الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمير-: هذا التعليل بكونه صار شعاراً لا ينهض على المنع؛ والسلام على الموتى قد شرعه الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين". سبل السلام (4/ 215).
قال ابن كثير في "تفسيره"(11/ 238) في مَعرِض حديثه عن الصلاة والسلام على غير الأنبياء: وقد غَلَبَ هذا في عبارةِ كثيرٍ من النُّسَّاخِ للكُتُبِ، أنْ يُفرِدَ عليّ رضي الله عنه بأنْ يقال:"عليه السلام" مِن دون سائرِ الصَّحَابة، أو:"كرَّمَ الله وجهَه"؛ وهذا وإنْ كان معناهُ صَحِيحاً، لكنْ يَنبغي أن يُسَاوَى بَينَ الصَّحَابةِ في ذلك؛ فإنَّ هذا مِنْ بَاب التعظيم والتكريم، فالشَّيخَانُ وأميرُ المؤمنين عثمان، أولى بذلك منه رضي الله عنهم أجمعين-. وفي "فتاوى اللجنة الدائمة"(3/ 100، 402): لا أصلَ لتخصيص ذلك بعليٍّ رضي الله عنه وإنما هُو مِنْ غُلُوِّ المتشيِّعَةِ فيه.
قال العليمي: إن قول الصنعاني "عليه السلام" بعد ذكر علي لا تعني أكثر من معناها الذي تدل عليه اللغة، ولا ينبغي تحميلها أكثر من ذلك؛ لأن الصنعاني وغيره كابن الوزير لم يستعملاها لعلي فقط، بل يطلقانها على غيره والأمر كما قال العليمي لا ينبغي إعطاؤها أكثر من حجمها، والله أعلم (1).
خلاصة القول:
وعلى العموم فإن الصنعاني مع هذه الزلات التي ربما كانت في فترة سابقة من حياته، فإنه يترضى عن جميع الصحابة، ويقدم أبا بكر وعمر ويترضى عنهم، إضافة إلى أنه يرى ترتيب الخلفاء الأربعة فقد قال تحت حديث رقم (2853) وفيه: "ألا أخبركم بأفضل الملائكة
…
وأفضل النساء مريم بنت عمران" قال التفتازاني: أفضل الأمة بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة، ورتبهم على ترتيب الخلافة.
(1) انظر في المسألة: جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام لابن القيم ص 259، فتح الباري 13/ 424، المواهب اللدنية للقسطلاني 3/ 355. "الفتاوى الحديثية" لابن حجر الهيتمي (ص 100) (رقم 42)، و"غذاء الألباب" للسفَّاريني (1/ 33) و"معجم المناهي اللفظية" للشيخ: بكر أبو زيد (ص 348) و (ص 454).
بل قال تحت حديث رقم 5580 "علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه" قال: قد سبق أن لفظ "مولى" مشترك بين معان، وأبعد من قال: المراد هنا يتولى من كنت أتولاه، بل ظاهره أن المراد أن ما ثبت لي من الولاية فهو لعلي إلا ما خصه لاختصاص النبوة.
ولا يمكن نسبته إلى الغلو في التشيع ولا إلى انحيازه إلى الاعتزال لهناتٍ قليلة صدرت عنه في مواضع قليلة نادرة، ولعل هذا ما استقر في قلبه قديماً قبل أن يتوسع أفقه وتتسع مداركه؛ لأنه صدر عنه ما يدل على اعتداله وانصافه، كما قال تحت حديث:"المرء مع من أحب": ثم ليعلم أن المراد بالحب المأذون فيه شرعاً، فمن أحب عيسى عليه السلام وجعله لله ولداً فما أحبه ولا هو معه، وكذلك من أحب علياً عليه السلام حب الغلاة.
وقال أيضاً تحت حديث (رقم: 5579)"علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" قال: إنما قال ذلك تحذيراً مما وقع فيه قوم موسى من الغلو كغلاة الروافض فإنهم زعموا أنه نبي يوحى إليه.
وقال تحت حديث "عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب" قال الصنعاني: والمراد الحب الذي لا إفراط فيه كالغلاة. ولا شك بأن الصنعاني يرى.
والصنعاني معذور في سلوكه لهذا المنهج خاصة لمن نظر وتتبع حالة المجتمع الإِسلامي وما وصل إليه من خرافة وتقليد في زمنه، وبيئته وسيطرة كاملة من الزيدية في بلده فإذا ظهر رجل في وسط هذا المجتمع بهذا الفكر النيّر، وهذه الدعوة التي ترد كل شيء إلى الكتاب والسنة في الأصول والفروع، كان هذا دليلاً على صحة مذهبه ودعوته، وقد يكون ذكر ذلك تورية ليتجنب شر هؤلاء، وكذلك كان تأليفه لهذا الكتاب متقدما في شبابه فقد عاش بعده 27 عامًا فلعله قد تراجع عنها. نسأل الله له العفو والعافية (1).
(1) وقد نبّهت على ذلك عند وروده، واكتفيت بما ذكرته هنا فإذا تكرر ذلك وسهوت عنه ففيما ذكرته كفاية.