المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فائدة: " في الفرق بين الإقرار والهبة - الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

[الخيربيتي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين

- ‌الْبَاب الأول

- ‌فِي الْإِمَامَة

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي شُرُوط الْإِمَامَة

- ‌الْبَاب الثَّالِث

- ‌فِي كَيْفيَّة حكم الإِمَام

- ‌الْبَاب الرَّابِع

- ‌فِي قَوَاعِد الْإِمَامَة وَأَحْوَالهَا

- ‌الْبَاب الْخَامِس

- ‌فِي الوزارة

- ‌وعَلى السُّلْطَان أَن يُعَامل الْوَزير بِثَلَاثَة أَشْيَاء:

- ‌الْبَاب السَّادِس

- ‌فِي قَوَاعِد الأجناد، وآدابها

- ‌فصل فِي الموعظة (والنصيحة)

- ‌الْبَاب السَّابِع

- ‌فِي الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة الْمُتَعَلّقَة بالقضاة والسلاطين والأمراء

- ‌فصل فِي كَيْفيَّة جُلُوس القَاضِي للْقَضَاء

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فصل فِي الْبُغَاة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فصل فِي أَحْكَام قطاع الطَّرِيق

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌فضل فِي الْجُمُعَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌‌‌‌‌مسالة

- ‌‌‌‌‌مسالة

- ‌‌‌مسالة

- ‌مسالة

- ‌‌‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسَائِل

- ‌مسَائِل

- ‌مَسْأَلَة

- ‌مسَائِل

- ‌‌‌مسَائِل

- ‌مسَائِل

- ‌الْبَاب الثَّامِن

- ‌فِي الْحِيَل الشَّرْعِيَّة

- ‌مسَائِل

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌‌‌‌‌‌‌مسالة

- ‌‌‌‌‌‌‌مسالة

- ‌‌‌‌‌مسالة

- ‌‌‌مسالة

- ‌مسالة

- ‌‌‌‌‌‌‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌‌‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌‌‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌‌‌مَسْأَلَة

- ‌مَسْأَلَة

- ‌الْبَاب التَّاسِع

- ‌فِي تَنْبِيه الْمُجيب من الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة مِمَّا جمعه الْمُحَقق أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي رحمه الله

- ‌فصل فِي النِّكَاح

- ‌فصل فِي الطَّلَاق

- ‌فصل فِي الْعتْق

- ‌فصل فِي مسَائِل شَتَّى

- ‌فصل فِي مسَائِل شَتَّى

- ‌الْبَاب الْعَاشِر

- ‌فِي الْمسَائِل المتفرقة

- ‌دُعَاء الْقُنُوت

- ‌فصل

- ‌فَائِدَة: " فِي الْفرق بَين الْإِقْرَار وَالْهِبَة

الفصل: ‌فائدة: " في الفرق بين الإقرار والهبة

‌فَائِدَة: " فِي الْفرق بَين الْإِقْرَار وَالْهِبَة

"

رجل قَالَ: جَمِيع مَا أملكهُ لفُلَان، فَهَذَا هبة، حَتَّى لَا يجوز بِدُونِ الْقَبْض.

فرق بَين هَذَا وَبَين مَا إِذا قَالَ: جَمِيع مَا يعرف وينسب إِلَى لفُلَان، حَيْثُ يكون إِقْرَارا. وَالْفرق: أَن فِي الْمَسْأَلَة الأولى قَالَ: أملكهُ، وَهَذَا الْملك قَائِم حَقِيقَة، لَا يصير لغيره إِلَّا بالتمليك، فَيكون هبة، وَفِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة قَالَ: جَمِيع مَا يعرف بِي وينسب، وَمَا يعرف بِهِ وينسب إِلَيْهِ يجوز أَن يكون ملك غَيره، فَيكون إِقْرَارا.

قَالَ لآخر: حللني من كل حق لَك عَليّ، فَفعل، وأبرأه فَهَذَا على وَجْهَيْن: أما إِن كَانَ صَاحب الْحق عَالما بِمَا عَلَيْهِ، أَو لم يكن فَفِي الْوَجْه الأول: برِئ حكما وديانة.

