الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهمزة مع الذال المعجمة
329 -
" إذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته (3 ك) عن والد أبي الأحوص".
(إذا) هي ظرف زمان فيها معنى الشرطية وهي للاستقبال وقد يأتي لمجرد الظرفية والعامل فيها شرطها وقيل: جزاؤها وقيل: هما (أتاك الله) أي أعطاك الله فهو ممدود (مالاً فلير أثر نعمة الله) عبر صيغة يرى لتعم كل راء والأثر العلامة ووضع الظاهر موضع المضمر ولم يقل نعمته لإفادة أن نعمة هذا المنعم العظيم ينبغي إظهارها لما فيها من الإعلان بالشكر واستعظام المنة وإعلام بلسان الحال أن الملك الجليل تفضل على عبده الحقير (وكرامته) إكرامه لعبد هو.
وسبب الحديث عن أبي الأحوص قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليَّ ثوبٌ دون قال: "ألك مال؟ " قلت: نعم، قال:"من أي المال؟ " قلت: من كل المال قد أعطاني الله تعالى، قال:"فإذا أتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك" هذا أحد ألفاظه وسيأتي عدة أحاديث في معناه ومنها: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده في مأكله ومشربه" وحديث الكتاب في اللباس (3 ك عن والد أبي الأحوص (1)) في نسخة من الجامع والد ابن الأحوص وهو غلط، ووالد أبي الأحوص هو مالك بن نضلة ويقال: ابن عوف بن نضلة من بني بكر بن هوزان الجشمي صحابي روى عنه ابنه أبو الأحوص لا غير، واسم أبي الأحوص عوف بن مالك والأحوص بالحاء والصاد المهملات ونضلة بفتح النون والضاد المعجمة (2)
(1) أخرجه أحمد (4/ 137)، وأبو داود (4063) والنسائي (8/ 180) والحاكم (4/ 181) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال ابن عدي في الكامل (7/ 225): حديث أبي الأحوص محفوظ. وصححه الألباني في صحيح الجامع (54).
(2)
انظر: الإصابة (5/ 752).
والحديث سكت عليه المصنف قال العراقي في آماليه: إنه صحيحٌ (1).
330 -
" إذا آتاك الله مالاً فلير عليك، فإن الله يحب أن يرى أثره على عبده حسنًا، ولا يحب البؤس ولا التباؤس (تخ) والضياء عن زهير بن أبي علقمة (صح) ".
(إذا أتاك الله مالاً فلير عليك) برؤية أثره (فإن الله يحب أن يُرى أثره على عبده حسنًا) فإن ذلك من شكر نعم الله تعالى وظاهر الأمر الوجوب، وتعليله بمحبة الله لرؤيته قد يقضي بندب ذلك؛ لأنه لا يجب فعل كل محبوب وإلا لوجب المندوب (ولا يحب البؤس) وهو من بئس كسمع إذا اشتدت حاجته أي لا يحب إظهار الحاجة (ولا التباؤس) تكلف إظهار الفاقه برثاثة الملبس وانكسار النفس بل يحب تعالى العفيف المتعفف كما يأتي، وفي كلام النهج: العفاف زينة الفقر والكبر زينة الغنى وظاهره أنه لا يحب ذلك من غني ولا فقير (تخ والضياء عن زهير بن أبي علقمة (2)) رمز المصنف لصحته وزهير مصغر وهو بالزاي أوله والراء آخره قال البخاري: لا صحبة له وقال غيره: له صحبة والحديث على الأول مرسل.
331 -
" إذا آخى الرجل الرجل فليسأله عن: اسمه واسم أبيه، وممن هو؛ فإنه أوصل للمودة ابن سعد (تخ ت) عن يزيد بن نعامة الضبي".
(إذا آخى) من أخاه يواخيه إذا اتخذه أخا واختص بصداقته زيادة خصوصية (الرجل الرجل فليسأله عن اسمه واسم أبيه وممن هو) من أي قبيلة هو (فإنه) أي السؤال المذكور (أوصل للمودة) أتم اتصالاً لها بينهما ويأتي في الحديث: ثلاث
(1) انظر: المداوي (1/ 260) والمستخرج على مسند الشهاب.
(2)
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 426)، والطبراني في المعجم الكبير (5/ 273) رقم (5308)، وقال الهيثمي (5/ 132) رجاله ثقات. والرافعي في التدوين (1/ 323)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 118)، وقال: مشهور من حديث الثوري، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (255) والسلسلة الصحيحية (1290)(320).
فوائد لهذا السؤال غير ما ذكر (ابن سعد تخ ت عن يزيد بن نعامة (1)) بفتح النون وعين مهملة (الضبي) نسبة إلى الضب بضاد معجمة.
332 -
" إذا آخيت رجلاً فسله عن اسمه، واسم أبيه، فإن كان غائبا حفظته، وإن كان مريضا عدته وإن مات شهدته (هب) عن ابن عمر (ض) ".
(إذا آخيت رجلاً فاسأله عن اسمه واسم أبيه) زاد في الأول وممن هو وكأنه إذا لم يستغن شهرة اسمه واسم أبيه سأل عن قبيلته أو كأنه تقيد هذا بذلك (فإن كان غائبًا حفظته) حفظت وده بتعهده والسؤال عنه والدعاء له وحفظت أهله وحفظ الود مع الغيبة آكد عند أهل الوفاء منه مع الحضور ولذا قيل:
وإذا الفتى كملت مودته
…
في القرب ضاعفها مع البعد
ويحتمل أن يراد بالغيبة أعم من غيبته حيًّا وميتًا فحفظ الحي بما ذكر وحفظ الميت بالدعاء له والاستغفار والسعي في تبرئة ذمته مما يلزمه (وإن كان مريضًا عدته) هذا من حق المسلم على المسلم وهي في حق من واخاه الإنسان آكد (وإن مات شهدته) شهود الجنازة أيضًا من الحقوق العامة لأهل الإيمان وهي في حق من ذكر آكد، وإنما أرشد صلى الله عليه وسلم إلى من ذكر من السؤال لأنه لا يتم الوفاء بهذه الحقوق إلا لمن عرفه الإنسان (هب عن ابن عمر (2)) رمز المصنف
(1) أخرجه ابن سعد (6/ 65)، والبخاري في التاريخ الكبير (8/ 313)، والترمذي (2392) وقال: هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفه إلا من هذا الوجه ولا نعرف ليزيد بن نعامة سماعًا من النبي صلى الله عليه وسلم ويروى عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا ولا يصح إسناده. انظر كذلك العلل للترمذي (1/ 330).
وضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع (269) والسلسلة الضعيفة (1726).
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب (9023) وفي إسناده مسلمة بن علي بن خلف الخشني قال الدارقطني: متروكٌ وقال العجلوني (1/ 76): لا يصح إسناده، ينظر: تهذيب التهذيب (10/ 133)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (270) والسلسلة الضعيفة (1725).
لضعفه، قال مخرجه البيهقي: تفرَّد به مسلمة بن علي عن عبيد الله (1) وليس بالقوي. انتهى. وقال الذهبي: قال الدارقطني: إنه متروكٌ.
333 -
" إذا آمنك الرجل على دمه فلا تقتله (حم 5) عن سليمان بن صرد (صح) ".
(إذا آمنك الرجل على دمه فلا تقتله) تقدم أن القتل أحد الموبقات وكأن المراد إذا أمنك من قد وجب عليه القتل بِقَوْدٍ أو غيره فإنه لا يحل لك الغدر به فالحديث نهى عن نقض الأمان والغدر (حم 5 عن سليمان بن صرد (2)) بضم الصاد المهملة (ص 113) وفتح الراء آخره قال مهملة سليمان صحابي جليل خزاعي شهد مع علي عليه السلام صفين ثم خرج يطلب بدم الحسين فقتل بعين الورد سنة 65 رحمه الله كان خيرًا صالحًا (3) ورمز المصنف لصحته.
334 -
" إذا ابتغيتم المعروف فاطلبوه عند حسان الوجوه (عد هب) عن عبد الله بن جراد"(ض).
(إذا ابتغيتم المعروف) هو اسم جامع لكل ما أردت من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس وكلما ندب الشرع إليه ونهى عنه من المحسنات والمقبحات وهو من الصفات الغالية أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه والمعروف أيضًا النصيحة وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم والمنكر ضدّ ذلك (فاطلبوه عند حسان الوجوه) تقدم الكلام عليه في قوله: ابتغوا وقال:
من يطلب المعروف فليلمسن
…
طلابه عند حسان الوجوه
(1) وقع في الأصل: سلمة بن عبيد الله بن علي، والصواب ما أثبتناه. والله أعلم.
(2)
أخرجه ابن ماجه (2689)، قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف، وأحمد (6/ 394) وفي إسناده أبو ليلى وهو عبد الله بن ميسرة وهو ذاهب الحديث، انظر: الكامل (4/ 171)، والميزان (4/ 210)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (271) والسلسلة الضعيفة (2200) ..
(3)
انظر: أسد الغابة (1/ 476). الإصابة (2/ 172).
فخَلّقه دل على خُلّقه وهو
…
حديث حسن خرجوه
ويأتي: "اطلبوا الخير عند حسان الوجوه". (عد هب عن عبد الله بن جراد (1)) بالجيم والراء كاسم الحيوان المعروف ورمز المصنف لضعفه لأنه قال مخرجه البيهقي عقيبه: هذا إسناد ضعيف.
335 -
" إذا ابتلي أحدكم بالقضاء بين المسلمين فلا يقض وهو غضبان، وَلْيُسَوِّ بينهم في النظر، والمجلس والإشارة (ع) عن أم سلمة"(ض).
(إذا ابتلي أحدكم) الابتلاء الامتحان والاختبار (بالقضاء) جعل توليته ابتلاءً لأنها محل اختبار دين الرجل وورعه وفقهه (بين المسلمين) خرج على الغالب وإلا فإن أهل الذمة كذلك (فلا يقضِ وهو غضبان) جملة حالية نهى عن القضاء حال غضبه، وذلك لأن الغضب يحول بينه وبين معرفة الحق، ويشوش فكره وقد ألحق به كل ما في معناه مما يشغل الفكر كالجوع والعطش (وَلْيُسَوِّ) وجوبًا (بينهم) بين المسلمين الغرماء الدال عليهم القضاء لدلالته على المقضي بينهم (في النظر) أي الملاحظة بالعين كما هو الظاهر وعليه يدل حديث أم سلمة الآتي فليسوا بينهم في لحظة فلا يديم النظر إلى أحدهما دون الآخر ولا ينظر أحدهم بعين المحبة والآخر بدونها ويحتمل أن يراد بالنظر التأمل في كلام الخصمين والفهم له على سواء (والمجلس) فلا يرفع أحدهما على الآخر ولا يجلس أحدهما على الفراش والآخر على غيره وهذا فيما إذا لم يكن أحد الخصمين من أهل الذمة كما في حديث علي عليه السلام المعروف وقد عرفناك
(1) أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 287) والدارقطني، انظر: أطراف الغرائب والأفراد (4025)، والبيهقي في الشعب (10876) وقال: هذا إسناد ضعيف، وفي إسناده يعلى بن الأشدق قال ابن عدي: يروي عن عمه عبد الله بن جراد أحاديث مناكير. انظر: الكامل (7/ 287)، لسان الميزان (6/ 312)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (273).
أن الحديث شامل لهم (والإشارة) باليد والعين (ع (1) عن أم سلمة) بفتح السين المهملة وفتح اللام هي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورمز المصنف لضعفه قال الهيثمي: فيه عباد بن كثير الثقفي وهو ضعيف.
336 -
" إذا أبردتم إلي بريدا فابعثوه حسن الوجه، حسن الاسم البزار عن بريدة (ح) ".
(إذا أبردتم) يقال برد وأبرد (إلي بريدًا) أي أرسلتم إلى رسولاً (فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم) لأنه يستبشر برؤيته قبل معرفة ما عنده لما تقدم من أن الخير عند حسان الوجوه وكذلك الاسم فإنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الاسم الحسن ويتفاءل به ويغير الاسم القبيح ويأتي شطر صالح من هذا المعنى (البزار عن بريدة (2)) رمز المصنف لحسنه.
قال الهيثمي: طرق البزار كلها ضعيفة إلا أنه قال الشارح: أن الرمز لحسنه لاعتضاده بشواهد.
337 -
" إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة (م) عن جرير (صح) ".
(إذا أبق العبد) تقدم أن المراد إذا هرب عن مواليه (لم يقبل له صلاة) نفي القبول، قد يراد به عدم الصحة والإجزاء مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة بغير
(1) أخرجه أبو يعلى في مسنده (5867)، والطبراني في الكبير (23/ 284) رقم (622) وقال الهيثمي (4/ 194): عن أم سلمة وفيه عباد بن كثير وهو ضعيف، وأخرجه إسحاق بن راهوية في مسنده (1846). وقال محققه: في إسناده من لم أعرفه.
انظر: المغني في الضعفاء (3050)، وضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع (274) والسلسلة الضعيفة (2194).
(2)
أخرجه البزار كما في كشف الأستار (1985)، وذكره الحافظ في مختصره (1700) وقال: صحيحٌ. ومجمع الزوائد (8/ 47) وقال: طرق البزار كلها ضعيفة، وأخرجه الطبراني في الأوسط (7747) عن أبي هريرة وقال: لم يرو هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير إلا عمر بن راشد.
وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (259) والسلسلة الصحيحة (1186).
طهور" والقبول هو ثمرة وقوع الطاعة مجزية رافعة لما في الذمة وإطلاقه على عدم الصحة مجاز من إطلاق المسبب على السبب أو الغاية على المبدأ وقد ينفي ويراد به حقيقته وهو نفي الثمرة التي هي الإثابة لا الإجزاء لأنه قد يصح العمل ويتخلف القبول عنه لمانع ولذلك قال ابن عمر: لأن يقبل الله لي صلاة واحدة أحب إلى من جميع الدنيا.
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهنًا أو منجمًا لم يقبل الله له صلاة"(1)، يراد به نفي ثمرة الطاعة وهي الإثابة لا الإجزاء ومثله حديث الآبق هنا للإجماع على عدم أمرهم بإعادة الصلاة، هذا كلام الأكثر وقد بحثنا فيه في حواشي شرح العمدة (م عن جرير)(2) هو ابن عبد الله البجلي حيث أطلق.
338 -
" إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ (حم م 4) عن أبي سعيد، زاد (حب ك هق) "فإنه أنشط للعود" (صح).
(إذا أتى أحدكم أهله) أي إذا جامع حليلته أو أمته فإتيان الأهل عبارة وكناية عن ذلك (ثم أراد أن يعود) لجماعها قبل غسله (فليتوضأ) هو حيث أطلق وضوء الصلاة المعروف وأنه الأصل في عرف الشارع ولأنه صرح به في حديث البيهقي: "فتوضأ وضوءك للصلاة" ولا ينافيه مما في رواية أخرى: "فليغسل فرجه"؛ لأنه بكمال الوضوء يحصل كمال السنة وبغسل الفرج يحصل أصلها؛ لأنه وضوء لغوي كذا قيل، وعلّله كما يأتي بأنه أنشط للعود، وإرشاد إلى كمال اللذة وفيه أنه للندب وقد ثبت: أنه صلى الله عليه وسلم مر على نسائه جميعًا بغسل واحد ولم ينقل عنه أنه توضأ بين كل فعلين إلا أن يقال: هذا فيما إذا كانت الزوجة واحدة وأراد العود عليها بخلاف فعله صلى الله عليه وسلم فإنه في كل مرة يأتي غير من أتاها أولاً (حم م 4
(1) بهذا اللفظ لم أقف عليه وإنما ورد "من أتى كاهنا أو عرافًا" أخرجه أبو داود (3904) وأحمد (2/ 429).
(2)
أخرجه مسلم (70).
عن (1) أبي سعيد زاد حب ك هق) أي في رواية أبي سعيد (فإنه أنشط للعود) وهل يندب ذلك للمرأة لم أجد فيه كلامًا.
339 -
" إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجردان تجرد العيرين (ش طب هق) عن ابن مسعود (هـ) عن عتبة بن عبد (ن) عن عبد الله بن سرجس (طب) عن أبي أمامة (ح) ".
(إذا أتى أحدكم أهله فليستتر) الرجل والمرأة كذلك كما يدل له (ولا يتجردان تجرد العيرين) بفتح العين المهملة وسكون المثناة التحتية وراء وهو الحمار وغلب على الوحشي وفي حديث أبي هريرة عند الطبراني (2) وغيره ذكر حكمة الأمر بالاستتار بقوله: فإنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة وخرجت وحضر الشيطان فإذا كان بينهما ولد كان للشيطان فيه شريكًا، والمراد ستر العورة لحديث: فليلق على عجزه وعجزها ثوبًا أخرجه الطبراني (3) ذكره المصنف في الكبير (ش طب هق (4) عن بن مسعود) رمز المصنف لحسنه وقال
(1) أخرجه أحمد (3/ 28)، ومسلم (308)، وأبو داود (220)، والنسائي في السنن الكبرى (9038)، والترمذي (141)، وابن ماجه (587)، عن أبي سعيد وابن حبان (1211)، والحاكم (1/ 152)، والبيهقي (1/ 203، 204).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (176)، وانظر نصب الراية (4/ 315).
(3)
أخرجه النسائي في السنن الكبرى (9029) ونصب الراية (4/ 315).
(4)
أخرجه البيهقي في الشعب (17792) وفي السنن (7/ 193)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 196)(10443) وعن أبي شيبة ابن في المسند كما في المطالب العالية (8/ 229) رقم (1624)، والبزار (1703)، والشاشي في مسنده (593) قال الهيثمي (4/ 293): فيه مندل بن علي وهو ضعيف، وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 426) قال أبو زرعة: أخطأ فيه مندل. وأخرجه النسائي في الكبرى (9029) وابن عدي في الكامل (3/ 222)(4/ 75) عن ابن سرجس. وابن ماجه (1921) عن عتبة بن عبد السلمي، وقال الحافظ البوصيري: هذا إسناد ضعيف، وابن أبي شيبة (4/ 45) رقم (17625) مرسلاً عن أبي قلابة وإسناده ضعيف، انظر: نصب الراية (4/ 246)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية (2/ 228) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (279) والإرواء (2009).
الهيثمي: في إسناد الطبراني لهذا الحديث علة راو مجهول (5 عن عتبة بن عبدان عن عبد الله بن سرجس) بسين مهملة مفتوحة فراء ساكنة فجيم مكسورة فسين مهملة هو المزني حليف بني مخزوم البصري (1)(الصحابي)(طب عن أبي أمامة) إلا أن لفظه عنده إذا أتى أحدكم أهله فليستتر عليه وعلى أهله ولا يتعريان تعري الحمير قال الهيثمي: فيه عفير بن معدان ضعيف. انتهى. فرمز المصنف لحسنه إنما هو لتقويته بغيره.
340 -
" إذا أتى الرجل القوم فقالوا له: مرحبًا، فمرحبًا به يوم القيامة يوم يلقى ربه وإذا أتى الرجل القوم فقالوا له: قحطًا فقحطًا له يوم القيامة (طب ك) عن الضحاك بن قيس (صح) ".
(إذا أتى الرجل القوم فقالوا: مرحبًا) في النهاية (2): لقيت رُحبًا وسَعة وقيل: معناه: رحب الله بك مرحبًا فجعل الرحب موضع الترحيب (فمرحبًا به يوم القيامة يوم يلقى ربه) أي إذا كان الرجل عند إتيانه القوم يقال له القول الحسن ويحب لقائه إذا أتى فهو كذلك يوم القيامة عند ربه، فإنه لا يحب الناس ويقولون القول الحسن إلا لمن يحبه الله ربه وسلم المسلمون من يده ولسانه، كما شهد له حديث:"أنتم شهداء الله في أرضه"(3)، ويأتي: إن الله إذا أحب عبدًا حببه إلى عباده، "وإذا أتى الرجل القوم فقالوا له قحطًا فقحطًا له يوم القيامة) بالقاف فحاء مهملة وطاء في النهاية (4): أي إذا كان ممن يقول الناس عند قدومه هذا القول فإنه يقال له مثل ذلك يوم القيامة يعني إذا كان مبغضًا مكروهًا يقال
(1) انظر: الإصابة (4/ 106) وتهذيب الكمال (15/ 13).
(2)
النهاية (2/ 207).
(3)
أخرجه البخاري (1301) ومسلم (949).
(4)
النهاية (4/ 17).
له القول القبيح عند لقائه فإنه كذلك عند الله، لما يأتي:"من أن الله تعالى إذا أبغض عبدًا ألقى بغضه في القلوب، والمراد إذا كان الغالب عليه عند الناس أي الأمرين، وإلا فإنه لا يخلو الصالح عن كاره له ولا يعدم الطالح محبًا أو أن المراد بالقوم أهل الإيمان الخلص ومن لهم فراسة صادقة ونظر بنور الله أو أن المراد بهم جيرانه، لما يأتي من حديث: "إذا أثنى عليك جيرانك فإنك محسن فأنت محسن" (1)(طب ك عن الضحاك بن قيس)(2) رمز المصنف لصحته قال الحاكم: على شرط مسلم وأقرَّه الذهبي.
341 -
" إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة، ولا يولها ظهره ولكن شرقوا أو غربوا (حم ق 4) عن أبي أيوب (صح) ".
(إذا أتى أحدكم الغائط) بالغين المعجمة هو المطمئن من الأرض ويقال لموضع قضاء الحاج؛ لأن العادة أنها تقضى في مطمئن من الأرض حيث هو أستر ثم اتسع فيه حتى صار يطلق على النَّجْو بنفسه، قاله في النهاية (3)(فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره) وظاهر النهي التحريم وحمله على الكراهة أقوام واختلف هل عام للعمران والصحارى أو لا والمسئلة مستوفاة في غير هذا، وقد وفّى البحث شارح العمدة المحقق ابن دقيق العيد (4) وزدناه تحقيقًا في حواشيها
(1) أخرجه ابن حبان (525)، والبزار (1675)، والحاكم (1/ 534)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (277) وفي الصحيحة (1327).
(2)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (8/ 298) رقم (8136) وفي الأوسط (2514) وقال الهيثمي (10/ 272) رجاله رجال الصحيح غير أبي عمر الضرير الأكبر وهو ثقة. والحاكم في المستدرك (3/ 525) في المطبوع سكت عليه. وصححه الألباني في صحيح الجامع (226) والسلسلة الصحيحة (1189).
(3)
النهاية (3/ 395).
(4)
عمدة الأحكام لابن دقيق العيد (1/ 227 - 247).
(ولكن شرقوا أو غربوا) فيه إبطال للقول بالكراهة لاستقبال القمرين أو استدبارهما؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يأمر بمكروه وقد ورد فيهما حديث ضعيف (1) وصحة هذا الحديث تزيده ضعفًا (حم ق 4 عن أبي أيوب)(2) وهو الصحابي الجليل اسمه خالد بن زيد شهد بدرًا والعقبة وعليه نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل المدينة وفضائله جمة مات بأرض الروم غازيًا سنة 53 (3).
342 -
" إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علمًا يقربني إلى الله تعالى فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم (طس عد حل) عن عائشة (ض) ".
(إذا أتى علي يومًا لا أزداد فيه علمًا) الجملة صفة ليوم (يقربني إلى الله تعالى) الجملة صفة لعلم إبانة أنه لا يريد مطلق العلم بل علم هذه صفته (فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم) قد أمره الله بسؤال زيادة العلم وقال: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] والعلم المقرب إلى الله هو العلم بمعارفه وشريف صفاته وعجائب ملكوته وتسريح طرف الفكر في عجائب مخلوقاته وبدائعها وما يوحيه الله إليه كل حين من أنوار وحيه، فإذا وجد يومًا لا يفاض فيه عليه علوم نافعة فعدم بركته مقصودة وقصر ساعاته محبوبة وإنما قال:"في طلوع شمس ذلك اليوم" إشارة إلى أن هذا النور الذي يملأ الأكوان إذا لم يطلع على قلبي فيه زيادة أنوار المعارف الذي هو النور الحقيقي النافع فلا بورك في ذلك النور
(1) انظر: السلسلة الضعيفة (944) وقال الألباني: باطل.
(2)
أخرجه أحمد (5/ 421) والبخاري (144) ومسلم (264)، وأبو داود (9) والترمذي (8)، والنسائي (1/ 22)، وابن ماجه (318). قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 103) روى في كتاب المناهي مرفوعًا:"نهى أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس ونهى أن يبول وفرجه باد للقمر"، وهو حديث باطل لا يعرف وكتاب المناهي رواه محمد بن علي الحكيم الترمذي في جزء مفرد.
(3)
انظر: الاستيعاب (1/ 510)، والإصابة (2/ 234).
الحسي حيث لم أستفد النور المعنوي من طلوعها واختار صلى الله عليه وسلم التعبير بشمس ذلك اليوم لأن الشيء بالشيء يذكر.
واعلم أن هذه الشرطية فرضية وإلا فما من يوم بل من ساعة إلا يزداد فيها علمًا بل كان يومه علومًا ومعارف يوحى إليه فيه وكان حق هذه الفرضية أن يؤتى فيها بكلمة "إن" دون "إذا" إلا أنه أتى بإذا إشارة إلى أن لو تحقق وقوع ما ذكر لقطع بوقوع ما يترتب عليه من الدعاء. وفيه إرشاد إلى أنه لا ينبغي لعبد من العبيد أن يفوت يومًا من أيام عمره إلا في علم تكتسبه (طس عد حل عن عائشة)(1) رمز المصنف لضعفه وقد ذكر الشارح عدة من الضعفاء في أسانيده وعدّه ابن الجوزي من الموضوعات وتعقبه المؤلف بأن له شاهدًا عند الطبراني (2) وهو حديث من معادن التقوى تعلمك إلى ما علمت ما لم تعلم قال الشارح: ولا يخفاك بعد ما بين الشاهد والمشهود له.
343 -
" إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه قد كفاه علاجه ودخانه فليجلسه معه، فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين (ق د ت هـ) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا أتى أحدكم خادمه) هو أعم من المملوك وغيره من الذكر وغيره (بطعامه) أي المصنوع المطبوخ كما دل له (قد كفاه علاجه ودخانه فليجلسه معه) للمشاركة في الأكل (فإن لم يجلسه معه فليناوله أكله أو أكلتين) يريد لقمة أو لقمتين ومعناهما، ولفظ رواية البخاري:"لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين" فقيل: العطف للشك من الراوي هل قال صلى الله عليه وسلم هذا أو هذا، وقيل: إنه من عطف
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (6636) وقال: تفرَّد به بقيه وقال الهيثمي (1/ 136) فيه الحكم بن عبد الله قال أبو حاتم: كذاب، وابن عدي في الكامل (2/ 79) في ترجمة بقية بن الوليد وأبو نعيم في الحلية (8/ 188) وقال: غريب من حديث الزهري تفرد به الحكم -بن عبد الله- وأورده ابن الجوزي (460). وضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع (285) والسلسلة الضعيفة (379).
(2)
انظر: المعجم الأوسط للطبراني (2492)، وقال: لم يرو هذا الحديث عن أبي الزبير إلا ياسين.
أحد المترادفين على الآخر وقد أجازه جماعة (ق د ت 5 عن أبي هريرة)(1).
344 -
" إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه (5) عن ابن عمر، البزار وابن خزيمة (طب عد هب) عن جرير البزار عن أبي هريرة (عد) عن معاذ، وأبي قتادة (ك) عن جابر (طب) عن ابن عباس، وعن عبد الله بن ضمرة بن عساكر عن أنس، وعن عدي بن حاتم الدولابي في "الكنى" وابن عساكر عن أبي راشد عبد الرحمن بن عبد الله بلفظ شريف قومه (صح) ".
(إذا أتاكم) مقصور أي جاءكم (كريم قوم) شريف في قومه (فأكرموه) في النهاية (2): أنه قدم عليه صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله فبسط له رداءه وعممه بيده وقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. انتهى. فهذا إرشاد للأمراء إلى إكرام من يفد عليهم من أعيان العشائر والإحسان إليهم وتألفهم؛ لأنه قد يكون عدم إكرامهم سببًا إلى فساد أديانهم وموالاتهم (5 عن ابن عمر (3)) رمز المصنف لصحته (البزار
(1) أخرجه البخاري (2557)، ومسلم (1663) وأبو داود (3846) وابن ماجه (3289، 3290) والترمذي (1853).
(2)
النهاية (4/ 167).
(3)
أخرجه ابن ماجه (3712) قال البوصيري (4/ 111) وهذا إسناد ضعيف، وحسّنه الألباني في صحيح ابن ماجه، (2991). وابن عدي في الكامل (3/ 379) عن ابن عمر، والطبراني في الأوسط (5261)(6290) وفي المعجم الكبير (2/ 304)(2266)(2/ 325)(2358). والبيهقي في الشعب (10997) وابن عدي في الكامل (2/ 456) عن أبي هريرة. وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 292) عن جابر، والطبراني في المعجم الكبير (11/ 304)(1181) وفي الأوسط (5582) وانظر مجمع الزوائد (8/ 16) عن ابن عباس. والطبراني في المعجم الكبير (17/ 160) رقم (422) عن عيينة بن بدر الفزاري، والطبراني في الكبير (20/ 140) و (202) عن معاذ بن جبل، وقال الهيثمي في المجمع (8/ 16) رواه الطبراني وشهر لم يدرك معاذ وعبد الله بن خراش ضعيف. وابن عساكر (22/ 184) عن عائشة. ذكره الحافظ ابن حجر هذا الحديث في الإصابة (4/ 135) وقال: قال ابن منده: عبد الله بن ضمرة عداده في أهل البصرة وإسناده مجهول.
وابن عساكر (40/ 77) والضاعي (760)، عن عدي بن حاتم، وصححه الألباني في صحيح الجامع (269)، والسلسلة الصحيحة (1205) ..
وابن خزيمة طب عد هب عن جرير) وهو سبب الحديث (البزار عن أبي هريرة عد عن معاذ وأبي قتادة) بقاف فمثناة فوقية بعد الألف قال مهملة هو بزنة سحابة اسمه الحارث بن ربعي وهو فارس (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابي جليل شهد أحدًا والمواقف بعدها (2)(ك عن جابر طب عن بن عباس وعن عبد الله بن ضمرة) بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم هو السلولي تابعي روى عن أبي هريرة وكعب وثقه العجلي (3) وظاهر كلام المصنف أنه صحابي إذ لم يقيده بقوله مرسلاً (بن عساكر عن أنس وعن عدي بن حاتم الدولابي) بضم الدال المهملة نسبة إلى الدولاب وهو الحافظ المتقين أبو جعفر محمد بن الصباح البزار مصنف السنن سمع من جماعة وعنه جماعة منهم أحمد وابنه عبد الله وأئمة وحديثه في كتب السنة ومسند أحمد قال أبو حاتم: ثقة حجة، قال ابن حبان: ولد بقرية دولاب من الري، قال ابن سعد: مات بالكرخ سنة 228 (4) والدولابي أيضًا حافظ عالم هو أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي الشيرازي مصنف التصانيف روى عنه ابن أبي حاتم وابن عدي قال الدارقطني: تكلموا فيه وما تبين من أمره إلا خيرًا مات سنة 310 (5).
قلت: ولا أدري لمن كتاب الكنى منهم إذ لم يذكره في التذكرة لأحدهما ولا ذكره الشارح والأقرب أنه للأخير إذ هذه المؤلفات في هذه الأنواع إنما اهتم بها المتأخرون من الأئمة (في الكنى وابن عساكر عن أبي راشد عبد الرحمن بن عبد)
(1) وقع في "حارس" والصواب "فارس" كما أثبتناه من كتب الرجال.
(2)
انظر: الاستيعاب (1/ 86 و 1/ 556)، والإصابة (7/ 327).
(3)
انظر: الاستيعاب (1/ 282)، والإصابة (4/ 135).
(4)
انظر: الثقات لابن حبان (9/ 78)، تهذيب الكمال (25/ 288) وتذكرة الحفاظ (2/ 441).
(5)
انظر: تاريخ دمشق (15/ 29)، تذكرة الحفاظ (2/ 759) وسير أعلام النبلاء (14/ 309)، وكتاب الكنى ليس للأول محمد بن الصباح البزار وإنما هو للثاني محمد بن أحمد بن حماد بن سعيد بن مسلم أبو بشر الأنطاكي الوراق الحافظ المعروف بالدولابي.
بالتنوين غير مضاف (بلفظ شريف قوم) بدل كريم.
345 -
" إذا أتاكم الزائر فأكرموه (5) عن أنس".
(إذا أتاكم الزائر فأكرموه) هذا أعم من حديث جرير لأن الأول خطاب للأمراء وهذا خطاب لكل مزور من أمير وغيره (5 عن أنس (1)) قال العراقي: هذا منكر قاله ابن أبي حاتم.
346 -
" إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض (ت هـ ك) عن أبي هريرة (عد) عن ابن عمر (ت هق) عن أبي حاتم المزني، وما له [حديث] غيره (صح) ".
(إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه) أي خاطبًا كما يشعر به (فزوجوه) ظاهره الإيجاب، والاقتصار على الخلق والدين دليل على أنه لا يشترط في الكفاءة غيرهما من نسب أو لشيب وإن لم يكن فيه حصر فالمقام مقام البيان (إلا تفعلوه) التزويج لمن هذه صفته (تكن فتنة في الأرض) أي ابتلاء وامتحان بالعقوبة على ذلك (وفساد عريض) منتشر مستطيل ووصفه بالعرض كوصفه في الآية بالكبير وفيه أن من لم نرض خلقه ولا دينه فإنه لا بأس في رده إن جاء خاطبًا (ت 5 ك عن أبي هريرة (2)) رمز المصنف لصحته وفيه عبد الحميد بن سليمان أخو فليح
(1) لم أقف عليه عند ابن ماجه وقد أخرجه الديلمي في الفردوس (1351) والخرائطي في مكارم الأخلاق (326)، وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 342) قال أبي: وذكره قال: هذا حديث منكر. وعزاه الغماري في المداوي (1/ 339) رقم (546) للديلمي، وقال الألباني في ضعيف الجامع (286): ضعيف جدًا. وقول العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (2/ 9) قد عزاه فقط للخرائطي.
(2)
أخرجه الترمذي (1084)، وقال: قد خولف عبد الحميد بن سليمان في هذا الحديث ورواه الليث بن سعد عن ابن عجلان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً ثم قال الترمذي: قال محمد: وحديث الليث أشبه ولم يعد حديث عبد الحميد محفوظًا، وابن ماجه (1967)، والطبراني في الأوسط (446)، والحاكم في المستدرك (2/ 165) عن أبي هريرة وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بأن فيه قال أبو داود: كان غير ثقة ووثيمة لا يعرف. وعبد الحميد بن سليمان وضعيف =
قال أبو داود: غير ثقة (عد عن ابن عمر ت هق عن أبي حاتم المزني) في صحبته خلاف قاله البخاري وغيره (1): (وماله غيره): أي لا يعرف له حديث سوى هذا.
347 -
" إذا أتاكم السائل فضعوا في يده ولو ظلفًا محرقًا (عد) عن جابر".
(إذا أتاكم السائل فضعوا في يده ولو ظلفًا محرقًا) بالظاء المعجمة مكسورة فلام ففاء منصوب بمحذوف تقديره ولو تضعون أو وضعتم والظلف للبقرة والشاة والظباء بمنزلة القدم قاله في القاموس (2) وهو مبالغة في إعطاء السائل ولو حقر ما يعطى فهو من باب "من بني مسجدًا ولو مثل مفحص قطاة"، ويحتمل أن يراد الحقيقة وأنه ينفع السائل الظلف المحرق وفي كلام النهج: لا تستحي من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه، قال:
ومتى تفعل الكثير من الخير
…
إذا كنت تاركًا لأقله
(عد، بن جابر) وسنده ضعيف والمصنف سكت عليه (3).
= انظر: المجروحين (2/ 141)، والتقريب (3764). وأورده الدارقطني في الغرائب، انظر أطراف الغرائب والأفراد (5/ 277) رقم (5418). وأخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 72) عن ابن عمر في ترجمة عمار بن مطر وهو متروك، وقال بعد أن ذكر هذا الحديث وغيره: هذه الأحاديث بهذه الأسانيد بواطيل ليس هي بمحفوظة، وانظر: اللسان (4/ 275) والميزان (5/ 204)، وأخرجه الترمذي (1085) والبيهقي (7/ 82) عن أبي حاتم المزني وحسنه الألباني في صحيح الجامع (270) والسلسلة الصحيحة (1022).
(1)
بل في المطبوع من التاريخ الكبير (9/ 26) جزم البخاري بصحبته. كما جزم بصحبته ابن الأثير في أسد الغابة (1/ 1155)، وذكره الحافظ في الإصابة (7/ 81) وقال: وأورده أبو داود حديثه في المراسيل فهو عنده تابعي، وقال: ونقل ابن أبي حاتم عن أبي زرعة قال: لا أعرف له صحبة، ولا أعرف له إلا هذا الحديث. والله أعلم.
(2)
القاموس (ص: 1078).
(3)
أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 97) وفي إسناده وازع بن نافع العقيلي وقال: قال النسائي: متروك الحديث. وللحديث شواهد منها ما أخرجه الشيخان من رواية أبي هريرة أخرجه البخاري (2566)، ومسلم (1030)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 267).
348 -
" إذا اتسع الثوب فتعطف به على منكبيك ثم صل، وإن ضاق عن ذلك فشد به حقوك ثم صل بغير رداء (حم) والطحاوي عن جابر (صح) ".
(إذا اتسع الثوب فتعطف به على منكبيك) في القاموس (1): المنكب مجمع رأس الكتف والعضد (ثم صل وإن ضاق عن ذلك) بأن لا يلتقي طرفاه على المنكبين (فشد به حقوك) بفتح الحاء المهملة معقد الإزار وفيه جواز الصلاة في الثوب الواحد فإن اتسع ستر منكبيه وإن ضاق اقتصر على العورة وفيه أنه لا بأس بالصلاة بغير رداء كما قال (ثم صل بغير رداء) فإن الصلاة صحيحة (حم والطحاوي عن جابر) رمز المصنف لصحته (2).
349 -
" إذا أثنى عليك جيرانك أنك محسن فأنت محسن، وإذا أثنى عليك جيرانك أنك مسيء فأنت مسيء ابن عساكر عن ابن مسعود (ض) ".
(إذا أثنى عليك جيرانك أنك محسن فأنت محسن) أي عند الله وفي حكمه فإنه جعل معرفة أحبائك أنك محسن يجري على لسان جيرانك (وإذا أثنى عليك جيرانك أنك مسيء) فيه أن الثناء يطلق على المدح والذم وإن كان قد يخص الذم بالنثاء بتقدم النون على المثلثة (فأنت مسيء) سببه أنه جاء رجل (ص 117) إليه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله متى أكون محسنًا ومتى أكون مسيئًا؟ فذكره (ابن عساكر عن بن مسعود) رمز المصنف لضعفه (3).
(1) القاموس (صـ 179).
(2)
أخرجه أحمد (3/ 335) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 382) وفي إسناده شرحبيل بن سعد قال ابن عدي (4/ 41): وهو إلى الضعف أقرب. وصححه الألباني في صحيح الجامع (271). وأخرج الحاكم (1/ 534) عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملت به دخلت الجنة قال: كن محسنًا. قال: كيف أعلم أني محسن؟ قال: سل جيرانك فإن قالوا إنك محسن فأنت محسن وإن قالوا: إنك مسيء فأنت مسيء وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأخرجه أيضًا البيهقي في شعب الإيمان (8278).
(3)
أخرجه بن عساكر (53/ 94) وكذلك ابن حبان (525) والبزار (1675).
350 -
" إذا اجتمع الداعيان فأجب أقربهما بابًا، فإن أقربهما بابًا أقربهما جوارًا، وإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق (حم د) عن رجل له صحبة".
