم كان يكره ريح الحناء، ويأتي حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفاغية ولا يقال تنتفي في فائدة التعليل بطيب الرائحة إذ يكون أجنبيًا لأنا نقول المراد أن منه استفاد رائحة طيبة في الجملة ترغيبًا للنفوس، ويحتمل أنه تعليل بما يجده غيره صلى الله عليه وسلم وإن غيره سيطيب ريحه فلا تقدير ح ويأتي التعليل في الحديث الثاني ما يلازمه من زيادة الجمال والشباب والنكاح وإذهاب الشروع (ويسكن الشروع) بفتح الراء هو الفزع، هذا والأحاديث هنا عامة لخطب
(1) النهاية (4/ 27).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 322) والبخاري (3356) ومسلم (2370).
(3)
أخرجه أحمد (6/ 210) والنسائي (8/ 142).
الأطراف وغيرها إلا أنه قد حمل البعض على خضاب الشيب وأيده أنه قد صلى الله عليه وسلم بتغيير لون الشيب، وقال بحرمة خضب الأطراف وكراهته، واستدل له أنه صلى الله عليه وسلم نفى المخنّث حين رآه مختضبًا وقال:"ما شأن هذا؟ ما له يشبه بالنساء" فنفاه، وأجيب بأنه نفاه لكونه مخنثًا لا لإختضابه، كيف وفي سنن أبي داود وتاريخ البخاري (1) أنه ما شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد وجع في رجليه إلا قال له اختضب بالحناء، وفي الترمذي عن سلمى أم رافع خادم النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان لا يصيب النبي صلى الله عليه وسلم فرجة ولا شوكة إلا وضع عليها الحناء.
قلت: وفي هذين تأمل؛ لأنه يقال إما للحاجة والتداوي فقد يباح، والكلام فيما إذا قصد به الزينة وسيأتي أنه من سنن المرسلين (ع والحاكم في الكنى عن أنس)(2) رمز المصنف لضعفه لأن فيه الحسن بن دعامة عن عمر بن شريك وهما كما قال الذهبي مجهولان.
285 -
" اختضبوا بالحناءة فإنه يزيد في شبابكم، وجالكم، ونكاحكم (البزار، وأبو نعيم في الطب عن أنس، أبو نعيم في المعرفة عن درهم".
(اختضبوا بالحناء فإنه يزيد في شبابكم) هذا إذن للشباب لأن الزيادة تكون مع تفويت المزيد (وجمالكم ونكاحكم) والزيادة في هذه الثلاثة مدعو إليها شرعًا يأذن فيما يبقيها أو يزيد فيها (البزار وأبو نعيم (3) في الطب عن أنس) قال
(1) أخرجه الترمذي (2054) وابن ماجه (3502) وأبو داود (3858) وفي التاريخ الكبير (1/ 411).
(2)
أخرجه أبو يعلى (3621) ولم أجده في الكنى للحاكم المطبوع بل عزاه إليه أيضاً في الكنز (17303)، وأخرجه كذلك تمام في فوائده (1/ 256)، وذكره الحافظ في المطالب العالية (2446) من طريق أبي يعلى. وفي الإسناد الحسن بن دعامة وعمر بن شريك وهما مجهولان، انظر: المغني في الضعفاء (1398) والميزان (2/ 234).
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (227) وفي السلسلة الضعيفة (1505).
(3)
أخرجه البزار (2978) كشف، وقال الهيثمي في المجمع (5/ 160): فيه يحيى بن ميمون التمار وهو متروك، وأخرجه أبو نعيم في المعرفة (2589)، والحافظ في الإصابة (2/ 386) في ترجمة=
المصنف في الكبير بعد سرد مخرجيه: وضعف، وقال العراقي: إسناده ضعيف، قال الهيثمي بعد عزوه للبزار: وفيه يحيى بن ميمون التمار متروك (أبو نعيم في المعرفة عن درهم) بكسر الدال المهملة وسكون الراء وفتح الهاء وفي الصحابة رجلان بهذا الاسم كان عليه بيان الراوي منهما زيادة في الإفادة وإلا فيكفي كونه صحابيًا وأفاد الشارح أن هذا هو أبو زياد والآخر هو أبو معاوية وأن هذا رواه عن أبيه عن جده قال: ولم يوجد في التهذيب ولا في ثقات ابن حبان (1).
286 -
" اختضبوا، أو افرقوا، وخالفوا اليهود (عد) عن ابن عمر"(ض).
(اختضبوا وأفرقوا) بالفاء فالراء فقاف من الفرق وهو طريق الشعر في الرأس ولا تجمعوه وقد بين في شمائل الترمذي في باب مستقل حكم ذلك (2)(وخالفوا اليهود) فإنهم لا يخضبون ولا يفرقون ومخالفتهم مراده لله تعالى فالأمر محتمل للوجوب وقد ذهب إلى وجوب الخضاب جماعة وقد أطال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (3) كلامه في ذلك (عد عن بن عمر (4)) رمز المصنف لضعفه؛ لأنَّ فيه الحارث بن عمران الجعفري قال ابن حبان: وضَّاع، وقال ابن عدي: الضعف على روايته بيّن.
= درهم وقال: رواه أبو نعيم، وأورده الذهبي في الميزان (7/ 223 ت 9648) في ترجمة يحيى بن ميمون بن عطاء.
وقال الألباني في ضعيف الجامع (228) والسلسلة الضعيفة (2072): موضوعٌ.
(1)
انظر: الإصابة (2/ 386)، وأورد الحافظ في ترجمته هذا الحديث.
(2)
انظر: الشمائل المحمدية للترمذي (30).
(3)
انظر: فتح الباري (6/ 572) و 10/ 354 - 355).
(4)
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 195) في ترجمة الحارث بن عمران الجعفري (ت 382) وقال: وللحارث أحاديث غير ما ذكرت عن جعفر بن محمَّد وعن غيره والضعف بين على رواياته، وانظر: المجروحين (1/ 225). وقال الألباني في ضعيف الجامع (229) والسلسلة الضعيفة (213): موضوعٌ.
287 -
" اختلاف أمتي رحمة (نصر المقدسي في الحجة. والبيهقي في الرسالة الأشعرية بغير سند، وأورده الحليمي والقاضي حسين وإمام الحرمين وغيرهم، ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا".
(اختلاف أمتي رحمة) فيه زيادة "للناس" عند من نسبه المصنف إليهم وكأنه سقط من قلم المصنف ولم يذكر هذا الحديث أصلاً في الكبير، وهذا الحديث مع عدم صحة طرقه مخالف للآيات القرآنية الدالة على ذم الاختلاف والتفرق فإن الاختلاف منشأ كل بلاءً وشرّ في الدنيا والدين، والتفرقة بين الاختلاف في الفروع والأصول فيما لا دليل عليه بل الكل مذموم، فالحديث لو ثبت لتأول وكيف ولم يثبت، وقول المصنف ولعله قد خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا، كلام لا يليق بسعة اطلاعه، كيف وقد ذكر في خطبة الجامع الكبير أنه جمع فيه الأحاديث النبوية بأسرها وقد ترجم الإِمام أبو عبد الله البخاري في صحيحه "باب كراهة الاختلاف، فلو كان رحمة لكان محبوبًا لا مكروهًا، والأحاديث النبوية الواسعة دالة على ذم الاختلاف وهؤلاء الأئمة الذين ذكروه قد أوردوه بغير إسناد بل ما أنهوه إلى صحابي يكون إليه الاستناد فهو منقطع، ثم من هؤلاء الأئمة من ليس من فرسان هذا الشأن قال الذهبي في حق الحليمي بعد الثناء عليه: وهو ما في فرسان هذا الشأن مع أن له فيه عملاً جيدًا، وأما إمام الحرمين فقد كثر توهيم الحافظ ابن حجر له في "تلخيص الحبير" ومثله القاضي حسين وقد قال بعضهم: معناه أن اختلافهم في الحِرَف والصنائع رحمة بهم يقوم لصالح الأمة، وردّه السبكي وقال: المناسب على هذا أن يقال: اختلاف الناس رحمة إذ لا خصوصية للأمة في ذلك، فإن كل الأمم مختلفون في الحِرَف والصنائع، فلابد من خصوصية قال: وما ذكره إمام الحرمين كالحليمي من أن المراد اختلافهم في المناصب والدرجات فلا ينساق الذهن إليه من لفظ
الاختلاف (نصر (1) المقدسي في الحجة والبيهقي في الرسالة الأشعرية بغير سند) لعله متعلق بذكره المقدر أي ذكره نصر وذكره البيهقي (وأورده الحليمي) هو بفتح الحاء المهملة نسبةً إلى جدٍّ له سمي حليمًا والحليمي هو العلامة البارع رئيس أهل الحديث بما وراء النهر القاضي أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمَّد بن محمَّد الحليمي البخاري الشافعي أخذ عن القفال وغيره وله وجوه حسان في المذهب ولد سنة 338 وتوفى سنة 403 وله تآليف حسان وروى عنه الحاكم (2)(والقاضي حسين) هو بن محمَّد المروزي صاحب التعليقة في الفقه كان إمامًا كبيرًا صاحب وجوه في المذهب ينقل عنه الغزالي وإمام الحرمين وإذا أطلق القاضي فهو المراد لا غيره أخذ من القفال وغيره مات سنة 462 (3)(وإمام الحرمين وغيرهم ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا) فيه أن الكل أوردوه بغير تخريج. فقوله: نصر المقدسي ليس فعله المحذوف أخرجه بل ذكره كما قدمناه؛ لأن لفظ أخرجه لا يطلق عرفًا إلا على من ذكر الحديث بطرقه والتعبير من الحليمي ومن بعده بأورده تفننًا في العبارة وإلا فالكل ذكروه من غير إسناد، وقد عدّ الشارح أحاديث شواهد له كلها ضعيفة.
288 -
" أخذ الأمير الهدية سُحت، وقَبُول القاضي الرِّشوة كفر (حم) في الزهد عن علي (ح) ".
(أخذ الأمير الهدية سحت) بضم السين المهملة وفتحها فسكون الحاء
(1) أخرجه نصر المقدسي والبيهقي في الرسالة الأشعرية (ص 90 ضمن تبيين كذب المفترى) بغير سند وأورده الحليمي، وقال السخاوي في المقاصد (1/ 70) زعم كثير من الأئمة أنه لا أصل له، وقال الألباني في ضعيف الجامع (230) والضعيفة (57): موضوعٌ.
(2)
انظر: تذكرة الحفاظ (3/ 1030)، تاريخ جرجان (1/ 198).
(3)
انظر: سير أعلام النبلاء (18/ 260).