وَفِي الْوَجْه الثَّانِي: برِئ حكما، وَهل يبرأ ديانَة أم لَا؟

عِنْد مُحَمَّد: لَا يبرأ، وَعند أبي يُوسُف رحمه الله يبرأ، وَعَلِيهِ الْفَتْوَى، لِأَن الْإِبْرَاء إِسْقَاط، وجهالة الْإِسْقَاط لَا يمْنَع صِحَة الْإِسْقَاط، وَصَارَ كالمشتري إِذا أَبْرَأ البَائِع عَن الْعُيُوب، صَحَّ، وَإِن لم يُفَسر الْعُيُوب، كَذَا هُنَا.

الَّذِي لَا يقدر على اسْتِيفَاء دينه، فإبراؤه أفضل تخليصا من الْعَذَاب.

وَلَو قَالَ: جعلتك فِي حل السَّاعَة، فَهُوَ فِي حل فِي الدَّاريْنِ.

وَإِذا مَاتَ طلب الدّين، وَلم يصل إِلَى ورثته، فَعَن أبي يُوسُف وَمُحَمّد بن سَلمَة رحمهمَا الله: أَنه يكون للْمَيت، مَعَ أَنه لَو أدّى إِلَى الْوَرَثَة يبرأ.

ثَلَاث مسَائِل فِيهَا خلاف زفر مَعَ أَصْحَابنَا:

أَولهَا: رجل تبرع بِقَضَاء دين الْمُرْتَهن، ثمَّ هلك الرَّهْن فِي يَد الْمُرْتَهن، يسْتَردّ التَّبَرُّع من الْمُرْتَهن مَا دَفعه.

وَقَالَ زفر رحمه الله: يسْتَردّهُ الرَّاهِن.

وَثَانِيها: رجل اشْترى عبدا بِأَلف، فتبرع رجل بِقَضَاء الثّمن، ثمَّ وجد المُشْتَرِي بِهِ عَيْبا فَرده، فالثمن المسترجع من البَائِع للمتبرع.

وَقَالَ زفر رحمه الله: للْمُشْتَرِي.

ص: 346

وَثَالِثهَا: رجل تبرع عَن آخر بِقَضَاء مهر امْرَأَته، فَطلقهَا قبل الدُّخُول يرجع الْمُتَبَرّع بِنصْف الْمهْر.

وَقَالَ زفر رحمه الله: يرجع الزَّوْج.

وَهَذَا الْخلاف إِذا كَانَ الْمُتَبَرّع قضى جَمِيع ذَلِك بِغَيْر أَمرهم.

أما إِذا قضى كُله بأمرهم، فَلَيْسَ للمتبرع الرُّجُوع بالِاتِّفَاقِ، بل الدّين للرَّاهِن وَالْمُشْتَرِي وَالزَّوْج.

رجل وهب من رجل كرباسا، فَقَصره الْمَوْهُوب لَهُ، لَيْسَ للْوَاهِب أَن يرجع فِيهِ.

فرق بَين هَذَا وَبَين الْغسْل، وَالْفرق: أَن فِي الْوَجْه الأول زِيَادَة مُتَّصِلَة، وَفِي الْوَجْه الثَّانِي لَا.

وهب من آخر عبدا كَافِرًا، فَأسلم فِي يَد الْمَوْهُوب لَهُ، لَيْسَ لَهُ أَن يرجع فِيهِ، لِأَن الْإِسْلَام زِيَادَة فِيهِ.

وهب من رجل تَمرا ب " بَغْدَاد " فَحمل الْمَوْهُوب لَهُ التَّمْر إِلَى " بَلخ "، لَيْسَ للْوَاهِب أَن يرجع فِيهِ، وَكَذَا إِن أخرج من دَار الْحَرْب عبدا إِلَى دَار الْإِسْلَام وَإِنَّمَا لَا يرجع، إِذا كَانَ قِيمَته أَكثر من قيمَة الْمَكَان الأول، وَإِن كَانَ مستويا لَهُ أَن يرجع، لِأَن هَذَا لَيْسَ زِيَادَة.

قَالَ الآخر: ادخل كرمي، وَخذ من الْعِنَب، فَلهُ أَن يَأْخُذ من الْعِنَب مَا يشْبع بِهِ إِنْسَان وَاحِد، لِأَن هَذَا إِذن بِأخذ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ للْحَال.

رجل وهب لِابْنِهِ الصَّغِير دَارا، وَالدَّار مَشْغُولَة بمتاع الْوَاهِب، جَازَ لِأَن الشَّرْط قبض الْوَاهِب.