(إذا اجتمع الداعيان) أي إلى الطعام وقد ثبت أن من حقوق المسلم على المسلم إجابة دعوته فأفاد هنا أن الأحق بالإجابة هو ما أفاده قوله (فأجب أقربهما بابًا فإن أقربهما بابًا أقربهما جوارًا) هذا إذا اجتمع الداعيان في حين واحد وإلا فإن ترتبا فالأقدم الأول كما أفاده (وإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق (حم د (1) عن رجل له صحبة) فلا يضر إبهامه إذ الصحابة كلهم عدول عند المحدثين.
351 -
" إذا اجتمع العالم والعابد عن الصراط قيل للعابد: أدخل الجنة، وتنعم بعبادتك، وقيل للعالم: قف هنا فاشفع لمن أحببت فإنك لا تشفع لأحد إلا شفعت، فقام مقام الأنبياء أبو الشيخ في الثواب (فر) عن ابن عباس (ض) ".
(إذا اجتمع العالم والعابد على الصراط قيل للعابد) تقول له الملائكة عن أمر الله (ادخل الجنة وتنعم بعبادتك) بسببها من باب قوله: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32](وقيل للعالم) العامل (قف هنا) ظاهره على نفس الصراط (فاشفع لمن أحببت) لما كان العالم في الدنيا نفعه متعديًا وبركة عدمه فائضة على غيره كان في الآخرة كذلك نفعه عامًا، ولما كان العابد نفعه خاصًّا به وسعيه لنفسه أعطي ما سعى له، ولذا ورد ما تقدم "أن العلماء سُرُج الدنيا ومصابيح الآخرة" ولأنهم يهدون بأنوار علومهم وينفعون العباد في الدارين والمراد بهم علماء السنة والكتاب (فإنك لا تشفع لأحد إلا شفعت) الظاهر أن هذا من
(1) أخرجه أحمد (5/ 408) وأبو داود (3756) والبيهقي (7/ 275) وإسحاق بن راهويه (1368) وإسناده ضعيف فيه يزيد بن عبد الرحمن الدالاني وقال الحافظ: في التلخيص (3/ 196): إسناده ضعيف. وقال في التقريب (8072): صدوق يخطئ كثيرًا، وكان يدلس. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (290) والإرواء (1951).
حكايته ما يقال له وقوله (فقام مقام الأنبياء) لعله من كلامه صلى الله عليه وسلم لا من القول المحكي (أبو الشيخ في الثواب) رمز المصنف لضعفه (فر عن ابن عباس)(1).
352 -
" إذا أحب الله عبدًا ابتلاه ليسمع تضرعه (هب فر) عن أبي هريرة (هب) عن ابن مسعود وكردوس موقوفًا عليهما"(ض).
(إذا أحب الله عبدًا) تقدم بيان المراد من محبة الله عبده (ابتلاه) بأي أنواع الابتلاء (ليسمع تضرعه) في النهاية (2): التضرع من الضراعة يقال: ضرع يضرع بالفتح والكسر إذا خضع وذلّ، والتضرع: التذلل والمبالغة في السؤال والرغبة فيه وذلك أن الدعاء عبادة كما سماه بذلك في كتابه فيبتلي من يحبه ليحصل له هذه العبادة التي يحبها، وفيه دليل على أن دعاء العبد ربه وتضرعه إليه محبوب مطلوب لله ومن زعم أن الدعاء ينافي العبودية فقد أُبْعِدَ عن الاتباع وأوغل في الابتداع كما قال ابن عطاء الله: طلبك فيه اتهام له بالعدة. انتهى.
قلت: بل يقال طلبك منه سبب؛ لأن ينال منه المطلوب فإنه تعالى رتب الإجابة على الطلب حيث قال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وهو سنة الأنبياء قال يعقوب: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] وقال أيوب: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: 83](هب فر عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه (هب عن ابن مسعود (3) وكردوس) بضم الكاف فدال فراء مهملة بزنة عصفور
(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (1293) عن ابن عباس وإسناده فيه عثمان بن موسى أورده الذهبي في الضعفاء (4068) وقال: له حديث لا يعرف إلا به وفي الميزان (5/ 74) قال: له حديث منكر. وأخرجه البيهقي في الشعب (1717) من رواية جابر وفي إسناده بقية، ومقاتل بن سليمان وقد تفرد به كما قال البيهقي وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (291) والسلسلة الضعيفة (2204).
(2)
النهاية (3/ 85).
(3)
أخرجه البيهقي في الشعب (9786) وابن الجعد (79) والطبراني في الأوسط (1246) عن ابن مسعود، وقال: لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلا أبو جابر تفرَّد به أبو حاتم وأبو حاتم هو محمد بن =
لم أره في الخلاصة (1)(موقوفًا عليهما) قال العراقي: إنه يتقوى بكثرة طرقه (2).
353 -
" إذا أحب الله قوما ابتلاهم (طب هب) والضياء عن أنس (صح) ".
(إذا أحب الله قومًا ابتلاهم) الابتلاء يكون بالخير والشر كما قال: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35] {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ
…
} [الفجر: 15] وهو في الشر أشهر فهو عز وجل يبتلي العباد بإدرار شآبيب الخير لينظر يكفرون أم يشكرون كما قال سليمان: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} [النمل: 40].
وقد يكون بإنزال التفسير ليسمع تضرعهم ويدل للآخر رواية أحمد وفيها: "فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع"(3)(طب هب والضياء عن أنس (4)) رمز المصنف لصحته.
354 -
" إذا أحبَّ الله عبدًا حماه من الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء (ت ك هب) عن قتادة بن النعمان (صح) ".
(إذا أحبَّ الله عبدًا حماه (5) الدنيا) منعه منها وهذا ابتلاء خاص صيانة للعبد
= عبد الملك قال أبو حاتم ليس بالقوي، وأخرجه ابن أبي الدنيا في الأولياء (39) والبيهقي في الشعب (9788) عن أبي هريرة وفي إسناده يحيى بن عبيد الله بن موهب، انظر المجروحين (3/ 122)، وقال: يروي عن أبيه ما لا أصل له، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (295) والسلسلة الضعيفة (2202).
(1)
انظر: تهذيب الكمال (24/ 169)، والإصابة (5/ 580).
(2)
انظر: تخريج أحاديث الإحياء (1/ 258).
(3)
أخرجه أحمد (5/ 427)، وإسناده جيد.
(4)
أخرجه الطبراني في الأوسط (3228) وقال الهيثمي (2/ 291) فيه ابن لهيعة، والبيهقي في الشعب (9782) والضياء في المختارة (2350) وقال: في إسناده من لم أعرفه، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (285) والسلسلة الصحيحة (146).
(5)
هكذا في الأصل بدون "من".
عن حلالها وحسابه وحرامها وعقابه فهو دفع له عن ضررها ولذا قال (كما يحمي أحدكم سقيمه الماء) فإنه إنما يمنعه صيانة له عن ضرر الماء فهو فيمن تفسده الدنيا ويبطره الغنى فلا ينافيه حديث: إن من أمتي من لا يصلحه إلا الغنى ونحوه (ت ك هب عن قتادة بن النعمان (1)) رمز المصنف لصحته وقال في الكبير عن الترمذي أنه (ص 118) حسن غريب.
355 -
" إذا أحب الله عبدًا قذفَ حبه في قلوب الملائكة، وإذا أبغض الله عبدًا قذف بغضه في قلوب الملائكة ثم يقذفه في قلوب الآدميين (حل) عن أنس (ض) ".
(إذا أحب الله عبدًا قذف حبه) القذف بالقاف فذال معجمة هو الدفع بقوة {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ} [الأنبياء: 18]{إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} [سبأ: 48](في قلوب الملائكة) والمراد ألقاه في قلوبهم دفعة واحدة (وإذا أبغض عبدًا قذف بغضه في قلوب الملائكة) فيبغض في السماء أولاً إن أريد ملائكتها فقط أو في قلوب جميع الملائكة سكان السماء والأرض (ثم يقذفه) أي الحب والبغض وإن كان الضمير للأقرب إلا أنه تدل لعمومه أحاديث أخرى (في قلوب الأدميين) فلا يبغضه ولا يحبه أهل الأرض إلا وقد أبغضه أو أحبه أهل السماء وعلى الأول:
وإذا أحب الله يومًا عبده
…
ألقى عليه محبة في الناس
والمراد أنهم يحبونه لا لعرض من أعراض الدنيا من قرابة أو صداقة أو رجاء خير أو دفع ضرّ بل يجدون محبته في القلب لا لسبب وعليه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96] وكذلك البغض (حل
(1) أخرجه الترمذي (2036) والحاكم (4/ 207)، والبيهقي في الشعب (10448) والطبراني في المعجم الكبير (19/ 12)(17) وابن حبان (669) عن قتادة بن النعمان، وقال الترمذي: حسنٌ غريب، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد. وصححه الألباني في صحيح الجامع (282).
عن أنس (1)) رمز المصنف لضعفه وفيه يوسف بن عطية الوراق كذبه الفلاس.
356 -
" إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه (حم خد دت حب ك) عن المقداد بن معد يكرب (حب) عن أنس (خد) عن رجل من الصحابة (صح) ".
(إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه) قيده في الثاني بقوله لله وبين علته في الثالث بأنه بالإعلام يجد له مثل الذي يجد له وفيه دليل على طلب محبة الغير وأنه ينبغي التحبب إلى العباد (خد دت حب ك عن المقداد بن معد يكرب) المقداد وأبوه صحابيان ورمز المصنف لصحته (حب عن أنس خد عن رجل من الصحابة)(2).
357 -
" إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله (حم) والضياء عن أبي ذر (صح) ".
(إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله) قيده بقيدين أن يكون الإخبار في منزله وأن يبين أن الحب لله لا لغرض آخر (حم والضياء عن أبي ذر) رمز المصنف لصحته وقال الهيثمي: إسناده حسن (3).
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 77) وفي إسناده يوسف بن عطية الوراق أو الصغار وكلاهما ضعيف، قال النسائي: متروك، وقال الفلاس: لكن الوراق أكذب، انظر: التقريب (7873) والمغني في الضعفاء (7244) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (298) والسلسلة الضعيفة (2207).
(2)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (542)، والترمذي (2392) وأبو داود (5124)، وابن حبان (570)، والحاكم (4/ 171) وأحمد (4/ 130) عن المقداد بن معد يكرب، وأخرجه ابن حبان (571) عن أنس وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (543) عن رجل عن الصحابة.
وانظر: العلل لابن أبي حاتم (2/ 349) وصححه الألباني في صحيح الجامع (279) وفي السلسلة الصحيحة (418)(797).
(3)
أخرجه أحمد (5/ 145) والضياء في المختارة كما في الكنز (24749) عن أبي ذر وكذلك ابن المبارك في الزهد (712) وابن قدامة المقدسي في كتاب المتحابين في الله (142) وحسنه الهيثمي=
358 -
" إذا أحب أحدكم عبدًا فليخبره فإنه يجد مثل الذي يجد له (هب) عن ابن عمر (ض) ".
(إذا أحب أحدكم عبدًا) تفنّن في العبارة فقال تارة أخاه وأخرى صاحبه وأخرى عبدًا (فليخبره فإنه يجد له) اتخذ في قلبه له من المحبة لمن أخبره (مثل الذي يجد له) فإنَّ الله جعل القلوب تحاذي كما قيل (1):
قس فؤادي على فؤادك في الودِّ
…
فإن الوداد علم قياسي
(هب عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه (2).
359 -
" إذا أحب أحدكم أن يحدث ربه فليقرأ القرآن (خط فر) عن أنس (ض) ".
(إذا أحب أحدكم أن يحدث ربه) يخاطبه ويناجيه (فليقرأ القرآن) فإن بتلاوته كتابه كأنه تعالى يخبره بما قصه فيه ويأمره وينهاه وفيه أنه ينبغي إحضار حواسه عند تلاوة كتاب الله؛ لأنه يناجيه فلا يغفل عنه (خط فر عن أنس) رمز المصنف لضعفه (3).
360 -
" إذا أحببت رجلاً فلا تماره، ولا تشاره، ولا تسأل عنه أحدًا، فعسى أن تُوفي له عدوًّا، فيخبرك بما ليس فيه، فيفرق بينك وبينه (حل) عن معاذ (ض) ".
= في مجمع الزوائد (10/ 281 - 282)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (281) والسلسلة الصحيحة (418)(797).
(1)
البيت منسوب إلى صفي الدين العلي (675 - 750 هـ).
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب (9010)، وفي إسناده عبد الله بن أبي مرة تابعي مجهول: انظر المغني في الضعفاء (3365) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (294) وانظر السلسلة الصحيحة (417).
(3)
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(7/ 239) والديلمي في الفردوس (1195)، وفي إسناده الحسين بن زيد وهو ضعيف، انظر: المغني في الضعفاء (1406) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (293) وفي السلسلة الضعيفة (1842).
(إذا أحببت رجلاً فلا تماره) المماراة المجادلة على جهة الشك والريبة ويقال للمناظرة مماراه لأن كل واحد منهما سيخرج ما عند صاحبه ويمتريه كما يمتر الحالب من الضرع وذلك لأن المراد داع إلى الشر قال:
وإياك إياك المراء فإنه
…
إلى الشر دعّا وللشر جالب
(ولا تشاره) بالشين المعجمة هو الفاعل من الشر أي لا يفعل به شرًا يحوجه أن يفعل بك مثله ويروى بالتخفيف من البيع والشراء أي لا يعامله، ذكره الديلمي (ولا تسأل عنه أحدًا) قد علله بقوله (فعسى) هي للإشفاق هنا (توافي) توافق عند السؤال (له عدوًّا فيخبرك بما ليس فيه فيفرق بينك وبينه) أن لا تفتش عن باطن أمره ودخيلة سرّه فإنه لا يخلو الإنسان عن باغض فينقل ما ينفرك عنه ويكون سببًا للفرقة وفيه الإرشاد إلى حمل الأحباء على ظاهرهم وأن لا يتبع عوراتهم وعلى المحافظة على الإخاء وإدامة الصحبة (حل عن معاذ) رمز المصنف لضعفه لأن فيه معاوية بن صالح أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة وقال أبو حاتم: لا يحتج به (1).
361 -
" إذا أحببتم أن تعلموا ما للعبد عند ربه، فانظروا ما يتبعه من الثناء ابن عساكر عن علي ومالك عن كعب موقوفًا".
(إذا أحببتم أن تعرفوا (2) ما للعبد عند ربه) من إكرام أو ضده (فانظروا ما
(1) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (5/ 136) وابن السني في عمل اليوم والليلة (199) وزادا فيه "ولا تجاره" وقال أبو نعيم عقبه: غريب من حديث جبير بن نفير عن معاذ متصلا وأرسله غير ابن وهب عن معاوية، قال المناوي في الفيض (1/ 248) وفي إسناده معاوية بن صالح أورده الذهبي في الضعفاء وقال ثقة وقال أبو حاتم لا يحتج به. وقال الحافظ فيه: صدوق له أوهام. انظر التقريب (6726). قال الألباني في ضعيف الجامع (299) موضوع وقال في الضعيفة (1420) منكر. قلت وقد أخرجه البخاري في الأدب المفرد (545) بلفظ "أخا" بدلا من "رجلا" من طريق معاوية بن صالح وقال الألباني صحيح الإسناد موقوفًا على معاذ وقد روي مرفوعًا.
(2)
هكذا في الأصل بدل "تعلموا".
يتبعه من الثناء) هو الذكر الحسن والمراد ما يقوله الناس بعد وفاته من الذكر الحسن أو الذكر السيء لما تقدم من أن الثناء يطلق عليهما وإنما حملناه على الميت؛ لقوله يتبعه ويحتمل أن المراد حيًا وميتًا، والمراد بما يتبع الحي ما يقال فيه إذا غاب من حضرة القائلين وذلك أن الله يلقي على ألسنة العباد أي الأمرين من الخير أو الشر.
وقد ورد أن الملائكة تتكلم على ألسنة بني آدم بما في العبد من الخير أو الشر ويأتي حديث: "أنتم شهداء الله في أرضه"(1) وحديث: "أنه مر عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرًا وبأخرى فأثنوا عليها شرًا
…
" (2) الحديث. (ابن عساكر عن علي (3)) سكت عليه المصنف وقال في الكبير عقب ذكره ما لفظه: وفيه عبد الله بن سلمة متروك (مالك عن كعب) هو إذا أطلق كعب بن مالك الصحابي، وقال الشارح: المراد به كعب الأحبار.
قلت: يرده قوله (موقوفًا) فإنه لو أراد كعب الأحبار لقال مرسلاً (4).
362 -
" إذا أحدث أحدكم في صلاته، فليأخذ بأنفه، ثم لينصرف (هـ ك حب هق) عن عائشة (صح) ".
(إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه) أي فليمسك بأنف نفسه إيهامًا أنه أصابه رعاف لئلا يُستهجن منه، إذا كان الحدث غير ذلك وفيه إرشاد إلى
(1) سبق تخريجه، وسيأتي إن شاء الله.
(2)
هذا جزء من حديث: "أنتم شهداء الله في أرضه". أخرجه ابن ماجه (1491)، وأحمد (2/ 528)، وابن حبان (3025)، والبزار (312) وغيرهم.
(3)
أخرجه ابن عساكر (13/ 374) تهذيب عن علي، وفي الإسناد عبد الله بن سلمة البصري انظر: لسان الميزان (3/ 292).
(4)
قلت: بل هو كعب الأحبار كما جاء في الموطأ (2/ 904) رقم (1606) وفي الزهد الكبير للبيهقي (810) وكذلك أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1598)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 5).
وقال الألباني في ضعيف الجامع (300) والسلسلة الضعيفة (1620): ضعيف جدًا.
المعاريض الفعلية وأنه يحسن فعلها كالمعاريض القولية وإرشاد إلى أنه يحسن من الإنسان كتم ما يحدث معه مما يستهجن عند الناس وإن كان مما لا اختيار له فيه (ثم لينصرف) لأنها قد بطلت صلاته فلا يجوز له المرور فيها (5 ك حب هق عن (1) عائشة) رمز المصنف لصحته وقال الحاكم: على شرطهما.
363 -
" إذا أحسن الرجل الصلاة فأتمَّ ركوعها وسجودها قالت الصلاة: حفظك الله كما حفظتني، فترفع، وإذا أساء الصلاة فلم يتم ركوعها وسجودها قالت الصلاة: ضيعك الله كما ضيعتني، فتلف كما يلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجهه (الطيالسي عن عبادة بن الصامت (صح)) ".
(إذا أحسن الرجل الصلاة فأتم ركوعها وسجودها) وإتمامها بما يليه حديث المسيء صلاته وغيره من الاطمئنان والتسبيح ثم المراد وقد أتم القيام والقراءة وسائر أركانها وأذكارها، وإنما خص الركوع والسجود؛ لأن غالب الإساءة فيهما (قالت الصلاة) أي الملائكة الموكلون بها فالإسناد إليها مجاز عقلي للملابسة والمسببية لأنها سبب القول ويحتمل أن المراد أنها قالت الصلاة نفسها في النشأة الأخرى حيث يجعل الله المعاني أجسامًا أو في دار الدنيا قولاً لا نعلم كيفيته (حفظك الله) أي من شرور الأديان والأبدان (كما حفظتني) فإن حفظها الإتيان بها على وجهها الذي شرعت عليه وإضاعتها عدم ذلك وهذا الدعاء مجاب لأن الله الذي أمرها به (فترفع) هو كناية عن قبولها (وإذا أساء الصلاة فلم يتم ركوعها ولا سجودها قالت الصلاة ضيعك الله كما ضيعتني) فهي أمانة عنده إن حفظها حُفظ وإن ضيعها ضاع (فتلف كما يلف الثوب الخلق
(1) أخرجه أبو داود (1114) وابن ماجه (1222) والحاكم (1/ 184) وابن حبان (2238) والبيهقي (3/ 223) والدارقطني (1/ 158) وابن خزيمة (1019) وقال الحاكم: صحيح على شرطهما، وقال الترمذي في العلل (ص 99 رقم 170) قال: هشام بن عروة عن أبيه أصح.
وصححه الألباني في صحيح الجامع (286).
فيضرب بها وجهه) فتلك ترفع وهذه يضرب بها وجهه وظاهره أنه حقيقة وإن لم يدرك ذلك: ويحتمل المجاز، قيل وهذا المصلي هذه الصلاة أشر حالاً من تاركها رأسًا (الطيالسي عن عبادة بن الصامت) رمز المصنف لصحته (1) قال الشارح: وليس كما قال ففيه محمد بن مسلم بن أبي وضّاح قال في الكاشف: وثقه جمع وتكلم فيه البخاري (2).
364 -
" إذا اختلفتم في الطريق، فاجعلوه سبعة أذرع (حم م دت هـ) عن أبي هريرة (حم هـ هق) عن ابن عباس (صح) ".
(إذا اختلفتم في الطريق) أي إذا أراد الملاك إحداث طريق بين أملاكٍ لهم (فاجعلوهما سبعة أذرع) قدر الذراع من الوسطى من الأصابع إلى المرفق وظاهره أنه قدر لكل طريق، والفقهاء يخصونه بالتي تمر بها المحامل (حم م د ت 5 عن أبي هريرة حم 5 هق عن بن عباس) رمز المصنف لصحته (3).
365 -
" إذا أخذ المؤذن في أذانه وضع الرب يده فوق رأسه، فلا يزال كذلك حتى يفرغ من أذانه، وإنه ليغفر له مد صوته، فإذا فرغ قال الرب: صدق عبدي، وشهدت بشهادة الحق، فأبشر (ك) في التاريخ (فر) عن أنس (ض) ".
(إذا أخذ المؤذن في آذانه وضع الرب يده) اليد كناية عن الحفظ والدفاع فهو
(1) أخرجه الطيالسي (585) والبزار (2691)(2708)، مسند الشاميين (427) وإسناده ضعيف فيه الأحوص بن حكيم قال العقيلي في الضعفاء (1/ 120): قال يحيى بن معين: ليس بشيء، وأورده في ترجمته، وقال ابن المديني عنه لا يكتب حديث مع انظر: الميزان (1/ 315) وضعفه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (1/ 100) كما ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (301).
(2)
وكلام الذهبي في الكاشف (5154): وثقه جماعة وتكلم فيه البخاري ولم يشركه. وقال الحافظ في التقريب (6298): صدوق يهم.
(3)
أخرجه مسلم (1613)، والترمذي (1356)، وابن ماجه (2338) وأحمد (2/ 429) وابن الجارود (1017) عن أبي هريرة، وأخرجه أحمد (1/ 317) وابن ماجه (2339) وقال البوصيري (3/ 47): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات عن ابن عباس.
في كنف الله تعالى ووقايته (1)(فوق رأسه فلا يزال كذلك حتى يفرغ من أذانه وإنه ليغفر له مد صوته) هو بالتشديد للدال المهملة وفي رواية الطبراني مدّا بالألف وتخفيف المهملة وأنكر بعضهم مدّ بالشديد وليس كذلك، فإنهما لغتان ثابتتان إلا أن مدّا بالألف أشهر وهو منصوب على الظرفية المكانية في النهاية (2): المد القدر يريد به قدر الذنوب أي يغفر له ذلك إلى قدر منتهى صوته وهو تمثيل لسعة مغفرة الله له (فإذا فرغ من آذانه قال الرب صدق عبدي) في هذه الإضافة نهاية التشريف (وشهدت) التفات من الغيبة إلى الخطاب تعظيمًا للعبد وإقبالاً على خطابه وإلا فإنه كان مقتضى الحال. (شهادة الحق) خصها من بين كلمات الأذان لشرفها وهي مصدر نوعي فيحتمل أنه من باب جرد قطيفة أي الشهادة، الحق أي الثابتة ويحتمل أن الحق اسمه تعالى أي شهادة الله فإنه تعالى شهد أنه لا إله إلا هو وأن محمدًا رسوله إن كانت الإضافة إلى الفاعل أو شهادتك لله الحق إن كانت إلى المفعول ثم هذا تخصيص لكلمتي الشهادة بعد التعميم بالتصديق رفعًا من شأنهما لأنهما أعظم الكلمات وعليهما سفكت الدماء وسبيت الذرية ويحتمل أنه عائد إلى الجميع أيضًا تغليبًا كما وصفها بالصدق (فأبشر) بجزاء ما أعده لمن شهد بالحق والفاء للتفريع وحذف مفعول البشرى إفادة للتعمم من باب {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] أي أبشر بكل نوع من أنواع الإكرام ولعظمة شأن الأذان تنافس فيه السلف حتى قال عمر وهو خليفة لولا الخلافة لأذنت فقيل: أراد لولا الشغلة بأمور الخلافة لأذنت وقيل
(1) هذا تأويل، واتفق أهل السنة على نفي مماثلة الله لخقله في شيء من صفاته لا اليد ولا غيرها، بل يثبتونها لله سبحانه على الوجه اللائق به مع نفي التمثيل والتشبيه والتحريف ووقع ذكر اليد في القرآن والسنة مضافًا إلى الله تعالى، فلا تصرف عن ظاهرها، وهو المعنى المتبادر لليد إلى معنى كالقدرة والنعمة وغيرها.
(2)
النهاية (4/ 308).
يريد لولا النهي عن أن يكون الإِمام مؤذنًا فإنه قد ورد نهي عن ذلك كما في "الجامع الكبير"(ك في التاريخ فر عن أنس (1)) رمز المصنف لضعفه لأن فيه محمد بن يعلى السلمي ضعفه الذهبي وغيره.
366 -
"إذا أخذت مضجعك من الليل فاقرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثم نم على خاتمتها، فإنها براءة من الشرك (حم دت ك هب) عن نوفل بن معاوية (ن) والبغوي، وابن قانع، والضياء عن جبلة بن حارثة (صح) ".
(إذا أخذت مضجعك من الليل) أي إذا أردت أو إذا اضطجعت (فاقرأ) في {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} هو أي السورة المسماة بهذه الجملة لا هذا اللفظ وحده كما يصرح به قوله (ثم نم على خاتمتها) أي اجعلها آخر أذكار المنام (فإنها براءة من الشرك) أنث الضمير؛ لأنه أراد بياأيها الكافرون السورة لا هذا اللفظ إما لأنه قد صار علمًا لها أو لأنه اقتصر عليه، والمراد به السورة للعلم بذلك، والمراد أنها تبري قائلها من الشرك لأنها اشتملت على نفي عبادة ما يعبده المشركون بأبلغ عبارة وأوفى تأكيد فإنه نفى عبادته لما يعبدونه بالجملة الفعلية المضارعية ليفيد الحال والاستقبال فقال:{لَا أَعْبُدُ} أي في الحال والاستقبال ثم نفاه بالجملة الاسمية لما عبدوه فيما مضى فقال: {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} كما نفى عبادتهم لما يعبده بالجملة الاسمية في الطرفين ما يعبدونه في الحال والاستقبال وفي هذه السورة مباحث شريفة ذكرها الإِمام ابن قيم الجوزية في كتابه "بدائع الفوائد"(2) ولما كان النوم أخًا للموت حسن النوم على أكمل براءة من الشرك
(1) أخرجه الحاكم في تاريخه كما في الكنز (20892)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان، وأخرجه الديلمي في الفردوس (1265) عن ابن عمر وأنس وفي إسناده محمد بن يعلى السلمي متروك، انظر الميزان (6/ 373 - 374)، وكذلك عمر بن صبح يضع الحديث، وزيد العمي ضعيف، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (306) وفي السلسلة الضعيفة (3/ 22).
(2)
بدائع الفوائد (1/ 145).
(حم دت ك هب عن نوفل بن معاوية (1)) كذا في نسخ الجامع وقال الشارح: لعله سبق قلم من المؤلف وإنما هو نوفل بن فروة الأشجعي فإن ابن الأثير ترجم نوفل بن فروة ثم قال حديثه في {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} مضطرب الإسناد. انتهى (2).
قلت: والمصنف رمز لصحته (ن والبغوي وابن قانع) بالقاف والنون والمهملة اسم فاعل من قنع وهو الحافظ المصنف أبو الحسين الأموي مولاهم البغدادي صاحب "معجم الصحابة" واسمه: عبد الباقي بن قانع سمع خلائق وكان واسع الرحلة كثير الحديث، وروى عنه خلائق منهم الدارقطني وغيره، قال البرقاني: البغداديون يوثقونه وهو عندي ضعيف، وقال الدارقطني: كان يحفظ ولكنه يخطئ ويصر (3) والضياء عن جبلة بالجيم الموحدة مفتوحات
(1) أخرجه أحمد (5/ 456) وأبو داود (5055) والترمذي (3403) والحاكم (1/ 565) والبيهقي في الشعب (2520) عن نوفل بن فروة الأشجعي وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (10637) والبغوي كما في الكنز (41253، 41296)، وحديث جبلة بن حارثة: أخرجه النسائي في الكبرى (1063) وابن قانع (1/ 162) والطبراني في الأوسط (888) وقال الحافظ في الإصابة (1/ 456): حديث متصل، صحيح الإسناد.
انظر: تاريخ ابن معين رواية الدوري (3/ 573) والعلل لابن أبي حاتم (3/ 237)، وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة (5/ 366): وزعم ابن عبد البر "في الاستيعاب 2/ 419" بأنه حديث مضطرب وليس كما قال، بل الرواية التي فيها "عن أبيه" أرجح وهي الموصولة رواته ثقات فلا يضره مخالفة من أرسله، وقال الحافظ في "نتائج الأفكار": حديث حسن، وفي سنده اختلاف كثير على أبي إسحاق السبيعي انظر: الفتوحات الربانية (3/ 156).
وانظر كذلك: إتحاف المهرة للحافظ ابن حجر (4/ 103 رقم 4008) في ترجمة الحارث بن جبلة.
(2)
انظر: أسد الغابة (1/ 1081) وفيه: وهو مضطرب الإسناد لا يثبت. وراجع فيض القدير (1/ 251).
(3)
انظر: لسان الميزان (3/ 383)، تاريخ بغداد (11/ 88)، تذكرة الحفاظ (3/ 883)، الكواكب النيرات (ت 46).
(بن حارثة) وهو أخو زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
367 -
" إذا أدخل الله الموحدين النار أماتهم فيها إماتة، فإذا أراد أن يخرجهم منها أمسهم ألم العذاب تلك الساعة (فر) عن أبي هريرة (ض) ".
(إذا أدخل الله الموحدين) الذين وحدوا الله ولم يجعلوا له شريكًا وهم المؤمنون قد صار هذا اللفظ علمًا لهم (النار) بالكبائر التي ماتوا على غير توبة عنها (أماتهم فيها) سلب أرواحهم فلا يدركون ألم العذاب فلا يقال قد ثبت عذاب القبر للموتى لأنا نقول يبقي الله لهم إدراكًا في القبور ويرد عليهم أرواحهم.
فإن قلت: قوله تعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: 36] وقوله: {لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} [الأعلى: 13] ينافي هذا.
قلت: الحديث يقضي بأن تلك في الكفار ويدل له قوله قبلها: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)} [الليل: 15، 16] وما بعد الأخرى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36] وهذا الحديث في الموحدين وظاهره أنه عام لهم أجمعين إلا أنه قد ثبت عند ابن ماجه من حديث أبي هريرة: "تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود"(1) فحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود إلا أن يقال قد تأكلهم النار وهم نيام لا يحسون فإنه إنما نفى في هذا إدراك العذاب عنهم ولكنه قد أخرج الحكيم في نوادر الأصول (2) من حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله إخراج الموحدين من النار قذف في قلوب أهل الأديان فقالوا: كنا نحن وأنتم في الدنيا جميعًا فآمنتم وكفرنا وصدقتم وكذّبنا وأقررتم وجحدنا فما أغنى ذلك عنكم نحن فيها جميعًا سواء تعذبون كما نعذب وتجلدون كما نجلد فيغضب الله من ذلك غضبًا لم يغضب في شيء مما مضى
(1) أخرجه ابن ماجه (4326). وذكره الألباني في صحيح ابن ماجه (3492). والحديث أخرجه البخاري (7437 و 7438) ومسلم (182، 299).
(2)
نوادر الأصول (ص 36).
ولا يغضب في شيء مما بقي مثله فيخرج أهل التوحيد منها: الحديث.
فهذا يدل أن من الموحدين من أهل النار من يعذب كالكفار فيخص حديث الأمانة وسيأتي حديث أبي سعيد: أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحييون .. الحديث، أو يخص أيضًا بحديث أبي هريرة بأن الموحدين منهم من يموت ومنهم من لا يموت (فإذا أراد أن يخرجهم منها أمسهم ألم العذاب تلك الساعة) يأتي أنهم بهذه الإمساس يصيرون فحمًا ثم يثبتون على باب الجنة إلا أن يحمل هذا على غير أولئك فإن جمعهم كونهم موحدين ولا بد من هذا لأنه أخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن ذلك الإمساس في ساعة الإخراج لأن الله تعالى يميتهم لئلا يمسهم ألم العذاب، وحديث أبي سعيد فيه أنه أماتهم من العذاب وصاروا فيها فحمًا وسيأتي (فر عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه (1).
368 -
" إذا ادهن أحدكم فليبدأ بحاجبيه، فإنه يذهب بالصدل (ابن السني، وأبو نعيم في الطب، وابن عساكر عن قتادة مرسلاً (فر) عنه [أي عن قتادة] عن أنس (ض) ".
(إذا ادهن أحدكم) دهن بدنه أو رأسه (فليبدأ بحاجبيه فإنه يذهب بالصداع) كغراب وجع الرأى وهذه فائدة طبية وفيه شرعية الإدهان (ابن السني وأبو نعيم في الطب وابن عساكر عن قتادة مرسلاً (2) فر عنه) عن قتادة (عن أنس) رمز
(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (976) وفي إسناده الحسن بن علي بن راشد، قال الحافظ في التقريب:(1258): صدوق رمي بشيء من التدليس. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (308) والسلسلة الضعيفة (2038).
(2)
أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (175) عن قتادة مرسلاً وكذلك ابن الجعد (1025)، وفي الإسناد خليد بن دَعلج ضعيف، وحديث أنس قال المناوي (1/ 252) سنده ضعيف لأن فيه بقية وخليد بن دَعلج ضعفه أحمد والدارقطني.
انظر: المجروحين (310) والمغني في الضعفاء (1947) وقال: ليس بقوي وقال: ليس بقوي والميزان (3/ 136). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (311) والسلسلة الضعيفة (2211).
المصنف لضعفه وقال في الكبير بعد ذكره: ضعيف.
369 -
" إذا أدى العبد حق الله وحق مواليه كان له أجران (حم م) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا أدى العبد) المملوك ذكرًا كان أو أنثى (حق الله) من طاعته الواجبة (وحق مواليه) سادته أو سيده وهي طاعتهم وخدمتهم (كان له أجران) ليس المراد أجر طاعة ربه وأجر طاعة مواليه فإنه معلوم أن الله لا يضيع عمل عامل بل المراد يضاعف له أجر كل عمل نظير قوله تعالى: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: 31](حم م عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري (1).
370 -
" إذا أديت زكاة مالك، فقد قضيت ما عليك (ت هـ ك) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا أديت زكاة مالك فقد أديت ما عليك) فيه دليل لمن يقول إنه لا حق في المال سوى الزكاة ويأتي حديث فاطمة بنت قيس: ليس في المال حق سوى الزكاة ويأتي الكلام عليه هنالك إن شاء الله تعالى (ت) قال في الكبير: حسن غريب (5 ك (2) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وفيه الحسن بن علي بن راشد رمي بالتدليس قاله ابن حجر وأورده الذهبي في الضعفاء (3).
371 -
" إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شره ابن خزيمة (ك) عن جابر (صح) ".
(إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شره) أي الشر الذي ينشأ عنه وينسب
(1) أخرجه أحمد (2/ 252)، ومسلم (1666).
(2)
أخرجه الحاكم (1/ 390) وابن ماجه (1788) وكذلك الترمذي (618)، وضعفه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 160) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (312).
(3)
قال الحافظ في التقريب (1258): صدوق رمي بشيء من التدليس، وانظر: المغني للذهبي (1433) وقال: ثقة ضعفه عباس العنبري، وقال ابن عدي (2/ 331): ولم أر بأحاديثه بأسًا.
إليه وهو عائد على مالك وهو عقوبته الدنيوية بإذهاب بركته والأخروية بالعقاب عليه الآتي بيانه وأنه يكوى به وأنه يبسط لأنعامه فتمر عليه بإحقافها وأظلافها وأنه يمثل له ثعبانًا أقرع يأتي ذلك كله إن شاء الله تعالى (ابن خزيمة ك عن جابر (1)) رمز المصنف لصحته، قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي قال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح ولكن رجح أبو زرعة وقفه.
372 -
" إذا أذن في قرية آمنها الله من عذاب ذلك اليوم (طس) عن أنس (ض) ".
(إذا أذن) نودي للصلاة بألفاظه المعروفة المشروعة (في قرية أمنها الله من عذاب (2) ذلك اليوم) إن قيل: لكَمْ من قرية أذن فيها فأتاها ما يكره بياتًا أو هم قائلون قلت: ليس كل آذان مقبولاً فإنه لا يقبل إلا ما كان عن قلب غير غافل ولا لاه لأنه دعاء وتقدم أنه لا يقبل إلا إذا صدر عن قلب كذلك ولأن المراد بالعذاب نوع خاص سماوي كما يرشد إليه إضافته إليه تعالى (طس عن أنس)(3) رمز المصنف لضعفه وذلك لأن فيه عبد الرحمن بن سعد ضعفه ابن معين.
373 -
" إذا أذن المؤذن يوم الجمعة حرم العمل (فر) عن أنس (ض) ".
(إذا أذن المؤذن يوم الجمعة حرم العمل) أي الشاغل عن إجابة النداء لأنه
(1) أخرجه ابن خزيمة (2258، 2470) والحاكم (1/ 390) وقال: صحيح على شرط مسلم، والبيهقي في السنن (4/ 84) والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 106) وقول الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 272) وقال في التلخيص الحبير (2/ 160) وله شاهد صحيح عن أبي هريرة، ولذا تراجع الألباني عن تضعيفه بعد أن كان أورده في السلسلة (2219).
(2)
المطبوعة (من عذابه).
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 257 رقم 746) وفي الأوسط (3671) وقال الهيثمي (1/ 328) فيه عبد الرحمن بن سعد بن عمار ضعفه ابن معين، انظر: تهذيب الكمال (17/ 132)، قال الحافظ في التقريب (3873): ضعيف، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (316) والسلسلة الضعيفة (2206).
تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] فالعامل تارك للسعي المأمور به فهو فاعل بمنهي عنه باللزوم ولذا ذهب جماعة إلى عدم صحة البيع حال الصلاة والحديث دال على تحريم العمل من بعد النداء (فر عن أنس)(1) رمز المصنف لضعفه وذلك لأن فيه عبد الجبار القاضي قال الذهبي من علماء المعتزلة، وفي الضعفاء: داعية إلى الاعتزال، وفيه سعيد بن ميسرة قال ابن حبان: يروي الموضوع.
374 -
" إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل صنائعه ومعروفه في أهل الحفاظ، وإذا أراد الله بعبد شرًّا جعل صنائعه ومعروفه في غير أهل الحفاظ (فر) عن جابر (ض) ".
(إذا أراد الله بعبد خيرًا) إرادته تعالى الخير بعبده تفضل منه وإحسان جزاء على عمل صالح أسلفه العبد أو نية حسنة أو هو محض فضل منه تعالى فإرادته الخير من باب تيسير اليسرى الذي أفاده قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} [الليل: 5 - 7] فإرادته الخير لعبده كزيادة الهدى لمن اهتدى {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17] فكل ما في هذه الأحاديث من إرادته الخير فهي من باب تيسير اليسرى كما في الآيات {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} ، {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28] إرادته تعالى بعبده الشرّ لا يكون إلا عقوبةً له على قبيح أسلفه وهو تيسيرًا لعسرى التي أفادها قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} [الليل: 8 - 10] وأفادها قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة: 41] ومثل: {يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي
(1) أخرجه الديلمي كما في الكنز (21101) وقال الغماري في المداوي (1/ 276): علته الرئيسة سعيد بن ميسرة فراجعه غير مأمور، وانظر ترجمته في: المجروحين (1/ 316) والمغني (1458)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (314) والضعيفة (2205) موضوع.