المهملة قال في النهاية (1): السحت الحرام الذي لا يحلّ كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها قلت: أو لأنه يسحت صاحبه في عذاب الله من قوله تعالى: {فَيُسْحِتكُمْ بِعَذَابِ} [طه: 61] وذلك لأن الأمير ما يهدى إليه إلا لأجل منصبه لدفع شره أو جلبَ خيره وهو مخاطب بذلك وواجب عليه وله قام (وقبول القاضي الرشوة) في النهاية (2): أنها بتثليث الراء الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة وأصلها من الرشا الذي يوصل به إلى الماء (كفر) الكفر صنفان أحدهما الكفر بأصل الإيمان وهو ضده والآخر بفرع من فروع الإيمان ولا يخرج عن أصل الإيمان وقيل الكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار بأن لا يعرف الله أصلاً ولا يعترف به، وكفر جحود ككفر إبليس يعرف الله بقلبه ولا يقر بلسانه، وكفر عناد وهو أن يعرف بقلبه ويعترف بلسانه ولا يدين به حسدًا وبغيًا ككفر أبي جهل وأضرابه، وكفر نفاق وهو أن يُقرّ بلسانه ولا يعتقد بقلبه، أفاده في النهاية (3). وإطلاق الكفر هنا على الرشوة إما لأنها من خصال الكفار، وحكّام الطاغوت، فهي خصلة كفر وإن لم يكن صاحبها كافراً بالمعنى المعتاد كما قال الأزهري (4) سئل الهروي عمن يقول بخلق القرآن أتسمّيه كافرًا؟ قال: لا الذي يقوله كفر، فأعيد عليه السؤال ثلاثًا فيقول مثل ما قال ثم قال في الآخر: وقد يقول المسلم كُفرًا، أو لأنها كفران نعمة العلم فإن من حقه أن لا يشتروا به ثمنًا قليلاً أو لأنه يتسبب عن قبضها حكمه بغير ما أنزل الله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون على أحد الأوجه وإنما فرق صلى الله عليه وسلم بين ما يأخذه الأمير وما يأخذه الحاكم؛ لأن الأمير يقبض ما يقبضه في مقابلة حكمه بل لدفع سطوته وشره بخلاف الحاكم
(1) النهاية (2/ 345).
(2)
النهاية (2/ 226).
(3)
النهاية (4/ 340).
(4)
لسان العرب (5/ 144).
فإنه يأخذ ذلك في مقابل الإخبار عن حكم الله والإمضاء لشرعه وهو واجب عليه أو للحكم بغير ما أنزل الله مع إيهامه أنه حكم الله فهو أضل، والحديث واضح في حرمة الهدية للأمير والرشوة للقاضي مطلقًا حكم بالحق أو بخلافه (حم في الزهد عن علي (1)) رمز المصنف لحسنه.
289 -
" أخذنا فألك من فيك (د) عن أبي هريرة وأبو نعيم معافي الطب عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده (فر) عن ابن عمر (ح) ".
(أخذنا فالك من فيك) أصل الحديث عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع حديثًا يعجبه قال: "أخذنا فالك من فيك" قال في القاموس (2): الفأل ضد الطيرة كأن يسمع مريض يا سالم أو طالب حاجته يا واجد ويستعمل في الخير والشر وفي النهاية (3) الفأل مهموز فيما يَسُرُّ ويسوء وقد أولع الناس بترك الهمزة. انتهى. ويأتي فيه كلام بسيط (د عن أبي هريرة (4)) رمز المصنف لحسنه (ابن السني وأبو نعيم معًا في الطب عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده) جد كثير هو عمر وابن عوف المزني وكثير ضعيف، قال فيه الشافعي وأبو داود: ركن من أركان الكذب (فر عن ابن عمر) رمز المصنف لحسنه.
290 -
" أُخِّر الكلامُ في القدر لشِرار أمتي في آخر الزمان (طس ك) عن أبي هريرة (صح) ".
(أخر) معبر الصيغة (الكلام في القدر لشرار أمتي) كأنه جعل الخوض فيه
(1) أخرجه أحمد في الزهد كما في الكنز (15069).
(2)
القاموس المحيط (ص 1245).
(3)
النهاية (3/ 766).
(4)
أخرجه أبو داود (3917) وابن السني في عمل اليوم والليلة (292) عن أبي هريرة وأخرجه ابن السني (291) وأبو نعيم في الطب من رواية عمرو بن عوف وفيه كثير بن عبد الله وفيه ضعف قال الحافظ: ضعيف، أفرط في نسبه إلى الكذب التقريب (5617) ..
وصححه الألباني في صحيح الجامع (225) والسلسلة الصحيحة (726).
عقوبة للأشرار وفيه أنهما عقوبة في الدين وكأن هذا التهاوش عين طائفتي المعتزلة والأشعرية من ذلك (في آخر الزمان) تقدم الكلام في القدر وتحقيقه ولم يكن الخوض فيه إلا من بعد القرن الأول فالحديث من أعلام النبوة (طس (1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته.
291 -
" أخِّروا الأحمال، فإن الأيدي مُغْلقة، والأرجل مُوثقة ((د) في مراسيله عن الزهري، ووصله البزار (ع طس) عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة نحوه (ح) ".
(أخروا الأحمال) بالحاء المهملة جمع حمل (فإن الأيدي) لدى الجمال التي سيكون عليها الشداد (مغلقة) بضم الميم وسكون المعجمة أي مثقلة بالحمل فكأنه شبه مثقل العمل لمنعه الإبل من إحسان السير بالباب المغلق لمنعه من الدخول والخروج، ومنه قولهم استعلوا عليه الكلام إذا ارتج (والأرجل) أرجل الإبل (موثقة) قاله صلى الله عليه وسلم: لمن أراد أن يشد على إبل معقلة وقيل: هو إرشاد لهم بأن يجعلوا العمل على وسط ظهر الدابة وإنما أمر بالتأخير فقط لأنه رأى بعيرًا قد أطل قدم عليه حمله فأمر بالتأخير وأشار إلى مقابلة بقوله والأرجل موثقه له لا يبالغ في التأخير (د في (2) مراسيله عن الزهري ووصله البزار) أي ساقه متصلاً إلى
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (5909)، وقال: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا عنبسة بن مهدي الحداد والحاكم في المستدرك (2/ 473) وقال: صحيح على شرط البخاري وقال الذهبي: عنبسة ثقة لكن لم يرويا له، والبزار كما في الكشف (2178)، وأورده ابن عدي في الكامل في ترجمة عنبسة (5/ 263) وقال: لا أعرف له غير هذا الحديث. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (226) والسلسلة الصحيحة (1124).
(2)
أخرجه أبو داود في المراسيل (294) والبيهقي في السنن (6/ 122) عن الزهري وقد وصله البزار وأبو يعلى (5852) والطبراني في الأوسط (4508) من رواية أبي هريرة. وقال الترمذي في العلل (رقم 706) سألت محمدًا عن هذا الحديث فلم يعرفه وقال: أنا لا أكتب حديث قيس بن الربيع ولا أروي عنه وقد ضعفه البيهقي في السنن (6/ 122)، وانظر: علل الدارقطني (9/ 180). =
الصحابي وكأنه وصله إلى أبي هريرة (ع طس) عنه عن الزهري بضم الزاي وبعد الهاء راء هو محمَّد بن شهاب تابعي جليل (عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة نحوه) رمز المصنف لحسنه قال الشارح: لعلَّه لتعدد طرقه وإلا ففيه قيس بن الربيع الأزدي ضعفه كثيرون.
292 -
" أخْرِجُوا منديل الغَمر من بيوتكم، فإنه مَبِيت الخبيث ومجلسه (فر) عن جابر"(ض).
(أخرجوا منديل الغمر) بالمعجمة وفتحها وفتح الميم، والمنديل بكسر الميم وفتحها هو الذي يتمسح به من آثار الدسم والزهومة وهو الغمر (فإنه مبيت الخبيث) هو الشيطان (ومجلسه) أي اخرجو ما تمسحون به أيديكم من آثار الدسم والزهومة من منازلكم ليلاً فإنه يبيت فيه إبليس ونهارًا فإنه مجلسه، وهذا إذا لم يغسل وأما إذا غسل فهو كغيره من الثياب، ويأتي حديث:"من بات وفي يده غمر فلا يلومن إلا نفسه"(1) وفي الحديث دليل على جواز مسح اليد بالمنديل (فر عن (2) جابر) رمز المصنف لضعفه.
293 -
" أخسر الناس صفقة رجل أخلق يديه في آماله، ولم تساعده الأيام على أمنيته فخرج من الدنيا بغير زاد، وقدم على الله تعالى بغير حجة، ابن النجار في تاريخه عن عامر بن ربيعة، وهو مما بيض له الديلمي.
= وصححه الألباني في صحيح الجامع (228) وفي السلسلة الصحيحة (1130).
(1)
في سنن أبي داود (3852) بلفظ: "من نام وفي يده غَمَر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه" وكذلك عند أحمد (2/ 263) بنفس اللفظ. أما لفظ: "من بات
…
"، فأخرجه الإِمام أحمد (2/ 344)، وابن حبان (5521)، والحاكم (4/ 152).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (343) وابن عدي في الكامل (2/ 447) وقال: ولحرام بن عثمان أحاديث صالحة تشاكل ما قد ذكرته وعامة حديثه مناكير، وفي إسناده حرام بن عثمان قال الشافعي:"كل حديث عن حرام حرام"، انظر الكامل في الضعفاء (2/ 444)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (236) والسلسلة الضعيفة (2075): ضعيف جدًّا.
(أخسر الناس صفقة) هو البيعة وهي المرة من التصفيق باليدين وذلك لأن المتتابعين يلصق أحدهما يده بيد الآخر فاستعير (رجل أخلق) بالخاء المعجمة والقاف أبلى (بدنه؟ في آماله ولم تساعده الأيام على أمنيته) هذه حقيقة عرفية يقال أسعده الدهر وخدمته الأيام والمراد لم يصل إلى مطلوبه ومناه فإن الأمنية بضم الهمزة وتشديد المثناة التحتية هي ما يطلبه الإنسان ويتمناه (فخرج من الدنيا بغير زاد) الزاد هو ما يتزوده المسافر ونحوه لسفره وزاد الآخرة التقوى كما قال تعالى: {وَتزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197](وقدم على الله تعالى بغير حجة) الحجة البرهان الذي يفلح به المخاصم خصمه وينتصر به عليه والمراد هنا بغير عمل يكون له كالحجة في دفع العذاب عنه وينجو به صاحبه كما ينجو به صاحب الحجة وإلا فلا حجة للعبد على ربه وإنما جعله أخسر الناس صفقة لأنه أضاع عمره في طلب مناه من الدنيا ولم تنله ففاتته الدنيا والآخرة، ومن أنفق عمره في طلب مناه وناله فهو خاسر الصفقة ولكن ما فاته الدارين أخسر صفقة منه فإنه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين (ابن النجار (1) في تاريخه عن عامر بن ربيعة) هو: ابن كعب بن مالك بن ربيعة أسلم قديمًا وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وشهد بدرًا والمشاهد كلها (2)(وهو مما بيض له الديلمي) صاحب مسند الفردوس أي لم يذكر له إسنادًا.
