الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب الأول
فِي الْإِمَامَة
اعْلَم أَن الإِمَام اسْم لمن اؤتم بِهِ، وَالْمرَاد مِنْهُ: الْخلَافَة، وَهِي: رياسة
عَامَّة فِي الدّين وَالدُّنْيَا، لَا عَن دَعْوَى النُّبُوَّة، فَيخرج النُّبُوَّة وَالْقَضَاء.
وَفِي كتاب " التَّجْرِيد ": " الإِمَام ": خلَافَة شخص للرسول فِي إِقَامَة قوانين شَرْعِيَّة، وَحفظ حوزة الْإِسْلَام، على وَجه يجب اتِّبَاعه على كَافَّة الْأمة، وَبِه اخْتَار جَامع " الْحَقَائِق ".
ثمَّ لَا بُد للنَّاس من نصب إِمَام يقوم بمصالحهم، من إنصاف الْمَظْلُوم من الظَّالِم، وتنفيذ الْأَحْكَام، وتزويج الْأَيْتَام، وَقطع الْمُنَازعَة بَين الْأَنَام، وَإِقَامَة الأعياد وَالْجمع وَالْحُدُود، وَأخذ العشور وَالزَّكَاة وَالصَّدقَات، وصرفها إِلَى
مصارفها بِمُوجب الشَّرْع، وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطَّرِيق، وَقبُول الشَّهَادَات الْقَائِمَة على الْحُقُوق، وَإِقَامَة السياسة على الْعَوام، والحراسة لبيضة الْإِسْلَام، وتجهيز جيوشهم، وتقسيم غنائمهم، وَحفظ أَمْوَال بَيت المَال، وأموال الْغَانِمين، وأموال الْيَتَامَى، وَإِقَامَة هَذِه الْأُمُور وَاجِبَة، وَمَا لَا يُمكن إِقَامَة الْوَاجِب إِلَّا بِهِ يكون وَاجِبا.
وَاخْتلفُوا فِي نصب الإِمَام هَل يجب بِالسَّمْعِ، أَو بِالْعقلِ والسمع؟
أوجبه أهل السّنة - وَأكْثر الْمُعْتَزلَة على النَّاس بِالسَّمْعِ وَالْعقل.
أما الْعقل: فَظَاهر، وَأما السّمع: فَقَوله عليه السلام: " من مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَام فقد مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة.
وَيدل أَيْضا على وجوب نصب الإِمَام إِجْمَاع الصَّحَابَة بعد موت الرَّسُول، وَلم يَقع الِاخْتِلَاف فِي نصب الإِمَام، بل الِاخْتِلَاف وَقع فِي تعْيين الإِمَام.
وَلَا يجوز نصب إمامين فِي عصر وَاحِد، خلافًا لبَعض الروافض، لأَنهم يَزْعمُونَ أَن فِي كل عصر إمامين: صَامت، وناطق، فَإِن الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، لم يجوزوا ذَلِك، لِأَنَّهُ روى: أَن الْأَنْصَار قَالُوا: منا أَمِير
ومنكم أَمِير، قَالَ أَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه: لَا يصلح سيفان فِي غمد وَاحِد، وَلم يُنكر عَلَيْهِ أحد من الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، فَكَانَ كَون الإِمَام وَاحِدًا بِالْإِجْمَاع.
وَلَو عقدت الْإِمَامَة لاثْنَيْنِ، فالإمام هُوَ الأول، لقَوْله عليه السلام:" من بَايع إِمَامًا فَأعْطَاهُ صَفْقَة يَده، وَثَمَرَة قلبه، فليعطه إِن اسْتَطَاعَ، فَإِن جَاءَ آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ".
وَقَالَ عليه السلام: " إِذا بُويِعَ لخليفتين، فَاقْتُلُوا الآخر مِنْهُمَا ".
وَإِن عقدتا مَعًا يسْتَأْنف العقد، وَالثَّانِي تَحت يَد الأول، وَإِن أَبى الثَّانِي يُقَاتل كالباغي.
وَقَالَ فِي " الصحائف ": يجوز نصب إمامين فِي عصر وَاحِد، إِذا تبَاعد التلاقى بِحَيْثُ لَا يصل المدد من أَحدهمَا إِلَى الآخر.
ثمَّ يَنْبَغِي أَن يكون الإِمَام ظَاهرا فِي كل عصر، ليمكنه الْقيام بِمَا نصب هُوَ لَهُ، لِأَن نصب الإِمَام لقِيَام مصَالح النَّاس، وَلَا يصلح ذَلِك بالمختفى خلافًا للروافض، فَإِنَّهُم ينتظرون إِلَى خُرُوج الْمهْدي.