ص: 347

رجل قَالَ لختنه بِالْفَارِسِيَّةِ: " ايْنَ زمين ترا " فَاذْهَبْ وازرعها فَهَذَا على وَجْهَيْن: أما إِن كَانَ الختن عِنْدَمَا قَالَ هَذِه الْمقَالة قبل أَو لم يقبل، فَفِي الْوَجْه الأول: صَارَت الأَرْض لَهُ هبة، فَيتم بِالْقبُولِ.

وَفِي الْوَجْه الثَّانِي: لَا، لِأَنَّهُ لم يتم.

رجل وهب من رجل أَرضًا، وَسلمهَا إِلَيْهِ، وَشرط على الْمَوْهُوب لَهُ أَن ينْفق على الْوَاهِب من الْخَارِج، فالهبة فَاسِدَة.

فرق بَين هَذَا وَبَين مَا إِذا كَانَ الْمَوْهُوب كرما، وَشرط عَلَيْهِ أَن ينْفق ثَمَرَتهَا حَيْثُ يَصح الْهِبَة، وَيبْطل الشَّرْط، لِأَن الْوَاهِب إِذا شَرط على الْمَوْهُوب لَهُ رد بعض الْهِبَة يَصح الْهِبَة، وَيبْطل الشَّرْط.

رجل لَهُ ابْن صَغِير فغرس كرما، فَهَذَا على ثَلَاثَة أوجه:

أما إِن قَالَ: اغرس هَذَا الْكَرم باسم ابْني الصَّغِير فلَان، فَلَا يكون هبة. وَلَو قَالَ: جعلته باسم ابْني الصَّغِير فلَان، فَهَذَا هبة.

وَإِن لم يرد الْهِبَة يصدق، وَلَو قَالَ: جعلته لِابْني، فَهَذَا لَا شكّ أَنه هبة.

الْهِبَة الْفَاسِدَة مَضْمُونَة بِالْقَبْضِ، فَإِنَّهُ نَص فِي الْمُضَاربَة، إِذا دفع رجل إِلَى رجل الف دِرْهَم، وَقَالَ: نصفهَا مُضَارَبَة، وَنِصْفهَا هبة، فَهَلَكت الْألف فِي يَده، ضمن الْمضَارب حِصَّة الْهِبَة، وَهَذِه فَاسِدَة، لِأَنَّهَا هبة الْمشَاع فِيهَا يحْتَمل الْقِسْمَة، وَهل يثبت الْملك فِي الْمَوْهُوب لَهُ بِالْقَبْضِ؟

تكلم الْمَشَايِخ فِيهِ، الْمُخْتَار أَنه لَا يثبت، فَإِنَّهُ نَص فِي كتاب الأَصْل:" لَو وهب نصف دَاره من رجل، وَسلمهَا إِلَيْهِ، فَبَاعَهَا الموهب لَهُ، لم يجز " أَشَارَ إِلَى أَنه لم يملك حَيْثُ بَطل البيع بِالتَّسْلِيمِ.

ذكر فِيهِ " فُصُول الأسروشني ": " التَّخْلِيَة قبض فِي الْهِبَة الصَّحِيحَة دون الْفَاسِدَة ".

ص: 348

رجل مَاتَ فَوهبت لَهُ امْرَأَته مهرهَا، جَازَت الْهِبَة، لِأَن الدّين عَلَيْهِ إِلَى أَن يقْضى، وَلِأَن الْقبُول فِي حَال حَيَاة الْمَدْيُون لَيْسَ بِشَرْط لصِحَّة الْهِبَة، فَكَذَا بعد الْمَوْت.

رجل وهب من رجل ثوبا - وَهُوَ حَاضر - فَقَالَ الْمَوْهُوب لَهُ: قَبضته، هَل يصير قَابِضا؟ قَالَ مُحَمَّد رحمه الله: صَار قَابِضا.

وَقَالَ ابو يُوسُف رحمه الله: لَا، مَا لم يقبض، لِأَنَّهُ غير قَابض حَقِيقَة.

امْرَأَة وهبت مهرهَا الَّذِي لَهَا على زَوجهَا لابنها الصَّغِير من زَوجهَا فَقبل الْأَب، الْمُخْتَار أَنَّهَا لَا تصح، لِأَنَّهَا هبة غير مَقْبُوضَة.