294 -
" أخشى ما خشيت على أمتي كبر البطن، ومداومة النوم، والكسل، وضعف اليقين (قط) في الأفراد عن جابر"(ض).
(أخشى ما خشيت على أمتي كبر البطن) بكسر الكاف وفتح الموحدة هو
(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (1457) قال المناوي (1/ 251) وهو مما بيض له الديلمي لعدم وقوفه له على سند، وابن النجار في تاريخه وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (237).
(2)
انظر: الإصابة (3/ 579).
كناية عن التوسع في الدنيا والاستكثار منها وعدم القنوع من طلبها كما أن كبير البطن لا يشبع من مأكول ولا يقنع منه ويحتمل أن يراد الحقيقة أي كبر البطن لما يتسع له من الطعام كما يومئ إليه قوله (ومداومة النوم والكسل) فإنهما من فروع التوسع في المأكول، وليس الأمر في الحقيقة موجه إلى سعة خلقه إذ لا اختيار فيه بل إلى إعطاء الإنسان لنفسه شهواتها وتوسعه في المأكولات فإنه يتولد عنه كل داء وزيادة داعي الشهوات ومن الكسل عن الطاعات ومن النوم الذي هو ضياع للأوقات عن عمل الدنيا والآخرة (وضعف اليقين) فإنه يكون لضعف الإيمان في القلب (قط (1) في الإفراد عن جابر) رمز المصنف لضعفه لأن فيه محمَّد بن القاسم الأزدي كذبه أحمد والدارقطني.
295 -
" اخضبوا لحاكم، فإن الملائكة تستبشر بخضاب المؤمن (عد) عن ابن عباس"(ض).
(اخضبوا لحاكم) أمر إرشاد وقيل إيجاب وهو عام لكل خضاب إلا أنه يأتي النهي عن السواد فالمراد بالصفرة ونحوها (فإن الملائكة تستبشر بخضاب المؤمن) وذلك لما فيه من إظهار القوة والجلد والإغاضة لأعداء الله (عد عن ابن عباس (2)) رمز المصنف لضعفه إلا أن له شواهد تحسنه.
296 -
" اخفضي ولا تنهكي، فإنه أنضر للوجه، وأحظى عند الزوج (طب ك) عن الضحاك بن قيس (صح) ".
(1) أخرجه الدارقطني في الأفراد كما في أطراف بن طاهر (2/ 431 رقم 1838) في الكنز (7434)، والديلمي (88)، وفي إسناده محمَّد بن القاسم الأزدي كذبه أحمد والدارقطني انظر: المغني في الضعفاء (5915)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (238) والسلسلة الضعيفة (2158): موضوع.
(2)
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 365) في ترجمة سعيد بن زربي وقال: ما يروى عنه بأشياء لا يتابعه عليه أحد وعامة حديثه على ذلك، وقال الألباني في ضعيف الجامع (239) والسلسلة الضعيفة (2109): موضوع.
(اخفضي) بالفاء بعدها ضاد معجمة أمر للمؤنث من الخفض وهو للنساء كالختان للرجال قاله في النهاية (1)، والمخاطبة أم عطية كانت تختن الجواري بالمدينة (ولا تنهكي) لا تبالغي من نهك إذا بالغ (فإنه أنضر) أي عدم الإنهاك والنضارة بالنون وضاد معجمة هو الحسن والنعومة (وأحظى عند الزوج) من الحظ وهو الجد والبحث (طب ك عن الضحاك) (2) اسم فاعل للمبالغة من الضحك (بن قيس) قيل ولد الضحاك قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بست سنين شهد فتح دمشق وتغلب عليها بعد موت يزيد بن معاوية فالتقى هو ومروان وقتله مروان سنة 64 والحديث رمز المصنف لصحته وتعقب بأن العراقي ضعفه وقال الحافظ ابن حجر: له طريقان كلاهما ضعيف، وقال ابن المنذر: ليس في الختان خبر يعوّل عليه ولا سنة تتبع.
297 -
" أخلص دينك يكفك القليل من العمل (ابن أبي الدنيا في الإخلاص (ك) عن معاذ (صح) ".
(أخلص دينك) نزهه من رياء وغيره من قوله: {أَلَا للهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 3](يكفك القليل من العمل) فإن الله لا يقبل إلا ما كان خالصًا فالقليل الخالص كاف لفاعله في دفع العقاب وجلب الثواب (ابن أبي الدنيا في الإخلاص ك عن معاذ (3)) رمز المصنف لصحته وقال الحاكم: صحيح، وردَّه الذهبي.
(1) النهاية (2/ 54).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 299)(8137) والحاكم (3/ 525) وأبو نعيم في المعرفة (3/ 1537) رقم (3798)، وقول العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (1/ 142)، وانظر تلخيص الحبير (4/ 83)، وضعفه ابن الملقن كما في خلاصة البدر المنير (2477)، وذكر ابن الملقن طرق الحديث في كتابه القيم البدر المنير (8/ 745 - 750)، وأحد طرقه قد أخرجه أبو داود (5229). وصححه الألباني في صحيح الجامع (236) والسلسلة الصحيحة (722).
(3)
أخرجه ابن أبي الدنيا في الإخلاص والحاكم في المستدرك (4/ 306) وردَّه الذهبي بقوله: لا. وأخرجه البيهقي في الشعب (6859) من طريق ابن أبي الدنيا، وقال المناوي (1/ 217): قال =
298 -
" أخلصوا أعمالكم لله فإن الله لا يقبل إلا ما خلص له ((قط) عن الضحاك بن قيس (ض) ".
(أخلصوا أعمالكم لله فإن الله لا يقبل إلا ما خلص له) إذ ما شورك فيه تركه فإنه من أغنى الشركاء عن الشرك كما في الحديث (قط عن الضحاك بن قيس (1)) رمز المصنف لضعفه.
299 -
" أخلصوا عبادة الله تعالى، وأقيموا خمسكم، وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم، وصوموا شهركم، وحجوا بيتكم، تدخلوا جنة ربكم (طب) عن أبي الدرداء (ض) ".
(أخلصوا عبادة الله تعالى وأقيموا خمسكم) الصلوات الخمس وهو تفصيل لعبادة الله وإقامة الصلاة هو الإتيان بها على الوجه الشرعي وقتًا وطهارة وقراءة وأذكارًا وأركانًا وخشوعًا وإقبالاً (وأدَّوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم) هو حال من فاعل أدوا أي اخرجوها حال كون النفوس طيبة راضية لا كاره راغبة في الثواب واثقة بالخلف والمراد جهاد الأنفس في السماحة بها لأن الأموال عزيزة على النفوس (وصوموا شهركم) هو رمضان أضافه إليهم كإضافة الخمس الصلوات تشريفًا لهم به. (وحجوا بيتكم) هو بيت الله وأضيف إليهم لما سلف ولكونه قبلتهم أحياء وأمواتًا ولأن فيه منافعهم وحذف منه شرط
=العراقي: رواه الديلمي وإسناده منقطع.
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (240) والسلسلة الضعيفة (2159).
(1)
أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 51)، وكذلك الضياء في المختارة (8/ 90 رقم 92)، قال المنذري في الترغيب (1/ 23) رواه البزار بإسناد لا بأس به والبيهقي، قال الحافظ لكن الضحاك بن قيس مختلف في صحبته، وقال الهيثمي في المجمع (10/ 221) رواه البزار عن شيخه إبراهيم بن محشر وثقه ابن حبان وغيره وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع (241) والسلسلة الضعيفة (2188) ثم تراجع وصححه لغيره في صحيح الترغيب (7).
الاستطاعة للعلم به من الآية (تدخلوا جنة ربكم) تقدم الكلام على معنى الحديث (طب عن أبي الدرداء (1)) رمز المصنف لضعفه قال الهيثمي: فيه يزيد بن فرقد (ص 104) ولم يسمع من أبي الدرداء.
300 -
" اخلعوا نعالكم عند الطعام، فإنها سنة جميلة (ك) عن أبي عبس بن جبر (ض) ".
(اخلعوا نعالكم) بكسر النون جمع نعل بفتحها وهو ما يلبس للمشي عليها وهي مؤنثة (عند الطعام) عند أكلكم إياه (فإنها) أي هذه الصفة (سنة جميلة) طريقة حسنة، ويأتي:"إذا أكلتم الطعام فاخلعوا نعالكم فإنه أروح لأقدامكم"(2) وهي علة أخرى ففيه ندب ذلك (ك عن أبي عبس بن جبر (3)) رمز المصنف هنا لضعفه وقال في الكبير: عقب ذكره: وتعقب وقال الشارح: لم يروه الحاكم عن أبي عبس كما أفاده المصنف بل رواه عن أنس ولفظه عن يحيى بن العلاء عن موسى بن محمَّد التيمي عن أبيه عن أنس قال: دعا أبو عبس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام صنعه له فقال صلى الله عليه وسلم: "اخلعوا
…
" فذكره وقال الذهبي فيه يحيى وشيخه مجهولان وإسناده مظلم.
(1) أخرجه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (1/ 45) وفي مسند الشاميين (659) وأبو نعيم في الحلية (5/ 166) وابن عساكر (65/ 373) وفيه يزيد بن مرثد ولم يسمع من أبي الدرداء. والوضين بن عطاء صدوق سيء الحفظ ورمي بالقدر كما في التقريب (7408). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (242) وفي الضعيفة (2161).
(2)
أخرجه الدارمي (2080)، وأبو يعلى (4188)، والحاكم (4/ 132) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد لم يخرجاه. وعقبه الذهبي بقوله: أحسبه موضوعاً وإسناده مظلم. والطبراني في الأوسط (3202). وقال الألباني في ضعيف الجامع (396): ضعيف جداً. وسيأتي الحديث.
(3)
أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 351) وقال الذهبي: في التلخيص: يحيى -بن العلاء- وشيخه -سلمان بن النعمان- متروكان، وكما قال المؤلف رواه الحاكم عن أنس، وقال الألباني في ضعيف الجامع (243) والسلسلة الضعيفة (2159): موضوع.
301 -
" اخلفوني في أهل بيتي (طس) عن ابن عمر (ض) ".
(اخلفوني في أهل بيتي) يقال خلفت الرجل في أهله إذا قمت بعده فيهم وقمت عنه بما كان يفعله قاله في النهاية (1) وهذا توصية منه صلى الله عليه وسلم في أهل بيته للأمة والأئمة بالمحبة والموالاة والإحسان والاغتفار مما يأتون به مما لا يغتفر لغيرهم (طس عن ابن عمر (2)) رمز المصنف لضعفه قال الهيثمي: فيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف.
3002 -
" أخنع الأسماء عند الله يوم القيامة رجل تسمى "ملك الأملاك" لا مالك إلا الله (ق د ت) عن أبي هريرة (صح) ".