{الْآخِرَةِ} [آل عمران: 176] ونحو هذه الآيات التي يفسرها المعتزلي بالخذلان وهو الإضلال واعلم أنه تعالى لا ييسر عبدًا للعسرى إلا عقوبة على سالف إساءته كما قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110] وكقوله: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 59] فجعل علة التقلب والطبع عدم انقيادهم لرسله وذلك أنه تعالى قد فطر عباده على الهدى فمن بقي على الفطرة وقبل ما جاءت به الرسل زاده هدى ولطفًا وتوفيقًا ومن غير الفطرة وكذب الرسل يسر للعسرى وخذله ثم اعلم أن إرادته تعالى الخير بعباده وإرادته الشر لا يستلزم وقوع المراد منهم ضرورة أنه أراد ذلك منهم مع بقائهم مختارين كما أراد الإيمان منهم فهو أراد وقوع الخير منهم وهم مختارون فقد يقع ما أراده تعالى منهم وقد يتخلف وهذا بخلاف ما يريده تعالى من أفعاله فإنه لا يتخلف عن إرادته وقوع مراده مثل قوله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] بخلاف الأول ومنه: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 27] فإن المراد يريد منكم أن تتوبوا فيتوب عليكم أي يتقبل توبتكم إلا أن مع إرادته تعالى الخير بعبده يكون أقرب إلى فعل ما أراده منه لأنه من اللطف وعكسه إرادته بعبده الشر إذا عرفت هذا فاجعل هذا البحث نصب عينيك فقد زلت بجهله عوالم وقد تهاوش حوله طوائف ولم يقع لهم محررًا مقررًا ولعلنا لا نكرره وقد بسطناه في إيقاظ الفكرة بسطا شافيًا (جعل صنائعه ومعروفه) الصنعة بالمهملات هي الإحسان والمعروف العطف للمعروف وعليها تفسيري (في أهل الحفاظ) بزنة كرام مصدر والمراد بهم أهل الدين والأمانة الذين يحفظون المعروف ولا يضيعونه ويكافئون عليه بالدعاء والثناء ونحوهما فتربوا صنائعه عند الله بالدعاء لفاعلها وعند العباد بحسن الذكر
والمكافأة وأما من جعلها في غير أهلها فإنه يضيعها ولا يكافئ عليها ثناءًا ولا دعاءًا وإن لم يضع عند الكيل، وفيه دلالة على حسن المكافأة وحفظ الصنيعة (وإذا أراد الله بعبد شرًا) تقدم تحقيق هذه الإرادة (جعل صنائعه ومعروفه في غير أهل الحفاظ) فلا ييسر له موضعًا لمعروفه ولا محلاً لإحسانه إلا عرض لا يحفظ معروفًا ولا يكافئ في صنيعه فيذهب ماله في غير محله فهذه عقوبة مالية (فر عن جابر) رمز المصنف (1) لضعفه؛ لأن فيه خلف بن يحيى عن ابن أبي حاتم كذاب.
375 -
" إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل غناه في نفسه، وتقاه في قلبه، وإذا أراد الله بعبد شرا جعل فقره بين عينيه الحكيم (فر) عن أبي هريرة (ض) ".
(إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل غناه في نفسه) أي جعل نفسه غنية قانعة راضية عن الله فالقناعة هي الغنى كما يقال: "الغنى غنى النفس" وذلك أن أغنى الناس أقلهم حاجة ويقال من سد فقره بالمقتنات فما في إنسدادها مطمع وما ذلك إلا كمن يرقع الخرق بالخرق ومن سده بالقناعة والاقتصار على تناول ما لا بد منه فهو الغنى المقرب إلى الله وأما حديث: "لو كان لابن آدم وادٍ من ذهب لابتغى إليه ثانيًا
…
" الحديث عند الشيخين (2) فلا ينافي هذا لأنه إخبار عن جبلة الإنسان وأصل طبعه وقد يخرج عنه بما يجعله الله من القناعة في قلبه أو يقال: حب المال لا ينافي غنى النفس وإنما ينافيه جعله نصب عينيه وغاية مرامه كما يشعر به قوله في مقابلة وإذا أراد إلى الآخرة (وجعل تقاه في قلبه) أي جعل قلبه تقيًا مراقبًا لله يتنوع عن القيام بحقوق الله فإن التقوى محله القلب وهو المضغة التي
(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (936) وفي إسناده خلف بن يحيى قال أبو حاتم: متروك الحديث كان كذابًا لا يشتغل به انظر: الجرح والتعديل (3/ 372)، وقال الغماري في المداوي (1/ 277) رقم (377): موضوع، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (328) والسلسلة الضعيفة (2221).
(2)
أخرجه البخاري (6439) ومسلم (1048).
إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، فإن الإنسان هو القلب حقيقة فما اتصف به القلب فاضت صفاته على الأعضاء و (إذا أراد به شرًا جعل فقره بين عينيه) أي متصورًا له لا يفارق حدقتيه يشغل قلبه وقالبه أينما دارت عيناه رآه وإن كثر ماله فلا يزداد إلا فقرًا (الحكيم فر عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه (1).
376 -
" إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين، وزهده في الدنيا، وبصره عيوبه (هب) عن أنس وعن محمد بن كعب القرظي مرسلاً (ض) ".
(إذا أراد الله بعبد خيرًا فقهه في الدين) الفقه الفهم والدين الإِسلام أي فهمه معانيه وعرفه وجه شرعه فإن الفقه في الدين فيه خير الدارين وقد دعا صلى الله عليه وسلم لابن عباس بقوله: "اللهم فقهه في الدين"(وزهده في الدنيا) يأتي حقيقة الزهد في الحديث النبوي في حرف الزاي (وبصره عيوبه) عرفه عيوب نفسه فأحسها وأصلح نفسه وطهرها وشغله عيبه عن عيوب الناس (هب عن أنس) رمز المصنف لضعفه (2)(وعن محمد بن كعب القرظي) بضم القاف والظاء المعجمة نسبة إلى بني قريظة أحد الأعلام وروى عن جماعة من الصحابة قال ابن عوف: ما رأيت أحدًا أعلم بتأويل القرآن من القرظي، قال ابن سعد: وكان ثقة ورعًا
(1) أخرجه الحكيم (2/ 214)، والديلمي في مسند الفردوس (940)، وابن حبان (6217)، قال المناوي (1/ 255): كتب الحافظ ابن حجر على هامش الفردوس بخطه: ينظر في هذا الإسناد أهـ. في إسناده دراج أبو السمح، قال الحافظ في التقريب (1824): القاص، صدوق، في حديثه عن أبي الهيثم ضعف. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (329) والسلسلة الضعيفة (2222).
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب (10535) وإسناده ضعيف في إسناده موسى بن عبيدة وهو الربذي ضعيف. والديلمي في مسند الفردوس (935) وابن أبي شيبة (7/ 193) موقوفًا على محمد بن كعب. قال المناوي في الفيض (1/ 256) وإسناده ضعيف جدًّا وقال غيره واهٍ، وأورده الألباني في السلسلة الضعيفة (2220)، وقد ضعفه في ضعيف الجامع (335) أيضًا.
كثير الحديث مات سنة 109 رحمه الله (1)(مرسلاً) ورواه الديلمي عن أنس قال العراقي: وإسناده ضعيف جدًا (2).
377 -
" إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل له واعظًا من نفسه: يأمره وينهاه (فر) عن أم سلمة (ض) ".
(إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل له واعظًا) في القاموس (3): وعظه يعظه وعظًا وموعظة ذكره قايلين قلبه من الثواب والعقاب فقوله (من نفسه) بيان للواعظ وهو ما يلقيه الله من الإلهام للعبد إلى ترك ما يوجب عقابه وفعل ما يقتضي ثوابه (يأمره) بفعل الخير و (ينهاه) عن الشر وهذا الواعظ من النفس أبلغ من الواعظ من الغير ولذا قيل (4):
لا تنته الأنفس عن غيها
…
ما لم يكن منها لها زاجر
(فر عن أم سلمة) رمز المصنف لضعفه وقال الحافظ العراقي وغيره: إسناده جيد (5).
(1) هو تابعي مشهور، انظر: الإصابة (6/ 345).
(2)
وفي المطبوع من تخريج أحاديث الإحياء (4/ 157): إسناده ضعيف.
(3)
القاموس (ص 903).
(4)
ذكره ابن الجوزي في المنتظم (10/ 19) إلى أبي نواس وكذا ابن عساكر (13/ 442) تاريخ دمشق وأورده ابن خلكان في ترجمة أبي نواس في وفيات الأعيان (2/ 95 - 102).
(5)
أخرجه الديلمي في مسند الفردوس (30762 الكنز)، وكذا هناد (1/ 290) رقم (506)، وقال الحافظ العراقي في "المغني" رقم (2590) (3/ 11): إسناده جيد. وقد روى عن ابن سيرين مرسلاً أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/ 264) وأحمد في الزهد (1/ 36) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (330) لأن فيه القاسم بن أبي صالح فيه كلام أورده الحافظ في اللسان (4/ 460) وسما أباه: بندار بن إسحاق بن أحمد الزرار الحذاء. قال صالح بن أحمد: "كان صدوقًا متقنًا لحديثه، وكتبه صحاح بخطه، فلما وقعت الفتنة، ذهبت عنه كتبته، فكان يقرأ من كتب الناس، وكف بصره، وسماع المتقدمين عنه أصح. وقال عبد الرحمن الأنماطي: "كنت أتهمه بالميل إلى التشيع".
378 -
" إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا عسله، قيل: وما عسله؟ قال: يفتح له عملاً صالحًا قبل موته، ثم يقبضه عليه (حم طب) عن أبي عنبة (ح) ".
(إذا أراد الله بعبد خيرًا عسله) بفتح العين والسين المهملتين مخففًا ويُشدّد في النهاية (1): أي طيب ثناؤه فيهم مأخوذ من العسل يقال عسل الطعام إذا جعل فيه العسل شبه ما رزقه الله من العمل الصالح الذي طاب به ذكره بالعسل الذي يجعل بين الطعام فيحلوا به ويطيب. انتهى. (قيل) يا رسول الله (وما عسله) كأن المخاطبين ما كانوا عارفين بمعنى هذا اللفظ فقالوا ما معنى عسله؟ (قال: يفتح له عملاً صالحًا قبل موته ثم يقبضه عليه) فيكون ذلك حسن الختام ولا يخفى أنه ليس في الحديث دليل على ما قاله ابن الأثير من طيب الثناء بل قد فسر صلى الله عليه وسلم عسله بغير ذلك إلا أن يقال فسره ابن الأثير باللازم إذ من لازم من صلح حاله طاب الثناء عليه (حم طب عن أبي عنبة (2)) بكسر العين المهملة وفتح النون والموحدة فتاء تأنيث اسمه عبد الله بن عنبة له حديث فيه تصريحه بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن الأثير: قد اختلف في صحبته، توفي أيام عبد الملك بن مروان ورمز المصنف لحسن الحديث وقال الهيثمي: إسناده جيد وفيه بقية مدلس وقد صرح بالسماعِ.
379 -
" إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله، قيل: وما استعماله؟ قال: يفتح له عملاً صالحا بين يدي موته، حتى يرضى عنه من حوله (حم ك) عن عمرو بن
(1) النهاية (3/ 237).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 200)، والطبراني كما في مجمع الزوائد (7/ 251) وفي مسند الشاميين (839) والقضاعي (1389) عن أبي عنبة والطبراني في المعجم الكبير (8/ 110) رقم (7522) والقضاعي (1388) عن أبي أمامة، وفي المعجم الأوسط (4656) عن عائشة وقول الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 215).
وصححه الألباني في صحيح الجامع (307) والصحيحة (1114).
الحمق (صح) ".
(إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله) قيل: وما استعماله؟ قال: يفتح له عملاً صالحًا بين يدي موته) استعارة جعل للموت يدًا ثم أثبت لها البينية التي لليد الحقيقية والمراد عمل يتصل بموته فيموت عليه وهذا من حسن الخاتمة أيضًا والتوفيق (حتى يرضى عنه من حوله) من أهله وجيرانه ومعارفه وغيرهم فيثنون عليه خيرًا فيتقبل الله شهادتهم وتزكيتهم وهذا قرينة لتفسير عسله بطيب الثناء (حم ك (1) عن ابن عمرو بن الحمق) بفتح الحاء المهملة وكسر الميم آخره قاف هو الخزاعي صحابي هاجر بعد الحديبية وشهد مع علي عليه السلام حروبه الجمل وصفين والنهروان وقتله عبد الرحمن بن عثمان الثقفي وبعث برأسه إلى معاوية وهو أول رأس بعث به في الإِسلام، والحديث رمز المصنف لصحته وصححه الحاكم وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح.
380 -
" إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله، قيل: كيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت، ثم يقبضه عليه (حم ت حب ك) عن أنس (صح) ".
(إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا استعمله قيل كيف يستعمله؟) سؤال عن الكيفية وفي الأول عن معنى الاستعمال والمآل واحد وكأنها كانت تختلف المواقف أو أن الرواة تصرفوا في الألفاظ فعبر كل واحد بلفظ يقارب معنى اللفظ الآخر (قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت ثم يقبضه عليه) وقد لزم ما ذكره في الحديث الأول من أنه يرضي عنه من حوله (حم ت حب ك عن أنس (2)) رمز المصنف
(1) أخرجه أحمد في مسنده (5/ 224)، والبزار (2155 - كشف)، والحاكم في المستدرك (1/ 340) وابن حبان (342) وقال الهيثمي (7/ 214) ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح، وصححه الألباني في الجامع (304) والسلسلة الصحيحة (114).
(2)
أخرجه أحمد في مسنده (3/ 106) والترمذي (2142) وقال: حسن صحيح، وابن حبان (341) والحاكم في المستدرك (1/ 340) وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه=
لصحته وقال في الكبير عن الترمذي: صحيح.
381 -
"إذا أراد الله بعبد خيرًا طَهّره قبل موته، قالوا: وما طهور العبد؟ قال: عمل صالح يلهمه إياه حتى يقبضه عليه (طب) عن أبي أمامة (ض) ".
(إذا أراد الله بعبد خيرًا طهره قبل موته قالوا وما طهور العبد) بضم الطاء وفتحها (قال عمل صالح يلهمه إياه حتى يقبضه عليه) الإلهام أن يلقي الله في النفس أمرًا يبعثه على الفعل أو الترك (طب عن أبي أمامة) رمز المصنف لضعفه (1).
382 -
"إذا أراد الشر بعبد خيرًا صيّر حوائج الناس إليه (فر) عن أنس"(ض).
(إذا أراد الله بعبد خيرًا صيّر حوائج الناس إليه) فتقضى على يديه فيؤجر فينال خيرًا وأجرًا وهو تصريح ونصّ على بعض العمل الصالح الذي سلف في الأحاديث الأول وهو عسل له وتطهير فيصدق تلك الأحاديث عليه (فر عن أنس) رمز المصنف لضعفه (2). وقال العراقي: فيه يحيى بن شيبة ضعفه بن حبان وقال الذهبي عن بن حبان لا يحتج به (3).
383 -
"إذا أراد الله بعبد خيرًا عاتبه في منامه (فر) عن أنس".
(إذا أراد الله بعبد خيرًا عاتبه في منامه) في النهاية (4): العتاب مخاطبة الإدلال ومذاكرة المَوْجِدة انتهى. والمراد من عتابه له تعالى أنه يريه في منامه ما يرشده
= وصححه الألباني في صحيح الجامع (305).
(1)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (8/ 230) رقم (7900)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 215): وفي إحدى طرقه بقية بن الوليد وقد صرح بالسماع وبقية رجاله ثقات، وصححه الألباني في صحيح الجامع (306).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (938) وفي إسناده يحيى بن شيبة ترجم له الذهبي في الميزان (7/ 189) وساق له ثلاث أحاديث باطلة، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (331) والسلسلة الضعيفة (2224).
(3)
ورد قول العراقي في الأصل في نهاية الحديث الآتي، مع أنه يتعلق بهذا الحديث، فقدمته هنا.
(4)
النهاية (3/ 175).
إلى تدارك ما فرّط فيه من حسن أو ترك ما أتاه من قبيح ويريه ما يدله على ذلك من الأمثال، وباب الرؤيا باب واسع وجزء من أجزاء النبوة وكم تائب تاب لمنام رآه ولا يزال الرب يعاتب عبده في منامه ما لم يعرض عن الخير ويقبل على الشر فإنه يخذله وقد يريه أنه على صواب خذلانًا وإضلالاً وقد يكون العتاب بالخطاب على لسان ملك أو نحوه يسمعه في منامه رأيت في بعض المجاميع أن رجلاً كان له ورد من القرآن فتركه في بعض أيامه فرأى قائلاً في منامه (1):
إن كنت تزعم حبي فلم جفوت كتابي
…
أما تأملت فيه لطائفًا من عتابي
(فر عن أنس) سكت عليه المصنف (2).
384 -
" إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا؛ وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة (ت ك) عن أنس (طب ك هب) عن عبد الله بن مغفل (طب) عن عمار بن ياسر (عد) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة) على ذنوبه (في الدنيا) حتى يلقى الله وقد نقاه من الذنوب (وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه) أي أمسك عنه العقوبات فلا يطلقها عليه بسبب ما ارتكبه من الذنب (حتى يوافي) يأتي (به) بذنبه (يوم القيامة) فينزل به عقوبة الذنب ففيه أنه لا يعجل الله عقوبة الذنب في الدنيا إلا لمن أراد به الخير لأن عقوبات الدنيا زائلة ذاهبة وإذا أراد به خلاف ذلك أمسك عليه العقوبات ليوافي القيامة بجناياته فيعاقب عليها (ت ك عن
(1) أورده ابن العديم في "بغية الطلب"(2/ 609) من قول وحكاية عن أحمد بن جعفر الارتاحي في ترجمته وأوردها الغزالي في الإحياء (4/ 332) حكايته وكذا ابن رجب في جامع العلوم.
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (943) وفي إسناده وهب بن راشد وهو متروك انظر: المجروحين (3/ 75) والميزان (7/ 147) ضرار بن عمرو: متروك انظر المغني في الضعفاء (2920) ويزيد الرقاشي ضعيف، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (332) والسلسلة الضعيفة (2226).
أنس) (1) رمز المصنف لصحته وفي الكبير أنه حسن غريب (طب ك هب عن عبد الله بن مغفل طب عن عمار بن ياسر) إسناده جيد (عد عن أبي هريرة).
385 -
" إذا أراد الله بعبد خيرًا فقهه في الدين، وألهمه رشده. البزار عن ابن مسعود (ح) ".
(إذا أراد الله بعبد خيرًا فقهه في الدين) تقدم (وألهمه رشده) تقدم تفسير الإلهام، والرشد: من رشد كنصر وفرح رَشدًا ورَشِدًا ورشادًا اهتدى، نكتة: قال ابن السبكي في الطبقات الكبرى (2): أنه قرأ الشيخ شهاب الدين بن المُرَحِّل على الحافظ جمال الدين المزي حديث: "من يطع الله ورسوله فجرى على لسانه رشِد بكسر الشين فرد عليه المزي فقد رشد بالفتح وقال له: قال الله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186] مراده أن يفعل إنما يكون مضارع الفعل وهو المدعي هنا قال ابن المرحل وكذلك قال الله تعالى: {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجن: 14] فسكت المزي يعني أن فعلاً بالتحريك إنما يكون لفعل بالكسر كفرح فرحًا ثم رجّح ابن السبكي ما قاله المزي وقال: إنه مشهور في اللغة ونقله المصنف في المرقاة (3) وسكت عليه.
(1) أخرجه الترمذي (2396) والحاكم (4/ 106) وقال الترمذي: حديث حسن غريب والطبراني في المعجم الكبير كما في مجمع الزوائد (10/ 191)، والحاكم (1/ 349) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، والبيهقي في شعب الإيمان (9817) عن ابن مغفل، وعزاه في مجمع الزوائد (10/ 192) للطبراني في معجمه الكبير عن عمار بن ياسر، وأخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 355) عن أنس. وقد صححه الألباني في صحيح الجامع (308) والسلسلة الصحيحة (1220).
(2)
طبقات الشافعية الكبرى (10/ 429) وجاء فيها: قرأ عليه الشيخ شهاب الدين بن المرحِّل النحوي أستاذُ صاحبنا الشيخ جمال الدين عبد الله بن هشام في النحو، كتاب "سيرة ابن هشام" فمرت به لفظة رشد، فجرى على لسانه: رشِد بكسر الشين، فرد عليه الشيخ رشَد بالفتح
…
(3)
يعني كتابه: مرقاة الصعود لشرح سنن أبي داود طبع الكتاب بتحقيقنا والحمد لله على توفيقه سبحانه.
قلت: وقد سمعت عن القاموس أنه جاء من باب فعل يفعل وعليه قوله: {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186] ومن باب فرح يفرح وعليه قوله: {تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجن: 14] فقراءة الحديث رشِد بالكسر صحيحة وبالفتح كذلك وقول ابن السبكي: بأشهرية إحداهما لا دليل عليه، وحديث الكتاب يصح فيه الأمران. (البزار عن ابن مسعود) (1) رمز المصنف لحسنه وقال المنذري: إسناده لا بأس به وقال الهيمثي: رجاله موثقون.
386 -
" إذا أراد الله بعبد خيرًا فتح له قُفْلَ قلبه، وجعل فيه اليقين والصدق، وجعل قلبه واعيا لما سلك فيه، وجعل قلبه سليما، ولسانه صادقا، وخليقته مستقيمة، وجعل أذنه سميعة، وعينه بصيرة أبو الشيخ عن أبي ذر".
(إذا أراد الله بعبد خيرًا فتح له قفل قلبه) هو استعارة مأخوذه من قوله تعالى: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] شبه القلب بذي القفل كالصندوق ثم أثبت له القفل تخييلاً ثم الفتح ترشيحًا وفسر ثمرة الفتح بقوله (وجعل فيه اليقين) هو خلاف الشك، والمراد جعل فيه اليقين بالإيمان والتصديق بما جاء عن الله وعن رسوله وعمل بمقتضاه وأيقن بالوعد فعمل طلبًا للثواب وأيقن بالوعيد فترك المنهي عنه فإنه لا يقين لمن لا عمل له (والصدق) أي جعله مصدقًا لما يلقى إليه من كلام الله ولكلام رسله (وجعل قلبه واعيًا) حافظًا (لما يسلك فيه) السلك الإدخال أي جعل قلبه حافظًا لما دخل إليه من الخير (وجعل قلبه
(1) أخرجه البزار (1700) وكذا الطبراني (10/ 197) رقم (10445) وقال المنذري (1/ 50): إسناده لا بأس به وقال الهيثمي في المجمع (1/ 121): رجاله موثقون. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (334) في إسناده أحمد بن محمد بن أيوب صدوق كانت فيه غفلة كما في التقريب (93) وقال ابن عدي في ترجمته (1/ 174) وأنكرت عليه وحدث عن أبي بكر بن عياش بالمناكير. ثم قال بعد أن ساق له عدة أحاديث: وأحمد بن محمد هذا أثنى عليه أحمد وعلي وتكلم فيه يحيى وهو مع هذا كله صالح الحديث ليس بمتروك.
سليمًا) سالمًا عن كل ما لا يرضاه الله من اعتقاد النفاق والكفر والحسد والحقد وحب غير الله وهو الذي أراده الخليل بقوله: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89](ولسانه صادقًا) لا ينطق إلا به (وخليقته مستقيمة) في القاموس (1): الخليقة الطبيعة أي جعل طبيعته منقادة للحق منفعلة للخير مجتنبة للشر منجذبة لكل ما يحبه الله ورسوله (وجعل أذنه سميعة) سامعة لكل نافع من الأقوال وليست كالصمغ الذي يأتي ويل لإجماع القول بل هو يورد ما تلقته إلى قلبه يتأمله ويتفكر فيه (وعينه بصيرة) منتفعة بما تنظره مطلقة للنظر في ملكوت السماوات والأرض للاعتبار لا نظر الغافل.
واعلم أن هذه الحواس المذكورة هي عمدة الإنسان وهي جواسيس القلب التي تجلب له الخير أو الشر ويستمد منها ولهذا يذكرها الله تعالى مقترنًا بعضها ببعض: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} [النحل: 78]، {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء] {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] والحديث قد اشتمل على ما اشتملت عليه الآيات وزاد مقدمة هي جعل اليقين والتصديق بساطًا لقبول ما يرد عليه ويسلك فيه أما من علوم الأنبياء والرسل وهي التي طريقها السمع وأما علوم الملكوت التي بثها الله على صفحات الأكوان أدلة عليه وعلى قدرته وحكمته وعلى صفاته وهي التي طريقها البصر، وهذه مواد الإيمان ووسيلة الفوز بالسعادة الأبدية، والقلب لا يكون واعيًا حتى يكون مصدقًا ولا يجعل سليمًا إلا إذا وعى، واللسان هى مغرفة القلب فيظهر شره وخيره منها فإذا كان سليمًا كانت صادقة، والخليقة هي خلاصة ما في القلب وفيض ما اشتمل عليه فإذا استقام استقامت فليتأمل
(1) القاموس المحيط (ص 1137).
قدر هذا الحديث فإنه من الجوامع النبوية ويعلم منه أن مشكاة الكتاب والسنة من الفيض الرحماني متساوية متقاربة ذرية بعضها من بعض (أبو الشيخ عن أبي ذر (1)) سكت عليه المصنف وفيه جماعة ضعفاء ذكرهم الشارح.
387 -
" إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا فقههم في الدين، ووقر صغيرهم كبيرهم، ورزقهم الرفق في معيشتهم، والقصد في نفقاتهم، وبصرهم عيوبهم فيتوبوا منها؛ وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هملاً (قط) في الأفراد عن أنس (ض) ".
(إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا فقهم في الدين ووقر صغيرهم كبيرهم) من التوقير التعظيم وقد جعل الله للكبير حقًا على الصغير، ويأتي حديث:"من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا"(ورزقهم الرفق في معيشتهم) الرفق اللطف واللين في القول وفي الفعل الأخذ بالسهل منه ويأتي حديث: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه" وحديث: "إن الله يحب الرفق في الأمر كله"(والقصد في نفقاتهم) بفتح القاف وسكون الصاد المهملة هو العدل والتوسط في الأمور كلها والمراد رزقهم الله التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط وهما الإسراف والتقتير كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} الآية. [الفرقان: 67] وهي الحسنة بين السيئتين كما قال عمر بن عبد العزيز وفي كلام النهج (2): ما عال من اقتصد أي ما افتقر. (وبصرهم عيوبهم فيتوبوا منها) هكذا في نسخ الجامع بحذف النون ولم يتقدمه شيء من الأمور الستة التي هي شرط في نصب
(1) أخرجه أبو الشيخ في الثواب كما في الكنز (30768)، والديلمي (1/ 9411) من طريق أبي الشيخ كما في المداوي (1/ 713) رقم (387)، وفي إسناده سعد بن إبراهيم مجهول وهو، وشرحبيل بن الحكم عن عامر بن نائل قال ابن خزيمة في "التوحيد": أنا أبرأ من عهدتهما: انظر: المغني في الضعفاء (2754) والميزان (3/ 368)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (333) وفي السلسلة الضعيفة (2226).
(2)
انظر: نهج البلاغة (ص: 712).
الفاء وكأنه لوحظ في بصر معنى الأمر أو على لغة: والحق بالحجاز واستريحا (وإذا أراد بهم غير ذلك تركتهم هملاً) بفتح الهاء والميم هي الإبل لا راعي لها وقيل: السدى المتروك ليلًا ونهارًا والمراد أهملهم عن جميع ما ذكر (قط في الإفراد (1) عن أنس) رمز المصنف لضعفه وقال مخرجه الدارقطني: غريب تفرد به ابن المنكدر عنه ولم يروه غير موسى بن محمد بن عطاء وهو متروك.
388 -
" إذا أراد الله بقوم خيرًا: أكثر فقهاءهم، وأقل جهالهم؛ فإذا تكلم الفقيه وجد أعوانا، وإذا تكلم الجاهل قهر. وإذا أراد الله بقوم شرًّا: أكثر جهالهم، وأقل فقهاءهم؛ فإذا تكلم الجاهل وجد أعوانا، وإذا تكلم الفقيه قهر أبو نصر السجزي في الإبانة عن حيان بن أبي جبلة، (فر) عن ابن عمر (ض) ".
(إذا أراد الله بقوم خيرًا أكثر فقهاءهم) هو أعم من الأول فإن القوم أعم من أهل بيت عرفًا وإن كان قد يكون أهل بيت قومًا كما أن الأول أعم من حديث إذا أراد الله بعبد خيرًا فقهه في الدين (وأقل جهالهم فإذا تكلم الفقيه وجد أعوانًا وإذا تكلم الجاهل قهر) بمضمون كلامه وفيه أن أهل العلم أعوان بعضهم لبعض على الخير وعليه حديث الشيخين (2): "المؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضًا" والمراد بالفقهاء العاملون المتعاونون على الخير والبر والتقوى الدعاة إلى ما فيه رضا الله وإقامة شعائر دينه فيا حسرتا من زمان أصبح المسمى بالفقيه فيه عونًا للجهال فإذا تكلم العالم قهره الفقهاء وأغروا به السفهاء وإذا تكلم الجاهل أعانه الفقهاء فإنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أرشد الأمة أجمعين إلى ما
(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (956) والدارقطني في الأفراد كما في الكنز (28691) وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (18/ 78) وقال: قال الدارقطني: غريب، وابن عدي في الكامل (6/ 347)، وقال: منكر بهذا الإسناد وموسى بن محمد منكر الحديث ويسرق الحديث.
(2)
أخرجه البخاري (481) ومسلم (2585).
فيه رضاك يا رب العالمين. (وإذا أراد بقوم شرًّا أكثر جهالهم وأقل فقهاءهم فإذا تكلَّم الجاهل وجد أعوانًا) لأن أكثر الناس على الجهل وفيه أن فشو الجهل سبب لظهور أهل الباطل على أهل الحق (وإذا تكلم الفقيه قهر) لعدم الأعوان (أبو نصر السجزي في الإبانة عن حَيَّان) بفتح الحاء المهملة بعدها مثناة تحتية (ابن أبي جَبَلة) بالجيم مفتوحة وفتح الموحدة تابعي ثقة فكان على المصنف أن يقول مرسلاً (فر عن ابن عمر (1)) رمز المصنف لضعفه لأن فيه الحسن بن علي التميمي قال في الميزان: عن الخطيب ليس بحجة.
389 -
" إذا أراد الله بقوم خيرًا مدَّ لهم في العمر، وألهمهم الشكر (فر) عن أبي هريرة (ض) ".
(إذا أراد الله بقوم خيرًا أمد) طَوَّل (لهم في العمر) بضم المهملة وسكون الميم وضمها مدة الحياة (وألهمهم الشكر) ألقى في قلوبهم شكر النعم فيكون طول العمر زيادة في الطاعة والتقوى (فر عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه (2).
390 -
" إذا أراد الله بقوم خيرًا: ولّى عليهم حلماءهم، وقضى بينهم علماؤهم، وجعل المال في سمحائهم. وإذا أراد بقوم شرا: ولّى عليهم سفهاءهم، وقضى بينهم جهالهم، وجعل المال في بخلائهم (فر) عن مهران (ض) ".
(إذا أراد الله بقوم خيرًا ولى عليهم حلماءهم) جمع حليم والحلم التثبت
(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (952) من رواية ابن عمر وقال المناوي (1/ 261): الحسن بن علي التميمي قال في الميزان (2/ 262) عن الخطيب: ليس بحجة، وأبو نصر السجزي في الإبانة كما في الكنز (28692)، وأخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (صـ 42)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (340) وفي السلسلة الضعيفة (2220).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (953) والبيهقي في الزهد (630) وفي إسناده عنبسة بن سعيد ضعفه الدارقطني وتركه الفلاس. انظر: "ميزان الاعتدال"(5/ 360).
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (342) وفي السلسلة الضعيفة (2099).
والأناة وعدم المسارعة إلى المعاقبة بالذنب وذلك أن الحليم لا يأتي منه إلا كل خير، الرفق بالرعايا واللطف بهم فتكون ولايته من الألطاف للعباد القائدة لهم إلى كل خير (وقضى بينهم علماؤهم) أي جعل الحكم وفصل القضايا إلى العلماء لأنهم الذين بأنوارهم يُهتدى والمراد بهم العاملون لما يأتي من حديث ابن عمر:"أن القضاة ثلاثة ثم عد منهم من عرف الحق وحكم بغيره فهذا عالم قاض إلا أنه لا خير في قضائه". (وجعل المال في سُمَحائهم) لأنهم الذين يبذلون المال ويفيض من أيديهم على من سواهم ويخرجون الواجبات وينالها الفقراء ويصلون الرحم ويساهلون الناس في البيع والشراء والقضاء والاقتضاء. (وإذا أراد بقوم شرًا ولّى عليهم سفهاءهم) في القاموس (1): السفه: محرَّكَ خِفَّةُ الحلم أو نقيضه أو الجهل (وقضى بينهم جُهّالهم) فضلّوا وأضلّوا والمراد الذين لا يحكمون بالحق وإن كانوا به عالمين كما تقدم وقد سمى الله العالمال في لا يعمل جاهلاً في القرآن (وجعل المال في بخلائهم) لضد ما سلف من الفوائد الجارية على أيدي أهل السماحة (فر عن مهْران (2)) بكسر الميم وسكون الهاء فراء آخره ألف ونون هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورمز المصنف لضعفه وقال في مسند الفردوس: إسناده جيد.
391 -
" إذا أراد الله بقوم نماء رزقهم السماحة والعفاف، وإذا أراد بقوم اقتطاعا فتح عليهم باب خيانة (طب) وابن عساكر عن عبادة بن الصامت (ض) ".
(إذا أراد الله بقوم نماءًا) النماء: الزيادة والكثرة وهو عام هنا في المال والولد
(1) القاموس المحيط (ص: 1609).
(2)
أخرجه الديلمي من طريق ابن لال كما في المداوى للغماري (1/ 268) رقم (212) وقال المناوي (1/ 262): وإسناده جيد، وابن عساكر في تاريخ دمشق (68/ 129)، وحديث الحسن مرسل أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الحلم (75) والعقوبات (31)، وأورده الألباني في ضعيف الجامع (343).
رزقهم السماحة) المساهلة في الأمور الدنيوية (والعفاف) الكف عما لا يحل وعن سؤال الناس تكثرًا (وإذا أراد بقوم اقتطاعًا) أخذًا وذهابًا بما فيه من النعمة (فتح عليهم باب خيانة) ضد الأمانة أي جعلهم خونة لأمانات الله وهي التكاليف الشرعية فلا يأتون بها، وأمانات العباد فلا يفون بها فيحق عليهم العقاب وفيه أنه تعالى لا يعاقب أحدًا إلا بعمله فإنهم لما استحقوا تيسير العسرى ساقها إليهم ثم أخذوا بذنوبهم وهو نظير قوله تعالى:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} الآية [الإسراء: 16](طب وابن عساكر عن عبادة بن الصامت) رمز المصنف لضعفه (1).
392 -
" إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق (حم تخ هب) عن عائشة البزار عن جابر".
(إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق) هو لين الجانب واللطف في الفعل والأخذ بالأسهل قال الزمخشري (2): ومن المجاز: هذا الأمر رافق بك وعليك ورفيق: نافع وهذا أرفق بك (حم تخ هب عن عائشة (3)) رمز المصنف لحسنه (البزار عن جابر) سكت عليه المصنف وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
(1) أخرجه ابن عساكر في التاريخ (40/ 165) والديلمي في الفردوس (955)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 34) رقم (19) وقال: إبراهيم بن أبي عبلة لم يسمع من عبادة، وفي إسناده عراك بن خالد، انظر: المغني في الضعفاء (4087) و"الميزان"(5/ 80). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير (347).
(2)
أساس البلاغة (1/ 177).
(3)
أخرجه أحمد (6/ 71) والبخاري في التاريخ (1/ 416) وابن عدي (4/ 592)، والبيهقي في الشعب (6560) عن عائشة وأخرجه البزار (1700 كشف) عن جابر، قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: سنده ضعيف، وقول الهيثمي في المجمع (8/ 43)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (303) وفي السلسلة الصحيحة (1219).
393 -
" إذا أراد الله بعبيد خيرًا رزقهم الرفق في معايشهم، وإذا أراد بهم شرًّا رزقهم الخرق في معايشهم (هب) عن عائشة (ض) ".
(إذا أراد الله بعبيد خيرًا رزقهم الرفق في معاشهم) هو ضد العنف والمراد بمعاشهم مكاسبهم التي يعيشون فيها (وإذا أراد بهم شرًا رزقهم الخُرق) بضم الخاء المعجمة ضد الرفق والمراد الإسراف (في معاشهم) والمراد أنه إذا أراد بأحدٍ خيرًا رزقه ما يستغني به مدة حياته، ولينه في تصرفه مع الناس وألهمه القناعة، وإذا أراد به شرًا ابتلاه بضد ذلك (هب عن عائشة (1)) رمز المصنف لضعفه.
394 -
" إذا أراد الله برجل من أمتي خيرًا ألقى حب أصحابي في قلبه (فر) عن أنس (ض) ".
(إذا أراد الله برجل من أمتي خيرًا ألقى حب أصحابي في قلبه) فيه أن الحب من الله كما قدمناه وفيه {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ} [الحجرات: 7]، فهو من تيسير اليسرى لأن حب الصحابة من الإيمان لما لهم من الحق على العباد من السبق بالإيمان والجهاد ولصحبتهم سيّد ولد آدم صلى الله عليه وسلم وهو يحب صاحب الحبيب للحبيب ولذا قيل:
حبيب إلى قلبي حبيب حبيبي
…
ويكرم الصديق للصديق
قال: ويكرم ألف للحبيب المكرم. (فر عن أنس (2)) رمز المصنف لضعفه قال الشارح: هو ضعيف لكن له شواهد.
395 -
"إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق: إن نسى ذكره، وإن
(1) أخرجه البيهقي في الشعب (6561) وفي إسناده سويد بن سعيد وهو الحدثاني قال الحافظ ابن حجر: صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه فأفحش فيه ابن معين القول (التقريب 2690)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (338).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (1/ 1/ 98)، كما في السلسلة الضعيفة، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 41)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (327) وفي السلسلة الضعيفة (1630).
ذكر أعانه. وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء: إن نسى لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه (د هب) عن عائشة (ح) ".
(إذا أراد الله بالأمير) هو ذو الإمارة والولاية ولو على أهله كما يدل له حديث الشمائل (خيرًا جعل له وزير صدق) في الكشاف (1): الوزير من الوزر لأنه يتحمل عن الملك أوزاره ومؤنه أو من الوزر لأن الملك يعتصم برأيه ويلجئ إليه أموره أو من المؤازرة وهي المعاونة انتهى، وقوله صدق بمعنى صادق فالمصدر في معنى اسم الفاعل أي وزيرًا صادقًا وضع موضعه مبالغة (إن نسي ذكره) ما نسيه من مصالح العباد (وإن ذكر أعانه) على مرضات الله برأيه ولسانه وبدنه (وإن أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره) مع كون الوزير ذاكرًا لما نسيه الأمير ويحتمل أنهما ينسيان جميعًا خذلانًا لهما فيفوت بالنسيان الخير والمصلحة (وإن ذكر لم يعنه) فلا يتم له مراده وفيه أن الوزير هو القائد للأمير إلى الخير والشر (د هب) ورواه ابن الأثير في جامع الأصول والنسائي (عن عائشة (2)) رمز المصنف لحسنه وقال في الرياض: رواه أبو داود على شرط مسلم لكن جرى العراقي على ضعفه وقال ضعفه ابن عدي وغيره ولعله من غير طريق أبي داود.