لَهَا على زَوجهَا دين، فَوَهَبته لولدها الصَّغِير، صَحَّ لِأَن هبة الدّين من غير من عَلَيْهِ الدّين يجوز، إِذا كَانَ سلطه على قَبضه.

وَلَو وقف أَرضًا على أَوْلَاده، وَجعل آخِره للْفُقَرَاء، فَمَاتَ بَعضهم يصرف الْوَقْف إِلَى البَاقِينَ، فَإِن مَاتُوا صرف إِلَى الْفُقَرَاء بِخِلَاف مَا لَو وقف على فلَان وَفُلَان - سماهم بعينهم - من أَوْلَاده، وَجعل آخِره للْفُقَرَاء، ثمَّ مَاتَ وَاحِد مِنْهُم، يصرف نصِيبه إِلَى الْفُقَرَاء، لِأَنَّهُ وقف على كل مِنْهُم بِعَيْنِه، فنصيب الْمَيِّت لَا يسْتَحقّهُ الْبَاقُونَ، وَفِي الأول وقف على أَوْلَاده، قل أَو كثر، وَبعد موت بَعضهم، بقى أَوْلَاده، فاستحقه الْبَاقُونَ.

اتخذ لوَلَده الصَّغِير ثيابًا، ثمَّ أَرَادَ أَن يدْفع إِلَى ولد آخر، لَيْسَ لَهُ ذَلِك، إِلَّا أَن يبين وَقت الاتخاذ أَنه عَارِية لَهُ، لِأَن الْمُعْتَبر فِي هَذَا الْبَاب هُوَ الْمُتَعَارف، وَفِي الْمُتَعَارف إِنَّمَا يُرِيدُونَ الصِّلَة وَالْبر، وَلَكِن العواري مُحْتَمل، فَإِن بَين صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَلِكَ لَو اتخذ لتلميذه ثيابًا، ثمَّ أبقى، فَأَرَادَ أَن يدْفع ذَلِك إِلَى غَيره، فَإِن أَرَادَ الِاحْتِيَاط يبين أَنه عَارِية، حَتَّى لَو أبق أمكنه الدّفع إِلَى تِلْمِيذه

ص: 349

مُتَوَلِّي الْوَقْف إِذا أجر دَار الْوَقْف بشرائط الصِّحَّة، ثمَّ مَاتَ قبل مُضِيّ مُدَّة الْإِجَارَة، لَا تبطل الْإِجَارَة، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْوَكِيل عَن الْفَقِير وبموت الْوَكِيل لَا يَنْفَسِخ عقد الْإِجَارَة.

رجل مَاتَ وَعَلِيهِ دين قد نَسيَه، أيؤاخذ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة؟

فَهَذَا على وَجْهَيْن: أما إِن كَانَ الدّين من جِهَة التِّجَارَة، أَو من جِهَة الْغَصْب.

فَفِي الْوَجْه الأول: يُرْجَى أَلا يُؤَاخذ، لِأَنَّهُ نَاس، وَقد رفع عَن الْأمة النسْيَان بِالْحَدِيثِ.

وَفِي الْوَجْه الثَّانِي: يُؤْخَذ لِأَنَّهُ فِي أَوله جَائِر.

ضرب الْحداد المطرقة على المحمى، فتطاير الشرار عَن الْحَدِيد، فَأحرق ثوبا أَو دَابَّة خَارج الْحَانُوت، فَعَلَيهِ قِيمَته.

وَإِن أتلف نفسا أَو عبدا فعلى عَاقِلَته.

وَإِن لم يتطاير من دقه، لَكِن احتملت الرّيح النَّار، فَهُوَ هدر.

هدم دَار نَفسه، فانهدم جِدَار غَيره، لَا يضمن.

مكارى حمل كرباس رجل، فَاسْتَقْبلهُ اللُّصُوص، وَطرح الكرباس، وهرب بحماره، فَأذْهب اللُّصُوص الكرباس، فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ، إِن كَانَ يعلم أَنه لَا يتَخَلَّص عَنْهُم بالحمار والكرباس، لِأَنَّهُ لَو حمله أَخذ مِنْهُ جملَة.

حَانُوت للقصارين، وفيهَا أَحْجَار لرجل يؤاجرها مِنْهُم بِأُجْرَة مَعْلُومَة، فجَاء رجل وَدخل فِيهِ، وَلم يشرط مَعَ صَاحبه شَيْئا.

