الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن كَانَ صبغه قبل الْجُحُود يجب الْأجر، لِأَنَّهُ صبغها حَال قيام الْإِجَارَة بَينهمَا، وَأَن كَانَ صبغه بعد الْجُحُود، فَصَاحب الثَّوْب بِالْخِيَارِ، إِن شَاءَ أَخذ الثَّوْب، وَأَعْطَاهُ مَا زَاد الصَّبْغ فِيهِ، وَإِن شَاءَ تَركه عَلَيْهِ، وَضَمنَهُ قيمَة ثوب أَبيض، لِأَن عقد الْإِجَارَة بَينهمَا قد انْفَسَخ بالجحود، فَصَارَ كمن صبغ ثوب غَيره بِغَيْر إِذْنه، فَالْحكم فِيهِ مَعْلُوم.
وَإِذا استفتى عَمَّن اسْتَأْجر رجلا ليحمل لَهُ حملا إِلَى مَوضِع مَعْلُوم، فَحمل إِلَى نصف الطَّرِيق ثمَّ تَركه الْمُقدر، كم يجب من الْأجر؟ إِن قَالَ: نصفه، أَو أقل، أَو أَكثر، فقد أَخطَأ.
وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن كَانَ الطَّرِيق كُله مستويا لم يكن فِي أحد النصفين شَيْء من ذَلِك، يقسم الْأجر على كل وَاحِد من النصفين، فَيلْزمهُ حِصَّة مَا حمل.
وَعَن أبي يُوسُف رحمه الله أَنه يقسم على صعوبة الطَّرِيق وسهولته.
فصل فِي مسَائِل شَتَّى
أجر دَابَّة إِلَى مَوضِع مَعْلُوم بأَرْبعَة دَرَاهِم على أَن يرجع فِي يَوْمه ذَلِك، فَرجع بعد خَمْسَة أَيَّام، قَالَ: عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ، لِأَنَّهُ خَالف فِي الرُّجُوع، فَعَلَيهِ أجر الذّهاب خَاصَّة.
وَإِذا استفتى عَن امْرَأَة وَجب قبلهَا حق لأحد، فَطلب إحضارها مجْلِس الحكم، وَهِي تأبى، هَل يُؤمر بإحضارها؟ فَإِن قَالَ: نعم، أَو لَا فقد أَخطَأ.
وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن ثَبت خُرُوجهَا إِلَى الْحمام، وَلم تكن مَرِيضَة، وَلَا نفسَاء، فَلَا بُد وَأَن تحضر بَاب الحكم إِذا تَوَجَّهت عَلَيْهَا الْيَمين، وَإِن كَانَت عفيفة لَا تخرج من بَيتهَا، يبْعَث إِلَيْهَا من يحلفها فِي مثواها وَلَا تخرج.
وَذكر أَبُو يُوسُف رحمه الله أَن الْمَرْأَة تحلف فِي منزلهَا، من غير فصل.
وَإِذا استفتى عَمَّن ادّعى دَارا فِي يَد آخر، وَأقَام الْبَيِّنَة أَن الدَّار لَهُ، وَأقَام رجل آخر الْبَيِّنَة أَن الْبناء لَهُ، فَإِن أجَاب أَن الْبَيِّنَة مدعي الدَّار، أَو بَيِّنَة مدعي الْبناء، أَو يُؤْخَذ بالبينتين، فقد أَخطَأ.
وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: يسْأَل القَاضِي شُهُود الدَّار كَيفَ يشْهدُونَ، فَإِن قَالُوا: نشْهد أَن الدَّار وَالْبناء كُله لهَذَا، فَإِن الأَرْض لَهُ، وَالْبناء بَينهمَا، لِأَن الْبَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا فِي حق الْبناء دون الدَّار، فَعمل بهَا بِقدر الْإِمْكَان، وَإِن قَالُوا: الأَرْض لَهُ وَلَا نَدْرِي لمن الْبناء، قضى لَهُ بِالْأَرْضِ، وَالْبناء لآخر، لِأَنَّهُ لَا تعَارض بَين الْبَيِّنَتَيْنِ هُنَا أصلا، فَعمل بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا من كل وَجه.
وَإِذا استفتى عَن رجل سرق من رجلَيْنِ عشرَة دَرَاهِم، أَو من عشرَة أنفس من كل وَاحِد درهما، هَل يقطع؟ فَإِن أجَاب بِلَا، أَو بنعم ن فقد أَخطَأ.
وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن سرق من بَيت وَاحِد، بدفعة وَاحِدَة، فجَاء واكلهم وَادعوا يقطع. هَذِه الرِّوَايَة عَن مُحَمَّد بن الْحسن رحمه الله.
وَإِذا استفتى عَن نهر غصبه غَاصِب، هَل يجوز لمن علم بِالْغَصْبِ أَن يتَوَضَّأ مِنْهُ؟ فَإِن قَالَ: نعم، أَو لَا، فقد أَخطَأ.
وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن كَانَ النَّهر بعد فِي مَوْضِعه، لَا يكره أَن يتَوَضَّأ أَو يشرب مِنْهُ. وَلم يظْهر الْغَصْب فِي حق الْمُتَوَضِّئ والشارب بإجراء المَاء.