(أخنع الأسماء عند الله) بالنون بعد المعجمة فعين مهملة في النهاية (3) أي أذلها وأوضعها والخانع الذليل الخاضع (يوم القيامة رجل تسمى ملك الأملاك) فإنها تسمية كاذبة مع ما فيها من الكبرياء فإنه لا يصدق ذلك إلا عليه تعالى ولذلك قال (لا مالك إلا الله) أي لا مالك لشيء من الأشياء حقيقة إلا الله وكل ما سواه مملوك، أو المراد أخنع المسميات كما دل له قوله رجل وقد ألحق به قاضي القضاة إلا أنه قال العيني (4): إن أوَّل من سمي بذلك أبو يوسف وكان في زمن أساطين الفقهاء والمحدثين ولم ينقل عن أحد منهم إنكار ذلك، وهذا فيه نظر، وكأنه نسب الذلة إلى الاسم إعلامًا بأنه قد حكم بأذلته اللفظ فالمتسمى بالأول (5)(ق د ت (1) عن أبي هريرة).
(1)(النهاية (2/ 66).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (3860)، وقال الهيثمي في المجمع (9/ 163) وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف. وانظر التقريب (3065)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (244).
(3)
النهاية (1/ 922).
(4)
عمدة القاري (22/ 215).
(5)
وقد أطال الحافظ ابن حجر حول هذا الحديث وذكر خلاف العلماء فيمن يُسمّى بهذه الأسامي انظر: فتح الباري (10/ 590 - 591).
303 -
" إخوانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جعلهم الله قنية تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه من طعامه، ولْيُلبسه من لِبَاسه، ولا يُكلفه ما يَغْلبُه، فإن كلَّفه ما يغلبه فَلْيُعنْه (حم ق د ت هـ) عن أبي ذر (صح) ".
(إخوانكم خولكم) بالمعجمة وخول الرجل حشمه وأتباعه قال في القاموس (2): الخول -محرَّكَةً- العبيد والإماء وغيرهم من الحاشية للواحد والجمع والذكر والأنثى ويقال للواحد: خائل. انتهى. والتعبير عنهم بالإخوان مع الإضافة طلبًا لرقة الملاك لهم وإعلامًا لهم بأن لولا منة الله عليهم لما جعلهم أرقاء تحت أيديهم فيشكرون هذه النعمة حيث جعلهم مالكين لم يجعلهم مملوكين (جعلهم الله قنية) بكسر القاف وضمها ما اكتسب قاله القاموس، وفي النهاية (3) قال الزمخشري: يقال قنوت الغنم ونحوها قِنوة وقُنوة وقنيت أيضًا قُنية وقنية إذا اقتنيتها لنفسك لا للتجارة (تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه من طعامه وليلبسه من لباسه) ظاهر الأمر الإيجاب (ولا يكلفه) من الأعمال (ما يغلبه) يغلب قوته وقدرته (فإن كلفه ما يغلبه فليعنه) ويأتي التوصية بحسن الملكة وهذا تفصيلها (حم ق د (4) ت 5 عن أبي ذر) وفي الحديث قصة.
304 -
" أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان (عد) عن ابن عمر"(ض).
(أخوف ما أخاف على أمتي) في إفساد دينها (كل منافق عليم اللسان) هو
= (1) أخرجه البخاري (6206) ومسلم (2143) والترمذي (2837) وأبو داود (4961).
(2)
القاموس المحيط (ص 1287).
(3)
النهاية (4/ 117) وانظر: الفائق للزمخشري (2/ 379).
(4)
أخرجه البخاري (30) ومسلم (1661) والترمذي (1945)، وأبو داود (5108)، وابن ماجه (3690)، وأحمد (5/ 158).
منشأ الأخوفية والمراد به بليغ القول فيما تستميل به القلوب حلو العبارة قويم الحجة فيضل به العباد ونسبة العلم إلى اللسان مع أنَّ العلم حصول صور الشيء في العقل أو عنده لأنه فارغ القلب عن العلم واعتقاد الحق بل قلبه مملوء بالضلالات واعتقاد الكفريات فعلمه ليس إلا في لسانه (عد (1) عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه إلا أنه قد أخرجه أحمد والطبراني في الكبير قال السيد السمهودي (2): ورواته يعني أحمد محتج بهم في الصحيح.
305 -
" أخوف ما أخاف على أمتي الهوى وطول الأمل (عد) عن جابر (ض) ".
(أخوف ما أخاف على أمتي الهوى) بالقصر وهو في الأصل إرادة النفس وأريد به هنا أراد بها الباطل ومخالفتها الحق (وطول الأمل) بزنة جبل وهو الرَّجاء والمذموم طوله لا مجرد الأمل فلا بد منه في قيام الدين والدنيا قيل وطول الأمل مذموم لجميع الناس إلا للعلماء فلولا أملهم وطوله لما صنفوا الكتب العلمية والفوها قال ابن الجوزي:
وآمال الرجال لهم فضوح
…
سوى أمل المصنف ذي العلوم
قلت: ومثله كل أمل في الخير من عبادة وجهاد، قيل: والفرق بين الأمل والتمني أن الأمل ما تقدم له سبب والتمني خلافه، وفي كلام النهج: من أطال الأمل أساء العمل وقد روي مرفوعًا (عد (3) عن جابر) رمز المصنف لضعفه
(1) أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 104)، وأحمد (1/ 22) والفريابي في صفة المنافق (24) والبزار (168 - كشف)، وقال الهيثمي في المجمع (1/ 187) رواه الطبراني في الكبير والبزار ورجاله رجال الصحيح عن عمر، والطبراني في الكبير (18/ 237)(593) وابن حبان (80)، والهيثمي في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (1/ 523) من رواية عمران بن حصين، وصححه الألباني في صحيح الجامع (239).
(2)
انظر: كلام الإِمام السمهودي في البيان والتعريف للإمام الحسيني (1/ 41).
(3)
أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 185) في ترجمة علي بن أبي علي اللهبي، قال أحمد: منكر الحديث =
قال العراقي: ورواه الحاكم بهذا اللفظ عنه، وقال زاد: أما الهوى فيصد عن الحق وأما الأمل فينسي الآخرة.
306 -
" أخوك البكري، ولا تأمنه (طس) عن عمر بن الخطاب (د) عن عمرو بن الفعواء".
(أخوك البكري (1) ولا تأمنه) أصل الحديث في سنن أبي داود عن عمرو الخزاعي قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بعد الفتح فقال: التمس صاحبًا فجاءني عمرو بن أمية الضمري فقال: بلغني أنك تريد الخروج إلى مكة وأنك تلتمس صاحبًا قلت: أجل، قال: فإني لك صاحب فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: إذا هبطت بلاد قومه فاحذره فإنه قد قال القائل: أخوك البكري ولا تأمنه، فخرجنا حتى إذا كنا بالأبواء قال: إن لي حاجة بقومي يودَّ أن تلبث لي.
قلت: راشدًا فلما ولى ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم فشدت على بعيري حتى إذا كنت بالأصافر إذ هو يعارضني في رهط قال فما وضعت على بعيري فلما رآني قد فته انصرفوا وجاءني ومضينا حتى أتينا مكة ودفعت المال إلى أبي سفيان. انتهى، قال الخطابي (2): فيه الحذر واستعمال إساءة الظن إذا كان على وجهة الاتقاء من شر الناس.
قلت: وفيه العمل بالأمثال والأقوال السائرة، وفيه معجزة نبوية لصدق ما قاله صلى الله عليه وسلم (طس عن عمر بن الخطاب) زيادة ذكر أبيه خلاف قاعدته (د عن عمرو
= وقال النسائي: متروك، وأورده البيهقي في الشعب (7/ 106)، وقال: انفرد به اللهبي وليس بالقوي وقال الألباني في ضعيف الجامع (246) والسلسلة الضعيفة (21707)
(1)
قوله البكري بكسر الباء الموحدة هو أول ولد لأبوين والمثنى أخوك الذي هو شقيقك كن على حذر منه ولا تأمنه والأجنبي من باب أولى.
(2)
انظر: معالم السنن (4/ 110).
بن الفعواء) (1) بفتح الفاء فعين مهملة ساكنة آخره همزة ممدودة ويقال ابن أبي الفعواء خزاعي صحابي (2) سكت عليه المصنف وذكر الشارح أنَّ في رواية عمر ضعيفين وفي رواية ابن أبي الفعواء فيه عبد الله ابنه قال ابن حبان: مستور، وقال الدميري: تابعي مجهول، وقال في الضعفاء: لا يعرف.
307 -
" أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك (تخ د ت ك) عن أبي هريرة (قط ك) والضياء عن أنس (طب) عن أبي أمامة (د) عن رجل من الصحابة (قط) عن أبي بن كعب"(صح).
(أد) من أداه تأدية أوصله كما في القاموس (3)(الأمانة) في النهاية (4): الأمانة تقع على الطاعات في العبادة والوديعة والثقة والأمان وقد جاء في كل منها حديث (إلى من ائتمنك) والحديث مأخوذ من الآية الكريمة: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58](ولا تخن من خانك) الخيانة ضد الأمانة وهو أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح وهو نهي عن خيانة الإنسان لمن خانه، وأنه لا يقابل الإساءة بالإساءة فبالأولى أن يحرم عليه خيانة من لم يخنه (تخ د ت ك عن أبي هريرة) (5) قال الترمذي: حديث حسنٌ غريبٌ، وقال ابن الجوزي: فيه
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (3774) عن عمر بن الخطاب، وأورده البزار (291)، وقال: وفيه رجلان لين حديثهما أحدهما: زيد بن عبد الرحمن، والآخر: عبد الرحمن بن زيد، وهو منكر الحديث جدًا أهـ وقال الهيثمي (3/ 215) من طريق زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه وكلاهما ضعيف وأخرجه أبو الشيخ في الأمثال (118)، وأورده العقيلي في الضعفاء (516) في ترجمة زيد بن عبد الرحمن، وأبو داود (4861) وأحمد (5/ 289)، وأبو الشيخ في الأمثال (119) عن عمرو بن الفعواء، وقال الألباني في ضعيف الجامع (247) والسلسلة الضعيفة (1255): ضعيف جداً.
(2)
انظر الإصابة (4/ 670) قال: أخرج له أبو داود حديثاً في ترجمة أخيه علقمة، وتهذيب التهذيب (778).
(3)
القاموس المحيط (ص 1624).
(4)
النهاية (1/ 71).
(5)
أخرجه أبو داود (3535) والترمذي (1264) والحاكم (2/ 46) والبخاري في التاريخ الكبير =
شريك قال: ما زال مختلطًا (قط ك والضياء عن أنس) سكت عليه المصنف، قال الدارقطني: فيه أيوب ابن سويد ضعفه أحمد وجمع (طب أبي أمامة) سكت عليه أيضاً قال الهيثمي: فيه يحيى بن عثمان المصري قال ابن أبي حاتم: يتكلمون فيه (قط عن أبي بن كعب) سكت عليه أيضاً قال ابن الجوزي: فيه محمَّد بن ميمون قال ابن حبان: منكر الحديث جدًّا لا يحل الاحتجاج به (د عن رجل من الصحابة) رمز المصنف لصحته.