إِن كَانَت الْعَادة فِيمَا بَينهم أَن من شَاءَ عمل عَلَيْهِ بِغَيْر شَرط، وَيُعْطِي الْأجر، تجب عَلَيْهِ الْأُجْرَة الْمَعْرُوفَة، لِأَن الْمَعْرُوف كالمشروط، وَإِن كَانَت الْعَادة أَنهم يستأجرون ويعملون، فَلَا يجب، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْغَاصِب.

ص: 350

لَا بَأْس بثقب أذن الطِّفْل من الْبَنَات، لأَنهم كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي زمن رَسُول الله -[صلى الله عليه وسلم]- من غير إِنْكَار. سكن دَارا معدة للغلة، أَو زرع أَرضًا معدة للِاسْتِغْلَال من غير اسْتِئْجَار، تجب الْأُجْرَة، وَبِه يُفْتى.

التَّأْقِيت فِي الشّركَة وَالْمُضَاربَة جَائِز، حَتَّى لَو قَالَ: مَا اشْتريت الْيَوْم فَهُوَ بَيْننَا، فَمَا اشْترى الْيَوْم فَهُوَ بَينهمَا، وَمَا اشْترى بعد الْيَوْم فَهُوَ للْمُشْتَرِي خَاصَّة.

قَالَ: اشركني فِيمَا اشْتريت، فَقَالَ: أَشْرَكتك فِيهِ، فَإِن كَانَ قبل الْقَبْض لم يجز.

وَإِن كَانَ بعده: جَازَ، وَلَزِمَه نصف الثّمن.

وَإِن لم يعلم بِالثّمن فَلهُ الْخِيَار إِذا علم.

قَالَ: إِن دللتني على ضالتي فلك كَذَا، فَمشى مَعَه ودله، فَلهُ الْأجر. وَلَو دله وَمَا مَشى مَعَه، لَا.

دفع بقرة على أَن يكون مَا حصل من الْوَلَد وَاللَّبن وَالسمن بَينهمَا، فَذَلِك كُله لصَاحب الْبَقَرَة، وَعَلِيهِ ثمن الْعلف، وَأجر مثل الْحَافِظ.

وعَلى هَذَا إِذا دفع دجَاجَة، فَالْحِيلَةُ فِي مثله: أَن يَبِيع نصف الْبَقَرَة وَنصف الدَّجَاجَة.

اشْترى حِنْطَة أَو شَعِيرًا، وَالْمَبِيع فِي ملك البَائِع، لَكِن لم يضف البيع إِلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ، وَلَا بَاعه بطرِيق السّلم، جَازَ، لِأَنَّهُ بَاعَ مَا يملك.

من ذبح وَجه إِنْسَان شَيْئا وَقت الخلعة وَمَا أشبه ذَلِك:

قيل: يكفر الذَّابِح، والمذبوح ميتَة.

ص: 351

قَالَ إِسْمَاعِيل الزَّاهِد: يكره أَشد الْكَرَاهَة، وَلَا يكفر، لأَنا لَا نسئ الظَّن بِالْمُؤمنِ إِنَّه يتَقرَّب إِلَى الْآدَمِيّ بِهَذَا النَّحْر.

روى أَن رجلا أهْدى إِلَى النَّبِي عليه السلام صيدا، فَقَالَ:" من أَيْن لَك هَذَا؟ " قَالَ: كنت رميته بالْأَمْس، وَكنت فِي طلبه حَتَّى حَال بيني وَبَينه ظلمَة اللَّيْل، ثمَّ وجدته الْيَوْم مَيتا، وَفِيه مزراقي - وَهُوَ الرمْح الصَّغِير أخف من العنزة - فَقَالَ: عليه السلام: " لَا أَدْرِي، لَعَلَّ الْهَوَام أعانك على قَتله، فَلَا حَاجَة لي فِيهِ ".

اسْتَأْجر رجل أَرض وقف ثَلَاث سِنِين بِأُجْرَة مَعْلُومَة - وَهِي أُجْرَة الْمثل - فَلَمَّا دخلت السّنة الثَّانِيَة، كثرت الرغبات، وَزَادُوا أُجْرَة الأَرْض، لَيْسَ للمتولي أَن ينْقض الْإِجَارَة لنُقْصَان أجر الْمثل، لِأَن أجر الْمثل يعْتَبر وَقت العقد، و [000] الْمُسَمّى أجر الْمثل.

