الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ:«صَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ» ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَصُومُهُ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ صَوْمَهُ.
1893 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها،: أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ» .
(كتاب الصوم)، وللنفي:"الصيام"، وهما لغة: الإمساك.
قال بعضهم: لما تاب آدم من أكل الشجرة تأخر قبول توبته لما بقى في جسده من تلك الأكلة ثلاثين يومًا، فلما صفا جسده منها تيب عليه، ففرض على ذريته صيام ثلاثين يومًا.
وكان فرضه في السنة الثانية من الهجرة.
2 - بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ
1894 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ". «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ المِسْكِ» . «يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا» .
(الصيام جنة): بضم الجيم: الوقاية والستر، زاد أحمد: "وحصن
حصين من النار"، وللنسائي: "كجنة أحدكم من القتال"، زاد أحمد من وجه آخر: "ما لم يخرقها"، زاد الدارمي: "بالغيبة".
قال ابن العربي: "إنما كان الصوم جنة من النار لأنه إمساك عن الشهوات والنار محفوفة بالشهوات".
(فلا يرفث) أى: الصائم، أي: لا يتكلم بفحش.
(ولا يجهل) أي: لا يفعل شيئًا من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك، ولسعيد بن منصور:"ولا يجادل".
(وإن امرؤ): بتخفيف النون.
(فليقل إني صائم)، قيل: يقولها بلسانه يخاطب به من شاتمه، وقيل: بقلبه يزجر بها نفسه، وقيل: باللسان في صوم الفرض، وبالقلب في صوم النفل.
وقال ابن العربي: "الخلاف في النفل، وأما الغرض فبلسانه قطعًا".
(مرتين): لأنه آكد في الزجر.
(لخلوف): بضم المعجمة واللام، آخره فاء، وصحف من فتح الخاء: تغيير ريح الفم من الصوم.
(أطيب عند الله)، زاد أحمد وابن حبان:"يوم القيامة".
(من ريح المسك)، قيل: هو على ظاهره بأن يأتي يوم القيامة ونكهته أطيب من ريح السك، كما يأتي الشهيد، وريح دمه يفوح مسكًا، وقيل: هو كناية عن الرضى والقبول، وأنه أكثر ثوابًا من المسك المندوب إليه في الجمع ومجالس الذكر، وقيل: إن للطاعات يوم القيامة ريحًا يفوح، فرائحة الصيام فيه بين العبادات كالمسك"، قاله القاضي حسين في تعليقه، وقيل: المراد [أن] ذلك في حق الملائكة، وأنهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما يستطيبون ريح المسك، وقد تنازع ابن عبد السلام وابن الصلاح في أن ذلك خاص بالآخرة، فذهب الأول إلى اختصاصه بها كدم الشهيد، لحديث يوم القيامة السابق، وخالفه ابن الصلاح لحديث البيهقي وغيره: "فإن خلوف أفواههم حين يمسون" وهذا صريح في كونه في الدنيا.
قال: وأما ذكر يوم القيامة في تلك الرواية، فلأنه يوم الجزاء، وفيه يظهر ريحان الخلوف في الميزان على المسك المستعمل لدفع الرائحة الكريهة طلبًا لرضى الله، حيث يؤمر اجتنابها ونظيره:{وإن ربهم بهم يومئذ لخبير} ، وهو خبير بهم في كل يوم.
ويؤخذ من الحديث: تفضيل الخلوف على دم الشهيد، لأن الدم شبه بريح المسك، والخلوف وصف بأنه "أطيب".
(يترك)، زاد أحمد قبله:"يقول الله".
(وشهوته)، زاد ابن خزيمة:"وزوجته".
(الصيام لي وأنا أجزي به)، اختلف في معناه، مع أن الأعمال كلها لله تعالى، وهو الذي يجزي بها، فقيل: إنما خص الصوم لأنه ليس يظهر من ابن آدم، ولا يطلع عليه، وإنما هو شيء في القلب بخلاف سائر الأعمال، فإنها أفعال وحركات ترى وتشاهد، ويؤيده حديث:"الصيام لا رياء فيه" أخرجه البيهقي في "الشعب".
وقيل: المعنى أن العبادات قد كشف مقادير ثوابها للناس، وأنها تضعف من عشرة إلى سبعمائة، إلا الصوم، فإن الله تفرد بعلم مقدار ثوابه، وتضعيف حسناته، فقوله:"وأنا أجزي به" أي: جزاءً كثيرًا من غير تعيين لمقداره كقوله: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} ، ويؤيده حديث:"إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم، فإنه لا يدري أحدها فيه" أخرجه سمويه، وللطبراني:"الأعمال عند الله سبع"، وفيه:"وعمل لا يعلم ثوابه عامله إلا الله وهو الصيام".
وقيل: معناه أنه أحب العبادات إليّ والمقدم عندي، وقيل: لأن الصيام لم يعبد به غير الله بخلاف الصلاة والصدقة والطواف، ونحو ذلك، وقيل:"إن جميع العبادات توفي منها مظالم العباد إلا الصوم" أخرجه البيهقي عن ابن عيينة قال: "إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدي