الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 - خشيته صلى الله عليه وسلم ربه
2167 -
قال أبو داود رحمه الله (ج 3 ص 172): حدثني عبد الرحمن بن محمد بن سلام أخبرنا يزيد يعني ابن هارون أخبرنا حماد يعني ابن سلمة عن ثابت عن مطرف عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح، إلا عبد الرحمن بن محمد بن سلام، وقد وثَّقه النسائي والدارقطني، بل قد توبع، قال النسائي رحمه الله (ج 3 ص 13): أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله، عن حماد بن سلمة به.
20 - محبة أصحابه صلى الله عليه وسلم إياه لإحسانه إليهم وإلى أولادهم وغير ذلك من الخصال الحميدة التي توفرت فيه صلى الله عليه وسلم
-
2168 -
قال الإمام عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي رحمه الله (ج 1 ص 54): حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: شهدته يوم دخل المدينة فما رأيت يومًا قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشهدته يوم موته فما رأيت يومًا كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
هذا حديث صحيحٌ.
وأخرجه ابن ماجه (ج 1 ص 522).
* وقال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 10 ص 87): حدثنا بشر بن هلال الصواف البصري، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء (1)، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، ولا نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي، وإنا لفي دفنه حتى أنكرنا قلوبنا.
هذا حديث غريب صحيح.
قال أبو عبد الرحمن: هو حسن على شرط مسلم.
الحديث أبو يعلى (ج 6 ص 51) بسند الترمذي به.
وأخرجه ص (110) فقال: حدثنا عبيد بن عمر حدثنا جعفر بن سليمان به.
2169 -
وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج 4 ص 161): حدثنا بهز حدثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حجة الوداع قال فصلى بنا رسول الله صلاة الصبح أو الفجر قال ثم انحرف جالسًا أو استقبل الناس بوجهه فإذا هو برجلين من وراء الناس لم يصليا مع الناس فقال «ائتوني بهذين الرجلين» قال فآتي بهما ترعد فرائصهما فقال «ما منعكما أن تصليا مع الناس؟ » قالا يا رسول الله إنا قد كنا صلينا في الرحال قال «فلا تفعلا إذا صلى أحدكم في رحله ثم
(1) الإضاءة كناية عن الفرح والسرور الذي حصل للمسلمين عند دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والظلام كناية عن الحزن والقلق الذي حصل بسبب موت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه فإنها له نافلة» قال فقال أحدهما استغفر لي يا رسول الله فاستغفر له قال ونهض الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونهضت معهم وأنا يومئذ أشب الرجال وأجلده قال فما زلت أزحم الناس حتى وصلت إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأخذت بيده فوضعتها إما على وجهي أو صدري قال فما وجدت شيئًا أطيب ولا أبرد من يد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال وهو يومئذ في مسجد الخيف.
هذا حديث صحيحٌ.
2170 -
قال أبو داود رحمه الله (ج 12 ص 15): حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ أخبرَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ قَالَ فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ (1) فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ «أَنْشُدُ اللهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ» قال فَقَامَ الْأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا صَاحِبُهَا كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ
(1) في "عون المعبود": بكسر [ميم وسكون] غين معجمة وفتح واو، مثل سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه فيقطعه، وقيل: حديدة دقيقة لها حد ماض، وقيل: هو سوط في جوفه سيف دقيق يشده القاتل على وسطه؛ ليغتال به الناس. اهـ
فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «أَلَا اشْهَدُوا إِنَّ دَمَهَا هَدَرٌ» .
هذا حديث حسنٌ، رجاله رجال الصحيح.
الحديث أخرجه النسائي (ج 7 ص 107).
2171 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 4 ص 188): حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بُسْرٍ، قَالَ: كَانَتْ أُخْتِي رُبَّمَا بَعَثَتْنِي بِالشَّيْءِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تُطْرِفُهُ إِيَّاهُ، فَيَقْبَلُهُ مِنِّي.
هذا حديث حسنٌ.
2172 -
قال الإمام أبو عبد الله بن ماجه رحمه الله (ج 1 ص 216): حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حامل الحسين بن علي على عاتقه ولعابه يسيل عليه.
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح، إلا علي بن محمد شيخ ابن ماجه، وله شيخان كلاهما علي بن محمد، والظاهر أن المهمل الطنافسي؛ إذ هو بالرواية عنه أشهر من القرشي، والله أعلم.
2173 -
قال الإمام أبو داود رحمه الله (ج 1 ص 27): حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال حدثنا ابن المبارك عن محمد بن
عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطب بيمينه» وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرِّمَّةِ (1).