396 -
" إذا أراد الله بعبد شرًّا خَضَّرَ له في اللبن والطين؛ حتى يبني (طب خط) عن جابر (ض) ".
(1) انظر: الكشاف (1/ 753).
(2)
أخرجه أبو داود (2932) والنسائي في المجتبى (7/ 159) وفي الكبرى (8752)، والبيهقي في السنن (10/ 111) وفي "الشعب"(7402)، وفي الأسماء والصفات (304)، وكذلك ابن حبان (4494) وأحمد (6/ 70) وقال النووي في رياض الصالحين (679) وإسناده جيد على شرط مسلم وأخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 221) في ترجمة زهير بن محمد العنبري، والدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد (6268). وصححه الألباني في صحيح الجامع (302).
(إذا أراد الله بعبد شرًا خَضَّرَ) بالخاء والضاد المعجمتين قال في النهاية (1): حقيقته أن يجعل حالته خضراء والمعنى أنه يزيد له (في اللبن) بفتح اللام وكسر الموحدة جمع لبنة القطعة من التراب (والطين حتى يبني) فينفق ماله فيما لا يؤجر فيه لحديث: كل نفقة ينفقها المسلم يؤجر عليها إلا في البناء" ويأتي: "كل نفقة ينفقها المسلم يؤجر عليها إلا البنيان"، ولابد من استثناء بناء المساجد لما يأتي من حديث: "كل بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلا مسجد" وكذلك ما لا بد منه لحديث إلا مالاً ويلحق بالمسجد ما فيه نفع عام من العمارات المسبلة فهو مقيد لحديث الكتاب ووجه ذلك كراهته تعالى للدنيا وعمارتها لأن لغيرها خلق العباد طب (خط عن جابر) رمز المصنف لضعفه وقال المنذري: إسناده جيد (2).
397 -
" إذا أراد الله بعبد هوانا أنفق ماله في البنيان، والماء، والطين البغوي (هب) عن محمد بن بشير الأنصاري، وما له أحديث، نحيره (عد) عن أنس (ض) ".
(إذا أراد الله بعبد هوانًا) بأن لا يجعل له حظًا من الثواب في نفقته (أنفق ماله في البنيان والماء والطين) فينفق أمواله وساعاته في ذلك وشغله عما خلق له من عبادة الله ويحبب إليه الدنيا وهذا في غير ما لا بد منه (البغوي هب عن محمد بن
(1) النهاية (2/ 42).
(2)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (2/ 185) رقم (1755) وفي الأوسط (9369)، وقال الهيثمي (4/ 69): رجاله رجال الصحيح خلا شيخ الطبراني ولم أجد من ضعفه، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 381) وقال المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 13): إسناده جيد. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (336) وفي السلسلة الضعيفة (2294)، لأن في إسناده هارون بن سليمان المصري، فلم أجد من وثقه، وليس له في "الأوسط" إلا هذا الحديث، مما يشعر أنه ليس بمشهور، وقد توبع، فرواه الخطيب من طريق علي بن الحسين بن خلف المخرمي قال: أخبرني محمد بن هارون الأنصاري: حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان الرقي: حدثنا يوسف بن عدي به. لكن محمد بن هارون الأنصاري؛ قال الذهبي في المغني (6054): "كان يتهم"، فلا قيمة لهذه المتابعة. على أن علة الحديث من فوق، وهي عنعنة أبي الزبير، فإنه كان يدلس.
بشير الأنصاري (1) وماله غيره رمز المصنف لضعفه (عد عن أنس) سكت عليه المصنف وقد ضعفه مخرجه وقال: فيه الوقاد يضع الحديث.
398 -
" إذا أراد الله بقوم سوءًا جعل أمرهم إلى مترفيهم (فر) عن علي (ض) ".
(إذا أراد الله بقوم) قال بعض أهل اللغة هم الذين يقومون بالأمر حق القيام ويستعمل بعرف العرب لأهل النجدة والقوة حتى يقاتلوا بينه وبين النساء كما قال:
ولا أدري ولست أخال أدري
…
أقوم أهل منه أم نساءُ
(سوءًا جعل أمرهم إلى مترفيهم) جمع مترف وهو المتنعم المتوسع في ملاذ الدنيا وشهواتها ومنه حديث: "أوّه لفراخ آل محمد من خليفة يُستَخْلف عتريف مترف"(2) قال في النهاية (3): وذلك أنه بإترافه يجتاح أموال رعاياه ويعرض شغلته بلذته عن نظام أمورهم وإنصاف ضعيفهم من قويهم (فر عن علي) رمز المصنف لضعفه (4).
(1) أخرجه البيهقي في الشعب (10720) وكذلك الطبراني في الأوسط (8939) وابن أبي الدنيا في قصر الأمل (233)، وقال ابن حبان في الثقات (5/ 366) في ترجمة محمد بن بشير الأنصاري يروى المراسيل وقال: هذا مرسل وليس بمسند. وأخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 216) عن أنس، وقال: باطلٌ في إسناده زكري ابن يحيى أبو يحيى الوقار يضع الحديث، وعزاه الحافظ في الإصابة (6/ 6) ت (7765) للبغوي وابن شاهين وابن يونس وابن منده وقال: شك في صحبته ابن يونس فقال: يقال له صحبة وقد ذكر في أهل مصر وليس هو بالمعروف فيهم وله بمصر حديث -وذكر الحديث- وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (337) وفي السلسلة الضعيفة (2294).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 38 رقم 56).
(3)
النهاية (1/ 187). و (1/ 82، 3/ 178).
(4)
أخرجه الديلمي في الفردوس (960)، وفي إسناده حفص بن مسلم السمرقندي قال الذهبي: متروك، انظر: المغني في الضعفاء رقم (1614) قال المناوي (1/ 265): فيه حفص بن مسلم قال الذهبي: متروك، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير (344) والسلسلة الضعيفة (2296).
399 -
" إذا أراد الله بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم (ق) عن ابن عمر (صح) ".
(إذا أراد الله بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم) ممن لا يستحق العذاب وهو نظير أحد الوجوه في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] ويأتي أحاديث: أنه يهلك الصالحون مع غيرهم ويبعثون على نياتهم وهذا خاص بمن عدا المهلكين من الأمم التي فيهم رسل الله فإنه تعالى ينجي رسله كما أنجى موسى وقومه حين أغرق فرعون وقومه وأنجى لوطًا وأهله إلا امرأته وأنجى نوحًا ومن آمن معه إكرامًا لرسله وإبانة لحقية ما بعثوا به وأما مثل قوله تعالى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ ....} إلى قوله: {
…
لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية. [الفتح: 25] فإنه دال على أنه تعالى صرف العذاب لوجود من لا يستحقه منهم فإنه خاص بأولئك الأقوام دون غيرهم، أو أن هذا في عذاب السيف وأما ما يأتي من حديث:"إذا أراد الله بقوم نقمة مات الأطفال وعقم النساء فينزل العذاب وليس فيهم مرحوم"، فلا ينافي هذا لأنه يراد هنا من كان فيهم المكلفون كما يدل له قوله (ثم بعثوا على أعمالهم) فإن الأعمال إنما تضاف إلى المكلفين (ق عن ابن عمر)(1).
400 -
" إذا أراد الله بقوم عاهة نظر إلى المساجد فصرف عنهم (عد فر) عن أنس (ض) ".
(إذا أراد الله بقوم عاهة) آفة أو بلية (نظر إلى أهل المساجد) نظر رحمة بهم (فصرف عنهم) أي عن القوم لا عن أهل المساجد خاصة ويحتمله إلا أن الأول هو الأصح والمراد الملازمون للطاعات فيها والإقبال على الخير (عد فر عن
(1) أخرجه البخاري (7108)، ومسلم (2879).
أنس (1)) رمز المصنف لضعفه وفيه مكرم بن حكيم ضعَّفه الذهبي وقال ابن عدي: لا يتابع على حديثه.
401 -
" إذا أراد الله بقرية هلاكًا أظهر فيهم الزنا (فر) عن أبي هريرة (ض) ".
(إذا أراد الله بقوم هلاكًا أظهر فيهم الزنا) روى بالراء والباء وبالزاي والنون أي ظهر فيهم أي الأمرين بلا نكير (فر عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه (2).
402 -
" إذا أراد الله أن يخلق خلقًا للخلافة مسح ناصيته بيده (عق عد خط فر) عن أبي هريرة (ض) ".
(إذا أراد الله أن يخلق خلقًا للخلافة) إنسانًا يجعله خليفة قال الزمخشري (3): أراد بالخلافة الملك والتسليط ويعقب بأن القصر على ذلك يحكم إذ هو يشمل العلماء أيضًا الناشرين لأحكام الله والذابين عن دينه بالردود على الملاحدة وأهل الباطل (مسح ناصيته بيده) المراد جعل له حالة يختص بها من دون العباد مما يلقى عليه المحبة والقبول حتى كأنه مسح ناصيته بيده أو أمر الملك بمسحها ويأتي أنها لا تقع عليه عين إلا أحبته (عق عد خط فر عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه (4).
(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (961)، كما في المداوى (1/ 292) رقم (220) وابن عدي في الكامل (3/ 233) ت (725) وأخرجه أيضًا أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 159) وعزاه ابن كثير في التفسير (2/ 341) للدارقطني في الأفراد، وفي إسناده مكرم بن حكيم قال الذهبي: قال الأزدي: ليس حديثه بشيء المغني في الضعفاء (6406) وقال في الميزان (6/ 509) روى خبرًا باطلاً، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (345).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (962) وكما في الضعيفة (2228)، وفي إسناده الحسن وهو البصري مدلس وقد عنعن، قال المناوي (1/ 266): فيه حفص بن غياث فإن كان النخعي ففي الكاشف: ثبت إذا حدث من كتابه، وإن كان الراوي عن ميمون، مجهول، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (339) وفي السلسلة الضعيفة و (2228).
(3)
انظر: الكشاف (1/ 921) عند قوله: {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ} .
(4)
أخرجه الديلمي في الفردوس (959) وابن عدي في الكامل (6/ 364) في ترجمة مصعب بن عبد=
403 -
" إذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له فيها حاجة (حم طب حل) عن أبي عزة (صح) ".
(إذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له إليها حاجة) هو فرد من أفراد وقوع ما قدره الله من أفعال العباد باختيارهم فإنه تعالى قدر وفاة زيد بالأرض الفلانية مثلاً فمشى إليها مختارًا كان ما قدره الله تعالى فلا منافاة بين تقديره تعالى واختيار عبده (حم طب حل عن أبي عَزّة (1)) بفتح العين المهملة والزاي مشددة اسمه يسار ابن عبد الهذلي البصري صحابي (2) رمز المصنف لصحة الحديث.
404 -
" إذا أراد الله أن يوتغ عبدا عمى عليه الحيل (طس) عن عثمان (ض) ".
(إذا أراد الله أن يزيغ (3) عبدًا) بالزاي آخره معجمة بينهما مثناة تحتية من الإزاغة الإمالة من قوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5] وفي نسخ الجامع يوقع بالواو والقاف إلا أنه قال الشارح: إن الذي رواه في معجم الطبراني يزيغ كما ضبطناه (أعمى عليه الحيل) جمع حيله وهي الأمر الذي به يخلص العبد من ورطة في دينه أو دنيا والمراد جعل قلبه أعمى لا يهتدي لصواب (طس عن عثمان (4)) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه محمد بن عيسى
= الله النوفلي وقال: هذا حديث منكر بهذا الإسناد، والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 147)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 198) ت (1777) في ترجمة مصعب وقال: عن أبي ذئب مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ ولا يتابع عليه. وذكر هذا الحديث. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (1534).
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (324) وفي السلسلة الضعيفة (2217).
(1)
أخرجه أحمد (3/ 429) وأبو نعيم في الحلية (8/ 374) والطبراني في الكبير (22/ 276) رقم (706)، وفي الأوسط (8412)، والبخاري في الأدب المفرد (780)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (311) والسلسلة الصحيحة (1221).
(2)
انظر: الاستيعاب (1/ 502)، والإصابة (7/ 273).
(3)
في المطبوعة: يرتغ وفي أخرى يوقع وفي الأصل كما أثبت "يُزيغ".
(4)
أخرجه الطبراني في الأوسط (3914) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 210): في إسناده محمد=
الطرسوسي ضعيف (1) وفيه غيره من الضعفاء.
405 -
" إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره سلب ذو العقول عقولهم حتى ينفذ فيهم قضاؤه وقدره، فإذا مضى أمره، رد إليهم عقولهم، ووقعت الندامة (فر) عن أنس، وعلي"(ض).
(إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره سلب ذي العقول عقولهم) أي سلبهم الانتفاع بها والاهتداء إلى وجه الخلوص عما نزل بهم وأعمى الحيل عليهم وشتت أراءهم وفرق كلمتهم وردوا رأي ذي الرأي منهم وكانوا تبعًا لمن لا رأي له كما قال دريد بن الصمة (2):
وما أنا إلا من غزية إن غوت
…
غويت وإن ترشد غزية أرشد
فهذا المراد من سلب العقول؛ لا أنها تذهب حتى يبقوا كالمجانين، وهذا من نفي الشيء لعدم الانتفاع وهذا الأمر قد جربه كل أحد بل الفرد من بني آدم لا يخلو عنه، ومن سرح فكره في تقلب الدنيا بأهلها وانقلابها على ملوكها وإزالة أقوام آخرين رأي كل العجب فإنك ترى الرجل الكامل بينما رأيه لهدم القرى العامرة وسلب الأرواح إذ دار عليه القدر فعجز عن تدبير نفسه وهو المسمى بالإدبار وفي النهج، تذل الأمور للمقادير حتى يكون الحيف في التدبير (حتى ينفذ فيهم قضاؤه وقدره) في الدر المنثور (3) أنه قال ابن عباس: إن الهدهد يرى
= بن عيسى الطرسوسي وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (325).
(1)
قال الحافظ في اللسان (5/ 335): محدث رجال، قال ابن عدي: هو في عداد من يسرق الحديث.
وعامة ما يرويه لا يتابعونه عليه، وقال الحافظ: رأيت له أثرًا منكرًا.
انظر: الكامل لابن عدي (6/ 283) وتاريخ دمشق (55/ 70) وميزان الاعتدال (3/ 679) وسير أعلام النبلاء (13/ 164).
(2)
عزاه في لسان العرب (15/ 125) إلى دريد بن الصمة، وقال: وابن غزية من شعراء هذيل.
(3)
أورده السيوطي في الدر المنثور (6/ 349)، وعزاه إلى سعيد بن منصور وابن أبي حاتم.
الماء من فوق الأرض أي الماء الذي تحت الأرض فقال له قائل: فلم لا يرى الفخ حين ينصب له فقال: إذا نزل القدر عمي البصر.
حكى الصولي قال: اجتمع عند يحيى بن خالد (1) في آخر دولتهم البرامكة وهم يومئذ عشرة فأداروا بينهم الرأي في أمر فلم يصح لهم فيه رأي فقال يحيى: إنا لله ذهبت والله دولتنا كنا في إقبال دولتنا يبرم الواحد منا عشرة أراء مشكلة في وقت واحد واليوم نحن عشرة في غير مشكل ولم يصح لنا فيه رأي نسأل الله حسن الخاتمة (فإذا مضى أمره رد إليهم عقولهم ووقعت الندامة) حيث لا تنفع ولا تزيدهم إلا حسرة (فر عن أنس وعلي (2)) رمز المصنف لضعفه وفيه سعيد بن سماك كذاب متروك وفي الميزان خبر منكر وذكر المؤلف في الدرر أنه أخرجه الطبراني والبيهقي من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف.
406 -
" إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء (م) عن أبي سعيد (صح) ".
(إذا أراد الله خلق شيء) قاله صلى الله عليه وسلم لمن سأل عن العزل من النساء فقال: إذا أراد الله خلق شيء أي أي نسمة يريد خلقها (لم يمنعه شيء) إخبار عن نفوذ مراده وأنه لا مانع له عما يريد {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 82]. وفيه أن من حملت ومن هي تحته يعزل عنها فإنه يلحقه من حملت به (م عن أبي سعيد)(3).
(1) يحيى بن خالد البرمكي توفي في سجن الرشيد وله سبعون سنة سنة 190، انظر: العبر في خبر من مخبر (1/ 306)، والمنتظم (9/ 188).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (966) عن ابن عمر. وكذلك القضاعي في مسند الشهاب (1408) وأورده الذهبي في الميزان (6/ 325) في ترجمة محمد بن محمد بن سعيد المؤدب وقال: وأتى بخبر منكر، وأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 342)، والخطيب (4/ 99)، وضعفه الألباني كما في السلسلة (2215)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (322) وفي السلسلة الضعيفة (2212).
(3)
أخرجه مسلم (1438).
407 -
" إذا أراد الله بقوم قحطا نادى مناد من السماء: يا معي اتسعى، ويا عين لا تشبعي ويا بركة ارتفعي ابن النجار في تاريخه عن أنس، وهو مما بيض له الديلمي [أي لم يذكر سنده، تركه "أبيضا"، لعدم وقوفه على سنده] (ض) ".
(إذا أراد الله بقوم قحطًا) القحط انحباس الغيث وأريد به هنا لازمه (نادى مناد من السماء يا معي) بكسر الميم مقصورًا واحد الأمعاء وهي المصارين كما في النهاية (1): (اتسعي) انفتحي وتوسعي لكل طعام حتى لا يسد جوعتك شيء (ويا عين لا تشبعي) استحقري كل شيء حتى لا يشبع النفس شيء فإن العين تهدي إلى النفس ما تراه من كثير فتستكثره ومن قليل فتستقله، وهنا يوحي إليها أن لا تري الكثير إلا قليلاً (ويا بركة ارتفعي) البركة، النماء والزيادة فتؤمر بالارتفاع عن المأكولات وظاهره أنه نداء حقيقي لهذه الأمور وهو أمر مجرب في الأزمات لا يشبع قوم من طعام وإن كثر نسأل الله البركة، فهذه الأحاديث قد دلت أنه تعالى قد يريد الخير أو الشر من أفراد العباد أو بأهل بيت أو بالأمير أو بالقوم أو بجميع العالم نسأل الله أن يجعل إرادته بنا خيرًا في جميع أحوالنا (ابن النجار في تاريخه عن أنس وهو مما بيض له الديلمي (2)) لعدم وقوفه على سنده ورمز المصنف لضعفه.
408 -
" إذا أراد أحدكم أن يبول، فليرتد لبوله (د هب) عن أبي موسى".
(إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله) من الارتياد وهو الطلب فليطلب له مكانًا لينًا حتى لا يرجع إليه رشاش بوله، يقال راد وارتاد واستراد، وهو أمر ندب وإن لم يجد إلا أرضًا صلبة لينها بنحو عود (د هب (3)
(1) النهاية (4/ 344).
(2)
أخرجه ابن النجار في ذيله على تاريخ بغداد كما في الكنز (21594)، والديلمي (962)، وانظر فيض القدير (1/ 268) عن أنس وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (246).
(3)
في المطبوعة: (هق).
عن أبي موسى (1)) لم يرمز له المصنف وقال النووي: ضعيف وتبعه العراقي.
409 -
" إذا أراد أحدكم أن يذهب إلى الخلاء، وأقيمت الصلاة فليذهب إلى الخلاء (حم د ن هـ حب ك) عن عبد الله بن الأرقم (صح) ".
(أن يذهب إلى الخلاء، وأقيمت الصلاة فليذهب إلى الخلاء) بالمعجمة ممدود التخلي لقضاء الحاجة، ليقضي حاجته، لئلا يصلي وهو يدافع الأخبثين، فظاهر الأمر الوجوب، فلو صلى وهو يدافع الأخبثين هل تصح صلاته ويأثم أو لا تصح؟ بحث فيه ابن دقيق العيد. (حم د ن هـ حب ك عن عبد الله بن الأرقم)(2).
410 -
" إذا أراد أحدكم أن يبيع عقاره فليعرضه على جاره (ع عد) عن ابن عباس (ض) ".
(إذا أراد أحدكم أن يبيع عقاره) بفتح العين المهملة، الضيعة والنخل والأرض ونحو ذلك، قاله في النهاية (3). وفيه الأمر بعرض البايع ما يريد بيعه من أرضه على جاره، لأن له حقا كما أفاده حديث:"جار الدار أحق بالدار"(4) وكذلك عرض العقار كالدار أولى، وهذه من الأمور التي هجرها الناس بل يبالغون في الطي عن الجار يبالغون في الحيل التي تسقط حقه الثابت له بالجوار
(1) أخرجه أبو داود (3) والبيهقي في السنن (1/ 93) وكذلك أحمد (4/ 396) وفي إسناده مجهول وضعفه النووي في الخلاصة (1/ 149)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (319) والسلسلة الضعيفة (2320).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 483)، وأبو داود (88)، والنسائي (2/ 110)، وابن ماجه (616)، وابن حبان (2071)، والحاكم في المستدرك (1/ 168)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (229).
(3)
انظر: النهاية (3/ 274).
(4)
أخرجه أبو داود (7/ 35)، والترمذي (1368)، وقال: حسن صحيح.
(ع عد عن ابن عباس)(1) رمز المصنف لضعفه وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وثقه ابن معين ونقل الذهبي عن أحمد أنه كان يكذب جهارًا.
411 -
" إذا أراد أحدكم سفرا فليسلم على إخوانه، فإنهم يزيدونه بدعائهم إلى دعائه خيرا. (طس) عن أبي هريرة (ض) ".
(إذا أراد أحدكم سفرا فليسلم على إخوانه)، سلام وداع، (فإنهم يزيدونه بدعائهم)، بسبب دعائهم له فإنه يندب لهم أن يدعوا له بما ورد من الأدعية التي وردت مثل: زودك الله التقوى ورزقك الخير حيث كنت، ونحوها من الأدعية المأثورة (إلى دعائه خيرًا) أي دعائه الذي يندب له أن يقوله، وقد وردت به ألفاظ مأثورة كثيرة (طس عن أبي هريرة)(2) رمز المصنف لضعفه ففيه محمد بن جابر اليمامي.
412 -
" إذا أراد أحدكم من امرأته حاجته، فليأتها وإن كانت على تنور (حم طب) عن طلق بن علي".
(إذا أراد أحدكم من امرأته) زوجته أو أمته (حاجته) أي قضاء حاجته وهو جماعها كنى بها عنه صونا للسان عن التصريح بما لا يحسن التصريح به وإن
(1) أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 18)، وأبو يعلى (1458)، وفي إسناده يحيى بن عبد الحميد الحماني قال الذهبي في "المغني في الضعفاء" (7006): منكر الحديث، وقد وثقه ابن معين وغيره وقال أحمد بن حنبل: كان يكذب جهارًا وقال النسائي: ضعيفه انظر لترجمته تهذيب الكمال (31/ 419)، تقريب التهذيب (7591)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (320).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (2842)، وكذا أبو يعلى (6686)، وفي إسناده: يحيى بن العلاء البجلي وهو ضعيف كما قال الهيثمي في المجمع (3/ 210) وفيه أيضًا عمرو بن الحصين، وهو متروك؛ كما قال الحافظ في التقريب (5012)، وقال الشيخ الألباني: في ضعيف الجامع (321) والسلسلة الضعيفة (2213): موضوع. أما قول المؤلف: بأن فيه محمد بن جابر فلا أدري في أي إسناد؟. وهذا الكلام يبدو يتعلق بالحديث التالي؛ لأنه في الإسناد محمد بن جابر اليمامي وقال الهيثمي (4/ 395): وهو ضعيف.
صرح به أحيانا فللحاجة إلى التصريح كقوله لمن أقر بالزنا: أنكحتها؟. (فليأتها وإن كانت على تنور) فيه أنه لا يدافع شهوته فإنه قد يتولد عنه مضرة وتفوق نفسه إلى معصية، وإذ لم يكن إلا تشوش خاطره واختلاط فكره، وفيه أنه يأتها على أي حال كانت وفي أي وقت أراد (حم (1) طب عن طلق) بفتح الطاء وإسكان اللام ثم قاف بن علي بن المنذر بن قيس السهمي وقد قديما وبنى في المسجد.
413 -
" إذا أردت أن تفعل أمرًا فتدبر عاقبته: فإن كان خيرًا فأمضه، وإن كان شرًّا فانته، ابن المبارك في الزهد عن أبي جعفر عبد الله بن مسور الهاشمي مرسلاً (ض) ".
(إذا أردت أن تفعل أمرًا فتدبر عاقبته)، انظر ما يكون عقباه من خير أو شر ولا تغتر بمناديه، فقد يكون ينادي الشر خيرًا وينادي الخير شرًا ولذا يقال: وإياك والأمر الذي إن تراحبت موارده ضاقت عليك مصادره، (فإن كان خيرًا فافعله) إذا كان غير منهي عنه شرعا فانفذ فيه (وإن كان شرًا فاتته) عنه ولا تغتر بمناديه، وفيه أن على العبد أن لا يقدم على أمر حتى ينظر ماذا يكون عاقبته (ابن المبارك) هو الإمام الحافظ العلامة فخر المجاهدين وقدوة الزاهدين أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك الحنظلي التركي الأب الخوارزمي الأم، الإمام صاحب التآليف النافعة والرحلات الشاسعة ولد سنة 118 وأفنى عمره في الأسفار حاجًا أو مجاهدًا وتاجرًا، حدث عن قوم لا يحصون من أهل الأقاليم فإنه من صباه ما فتر عن السفر، منهم: أحمد ويحيى بن معين وابن مهدي، قال
(1) أخرجه أحمد في المسند (4/ 22)، والطبراني في المعجم الكبير (8/ 330 رقم: 8235) وفي إسناده محمد بن جابر اليمامي وهو ضعيف، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (301) وفي السلسلة الصحيحة (1202).
الفزاري: ابن المبارك إمام المسلمين، وأطنب الذهبي في وصفه في التذكرة وأحال على تاريخ مصر وتاريخ نيسابور والحلية مات سنة 181 رحمه الله (1)(في الزهد عن أبي جعفر عبد الله بن مسور)(2) بكسر الميم وسكون السين المهملة (الهاشمي مرسلاً) رمز المصنف لضعفه، وقال في المغني: أحاديثه موضوعة.
414 -
" إذا أردت أن تبزق فلا تبزق عن يمينك، ولكن عن يسارك إن كان فارغا، فإن لم يكن فارغا فتحت قدمك البزار عن طارق بن عبد الله"
(إذا أراد أن تبزق) بالزاي والقاف أي تطرح الريق عن فيك، والظاهر أن المراد: وأنت في الصلاة (فلا تبزق عن يمينك) تنزيها لجانب اليمين لشرفه (ولكن عن يسارك إن كان فارغًا) أي لا تؤذي فيه أحدًا (فإن لم يكن فارغًا فتحت قدمك) أي اليسرى كما قيده الحديث الآخر (البزار (3) عن طارق بن عبد الله) هو المحاربي صحابي معروف، وهو حديث صحيح، قال العراقي: رجاله رجال الصحيح.
415 -
" إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسًا أغر محجلاً مطلق اليد اليمنى، فإنك تسلم وتغنم (طب ك هق) عن عقبة بن عامر (صح) ".
(إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسًا) إن لم يكن عندك، والفرس يقع على الذكر والأنثى (أغر) بالمعجمة أبيض الجبهة (محجّلاً) التحجيل: بياض في قوائم
(1) انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 275).
(2)
أخرجه ابن المبارك في الزهد (41)، وفي إسناده عبد الله بن المسور بن عون بن جعفر المعروف بالمدائني قال الذهبي في المغني (3370)، قال أحمد وغيره: أحاديثه موضوعة وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (351) وفي السلسلة الضعيفة (2308).
(3)
أخرجه البزار كما في كشف الأستار (2/ 447 رقم 2079) والحافظ في مختصر الزوائد (2/ 231) رقم 1716) وقال: صحيح، انظر: "المجمع (8/ 114) وقال: رجاله رجال الصحيح، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (312)، والسلسلة الصحيحة (1223) ..
الفرس كلها ويكون في الرجلين فقط ولا يكون في اليد خاصة إلا مع الرجلين ولا في يد واحدة دون الأخرى إلا مع الرجلين، أفاده القاموس (1)، (مطلق اليمين) أي عن التحجيل (فإنك تسلم) من القتل (وتغنم) من أموال العدو وهذا سرّ أودعه الله في هذا النوع من الخيل، وأما حديث عروة البارقي مرفوعًا:"الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة"(2)، فإما أن يكون خاصًّا بهذا النوع أو عاما في نوع الخيل ولا يلزم إطراده أو يطرد في النوع الذي بهذه الصفة أو أن ما كان بهذه الصفة يحصل به الأمران: السلامة والغنيمة، بخلاف غيرها، فأما السلامة أو الأجر كما يرشد إليه الاقتصار عليهما في حديث عروة (طب (3) ك هق عن عقبة) بضم المهملة وسكون القاف (ابن عامر) الجهني صحابي، رمز المصنف لصحته وقال الحاكم: إنه على شرط مسلم وأقره الذهبي.
416 -
" إذا أردت أمرا فعليك بالتؤدة حتى يريك الله منه المخرج (خد هب) عن رجل من بلي (ح) ".
(إذا أردت أمرا فعليك بالتؤدة) بضم المثناة الفوقية فهمزة مفتوحة بزنة الهمز من أناد في الأمر وهي الأناة (حتى يريك الله منه المخرج) ففيه أن التأني سبب لإراءة الله العبد مخرجه من الأمر الذي أراده وهذا في الأمور التي لم يعين الشارع أوقاتها (خد (4) هب عن رجل من بلي).
(1) انظر القاموس (ص: 1270).
(2)
أخرجه البخاري (3644) ومسلم (1871).
(3)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17/ 293) رقم (809)، والحاكم في المستدرك (2/ 92) وقال الهيثمي في المجمع (5/ 262): وفي إسناده عبيد بن الصباح وهو ضعيف، انظر: المغني (3966)، ضعفه أبو حاتم كما ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (350).
(4)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (888)، والبيهقي في الشعب (1178)، والحارث في مسنده (678 - زوائد) والفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 389)، وفي إسناده سعد بن سعيد وهو ابن قيس بن عمرو النصاري قال الحافظ في التقريب: صدوق سيء الحفظ (2237)، وضعفه الشيخ=
بفتح الموحدة وكسر اللام بعدها مثناة تحتية مشددة قبيلة من قضاعة، رمز المصنف لحسنه لشواهده وإلا ففيه سعد بن سعيد ضعفه أحمد والذهبي.
417 -
" إذا أردت أن يحبك الشر فابغض الدنيا، وإذا أردت أن يحبك الناس فما كان عندك من فضولها فانبذه إليهم (خط) عن ربعي بن حراش مرسلاً (ض) ".
(إذا أردت أن يحبك الله) تقدم بيان المراد من محبة الله لعبده (فابغض الدنيا)، فإن حبها رأس كل خطيئة كما في الحديث الحسن عند البيهقي:(1)"فمن أبغض الدنيا فقد ترك رأس كل خطيئة فلعله لا يقارف خطيئة بعد تركه لرأسها فيكون محبوبًا لله تعالى"(وإذا أردت أن يحبك الناس فما كان عندك من فضولها) بالضم جمع فضل وهو ما فضل وزاد على الحاجة، فيه دليل على إمساك ما يحتاج إليه وإن الأمر في قوله (فانبذه إليهم) إنما هو في نبذ ما يستغنى عنه، والنبذ الإلقاء أي ألق إليهم فضول ما لديك يحبوك وذلك لأن القلوب جبلت حب من أحسن إليها كما يأتي في حديث ابن مسعود (خط عن ربعي) بكسر الراء وسكون الموحدة بعين مهملة فمثناة تحتية (ابن حراش) بكسر الحاء المهملة فراء آخره شين معجمة (مرسلاً) وربعي مخضرم قال العجلي: من خيار الناس لم يكذب كذبة قط، رمز المصنف لضعفه (2).
418 -
" إذا أردت أن تذكر عيوب غيرك فاذكر عيوب نفسك الرافعي في تاريخ قزوين عن ابن عباس".
= الألباني في ضعيف الجامع (348)، والسلسلة الضعيفة (2309).
(1)
أخرجه البيهقي عن الحسن مرسلا في الشعب برقم (10501) وفي الزهد الكبير (247) وجعله من كلام عيسى بن مريم وكذا أبو نعيم في الحلية (6/ 388) وسيأتي تخريجه كاملاً في حرف الحاء الله.
(2)
أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (7/ 270)، وابن عساكر في تاريخه (6/ 290)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (352)، وفي السلسلة الضعيفة (2297) وانظر تضعيفه للحديث فيها.
(إذا أردت أن تذكر عيوب غيرك) ذكر عيوب الناس وجاء في الأديان قلما يخلو عنه إنسان فأرشد صلى الله عليه وسلم إلى دواء هذا الداء بقوله (فاذكر عيوب نفسك) لأن ذكره عيب نفسه يردعه عن ذكر عيب غيره ويرشده إلى الخروج عنه والتوبة إلى الله، ويستحي لنفسه أن يعيب الناس بعيب هو فيه أو فيه ما هو أعظم منه كما قيل: كيف (1) يعيب العور من هو أعور.
ويقال: في عيوب النفس شغل شاغل عن عيوب الناس إن كنت حليمًا (الرافعي (2) في تاريخ قزوين عن ابن عباس) ورواه البخاري في الأدب المفرد عنه موقوفًا والبيهقي في الشعب.
419 -
" إذا أسأت فأحسن (ك هب) عن ابن عمرو"(صح).
(إذا أسأت فأحسن) إذا وقعت الإساءة إلى ربك ومالك نفعك وضرك فتدارك الإساء بالإحسان فإنه يقول تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] وأتى بالفاء لتفيد التعقيب فإن تراخي الحسنة ينشأ عنه الإنس بالسيئة والخذلان، وكذلك إذا أسأت في حق العباد فأتبعها بالإحسان إليهم كما قيل:
إن العداوة تستحيل مودة
…
يتدارك الهفوات بالحسنات
ولابد من التعقيب وإلا تولدت الوحشة كما قيل:
أسأت إلي فاستوحشت منّي
…
ولو أحسنت أنسك الجميل
(1) أورده ابن عساكر في تاريخ دمشق (51/ 265) في ترجمة محمد بن إدريس أبو الحسن الأصبهاني.
(2)
أخرجه أحمد في الزهد (189) والبخاري في الأدب المفرد (328) والبيهقي في الشعب (1178) والرافعي في التدوين (3/ 39) بلفظ "عيوب صاحبك".
وضعفه الألباني في الجامع (349) وقال في الضعيفة (6975): منكر. لأن في إسناده: أبو يحيى القتات: لين الحديث كما في التقريب (8444).
هذه الآداب النبوية لقد اشتملت على تهذيب هذا النوع البشري الذي هو كله ذنوب وعيوب ويأتي إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها (ك هب عن ابن عمرو)(1) رمز المصنف لصحته.
420 -
" إذا استأجر أحدكم أجيرًا فليعلمه أجره (قط) في الأفراد عن ابن مسعود (ض) ".
(إذا استأجر أحدكم أجيرًا فليعلمه أجره) ظاهر الأمر الوجوب وقد ذهب الفقهاء إلى خلافه وسموه الإجارة الفاسدة وإعلامه قدر أجره فيه طيبة نفسه وإقناعه وسد باب التشاجر بعد ذلك (قط في الإفراد عن ابن مسعود) رمز المصنف لضعفه (2).
421 -
" إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له، فليرجع. مالك (حم ق) عن أبي موسى وأبي سعيد معا (طب) والضياء عن جندب البجلي (صح) ".
(إذا استأذن أحدكم ثلاثًا) الاستئذان استفعال من الإذن أي طلب الدخول على الغير وقد أدَّب الله عباده في ذلك حيث قال: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: 27] قال الثعلبي (3): حتى تسأذنوا قال ابن عباس: إنما هو يستأذنوا وإنما أخطأ الكتاب وكان ابن عباس وأبيّ
(1) أخرجه الحاكم (1/ 54) والبيهقي في الشعب (8027) والطبراني في الأوسط (8747) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (317) والسلسلة الصحيحة (1228).
(2)
أخرجه الدارقطني في الأفراد كما في أطراف ابن طاهر (4/ 106 رقم (3723) وكما في الكنز برقم (9124) وقد حكم عليه البيهقي بالضعف كما في السنن الكبرى (6/ 120) من رواية أبي هريرة وقال: وقيل من وجه آخر ضعيف عن ابن مسعود. وأخرجه الديلمي في الفردوس برقم (1214)، وانظر: نصب الراية (4/ 131)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (345) والضعيفة (2316): ضعيف جدًا؛ لأن فيه أبو مسعود الجرار اسمه عبد الأعلي بن أبي المساور الزهري قال الحافظ في التقريب (3737): متروك.
(3)
انظر تفسير الثعالبي (3/ 155).
والأعمش يقرأوها كذلك تستأذنوا والاستئذان أي يكون بتنحنح، أخرج الطبراني عن مجاهد حتى تستأنسوا تنحنحوا وتنخموا وجاء في حديث التعليم أنه يقول: السلام عليكم أأدخل (1)(أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وله قصة ولله در جار الله حيث قال في الكشاف بعد إشباعه الكلام على آية الاستئذان ثم قال: وكم من باب من أبواب الذي هو عند الناس من الشريعة المنسوخة قد تركوا العمل به، وباب الاستئذان من ذلك بينما أنت في بيتك إذ أغلق عليك الباب بواحد من غير استئذان ولا تحية وتحايا إسلام ولا جاهلية وهو ممن سمع ما أنزل الله عز وجل وما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أين الأذن الواعية) والآن أطلقت العدد وقيده في الحديث بالثلاث وبين وجه العدد حديث قتادة عن الطبراني (2) قال: الأولى: تسمع أهل البيت، والثانية: ليتأهبوا، والثالثة: إن شاءوا أذنوا. فإن قلت: فهل له أن يزيد على الثلاث.
قلت: ذهب الجمهور إلى أنه لا يزيد على الثالث وأما إذا ظن أنهم لم يسمعوه فالظاهر أن له الزيادة؛ لأنه ما أتى بالثالث التي أذن له بها في ظنه فإنه من أذن له فيما يسمعونه (فلم يؤذن له فليرجع) ولا يدخل إلا بإذن وأما إذا قيل له: ارجع فالنص القرآني أنه يجب عليه الرجوع (مالك حم ق عن أبي موسى وأبي (3) سعيد معًا) أي أخرجه كل من ذكر عنهما (طب والضياء عن جندب البجلي).
422 -
" إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها (حم ق ن) عن ابن عمر (صح) ".
(1) ما بين القوسين من الهامش
(2)
عزاه في الفتح (11/ 8) إلى الطبري.
(3)
أخرجه البخاري (2062، 6245) ومسلم (2153) وأبو داود (5180)، وأحمد (4/ 403). وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (2/ 168) رقم (1687) والضياء في المختارة كما في الكنز (25204).
(إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد) لتأدية فريضة (فلا يمنعها) وفيه دليل على أنه لا يمنعها من النوافل فإن إتيان الجماعة سنة إلا ما نصه الدليل كالصوم لما في حديث أبي هريرة عند الخمسة: "لا تصم المرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه"(1)(حم ق ن عن بن عمر)(2).
423 -
" إذا استجمر أحدكم فليوتر (حم م) عن جابر (صح) ".
(إذا استجمر أحدكم) الاستجمار بالجمار وهي الأحجار الصغار قاله في النهاية (3) وقوله (فليوتر) مطلق يحتمل الواحدة والثلاث والخمس وما فوقها إلا أنه قد بين ذلك حديث ابن عمر عند الطبراني وغيره: "من استجمر فليستجمر ثلاثًا"(4)، وقيل: الاستجمار مراد به استعمال البخور للطيب من المجمرة واختلف فيه فقيل بأن يأخذ من البخور ثلاث مرات أو يأخذ ثلاث قطع قال في المشارق (5): وكان مالك يقول بالأول، ثم رجع إلى الثاني وأن المراد ثلاث قطع، وقال العراقي: يمكن حمل المشترك على معنييه وقد كان ابن عمر يفعله فيستجمر بالأحجار وترًا ويجمر ببابه وترًا (حم م ن عن جابر)(6).