308 -
" أد ما افترض الله تعالى عليك تكن من أعبد الناس، واجتنب ما حرم الله عليك تكن من أورع الناس، وارض بما قسمه الله لك تكن من أغنى الناس (عد) عن ابن مسعود (ض) ".
(أد ما افترض الله عليك) ما أوجبه من الحقوق البدنية والمالية (تكن من أعبد الناس) بعضًا من أكثرهم عبادة، وتقدم:"اتق المحارم تكن أعبد الناس بدون "من" وفيه تنبيه على أن الاجتناب للمحارم أشد وأعز من أداء الفرائض وأفضل عند الله ولذا كان دفع المفاسد أهم من جلب المصالح والأول: عليه دارت المناهي، والثاني: عليه دارت الأوامر (واجتنب ما حرم الله تكن من أورع الناس) الوَرع محركة في الأصل الكف عن المحارم ثم استعير للكف عن المباح والحلال أفاده في النهاية (1) وإنما قيل في الأول من أعبد الناس، وفي الثاني
= (4/ 360) من رواية أبي هريرة وأخرجه الطبراني في الكبير (8/ 127) رقم (7580) عن أبي أمامة. وأبو داود (3534) عن رجل من الصحابة، والدارقطني (3/ 35) عن أبي بن كعب، والدارقطني (3/ 35) عن أنس. أيضاً. انظر العلل المتناهية (2/ 593)، وقال الإمام أحمد: حديثٌ باطلٌ لا أعرفه من وجه يصح وقد بينها ابن الملقن في البدر المنير (7/ 297)، وقال: له طرق ستة كلها ضعاف. وصححه الألباني في صحيح الجامع (240) وفي السلسلة الصحيحة (424)، وقد بيّن طُرقه ردًّا على الشيخ الألباني عبد الفتاح محمود سرور كما في النصيحة (361 - 368).
(1)
النهاية (5/ 173).
من أورع الناس؛ لأن التذلل وظهور العبودية والانقياد للشارع في أداء الفرائض أظهر فسمي تأديتها عباد؛ لأن العبادة هي غاية التذلل والخضوع وأما الاجتناب فهو أنسب بالورع لأنه ترك والورع كف فالمناسبة كاملة هذا سر يلاحظ في اختلاف العبارات النبوية والقرآنية إلا فقد تقدم: اتق المحارم تكن أعبد الناس" على أن هناك أريد: اتق المحارم وأت بالفرائض ضرورة أنه لا يكون أعبد الناس إلا بذلك فإن من اجتنب المحارم ولم يأت بالفرائض لم يكن عابدًا فكيف يكون من أعبد الناس فعبر هناك بتلك العبارة للرمز إلى هذا وأما هنا فلما أفرد ذكر الأمر بالعبادة ناسبه تلك العبارة فتأمل (وارض بما قسمه الله لك تكن من أغنى الناس)، اقنع بما قسمه الله لك ولا تسخطه تصير بالرضا داخلاً في عداد أغنى الناس، فإن الغنى بالقناعة والرضا بالقسمة أروح من الغنى بالمال، ويأتي: أن الغنى ليس بكثرة العرض بل الغنى غنى النفس وقال:
ما كل ما فوق البسيطة كافيًا
…
فإذا قنعت فبعض شيء كاف (1)
وقال:
وإن الغنى والفقر في مذهب الفتى
…
لسيان بل أعفى من الثروة العدم
وما نلت مالاً قط إلا ومال بي
…
ولا درهمًا إلا ودر بي الهم (2)
والمراد الفقر مع القناعة وهذا الحديث الشريف اشتمل على التوصية بما ينال به خير الدنيا والآخر؛ لأن بتأدية الفرائض واجتناب المحارم ينال خير الآخرة وبالرضا بالقسمة ينال خير الدنيا (عد عن ابن (3) مسعود) رمز المصنف
(1) البيت منسوب لأبي الفراس الحمداني.
(2)
الأبيات منسوبة لأبي العلا المعري.
(3)
أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 220) مرفوعاً، والبيهقي في الشعب (201) وابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 177) موقوفاً، وفي إسناده العلاء بن خالد الأسدي
وقد رماه يحيى القطان وابن معين وغيرهما بالكذب كما في الكامل لابن عدي (5/ 220)،=
لضعفه قال ابن الجوزي: رفعه وهم والصواب وقفه.
309 -
" أدبني ربي فأحسن تأديبي ابن السمعاني في أدب الإملاء عن ابن مسعود (ض) ".
(أدبني ربي فأحسن تأديبي) في القاموس (1): الأدب: الظَّرْف وحُسن التناول والحديث إخبار منه صلى الله عليه وسلم بأن الله أدبه أي علمه الأدب وأحسن أخلاقه وكماله فيحتمل أنه خلقه كذلك غير محتاج إلى تأديب ويحتمل أنه ما زال يعلمه آداب الدنيا والدين، وقد كان صلى الله عليه وسلم من أكمل خلق الله أدبًا في أفعاله وأقواله ومعاملاته كما حكت ذلك عن صفاته كتب شمائله (ابن السمعاني) السمعاني بفتح السين المهملة كما في القاموس (2) وهو الإِمام الحافظ البارع العلامة تاج الإِسلام أبو سعد عبد الكريم بن تاج الإِسلام معين الدين بن بكر بن محمَّد بن العلامة المجتهد بن المظفر منصور وُلد في شعبان سنة (506) وأخذ عن عوالم قال ابن النجار (3): من يذكر أن عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ، وهذا شيء لم يبلغه أحد وكان مليح التصانيف وكان ذكيًا فهمًا سريع الكتابة مليحها درس وأفتى ووعظ وأملى وكتب عمن دب ودرج وعدّ له الحافظ الذهبي خمسة وعشرين مؤلفًا وفاته في ربيع الأول سنة (562) وهو وأبوه وجده من أئمة الحديث وهو أكثر تأليفًا (4)(في أدب الإملاء عن (5) ابن مسعود) في الحديث زيادة عند مخرجه على
= وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (253)، وفي السلسلة الضعيفة (2191).
(1)
القاموس المحيط (ص 75).
(2)
القاموس المحيط (ص 943).
(3)
انظر: المستفاد من تاريخ بغداد (ص: 173)، وطبقات الشافعية للسبكي (7/ 180).
(4)
تذكرة الحفاظ (4/ 1316). وسير أعلام النبلاء (20/ 456)، وترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 447).
(5)
أخرجه السمعاني في أدب الإملاء (ص 1)، وقال ابن حجر في الإمتاع بالأربعين المتبانية بشرط السماع (ص 97): أخرجه العسكري في الأمثال في أول حديث وسنده غريب وقد سُئل عنه بعض=
ما ساقه المصنف وهي: وأمرني بمكارم الأخلاق فقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] والمصنف رمز لضعفه قال الزركشي: حديث أدبني ربي لم يأت من طريق صحيح.
310 -
" أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه، أبو نصر عبد الكريم الشيرازي في فوائده (فر) وابن النجار عن علي (ض) ".
(أدبوا أولادكم على ثلاث خصال) عُدِّي أدب بعلى لأنه ضمنه معنى احملوهم على هذه الخصال والخصال جمع خصلة بالخاء المعجمة والصاد المهملة قال في القاموس (1): هي الخلة والرذيلة والفضيلة وقد غلبت على الفضيلة (على حب نبيكم) بدل من ثلاث بإعادة العامل والمراد به أبو القاسم محمَّد بن عبد الله لأن الإضافة عهدية وهو حينئذ المعهود للمخاطبين وتحبيبه إلى أولادهم أن يذكروا لهم صفاته الشريفة ونعوته العالية المنيفة والإخبار لهم بأن كل خير من خير الدنيا والآخرة نالوه بواسطته وإعلامهم بما أجراه الله على يديه من المعجزات وبما فتحه لهم من البلاد المقفلات وما قاده له من عتاة عباده وبلاده وإيجابه محبته (وحب أهل بيته) تذكر ما خصهم الله به من قرابته وما أعطاهم من شرائف الخصال وما أوجبه من حبه وأنه لا يتم حبه صلى الله عليه وسلم وآله إلا بحبهم. (وقراءة القرآن) لما فيه من الآداب النافعة والعلوم الواسعة والأجور التي هي لأهلها في الدرجات رافعة وأنه الدال على سعادة الدارين وعلى الظفر
= الأئمة فأنكر وجوده، وقال ابن الجوزي في العلل (1/ 178): لا يصح: فيه مجهولون وضعفاء، وذكره السخاوي في المقاصد (رقم 45)، [[قول]] الزركشي فهو في الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة (ص: 11). وضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع (249) وفي السلسلة الضعيفة (72).
(1)
القاموس المحيط (ص 1283).
بما يقر به كل عين (فإن حملة القرآن) جمع حامل وهو الحافظ له أو العارف بمعانيه كأنه قد حمله الله معارفه وخص صلى الله عليه وسلم هذا الأخير بالتعليل من بين أخوته لأنه أعظم كلفة ومشقة لما في حمل القرآن من ذلك تنشيطاً للعباد على تحمله وإتعاب النفس في حفظه وتعرف معانيه (في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله) في النهاية: في ظل عرشه أو ظل رحمته والظرف مضاف إلى الجملة وكلمة لا لنفي الجنس، وظل مبني على الفتح وظله مرفوع من باب لا سيف إلا ذو الفقار (مع أنبيائه وأصفيائه) من عطف العام على الخاص فالأصفياء تعم الأنبياء وغيرهم (أبو نصر عبد الكريم الشيرازي في فوائده فر وابن النجار عن علي) (1) رمز المصنف لضعفه قال الشارح: فيه صالح بن أبي الأسود له مناكير (2).
311 -
" أدخل الله الجنة رجلاً كان سهلاً: مشترياً، وبائعاً، وقاضياً، ومقتضياً (حم د هب) عن عثمان بن عفان (صح) ".
(أدخل الله الجنة) أي أخبر تعالى أنه من أهله وحكم بذلك وإلا فإنه لا دخول للمكلفين إلى الجنة إلا بعد بعث الأمم وحشرها وأول من يدخلها نبينا صلى الله عليه وسلم هذا إن جعل إخبارًا عن ذلك الشخص المعين ويؤيده ما أخرج النسائي وابن حبان والحاكم (3) من حديث أبي هريرة أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أدخل الله الجنة رجلاً
(1) أخرجه أبو نصر عبد الكريم الشيرازي في "فوائده" والديلمي في "الفردوس" وابن النجار عن علي كما في الكنز (45409)، وفي إسناده صالح بن أبي الأسود واه قال ابن عدي ليست أحاديثه بمستقيمة وليس بالمعروف. انظر الميزان (3/ 396)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (251) وفي السلسلة الضعيفة (2161).