هذا حديث حسنٌ. وقد أخرج مسلم بعضه من حديث سُهَيْلٍ، عن القعقاع، عن أبي صالح به.
الحديث أخرجه النسائي (ج 1 ص 38)، وابن ماجه (ج 1 ص 313).
2174 -
قال الإمام البيهقي رحمه الله (ج 4 ص 48): وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الربيع بن سليمان ثنا بشر بن بكر حدثني الأوزاعي أخبرني ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يعود مرضى مساكين المسلمين وضعفائهم ويتبع جنائزهم ولا يصلي عليهم أحد غيره وأن امرأة مسكينة من أهل العوالي طال سقمها فكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسأل عنها من حضرها من جيرانها وأمرهم أن لا يدفنوها إن حدث بها حدث فيصلي عليها فتوفيت تلك المرأة ليلًا واحتملوها فأتوا بها مع الجنائز -أو قال: موضع الجنائز- عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليصلي عليها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما أمرهم
(1) الرمة: بكسر الراء وشد الميم، والرمة والرميم: العظم البالي، أو الرمة: جمع رميم، أي: العظام البالية. اه [من "عون المعبود"].
فوجدوه قد نام بعد صلاة العشاء فكرهوا أن يهجدوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من نومه فصلوا عليها ثم انطلقوا بها فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سأل عنها من حضره من جيرانها فأخبروه خبرها وأنهم كرهوا أن يهجدوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لها فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «ولم فعلتم؟ انطلقوا» فانطلقوا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى قاموا على قبرها فصفوا وراء رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما يصف للصلاة على الجنائز فصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكبر أربعًا كما يكبر على الجنائز.
هذا حديث صحيحٌ. (1)
2175 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 444): حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد الدراوردي عن محمد بن زيد التيمي عن عبد الله بن عامر عن أبيه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقبر فقال «ما هذا القبر؟ » قالوا قبر فلانة قال «أفلا آذنتموني» قالوا كنت نائمًا فكرهنا أن نوقظك قال «فلا تفعلوا فادعوني لجنائزكم» فصف عليها فصلى.
هذا حديث حسنٌ.
2176 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 6 ص 349): حدثنا يعقوب قال حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبي بكر
(1) وتابع الأوزاعي سفيان بن حسين، كما في "مصنف ابن أبي شيبة"(ج 3 ص 162).
قالت: لما وقف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذي طوى قال أبو قحافة لابنة له من أصغر ولده أي بنية اظهري بي على أبي قبيس قالت وقد كف بصره قالت فأشرفت به عليه فقال يا بنية ماذا ترين قالت أرى سوادًا مجتمعًا قال تلك الخيل قالت وأرى رجلًا يسعى بين ذلك السواد مقبلًا ومدبرًا قال يا بنية ذلك الوازع يعني الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها ثم قالت قد والله انتشر السواد فقال قد والله إذًا دفعت الخيل فأسرعي بي إلى بيتي فانحطت به وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته وفي عنق الجارية طوق لها من ورق فتلقاه الرجل فاقتلعه من عنقها قالت فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مكة ودخل المسجد أتاه أبو بكر بأبيه يعوده فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال «هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه» قال أبو بكر يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه قال فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال له «أسلم» فأسلم ودخل به أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورأسه كأنه ثغامة فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «غيروا هذا من شعره» ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال أنشد بالله وبالإسلام طوق أختي فلم يجبه أحد فقال يا أخية احتسبي طوقك.
هذا حديث حسنٌ.
الحديث أخرجه ابن هشام في "السيرة"(ج 2 ص 405) قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد
…
فذكره.
وفيه بعد قول أبي بكر: احتسبي طوقك، فوالله
إن الأمانة في الناس اليوم لقليل.
ولعل الإمام أحمد رحمه الله حذفها عمدًا، لما فيها من الحكم بقلة الأمانة في يوم الفتح، مع أنه يوجد فيهم أفاضل الصحابة.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية"(ج 4 ص 328): يعني به الصديق ذلك اليوم على التعيين؛ لأن الجيش فيه كثرة، ولا يكاد أحد يلوي على أحد، مع انتشار الناس، ولعل الذي أخذه تأول أنه من حربي، والله أعلم.
2177 -
قال أبو داود رحمه الله (ج 14 ص 128): حدثنا الحسن بن علي وابن بشار قالا حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا إسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن عائشة بنت طلحة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت أحدًا كان أشبه سمتًا وهديًا ودلًّا -وقال الحسن: حديثًا وكلامًا، ولم يذكر الحسن السمت والهدي والدل- برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من فاطمة كرم الله وجهها كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها.