424 -
" إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه (5) عن جابر".
(إذا استشار أحدكم أخاه) أي طلب من أخيه أن يعرفه برأيه فيما يطلبه من فيه رأيه (فليشر عليه) يبزل له ما لديه من وجه الصواب ولا يعمي عليه وإلا فقد
(1) أخرجه البخاري (5195) والدارمي (1720) والترمذي (782)، والنسائي (2921)، وابن ماجه (1761).
(2)
أخرجه البخاري (5238) ومسلم (442)، وأحمد (2/ 7).
(3)
النهاية (1/ 292).
(4)
أخرجه أحمد (3/ 400)، وابن خزيمة (76)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 103).
(5)
المشارق (1/ 152).
(6)
أخرجه أحمد (3/ 400) ومسلم (239).
خانه كما في خبرٍ رواه الخرائطي وقد جعل التشاور من صفات المؤمنين قال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] وأمر به رسوله فقال: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159] وإنما ندب الإشارة والاستشار؛ لأن في تعاضد الآراء ويساندها ويعاونها ظهور لوجه الصواب وإزاحة لنوائب الارتياب وقد أشار إلى بعض فوائدها من قال (1):
شاور سواك إذا نابتك نائبة
…
يومًا وإن كنت من أهل المشورات
فالعين تنظر منها ما دنى ونأى
…
ولا ترى نفسها إلا بمرآة
وقد ذهب قوم من ذوي الكبرياء إلى قبح أخذ المشورة قال عبد الله بن طاهر لأن أخطئ مع الاستبداد ألف خطأ أحب إلي من أن أستشير وأرى بعض النقص والحاجة ويقال الاستشارة إذاعة للشر ومخاطرة بالأمر فرب مستشار أذاع منك ما كان فيه فساد تدبيرك وإلى رد قول هؤلاء أشار بشار في قوله (2):
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة
…
فإن الخوافي عدة للقوادم
(5 عن جابر)(3).
425 -
" إذا استشاط السلطان تسلط الشيطان (حم طب) عن عطية السعدي (ح) ".
(إذا استشاط السلطان) هو بالطاء المعجمة إذا احتد في غضبه والتهب
(1) ينسب البيت إلى فتيان الشاغوري (533 - 615 هـ). وإلى ناصح الدين الأرجاني (460 - 544هـ).
(2)
بشار بن البُرد العقلي (95 - 167هـ) قال عنه الزركلي: أصله من طخارستان نشأ بالبصرة وقدم بغداد اتهم بالزندقة فمات ضربًا بالسياط ودفن بالبصرة.
(3)
أخرجه ابن ماجه (3747). قال البوصيري في مصباح الزجاجة (4/ 120): هذا إسناد ضعيف لضعف ابن أبي ليلى واسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وأبوه عبد الرحمن بن عبد الرحمن الأنصاري القاضي وهو ضعيف أهـ. قال الحافظ في تغليق التعليق (3/ 253): إسناده صالح. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (356) والسلسلة الضعيفة (2318).
وتحرق من شدة الغضب (تسلط الشيطان) أي غلب عليه وإن كان يتغلب على كل غضبان لكنه خص السلطان؛ لأن في غضبه هلاك أمم وهو زجر للسلطان عن الغضب وتحذير له من الوقوع فيه (حم طب عن عطية (1)) كان يحسن بيانه بلقبه؛ لأن المسمى بهذا الاسم من الصحابة كثيرون قال الشارح: أنه عطية بن عروة السعدي له رؤية ورواية ورمز المصنف لحسن هذا الحديث قال الهيثمي: رجاله ثقات وذكره في موضع آخر وقال: فيه من لم أعرفه.
426 -
" إذا استطاب أحدكم فلا يستطب بيمينه، ليستنج بشماله (5) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا استطاب أحدكم) استفعل من طاب أي إذا أراد أن يطيب نفسه من قذر البراز (فلا يستطب بيمينه) لا يأخذ بها الأحجار ولا يتمسح بها (ليستنج) يزيل النجو من فرجيه (بشماله). وظاهر الأمر الوجوب والنهي التحريم (5 عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته (2).
427 -
" إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها، فهي زانية (3) عن أبي موسى (ح) ".
(إذا استعطرت المرأة) استفعل هنا بمعنى فعل أي تعطرت أو هو على بابه أي إذا طلبت العطر فتعطرت فحذف لدلالة السياق عليه (فمرت بالقوم) ولو برجل واحد (ليجدوا ريحها) ظاهره أنه لا بد من قصدها لذلك (فهي زانية) آثمة
(1) أخرجه أحمد (4/ 226) والطبراني في المعجم الكبير (17/ 167) رقم (444) وقول الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 194) وقال في (8/ 71): رجاله ثقات، والشهاب في "مسنده" (1399) وابن عساكر في تاريخ دمشق (54/ 220) وفي إسناده أمية بن شبل قال الذهبي: له حديث منكر: الميزان (1/ 444) وقال العراقي: أمية بن شبل لم يلق عروة، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (355) والسلسلة الضعيفة (2317).
(2)
أخرجه ابن ماجه (312) وأحمد (2/ 250) وصححه الألباني في صحيح الجامع (322).
إثم الزانية لأن العطر يثير شهوة الجماع وفيه دليل على أن ذريعة الحرام في الشرع كالحرام ويلحق به إظهار ثياب الزينة وتبرجها وتحسين مشيتها (3 عن أبي موسى (1)) رمز المصنف لحسنه.
428 -
" إذا استقبلتك المرأتان فلا تمر بينهما، خذ يمنة أو يسرة (هب) عن ابن عمر (ض) ".
(إذا استقبلتك المرأتان فلا تمر بينهما) وذلك لما ثبت عند مسلم من: "أن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان" والوقوع بين شيطانين يعرض للشر ومظنة الوقوع فيه، ولما ثبت من: أن النساء حبائل الشيطان والوقوع في طرفي الحبالة مظنة الوقوع فيها (خذ يمنة أو يسرة) وهذا من باب سد الذرائع والبعد عن الوقوع في الشر. (هب عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه وقال: سنده ضعيف (2).
429 -
" إذا استكتم فاستاكوا عرضا (ص) عن عطاء مرسلاً".
(إذا استكتم فاستاكوا عرضًا) إرشاد، قيل: الحكمة فيه مخالفة اليهود فإنهم يستاكون طولاً، وقيل: صيانة اللثة والأسنان (ص عن عطاء مرسلاً)(3) عطاء إذا
(1) أخرجه أبو داود (4173) والنسائي (8/ 153)، والترمذي (2786) وكذلك ابن حبان (4424) وابن خزيمة (1681)، وقال الترمذي حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح الجامع (323).
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب (5447) وقال: تفرَّد به داود -بن أبي صالح- وإسناده ضعيف وأورده ابن عدي في الكامل (3/ 83) في ترجمة داود بن أبي صالح وقال: هذا الحديث رواه ابن أبي صالح ولا أعرف له إلا هذا الحديث وبه يعرف، وأورده البخاري في التاريخ الأوسط (2/ 154) رقم (2131) وقال: لا يتابع في حديثه، وقال المناوي (1/ 276): إسناده ضعيف، وانظر: تهذيب التهذيب (3/ 163) والضعفاء للعقيلي (2/ 33).
(3)
أخرجه سعيد بن منصور كما في الكنز (26197) وكذلك والبيهقي في السنن (1/ 40) وأبو داود في المراسيل (5) عن عطاء مرسلاً، قال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 723) ومحمد بن خالد هذا لا يعرف حاله ولا يعرف روى عنه (غير) هشيم، قاله ابن القطان في "الوهم والإيهام" وضعفه=
أطلق فهو ابن أبي رباح نزيل مكة أحد الفقهاء قال ابن سعد: كان ثقة عالمًا كبير الحديث انتهت إليه الفتوى في مكة أكثر من سبعين حجة توفي سنة 114 رحمه الله.
430 -
" إذا استلج أحدكم في اليمين، فإنه آثم له عند الله من الكفارة التي أمر بها (هـ) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا استلج أحدكم في يمينه) استلج بالمهملة فمثناة فوقية آخره جيم استفعل من اللجاج ومعناه أن يحلف على شيء ويرى أن غيره خير منه فيقيم على يمينه ولا يحنث فيكفر وقد جاء في بعض الطرق استلجج بإظهار الإدغام، وهي لغة قريش يظهرونه مع الجزم (فإنه آثم) بالمد اسم تفضيل أكثر إثمًا وفي المصابيح: والله لإن ثلج أحدكم بيمينه أهله أتم له من أن يعطي الكفارة التي افترض الله عليه (له عند الله من الكفارة التي أمر بها) والمراد إذا رأى أنه صادق فيها بر ولا يكفرها وفي الإتيان باسم التفضيل دليل على أنه أيضًا مع التكفير أثم، وكأنه لأجل التبرع بالحلف والتهاون به، وقد دلَّ لمعنى الحديث حديث:"إذا حلف أحدكم على شيء فرأى غيره خيرٌ منه فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه"(1)(5 عن أبي هريرة (2)) رمز المصنف لصحته ورواه عنه الحاكم وقال: على شرطهما وأقرَّه الذهبي.
431 -
" إذا استلقى أحدكم على قفاه فلا يضع إحدى رجليه على الأخرى (ت) عن البراء (حم) عن جابر، البراز عن ابن عباس (صح) ".
= الألباني في ضعيف الجامع (316) وفي السلسلة الضعيفة (940).
(1)
أخرجه مسلم (1650)، والنسائي (7/ 10)، وابن ماجه (2108)، وأحمد (4/ 257)، وابن حبان (4345).
(2)
أخرجه ابن ماجه (2114) وأخرجه أحمد (2/ 278، 317) والبخاري (6625) ومسلم (1655)، والحاكم (4/ 335)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (325) والسلسلة الصحيحة (1229).
(إذا استلقى أحدكم على قفاه) في مسجد أو غيره (فلا يضع إحدى رجليه على الأخرى) حمل ابن سيرين هذا النهي على الكراهة وبمثله قال مجاهد، وقال الحسن والشعبي: لا كراهة لحديث عبد الله بن زيد عند البخاري (1): رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيًا في المسجد واضعًا إحدى رجليه على الأخرى، فقيل: إنه ناسخ لحديث النهي وقيل: النهي إذا خيف انكشاف العورة والجواز مع عدم ذلك وهذا الجمع بين الحديثين أولى ويؤيده أنه كان اللباس يومئذ المئازر وهي مظنة الانكشاف عند ارتفاع إحدى الرجلين على الأخرى (ت عن البراء)(2) رمز المصنف لصحته وتقدم أنه إذا أطلق البراء فالمراد به ابن عازب وفي الصحابة أربعون يسمون بهذا الاسم (حم عن جابر البزار عن ابن عباس) قال الهيثمي: الحديث رجاله رجال الصحيح غير خراش العبدي وهو ثقة.
432 -
" إذا استنشقت فانتثر، وإذا استجمرت فأوتر (طب) عن سلمة بن قيس (صح) ".
(إذا استنشقت فانتثر) الاستنشاق جذب الماء إلى الأنف والاستنثار دفعه هذا هو الصحيح في تفسيره وفي القاموس (3): الاستنثار: استنشاق الماء ثم استخراج
(1) أخرجه البخاري (475) ومسلم (2100).
(2)
أخرجه الترمذي (2766) وقال: حديث رواه غير واحد عن سليمان التيمي ولا يعرف خداش هذا من هو وقد روى له سليمان التيمي غير حديث، ورواه أحمد (3/ 299) عن جابر، والبزار كما في كشف الأستار (2/ 445 رقم 2072) عن ابن عباس وأما قول الهيثمي: خراش العبدي ثقة فقد أورد الذهبي في الميزان (8/ 90) خراش بن عبد الله لا يصح قاله الموصلي وذكر له هذا الحديث وكذلك ذكره الحافظ في اللسان (2/ 396). وذكر له هذا الحديث، ونقل عن الأزدي قوله: لا يصح. وقال ابن عدي: مجهول، وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به، ولا يكتب حديثه إلا للاعتبار. انظر: الضعفاء لابن الجوزي (1/ 253)، والمجروحين (1/ 288). ثم أن عزو الحديث للبراء عند الترمذي غير صحيح، وأشار إلى ذلك الألباني في الصحيحة (3/ 254 رقم 1255)، انظر صحيح الجامع (326) والسلسلة الصحيحة (1255).
(3)
القاموس المحيط (صـ 887).
ذلك بنفس الأنف فجعل الاستنثار لفظًا يفيد الأمرين الجذب والدفع وجمعه صلى الله عليه وسلم بينهما كما هنا يفيد تغايرهما وهذا الذي اختاره ابن دقيق العيد في شرح العمدة (1) وفي كلام النهاية (2) ما يلاقي كلام شرح العمدة وقيل: استنثر إذا انفرد عن استنشق أفاد جذب الماء ودفعه وإذا ذكر معه أفاد دفع الماء (وإذا استجمرت فأوتر) تقدم الكلام فيه قريبًا (طب عن سلمة بن قيس (3)) ورمز المصنف لصحته.
433 -
" إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ أهله وصليا ركعتين، كتبًا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات (د ن هـ حب ك) عن أبي هريرة وأبي سعيد معًا (صح) ".
(إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ أهله) فيه دليل جواز إيقاظ النائم للنافلة (وصليا ركعتين كتبا) كتب كل واحد منهما فالرجل يكتب (من الذاكرين الله كثيرًا و) المرأة التي هي المراد بقوله أهله تكتب في (الذاكرات) وفيه فضيلة عظيمة لنافلة الليل فإن هذا الفعل يسير عُدَابها من أهل هذه الفضيلة العظيمة لعظمة قيام الليل وفضيلته وللأوقات مزايا في الأعمال وخص الرجل بالإيقاظ؛ لأن الأغلب أن الرجال أحرص على الطاعات وإلا فلو أيقظته المرأة لكان الأمر ما ذكر فأما لو قام ولم ينبه أهله هل له ذلك الأجر أو دونه محتمل (د ن 5 حب ك عن أبي هريرة وأبي سعيد معًا) رمز المصنف لصحته (4).
(1) انظر: العُدة حاشية على أحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 106 و 384).
(2)
النهاية (5/ 37).
(3)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (7/ 37) رقم (6307) وكذا ابن حبان (1436) وابن ماجه (406) والترمذي (27) والنسائي (1/ 41)(1/ 67) وكان الأولى عزوه إلى أصحاب السنن وصححه الألباني في صحيح الجامع (327).
(4)
أخرجه أبو داود (1451) والنسائي في السنن الكبرى (1310)، وابن ماجه (1335) وابن حبان (2568) والحاكم (2/ 416) وقال النووي في الخلاصة (1994): إسناده صحيح. وصحَّحه إلألباني في صحيح الجامع (333).
434 -
" إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا فإنَّ أحدكم لا يدري أين باتت يده مالك والشافعي (حم ق 4) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا استيقظ أحدكم من نومه) حمله جماعة العلماء على مطلق النوم في ليل أو نهار وذهب آخرون إلى أن المراد نوم الليل لقوله "أين باتت" والبيتوتة لا تكون إلا في الليل، ودفعه الأولون بأن ذكر البيتوتة خرج مخرج الأغلب (فلا يدخل يده) المراد الكف لا كل يده اتفاقًا (في الإناء) خرجت البرك والحياض الواسعة والمياه الجارية (حتى يغسلها ثلاثًا) قال بإيجاب الغسل ابن حنبل لظاهر الأمر وقال غيره: أنه للندب لأنه علل بأمر يقتضي الشك وهو لا يقتضي الوجوب فليستصحب الأصل وهو عدم الوجوب واستدلوا بوضوئه صلى الله عليه وسلم عند قيامه من نوم الليل من الشن المعلق كما في حديث ابن عباس ولم يذكر أنه غسل يديه أولاً وبأن قوله ثلاثًا يدل على الندبية لأن التقييد بالعدد في غير العينية دليل على الندبية وقد بسطنا الكلام في حاشية العمدة (1)(فإن أحدكم لا يدري أين باتت يداه) يريد أنها لاقت نجاسة ورطوبة بجولانها وهو نائم فيفسد الماء إن أدخلها قبل غسلها بنجاستها ومفهومه أن من دري أين باتت يده كمن لفها في خرقة مثلاً وانتبه وهي على حالها أنه لا يغسلها لانتفاء العلة (مالك والشافعي حم ق 4 عن أبي هريرة)(2).
435 -
" إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ، فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه (ق ن) عن أبي هريرة"(صح).
(إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ) أراد الوضوء (فليستنثر ثلاث مرات)
(1) انظر: العدة حاشية على أحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام للمؤلف (1/ 106 - 107).
(2)
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 21) رقم (37)، والشافعي (1/ 11)، وأحمد (2/ 214)، والبخاري (162)، ومسلم (278) وأبو داود (105) والترمذي (24) والنسائي (1/ 7) وابن ماجه (393).
فيه دليل على ما أسلفناه أنه إذا أفرد كان للدفع والجذب وعليه محمل كلام القاموس وإن كانت عبارته عامة ولك أن تقول إنما اقتصر عليه؛ لأنه لا يكون الدفع إلا بعد الجذب فعبر باللازم قال ابن حجر (1) في فتح الباري: الاستنثار من النثر بالنون والمثلثة هو طرح الماء الذي يستنشقه المتوضئ أي يجذبه بريح أنفه سواء كان بإعانة يده أولاً، وعن مالك كراهة فعله بغير اليد؛ لأنه شبَّه فعل الدابة والمشهور عدم الكراهة وظاهر الأمر الوجوب للاستنثار وقد ذهب إليه أئمة، وأما وجوب الاستنشاق فالأكثر أنه يجب وقال آخرون: لا يجب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: "توضأ كما أمرك الله" وليس ذلك في الآية وأجيب بأن لفظ أمرك الله ليس خاصًا بما في الآية فإنَّ الله قد أمرك باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ما توضأ إلا وتمضمض واستنشق ولأن في بعض روايات حديث الأعرابي ذكر الاستنشاق كما في جامع الأصول وأما هذا المأمور به هنا فقد علله بعلة خاصة هي قوله (فإن الشيطان يبيت على خياشيمه) في القاموس (2): الخياشم غراضيف في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ أو عروق في باطن الأنف انتهى. ومبيت الشيطان محمول على الحقيقة ولا مانع من ذلك أو على المجاز وأن المراد أنه يخذله ويكسله عن الطاعة حتى كأنه جاثم على خياشمه وهذا دليل مستقل على وجوب الاستنثار عند الوضوء بعد النوم (ق ن عن أبي هريرة)(3).
436 -
" إذا استيقظ أحدكم فليقل: "الحمد لله الذي رد عليّ روحي وعافاني في جسدي، وأذن لي بذكره" ابن السني عن أبي هريرة (ح) ".
(إذا استيقظ أحدكم فليقل الحمد لله الذي رد علي روحي) لما كان النوم أحد الوفاتين كما قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ
(1) فتح الباري (1/ 262).
(2)
القاموس (صـ 1424). وفي الأصل: غظاريف، وفي القاموس المطبوع كما أثبته.
(3)
أخرجه البخاري (3295)، ومسلم (238)، والنسائي (1/ 67).
فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42]{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ} [الأنعام: 60] وفي الحديث حين ناموا في الوادي: أن أرواحنا بيد الله يقبضها متى شاء ويرسلها متى شاء فإذا هب العبد من منامه فقد ردّ الله عليه روحه فاستحب له الحمد على هذه النعمة فلذا علق الحمد عليها ولما كان الليل مظنة الأسقام، وفيه يرد على الأبدان الآلام كما قيل في الحمى (1):
وزائرتي كأن بها حياء
…
فليس تزور إلا في الظلام
شرع للقائم أن يضم إلى الحمد على رد روحه، قوله (وعافاني في جسدي) وقوله (وأذن لي بذكره) أي أقدرني عليه أو أمرني به من قوله:{وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [إبراهيم: 11](ابن السني عن أبي هريرة (2)) رمز المصنف لحسنه ورواه الترمذي والنسائي قال النووي في الرياض (3): سنده صحيح وقال ابن حجر (4): حسن فقط لتفرد محمد بن عجلان به وهو سيء الحفظ.
437 -
" إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها، وكان بعد ذلك القصاص: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها (خ ت) عن أبي سعيد (صح) ".
(إذا أسلم العبد فحسن إسلامه) قام بفرائضه وانتهى عن نواهيه (يكفر الله عنه كل سيئة كان أزلفها) أزلفها بالزاي وفاء بعد اللام أي قدمها وأسلفها قبل إسلامه وهذا زيادة على ما في الآية من قوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ
(1) البيت منسوب إلى المتنبي.
(2)
أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (9)، وقد رواه الترمذي (3401) وقال: حديث حسنٌ، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع (329).
(3)
وأما قوله: النووي في الرياض فلم أجده في رياض الصالحين إنما ذكره في الأذكار (صـ 44) وعزاه لابن السني وحده وقال: "بإسناد صحيح".
(4)
قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 110) هذا حديث حسن، وقال
…
وأما قوله: (يعني النووي) أنه صحيح الإسناد ففيه نظر أهـ.
لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] إذ ظاهر الآية أن الانتهاء عن الكفر محصل المغفرة وظاهر الحديث أنه لا بد مع حصولها من حسن الإِسلام (وكان ذلك بعد القصاص، الحسنة) بدل من القصاص ويحتمل أنه مبتدأ (بعشر أمثالها) خبر قيل وهو أولاً لما قيل من أن المثلية معتبرة في القصاص وإنما يكون المراد بقوله القصاص، قوله السيئة بمثلها، وذكر الحسنة إلى آخره استطراد توطئة لذكر السيئة ذكر معناه الطيبي (إلى سبعمائة ضعف) الضعف يطلق على المثل وعلى المثلين وقد جاء الحسنة بعشر أمثالها وإلى سبعمائة وبغير حساب وإلى أضعاف كثيرة كل ذلك فضل من الله (والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها) من عدله تعالى ألا يضاعف عقاب السيئات بل جزاءًا وفاقًا أو يتفضل بعفوه عنها (خ ت عن أبي سعيد (1)) ظاهر صنيع المصنف أن البخاري أسنده وليس كذلك فإنما قال مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد يرفعه انتهى قال ابن حجر: ولم يوصله في موضع من الكتاب وصله أبو ذر. انتهى. فليحمل صنيع المصنف على رواية أبي ذر الهروي.
438 -
" إذا أشار الرجل على أخيه بالسلاح فهما على حرف جهنم، فإذا قتله وقعا فيها جميعًا الطيالسي عن أبي بكرة (صح) ".
(إذا أشار الرجل على أخيه بالسلاح) هو كل ما اعتد للحرب من آلة الحديد بما يقاتل به والسيف وحده يسمى سلاحًا (2)(فهما على جرف جهنم) بالجيم وضم الراء وسكونها وبحاء مهملة وسكون الراء جانبها لأنه ليس بينه وبينه إلا وضع السلاح في أخيه (فإذا قتله وقعا فيها جميعًا) القاتل والمقتول أما القاتل فلقتل أخيه وأما المقتول فلأنه كان حريصًا على قتل أخيه كما علله به النص فيما
(1) أخرجه البخاري معلقًا (41) وقال الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (2/ 44) وقد وصله الحافظ أبو ذر الهروي في روايته للصحيح وقد وصله النسائي أيضًا في المجتبى (8/ 105).
(2)
وكأنه خرج مخرج الغالب وإلا فالإشارة بما يقتل كالحجر ونحوه له هذا الحكم.
يأتي أو لأنه ترك الفرار والمدافعة على القول بوجوبها (الطيالسي (1) عن أبي بكرة) رمز المصنف لصحته (2).
439 -
" إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة: فإن شدة الحر من فيح جهنم (حم ق 4) عن أبي هريرة (حم ق د ت) عن أبي ذر (ق) عن ابن عمر (صح) ".
(إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة) تقدم الكلام عليه في حرف الباء الموحدة مع الهمزة في أبردوا (فإن شدة الحر من فيح جهنم) تقدم اللفظ وبيان معناه هنالك (حم ق 4 عن أبي هريرة حم ق د ت عن أبي ذر ق عن ابن عمر (3)) وتقدم هنالك عن ستة من الصحابة منهم اثنان ممن هنا.
440 -
" إذا اشتد كلب الجوع فعليك برغيف وجر من ماء القراح، وقيل: "على الدنيا وأهلها مني الدمار" (عد هب) عن أبي هريرة (ض) ".
(إذا اشتد كلب الجوع) بفتح اللام هو الأكل الكثير بلا شبع فالإضافة بيانية أي الكلب الذي هو الجوع ويحتمل أنه أريد به الداء الذي يسمى كلبًا استعير للجوع أي إذا اشتد الجوع الذي يشبه الكلب في ضره (فعليك برغيف وجر) بفتح الجيم وتشديد الراء الجر والجرار جمع جرة الإناء المعروف من الفخار (من ماء القراح) بزنة سحاب الماء الذي لا يخالطه تفل من سويق أو غيره أو الخالص كما في القاموس (4) وإنما خص هذه الحالة بهذا المطعوم الزهيد؛ لأنها
(1) القاموس المحيط (صـ 301).
(2)
أخرجه الطيالسي (884) والنسائي (7/ 124)، وكذلك أخرجه عن طريق ربعي بن حراش عن أبي بكرة أخرجه مسلم (2888) وابن ماجه (3965) وانظر طرقه في فتح الباري (13/ 33).
(3)
أخرجه أحمد (2/ 266) والبخاري (534) ومسلم (615) وأبو داود (402) وابن ماجه (677) والترمذي (157) والنسائي (1/ 248) من رواية أبي هريرة، والبخاري (535) ومسلم (616) وأبو داود (401) والترمذي (157) وأحمد (5/ 176). وقد تقدم تخريجه مفصلاً.
(4)
القاموس المحيط (صـ 301).
حالة يلتذ صاحبها بزهيد العيش أتم لذة من غيرها وإلا فالزهيد من العيش مندوب إليه في كل حال (وقل على الدنيا مني وأهلها الدمار) بفتح الدال المهملة أي الهلاك يقول ذلك بلسان حاله أو مقاله وليس المراد الدعاء على الدنيا وأهلها بل المراد استخفافه بها واحتقاره لها (عد هب عن أبي هريرة (1)) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه الحسين بن عبد الغفار قال الدارقطني: متروك وقال الذهبي: متهم وأبو يحيى الوقاد قال الذهبي: كذَّاب.
441 -
" إذا اشتد الحر فاستعينوا بالحجامة، لا يتبيغ الدم بأحدكم فيقتله (ك) عن أنس (صح) ".
(إذا اشتد الحر) أي حر الزمان وذلك في زمن القيض وقد اتفق الأطباء على أن استفراغ الدم في نيسان من أشهر القيض محمود ويحتمل أن يراد الحر في البدن فإنه يكون عن الدم (فاستعينوا بالحجامة) على دفع مضرة شدته وتقدم ضبطه (لا يتبيغ الدم) في قوله احتجموا (بأحدكم فيقتله) بنصب اللام بالفاء لكمال شرط نصبها (ك عن أنس) رمز المصنف لصحته وصحَّحه الحاكم وأقرَّه الذَّهبي (2).
442 -
" إذا اشترى أحدكم بعيرًا فليأخذ بذروة سنامه، وليتعوذ بالله من الشيطان (د) عن ابن عمر (ح) ".
(1) أخرجه البيهقي في الشعب (10366)، وابن عدي في الكامل (6/ 432) في ترجمة ماضي بن محمد أبو مسعود الغافقي وقال: منكر الحديث، وفي الإسناد الحسين بن عبد الغفار قال الدارقطني: متروك وقال ابن عدي له مناكير، انظر: الميزان (2/ 295) وأبو يحيى الوقاد كذبه الذهبي، انظر: المغني في الضعفاء (2204) وأورده الغماري في المداوي (1/ 305) وقال: موضوع. وكذلك قال الألباني في ضعيف الجامع (368) والسلسلة الضعيفة (489).
(2)
أخرجه الحاكم (4/ 212) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وابن حبان في الضعفاء (2/ 212) رقم (986). وفي إسناده محمد بن القاسم الأسدي قال أحمد: والدارقطني: كذَّاب انظر: المغني في الضعفاء (5915)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (367) والسلسلة الضعيفة (2331).
(إذا اشترى أحدكم بعيرًا) في القاموس (1): البعير وبكسر الجمل البازل والجذع وقد يكون للأنثى والحمار وكل ما يحمل وهاتان عن ابن خالويه (فليأخذ بذروة سنامه) بضم الذال المعجمة وتكسر أعلاه كما في النهاية (2) والذروة من كل شيء أعلاه (وليتعوذ بالله من الشيطان) وذلك لما يأتي من حديث أبي هريرة عند الحاكم "على ذروة كل بعير شيطان"(3) والأقرب أن المراد هنا الإبل خاصة لأن البقر لا يحمل عليها وغيرها من الدواب وإن حمل عليها فلا سنام لها هذا على كلام ابن خالويه (د عن ابن عمر) رمز المصنف لحسنه.
443 -
" إذا اشترى أحدكم لحمًا فليكثر مرقته، فإن لم يصب أحدكم لحما أصاب مرقا، وهو أحد اللحمين (ت ك هب) عن عبد الله المزني (صح) ".
(إذا اشترى أحدكم لحمًا فليكثر مرقته) ندبًا وإرشادًا إلى عموم النفع (فإن لم يصب أحدكم لحمًا) لقلته وكثرة (الأكلة أصاب مرقًا وهو أحد اللحمين) تسميه المرق لحمًا مجاز تغليبًا، وفيه الإرشاد إلى الاجتزاء من الدنيا بأدنى شيء (ت ك هب عن عبد الله (4) المزني) قال في الكبير بعد رمز الترمذي: غريب، وبعد رمز
(1) القاموس المحيط (ص 449).
(2)
النهاية (2/ 159) أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 612).
(3)
أخرجه أبو داود كما في الكنز (24955) عن ابن عمر، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (370). وقد أخرجه أبو داود (2160) وابن ماجه (2252) والنسائي في السنن الكبرى (10069) والبيهقي في السنن (7/ 148) من حديث عبد الله بن عمرو: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك" وحسنه الألباني في صحيح الجامع (341).
(4)
في المطبوع حديث: "إذا اشترى أحدكم الجارية فليكن أول ما يطعمها الحلو، فإنه أطيب لنفسها (طس) عن معاذ" أخرجه الترمذي (1832) والحاكم في المستدرك (4/ 130) وتعقبه الذهبي في التلخيص: محمد -بن فضاء- ضعفه ابن معين، والبيهقي في الشعب (5920) وقال: تفرد به=
الحاكم: وصححه وتعقب، وبعد رمز البيهقي: وضعفه. وهنا رمز لصحته، وزاد:" وليغرف لجيرانه".
444 -
" إذا اشتريت نعلا فاستجدها، وإذا اشتريت ثوبا فاستجده (طس) عن أبي هريرة، وعن ابن عمر بزيادة: "وإذا اشتريت دابة فاستفرهها، وإن كانت عندك كريمة قوم فأكرمها"، (ض) ".
(إذا اشتريت نعلاً فاستجدها) بسكون الدال أي خذها جيدة من الجودة (وإذا اشتريت ثوبًا فاستجده) هو أيضًا من الجودة كالأول وهو إرشاد إلى أخذ الجيد لدوام نفعه وكمال جماله (طس عن أبي هريرة (1)) رمز المصنف لضعفه (وعن ابن عمر بزيادة وإذا اشتريت دابة فاستفرهها) اتخذها فارهة جادة قوية (وإذا كانت عندك كريمة قوم) شريفة النسب أو مكرمة من قومها وهي توصية بالزوجة التي بهذه الصفة خاصة وقد وصى صلى الله عليه وسلم بالنساء مطلقًا (فأكرمها) زيادة على غيرها رعاية لمنصبها.
445 -
" إذا اشتكى المؤمن أخلصه من الذنوب كما يخلص الكبير خبث الحديد (خد طس حب) عن عائشة"(صح).
(إذا اشتكى) من الشكاية وهي المرض (المؤمن أخلصه) المرض الدال عليه الشكوى والتعبير عنه بالشكاية مجاز تعبير باللازم على ملزومه إلا أن في
= محمد بن فضاء وليس بالقوي وأورده ابن عدي في الكامل (6/ 169) في ترجمة محمد بن فضاء بن خالد الجهضمي وهو ضعيف. انظر: الميزان (6/ 295 - 296) وعلل الترمذي (1/ 305) رقم (568) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (317) والسلسلة الضعيفة (2341).
(1)
أخرجه الطبراني في الأوسط (785) عن أبي هريرة والطبراني في الأوسط (8295) من رواية ابن عمر قال: لم يرو هذا الحديث عن نافع إلا أبو أمية بن يعلى تفرد به حاتم بن سالم، وقال الهيثمي في المجمع (4/ 109): فيه أبو أمية بن يعلى وهو متروك، انظر: المغني في الضعفاء (7311).
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (372) والسلسلة الضعيفة (2227).
القاموس (1): الشكوى والشكاة والشكا المرض. انتهى إلا أنه مشهور لخلطه الحقائق بالمجازات (من الذنوب كما يخلص الكبير خبث الحديد) ففيه أن الأمراض مكفرات للذنوب وهل التكفير لألم المرض أو للصبر عليه فيه ما يأتي (خد طس حب عن عائشة) رمز المصنف لصحته (2).
446 -
" إذا اشتكيت فضع يدك حيث تشتكي، ثم قل: "بسم الله أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد من وجعي هذا" ثم ارفع يدك، ثم أعد ذلك وترًا (ت ك) عن أنس (صح) ".
(إذا اشتكيت فضع يدك) الظاهر منها عند الإطلاق اليمنى (حيث تشتكي ثم قل بسم الله أعوذ) التجأ واثقًا (بعزة الله) بغلبته على كل شيء (وقدرته) قوته على كل شيء وفيه التعوذ بصفته تعالى الملائمة للالتجاء إليه فإنه إذا كان غالبًا لكل شيء قادرًا عليه فإنه يدفع شره عمن لاذ به وعاذ (من شر ما أجد من وجعي هذا) بدل من قوله من شر ما أجد بإعادة الخافض (ثم ارفع يدك) عن موضع الشكاية التي وضعتها عليه (ثم أعد ذلك وترًا) الأقرب أن المراد به ثلاث لأنه غالب ما يريه الشارع عند إطلاق الوتر ويحتمل سبعًا لأن هذا العدد بخصوصه قد اعتبر في الأدوية النبوية وقد وقع ثلاثًا في رواية وسبعًا في أخرى كما قال الشارح (ت ك عن أنس (3)) رمز المصنف لصحته وقال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الترمذي: حسنٌ غريبٌ.
(1) القاموس المحيط (صـ 1677).
(2)
أخرجه ابن حبان (2936) والطبراني في الأوسط (1900)(4123)(5351)، وقال الهيثمي (2/ 302) رجاله ثقات إلا أني لم أعرف شيخ الطبراني، وكذلك البخاري في الأدب المفرد (497) وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (90). وصححه الألباني في صحيح الجامع (344) والسلسلة الصحيحة (1257).
(3)
أخرجه الترمذي (3088) والحاكم (4/ 219) وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وصححه الألباني في صحيح الجامع (346) والسلسلة الصحيحة (1258).
447 -
" إذا اشتهى مريض أحدكم شيئًا فليطعمه (هـ) عن ابن عباس (ض) ".
(إذا اشتهى مريض أحدكم شيئًا فليطعمه) سببه أنه صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً من الأنصار فقال: أتشتهي شيئًا؟ قال: نعم خبز بر قال: من كان عنده شيئًا فليأت به فجاء رجل بكسرة فأطعمها إياه ثم ذكره صلى الله عليه وسلم وفيه أنه يعطى المريض ما يطلب من الأغذية فإن إعطاعه شهوته قد تقوي طبيعته وتنعش قواه وحرارته الغريزية فيكون فيها عافيته وقد اتفق لجماعة من الأمراض أنه أعطى شهوته فكان منها شفاؤه من الألم (5 عن (1) ابن عباس) رمز المصنف لضعفه وذلك لأن فيه صفوان بن هبيرة ضعفه الذهبي وقال: شيخ بصري لا يعرف.
448 -
" إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني فيها، وأبدلني بها خيرا منها" (دك) عن أم سلمة (ت هـ) عن أبي سلمة (صح) ".
(إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون) كما أمر الله والحديث مسبق من الآية ولفظ مصيبة صادق على ما يصيب الإنسان مما يكره حتى الشوكة يشاكها كما يأتي في حديث عائشة وفي كتب التفسير: إذا انطفأ المصباح فهي مصيبة ومعنى إنا لله أي مملوكون له فهو إقرار بأنه المالك يتضمن أن ما أخذه منا فهو ملكه فلا نسخط ولا نأسف وأن كل ما في أيدينا من الأموال والأولاد عارية عندنا والعارية مردودة ومعنى إنا إليه راجعون الإقرار والإخبار عن الاعتقاد بأن أنفسنا وما ملكت من الأموال إليه صائرة وعائدة إلى ما قضاه وإلى دار جزائه ولقائه متضمن أنه لا فوات لما فات لأنا ذاهبون وإلى ما أخذ منا تابعون وفي هاتين الجملتين من الإقرار بالعبودية ما ترى ولذا جعل الله
(1) أخرجه ابن ماجه (2440) وإسناده ضعيف فيه صفوان بن هبيرة، انظر: المغني (2890)، الميزان (3/ 434)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (373).
جزاء قائلها الصلوات منه والرحمة والهداية فسبحان من وهب ثم سلب ثم علمه ما يقال ثم جعل له الأجر الجزيل فالكل منه وله وبه (اللهم عندك أحتسب) أي اعتدوا والاعتداد من العدد والاحتساب من الحسب لثواب ما أصيب به في النهاية وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه لأن له حينئذ أن يعتد عمله في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به (مصيبتي فأجرني) بفتح همزته وضم الجيم مقصورًا وممدودًا من أجره كرمه أو أجره يأجره كنصره ينصره أي اثبني وجازه من الأجر وهو الجزاء (وأبدلني بها خيرًا منها) أي من مصيبتي في أهل أو مال وفي المسند (1) عنه صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها إلا آجره في مصيبته وأخلفه خيرًا منها" فأفاد الإخبار بإجابته لدعوته (د ك عن أم سلمة) رمز المصنف لصحته (ت 5 عن أبي سلمة) وقال في الكبير: حسنٌ غريبٌ (2).
449 -
" إذا أصاب أحدكم هم أو لأواء فليقل: "الله، الله ربي لا أشرك به شيئًا" (طس) عن عائشة (صح) ".
(إذا أصاب أحدكم هم) الهم هو الحزن من خوف ما يتوقع (أو لأواء): اللأواه الشدة وضيق المعيشة وهي بلام مفتوحة وهمزة مفتوحة وواو مفتوحة آخره همزة ممدودة (فليقل الله الله ربي لا أشرك به شيئًا) لما كان القلب مخلوقًا لمعرفة فاطره وخالقه ومحييه والإيمان به والإنس به والسرور والابتهاج
(1) أخرجه أحمد في المسند (6/ 309) وكذلك مسلم (918) والترمذي (977) وأبو داود (3119) وابن ماجه (1447) والنسائي (4/ 4).
(2)
أخرجه أبو داود (3119) والحاكم (4/ 18) وأحمد (6/ 17) عن أم سلمة وفي إسناده ابن عمر بن أبي سلمة وهو مجهول كما قال الذهبي في الميزان (7/ 454)، وأخرجه الترمذي (3511) وابن ماجه (1598)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (386) وفي السلسلة الضعيفة (2382). وهو بلفظ مقارب عند مسلم (918).