(2)
في الأصل: سويد بن أبي الأسود، ولعل الصواب ما أثبتناه، ومثله ورد في الشرح (1/ 225). والله أعلم.
(3)
أخرجه ابن حبان (5043) والنسائي (7/ 318). والحاكم (2/ 33) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وعقب عليه الذهبي بقوله: على شرط مسلم.
لم يعمل خيرًا قط، وكان يداين الناس فيقول لرسوله: خذ ما تيسر واترك ما تعسر وتجاوز لعل الله أن يتجاوز عنا، قال الله قد تجاوزتُ عنك" ويحتمل أنه دعاء بلفظ الإخبار من باب رحم الله فلانًا (رجلاً كان سهلاً بائعًا ومشتريًا وقاضيًا ومقتضيًا) فإن ذلك دليل السماحة والله عز وجل يحب السماحة والجود (حم د هب عن عثمان بن عفان)(1) رمز المصنف لصحته.
312 -
" ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله: فإن الإِمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة (ش ت ك هق) عن عائشة (صح) ".
(ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم) أي ادفعوا الحدود وهي بالمهملات جمع حد قال في القاموس (2): هو تأديب المذنب بما يمنعه، وغيره من الذنب أي ادفعوا ذلك ويأتي أن الدفع يكون بالشبهات لا أنه يترك تساهلاً وقد دل على ذلك قوله (فإن وجدتم للمسلم مخرجًا (3)) عن إقامة الحدّ وذلك بشبهة من الشبهات والحديث خطاب للأمراء ويحتمل أنه خطاب للأمة وأنهم يدفعونها بستر الفاعل وعدم رفع أمره إلى السلطان كما يرشد إليه ما يأتي من حديث ابن عمر:"تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني فقد وجب"(4). آخر الحديث يدل للأول لقوله (فإن الإِمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في
(1) أخرجه أحمد (1/ 67) والنسائي (7/ 318) في السنن الكبرى (6295)، وابن ماجه (2202) قال البوصيري: هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، والبيهقي في الشعب (11256)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (243) والسلسلة الصحيحة (1181).
(2)
القاموس المحيط (ص 352).
(3)
في المطبوع: فخلوا سبيله.
(4)
أخرجه أبو داود (4376)، والنسائي (8/ 70)، والدارقطني في السنن (3/ 113)، والحاكم (4/ 424) والبيهقي في السنن (8/ 331).
العقوبة) وخطاؤه في العفو عمَّن أمر الشارع بالعقوبة له فيما جعله إلى اجتهاد الإِمام من عقوبات من لم يعين حده لا أن المراد العفو عن حد قد قامت بينته وبين الشارع عقوبته فلا ينافيه أنه لا إقالة في حَدّ (ش ت ك هق (1) عن عائشة) رمز المصنف لصحته وقال الحاكم: صحيح، ورده الذهبي في التلخيص بأن فيه يزيد بن زياد الشامي متروكٌ، وقال في المهذب (2) هو واهٍ ووثَّقه النسائي.
313 -
" ادرأوا الحدود بالشبهات، وأقيلوا الكرام عثراتهم، إلا في حد من حدود الله تعالى (عد) في جزء له من حديث أهل مصر والجزيرة عن ابن عباس، وروى صدره أبو مسلم الكجي، وابن السمعاني في الذيل عن عمر بن عبد العزيز مرسلاً، ومسدد في مسنده عن ابن مسعود موقوفاً".
(ادرءوا الحدود بالشبهات) بضم الشين المعجمة والموحدة جمع شبهة قال في القاموس (3): الشبهة الالتباس فالمراد: ادفعوها إذا التبس عليكم ولم يتضح أنه أتى على وجه يستحق به العقوبة عالمًا متعمدًا عارفًا بالتحريم غير مكره ونحو ذلك (وأقيلوا الكرام عثراتهم) يأتي في النص تفسير الكرام أنه التقوى، فالمراد أقيلوا الأتقياء ما يعثرون فيه من الزلات ويأتونه من جهة العثرة والزلّة (إلا في حد من حدود الله) فلا تقيلوا فيه أحدًا فإنه لا يقال فيه شريف ولا وضيع
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 384) وقال: صحيح، وتعقبه الذهبي قائلاً: قال النسائي: يزيد بن زياد شامي متروك وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (259) والسلسلة الضعيفة (2196)، والبيهقي في السنن (8/ 238) وابن أبي شيبة (5/ 512) رقم (28502) والترمذي (1424) قال الترمذي: سألت محمدًا -يعني البخاري- فقال: يزيد بن زياد الدمشقي منكر الحديث ذاهب.
(2)
انظر: المهذّب في اختصار السنن الكبير (7/ 3374): والذي فيه: تركه النسائي، المهذّب ولم أجد فيه ما نقله عنه المؤلف؛ لأن يزيد بن زياد الدمشقي قال الذهبي في الميزان: متروك الحديث، وقال مثله في المغني، انظر: تهذيب الكمال (32/ 134)، والميزان (4/ 425)، والمغني (2/ رقم 7102).
(3)
القاموس المحيط (ص 1610).
ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتها"(1). وهي من أشرف خلق الله (عد في جزء له من حديث أهل مصر والجزيرة) وقد عرفت أنه جعل عد رمزًا لما أخرجه في كتابه الكامل فكان يتعين أن يصرح هنا باسمه لا يرمزه كما يصنعه في غيره (2)(عن ابن عباس) قال الشارح: إنه رواه من حديث ابن لهيعة قال: فإن كان من بين ابن عدي وابن لهيعة مقبولين فالحديث حسن والمصنف سكت عليه، (وروى صدره أبو مسلم الكجي) ضبط بالجيم مشدّدة وفتح الكاف والكج الجص لقب به؛ لأنه كان كثير ما يبني به وهو الحافظ أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم صاحب كتاب السنن سمع من خلائق وعنه خلائق وثَّقه الدارقطني وغيره وكان سريًا نبيلًا عارفًا بالحديث قال أحمد بن جعفر الختلي: لمَّا قدم أبو مسلم الكجي بغداد أملى في رحبة غسان وكان في مجلسه سبعة يستملون يبلغ كل واحد منهم إلى الآخر ويكتب الناس عنه ثم مسحت الرحبة وحسب من حضر بمحبرة فبلغ ذلك نيفًا وأربعين ألف محبرة سوى النظارة وهي حكاية ثابتة رواها الخطيب في تاريخه مات ببغداد سنة 292 وحمل إلى البصرة (3)(وابن السمعاني في الذيل عن عمر عبد العزيز مرسلًا) هو الخليفة العادل البار المعروف بالمعروف، قال الشارح: وفي سنده من لا يعرف والمصنف سكت عليه (ومسدّد في مسنده عن ابن مسعود موقوفًا) سكت عليه
(1) أخرجه النسائي (8/ 72)، وفي السنن الكبرى (7382)، وأحمد (6/ 41). وأصله في الصحيحين، أخرجه البخاري (6406) ومسلم (1688)، وهو في الجمع بين الصحيحين للحميدي (3172).
(2)
أخرجه ابن عدي في جزء له كما في الكنز (12951، 12972) وقول المناوي في الفيض (1/ 227)، وحديث ابن مسعود الموقوف: أخرجه مسدّد كما في المطالب العالية (9/ 55) رقم (1857) وأخرجه أيضًا: البيهقي (8/ 238) وقال: منقطع وموقوف، وضعفه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (3/ 244). وضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع (258) والسلسلة الضعيفة (2196). وقال في الإرواء (8/ 25):"هو ضعيف مرفوعًا وموقوفًا".
(3)
انظر: تذكرة الحفاظ (2/ 620) سير أعلام النبلاء (13/ 423)، وتاريخ بغداد (6/ 120 - 122).
المصنف وقال الحافظ ابن حجر: هو موقوف حسن. انتهى. وبه يرد قول السخاوي: طرقه كلها ضعيفة (1)، وإطلاق الذهبي عليه الضعف مراده المرفوع.
314 -
" ادرأوا الحدود، ولا ينبغي للإمام تعطيل الحدود (قط هق) عن علي (ح) ".
(ادرءوا الحدود ولا ينبغي) هذه الكلمة ترد في الحث على فعل المندوب والواجب وعدم إهمالهما وترد أيضًا في الحث على ترك المكروه والمحرم وهو هنا في الواجب (للإمام تعطيل الحدود) تضييعها بل يجب عليه إقامتها، والإتيان بهذه الجملة بعد قوله:"ادرءوا الحدود" كالاحتراس عما توهمه من التساهل فيها (قط هق (2) عن علي) رمز المصنف لحسنه وقال السخاوي: فيه المختار بن نافع البخاري منكر الحديث. لكنه حسن لشواهده.
315 -
" ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه (ت ك) عن أبي هريرة".
(ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة) لأن الإيقان بها من حسن الظن بالرب تعالى وقد ثبت أنه عند حسن ظن عبده به (واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافلٍ لاهٍ) عن معنى ما قاله أو غافل لاه عن الطاعات أو عن الله أو عن رجائه الإجابة والمراد الحث على حضور القلب والإقبال عليه تعالى بالكلية عند الدعاء، ويأتي أن لإجابة الدعاء شروطًا (ت ك عن (3) أبي هريرة) سكت
(1) انظر التلخيص الحبير (4/ 104)، والقاصد الحسنة (ص: 30 - 31).
(2)
أخرجه الدارقطني (3/ 84) والبيهقي (8/ 238) وقال البيهقي: قال البخاري: المختار بن نافع منكر الحديث. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (260) وفي الإرواء (2305). وانظر قول السخاوي في المقاصد الحسنة (ص: 31).
(3)
أخرجه الترمذي (3479) وقال: حديث غريب، والحاكم (1/ 493) وكذلك الطبراني في الأوسط (5109) وتفرد به صالح بن بشير المري وهو ضعيف كما قال الحافظ في التقريب (2845) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (245) وفي السلسلة الصحيحة (564).
عليه المصنف وقال الترمذي: غريبٌ حسنٌ.
316 -
" ادفعوا الحدود عن عباد الله ما وجدتم لها مدفعًا (هـ) عن أبي هريرة (ح) ".
(ادفعوا الحدود عن عباد الله ما وجدتم لها) للحد الدال عليه الحدود (مدفعًا 5 عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه (1).
317 -
" ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين، فإن الميت يتأذى بجار السوء كما يتأذى الحي بجار السوء (حل) عن أبي هريرة (ض) ".
(ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين) بفتح السين المهملة في وسط وسكونها بينهم (فإن الميت يتأذى بجار السوء كما يتأذى الحي بجار السوء كما يتأذى الحي) وذلك أن القبور منازل الأموات كما أن البيوت منازل الأحياء، فالميت يتأذى من جار السوء كتأذي الحي من جاره إما بناء على الأبدان لا تأكلها الأرض كما سلف، أو أن التأذي قبل فنائها أو على أن المتأذي الأرواح فإنها تتصل بعد فناء الأجسام وتلاشيها بالقبور كما تتصل بها قبل ذلك، وأذية جار القبر عمله القبيح الذي يتأذى به فيتأذى من عقابه جاره، وفيه، إشارة إلى تجنيب الفاجر عن قبور الصالحين لئلا يتأذى سكانها، وإلى جواز نقل الصالح عن مقابر الفجار وإن كان قد دفن بها وقد صدق هذا الحديث منامات كثيرة رآها الصالحون للأموات وهم يشكون بأذيتهم من جيرانهم، ذكر كثيرًا منها العلامة ابن القيم في كتاب الروح، وحكى قصصًا كثيرة فليراجعه من أراده، ولما دفن
(1) أخرجه ابن ماجه (2545) وقال البوصيري: هذا إسناد ضعيف، وأورده ابن عدي في الكامل (1/ 230 - 231) في ترجمة إبراهيم بن الفضل وهو منكر الحديث، وعد هذا الحديث من منكراته وقال: هذا رجل اتهمه سفيان الثوري.
وضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع (261) وفي الإرواء (2356).
الرشيد بجنب قبر علي بن موسى رضي الله عنه بطوس قال دعبل بن علي الخزاعي (1):
أَربع بطوس على قَبر الزكيّ بها
…
إن كُنت تَربع من دين على وطر
قبران في طوس خير الناس كلهم
…
وقبرُ شَرهِمُ هذا من العبر
ما ينفع الرجس من قُرب الزكى وما
…
على الزكي بقرب الرجس من ضرر
هيهات كل امرئ رهن بما كسبت
…
له يداه فخذ ما شئت أو فذر
والحديث يرد ما قاله وإن كان لم يسقه إلا لوم الرشيد فإنه لا ينفعه قربه من الزكي ولعله يقال كما أنه يؤذى الرجل الصالح جار السوء فقد ينال من الصالح خيرًا أو يخفف عنه ولم أقف في هذا على كلام ولا دليل، نعم وقفت بعد أيام على الشرح فرأيته ذكر أن في بعض الروايات زيادة وهي أنهم قالوا: يا رسول الله وهل ينفع الجار الصالح في الآخرة؟ قال: "هل ينفع في الدنيا؟ " قالوا: نعم، قال:"كذلك ينفع في الآخرة"(حل عن أبي هريرة (2)) رمز المصنف لضعفه لأنه من حديث محمد بن عمر بن الجنيد وساقه من طريق سليمان بن عيسى قال في اللسان: إن سليمان ابن عيسى هالك، قال أبو حاتم: كذاب، وقال ابن عدي: وضاع، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المصنف بأن له شاهدًا لكن حاله كحاله.
318 -
" ادفنوا القتلى في مصارعهم (4) عن جابر (صح) ".
(ادفنوا القتلى في مصارعهم) جمع مصرع اسم مكان كمقتل من صرعه والمراد موضع قتلهم قاله صلى الله عليه وسلم في يوم أحد ومضت السنة أن يدفن القتيل في موضع قتله (4
(1) انظر ترجمة دعبل (148 - 246هـ) في تاريخ دمشق (17/ 255 - 259).
(2)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 354) والرافعي التدوين (2/ 200) والديلمي (337). وفي إسناده سليمان بن عيسى بن نجيح وهو كذاب. انظر: لسان الميزان (3/ 99) والموضوعات (1781).
وقال الألباني في ضعيف الجامع (263) وفي السلسلة الضعيفة (563): موضوعٌ.
عن جابر) رمز المصنف لصحته وقال الترمذي: حسنٌ صحيحٌ (1).
319 -
" إدمان في إناء: لا آكله ولا أحرمه (طس ك) عن أنس (صح) ".
(إدمان) تثنية إدام وهو ما يؤدم به الطعام وسبب الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أتى بقعب فيه عسل ولبن فقاله (في إناء لا آكله) بعدًا منه صلى الله عليه وسلم على التوسع في لذات الدنيا (ولا أحرمه) زاده دفعًا لتوهم تحريمه (طس ك عن أنس) رمز المصنف لصحته (2).
320 -
" أدْنِ العظم من فيك؛ فإنه أهنأ وأمرأ (د) عن صفوان بن أمية (ح) ".
(ادن) من الإدناء التقريب أي قرب (العظم) عند الأكل من فيك (فإنه أهنأ) بالهمز من هنأني الطعام يَهْنؤُني إذا تهنَّأت به وكلُّ أمرٍ يأتيك من غير تعب فهو هَنيئ قاله في النهاية (3)(وأمرأ) هو من أمرأني بي الطعام ومرأني إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبًا قال الفراء: يقال هنّأ في الطعام ومَرَأني بغير ألف فإذا أفردوها عن هَنَّأني قالوا: أمرأَني ذكره في النهاية (4)(د عن صفوان بن أمية (5)) رمز المصنف لحسنه وقال الحافظ ابن حجر: فيه انقطاع.
(1) أخرجه أحمد (3/ 308) وأبو داود (3165) والترمذي (1717) والنسائي (4/ 79) وابن ماجه (1516)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (249).
(2)
أخرجه الحاكم (4/ 122) والطبراني في الأوسط (7404)، وقال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقَّبه الذهبي بقوله: بل منكرٌ، وقال الهيثمي في المجمع (5/ 34): فيه محمد بن عبد الكريم بن شعيب ولم أعرفه، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (265) وفي السلسلة الضعيفة (2193).
(3)
النهاية (5/ 276).
(4)
النهاية (4/ 314).
(5)
أخرجه أبو داود (3779) وقال: عثمان لم يسمع من صفوان وهو مرسل وأخرجه أحمد (3/ 401) و (6/ 466)، والحاكم (4/ 126)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 49، 7333)، والبيهقي في الشعب (5900)، وفي السنن الكبرى (7/ 280) وقال العراقي: منقطع في تخريج أحاديث الإحياء (2/ 294)، وفي بعضها بلفظ: "ادن اللحم
…
" وقال المنذري: عثمان لم يسمع من صفوان فهو منقطع وفي إسناده أيضًا من فيه مقال. انظر: مختصر سنن أبي داود (5/ 305). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (265) والسلسلة الضعيفة (2193).
321 -
" أدنى ما تقطع فيه يد السارق ثمن المجن (الطحاوي عن أيمن الحبشي"(خ).
(أدني ما يقطع فيه يد السارق) أي أقل ما يقطع فيه إذا سرق، وهو بيان لما أجمل في الآية (ثمن مجن) هو بكسر الميم الترس كما في النهاية (1) لأنه يواري حامله أي يستره والميم زائدة. انتهى واختلف في ثمن المجن في عصره صلى الله عليه وسلم فعن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم، وعليه حديث: أنه يقطع في ربع دينار لا فيما دونه وهي في البخاري ومسلم وعند النسائي (2) وابن ماجه وغيرهما، وكان الدينار في عصره صلى الله عليه وسلم اثني عشر درهمًا ولهذا أخذ الأكثر لكن أخرج النسائي من حديث عطاء مرسلاً ومن حديث ابن عباس أن ثمن المجن كان في زمنه صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم (3) والرواية الأولى أشهر وأكثر وقد رجح البعض العمل برواية عطاء وابن عباس لأنه أحوط والحدود تدفع بالشبهات فكأن هذه الروايات شبهة في العمل بما دونها (الطحاوي عن أيمن (4)) بفتح الهمزة
(1) النهاية (1/ 308).
(2)
أخرجه البخاري (6795)، ومسلم (1686)، وأبو داود (4385)، والترمذي (1446)، والنسائي (8/ 76) وابن ماجه (2584).
(3)
أخرجه النسائي (8/ 83، 84). وقال الألباني: ضعيف مقطوع مخالف للمرفوع. وأخرجه أيضًا: الدارقطني (3/ 191، 192)، وأبو يعلى (2495).
(4)
أخرجه الطحاوي في شرح الآثار (3/ 163) والطبراني في الكبير (1/ 289) رقم (489) عن معاوية بن هشام عن سفيان عن منصور عن مجاهد وعطاء عن أيمن الحبشي مرفوعًا، ومعاوية بن هشام صدوق له أوهام كما في التقريب (6771). ومن طريقه أخرجه النسائي في الكبرى (4/ 341) رقم (7429) إلا أنه قال عن مجاهد عن عطاء
…
ولفظه عن أيمن قال: "لم يقطع النبي صلى الله عليه وسلم السارق إلا في ثمن المجن، وثمن المجن يومئذ دينار"، وتابع معاوية عنده عبد الرحمن (4/ 341) رقم (7430) عن سفيان عن منصور عن مجاهد به، ومحمد بن يوسف رقم (7431) عن سفيان عن منصور عن الحكم عن مجاهد به وتابعه علي بن صالح (4/ 341) رقم (7432) والحسن بن حي رقم (7433) عن منصور عن مجاهد وعطاء به وخالفهم شريك في (4/ 342) رقم (7434) فقال عن منصور به إلا أنه قال: أيمن بن أم أيمن رفعه قال: لا قطع إلا في المجن =
وسكون المثناة التحتية وفتح الميم آخره نون (الحبشي) بفتح الحاء المهملة وفتح الموحدة وستين معجمة مكسورة نسبة إلى الحبشة جيل من السودان وقد اختلف فيه، فقال ابن عبد البر: أيمن بن عبيد الحبشي وهو أخو أسامة بن زيد استشهد يوم حنين وحديثه فيه اختلاف وانقطاع لأن مجاهدًا لم يدركه وروى عنه عطاء وفيه اختلاف أيضًا، وقيل: أيمن الذي روى عنه مجاهد في قطع اليد هو غير هذا، وفي الخلاصة: أيمن عن النبي صلى الله عليه وسلم في السرقة وعنه عطاء ومجاهد قيل: هو المخزومي وهو الأشبه وقيل: هو مولى ابن الزبير وقيل: هو ابن أم أيمن وهو خطأ (1). انتهى. فعلمت ما فيه من الاضطراب والمصنف رمز لحسنه.
322 -
" أدنى أهل النار عذابًا ينتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه (م) عن أبي سعيد (صح) ".
(أدنى أهل النار عذابًا) هو اسم تفضيل من الدنو، أي أقربهم إلى خفة العذاب وأقلهم (ينتعل بنعلين من نار) إنهما نعلان حقيقة مخلقان من نار كنعل الجلد كما قال تعالى في الثياب:{قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} [الحج: 19] ويحتمل أن المراد يكون في نار يبلغ منه محل النعلين من أقدامه كما في قوله في أبي طالب أنه في ضحضاح من نار يغلى منه أم رأسه (يغلي دماغه من حرارة نعليه) هو من غلي القدر يغلي، والدماغ أبعد عضو من البدن فلا يغلي إلا وقد غلى البدن كله
= وثمنه يومئذ دينار. وشريك بن عبد الله النخعي صدوق يخطئ كثيرا تغير حفظه كما في التقريب (2787). وقال النسائي (4/ 343) وأيمن الذي تقدم ذكرنا لحديثه قد روى عنه عطاء حديثا آخر ولا أحسب أن له صحبة. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (268) والضعيفة (2197).