هذا حديث حسنٌ.
* الحديث رواه الترمذي (ج 10 ص 374) وزاد فيه: فلما مرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دخلت فاطمة فأكبت عليه فقبلته ثم رفعت رأسها
فبكت ثم أكببت عليه ثم رفعت رأسها فضحكت فقلت إن كنت لأظن أن هذه من أعقل نسائنا فإذا هي من النساء فلما توفي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قلت لها أرأيت حين أكببت على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرفعت رأسك فبكيت ثم أكببت عليه فرفعت رأسك فضحكت ما حملك على ذلك قالت إني إذًا لبذرة أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت ثم أخبرني أني أسرع أهله لحوقًا به وذاك حين ضحكت.
هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عائشة.
قال أبو عبد الرحمن: وبعض ألفاظه في "الصحيح".
1651 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (1740): حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي عن أم سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالت: لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي أمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذى ولا نسمع شيئًا نكرهه فلما بلغ ذلك قريشًا ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها إليه الأدم فجمعوا له أدما كثيرًا ولم يتركوا من بطارقته بطريقًا إلا أهدوا له هدية ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي وأمروهما أمرهم وقالوا لهما ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم ثم قدموا للنجاشي هداياه ثم سلوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم قالت فخرجا فقدما على النجاشي ونحن عنده بخير دار وعند خير جار فلم
يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي ثم قالا لكل بطريق منهم إنه قد صبا إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم فإذا كلمنا الملك فيهم فتشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عينًا وأعلم بما عابوا عليهم فقالوا لهما نعم ثم إنهما قربا هداياهم إلى النجاشي فقبلها منهما ثم كلماه فقالا له أيها الملك إنه قد صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم فهم أعلى بهم عينًا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه قالت ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم فقالت بطارقته حوله صدقوا أيها الملك قومهم أعلى بهم عينًا وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم قال فغضب النجاشي ثم قال لا ها الله ايم الله إذن لا أسلمهم إليهما ولا أكاد قومًا جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم ماذا يقول هذان في أمرهم فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني قالت ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدعاهم فلما
جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم كائن في ذلك ما هو كائن فلما جاءوه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم قالت فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له أيها الملك كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار يأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام -قال: فعدد عليه أمور الإسلام- فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك
ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك قالت فقال له النجاشي هل معك مما جاء به عن الله من شيء قالت فقال له جعفر نعم فقال له النجاشي فاقرأه علي فقرأ عليه صدرًا من {كهيعص} (1) قالت فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم ثم قال النجاشي إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبدًا ولا أكاد.
قالت أم سلمة: فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص والله لأنبئنهم غدًا عيبهم عندهم ثم أستأصل به خضراءهم قالت فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا لا تفعل فإن لهم أرحامًا وإن كانوا قد خالفونا قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد قالت ثم غدا عليه الغد فقال له أيها الملك إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولًا عظيمًا فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه قالت فأرسل إليهم يسألهم عنه قالت ولم ينزل بنا مثله فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه قالوا نقول والله فيه ما قال الله وما جاء به نبينا كائنًا في ذلك ما هو كائن فلما دخلوا عليه قال لهم ما تقولون في عيسى ابن مريم فقال له جعفر بن أبي طالب نقول فيه الذي جاء به نبينا هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول
(1) سورة مريم، الآية:1.
قالت فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منها عودًا ثم قال ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال فقال وإن نخرتم والله اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي -والسيوم: الآمنون- من سبكم غرم ثم من سبكم غرم فما أحب أن لي دَبْرًا ذهبًا وأني آذيت رجلًا منكم -والدبر بلسان الحبشة: الجبل- ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس فيَّ فأطيعهم فيه قالت فخرجا من عنده مقبوحين مردودًا عليهما ما جاءا به وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار قالت فوالله إنا على ذلك إذ نزل به يعني من ينازعه في ملكه قال فوالله ما علمنا حزنًا قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك تخوفًا أن يظهر ذلك على النجاشي فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه قالت وسار النجاشي وبينهما عرض النيل قالت فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر قالت فقال الزبير بن العوام أنا قالت وكان من أحدث القوم سنًّا قالت فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ثم انطلق حتى حضرهم قالت ودعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده واستوسق عليه أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو بمكة.
هذا حديث حسنٌ.