وَلَو دفع ابْنه الصَّغِير إِلَى أستاذ ليعلمه حِرْفَة كَذَا فِي أَربع سِنِين، وَشرط على الْأَب أَنه إِن حَبسه عَنهُ قبل أَربع سِنِين، فللأستاذ عَلَيْهِ مائَة دِرْهَم، فحبسه بعد ثَلَاث سِنِين، لَا يُطَالِبهُ بِالْمِائَةِ، وَلَكِن يُطَالِبهُ بِأَجْر مثل تَعْلِيمه.

وَلَو دفع إِلَى رجل ثوبا، وَقَالَ: بِعْهُ بِعشْرَة، فَمَا زَاد فَهُوَ بيني وَبَيْنك، فَبَاعَهُ بأثني عشر درهما، فَلهُ مثله، لَا يُجَاوز بِهِ دِرْهَم، وَإِن بَاعه بِعشْرَة فَلَا أجر لَهُ.

ص: 352

وَقَالَ مُحَمَّد رحمه الله: لَهُ أجر الْمثل فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا بَالغا مَا بلغ.

وَلَو قَالَ: من أكل مَالِي فَهُوَ فِي حل، لَا بَأْس بِأَن يَأْكُل الْغَنِيّ وَالْفَقِير. غصب عينا، فحلله مَالِكه من كل حق هُوَ لَهُ قبله، قَالَ أَئِمَّة " بَلخ ": التَّحْلِيل يَقع على مَا هُوَ وَاجِب فِي الذِّمَّة، لَا على عين قَائِم.

اتخذ ضِيَافَة للختان، فأهدى النَّاس هَدَايَا، ووضعوها بَين يَدي الابْن، أَو دفعوها إِلَى الْوَالِد، أَو الوالدة، أَو كَانَ ذَلِك فِي عرس فدفعوها إِلَى الزَّوْج، أَو إِلَى الزَّوْجَة، أَو إِلَى أَب الزَّوْج، أَو أمه أَو أَب الزَّوْجَة أَو أمهَا.

فَمَا يصلح للصَّبِيّ يكون لَهُ، مثل ثِيَاب الصَّبِي أَو شَيْء يَسْتَعْمِلهُ الصَّبِي، وَكَذَلِكَ مَا يصلح للزَّوْجَة، أَو لحرفة الزَّوْج، فَمَا كَانَ من جِهَة أقَارِب الصَّبِي ومعارفه، فلأب الصَّبِي، وَمَا كَانَ من جِهَة أقَارِب أم الصَّبِي ومعارفها فلأم الصَّبِي.

إِن بعث شَيْئا لأجل تهنئة النِّكَاح، يرجع بِالْبَاقِي، دون التَّالِف.

جهز بنته، وَسلمهَا، لَيْسَ لَهُ فِي الِاسْتِحْسَان اسْتِرْدَاده مِنْهَا، وَعَلِيهِ الْفَتْوَى.

ص: 353

قَالَ الصَّدْر الشَّهِيد رحمه الله: الْمُخْتَار: أَن السَّائِل فِي الْمَسْجِد، إِذا كَانَ لَا يمر بَين يَدي الْمصلى، وَلَا يتخطى رِقَاب النَّاس، وَلَا يسْأَل إلحافا، وَيسْأل لأمر لَا بُد مِنْهُ، لَا بَأْس بالسؤال والإعطاء.

يَنْبَغِي أَن يكون الْهَدِيَّة لأجل ثَلَاثَة أَشْيَاء، كَمَا روى عَن أم سَلمَة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت:" إِنِّي لأهدي الْهَدِيَّة على ثَلَاثَة أوجه: هَدِيَّة مُكَافَأَة، وهدية أُرِيد بهَا وَجه الله تَعَالَى، وهدية أُرِيد بهَا إبْقَاء عرضي ".

قَالَ الله - تَعَالَى - لمُوسَى عليه السلام: " يَا مُوسَى، تحب أَن أستجيب دعاءك؟ قَالَ: نعم يَا رب، قَالَ: فرغ قَلْبك عَن الْحَرَام. يَا مُوسَى، تحب أَن أنظر إِلَيْك قَالَ: نعم يَا رب، قَالَ: بَادر حوائج السَّائِلين ومنافعهم. يَا مُوسَى، تحب أَن أغنيك عَن النَّاس وَالسُّؤَال؟ قَالَ: نعم يَا رب. قَالَ: أكْرم جَارك ".

