الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ الشَّافِعِي رحمه الله: الْوَالِي لَيْسَ بِشَرْط، اعْتِبَارا بِسَائِر الصَّلَوَات.
وَلنَا قَوْله عليه السلام: " من ترك الْجُمُعَة - وَله إِمَام جَائِر أَو عَادل - لَا جمع الله شَمله ". شَرط فِيهِ أَن يكون لَهُ إِمَام.
شَرط الْجمع بَين صَلَاة الظّهْر وَصَلَاة الْعَصْر فِي عَرَفَة اثْنَان: الْجَمَاعَة، وَالْإِمَام الْأَكْبَر - وَهُوَ السُّلْطَان - عِنْد أبي حنيفَة رحمه الله، خلافًا لَهما.
صَلَاة الْجُمُعَة خلف المتغلب الَّذِي لَا عهد لَهُ - أَي لَا منشور لَهُ - من الْخَلِيفَة تجوز إِن كَانَت سيرته فِي الدّين عَلَيْهِم سيرة الْأُمَرَاء، يحكم بَين رَعيته بِحكم الْولَايَة، لِأَن بِهَذَا تثبت الْإِمَامَة فَيتَحَقَّق الشَّرْط.
إِذا افْتتح الإِمَام الْجُمُعَة، ثمَّ حضر وَال آخر، يمْضِي على صلَاته، لِأَن افتتاحه قد صَحَّ، فَصَارَ كَرجل أمره الإِمَام أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْجُمُعَة، ثمَّ حجر عَلَيْهِ، إِن حجر عَلَيْهِ قبل الدُّخُول عمل حجره، وَإِن حجر عَلَيْهِ بعد الدُّخُول لَا، ويمضي على صلَاته، كَذَا هَذَا.
مَسْأَلَة
وَإِلَى مصر مَاتَ، وَلم يبلغ مَوته الْخَلِيفَة حَتَّى مَضَت لَهُم جمع، فَإِن صلى بهم خَليفَة الْمَيِّت، أَو صَاحب شرطة، أَو القَاضِي، جَازَ، لِأَنَّهُ فوض إِلَيْهِم أَمر الْعَامَّة، وَلَو اجْتمع الْعَامَّة على أَن يقدموا رجلا لم يَأْمُرهُ القَاضِي، وَلَا خَليفَة الْمَيِّت، لم يجز، وَلم يكن لَهُم الْجُمُعَة، لِأَنَّهُ لم يُفَوض إِلَيْهِم أُمُورهم، إِلَّا إِذا لم يكن ثمَّة قَاض، وَلَا خَليفَة الْمَيِّت، بِأَن كَانَ الْكل هُوَ الْمَيِّت، فَالْآن جَازَ للضَّرُورَة.
أَلا ترى أَن عليا رضي الله عنه صلى بِالنَّاسِ، وَعُثْمَان رضي الله عنه مَحْصُور، لِأَنَّهُ اجْتمع النَّاس على عَليّ رضي الله عنه.
وَلَو مَاتَ الْخَلِيفَة، وَله وُلَاة وأمراء على الْأَشْيَاء من أُمُور الْمُسلمين، كَانُوا على ولايتهم، يُقِيمُونَ الْجمع، لأَنهم أقِيمُوا لأمور الْمُسلمين، فهم على حَالهم مَا لم يعزلوا.
وَمن شَرَائِط الْجُمُعَة الْمصر أَو فناؤه، حد الْمصر ذكر قبل، أما فنَاء الْمصر: وَهُوَ مَا أعد لحوائج الْمصر، من ركض الْخَيل، وَالْخُرُوج للرمي، وَنَحْوهمَا.
وَفِي " الْخَانِية ": لَا بُد أَن يكون فنَاء الْمصر مُتَّصِلا بِالْمِصْرِ، حَتَّى لَو كَانَ بَينه وَبَين الْمصر فُرْجَة من الْمزَارِع والمراعي لَا يكون فنَاء لَهُ.
وَمِقْدَار الفناء عِنْد مُحَمَّد رحمه الله: أَرْبَعمِائَة ذِرَاع، وَعَن أبي يُوسُف رحمه الله: ميلان.
وفناء الْمصر فِي حكم الْمصر فِي حق إِقَامَة صَلَاة الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ، لِأَنَّهُمَا من حوائج أهل الْمصر، فَألْحق بِالْمِصْرِ فِي حق أَدَاء الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ، بِخِلَاف الْمُسَافِر إِذا خرج عَن عمرَان الْمصر حَيْثُ يقصر الصَّلَاة، لِأَن قصر الصَّلَاة لَيْسَ من حوائج أهل الْمصر، فَلَا يلْحق الفناء بِالْمِصْرِ فِي حق هَذَا الحكم.
وَفِي " الْمُحِيط ": " الْقَرَوِي إِذا دخل الْمصر، وَنوى أَن يمْكث يَوْم الْجُمُعَة يلْزمه الْجُمُعَة، لِأَنَّهُ صَار كواحد من أهل الْمصر، وَإِن نوى أَن يخرج فِي يَوْمه وَذَلِكَ قبل دُخُول وَقت الصَّلَاة أَو بعده لَا يلْزمه.
وَأهل الْقرْيَة إِذا اجْتَمعُوا على ترك الْوتر، أدبهم الإِمَام وحبسهم، فَإِن لم يمتنعوا يقاتلهم.
وَإِذا امْتَنعُوا عَن أَدَاء السّنَن، فجواب أَئِمَّة " بُخَارى ": أَن الإِمَام يقاتلهم، كَمَا يقاتلهم على ترك الْفَرَائِض، لما روى عَن عبد الله بن الْمُبَارك رحمه الله أَنه قَالَ:" لَو أَن أهل بَلْدَة أَنْكَرُوا سنة السِّوَاك، يقاتلهم الإِمَام كَمَا يُقَاتل أهل الرِّدَّة ".