بالإقبال عليه والرضاء عنه والتوكل عليه، والحب والبغض فيه ودوام ذكره وأن يكون أحب إليه من كل شيء سواه، ولا حياة له ولا نعيم ولا لذة إلا به، كانت الأحزان والهموم التي هي آلام القلوب إذا فقد هذه الأمور التي هي بمنزلة عداه وصحته وحياته متسارعة إليه من كل صوب واردة عليه من كل جهة تثيرها الشرك بالله والغفلة عنه والاستهانة بمحابه ومراضيه وترك التفويض إليه والاعتماد عليه والشك في وعده ووعيده فدواء هذا الهم هو إفراغ التوحيد عليه وغسل درن همه وغمه وهذه الكلمات الشريفة التي أرشد إليها صلى الله عليه وسلم طبيب القلوب ورسول علام الغيوب هي الأدوية النافعة والمراهم القاطعة الناجعة قد اشتملت على التوحيد وإثبات الربوبية والتحقق بالعبودية والتأكيد للكلمة الشريفة بقلع شجرة الغفلة من أصلها وتجثيث شجرته الخبيثة من ارض القلب، وتأتي أدوية أخرى في دواء هذا الداء كلها عائدة إلى معنى ما ذكرنا (طس عن عائشة (1)) رمز المصنف لصحته فيما رأينا مقابلاً على خطه وقال الشارح: رمز لحسنه وكأنه لشواهد وإلا ففيه محمد بن موسى البربري قال في الميزان عن الدارقطني: غير قوي، وفي اللسان: ما أحد جمع من العلم ما جمع، وما كان يحفظ إلا حديثين (2).
450 -
" إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي؛ فإنها من أعظم المصائب (عد هب) عن ابن عباس (طب) عن سابط الجمحي (ض) ".
(إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي) فإن كل مؤمن من المتقدمين والمتأخرين مصاب بفقده صلى الله عليه وسلم وفقد الوحي الذي كان يأتيه بخير الدارين
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (5290) عن عائشة (6119) عن أسماء بنت عميس وانظر: الميزان (6/ 350)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (348).
(2)
انظر: الميزان (4/ 51)، واللسان (5/ 400).
فليتأسى كل مصاب بفراقه صلى الله عليه وسلم فتخف عليه المصائب (فإنها من أعظم المصائب) قيل: من زائدة فإنها أعظم المصائب وقيل: لا زائدة فيها فإن بعض أفراد الأعظم قد يكون أعظم أفراده ولا شك أنه ما أصيب المسلمون بل ولا الكافرون بمثل فقده صلى الله عليه وسلم فإنه مفتاح دار السعادة ومعلم خير الدنيا والآخرة ونبي الأمة وهاديها ومهديها فذهابه ذهاب لكل خير إذ هو بدرها وسراجها المنير ورحمة الله ونعمته على العالمين عليه تنزل ملائكة السماوات ومن بحر علومه تفجرت العلوم النافعات فأي مصيبة أصيب بها العباد أعظم من فقده صلى الله عليه وسلم ولذا قال أنس رضي الله عنه لما مات رسول الله تنكرت علينا الأرض فما هي بالأرض التي نعرفها، وأنكرنا قلوبنا وكيف وبوجوده صلى الله عليه وسلم أمن الله الكفار من عذابه:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33] فكل مصيبة بعده هيئة وهو فرط لكل مؤمن لحديث عائشة عند أحمد والترمذي (1): "ومن لم يكن له فرط فأنا له فرط".
وما فقد الماضون مثل محمد
…
ولا مثله حتى القيامة يفقد
من مراثي حسان (2) فيه، وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند الوقوف على قبره صلى الله عليه وسلم ساعة دفنه: إن الصبر لجميل إلا عنك وإن الجزع لقبيح إلا عليك والمصاب بك لجليل، وإنه بعدك لقليل (3)، ويروى أنه قال لما مات صلى الله عليه وسلم منشدًا:
كنت السواد لناظري فبكى عليك الناظر
…
من شاء بعدك فليمت فعليك كنت أحاذر
وفيه ندب التأسي في المصائب وهو التسلي للمصاب بمصاب غيره ففيه
(1) أخرجه الترمذي (1062) وقال: حديث حسن غريب، وأحمد (1/ 334).
(2)
البداية والنهاية (5/ 281).
(3)
انظر: نهج البلاغة (748) وفيه: وإنه قبلك وبعدك لجَلَلٌ.
ترويح للمكروب قالت الخنساء (1):
ولولا كثرة الباكين حولي
…
على إخوانهم لقتلت نفسي
(عد هب عن ابن عباس (2)) رمز المصنف لضعفه. (طب عن سابط) بالسين المهملة فموحدة فطاء مهملة (3)(الجمحي) بضم الجيم والحديث وإن رمز المصنف لضعفه فله شواهد.
451 -
"إذا أصبحت آمنا في سربك، معافى في بدنك، عندك قوت يومك،
فعلى الدنيا وأهلها العفاء (طب) عن أبي هريرة (ض) ".
(إذا أصبحت آمنًا في سربك) بكسر المهملة وسكون الراء النفس آمن في سربه بالكسر في نفسه، وفلان واسع السرب أي رخي البال، ويروى بالفتح وهو المسلك والطريق وقد تقدم الحديث بألفاظه وتقدم شرحه في الهمزة مع الباء الموحدة في قوله:"ابن آدم وعندك ما يكفيك". (معافًى في بدنك عندك قوت يومك فعلى الدنيا العفاء) تقدم ضبطه وما أحسن ما أنشده في تذكرة الحفاظ للحافظ الحجة أبي محمد الأزدي (4):
يا بؤس للدنيا وتغريرها
…
كم شابت الصفو بتكديرها
إن امرئ في سربه آمن
…
ولم ينله سوء مقدورها
وكان في عافية جسمه
…
من سوء بلواها وتغييرها
(1) الإصابة (7/ 616).
(2)
أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 174)، والبيهقي في الشعب (10152) عن ابن عباس والطبراني في المعجم الكبير (7/ 167) رقم (1718). وكذلك أخرجه الدارمي (84) مرسلاً، وصححه الألباني في صحيح الجامع (347) والسلسلة الصحيحة (1106).
(3)
وقع في الأصل: بالصاد بدل السين، والتصحيح من المعجم الكبير وكتب التخريج. وسابط الجمحي له صحبة كما قال المزي في تهذيب الكمال (17/ 123). وانظر الجرح والتعديل (4/ 320) وقد ذكر هذا الحديث.
(4)
تذكرة الحفاظ للذهبي (4/ 1350) رقم (1100).
وعنده بلغة يوم فقد
…
حيزت إليه بحذافيرها
(طب عن أبي هريرة (1)) رمز المصنف لضعفه لكن له شواهد في الأدب المفرد عند البخاري (2).
452 -
" إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا (ت) وابن خزيمة (هب) عن أبي سعيد (صح) ".
(إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان) في القاموس (3): العضو بالكسر والضم كل لحم وافر بعظمه، وقوله: تكفر اللسان في النهاية (4): أي تذل وتخضع، والتكفير أن ينحني الإنسان ويطأطئ رأسه قريبًا من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم أحد. انتهى.
قلت: ولا يلائمه قوله (فتقول اتق الله فينا) فإنه ورد كالتفسير للتكفير والأقرب أنه من التكفير التغطية أي الأعضاء تغطي ستر اللسان بما تعظها به من قولها اتق الله وظاهره أنه قول حقيقي ولا مانع منه وإن لم نعلمه، ويحتمل التمثيل وإن الأعضاء لما كانت متابعة للسان في الخير والشر وفي الاستقامة والاعوجاج كانت بمثابة من يناصح من أمره بيده (فإنما نحن بك) الفاء للتعليل
(1) أخرجه البيهقي في الشعب (10361)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (379) والسلسلة الضعيفة (6978): ضعيف جدًا. وبين فيها علل الحديث منها.
1 -
إسماعيل بن رافع ضعيف كما في التقريب (442).
2 -
سلام الطويل متروك. وقال ابن حبان يروي عن الثقات الموضوعات كأنه المتعمد لها انظر المغني (2496) والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (2/ 6).
3 -
عصمة بن سليمان قال البيهقي في المعرفة لا يحتج به. انظر لسان الميزان (4/ 196).
(2)
انظر: الأدب المفرد (300) وحكم الشيخ الألباني على بعضها بأنه حديث حسن.
(3)
القاموس المحيط (ص 1692).
(4)
النهاية (4/ 188).
والباء للسببية أي إنما نعاقب ونثاب بسببك (فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا) وفائدة الخبر النبوي إعلام الإنسان إنه لا يأتيه الخير والشر إلا من قبل لسانه فليحذرها (ت (1) وابن خزيمة هب عن أبي سعيد) رمز المصنف لصحته.
453 -
" إذا أصبحتم فقولوا: "اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا وبك نموت، وإليك المصير" (هـ) وابن السني عن أبي هريرة (ح) ".
(إذا أصبحتم) إذا دخلتم في الصباح وهو من طلوع الفجر (فقولوا: اللهم بك أصبحنا) قدم المتعلق لإفادة الحصر أي دخلنا في الصباح بقدرتك لا بقدرة غيرك وبسبب إنعامك علينا وإيجادك الصباح وإدخالك لنا فيه ولو شئت لجعلت الليل سرمدًا إلى يوم القيامة كما قال الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ} [القصص: 71] فهو تعالى فالق الإصباح وجاعل الليل سكنًا (وبك أمسينا) بسبب قدرتك وإنعامك دخلنا في المساء كما سلف في الصباح (وبك نحيا) بقدرتك لا بغيرها نحيى الحياة الصغرى وهي القيام من النوم {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ
…
} الآية إلى قوله: {ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} [الأنعام: 60](وبك نموت) الميتة الصغرى أو يحتمل أن يراد الحياة الكبرى وهي الإيجاد من العدم فإن الله تعالى قد سماه حياة {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [الحج: 66] وبالموت الموت الأكبر وهو الخروج من هذه الدار فإن هذه الحياة الصغرى والموت الأصغر ذكرًا بالموت الأكبر والحياة الكبرى ويحتمل أن يراد الجميع
(1) أخرجه الترمذي (2407) والبيهقي في الشعب (4645) وفي الآداب (397)، وابن الدنيا في الصمت (12) والطيالسي (2323)، ولم أقف عليه في ابن خزيمة لا في الصحيح ولا التوحيد، ولم يعزه إليه الحافظ ابن حجر كعادته في إتحاف المهرة وإنما عزاه لأحمد فقط برقم (5256)، وأبو يعلى (1185) وأحمد (3/ 95)، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع (301).
(وإليك المصير) أي المرجع والمآب إليك لا إلى غيرك (5 ابن السني (1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وقد ورد من قوله صلى الله عليه وسلم وأنه كان يقوله بزيادة فيه كما أخرجه أبو داود والترمذي.
454 -
" إذا اصطحب رجلان مسلمان فحال بينهما شجر أو حجر أو مدر، فليسلم أحدهما على الآخر، ويتباذلوا السلام (هب) عن أبي الدرداء (ض) ".
(إذا اصطحب رجلان) الصحبة درجات كثيرة والمراد هنا إذا جمع بينهما طريق (مسلمان) إذ السلام من شعار أهل الإِسلام (فحال بينهما شجر) في القاموس (2): هو ما قام على ساق أو ما سما بنفسه دق أو جل قاوم الشتاء أو عجز عنه الواحدة بهاء (أو حجر أو مدر) بالدال المهملة المفتوحة الطين المتماسك أو بلدة الإنسان فإنها مدرته (فليسلم أحدهما على الآخر) فإن بالحيلولة قد تجدّد بعد افتراق وباللقاء بعده اتفاق فيشرع التسليم (ويتباذلوا السلام) بالذال المعجمة من البذل وهو الإعطاء أي يبذل كل واحد سلامه للآخر (هب عن أبي الدرداء (3)) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه بقية بن الوليد لكن له شواهد.
455 -
" إذا اضطجعت فقل: "بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه، وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون" (أبو نصر السجزي في الإبانة عن ابن عمرو".
(1) أخرجه ابن ماجه (3868) وابن السني (34) عن أبي هريرة ورواية أبي داود (5068) والترمذي (3391) وفيها: "وإذا أمسى .. "، وصححه الألباني في صحيح الجامع (354) والسلسلة الصحيحة (263).
(2)
القاموس (1/ 520).
(3)
أخرجه البيهقي في الشعب (8860) وفي إسناده بقية بن الوليد وفيه ضعف ولكن له شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن. وقد حسنه الألباني في صحيح الجامع (355).
(إذا اضطجعت) أخذت مضجعك وهو مكان النوم ويحتمل أن المراد إذا أردت وظاهره في ليل أو نهار (فقل بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة) هو صفة للجمع ويجوز إفراد وصفه وجمعه وفي القرآن: {أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: 80] و {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184] ووجهه أن الجمع لما كان بمعنى جماعة جاز إفراد وصفه قيل أو لأن جمع السلامة من جموع القلة وهي أقرب إلى الإفراد ولذا أعاد إليها الضمير ضمير إفراد من قوله: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا} [المؤمنون: 21] وفي النهاية (1): التامة قيل هي القرآن وإنما وصفت بالتمام لأنه لا يجوز أن يكون في شيء من كلامه نقص أو عيب كما يكون في كلام الناس وقيل معنى التمام هنا إنما ينفع المتعوذ بها ويحفظه من الآفات ويكفيه (من غضبه) في النهاية (2) أيضًا غضب الله إنكاره على من عصاه وسخطه عليه وإعراضه عنه ومعاقبته له.
قلت: فيكون عطف قوله: (وعقابه) عليه من عطف الجزء على الكل والنكتة فيه هي النكتة في عطف الخاص على العام (ومن شر عباده) عام لإنسهم وجنهم (ومن همزات الشياطين) جمع همزة، الهمزة من الهمز وهو النخس والشياطين يحثون العباد على المعاصي ويجروهم إليها كما يهم الرابض الدابة حثًا بها للسير (وأن يحضرون) يحومون حولي ويتصلون بي وهو مأخوذ من الآية:{وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)} [المؤمنون: 97، 98] ولا يخفى أن المصائب الواردة على العبد إما من غضب مولاه وفاطره أو من عقابه أو من شر الثقلين من العباد أو من قبل النفس بواسطة وساوس الشياطين وحثهم للعباد على القبائح.
(1) النهاية (4/ 198).
(2)
النهاية (3/ 690).
والحديث قد اشتمل على الاستعاذة من شر الجميع (أبو نصر السجزي (1) في الإبانة عن ابن عمرو) وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
456 -
" إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً (حم ق) عن جابر (صح) ".
(إذا طال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً) الطرق هو إتيان الليل كما في القاموس (2) فذكر الليل مبني على تجريده عنه من باب قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1] فإن الإسراء لا يكون إلا في الليل، وأهل الرجل: عشيرته وذوو قرابته، إلا أنه أريد هنا امرأته بدليل التعليل في الحديث الآخر أعني قوله:"حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة"(3) فهو في حق من له زوج وأطال الغيبة (حم ق عن جابر (4)).
457 -
" إذا اطمأن الرجل إلى الرجل، ثم قتله بعد ما اطمأن إليه نصب له يوم القيامة لواء غدر (ك) عن عمرو بن الحمق".
(إذا اطمأن الرجل إلى الرجل) اطمأن إليه أي سكن إليه وأنس به وأمنه (ثم قتله بعد ما اطمأن إليه نصب له يوم القيامة لواء غدر) في النهاية (5): لواء غدر علامة يشتهر بها بين الناس لأن موضع اللواء شهرة مكان الرئيس (ك عن عمرو (6) بن الحمق) بالحاء المهملة فميم مكسورة فقاف.
(1) أخرجه أبو نصر السجزي في الإبانة كما في الكنز (41276)، وكذلك أحمد (2/ 181) وأبو داود (3893)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (382) وفي الكلم الطيب (48).
(2)
القاموس (ص: 1166).
(3)
أخرجه البخاري (5247) وقد بوب البخاري بعنوان: باب تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة ومسلم (715)، وأحمد (3/ 303).
(4)
أخرجه أحمد (3/ 396) والبخاري (5243) ومسلم (715).
(5)
النهاية (4/ 279).
(6)
أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 353) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وصحَّحه الألباني في=
458 -
" إذا أعطى الله أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه وأهل بيته (حم م) عن جابر بن سمرة (صح) ".
(إذا أعطى الله أحدكم خيرًا فليبدأ بنفسه) هو من بدأ المهموز لا المقصور وتقدم الحديث عليه في حديث: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك". (وأهل بيته) أي بعد أن يفضل عن نفسه وهذا الأمر الجائز وأما الأفضل فالإيثار على النفس، والأمر هنا للإباحة أو للندب لجواز تفاوت رتب المندوب وإن كان الإيثار هو الأفضل وهو مندوب (حم م (1) عن جابر بن سمرة).
459 -
" إذا أعطي أحدكم الريحان فلا يرده. فإنه خرج من الجنة (د) في مراسيله (ت) عن أبي عثمان النهدي مرسلاً".
(إذا أعطى أحدكم الريحان) في النهاية (2): أنه كل نبت طيب الرائحة من أنواع المشموم (فلا يرده فإنه خرج من الجنة) علة للنهي عن الرد لأن الجنة غاية، مطلوب كل مؤمن فلا يرد ما خرج منها وهو محمول على الحقيقة، وأنه تعالى أخرجه من الجنة تشويقًا للعباد إلى نعيمها وقد ضبط. (ص 143) ابن سيد الناس اليعمري ما ورد قبوله وعدم رده في قوله:
قد كان من سنة خير الورى
…
صلى الله عليه طول الزمن
أن لا يرد الطيب والمسكا
…
واللحم والحلوى كذاك اللبن (3)
وللمصنف (4) رحمه الله وزاد عليه وفاته بعض ما نظمه ابن سيد الناس فإنه
=صحيح الجامع (357) والسلسلة الصحيحة (441).
(1)
أخرجه أحمد (5/ 86) ومسلم (1822).
(2)
النهاية (2/ 288).
(3)
عزاه في النور السافر (247) إلى الحسين بن الصديق اليمني.
(4)
عزاه في النور السافر (54) إلى السيوطي.
فاته اللحم إلا أن يدخل تحت الرزق:
عن المصطفى سبع يرقبوا لها
…
إذا ما بها قد أتحف المرء خلان
حلو وألبان ودهن وسادة
…
ورزق لمحتاج وطيب وريحان
(د في مراسيله عن ابن (1) عثمان النهدي (2)) بفتح النون وسكون الفاء ودال مهملة نسبة إلى نهد قبيلة معروفة واسمه عبد الرحمن بن مل بتثليث الميم وتشديد اللام من كبار التابعين (3)(مرسلاً).
460 -
" إذا أعطيت شيئًا من غير أن تسأل، فكل وتصدق م (د ن) عن عمر (صح) ".
(إذا أعطيت شيئًا من غير أن تسأل) أي فأقبله؛ لأن قوله (فكل وتصدّق) قال عليه، فيه الأمر بقبول ما ساقه الله إليه من رزقه وقد علله في حديث آخر بقوله:"فإنه رزق ساقه الله" هذا إذا لم يعلم كونه حرامًا أو شبهة فالأول يحرم والثاني صفة المؤمن الوقف عنده، وقد قيد في غير هذا بعدم استشراف النفس إليه أي تطلعها إلى إتيانه (م د ن عن عمر (4)) قال: استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على عماله فأديتها فأمر لي بعمالتي فقلت: إنما عملت لله فذكره.
461 -
" إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: "اللهم اجعلها مغنما، ولا تجعلها مغرما" (هـ ع) عن أبي هريرة (ض) ".
(1) في المطبوعة (أبي).
(2)
أخرجه أبو داود في المراسيل (530) والترمذي (2791) وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ولا نعرف حنانا إلا في هذا الحديث وأبو عثمان النهدي اسمه عبد الرحمن بن مل وقد أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ولم يسمع منه. وفي إسناده: حنان الأسدي في عداد المجهولين وفيه الإرساله. انظر ميزان الاعتدال (2/ 394). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (385) والسلسلة الضعيفة (764).
(3)
انظر: الاستيعاب (1/ 258، 549) وهو أسلم على عهده صلى الله عليه وسلم ولم يلقه. والإصابة (5/ 108)، وتهذيب الكمال (6/ 249).
(4)
أخرجه مسلم (1045) وأبو داود (1647) والنسائي (5/ 102).
(إذا أعطيتم) بصيغة المعلوم خطابًا للذين يخرجون (الزكاة فلا تنسوا ثوابها) أمرها الذي يطلبونه من الله سبحانه وتعالى أي لا تنسوا طلبه (أن تقولوا اللهم اجعلها مغنمًا) أن تقولوا إلى آخره بدل من الثواب أي لا تنسوا هذا القول فإنه أجرها أي سبب أجرها والمغنم بزنة مفعل هو ما يناله الإنسان من الأشياء من غير مشقة أي اجعلها عند قلبي في السماحة بها والرضى والسرور بإخراجها كالمغنم الذي أحوزه وأحرزه فلا تتبعها نفسي أو اجعلها في الأجر كأجر الغانمين وهم المجاهدون لأني جاهدت نفسي في إخراجها والسماحة بها (ولا تجعلها مغرمًا) هو بدينه وهو ما يؤخذ من الإنسان مما يلزمه أداؤه كرهًا فيسلمه غير طيبة به نفسه ولا طالب به مرضاة الله تعالى وهي صفة للمنافقين كما حكاه الله عنهم في سورة التوبة (5 ع عن أبي هريرة (1)) رمز المصنف لضعفه وقال في الكبير بعد ذكره: وضعف انتهى. ووجه ضعفه أن فيه سويد بن سعيد قال أحمد. متروكٌ (2).
462 -
"إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإنه بركة، فإن لم يجد تمرا فليفطر
(1) أخرجه ابن ماجه (1797) وأبو يعلى (3775)، وقال البوصيري في الزوائد (2/ 88) هذا إسناد ضعيف البحتري متفق على تضعيفه والوليد مدلس. وفي إسناده أيضًا: سويد بن سعيد الحدثاني قال أحمد متروك وقال النسائي ليس بثقة وقال البخاري عمى فكان يقبل التلقين وقال أبو حاتم صدوق. انظر المغني في الضعفاء (2706)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (386) والسلسلة الضعيفة (1096) موضوع.
(2)
لم أقف على قول الإِمام أحمد هذا، إلا عند ابن الجوزي فهو نقل عنه هذا القول، وروى الميموني عن أحمد قال: ما علمت إلا خيرًا، وفي التهذيب (4/ 272)، قال عبد الله: عرضت على أبي أحاديث سويد عن ضمام بن إسماعيل، فقال: اكبها كلها، فإنه صالح، أو قال: ثقة، باختصار سويد بن سعيد الحدثاني أبو محمد، تكلم فيه بعضهم ووثقه الآخرون، وحاصل كلامهم أن كتابه ونسخته صحيحة، وأما ما حدث من حفظه ففيه ضعف. انظر: بحر الدم (ص: 417)، وميزان الاعتدال (2/ 248)، والتقريب (290).
على الماء، فإنه طهور (حم 4) وابن خزيمة (حب) عن سلمان بن عامر الضبي (صح) ".
(إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمرٍ فإنه بركة) زيادة ونماء في دين العبد أو في بدنه أو في معاشه (فإن لم يجد تمرًا فليفطر على الماء فإنه طهور) أي مطهر للقلب وهو بفتح الطاء (حم 4 وابن خزيمة حب عن سلمان (1)) في الكبير (عامر ابن الضبي) بفتح المعجمة وكسر الموحدة وهو صحابي سكن البصرة (2) والحديث رمز المصنف لصحته وقال الترمذي: حسن صحيح.
463 -
" إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم (ق د ت) عن عمر (صح) ".
(إذا أقبل الليل من ها هنا) هنا اسم مكان وحرف ها حرف تنبيه وهو إشارة إلى جهة المشرق لأن منه يقبل الليل كما أن منه يقبل النهار وإقبال الليل إقبال ظلمته (فأدبر النهار من ها هنا) إشارة إلى جهة المغرب لأن منه يدبر الليل بإدبار الشمس (وغربت الشمس) بيان لإدبار النهار (فقد أفطر الصائم) أي دخل في زمن الفطر أو أفطر شرعًا؛ لأنه لا حكم للإمساك عن المفطرات ليلاً عند الشارع قال المصنف في المرقاة (3): اتفقت واقعة ببغداد بين الشيخين أبي
(1) أخرجه أحمد (4/ 17) وأبو داود (2355) والترمذي (658) والنسائي في السنن الكبرى (3319) و (3320) وقال: هذا الحرف "فإنه بركة" لا نعلم أن أحدا ذكره غير ابن عيينة ولا أحسبه محفوظًا، وابن ماجه (1699) وابن خزيمة (2067) وابن حبان (3514) وقال الترمذي: حسن صحيح وانظر علل ابن أبي حاتم (3/ م 687)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (389)؛ لجهالة الرباب الضبية وهي بنت صليع أم الرائح فقد تفردت بالرواية عنها حفصة بنت سيرين وقد صحح الشيخ الألباني أن يكون هذا من فعله صلى الله عليه وسلم. انظر السلسلة الضعيفة (6383).
(2)
انظر: الاستيعاب (1/ 191)، والثقات لابن حبان (3/ 158).
(3)
انظر: مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود (لوحة 107).
إسحاق الشيرازي وابن الصباغ. رجل قال لامرأته إن أفطرت على حار أو بارد فأنت طالق فغربت الشمس فقال ابن الصباغ تطلق وقال أبو إسحاق لا تطلق لهذا الحديث لأنها أفطرت على غير هذين انتهى.
قلت: وكأن ابن الصباغ فهم أنه أراد الرجل بقوله حار أو بارد الإفطار مطلقًا ومنه دخول الليل وأبو إسحاق نظر إلى أنها لم تفطر بواحد من الأمرين فجزم بأنها لم تفطر بأيهما فلا طلاق مع الحكم بأنها أفطرت بدخول الليل فما بين الرجلين خلاف في أنه أريد بالحديث الحكم بالإفطار لا دخول الليل فهما متفقان على معناه على أن فتواهما تحثا هو أن الأيمان في باب الطلاق وغيره يحمل على العرف والعرف أنه لا يسمى دخول الليل إفطارًا فلو علل أبو إسحاق فتواه بهذا لكان وجيهًا وجعل بن الصباغ الحار والبارد بمعنى المفطر فحكم بالطلاق بدخول الليل لأنها قد أفطرت وجعله بمعنى المفطر لا يشمل إلا المأكول والمشروب عرفًا فتأمل. في القاموس (1) فطر الصائم أكل وشرب كأفطر انتهى. ولم يجعل من معانيه دخل في وقت الفطر فيكون معنى الحديث فقد حكم له بجواز الأكل والشرب (ق د ت عن عمر (2)).
464 -
" إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا الرجل المسلم تكذب، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا (ق هـ) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا اقترب الزمان) قال المصنف في المرقاة: قيل: المراد اقترب زمن الساعة ودنو وقتها، وقيل: المراد اعتداله واستوى الليل والنهار، وقال الفارسي: في مجمع الغرائب، قيل: إنه عبارة عن قرب الأجل وهو أن يطعن المؤمن في السنن ويبلغ أوان الكهولة والشيب فإن رؤياه تصدق؛ لأنه يستكمل تمام الحلم والأناة
(1) القاموس (ص: 587).
(2)
أخرجه البخاري (1954) ومسلم (1100) وأبو داود (2351) والترمذي (968).
(لم تكد رؤيا الرجل المسلم تكذب وأصدقهم) أي الرجال الدال عليهم ذكر الرجل (رؤيا أصدقهم حديثًا) في اليقظة وهذا من فوائد الصدق في الحديث جعله سببًا لصدق الرؤيا وظاهره أن هذا حكم لمن يصدق في حديثه أن تصدق رؤياه سواء قرب الزمان أو لا (ق 5 عن أبي هريرة)(1).
465 -
" إذا أقرض أحدكم أخاه قرضًا، فأهدى إليه طبقا فلا يقبله، أو حمله على دابته فلا يركبها، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك (ص هـ هق) عن أنس (ح) ".
(إذا أقرض أحدكم أخاه قرضًا) القرض ما يعطيه الرجل ليقضاه كما في القاموس (2)(فأعطاه طبقًا) محرك الموحدة بالفتح هو عطاء كل شيء وقيل ما يحمله عليه أو فيه وأريد به هنا مثلًا والمراد الهدية من المقترض مطلقًا (فلا يقبله) لأنه ما أعطاه إلا في مقابلة ما أقرضه فهو زيادة لا يقابلها شيء والنهي ظاهر به التحريم (أو حمله على دابة فلا يركبها) هذا نهي عن قبول المنفعة من المقترض والأول نهي عن قبول المال ووجه النهي أنه من القرض الذي يجر منفعة وقد نهى عنه فقد أخرج الحارث في "مسنده"(3) من حديث علي رضي الله عنه: "نهى عن كل قرض جر منفعة" إن قلت قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قضى من أقرضه خيرًا مما أعطاه وقال: "خيركم أحسنكم قضاء"(4).
قلت: يحمل النهي أنه إذا كان الزيادة مشروطة بينهما كما يرشد إليه نهي عن قرض يجر منفعة أي لأجلها وفي معناه الإهداء والحمل على الدابة ولذا قال صلى الله عليه وسلم
(1) أخرجه البخاري (7017)، ومسلم (2263) وابن ماجه (3917).
(2)
القاموس المحيط (صـ 841).
(3)
أخرجه الحارث في مسنده (437 زوائد).
(4)
أخرجه البخاري (2305) ومسلم (1601).
(إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك) فإنه لا يكون من أجل الإقراض (ص 5 هق عن أنس) رمز المصنف لحسنه (1).
466 -
" إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عن الشجرة البالية ورقها سمويه (طب) عن العباس (ض) ".
(إذا اقشعر) تقبض وتجمع (جلد العبد من خشية الله) بسبب خوفه منه تعالى وهذا لا يكون إلا عند شدة الخوف منه تعالى وقد يجعل كناية عن شدة الخوف وإن لم تقع الحقيقة (تحاتت عنه خطاياه) تساقطت عنه كأنه حامل لها (كما يتحات عن الشجرة البالية) بالباء الموحدة والسلام من بلى الشيء إذا خلق وفي نسخة اليابسة (ورقها) تشبيهًا للمقول بالمحسوس إبراز التصوير ذهابها (سمويه طب عن العباس) رمز المصنف لضعفه (2).
467 -
" إذا أقل الرجل الطعم ملئ جوفه نورًا (فر) عن أبي هريرة (ض) ".
(إذا أقل الرجل الطعم ملأ) الله (جوفه نورًا) الطعم بضم الطاء وسكون العين الأكل وأما بفتحها فهو ذوق الشيء بما يجده اللسان منه وتقدم الكلام في ذلك (فر عن أبي هريرة (3)) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه علان الكرخي متهم
(1) أخرجه ابن ماجه (2432)، قال البوصيري (3/ 70): هذا إسناد فيه مقال. والبيهقي في السنن (5/ 350)، وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (3/ 8): وإسناد هذا الحديث غير قوي على كل حال، فإن ابن عياش متكلم فيه وحديث أنس الموقوف أخرجه البيهقي في الشعب (5532). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (390) والسلسلة الضعيفة (1163).
(2)
أخرجه البزار (1322) والبيهقي في الشعب (803) وتاريخ بغداد (4/ 56) وقال المنذري في الترغيب والترهيب/ (4/ 117) رواه أبو الشيخ ابن حيان في الثواب وقال الهيثمي في المجمع: (10/ 310) فيه أم كلثوم بنت العباس ولم أعرفها وبقية رجاله ثقات. وأورده الحافظ في الإصابة (8/ 295) وعزاه لسمويه، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (319) وفي السلسلة الضعيفة (2343) لجهالة أم كلثوم ابنة العباس، وفي إسناده أيضًا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال الحافظ في التقريب (7591) اتهموه بسرقة الحديث.
(3)
أخرجه الديلمي في الفردوس (1138) وفي إسناده محمد بن إبراهيم بن العلاء بن السائح أورده=
بالوضع وفيه غيره ممن رمي بذلك.
468 -
" إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (م 4) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة) أي نفلاً أو مطلق؟ (إلا المكتوبة) أي إلا الصلاة التي أقيمت وعبر عنها بالمكتوبة زيادة في بيان أنه لا يقدم عليها غيرها ولا يشتغل بسواها وظاهره أنه يخرج مما هو فيه فإن حمل النفي على النافلة والفرض فهو دليل على سقوط الترتيب بين الفرائض إذا أقيمت إحداهما جماعة فمن أراد أن يصلي الظهر مثلاً فرادى فأقيمت العصر جماعة فلا يصلي إلا العصر ومسقط الترتيب بينه وبين الظهر هذا إن أريد بالمكتوبة المقامة ويحتمل أنه أريد بالمكتوبة غيرها والمراد فلا صلاة نافلة لكن المكتوبة تصلى والاستثناء منقطع فلا سقوط للترتيب (م 4 عن أبي هريرة (1)).
469 -
" إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وائتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (حم ق 4) عن أبي هريرة "(صح).
(إذا أقيمت الصلاة) أخذ في إقامتها وإنما خص هذه الحالة إشارة إلى ما سواها؛ لأنه إذ نهى عن إتيانها سعيًا في حال الإقامة مع خوفه فوات بعضها فقبل الإقامة أولى وآكد (فلا تأتوها وأنتم تسعون) النهي موجه إلى القيد أعني الجملة
= الذهبي في الضعفاء وقال ابن حبان والدارقطني كذاب. انظر المغني (5207).
وفيه إبراهيم بن مهدي الأيلي قال الذهبي: يضع الحديث وقال الحافظ: كذبوه. انظر المغني (182) والتقريب (257). وقال الألباني في ضعيف الجامع (392) والضعيفة (2342) موضوع.
(1)
أخرجه مسلم (710) وأبو داود (1266) والترمذي (421) والنسائي (2/ 116) وابن ماجه (1151).
الحالية وهي وأنتم تسعون، فالنهي عن إتيانها سعيًا، والسعي قد يكون مشيًا وقد يكون عملًا وتصرفًا ويكون قصدًا وقد تكرَّر في الحديث فإذا كان بمعنى المضي عدي بإلى وإذا كان بمعنى العمل عدي باللام والمراد به هنا العدو في المشي كما يرشد إليه قوله (وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة) إن قلت: قد يعارضه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [الجمعة: 9].
قلت: قال جار الله (1) في الآية: السعي القصد دون العدو والسعي التصرف في كل عمل ومنه قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] وعن الحسن ليس السعي على الأقدام ولكن على النيات والقلوب. انتهى (فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) أي ولكم أجر من أدركها جماعة كما أفادته أحاديث أخرى منها آخر هذا الحديث ففي رواية في مسلم: "فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة"، وقال العلماء: والحكمة في إتيانها بسكينة والنهي عن السعي أن الذاهب إلى الصلاة عامل في تحصيلها ومتوصل إليها فينبغي أن يكون متأدبا بآدابها وعلى أكمل الأحوال، قاله في شرح مسلم (2). وأما كون ما أدركه مع الإِمام أول صلاته أو آخرها فقد حققناه في حواشي ضوء النهار تحقيقًا شافيًا بحمد الله وأنه أول صلاته (حم (3) ق 4 عن أبي هريرة).
470 -
"إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني (حم ق د ن) عن أبي قتادة زاد (3) "قد خرجت إليكم" (صح).
(1) انظر: الكشاف (1/ 1257).
(2)
انظر: المنهاج للنووي (5/ 99).
(3)
أخرجه أحمد (2/ 270)، والبخاري (908)، ومسلم (602)، وأبو داود (572) والترمذي (327)، والنسائي (2/ 14) وابن ماجه (775).
(إذا أقيمت الصلاة) أي أخذ في إقامتها وشرع فيها (فلا تقوموا إليها حتى تروني) فإنها كانت تقام الصلاة أي يأخذ المؤذن في إقامتها وهو صلى الله عليه وسلم في منزله لم يخرج فنهاهم عن القيام إليها حتى يروه قد خرج من منزله، كما أفاده قوله قد خرجت في الزيادة الآتية، وفيه لا بأس بالأخذ في إقامة الصلاة قبل دخول الإِمام المسجد إذا علم أنه داخل مدرك للصلاة وفي رواية أبي هريرة:"أقيمت الصلاة، وقمنا فعدّلنا الصفوف قبل أن يخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية في مسلم فأخذ الناس مصافهم قبل خروجه قال النووي (1) في شرحه: لعله كان مرة أو مرتين أو نحوهما لبيان الجواز أو لعذر ولعل قوله صلى الله عليه وسلم: "فلا تقوموا حتى تروني" كان بعد ذلك. (حم ق د ن عن أبي قتادة زاد 3 قد (2) خرجت إليكم) وهي تفيده الرواية الأول مفهومًا إذ لا يرونه إلا وقد خرج إليهم.
471 -
" إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدأوا بالعشاء (حم ق ت ن هـ) عن أنس (ق هـ) عن ابن عمر (خ هـ) عن عائشة (حم طب) عن سلمة بن الأكوع (طب) عن ابن عباس (صح) ".
(إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء) في النهاية (3): العشاء بالفتح الطعام الذي يؤكل عند العشاء وأراد بالصلاة صلاة المغرب (فابدءوا بالعشاء) بطعام العشاء وإنما شرع تقديم العشاء لئلا يدخل في الصلاة وهو مشوش البال مشغول لشغل قلبه: وظاهر الأمر الإيجاب، والجمهور أنه لو صلى بحضرة الطعام كانت صلاته مكروهة إذا كان في الوقت سعة فإن خاف خروج الوقت لو أكل لم يجز
(1) المنهاج (5/ 103).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 304) والبخاري (637) ومسلم (604) وأبو داود (539) والنسائي (2/ 31) والترمذي (592).
(3)
النهاية (3/ 242).
له تأخيرها وعن بعض الشافعية أنه لا يصلي بحالٍ ونقل القاضى عياض (1) عن الظاهرية أنها باطلة (حم ق ت ن 5 عن أنس (2) ق 5 عن ابن عمر خ 5 عن عائشة حم طب عن سلمة بن الأكوع طب عن ابن عباس) وأما حديث إذا حضر العشاء والعشاء فابدءوا بالعشاء قال الحافظ العراقي: إنه لا أصل له بهذا اللفظ (3).
472 -
" إذا اكتحل أحدكم فليكتحل وترا، وإذا استجمر فليستجمر وترًا (حم) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا اكتحل أحدكم فليكتحل وترًا) قد بينته رواية فعله أنه صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في كل عين ثلاثًا فهو المراد بالوتر هنا ويأتي تحقيق في بحث الشمائل في باب كان (وإذا استجمر) أحدكم (فليستجمر وترًا) تقدم (حم عن أبي هريرة (4)) رمز المصنف لصحته.
473 -
" إذا أكفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما (م) عن ابن عمر (صح) ".
(إذا أكفر الرجل أخاه) أي قال له يا كافر كما في حديث أبي هريرة: إذا قال الرجل لأخيه يا كافر سيأتي (فقد باء) بالهمز ممدود في النهاية (5): "فقد باءه أي
(1) انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 494).
(2)
أخرجه أحمد (3/ 110) والبخاري (672) ومسلم (557) والترمذي (353) والنسائي (2/ 853) وابن ماجه (933) من رواية أنس.
وأخرجه البخاري (671)، ومسلم (559) وابن ماجه (934) عن ابن عمر.
وأخرجه البخاري (671) ومسلم (558) وابن ماجه (935) عن عائشة.
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (7/ 20) رقم (6250) عن سلمة بن الأكوع.
(3)
ذكره السخاوي في المقاصد الحسنة (ص: 38) وقال: قال العراقي في شرح الترمذي: لا أصل له في كتب الحديث بهذا اللفظ وانظر: الفوائد المجموعة (ص:157)، وكشف الخفاء (1/ 89).
(4)
أخرجه أحمد (2/ 351)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (375) والسلسلة الصحيحة (1260).
(5)
النهاية (1/ 159).