قَالَ أَبُو اللَّيْث رحمه الله: هَذَا جَوَاب الْمَشَايِخ، وَلم يذكر عَن الْمُتَقَدِّمين.
وَإِذا استفتى عَمَّن أَخذ أتان رجل من الْجَبانَة بِغَيْر إِذن صَاحبه، فَاسْتَعْملهُ، ثمَّ رده إِلَى الْجَبانَة، وَكَانَ مَعَ الْحمار جحش، فَأكل الذِّئْب الجحش، هَل يضمن؟ وَإِنَّمَا اسْتعْمل الأتان خَاصَّة؟
فَالْجَوَاب فِيهِ: أَنه إِن لم يتَعَرَّض للجحش شَيْء، غير أَنه سَاق الْأُم وانساق الجحش مَعهَا ذَاهِبًا وجائيا، فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ. وَإِن كَانَ سَاق الجحش أَيْضا، فَهُوَ ضَامِن قيمَة الجحش، هَكَذَا ذكر هَاهُنَا، وَفِيه نظر. فَإِنَّهُ لم يفعل فِي الجحش على سَبِيل الْمُبَاشرَة، لكنه مسبب مُتَعَدٍّ، وَهَذَا لِأَن سوق الجحش وَنَحْوه لَا
يكون إِلَّا على هَذَا الْوَجْه، لِأَنَّهُ لَا ينساق سوقه مَقْصُودا، وغصب كل شَيْء وسوقه مَا يَلِيق بِحَالهِ.
قَالَ أستاذنا رحمه الله: يَنْبَغِي أَن يضمن قيمَة الجحش هُنَا، لِأَنَّهُ صَار غَاصبا وَإِن لم يفعل فِيهِ فعلا، أَلا ترى أَنهم قَالُوا: إِذا غصب عجولا، فاستهلكه حَتَّى يبس لبن أمه، يضمن قيمَة عجوله وَمَا نقص من الْبَقَرَة.
قلت: هَذَا وَإِن كَانَ فِيهِ نظر لما ذكر، إِلَّا أَنه ذكر الناطفي رحمه الله فِي واقعاته: أَن من أَرَادَ سقِِي زرعه، فَمنع المَاء غَيره حَتَّى يبس الزَّرْع، لَا يضمن مَانع المَاء.
فَيَنْبَغِي أَلا يضمن غَاصِب العجول نُقْصَان الْبَقَرَة هَا هُنَا أَيْضا، كَيفَ لَو كَانَ ذَلِك؟ فَالْفرق بَينهمَا وَاضح لِأَن الضَّمَان ضَمَان الْهَلَاك، وهلاك جُزْء من الْبَقَرَة مُضَاف إِلَى غَاصِب العجول، لِأَنَّهُ لم يُوجد فعل آخر يُمكن إِضَافَته إِلَيْهِ، وَلَا كَذَلِك فِي مَسْأَلَة الجحش لما ذكر أَنه لَا ينساق إِلَّا بسوق الْأُم، فَصَارَ سائق الْأُم سائق الجحش أَيْضا، فَيضمنهُ.
وَإِذا استفتى عَمَّن ضرب بطن شَاة أَو بقرة لرجل، فَأَلْقَت جَنِينا مَيتا، هَل يجب الضَّمَان عَلَيْهِ؟ فَإِن أجَاب بنعم، أَو بِلَا، فقد أَخطَأ.
وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن لم تنتقص الشَّاة وَالْبَقَرَة لَا شَيْء فِي الْجَنِين، وَإِن انتقصت ضمن النُّقْصَان، وَهِي بِخِلَاف الْجَارِيَة.
ذكر الطَّحَاوِيّ هَذِه الْمَسْأَلَة فِي مُخْتَلف الحَدِيث، فِيمَن ضرب بطن جَارِيَة مَمْلُوكَة، فَأَلْقَت جَنِينا مَيتا أَن عَلَيْهِ نُقْصَان الْأمة.
وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين: يلْزمه عشر قيمَة الْأُم.
أما الْغرَّة فوجوبها فِي جَنِين الْحرَّة، هَكَذَا ذكر الْجَواب هَا هُنَا فِي جَنِين الْأمة عَن مُخْتَلف الحَدِيث. وَهُوَ رِوَايَة عَن أبي يُوسُف رحمه الله وَظَاهر الْجَواب عشر الْقيمَة، وَهِي مَعْرُوفَة.
وَإِذا استفتى عَمَّن أوصى بِأَن يُعْطي فلَان عشر نعاج من أغنامه وأغنامه حبالى فَولدت بعد ذَلِك، أيعطي مَعَ أَوْلَادهنَّ؟ فَإِن قَالَ: لَا، أَو نعم، فقد أَخطَأ.
يَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن كَانَت النعاج بِغَيْر أعيانها كَانَ الِاخْتِيَار للْوَرَثَة، يختارون مَا شَاءُوا، ويعطون إِلَيْهِ بِغَيْر أَوْلَاد، لِأَن مَحل حَقه إِنَّمَا يتَعَيَّن بِاخْتِيَار الْوَرَثَة، فَصَارَ كَأَن الْملك ثَبت فِيهِ حَالَة الِاخْتِيَار، وَحَالَة الِاخْتِيَار الْوَلَد مُنْفَصِلَة، فَلَا يسْتَحق اسْتِحْقَاق الْأُم، كَمَا لَو بَاعَ الْأُم لَا تدخل الْأَوْلَاد الْمُنْفَصِلَة فِي البيع، كَذَا هَذَا.
وَإِن كَانَت النعاج بِأَعْيَانِهَا، فَهِيَ مَعَ أَوْلَادهَا إِن كَانَت تخرج من الثُّلُث، لِأَن مَحل الْوَصِيَّة معِين، فَثَبت ملك الْمُوصى لَهُ عِنْد الْمَوْت، من غير توقف على اختيارهم، وَالْولد مُتَّصِل بِالْأُمِّ حِينَئِذٍ، فَاسْتحقَّ بِاسْتِحْقَاق الْأُم، كمن بَاعَ الْأُم والجنين فِي بَطنهَا، يدْخل تَحت البيع هَكَذَا هُنَا.
وَإِذا سُئِلَ عَمَّن تزوج أم ولد إِنْسَان بِغَيْر إِذن مَوْلَاهَا، ثمَّ أعتقت أَيجوزُ النِّكَاح أم لَا؟ فَإِن قَالَ: نعم، أَو لَا، فقد أَخطَأ.
وَلَكِن يفصل فَيَقُول: إِن دخل بهَا الزَّوْج قبل إِعْتَاق الْمولى، جَازَ، لِأَنَّهُ لم يجب عَلَيْهَا الْعدة.
وَإِن لم يدْخل، لم يجز، لِأَنَّهُ وَجَبت عَلَيْهَا الْعدة من الْمولى حِين أعْتقهَا، فَلَا ينفذ النِّكَاح فِي الْعدة.
وَإِذا سُئِلَ عَمَّن بَاعَ عَبْدَيْنِ: أَحدهمَا لَهُ، وَالْآخر لغيره صَفْقَة وَاحِدَة، بِغَيْر إِذن الْغَيْر، أَيجوزُ البيع أم لَا؟ وَهل للْمُشْتَرِي الْخِيَار أم لَا؟ فَإِن قَالَ: لَا، أَو نعم، فقد أَخطَأ.
وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن أجَاز الْمولى الآخر: جَازَ البيع فيهمَا.
وَإِن لم يجز: فَإِن كَانَ المُشْتَرِي علم وَقت الشِّرَاء بذلك، لزمَه البيع فِي الْوَاحِد بِحِصَّتِهِ. وَإِن لم يعلم بذلك إِلَّا بعد البيع، إِن علم قبل الْقَبْض، فَلهُ أَن ينْقض البيع، وَإِن علم بعد قبضهما لزمَه عبد البَائِع بِحِصَّتِهِ.
وَإِذا سُئِلَ عَن رجل تزوج بخالة خَالَته، يَنْبَغِي أَن يُقَال: إِن كَانَت الْخَالَة لأمه، أَو لِأَبِيهِ وَأمه، لم يجز.
وَإِن كَانَت لِأَبِيهِ، جَازَ، لِأَنَّهُ لَا قرَابَة بَينهمَا.
وَلَو سُئِلَ عَمَّن تزوج بعمة عمته، يُقَال لَهُ: إِن كَانَت الْعمة لِأَبِيهِ أَو لِأَبِيهِ وَأمه، لم يجز. وَإِن كَانَت لأمه جَازَ.
وَإِذا سُئِلَ عَن رجل زوج أمه وأختيه من آخر فِي عقدَة، وَأفْتى الْفُقَهَاء بِالْجَوَازِ، كَيفَ يكون؟ يَقُول: صورتهَا: جَارِيَة بَين اثْنَيْنِ جَاءَت بِولد، فادعياه، فَهُوَ ابنهما، فَإِن كبر الْغُلَام، وَله أُخْت من هَذَا الْأَب، وَأُخْت من هَذَا الْأَب، كلتاهما من غير أمه، فزوج الْأُخْتَيْنِ وَالأُم من رجل وَاحِد بعد موت أَبِيه، حكم بِالْجَوَازِ، لِأَنَّهُ لَا قرَابَة بَينهُنَّ.
وَإِذا سُئِلَ عَن رجل خرج تَاجِرًا، وَترك امْرَأَته فِي الْمنزل، فورد عَلَيْهِ كتاب امْرَأَته أَنِّي قد تزوجت آخر، فَابْعَثْ إِلَى كل شهر شَيْئا للنَّفَقَة، كَيفَ تكون هَذِه الْمَسْأَلَة؟ قل: هَذَا رجل كَانَت امْرَأَته بِنْتا لمَوْلَاهُ، فَمَاتَ مَوْلَاهُ، فورثته، وَبَطل النِّكَاح، فَكتبت إِلَيْهِ، وَهُوَ عَبدهَا: أَن ابْعَثْ إِلَى النَّفَقَة. وَالله أعلم