(1)
انظر: الثقات (4/ 47) وتاريخ دمشق (4/ 257). وانظر للتفصيل: الاستيعاب لابن عبد البر (1/ 40)، والإصابة (1/ 170، 264).
ويألم أشد تألم -اللهم أجرنا من أدنى عذابك وأعلاه ووفقنا لما ترضاه- ثم يحتمل أن هذا أخف الكفار عذابًا ويحتمل أنه أخف الموحدين وأخرج الحكيم في نوادر الأصول من حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: إنما الشفاعة لمن عمل الكبائر ثم ماتوا عليها فهم في الباب الأول من جهنم لا تسود وجوههم ولا تزرق أعينهم ولا يغلون بالأغلال ولا يقرنون بالشياطين ولا يضربون بالمقامع ولا يطرحون في الدرك الأسفل (1)، وهو يؤيد الأول وأن المراد من قوله:"من أهل النار" الذين هم أهلها حقيقة (م (2) عن أبي سعيد).
323 -
" أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم، واثنتان وسبعون زوجة، وتنصب له فيه من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية إلى صنعاء (حم ت حب) والضياء عن أبي سعيد (صح) ".
(أدنى أهل الجنة) أي نعيمًا وملكًا (من له ثمانون ألف خادم) والخادم القائم لخدمة من يخدمه وإذا كان له هذا العدد من الخدم فقد أفاد أن له من النعم ما لا يحيط به عباده فإنه لا يكون الخادم إلا لمن اتسع حاله فذكره صلى الله عليه وسلم لعدة الخدم إشارة إلى أن نعمه التي يعطاها تقاصر عنها العبارات وهذا تنبيه بأدنى نعم الله على أعلاها وبأدنى أهل الجنة على أعلاهم (وثنتان وأربعون زوجة) من الحور العين (وينصب له قبة) في النهاية (3): القبة من الخيام بيت صغير مستدير (من لؤلؤ وزبرجد) بفتح الزاي وفتح الموحدة وسكون الراء وفتح الجيم آخره مهملة: جوهر معروف وياقوت من نفيس الجواهر وهو إخبار بأن هذه أجزاء القبة (كما
(1) أخرجه الخطيب في تاريخه (6/ 156)، وأورده ابن رجب الحنبلي في التخويف من النار (ص: 256) وذكره السيوطي من طريق الحكيم الترمذي في نوادر الأصول في الدرر المنثور (8/ 626).
(2)
أخرجه مسلم (210).
(3)
النهاية (4/ 3).
بين الجابية) بالجيم بعد الألف موحدة فمثناة تحتية قرية بدمشق وباب الجابية من أبوابها (وصنعاء) مدينة معروفة باليمن وبين هذه القرية وبين صنعاء ستون مرحلة تقريبًا وهو إعلام بسعة القبة ولم يذكر ما فيها من سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة (حم (1) ت حب والضياء عن أبي سعيد) رمز المصنف لصحته.
324 -
" أدنى جَبَذَات الموت بمنزلة مائة ضربة بالسيف (ابن أبي الدنيا ذكر الموت عن الضحاك بن حمزة مرسلاً).
(أدنى جبذات الموت) بالجيم فموحدة فذال معجمة، جمع جبذة وهي الأخذة وهي التي عبر عنها صلى الله عليه وسلم بالسكرات في قوله: إن للموت سكرات وقال تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [ق: 19]. (بمنزلة مائة ضربة بالسيف) فإذا كان هذا أدناها فكيف أعلاها وكيف يكررها، اللهم هوّن علينا سكرات الموت (بن أبي الدنيا في ذكر الموت عن الضحاك (2) بن حمرة مرسلاً) حمرة بضم الحاء المهملة وسكون الميم فراء فتاء تأنيث الأملوكي الواسطي، والضحاك
(1) أخرجه أحمد (3/ 76) والترمذي (2562) وابن حبان (7401) والضياء في صفة ضياء الجنة (1/ 32). وأبو يعلى (1404)، وقال الترمذي: غريبٌ لا نعرفه إلا من حديث رشدين، ورشدين بن سعد ضعيف رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة وقال ابن يونس كان صالحا في دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث. انظر التقريب (1942). وفي إسناده كذلك دراج أبو السمح قال أحمد أحاديثه مناكير ولينه وقال النسائي منكر الحديث وقال مرة ليس بالقوي وقال أبو حاتم ضعيف وقد ساق له ابن عدي أحاديث وقال لا يتابع عليه. انظر الميزان (3/ 40). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (266).
(2)
أخرجه ابن أبي الدنيا في "ذكر الموت" كما في الكنز (42208) والضحَّاك بن حُمرة قال النسائي: ليس بثقة وقال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، انظر: تاريخ ابن معين (رقم 4877)، وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 484)، وميزان الاعتدال (3/ 442) وتهذيب الكمال (13/ 259)، وقال الحافظ في التقريب (2966): ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (267).
قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة ووثَّقه ابن حبان.
325 -
" أدوا صاعًا من طعام في الفطر (حل هق) عن ابن عباس (ض) ".
(أدوا صاعًا من طعام في الفطر) هو بيان ما أوجبه الله من الفطرة الواجبة وأنه صاع والصاع أربعة أمداد كل مد رطل وثلث قال الداوودي: معياره الذي لا يختلف به أربع حفنات بكف الرجل الذي ليس بعظيم الكفين ولا صغيرها قال مسجد الدين في القاموس بعد حكايته لكلام الداوودي: وجربت ذلك فوجدته صحيحًا والطعام (1) قال في القاموس: هو البر، وسيأتي أنه يخرج من الحنطة نصف صاع فكأن هذا كان في الابتداء الأمر ثم خفف الله بعد ذلك أو أنه صلى الله عليه وسلم أراد بالطعام غير الحنطة؛ لأنه يطلق على ما يؤكل فأراد به ما يؤكل مطلقًا ثم خص الحنطة بإخراج نصف الصاع منها (حل هق عن ابن عباس) (2) رمز المصنف لضعفه وقال مخرجه أبو نعيم: غريبٌ لا نعلمه إلا من حديث عبد الله بن الجراح وقال غيره: سنده ضعيفٌ لكن له شواهد.
326 -
" أدوا حق المجالس: اذكروا الله كثيرًا، وارشدوا السبيل، وغُضوا الأبصار (طب) عن سهل بن حنيف (ح) ".
(أدوا حق المجالس) أي التي على الطرقات كما يأتي صريحًا ويدل له سبب الحديث كما يأتي قريبًا وبيّن حقها بقوله (اذكروا الله كثيرًا وأرشدوا السبيل) دلوا على الطريق من لا يعرفها أو يراد به أعم من ذلك (وغضوا الأبصار) كفوا أبصاركم عن المارين لا يحل النظر إليه وسيأتي حقوق الوقوف على الطرقات
(1) القاموس المحيط (ص 955).
(2)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 262) والرافعي في التدوين (3/ 216)، والبيهقي في السنن (4/ 167) وفي إسناده عبد الله بن الجراح وهو ثقة كما قال النسائي، وقال أبو زرعة: صدوق فاختلف فيه فحديثه حسن، انظر: الكاشف (2662)، والتقريب (3248)، وتهذيب التهذيب (5/ 148). وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (242) والسلسلة الصحيحة (1179).
أكثر مما ذكر (طب عن (1) سهل بن حنيف) بضم الحاء المهملة فنون مفتوحة فمثناة تحتية ففاء وسهل أنصاري بدري من عمال علي رضي الله عنه وشهد معه صفين ومات بالكوفة وصلى عليه علي رضي الله عنه 37 (2) وسبب الحديث عن سهل قال: قال أهل العالية: لا بد لنا من مجالسنا يا رسول الله فذكره قال الهيثمي: فيه أبو بكر بن عبد الرحمن الأنصاري لم أعرفه وبقية رجاله ثقات، والمصنف رمز لحسنه.
327 -
" أدوا العزائم، واقبلوا الرُّخَص، ودعوا الناس فقد كُفِيتُمُوهم (خط) عن ابن عمر (ض) ".
(أدوا العزائم) بالعين المهملة والزاي جمع عزيمة وهي الفرائض التي فرضها الله على عباده (واقبلوا الرخص) بضم الراء وفتح الخاء المعجمة فصاد مهملة جمع رخصة وهي ما لم يعزم الله فيه على المكلف ويأتي: أنه تعالى يحب أن تؤتى رُخَصه (ودَعوا الناس) أي الكفار ولا تخافوهم بل حافظوا على ما أمرتم به (فقد كفيتموهم) مغير صيغة أي كفاكم الله شرهم بنصركم عليهم فاشتغلوا بما أمرتم به ولا يشغلكم العدو عنه (خط عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه (3).
328 -
(أديموا الحج والعمرة) فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد (قط) في الأفراد (طس) عن جابر (ض) ".
(أديموا الحج والعمرة) الإدامة أن يكررا في كل عام وهو نظير ما يأتي من
(1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (6/ 87)(5592)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 62): فيه أبو بكر بن عبد الرحمن تابعي لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. وضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع (255).
(2)
انظر: الإصابة (3/ 198).
(3)
أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (5/ 203)، وضعف إسناده المناوي في الفيض (1/ 234) وقال لكن له شواهد يأتي بعضها، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (254).
قوله: تابعوا بين الحج والعمرة (فإنهما) أي كل واحد منهما ويحتمل أن الحكم لهما معًا وهو قوله (ينفيان الفقر والذنوب) يذهبانهما (كما ينفى الكير) بكسر الكاف في النهاية (1): هو كير الحداد وهو المبني من الطِّين وقيل: الرق ينفخ فيه والمبني: الكور (خبث الحديد) بفتح الخاء المعجمة وفتح الموحدة فمثلثة هو ما تلقيه النار من وسخ الحديد والذهب والفضة إذا أذيبت (2) وفيه أنه لا بأس أن يقصد بالعبادة طلب الرزق كالأجر (قط في الأفراد طس عن جابر)(3) رمز المصنف لضعفه قال الهيثمي: فيه عبد الملك بن محمد بن عقيل فيه كلام ومع ذلك حديثه حسن.
(1) النهاية (4/ 407).
(2)
المصدر السابق (2/ 7).
(3)
أخرجه الدارقطني في الأفراد كما في الكنز (11788) وفي أطراف ابن طاهر (1569)، والطبراني في الأوسط (4977) وقال: لم يرو هذا الحديث عن ابن عقيل إلا يزيد ولا أبو بكر تفرد به إبراهيم بن يوسف. وقول الهيثمي في المجمع (5/ 170). وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (253) والسلسلة الصحيحة (1085).