التزمه ورجع به وكأنه في رواية بتذكير الضمير وهي للكفر أو للقول وأنثه هنا حيث قال (بها) أي بالكلمة (أحدهما) قال في النهاية (1): لأنه إما أن يَصْدُق عليه وإما أن يَكْذِب فإن صَدَق فهو كما قال وإن كذب عاد عليه الكفر بتكفيره أخاه المسلم. انتهى. وليس المراد أنه يصير كافرًا بقوله له ذلك خارجًا عن ملة الإِسلام كالمرتد وإنما المراد أنه يأثم بتلك الكلمة ويرجع عليه وبالها وتقدم كلام النهاية (2) أن الكفر على أنحاء أربعة (م (3) عن عمر).
474 -
" إذا أكل أحدكم طعامًا فليذكر اسم الله، فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل: "بسم الله على أوله وآخره" (د ت ك عن عائشة (صح) ".
(إذا أكل أحدكم طعامًا فليقل (4) بسم الله) تقدم الكلام عليه مستوفى (فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل: بسم الله على أوله وآخره) فيه بيان أنه إذا أطلق الأمر بذكر اسم الله يراد به هذا اللفظ فقط وفيه أن بركة التسمية تنعطف على أول الطعام الناسي إذا ذكرها إذ هي فائدة قوله أوله مع أنه قد نفد وتقدم الكلام في التسمية موسعًا (د ت (5) ك عن عائشة) رمز المصنف لصحته وقال الترمذي: حسنٌ صحيحٌ وصحَّحه الحاكم.
475 -
"إذا أكل أحدكم طعاما فليقل: "اللهم بارك لنا فيه، وأبدلنا خيرا منه" وإذا شرب لبنا فليقل:"اللهم بارك لنا فيه، وزدنا منه" فإنه ليس بشيء
(1) النهاية (4/ 340).
(2)
النهاية (4/ 186).
(3)
أخرجه مسلم (60).
(4)
في المطبوعة: (فليذكر اسم الله).
(5)
أخرجه أبو داود (3767) والترمذي (1858) وقال: حسن صحيحٌ، والحاكم (4/ 180) وقال: صحيح الإسناد. وأحمد (1/ 265) والنسائي في السنن الكبرى (10112).
وصححه الألباني في صحيح الجامع (380) وفي الإرواء (1965).
يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن (حم دت هـ هب) عن ابن عباس (ح) ".
(إذا أكل أحدكم طعامًا فليقل) عند أكله أو بعد الفراغ منه (اللهم بارك لنا فيه وأبدلنا خيرًا منه) فيه أنه لا بأس بطلب الأعلى من الطعام (وإذا شرب لبنًا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه) فيه أنه لا خير من اللبن في المشروب فيسأل إنما يطلب الزيادة منه وقد بين صلى الله عليه وسلم أخيريته بإغنائه أي إجزائه عن الطعام والشراب فدل أن الخيرية في النفع والكفاية لا في التلذذ والرفاهية (فإنه ليس شيء يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن) والأصل أن هذا من الحديث إلا أنه مدرج من كلام مسدد كما قاله الخطابي والصدر المناوي (1)(حم د ت 5 هب عن بن عباس (2)) رمز المصنف لحسنه.
476 -
" إذا أكل أحدكم طعاما فلا يمسح يده بالمنديل، حتى يلعقها أو يلعقها (حم ق د هـ) عن ابن عباس (حم م ن هـ) عن جابر بزيادة "فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة" (صح) ".
(إذا أكل أحدكم طعامًا فلا يمسح يده بالمنديل) في القاموس (3) بالفتح والكسر كمِنْبَر وفيه دليل على جواز ذلك وعلى عدم تعين الغسل (حتى يلعقها) بفتح أوله من الثلاثي) مبني للمعلوم وفاعله الأكل في القاموس (4): لعقه كسمعه يلعقه ويضم: لحسه (أو يلعقها) بضم أوله أي يمكن غيره من لعقها وفيه دليل على عدم كراهة أوصال اليد فم الغير ثم المراد باليد الأصابع التي فيها أثر
(1) انظر: كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح لصدر الدين المناوي (3/ رقم 3429) بتحقيقنا.
(2)
أخرجه أحمد (1/ 784) وأبو داود (3730) والترمذي (3455) وحسنه، وابن ماجه (3322) والبيهقي في الشعب (6041)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (381).
(3)
القاموس المحيط (صـ 66).
(4)
القاموس المحيط (ص: 1190).
الطعام بدليل حديث أبي هريرة: "فيلعق أصابعه" وفيما زاده جابر ذكر علة ذلك وهو أنه لا يدري من أي طعامه البركة فقد يمسح بالمنديل ما فيه البركة، وفيه أنه لا يترك الساقط من الطعام لهذه العلة وإن كان سيأتي فيه حديث مستقل (حم ق د هـ عن بن عباس (1) حم م ن 5 عن جابر بزيادة فإنه لا يدري في أي طعامه البركة) وهي مطلوبه فلا تفوتها وفيه أنه لا يغسلها أيضًا حتى يلعقها أو يُلعقها.
477 -
" إذا أكل أحدكم طعاما فليلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة (حم م ت) عن أبي هريرة (طب) عن زيد بن ثابت (طس) عن أنس (صح) ".
(إذا أكل أحدكم طعامًا فليلعق أصابعه) أي التي أكل بها (فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة) النماء والزيادة وظاهر الأوامر الوجوب إلا أنه يأتي فيه من البحث ما سلف في حديث الاستيقاظ وأنه علل بأمر يقتضي الشك وهو لا يقتضي الإيجاب على أنا قد بحثنا في ذلك في حواشي شرح العمدة بحثًا نفيسًا لم يسبق إليه (2)(حم م ت عن أبي (3) هريرة/ طب عن زيد بن ثابت طس عن أنس).
478 -
" إذا أكل أحدكم طعاما فليغسل يده من وضر اللحم (عد) عن ابن عمر (ض) ".
(1) أخرجه البخاري (5456)، ومسلم (2031)، وأبو داود (3847)، وابن ماجه (3269)، وأحمد (1/ 346) عن ابن عباس، وأحمد (3/ 331)، ومسلم (2033)، والنسائي في السنن الكبرى (6777)، وابن ماجه (3270) عن جابر. وأحمد (3/ 310) عن جابر بزيادة:"فإنه لا يدري في".
(2)
انظر: العدة حاشية المؤلف على شرح العمدة (1/ 109 - 111).
(3)
أخرجه أحمد (2/ 341) ومسلم (2035) والترمذي (1801) عن أبي هريرة، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (5/ 152) رقم (4918) عن زيد بن ثابت، أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (3596) عن أنس.
(إذا أكل أحدكم طعامًا) أريد به ما فيه اللحم لا مطلقًا بدليل قوله (فليغسل يده من وضر اللحم) وهو بالضاد المعجمة مفتوحة والراء في القاموس (1) الوضر محرك وسخ الدسم واللبن. انتهى.
وفيه شرعية غسل اليد من اللحم ويلحق به ما فيه دسومة من الأطعمة ويأتي علة ذلك في حديث: "من بات وفي يده غمر فلا يلومن إلا نفسه"(2)(عد عن ابن عمر (3)) رمز المصنف لضعفه.
479 -
" إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله (حم م د) عن ابن عمر (ن) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا أكل أحدكم) حذف المفعول ليعم كل مأكول (فليأكل بيمينه) والأمر للإيجاب (4) لما يأتي من علة ذلك مع كون الأصل في الأمر ذلك وكذلك قوله (وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) والمؤمن مأمور بأن لا يتصف بصفة الشيطان في شيء وإذا حرم التشبه باليهود بل تشبه الرجال بالنساء وعكسه فالتشبيه بالشيطان أشد تحريمًا (حم م د عن ابن عمرن عن أبي هريرة)(5).
(1) القاموس المحيط (صـ 633).
(2)
أخرجه أبو داود (3852)، وابن الجعد في مسنده (2837)، وأحمد (2/ 263)، وابن حبان (5521)، والحاكم (4/ 152) وقال: هذه الأسانيد كلها صحيحة ولم يخرجاه.
(3)
أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 95) في ترجمة وازع بن نافع العقيلي وهو ليس بثقة وضعفه المناوي (1/ 398)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (395).
(4)
قوله للإيجاب هذا مخالف لما درج عليه الأئمة.
(5)
أخرجه أحمد (2/ 8)، ومسلم (2020) وأبو داود (3776) عن ابن عمر والنسائي في السنن الكبرى (6745) عن أبي هريرة.
480 -
" إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وليشرب بيمينمه، وليأخذ بيمينه، وليعط بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله، ويأخذ بشماله، ويعطي بشماله الحسن بن سفيان في مسنده عن أبي هريرة (ح) ".
(إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وليشرب بيمينه وليأخذ) كل متناول (بيمينه وليعط) كل عطاء من صدقة وغيرها وفيه تأييد لما قيل من انقلاب حديث حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله وأنه انقلب على بعض الرواة وأصله حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه إذ الإنفاق لها (بيمينه) وحاصله كل عمل شريف فإنه باليمين كما قالت عائشة: كان صلى الله عليه وسلم يحب التيامن ما استطاع في طهوره وتنعله وترجله وفي شأنه كله (1)(فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويعطي بشماله ويأخذ بشماله) ومخالفته مراده لله تعالى. (الحسن بن سفيان) هو الحافظ الحسن بن عامر شيخ خراسان صاحب المسند الكبير والأربعين سمع من خلائق وأخذ منه عوالم منهم بن خزيمة وغيره من الأكابر قال الحاكم: كان محدث خراسان في عصره مقدمًا في التثبيت والكثرة والفهم وقال ابن حبان: كان الحسن ممن رحل وحدث وصنف مع تيقظ وصحة ديانة وصلابة في السنة توفي في رمضان سنة 303 بقرية على ثلاث مراحل من نسأ قال ابن حبان: حضرت دفنه (2)(في مسنده عن أبي (3) هريرة) رمز المصنف لحسنه.
481 -
" إذا أكل أحدكم طعاما فسقطت لقمته فليمط ما رابه منها، ثم ليطعمها، ولا يدعها للشيطان (ت) عن جابر (ح) ".
(1) أخرجه أحمد (6/ 202)، والنسائي (1/ 78).
(2)
انظر: تذكرة الحفاظ (2/ 703)، تاريخ دمشق (13/ 99).
(3)
أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده كما في الكنز (40666)، ولكن عزوه إليه فقط قصور لأنه أخرجه ابن ماجه (3266) وصححه البوصيري في الزوائد (4/ 10) وكذلك الطبراني في الأوسط (6775) وصححه الألباني في صحيح الجامع (384) والسلسلة الصحيحة (1236).
إذا أكل أحدكم طعامًا (1) فسقطت لقمته) في الإضافة إلى ضمير الأكل ما يدل على أنه لا يلقط لقمة غيره إن سقطت إلا أن قوله ولا يدعها للشيطان يدل على أنها وإن سقطت من الغير ولم يلتقطها فإنه يتعين على غيره التقاطها أو يندب له لعلة ألا يلتقطها الشيطان. (فليمط) من الإماطة الإزالة (ما رابه) الريب الشك أي ما شككه من تراب ونحوه ويزيله بما يزال به نَجِسًا والأمر ظاهر في الوجوب، وزيادة النهي تأكيد فأن النهي للتحريم لأنه مأمور بعدم إطعام الشيطان (ثم ليطعمها ولا يدعها للشيطان) فيه أن الشيطان يأكل ما تساقط من الطعام وإن كان قد سمى عليه الأكل وإن التسمية إنما تمنعه من الأكل من الطعام في إنائه ويجري هنا أيضًا علة لعق الأصابع وأنه لا يدري في أي طعامه البركة والحكم الواحد قد تعدد علله (ت عن جابر (2)) رمز المصنف لحسنه.
482 -
" إذا أكلتم الطعام فاخلعوا نعالكم، فإنه أروح لأقدامكم (طس ع ك) عن أنس (صح) ".
(إذا أكلتم الطعام فاخلعوا نعالكم) من الأقدام (فإنه أروح لأقدامكم) تقدم اخلعوا نعالكم عند الطعام فإنها سنة جميلة وهنا علله بإراحة الأقدام وفيه أن لأعضاء الإنسان عليه حقًا (طس ع ك عن أنس (3)) رمز المصنف لصحته في
(1) ويلحق بالطعام الفواكه وغيرها للعلة وهو أنه لا يدعها للشيطان.
(2)
أخرجه الترمذي (1802) وكذا أحمد (3/ 294)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (378) وفي الإرواء (1971).
(3)
أخرجه الطبراني في الأوسط (3202) وأبو يعلى (4188)، وفي معجم شيوخه (302)، والحاكم في المستدرك (4/ 119)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وفيه تعقيب الذهبي كما نقل المؤلف والدرمي (2125)، والبزار "كشف الأستار" (2867). قال الهيثمي في المجمع (5/ 23) ورجاله ثقات إلا أن عقبة بن خالد السكوني لم أجد له من محمد بن الحارث سماعًا. وفي إسناده موسى بن محمد قال الدارقطني: متروك، التقريب (7006) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (396) وفي السلسلة الضعيفة (980).
الكبير وتعقب، قال الذهبي: أحسبه موضوعًا وإسناده مظلم. انتهى بلفظه وكأن رمزه بالصحة متابعة للحاكم ولكن ما كان يحسن منه وقد ذكر الذهبي بأنه تعقب، وكأن المصنف ما وقف على كلام الذهبي.
483 -
" إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه، فالقاتل والمقتول في النار، قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه (حم ق د ن) عن أبي بكرة (هـ) عن أبي موسى (صح) ".
(إذا التقى المسلمان بسيفيهما) مثلاً أو أي آلة ولو بالحجارة (فقتل أحدهما صاحبه) من التوسع في اسم الصحبة وإلا فإنه هنا عدوه (فالقاتل والمقتول في النار) هذا العموم مخصوص بقتال البغاة والدفاع عن النفس والمال والأهل لأدلته المعروفة قال ابن حجر (1): فيه دليل أنه لا يخرج المؤمن بالمعاصي عن الإيمان فسماهما مسلمين مع التوعد بالنار. انتهى.
قلت: هو مبني على ترادف الإيمان والإِسلام (قيل يا رسول الله هذا القاتل) أي يستحق النار لقتله صاحبه (فما بال المقتول قال أنه كان حريصًا على قتل صاحبه) فيه دليل على أن العزم الصادق على فعل المعصية كفعلها في الإثم والعقوبة (حم ق د ن عن أبي بكرة 5 عن أبي موسى (2)) تقدم بيان اسميهما.
484 -
" إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله واستغفرا غفر لهما (د) عن البراء (ح) ".
(إذا التقى المسلمان فتصافحا) في القاموس (3): المصافحة الأخذ باليد
(1) فتح الباري (1/ 85).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 43) والبخاري (31) ومسلم (2888) وأبو داود (4268) والنسائي (7/ 124) عن أبي بكرة. والنسائي في السنن (7/ 124) عن أبي موسى.
(3)
القاموس المحيط (صـ 292).
كالتصافح وفي النهاية (1): المصافحة مفاعلة من إلصاق صفح الكف بالكف وإقبال الوجه بالوجه. انتهى.
قلت: وذلك بعد رد السلام لما يأتي من حديث عائشة: "كان إذا لقيه أصحابه لم يصافحهم حتى يسلم عليهم". (وحمدا الله واستغفرا غفر لهما) بسبب المصافحة والحمد والاستغفار، وهذه فائدة جليلة في ملاقاة المسلمين لمن فعلها، وأما تقبيل اليد فليس من مسمى المصافحة (د عن البراء) ابن عازب (2) رمز المصنف لحسنه وقال المنذري: إسناده مضطرب. وفي إسناده ضعف.
485 -
"إذا التقى المسلمان فسلم أحدهما على صاحبه كان أحبهما إلى الله أحسنهما بشرا بصاحبه، فإذا تصافحا أنزل الله عليهما مائة رحمة للبادئ تسعون، وللمصافح عشرة الحكيم، وأبو الشيخ عن عمر (ض) ".
(إذا التقى المسلمان فسلم أحدهما على صاحبه كان أحبهما إلى الله أحسنهما بشرًا) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة أي طلاقة وبشاشة (بصاحبه فإذا تصافحا) فيه دليل على تقديم السلام على المصافحة (أنزل الله عليهما مائة رحمة للبادي) بالسلام أو المصافحة أو أيهما (تسعون) لفضل بدايته (وللمصافح) بفتح الفاء ويصح كسرها وفيه أنه أريد بالبادي بالمصافحة (عشرة) لم يذكر التمييز فيهما وكأن المراد حسنه أو درجة أو جزاء والأول أظهرها (الحكيم وأبو الشيخ عن عمر) رمز المصنف لضعفه (3).
(1) النهاية (3/ 34).
(2)
أخرجه أبو داود (5211)، وقول المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 290) وفي الإسناد أبو بلج -واسمه يحيى بن سليم- ويقال أبو صالح قال ابن معين ثقة وقال البخاري فيه نظر وضعفه الأمام أحمد وقال وروى حديثًا منكرًا، انظر الميزان (7/ 188) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (397) وفي السلسلة الضعيفة (2344).
(3)
أخرجه الحكيم في نوادر الأصول (3/ 12) وأبو الشيخ كما في الكنز (25245) وكذلك البزار=
486 -
" إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل (هـ) عن عائشة وعن ابن عمرو (صح) ".
(إذا التقى الختانان) أي من الرجل والمرأة، والختان موضع القطع من ذكر الغلام وفرج الجارية وهو خرج بهم على الغالب وإلا فهو يجب أن توارت الحشفة في دبر أو فرج حيوان من بهيمة ونحوها (فقد وجب الغسل) بضم الغين المعجية وسكون السين المهملة أي الاغتسال وهذا الحديث قد عارضه مفهوم حديث:"إنما الماء من الماء" وسيأتي بأن مفهوم الحصر المفاد لكلمة إنما ولتعريف المسند والمسند إليه يقضي أنه لا غسل إلا من الإنزال، وقد أجيب عنه بأن هذا الحديث مطلق يقيده هذا الحديث أي حديث:"إذا التقى الختانان ونزل الماء"، وقيل: بل حديث: "إنما الماء": منسوخ مفهومه، لأنه كان ذلك في صدر الإِسلام ثم نسخ بإيجاب الغسل من التقاء الختانين كما يدل له حديث أبي بن كعب عند أحمد وأبي داود (1) قال: إن الفتيا التي كانوا يقولون إنما الماء من الماء رخصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بها في أول الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعدها، وبوب المحدثون باب إيجاب الغسل وحديث: إنما الماء في عدم إيجابه، والمنطوق أقوى دلالة وقد يقال الحصر في حديث إنما الماء من
= (308) وقال: ولم يتابع عمر بن عمران على هذا الحديث. والبيهقي في الشعب (8052) والإسماعيلي في معجم شيوخه (1/ 454) رقم (109)، وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (1/ 505) وفي إسناده نظر. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 37): فيه من لم أعرفهم، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (398) وفي السلسلة الضعيفة (3385) في إسناده: عمر بن عامر أبو حفص السعدي التمار اتهمه الذهبي بروايته حديثا باطلا وساقه وقال عقبه: قلت: العجب من الخطيب كيف روى هذا، وعنده عدة أحاديث من نمطه، ولا يبين سقوطها في تصانيفه؟! انظر ميزان الاعتدال (5/ 251).
(1)
أخرجه أحمد (5/ 115) وأبو داود (215).
الماء ادعاء لأنه غالب ما يكون ذلك إلا أنه قد وقع في رواية زيادة في حديث: "إذا التقى الختانان"، وهي وإن لم يحصل إنزال (5 عن عائشة (1) وعن ابن عمرو) رمز المصنف لصحته وقال ابن حجر: رجاله ثقات.
487 -
" إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها (حم هـ ك هق) عن محمد بن مسلمة (صح) ".
(إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة) بكسر الخاء المعجمة أي طلب التزويج من الولي (فلا بأس أن ينظر إليها) أي لا حرج ولا منع شرعًا وهذا قال به جماهير العلماء إلا أنه قال الخطابي: أنه ليس له النظر إلا إلى الوجه والكفين.
قلت: هو خلاف الإطلاق، والوجه والكفان النظر إليهما جائز شرعًا إن لم يقارنه شهوة عند الأكثر (حم 5 ك هق (2) عن محمد بن مسلمة) بفتح الميم واللام هو الأوسي الحارثي الصحابي الجليل رمز المصنف لصحته قال الحاكم: والحديث غريب فيه إبراهيم بن صرمة ليس من شرط الكتاب وقد ضعف إبراهيم بن صرمة الذهبي.
(1) أخرجه ابن ماجه (608) وكذلك ابن حبان (1183) وإسحاق (1044)، عن عائشة و (611) عن ابن عمرو، وقال البوصيري (1/ 82): هذا إسناد ضعيف لضعف حجاج وهو ابن أرطأة وتدليسه وقد رواه بالعنعنة، وانظر التلخيص الحبير (1/ 134)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (385) وفي السلسلة الصحيحة (1261).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 225) وابن ماجه (1864) والحاكم (3/ 434) والبيهقي (7/ 85) وقال البيهقي: هذا الحديث إسناده مختلف فيه ومداره على الحجاج بن أرطأة وتعقبه البوصيري فقال في الزوائد (2/ 99): "قلت كم ينفرد به الحجاج بن أرطأة، فقد رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى عن أبي خيثمة
…
" انظر موارد الظمآن في زوائد ابن حبان (1235). وهو في الإحسان (4031) وسند أحمد والحاكم فيه إبراهيم بن صرمة وقد تعقبه الذهبي في التلخيص، انظر فتح الباري (9/ 181)، وانظر ترجمة إبراهيم بن صِرمة، المغني في الضعفاء للذهبي (101). وصححه الألباني في صحيح الجامع (389) والسلسلة الصحيحة (98).
488 -
" إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير، والكبير، "والضعيف، والمريض، وذا الحاجة. وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء (حم ق ت) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا أم أحدكم الناس فليخفف) صلاته والمراد تخفيف في تمام لما في حديث جابر عند مسلم: "إذا أممت الناس فاقرأ بهم الليل والشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى"، وكذلك فيما عينه لمعاذ وقد قال:"أفتان أنت يا معاذ"(1) وأما الركوع والسجود فإنما تبع للقراءة كما ثبت في صلاته صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أطال القراءة أطال الركوع والسجود وأنها كانت صلاته سواء أو كالسوى وهذا الحديث قد تعلق به النقارون المخالفون لهديه صلى الله عليه وسلم ولا قرة عين لهم فيه فإن التخفيف أمر نسبي ملاحظ به قراءة معاذ للبقرة، وفيه دليل أن المرضى ومن ذكر معهم يخففون صلاتهم لأنفسهم لقوله (فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض وذا الحاجة) فإنه إذا أمر بالتخفيف لأجلهم فبالأولى لأنفسهم إذا انفردوا (وإذا صلى لنفسه) أي منفردًا (فليطول ما شاء) وفيه إرشاد إلى أن من ولي أمرًا من أمور المسلمين فإنه يلاحظ من تحت يده لا حال نفسه (حم ق ت عن أبي هريرة)(2). (ص150)
489 -
" إذا أمن الإِمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه مالك (حم ق 4) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا أمن الإمام) عقيب قراءته ولا الضالين والمراد إذا أخذ في التأمين لا إذا فرغ منه كما يدل له حديث أبي هريرة وغيره ذكره المصنف في الذيل بلفظ: "إذا
(1) أخرجه البخاري (5755)، ومسلم (465).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 256) والبخاري (703) ومسلم (467) والترمذي (236).
الرمز بالصحة ورواه ابن ماجه بهذا اللفظ.
617 -
" إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثًا، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه (م ده) عن جابر"(صح).
(إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثاً) وفي رواية فلينفث وهذا في حال نومه وذلك لأن الرؤيا القبيحة يفزع لها الإنسان غالبًا كما يرشد إليه قوله (ثلاثًا) تحقيرًا للشيطان وإهانة له؛ لأنه لا يحضر الرؤيا المكروهة ولذا قال. (وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثًا) بلفظ أعوذ بالله وما يفيد معناه.
(وليتحول عن جنبه الذي كان عليه) تفاؤلاً بأن الله يحول ما رآه من الأمر المكروه فأفاد الحديث أن لدفع الرؤيا المكروهة ثلاثة أنواع وفي حديث أبي قتادة الآتي الأولان فيحتمل أن يقيد بالثالث ويزاد فيه وهو التحول ويحتمل أنه مخير وفي حديث أبي هريرة الآتي زيادة "وليقم فيصلي ركعتين" فينبغي الجمع بين هذه الأفعال كلها (م د هـ عن جابر)(1). (2)
618 -
" (3) إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق (ع طب ك) عن عامر بن ربيعة (صح) ".
(1) أخرجه مسلم (2262) وأبو داود (5022) وابن ماجه (3908).
(2)
"إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فليتحول، وليتفل عن يساره ثلاثاً، وليسأل الله من خيرها، وليتعوذ بالله من شرها (هـ) عن أبي هريرة (ح) ". سقط هذا الحديث من الأصل. أخرجه ابن ماجه (3910) وقال البوصيري (4/ 156): إسناده ضعيف لضعف العمري وله شاهد في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي قتادة وفي مسلم وغيره من حديث جابر. وصححه الألباني في صحيح الجامع (554) والسلسلة الصحيحة (1311).
(3)
"إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها، وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ بالله، ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره (حم خ ت) عن أبي سعيد". سقط هذا الحديث من الأصل أخرجه أحمد (3/ 8) والبخاري (7045) والترمذي (3453).
أخبر بها صلى الله عليه وسلم وقد سقنا بعض أحاديثها في الروضة الندية شرح التحفة العلوية وغيرها من الفتن التي اتصلت بها كفتنة الحرة (حل عن سهل بن أبي حثمة)(1) بالحاء المهملة والمثلثة الساكنة هو عامر بن ساعدة الأنصاري الحارثي صحابي صغير قال أبو حاتم بايع تحت الشجرة قال الذهبي: أظنه توفي في زمن معاوية (2) والحديث رمز المصنف لضعفه لأن فيه سليم بن ميمون ضعيف لغفلته.
491 -
" إذا انتاط غزوكم، وكثرت العزائم، واستحلت الغنائم، فخير جهادكم الرباط (طب) وابن منده (خط) عن عتيبة بن الندر (ض) ".
(إذا انتاط) بفتح الهمزة وسكون النون فمثناة فوقية فألف فطاء مهملة أي بعد والمراد إذا اتسع نطاق الإِسلام وبعدت الديار التي يعرفونها (غزوكم وكثرة العزائم) هي بالعين المهملة والزاي جمع عزيمة أي كثرة عزائم الأمراء على الناس بالخروج للغزو إلى الأقطار البعيدة (واستحلت الغنائم) صارت حلالاً لأخذها من أيدي الكفار (فخير جهادكم الرباط) بكسر الراء المرابطة وهي ملازمة الثغور كما تقدم ويأتي (طب وابن منده خط عن عتبة بن الندر)(3) بضم العين المهملة وسكون المثناة الفوقية ثم موحدة والنُّذُر بضم النون وفتح الذال
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (8/ 280) وفي إسناده مسلم بن ميمون الخواص أورده ابن حبان في المجروحين (1/ 345)، وابن حجر في اللسان (3/ 66) وقال: اتهمه ابن حبان. وأورده ابن الجوزي في العلل المتناهية (318) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (400) والسلسلة الضعيفة (2384).
(2)
انظر: الاستيعاب (1/ 199)، وتهذيب الكمال (12/ 178)، والإصابة (3/ 195).
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 135) رقم (334) قال الهيثمي (5/ 290) فيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 135) وكذلك ابن حبان (4856) وأبو نعيم في المعرفة (4/ 2135)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1921).
المعجمة المشددة صحابي سلمي له في الأمهات حديثان (1)، رمز المصنف لضعفه.
492 -
" إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان (حم 4) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) نفلاً ولا قضاءًا لظاهر الإطلاق (حتى يكون رمضان) يكون تامة لا خبر لها، وهو مقيد بحديث:"لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل يصوم صومًا فليصمه"(2)، وقد عارضه أحاديث واسعة منها حديث أم سلمة عند الخمسة:"لم يكن صلى الله عليه وسلم يصوم من السنة شهرًا تامًّا إلا شعبان يصل به رمضان"(3) وحديث عائشة: "لم يكن صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان فإنه كان يصومه كله"(4)، وجمع بين الأحاديث بأنها توجه النهي إلى من لم يكن يصوم من أوله شيئًا قبل انتصافه وأما من صام من أوله أو صامه كله فإنه لا نهي عنه كما يرشد إليه صيامه صلى الله عليه وسلم ويرشد إليه لا تتقدمن (حم 4 عن أبي هريرة (5)) رمز المصنف لصحته وقال الترمذي: حسن صحيح وتعقب بأنه قال أحمد: إنه غير محفوظ.
(1) الاستيعاب (1/ 317)، وأسد الغابة (1/ 743)، والإصابة (4/ 441) والتقريب (4443)، وضبطه الحافظ: بضم النون، وتشديد الدال المفتوحة. كلهم ذكروه بالدال وليس بالدال.
(2)
أخرجه البخاري (1914)، ومسلم (1082).
(3)
أخرجه أبو داود (2336)، والترمذي (736)، والنسائي (4/ 200)، وفي الكبرى (2662)، وابن ماجه (1648)، وأحمد (6/ 311)، والدارمي (1739)، والبيهقي (4/ 210) وهو حديث صحيح. انظر صحيح أبي داود (2048).
(4)
أخرجه أبو داود (2434)، والترمذي (736)، والنسائي (4/ 15)، وأحمد (6/ 84)، وابن حبان (3516).
(5)
أخرجه أحمد (2/ 442) وأبو داود (2337) والترمذي (738) والنسائي في الكبرى (2911) وابن ماجه (1651) وقال أبو داود: قال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر قال وكان عبد الرحمن لا يحدث به، وانظر حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (6/ 331)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (397).
493 -
"إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا خلع فليبدأ باليسرى، لتكن اليمنى أولهما تنعل، وآخرهما تنزع (حم م د ت هـ) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى) من أقدامه تشريفًا لها كما شرفت اليد اليمنى كما سلف ومثله الخف ونحوه وإنما ذكر النعل إخراجًا على غالب ما يلبسه المخاطبون (وإذا خلع فليبدأ باليسرى) فيخلعها (لتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع) هذا زيادة في البيان وإلا فإنه قد أغنى الشرطتان الأوليان عن ذلك (حم م د ت 5 عن أبي هريرة (1)).
494 -
" إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فإن وسع له فليجلس، وإلا فلينظر إلى أوسع مكان يراه فليجلس فيه البغوي (طب هب) عن شيبة بن عثمان (ح) ".
(إذا انتهى أحدكم إلى المجلس) أي الذي فيه القوم كما يدل له (فإن وسع له فليجلس) أي حيث وسع له كما يدل له حديث أبي سعيد: "فإنما هي كرامة من الله أكرمه بها أخوه المسلم" سيأتي (وإلا فلينظر إلى أوسع مكان يراه فليجلس فيه) ولا تزاحم الجلساء ولا تتخير وهذا الأوسع هو حيث ينتهي به المجلس وفيه أنه إذا أكرمه فليستكرم ولا يمتنع من القعود حيث وسع له (البغوي طب هب عن شيبة (2)) بشين معجمة فمثناة تحتية فموحدة هو الحجبي العبدري صاحب سدانة البيت الحرام (ابن عثمان) رمز المصنف لحسنه.
495 -
" إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، ثم إذا قام فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة (حم د ت حب)
(1) أخرجه أحمد (2/ 233) وأخرجه مسلم (2097) وأبو داود (4139) والترمذي (1779) وابن ماجه (3616).
(2)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (7197) والبيهقي في الشعب (8243) وابن عساكر في تاريخ دمشق (23/ 249)، وحسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 59)، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع (399) والسلسلة الصحيحة (1321).
عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم) على من فيه (فإن بدا له) غير مهموز أي ظهر له (أن يجلس فليجلس) فلا يتوهم أن السلام إنما شرع لمن يريد الجلوس (ثم إذا قام فليسلم فليست الأولى) أي اللفظة أو التحية أو الكلمة (بأحق من الآخرة) بل هما مثلان في الندبية وإن كانت العبارة إنما أفادت نفي عدم أحقية أحدهما وهو يحتمل أن الآخرة أحق (حم د ت حب عن أبي هريرة (1)) رمز المصنف لصحته على رمز أبي داود وعلى رمز ابن حبان وقال النووي في الأذكار: أسانيده جيدة.
496 -
" إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة (حم ق ن) عن أبي مسعود (صح) ".
(إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها) يطلب بها وجه الله وتقدَّم تفسير الاحتساب عن النهاية (2)(كانت له صدقة) وتقدم أنه يبدأ بنفسه ثم بمن يعول والعمدة الاحتساب عند الله (حم ق ن عن أبي مسعود)(3).
497 -
" إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئًا (ق 4) عن عائشة (صح) ".
(إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها) ظاهره أو إن كان الإنفاق عن غير أمر زوجها إلا أنه يأتي تقييد ذلك بأنه إذا كان عن غير أمره كان لها نصف الأجر
(1) أخرجه أحمد (2/ 230) وأبو داود (5208) والترمذي (2706) وابن حبان (493) وقال النووي في الأذكار (638) إسناده جيد، وانظر علل الدارقطني (10/ 389)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (399) والسلسلة الصحيحة (1321).
(2)
انظر: النهاية (1/ 955).
(3)
أخرجه البخاري (55) ومسلم (1002) والنسائي في (5/ 254) وأحمد (4/ 120).
فالمراد هنا الإيقاف عن أمره لأن الظاهر أن يراد بالأجر الأجر الكامل (غير مفسدة) حال من فاعل أنفقت أي أنفقت حال كونها غير مفسدة بالإنفاق ماله بأن يحتاجه بذلك الإنفاق (كان لها أجرها بما أنفقت) بسبب الإنفاق وإن لم يكن لها ملك في المال (ولزوجها أجره بها كسبت)(1) من المال الذي حصل منه الإنفاق (وللخازن مثل ذلك) مثل أجر واحد منهما لا مثل الأجرين (لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئًا) وهذا فضل واسع وقد أتى في الحديث الآخر وللخادم الذي يعطي الفقير (ق 4 عن عائشة)(2).
498 -
" إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها عن غير أمره فلها نصف أجره (ق د) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا أنفقت الزوجة (3) من بيت زوجها عن غير أمره) المراد بالإنفاق هنا وفيما سلف الصدقة (فلها نصف أجره) فيه دليل على جواز إنفاق الزوجة من غير أمر الزوج إلا أنه قد عارضه حديث أبي أمامة عند الترمذي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع: "لا تنفق امرأة شيئًا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها" قيل: يا رسول الله ولا الإطعام قال: "ذلك أفضل أموالنا"(4) وقد يجمع بينهما بأن المرأة إذا علمت من زوجها عدم كراهية الإنفاق جاز لها من غير رأيه ولها نصف الأجر وإن لم تظن سماحته حرم عليها الإنفاق كما يرشد إليه حديث أسماء قالت: قلت: يا رسول الله ما لي مال إلا ما
(1) في المطبوع "كسب".
(2)
أخرجه البخاري (1437) ومسلم (1024) وأبو داود (1685) والنسائي (5/ 65) والترمذي (671) وابن ماجه (2294).
(3)
في المطبوع "المرأة" بدل "الزوجة".
(4)
أخرجه ابن ماجه (2295) وأحمد (5/ 367) والترمذي (670) وإسناده حسن كما قال الترمذي.
أدخل على الزبير أفأتصدق؟ قال: "تصدقي ولا توعي فيوعي عليك"(1) وسيأتي ولعله صلى الله عليه وسلم ما أمرها بذلك إلا لما علمه من سماحة الزبير فقد كان شهيرًا بالسماحة أو يقال حديث الكتاب وحديث أسماء منسوخان لأن حديث أبي أمامة مؤرخ بعام حجة الوداع وهو من آخر أيامه صلى الله عليه وسلم (ق د (2) عن أبي هريرة).
499 -
" إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: "يا عباد الله احبسوا علي دابتي"، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم (ع) وابن السني (طب) عن ابن مسعود"(ض).
(إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة) الانفلات التخلص من الشيء فجأة من غير مكث، والفلاة المفازة لا ماء فيها أو الصحراء الواسعة (فليناد يا عباد الله احبسوا عليَّ) أمسكوا علي دابتي وإن لم ير أحدًا (فإن لله في الأرض حاضرًا) الحاضر القوم النازلون على ما يقفون ولا يرحلون عنه قاله في النهاية (3) وكأنهم من الملائكة أو من صالحي الجن أو من مطاليحهم سخرهم الله لذلك (سيحبسه) أي المنفلت (عليكم) (ع وابن السني (4) طب عن ابن مسعود) رمز المصنف لضعفه قال ابن حجر: حديثٌ غريبٌ، فيه معروف بن حسان قال ابن حجر أيضًا قالوا: ومعروف: منكر الحديث وقد تفرَّد به (5)، وفيه انقطاع بين
(1) أخرجه البخاري (2590)، ومسلم (1029) والنسائي في الكبرى (9193)، وأحمد (6/ 353)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 187).
(2)
أخرجه البخاري (5360) ومسلم (1026) وأبو داود (1687).
(3)
النهاية (1/ 399).
(4)
أخرجه أبو يعلى (5269) وابن السني (509) والطبراني في المعجم الكبير (10/ 217) رقم (10518) قال الهيثمي (10/ 132) فيه معروف بن حسان وهو ضعيف، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (404) والسلسلة الضعيفة (655).
(5)
هو معروف بن حسان أبو معاذ قال ابن عدي: منكر الحديث، وقد روى عن عمر بن ذر نسخة=
بريدة وابن مسعود.
500 -
" إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها (خد م ن) عن أبي هريرة (طب) عن شداد بن أوس"(صح).
(إذا انقطع شسع نعل أحدكم) بالشين المعجمة مكسورة فسين مهملة فعين مهملة قال في النهاية (1): هو أحد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الأصبعين ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود الزمام والزمام السير الذي يعقد به الشسع (فلا يمشي في الأخرى) من نعليه وهي التي لم تنقطع (حتى يصلحها) قال في النهاية (2): إنما نهى عن المشي في نعل واحدة لئلا تكون أحد الرجلين أرفع من الأخرى فتؤدي إلى العِثار ويقبح في المنظر ويعاب فاعله (خد (3) م ن عن أبي هريرة طب عن شداد بن أوس) بالسين المعجمة ودالين مهملات بزنة فعال للمبالغة وأوس بفتح الهمزة آخره سين مهملة هو ابن أخي حسان بن ثابت (4).
501 -
" إذا انقطع شسع نعل أحدكم فليسترجع، فإنها من المصائب، البزار عن أبي هريرة".
(إذا انقطع شسع أحدكم فليسترجع) يقول إنا لله وإنا إليه راجعون الكلمة
= طويلة كلها غير محفوظة، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه مجهول. انظر: الجرح والتعديل (8/ 322)، والكامل بابن عدي (6/ 325).
(1)
النهاية (2/ 472).
(2)
النهاية (2/ 472).
(3)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (956) ومسلم (2098) والنسائي (8/ 217) عن أبي هريرة والطبراني (7/ 280) رقم (7137) عن شداد.
(4)
انظر: الاستيعاب (1/ 209)، الإصابة (3/ 319).
التي جعلها الله علامة أهل الإيمان عند المصائب (فإنها) أي هذه الحادثة (من المصائب) التي يسترجع عندها (البزار عن أبي هريرة (1)).
502 -
" إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم ليضطجع على شقه الأيمن، ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين (ق د) عن أبي هريرة"(صح).
