الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَة
رجل لَا يحل لَهُ الصَّدَقَة، فَالْأَفْضَل أَلا يقبل جَائِزَة السُّلْطَان، لِأَنَّهَا تشبه الصَّدَقَة وَلَا يحل لَهُ قبُول الصَّدَقَة، فَكَذَا مَا يشبه الصَّدَقَة، وَهَذَا إِذا أدّى من بَيت المَال.
وَأما إِذا أدّى من مَال موروث لَهُ، جَازَ، لِأَنَّهُ لَا يشبه الصَّدَقَة.
أما إِذا كَانَ فَقِيرا، فَإِن كَانَ السُّلْطَان لَا يَأْخُذ ذَلِك غصبا من النَّاس، يحل لَهُ، لِأَنَّهُ يحل الصَّدَقَة حَقِيقَة، فَهَذَا أولى.
وَإِن كَانَ يَأْخُذ غصبا، فَإِن كَانَ لَا يخلط بِدَرَاهِم أُخْرَى، لَا يحل لَهُ الْأَخْذ، لِأَنَّهُ دفع ملك الْغَيْر.
وَإِن كَانَ يخلط، لَا بَأْس بِهِ، لِأَنَّهُ صَار ملكا لَهُ فِي قَول أبي حنيفَة رحمه الله، حَتَّى وَجب عَلَيْهِ الْحَج وَالزَّكَاة، وَيُورث عَنهُ، وَقَوله: أرْفق بِالنَّاسِ، إِذْ قل مَال لَا يَخْلُو من الْغَصْب.
مَسْأَلَة
رجل دخل على السُّلْطَان، فَقدم إِلَيْهِ شَيْئا من الْمَأْكُول، فَهَذَا على ثَلَاثَة أوجه: إِمَّا أَن اشْتَرَاهُ بِالثّمن، أَو لم يشتره، وَهَذَا الرجل لَا يعلم أَنه من الْمَغْصُوب، أَو يعلم.
فَفِي الْوَجْه الأول وَالثَّانِي حل لَهُ أكلهَا.
أما الأول: فَلِأَن العقد لم يَقع على الثّمن الْمشَار إِلَيْهِ، فَلَا يتَمَكَّن الْخبث فِي نفس الْمَبِيع.
وَأما الثَّانِي: فَلِأَن الْأَشْيَاء على أصل الْإِبَاحَة، إِن لم يتَبَيَّن دَلِيل الْحُرْمَة.
وَأما الثَّالِث: فَحَرَام، لِأَنَّهُ على حرمته.
وَلَو أَن السُّلْطَان الجائر أَخذ الصَّدقَات:
من الْمُتَأَخِّرين من قَالَ: إِن نوى الْمُؤَدِّي عِنْد الْأَدَاء إِلَيْهِ الصَّدَقَة عَلَيْهِ، لَا يُؤمر بِالْأَدَاءِ ثَانِيًا، لأَنهم فُقَرَاء حَقِيقَة.
وَمِنْهُم من قَالَ: الْأَحْوَط أَن يُفْتى بِالْأَدَاءِ ثَانِيًا، كَمَا لَو ينْو لعدم لعدم الِاخْتِيَار الصَّحِيح.
وَأما إِذا لم ينْو:
مِنْهُم من قَالَ: يُفْتِي أَرْبَاب الصَّدقَات بِالْأَدَاءِ ثَانِيًا بَينهم، وَبَين الله تَعَالَى، لِأَنَّهُ لَا يوضع موضعهَا.
وَقَالَ الْفَقِيه أَو جَعْفَر رحمه الله: لَا يُؤمر، لِأَن أَخذ السُّلْطَان مِنْهُم قد صَحَّ، لِأَن ولَايَة الْأَخْذ للسُّلْطَان، فَسقط عَن أَرْبَاب الصَّدقَات، فَبعد ذَلِك إِن لم يضع السُّلْطَان موضعهَا، لَا يبطل بَينهم وَبَين الله تَعَالَى أَخذه عَنْهُم، وَبِه يُفْتِي. وَهَذَا فِي صدقَات الْأَمْوَال الظَّاهِرَة.
أما إِذا أَخذ السُّلْطَان من النَّاس أَمْوَالًا مصادرة، فنووا هَذَا أَدَاء الزَّكَاة إِلَيْهِ، فعلى قَول أُولَئِكَ الْمَشَايِخ يجوز.
وَالصَّحِيح: أَنه لَا يجوز، وَبِه يُفْتِي، لِأَنَّهُ لَيْسَ للطَّالِب ولَايَة الْأَخْذ فِي الْأَمْوَال الْبَاطِنَة، وَبِه نَأْخُذ.
جَاءَ إِلَيّ رجلَيْنِ من أعوان السُّلْطَان، فَأقر عِنْدهمَا أَن لفُلَان على دين كَذَا، وَفُلَان من أنَاس السُّلْطَان، ثمَّ طلب مِنْهُمَا الشَّهَادَة على إِقْرَار هَذَا الْمقر، وَالْمقر يزْعم: أَنِّي إِنَّمَا أَقرَرت خوفًا من الْمقر لَهُ، فَإِن الشَّاهِدين يبحثان عَن هَذَا الْأَمر، فَإِن وَقعا على أَمر فِيهِ خوف، أَو إِكْرَاه امتنعا عَن الشَّهَادَة، لِأَن قَوْله تأيد بمؤيد، وَإِن لم يقعا على ذَلِك، يَشْهَدَانِ على إِقْرَاره، ويخبران القَاضِي أَنه أقرّ وَمَعَهُ أعوان السُّلْطَان، حَتَّى يتأهل القَاضِي قَول الآخر.
وَيقبل شَهَادَة عَامل السُّلْطَان الَّذِي يَأْخُذ الْحُقُوق كالخراج والجزية وَنَحْوهمَا، لِأَن الْعَمَل لَيْسَ بفسق، وَلِهَذَا كَانَ أكَابِر الصَّحَابَة عمالا.
وَفِي " الْكَافِي ": كَانَ هَذَا فِي زمانهم، وَفِي زَمَاننَا لَا تقبل شَهَادَة الْعمَّال، لغَلَبَة ظلمهم.
وَفِي " النِّهَايَة ": لَا تقبل شَهَادَة من يبخل بالواجبات، كَالزَّكَاةِ، وَنَفَقَة الْأَقَارِب، والزوجات.