وَقَالَ الْحُكَمَاء: الْإِنْسَان فِي الدُّنْيَا حَارِث، وَعَمله حرثه، ودنياه محرثه، وَوقت الْمَوْت وَقت حَصَاده، وَالْآخِرَة بيدره، وَلَا يحصد إِلَّا مَا يزرعه وَلَا يَكِيل إِلَّا مَا حصده، وَلِهَذَا قَالَ الله تَعَالَى:{من كَانَ يُرِيد حرث الْآخِرَة نزد لَهُ فِي حرثه وَمن كَانَ يُرِيد حرث الدُّنْيَا نؤته مِنْهَا وَمَاله فِي الْآخِرَة من نصيب} {الشورى: 20} .

ص: 354

فَمن عمل لآخرته بورك لَهُ فِي كَيْله، وَجعل لَهُ زَاد الْأَبَد، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَمن أَرَادَ الْآخِرَة وسعى لَهَا سعيها} (الْإِسْرَاء: 19) الْآيَة.

وَمن عمل لدنياه خَابَ سَعْيه، وَبَطل عمله، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى:{من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا وهم فِيهَا لَا يبخسون أُولَئِكَ الَّذين لَيْسَ لَهُم فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار وحبط مَا صَنَعُوا فِيهَا وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ} (هود 15، 16) فأعمال الدُّنْيَا كالدقل والحنظل، وَمثل أَعمال الْآخِرَة كالنخل وَالْكَرم.

ختم هَذَا الْكتاب بعون الله تَعَالَى وَحسن توفيقه مُؤَلفه الْفَقِير الْمُحْتَاج إِلَى رَحْمَة ربه الْغَنِيّ الْجَلِيل مَحْمُود بن الشَّيْخ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مِيكَائِيل بن خضر بن يُوسُف بن يَعْقُوب بن نور الدّين الخيربيتي عَفا الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ.

راجيا من الله - تَعَالَى - أَن يغْفر لنا ذنوبنا وَيسْتر عيوبنا، ويكشف كروبنا، وَيجْعَل لنا هديته التَّوْفِيق، وهدايته الرفيق، إِنَّه على مَا يَشَاء قدير، وبالإجابة جدير.

ثمَّ الْمَذْكُور فِي هَذَا الْكتاب على أَنْوَاع:

مَا يتَعَلَّق بِالْقُرْآنِ: فَهُوَ مَأْخُوذ من تَفْسِير " معالم التَّنْزِيل "، وَمن تَفْسِير " زَاد الْمسير "، وَمن تَفْسِير أبي اللَّيْث السَّمرقَنْدِي، تغمدهم الله بغفرانه.

وَمَا يتَعَلَّق بالمسائل الشَّرْعِيَّة: فَهُوَ مَأْخُوذ من الْفَتَاوَى الْكُبْرَى للْبُخَارِيّ، وَمن فَتَاوَى " الْوَاقِعَات "، وَمن فَتَاوَى " الْمنية "، وَمن فَتَاوَى " الْمُلْتَقط ".

وَمَا يتَعَلَّق بالملوك والسلاطين والأمراء، فَهُوَ مَأْخُوذ من الْأَحَادِيث المسندات، والْآثَار المرويات، وَمن كتاب " إحْيَاء عُلُوم الدّين "، والتواريخ الْمُعْتَمد عَلَيْهَا، رَحْمَة الله على مصنفيهم أَجْمَعِينَ.

ص: 355

وَالْحَمْد لله الْملك السَّلَام، الْمُهَيْمِن العلام، شَارِع الْأَحْكَام، ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام، الَّذِي أكرمنا بدين الْإِسْلَام، وَمن علينا بنبينا مُحَمَّد عَلَيْهِ أفضل التَّحِيَّات وَالسَّلَام، وأنعم علينا بِكِتَابَة الْفرق بَين الْحَلَال وَالْحرَام، وَالصَّلَاة على حَبِيبه وَخيرته من خلقه مُحَمَّد سيد الْأَنَام، عدد سَاعَات اللَّيَالِي وَالْأَيَّام، وعَلى آله وَأَصْحَابه نُجُوم الظلام، وعَلى جَمِيع الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَالْمَلَائِكَة البررة الْكِرَام.

[فِي غرَّة ذِي الْحجَّة حجَّة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَالله أعلم، وَمِنْه الْعِصْمَة والتوفيق] .

ص: 356