(إذا أوى) بالقصر لازم وبالمد متعد أي إذا دخل (أحدكم) مفضيًا (إلى فراشه) لينام عليه (فلينفضه بداخلة إزاره) أي طرفه وحاشيته من داخل إنما أمره بداخلته دون خارجيته لأن المؤتزر يأخذ إزاره بيمينه وشماله فيلزق ما بشماله على جسده وهي داخلة إزاره ثم يضع ما بيمينه فوق داخلته فمتى عاجله أمر وخشي سقوط إزاره أمسكه بشماله ودفع عن نفسه بيمينه فإذا صار إلى فراشه فحل إزاره فإنما يحل بيمينه خارجة الإزار ويبقى الداخلة معلقة فبها يقع النفض لأنها غير مشغولة باليد كذا في النهاية (2)(فإنه لا يدري ما خلفه عليه) على فراشه من حيوان يؤذي ونحوه (ثم ليضطجع على شقه الأيمن) لأنه أقرب إلى عدم استغراق النوم له (ثم ليقل باسمك ربي) أي يا ربي (وضعت جنبي وبك أرفعه) أي ببركة اسمك الوضع والرفع وإن لم يقل باسم الله (إن أمسكت نفسي فارحمها) إن قضيت بإمساكها لديك وعدم ردها إلى البدن وقضيت بالإماتة الكبرى والمراد بها الروح (وإن أرسلتها) رددتها إلى بدنها (فاحفظها بما تحفظ به
(1) أخرجه البزار (8/ 400) رقم (3475)، وقال في المجمع (2/ 331) وفيه بكر بن خنيس وهو ضعيف، وابن عدي في الكامل (7/ 202) في ترجمة يحيى بن عبيد الله بن موهب قال ابن معين: ليس بشيء، وابن حبان في المجروحين (3/ 121) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (405).
(2)
النهاية (2/ 108).
عبادك الصالحين) والمراد إن رددتها فاحفظها عند الرد وبعده من كل آفة من آفات الأبدان، والحديث مشتق من الآية:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42] الآية. وتقدم من أذكار النوم بعض (ق د عن أبي هريرة (1)).
503 -
" إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح (حم ق) عن أبي هريرة"(صح).
(إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها) مع طلبه ذلك منها والمراد بها الزوجة ويدخل معها في حكمها الأمة (لعنتها الملائكة حتى تصبح) لأنها مأمورة بطاعته وعدم مخالفته فإنها محل قضاء شهوته فلا يحل لها خلافه (حم ق عن أبي هريرة (2)) ويأتي في معناه عدة أحاديث.
504 -
" إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه، وإذا دخل الخلاء فلا يتمسح بيمينه، وإذا شرب فلا يتنفس في الإناء (حم ق 4) عن أبي قتادة (صح) ".
(إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه) إكرامًا لها وتشريفًا لذلك والأصل في النهي التحريم (وإذا دخل الخلاء) بالخاء المعجمة والمد وهو الفضاء في الأصل استعمل في محل قضاء الحاجة كما استعمل الغائط (فلا يتمسح بيمينه) الأول نهي عن مس الذكر بها وهذا نهي عن مسح الدبر أو القبل بها وذكر الخطابي (3) بحثًا ويحتج به وحاصله أنه إذا أراد المستجمر أن يستجمر بيساره استلزم مس ذكره بيمينه ومتى أمسكه بيساره استلزم استجماره بيمينه وكلاهما قد شمله النهي عنه ومحصل الجواب الذي قاله أن يقصد الأشياء الضخمة التي
(1) أخرجه البخاري (7393) ومسلم (2714) وأبو داود (5050).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 386) والبخاري (5194) ومسلم (1436).
(3)
انظر: معالم السنن (1/ 21) ط. دار الكتب العلمية.
لا تزول بالحركة كالجدار ونحوه من الأشياء البارزة فيستجمر بها بيساره فإن لم يجد فليلصق مقعدته بالأرض ويمسك ما يستجمر به بين عقبيه وإبهامي رجليه ويستجمر بشماله فلا يكون متصرفًا في شيء من ذلك بيمينه قال الحافظ ابن حجر (1): هذه هيئة منكرة بل يتعذر فعلها في غالب الأوقات والصواب في الصورة التي أوردها الخطابي ما قاله إمام الحرمين ومن بعده كالغزالي في الوسيط أنه يمر العضو على شيء يمسكه بيمينه وهي قارة غير متحركة فلا يعد مستجمرًا باليمين ولا ماسًا بها ومن ادعى في هذه الحالة أنه يكون مستجمرًا بها فقد غلط وإنما هو كمن يصب بيمينه الماء على يساره. انتهى (80/ ب).
قلت: وأيسر من هذا كله أن يمسك الحجر بأصابع يده اليسرى ويضع الحجر في راحته ويأخذ ذكره برؤوس أصابعه، وهذا أمر يسير لا يتصل باليمين أصلاً.
(وإذا شرب) ماء أو غيره كاللبن (فلا يتنفس) يخرج نفسه (في الإناء) الذي شرب منه، والنهي متوجه إلى الطرق أعني في الإناء لا إلى النفس فإنه غير منهي عنه بل يأتي أنه مأمور به وأنه يكون ثلاثًا، وحكمة النهي أنه يقدر الإناء إذا تنفس فيه على نفسه وعلى غيره كما قدمناه، والجامع في هذه المتعاطفات في الحديث واضح، أما بين البول ودخول الخلاء فالسببية والمسببية وأما بين البول والشرب فالتضاد بين ذلك إذ الأول إخراج والآخر إدخال بناء على أن العطف على الأول (حم ق 4 عن أبي قتادة (2)) الحارث أو النعمان الأنصاري. سقط هذا الحديث "إذا بال أحدكم فليرتد لبوله مكانا لينا" د عن أبي موسى.
(1) فتح الباري (1/ 254).
(2)
أخرجه أحمد (5/ 300) والبخاري (153) ومسلم (267) والترمذي (15) وأبو داود (31) وابن ماجه (310) والنسائي (1/ 43).
505 -
[" إذا بال أحدكم فليرتد لبوله مكانا لينا (1) (د) عن أبي موسى (ح) "].
506 -
" إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث نترات (حم د) في مراسيله عن يزداد"(صح).
(إذا بال أحدكم فلينتر) من النتر بالنون ثم فوقية مثناة والنثر بالمثناة للذكر وبالمثلثة للأنف يقال: نثر أنفه إذا استنثره منه (ذكره ثلاث نترات) أي يجذبه بقوة ثلاثًا ليستخرج ما لعله بقي في القضيب والأصل في الأمر الوجوب (حم د في مراسيله (2)) يتعلق بالعامل في أبي داود فقط (عن يزداد) بالزاي ثم دالين مهملات قال المصنف في الكبير ويقال فيه ازداد.
قلت: ومثله في التقريب (3) وزاد إنه يماني مختلف في صحبته وقال أبو حاتم: مجهول. انتهى. والمصنف رمز لصحته وتقدم الحديث في: "إذا أراد .. " ورمز المصنف هناك لحسنه.
507 -
" إذا بال أحدكم فلا يستقبل الريح ببوله فترده عليه، ولا يستنجي بيمينه (ع) وابن قانع عن حضرمي بن عامر، وهو مما بيض له الديلمي".
(إذا بال أحدكم فلا يستقبل الريح ببوله) ظاهر النهي التحريم (فيرده عليه) فينجسه وهو مأمور بتجنب النجاسات وهو من باب سد الذرائع (ولا يستنجى بيمينه) كما سلف قريبًا (ع وابن قانع عن الحضرمي) بالحاء المهملة ومعجمة
(1) أخرجه أبو داود (3) وكذلك البيهقي (1/ 93)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (412) والضعيفة (2320) لجهالة شيخ أبي التياح الذي لم يسم.
(2)
أخرجه أحمد في المسند (4/ 347) وقال الهيثمي: 1/ 207) فيه عيسى بن يزداد تكلم فيه أنه مجهول، وأبو داود في المراسيل (4) وأورده ابن عدي في الكامل (5/ 254) في ترجمة عيسى بن يزداد وقال: منكر الحديث، والذهبي في المزان (5/ 394). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (413) والسلسلة الضعيفة (1621).
(3)
التقريب (5338).
ساكنة بلفظ النسبة قال في التقريب (1): أنه ابن عجلان مولى الجارود مقبول من السابعة ولم يذكر غيره إلا ابن لاحق والمصنف قال ابن عامر (وهو) أي هذا الحديث (مما بيض لسنده الديلمي (2)) وقال ابن حجر: إسناده ضعيف.
508 -
" إذا بعثت سرية فلا تنتقهم، واقتطعهم؛ فإن الله ينصر القوم بأضعفهم الحارث في مسنده عن ابن عباس (ض) ".
(إذا بعثت سرية) طائفة من الجيش أقصاها أربعمائة (فلا تنتقهم) هو من انتقاه وانتقاه اختاره أي لا يخترهم ويميز القوي عن غيره (واقتطعهم) خذهم قطعة واحدة غير مفرق بين ضعيف ولا قوي ولا صغير ولا كبير (فإن الله ينصر القوم بأضعفهم) وهذه العلة تقتضي اختيار الأضعف إذ النصر به، وتقدم أبغوني في ضعفائكم (الحارث) بن أبي أسامة (في مسنده عن ابن عباس (3)) سكت عليه المصنف وفي نسخة قوبلت على خطه ضعيف وقال الشارح: سنده ضعيف لكن له شواهد.
509 -
" إذا بعثتم إلي رجلاً فابعثوه حسن الوجه، حسن الاسم البزار (طس) عن أبي هريرة (ح) ".
(إذا بعثتم إلي رجلاً) وفي لفظ رسولاً وفي آخر بريدًا (فابعثوه حسن الوجه)
(1) التقريب (1395).
(2)
أخرجه الديلمي في الفردوس (1209) وأخرجه أبو يعلى كما في المطالب العالية (3/ 164) رقم رقم (38) وإتحاف الخيرة المهرة (1/ 358) رقم (651) وابن قانع كما في الكنز (26374) وذكره ابن أبي حاتم في العلل (1/ 51) وقال يوسف بن خالد: كان يحيى بن معين يقول: يكذب وضعفه جدًّا الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 107).
(3)
أخرجه الحارث في مسنده (664 - زوائد)، وأورده الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (9/ 333)(1972)، والبوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (6/ 289) رقم (5912)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (417) والضعيفة (6980) لجهالة الرجل المدني مع إرساله إياه، أو إعضاله، وهذا هو الأقرب؛ لأن ابن عيينة لم يدرك التابعين.
إذ الخير عند حسان الوجوه وهو عنوان الرجل (حسن الاسم) لأجل التفاؤل فإنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل (البزار طس عن أبي هريرة)(1) رمز المصنف لحسنه.
510 -
" إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث (حم 3 حب قط ك هق) عن ابن عمر (صح) ".
(إذا بلغ الماء) اللام للجنس (قلتين) تثنية قلة قال في النهاية (2): القلة الجب العظيم والجمع قلال وهي معروفة بالحجاز. انتهى. قال ابن حجر في التلخيص (3): روى الدارقطني (4) بسند صحيح عن عاصم بن المنذر أحد رواة الحديث أنه قال: القلال هي الخوابي العظام، قال إسحاق بن راهويه: الجابية تسع ثلاث قرب وعن هشيم: القلتان الجرتان الكبيرتان، وعن الأوزاعي: القلة ما تقله اليد أي ترفعه، ونقل أقوالاً كثيرة في تقديرها (لم تحمل) الماء (الخبث) قال في النهاية (5): أي لم يُظْهِره ولم يغلب الخبث عليه من قولهم فلان يحمل غَضَبه أي لا يُظهره، والمعنى أن الماء لا ينجس بوقوع الخبث فيه، وقيل: معنى لا يحمل الخبث لا يدفعه عن نفسه كما يقال: فلان لا يحمل الضَّيْم إذا كان يَأْباه ويدفعه عن نفسه، وقيل: معناه إذا كان قلتين لم يحتمل أن تقع فيه نجاسة لأنه ينجس بوقوع الخَبَث فيه فيكون على الأول قد قصد أول مقادير المياه التي
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (7747) والبزار في كشف الأستار (2/ 412) رقم (1986)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 47)، رواه البزار والطبراني في الأوسط وفي إسناده الطبراني عمر بن راشد وثقه العجلي وضعفه جمهور الأئمة، وصححه الألباني في صحيح الجامع (413) والسلسلة الصحيحة (1186).
(2)
النهاية (4/ 104).
(3)
التلخيص الحبير (1/ 20).
(4)
ورد في الأصل: "الطبراني" وفي التلخيص: الدارقطني كما أثبت، والنص في سنن الدارقطني (1/ 24).
(5)
النهاية (1/ 444).
لا تنجس بوقوع النجاسة فيها وهو ما بلغ القلتين فصاعدًا، وعلى الثاني قصد آخر المياه التي تنجس بوقوع النجاسة فيها وهو ما انتهى في القلة إلى القلتين. والأول هو القول وإليه مال من ذهب إلى تحديد الماء بالقلتين، وأما الثاني فلا. انتهى.
قلت: يؤيد الأول ما أخرجه الدارقطني (1) من حديث أبي هريرة بلفظ إذا بلغ الماء قلتين فما فوق ذلك لم ينجسه شيء إلا أنه يعكر على الكل، حديث جابر (2) عند ابن عدي والعقيلي والدارقطني: إذا بلغ الماء أربعين قلة لم يحمل الخبث فإن مفهومه دال أن ما لم يبلغ الأربعين يحمل الخبث فينافي حديث القلتين، ولا يقال أنه مفهوم العدد فلا اعتداد به لأنه مفهوم شرط، كما أن حديث القلتين مفهوم شرط أيضًا، إلا أن يقال حديث القلتين في مياه الثانية، وحديث الأربعين في مياه البرك والأحواض الكبار الذي تنوبه السباع ونحوها، وقد حققنا البحث في رسالة مستقلة وبينا فيها أن أحاديث التقادير غير ناهضة، وأن الحق أنه لا تقدير بذلك بل الماء طهور ما لم يغير بعض أوصافه بالنجاسة التي تقع فيه (حم 3 حب قط ك هق عن ابن عمر) رمز المصنف لصحته (3).
511 -
" إذا تاب العبد أنسى الله الحفظة ذنوبه، وأنسى ذلك جوارحه، ومعالمه من الأرض، حتى يلقى الله وليس عليه شاهد من الله بذنب ابن عساكر عن أنس (ض) ".
(إذا تاب العبد أنسى الله الحفظة) جمع حافظ وهم الكتبة للأعمال الذين قال تعالى فيهم: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10)} [الانفطار: 10] الآية (ذنوبه) ويلزم أنها
(1) أخرجه الدارقطني (1/ 21).
(2)
أخرجه الدارقطني (1/ 26) وابن عدي في الكامل (6/ 34) والعقيلي في الضعفاء (3/ 473).
(3)
أخرجه أحمد (2/ 38)، وأبو داود (63) والترمذي (67) والنسائي (1/ 175) وابن حبان (1249) والدارقطني (1/ 21)، والحاكم (1/ 134) والبيهقي (1/ 262) وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين، وصححه الألباني في صحيح الجامع (416) والإرواء (23).
تمحى من صحائفه (وأنسى ذلك جوارحه) جمع جارحة وهي أعضاء الإنسان والمراد بها الأيدي والأرجل والألسن فإنها الشاهدة على العبد كما قال تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ} [النور: 24] الآية وغيرها من الآيات فإنها التي حكى الله أنها تشهد (ومعالمه) جمع معلم بزنة مقبل اسم مكان من علم يعلم كشرب يشرب والمراد مكانه التي عملت به معاصيه لما ورد من أن الأرض تشهد على كل إنسان بما عمل على ظهرها من خير أو شر وإنساؤه تعالى الأرض لئلا تشهد عليه وكذلك إنساؤه الملائكة كأنه بالمحو لها من صحائفهم وبإنسائهم شهادتهم فإنه يحتمل أنهم يشهدون بأعمال العباد التي كتبوها زيادة تأكيد على العباد، وقيل: إنهم حفظة يشهدون الأعمال غير حفظة الأعمال (حتى يلقى الله وليس عليه شاهد من الله) من قبله تعالى (بذنب) فإنه لا يطلب به ولا يحاسب ولا يقام عليه الشهود (ابن عساكر عن أنس (1)) رمز المصنف لضعفه وضعفه المنذري.
512 -
" إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه، حتى ترجعوا إلى دينكم (د) عن ابن عمر (ح) ".
(إذا تبايعتم بالعينة) بكسر المهملة فتحتية ساكنة مثناة فنون فتاء تأنيث في النهاية (2): هي أن يبيع من الرجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه [نقدًا (3)] بأقل من الثمن الذي باعها به، وهذا مكروه وسميت عينه لحصول
(1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (14/ 17)، وكذلك الأصبهاني في الترغيب والترهيب (751) وضعفه المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 48)، وانظر: العلل للدارقطني (7/ 269)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (421) والضعيفة (2419) وقال: هذا إسناد ضعيف مظلم.
(2)
النهاية (3/ 625).
(3)
زيادة من النهاية.
النقد لصاحب العينة لأن العين هو المال الحاضر من النقد، والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه مُعَجَّلة. انتهى.
قلت: والأظهر فيها التحريم (وأخذتم أذناب البقر) هو كناية عن الاشتغال بالزراعة والحرث (ورضيتم بالزرع) أي رضيتم به بدلاً (عن الجهاد) كما دل له قوله (وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً) يأتي إذا ترك قوم الجهاد فتح الله عليهم باب ذلة فلا يغلقه حتى يراجعوا ما تركوه كما في قوله هنا (لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم) جعل الجهاد الدين وأن الذلة لازمة لمن تركه.
قلت: وفي جمعه صلى الله عليه وسلم بين الزرع والاشتغال به وبين هذا النوع من البيوع نكتة شريفة هي الإشارة إلى أن (المتعلقين) بالزرع هم الذين يلابسون هذا النوع من البيع ويضطرون إليه وهو مشاهد معلوم (د (1) عن ابن عمر) رمز المصنف لحسنه وكأنه حسنه لغيره وسكت عليه في الكبير، وقد عدَّوه من مناكير أبي إسحاق الخراساني واسمه إسحاق قال الذهبي: هذا هو إسحاق بن أسيد سكن مصر روى عنه هذا الحديث حيوة بن شريح قال ابن أبي حاتم: ليس هو بالمشهور وقال أبو حاتم: لا يشتغل به (2).
513 -
" إذا تبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع (م) عن أبي سعيد"(صح).
(إذا اتبعتم الجنازة) مشيتم معها (فلا تقعدوا (3) حتى توضع) في شفير القبر،
(1) أخرجه أبو داود (3462) وكذلك أبو نعيم في الحلية (5/ 209)، وقول الذهبي في الميزان (7/ 393): وصححه ابن القيم في "حاشية السنن"(9/ 245) وكذلك صححه ابن القطان في "بيان الوهم والإبهام"(5/ 294 - 295) وقد ضعفه البيهقي في السنن (5/ 316)، والحديث صحيح بمجموع طرقه كما في السلسلة الصحيحة (11) وصححه الألباني في صحيح الجامع (423).
(2)
قال الذهبي عن إسحاق بن أسيد: ضعيف، وقال الحافظ ابن حجر: فيه ضعف. انظر: الكاشف (287) والتقريب (342).
(3)
في المطبوعة: "إذا تبعتم" و"فلا تجلسوا".
وفيه نهي عن القعود قبل وضعها وذلك لأن الميت المتبوع فلا يقعد التابع قبله (م عن أبي سعيد)(1).
514 -
" إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه؛ فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب (حم ق د) عن أبي سعيد"(صح).
(إذا تثائب أحدكم فليضع يده) كفه (على فيه) حال التثاؤب وهذا عام لحال الصلاة وغيرها، بل هو فيها آكد للعلة المذكورة وهي قوله:(فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب) والصلاة أحق شيء بإبعاده عنها (حم ق د عن أبي سعيد)(2).
515 -
" إذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال "ها" ضحك منه الشيطان (خ) عن أبي هريرة"(صح).
(إذا تثاءب أحدكم فليرده) أي إذا بدره التثاؤب دافعه .. (ما استطاع) أي يدفع التصويت به كما دل له قوله (فإن أحدكم إذا قال "هما" ضحك منه الشيطان) وذلك لأنه يسره إذ هو مما يكرهه الله تعالى، وهو يحب ما يكره فلا يفعل العبد ما يسر الشيطان. (خ عن أبي هريرة)(3).
516 -
" إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه، ولا يَعْوِي؛ فإن الشيطان يضحك منه (هـ) عن أبي هريرة (صح) ".
(إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه) تقدم تعليله ووجه الحكمة فيه (ولا يعوي) بمثناة تحتية وعين مهملة وواو مكسورة أي لا يصوت والعوي يختص بصوت الكلب ففي التعبير بهذه العبارة هنا تنفير عن ذلك وأنه كصوت الكلب
(1) أخرجه مسلم (959).
(2)
أخرجه البخاري (6226) ومسلم (2994) وأبو داود (5028) وأحمد (3/ 93).
(3)
أخرجه البخاري (3289).
المكروه من أصواته (فإن الشيطان يضحك منه) كما سلف (5 (1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته.
517 -
" إذا تجشأ أحدكم أو عطس فلا يرفع بهما الصوت؛ فإن الشيطان يحب أن يرفع بهما الصوت (هب) عن عبادة بن الصامت وعن شداد بن أوس، وواثلة (د) في مراسيله عن يزيد بن مرثد"(ض).
(إذا تجشأ أحدكم) من الجشاء وهو صوت يخرج من الفم مع ريح عند الشبع (أو عطس) مفتوح الطاء ومضارعه فيه الوجهان الفتح والكسر (فلا يرفع بهما الصوت فإن الشيطان يحب أن يرفع بهما الصوت) كأنه يسره تصويت الإنسان بمثل هذه الأمور (هب عن عبادة بن الصامت وشداد بن أوس وواثلة ((2)(57/ أ) رمز المصنف لضعفه (د في مراسيله عن يزيد) مضارع زاد (بن مرثد) بفتح الميم وسكون الراء ثم مثلثة.
518 -
" إذا تخففت أمتي بالخفاف ذات المناقب، الرجال والنساء، وخصفوا نعالهم، تخلى الله عنهم (طب) عن ابن عباس (ض) ".
(إذا تخففت أمتي) لبست متزينة (بالخفاف) بكسر الخاء جمع خف بضمها (ذات المناقب) في القاموس (3): نَقَب في الأرض: ذهب كأنقب ونقّب عن
(1) أخرجه ابن ماجه (968) وقال في الزوائد (1/ 118): فيه عبد الله بن سعيد متفق على تضعيفه، ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (424).
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب (9355)، وفيه ثلاثة ضعفاء: أحمد بن الفرج. (ميزان الاعتدال 1/ 271) وبقية بن الوليد (الميزان 2/ 46، التقريب (734)) والوضين بن عطاء (الميزان 7/ 124)، وأخرجه أبو داود في المراسيل (553) من حديث يزيد بن مرشد.
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (425) وفي السلسلة الضعيفة (2253).
(3)
القاموس المحيط (صـ 178). وفيه أيضًا: نقب الخف: رقّعه. وقال المناوي في الفيض: ويظهر أن المراد هنا: جعلوها براقة لامعة متلونة [[لقصد]] الزينة والمباهاة. وقال: وفي الميزان من حديث أبي هريرة: "أربع خصال من خصال آل قارون لباس الخفاف المتلونة ولباس الأرجوان
…
" وقال:=
الأخبار بحث عنها، ونَقِب الخفُّ كفَرِح. تَخرّق. انتهى. ولا أدري ما المراد من الحديث ولا ذكره ابن الأثير في النهاية ولم يذكر له الشارح معنى (الرجال والنساء) بدل من أمتي فيحتمل أن المراد استوى الرجال والنساء في نوع من الخفاف (وخصفوا نعالهم) في القاموس (1): خصف النعل خرزها وكأن المراد هنا خرزها بشيء محرم كالحرير (تخلى الله عنهم) بالخاء المعجمة وتشديد اللام تركهم هملاً وسلبهم الطاعة ويسرهم للعسرى (طب عن بن عباس (2)) رمز المصنف لضعفه لضعف عثمان الشامي أحد رواته.
519 -
" إذا تزوج أحدكم فليقل له: "بارك الله لك، وبارك عليك" الحرث، (طب) عن عقيل بن أبي طالب (ح) ".
(إذا تزوج أحدكم فليقل له) مبني للمفعول أي يقل له من يهنيه بالزواج (بارك الله لك) أي فيما أتاك من الأهل (وبارك عليك) أثيب عليك ما أولاك وفي شرح العيني (3) على البخاري: أي اختص لك وارتفع عليك (الحارث طب عن عقيل بن أبي طالب (4)) رمز المصنف لحسنه.
= فلعل الإشارة بالخفاف في الحديث المشروح إلى ذلك وقضيته أن المراد بالنعال هنا نعال السيوف، وفيه النهي عن لبس الخفاف المزينة الملونة، والنعال المذكورة ونحوها مما ظهر بعده من البدع والتحذير منه وأنه علامة على حصول الوبال والنكال، أما لبس الخفاف الخالية عن ذلك فمباح بل مندوب (1/ 315).
(1)
القاموس المحيط (ص 1040).
(2)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11/ 190) رقم (11457) وقال الهيثمي في المجمع (5/ 139)، فيه عثمان بن عبد الله الشامي ضعيف، قال ابن عدي في الكامل (5/ 177) في ترجمة عثمان بن عبد الله الشامي: يروي الموضوعات عن الثقات.
وقال الألباني في ضعيف الجامع (426) والسلسلة الضعيفة (2421): موضوع.
(3)
عمدة القاري (20/ 145)، ولم أجد فيه هذا اللفظ.
(4)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17/ 192)(512) وابن عساكر (6141) والحارث في مسنده كما في الكنز (44521)، قال المناوي (1/ 316): فيه أبو هلال قال في اللسان: لا يعرف وذكره=
520 -
" إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها، كان فيها سدادا من عوز الشيرازي في الألقاب عن ابن عباس وعن علي (ض) ".
(إذا تزوج الرجل المرأة لدينها) لأجل دينها وتقواها (رجالها) ولأجله فمنه تعليل الحكم الواحد بعلتين (كان منها سداد من عوز) السداد بكسر المهملة كل شيء سددت به خللاً، وبه سُمِّي الثغر والقارورة، والسُّد بالفتح والضم: الردم والعوز بالمهملة مفتوحة والواو محركة والزاي هو العدم وسوء الحال قاله في النهاية (1) وفي القاموس (2): العوز الحاجة والمراد أن من تزوج المرأة لدينها وجمالها كانت سدادًا لخلته.
فائدة: في ترجمة النضر بن شميل في تاريخ ابن خلكان (3) قال النضر: كنت أدخل على المأمون في سَمره فساق القصة .. حتى قال المأمون: حدثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سَداد من عَوز" بفتح السين فقال له النضر: صدق هشيم يا أمير المؤمنين حدثنا عوف عن أبي حميد عن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سِدادٌ من عَوز وكان المأمون متكئًا فاستوى" قال: يا نضر وكيف قلت؟: قلت: سداد من عوز قال: أو تُلحِّنني؟ قلت: لا إنما لحن هشيم وكان لحّانة فتبع أمير المؤمنين لفظه قال: فما الفرق بينهما؟ قلت: السداد بالفتح القصد والسبيل،
= البخاري في الضعفاء وسماه عميرًا وقال: لا يتابع على حديثه وصححه الألباني في صحيح الجامع (428).
(1)
انظر: النهاية (2/ 894، 3/ 604).
(2)
القاموس المحيط (صـ 667).
(3)
وفيات الأعيان (5/ 398) وكذلك ابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 294).
والسِداد بالكسر البلغة وكلما سددت به شيئًا فهو سداد، قال: أو تعرف العرب ذلك؟ قلت: نعم، هذا العَرْجي يقول:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا
…
ليوم كريهة وسِداد ثَغْر
فقال المأمون: قبح الله من لا أدب لَه، ثم أمر المأمون للنضر بخمسين ألف درهم وأمر له الفضل بن سهل بثلاثين ألف درهم فاستفاد بهذه اللفظة ثمانين ألف درهم (الشيرازي في الألقاب عن ابن عباس وعن علي (1)) رمز المصنف لضعفه وفيه هشيم بن بشير أورده الذهبي في الضعفاء وقال: حجة حافظ مدلس (2).
521 -
" إذا تزين القوم بالآخرة، وتجملوا للدنيا، فالنار مأواهم (عد) عن أبي هريرة، وهو مما بيض له الديلمي (ض) ".
(إذا تزين القوم بالآخرة) جعلوا الأعمال للصالحات زينة لهم في الدنيا ينالون بها من الناس الإكرام كما يناله من تزين وتجمل بالزينة الدنيوية (وتجملوا للدنيا) هو كالتفسير للتزين بالآخرة (فالنار مأواهم) مكانهم الذي يأوون إليه في الآخرة ويدخلونه (عد (3) عن أبي هريرة وهو مما بيض له الديلمي) والمصنف رمز له بالضعف.
522 -
" إذا تسارعتم إلى الخير فامشوا حفاة؛ فإن الله يضاعف أجره على المنتعل (طس خط) عن ابن عباس (ض) ".
(إذا تسارعتم إلى الخير) إلى المشي إليه من عيادة مريض أو تشييع جنازة أو
(1) أخرجه الشيرزاي في الألقاب كما في الكنز (44520) وهيثم بن بشير أورده الذهبي في الضعفاء (6765) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (428) والسلسلة الضعيفة (2401).
(2)
انظر: ديوان الضعفاء للذهبي (4479) وفيه: ثقة حافظ مدلس، وهو في الزهري: لبن.
(3)
أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 125) في ترجمة هارون بن هارون بن عبد الله قال البخاري: ليس بذاك. وقال الألباني في ضعيف الجامع (430) والسلسلة الضعيفة (243) موضوع.
نصرة مظلوم أو نحو ذلك (فامشوا حفاة) جمع حاف أي غير منتعلين لأنه أشق في المشي فهو أوفر في الأجر ويروى عن علي أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يمشي حافيًا في مواضع جمعها بعض شيوخنا رحمه الله فقال:
علي كان يمشي حافيًا فاتبع شرعه
…
إذا شيع أو عاد وفي العيدين والجمعة
قلت: لو قال فاتبع صنعه كان أولى إذ الشرع في العرف لا يطلق عرفًا إلا على ما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم (فإن الله يضاعف أجره) الماشي حافيًا (على المنتعل) وفيه أن الأجور على قدر المشقات (1)(طس خط (2) عن بن عباس) رمز المصنف لضعفه.
523 -
" إذا تسميتم بي فلا تكنوا بي (ت) عن جابر (ح) ".
(إذا تسميتم بي) أي باسمي والمراد من أسمائه هنا محمد لا أحمد لأنه أشهر أسمائه فهو المعهود والإضافة موضوعة للعهد كما صرح به نجم الدين وغيره من أئمة البيان (فلا تكنوا بكنيتي) الكنية في اللغة هي ما صدر بأب أو أم وكانت كنيته التي اشتهر بها أبو القاسم وهذا النهي قد نسخ بما ثبت من إذنه صلى الله عليه وسلم لعلي عليه السلام أن يسمي باسمه ويكني بكنيته وإنما كان ذلك في صدر الإسلام وقيل مدة حياته لأنه كان يتأذى صلى الله عليه وسلم (ت عن (3) جابر) رمز المصنف لحسنه وقال في الكبير: حسن غريب.
(1) وفي الهامش وفيه بحث أودعناه حواشينا على شرح العمدة.
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (4183) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 133) وفيه سليمان بن عيسى العطار كذاب، والخطيب في التاريخ (11/ 378)، وأورده الذهبي في الميزان (3/ 309) في ترجمة سليمان بن عيسى، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (432، 433) وقال الألباني في ضعيف الجامع (430) والسلسلة الضعيفة (2438) موضوع.
(3)
أخرجه الترمذي (2842) وقال: حسنٌ غريبٌ.
524 -
" إذا تصافح المسلمان لم تفرق أكفهما حتى يغفر لهما (طب) عن أبي أمامة"(ض).
(إذا تصافح المسلمان لم تفرق أكفهما حتى يغفر لهما) تقدم بزيادة وحمدا الله واستغفرا فيحتمل أنه مقيد بذلك وفيه شرعية المصافحة (طب عن أبي أمامة (1)) رمز المصنف لضعفه.
525 -
" إذا تصدقت فأمضها (حم تخ) عن ابن عمرو (ح) ".
(إذا تصدقت) أردت إخراج الصدقة نفلاً أو وجوبًا (فامضها) أي أنفذها ولا تؤخرها فإن للتأخير آفات وإن الشيطان يخذلك عن إخراجها ويعدك الفقر ويحتمل أن المراد إذا أخرجت الصدقة فلا تتبعها نفسك ندامة وحسرة عليها وعلى إخراجها أو لا تتبعها مِنَّةً على من أعطيته وتصدقت على الأول مجاز من باب: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل: 98] وعلى الباقي حقيقة (حم تخ عن ابن عمرو (2)) رمز المصنف لحسنه.
526 -
" إذا تطيبت المرأة لغير زوجها، فإنما هو نار وشنار (طس) عن أنس"(ض).
(إذا تطيبت المرأة لغير زوجها فإنما هو) أي الطيب (نار وشنار) بالمعجمة والنون أي عيب لأنه من سيما الزواني، وفيه تحريم الطيب على من لا زوج لها وعلى ذات الزوج لغير زوجها فإن قوله:"نار" مشعر بالوعيد ولا وعيد إلا على
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 280) رقم (8076)، وقال الهيثمي (8/ 37): وفيه مهلب بن العلاء ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات. وصححه الألباني في صحيح الجامع (433) والصحيحة (525).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 173) قال الهيثمي (4/ 166): فيه رشدين بن سعد وهو ضعف، والبخاري في التاريخ الكبير (2/ 156) وانظر: العلل لابن أبي حاتم (1/ 318) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (432) والسلسلة الضعيفة (4239).
محرم، وذلك لأنه من أعظم دواعي النكاح ومن المهيجات للباءة، وهذا التحريم من باب سد الذرائع (طس عن (1) أنس) رمز المصنف لضعفه وقال الهيثمي: فيه امرأتان لم أعرفهما وبقية رجاله ثقات.
527 -
" إذا تغولت لكم الغيلان فنادوا بالأذان؛ فإن الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله حصاص (طس) عن أبي هريرة (ض) ".
(إذا تغولت لكم الغيلان) جمع غول وهو من جنس الشياطين والجن كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراء للناس فتغول تغولاً أي تلون في صور شتى وتغولهم عن الطريق تضلهم عنها وتهلكهم فأقر الشارع ذلك وأرشد الأمة إلى دفع هذا الشر بقوله (فنادوا بالأذان فإن الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله حصاص) بضم الحاء المهملة وبالصاد المهملة مكررة قيل: هو شدة العَدْو وحِدّته، وقيل: إن يَمْصَغ بذَنَبه وَيصُر بأُذُنيه وَيَعدُو، وقيل: هو الضُّراط (2).
إن قلت سيأتي حديث أبي هريرة عند أبي داود (3): لا غول، فإنه يقضي أنه لا وجود له وهذا يقضي بخلافه.
قلت: في النهاية (4): أنه ليس نفيًا لعين الغول ووجوده وإنما فيه إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله، فالمراد بقوله لا غول نفي إضلالها لأحد من المشاة كما يشهد له الحديث الآخر "لا غول ولكن السَّعالي"،
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (7405)، وقول الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 157) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (433).
(2)
انظر: النهاية (1/ 980).
(3)
أخرجه أبو داود (3913)، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
(4)
النهاية (3/ 396).
والسعالي: سحرة الجن، الذين لهم تلبيس وتخييل.
قلت: فالمراد بقوله إذا تغولت أي إذا رأيتم السَّعالي التي يزعمون أنها غيلان تصور لكم ويأتي وجه فرار الشيطان من الأذان (طس (1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه وقال الهيثمي: فيه عدي بن الفضل وهو متروك.
528 -
" إذا تم فجور العبد ملك عينيه فبكى بهما متى شاء (عد) عن عقبة بن عامر (ض) ".
(إذا تم فجور العبد) الفجور الانبعاث إلى المعاصي والمحارم كما في النهاية (2)(ملك عينيه) أي قدر على التصرف الخاص بهما وإلا فإنه مالك لهما (فبكى بهما متى شاء) كأنه تعالى جعل ذلك عقوبة له فإنه يوهم غيره أنه على هدى وصلاح وقبول للمواعظ وهذا من الخذلان (عد عن عقبة (3) بن عامر) رمز المصنف لضعفه وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح.
529 -
" إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى؛ فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته (حم خد هب) عن أبي هريرة (ح) ".
(إذا تمنى أحدكم) أي طلب وسأل من الله أمنيته فالتمني نوع من السؤال ولذا قال في الحديث الآخر: فإنما يسأل ربه، (فلينظر ما يتمنى فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته) أي لا يطلب إلا ما يحب حصوله فإنه قد يوافق ساعة إجابة كما يرشد
(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (7436) وقول الهيثمي في المجمع (10/ 134) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (436) والسلسلة الضعيفة (1130).
(2)
النهاية (3/ 413).
(3)
أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 150)، وفي إسناده حجاج بن سليمان المعروف بابن القمري وكذلك ابن لهيعة، وانظر كذلك لسان الميزان (2/ 177). وأورده ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 819) وقال: وابن لهيعة ذاهب الحديث أصلاً.
إليه حديث جابر (1) عند مسلم وأبي داود: "لا تدعوا على أولادكم ولا إخوانكم، لا توافقوا من الله ساعة إجابة يسأل فيها فيستجيب لكم (حم خد هب عن أبي هريرة (2)) رمز المصنف لحسنه وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح.
530 -
" إذا تمنى أحدكم فليكثر؛ فإنما يسأل ربه (طمس) عن عائشة"(ح).
(إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه) أي يطلب كثيرًا من الخير فإنه إنما يسأل من بيده خزائن السماوات والأرض، وفيه الندب إلى استكثار الخير منه تعالى وفي حديث عائشة عند ابن حبان بلفظ:"إذا سأل أحدكم .. " إلى آخره (طمس عن عائشة (3)) رمز المصنف لحسنه وقال الهيثمي: وغيره: رجاله رجال الصحيح.
531 -
" إذا تناول أحدكم عن أخيه شيئًا فليره إياه (د) في مراسيله عن ابن شهاب [الزهري] (قط) في الأفراد عنه [أي عن الزهري] عن أنس بلفظ "إذا نزع".
(إذا تناول أحدكم عن أخيه شيئًا) أخذ من ثوبه أو بدنه ما يؤذيه من شعر أو بشر أو هامة (فليره إياه) أي ليقر عينه وليدع له، ويحمد الله على إزالة ما يؤذيه ولئلا يذهب وهمه أمرًا خلاف ما وقع، وأمطت عن بعض علماء
(1) أخرجه مسلم (3009) وأبو داود (1532).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 357) والبخاري في الأدب المفرد (794) والبيهقي في الشعب (7274) وقال الهيثمي في المجمع (10/ 151) وأورده ابن عدي في الكامل (5/ 39) في ترجمة عمر بن أبي سلمة وقال: ليس بقوي في الحديث. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (438) وفي السلسلة الضعيفة (2254).
(3)
أخرجه ابن حبان (889) والطبراني في الأوسط (2040) وقال الهيثمي في المجمع (10/ 150) ورجاله رجال الصحيح. والموقوف أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 48)، رقم (29369)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (437) والسلسلة الصحيحة (1266).
مكة شيئًا فقال:
أماط الله عنكم كل آفة
…
كتنوين المضاف لدى الإضافة
(د في مراسيله عن ابن شهاب (1) قط في الإفراد) عنه عن ابن شهاب (عن أنس بلفظ إذا نزع) سكت عليه المصنف وقال الشارح: إسناده ضعيف لكن انجبر المرسل بالمسند فصار متماسكًا.
(1) أخرجه أبو داود في المراسيل (525) عن ابن شهاب والدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد (1128)، من غريب حديث عبد الله بن أبي بكر الزهري تفرد به أبو مريم عبد الغفار بن القاسم عنه الموقري -الوليد بن محمَّد-، وقال البخاري في التاريخ الكبير (8/ 155): الموقري: عن الزهري في حديثه مناكير ومن هنا تعلم معنى قول المناوي (الشارح) أن المرسل انجبر بالمسند! وأورده ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 728) رقم (1213).
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (439).