المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقف الضيخ من السمع والطاعة لولي الأمر - الدعوة الإصلاحية في بلاد نجد على يد الإمام محمد بن عبد الوهاب وأعلامها من بعده

[عبد الله المطوع]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل التمهيدي

- ‌المقصود بالدعوة الإصلاحية في الجزيرة العربية

- ‌ أهداف الحديث عن الدعوة الإصلاحية ودراستها:

- ‌تعريف الدعوة إلى الله تعالى:

- ‌ أهمية الدعوة إلى الله وفضلها

- ‌ منهج السلف الصالح في الدعوة إلى الله

- ‌الفصل الأول: أحوال العالم الإسلامي قبل الدعوة الإصلاحية

- ‌أولا: حال العالم الإسلامي في القرن الثاني عشر الهجري

- ‌ثانيا: أحوال الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر قبل الدعوة

- ‌الفصل الثاني: التعريف بالشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌ نسبه وأسرته:

- ‌مولد الشيخ ونشأته:

- ‌ صفاته:

- ‌ رحلاته العلمية وشيوخه:

- ‌العوامل الرئيسية التي ساهمة في بناء شخصية الشيخ العلمية والدعوية

- ‌ تلاميذ الشيخ:

- ‌ مؤلفات الشيخ:

- ‌وفات الشيخ

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌الفصل الثالث عقيدة الشيخ ومنهجه في الدعوة

- ‌تمهيد:

- ‌ منهج الشيخ في التوحيد

- ‌ أصول منهجه في الاستدلال

- ‌موقفه من الصحابة الكرام ومن أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين

- ‌ موقف الشيخ من كرامات الأولياء

- ‌موقف الضيخ من السمع والطاعة لولي الأمر

- ‌ منهجه في قضية التكفير والقتال

- ‌ موقفه من التقليد والاجتهاد

- ‌ رفض الشيخ لمناهج الجاهلية وفضحه لمسائلها

- ‌ منهجه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌ أهداف دعوة الشيخ وأبرز إصلاحاتها

- ‌ مراحل دعوة الشيخ

- ‌الفصل الرابع: مناصروا الدعوة الإصلاحية

- ‌التمهيد

- ‌مناصروا الدعوة والاصلاح من الحكام والولاة (حكام الدولة السعودية الأولى)

- ‌مناصروا الدعوة والاصلاح من الحكام والولاة (حكام الدولة السعودية الثانية)

- ‌مناصروا الدعوة والاصلاح من الحكام والولاة (حكام الدولة السعودية الثالثة)

- ‌مناصروا الدعوة الإصلاحية من العلماء والدعاة

- ‌الفصل الخامس: خصائص وآثار الدعوة

- ‌خصائص الدعوة الإصلاحية

- ‌ آثار الدعوة الإصلاحية في الجزيرة العربية

- ‌ آثار الدعوة الإصلاحية خارج الجزيرة العربية

- ‌الفصل السادس:‌‌ الخاتمة

- ‌ الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌موقف الضيخ من السمع والطاعة لولي الأمر

‌موقف الضيخ من السمع والطاعة لولي الأمر

5ـ موقف الشيخ من السمع والطاعة لولي الأمر

تعد هذه المسألة من مسائل العقيدة التي اهتم بها علماء الشريعة وذلك لآثارها الكبيرة على الناس جميعا، وقبل توضيح موقف الشيخ في هذه المسألة نبين موقف أهل السنة والجماعة فيها، وهو ما يلخصه الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله بقوله:" ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله تعالى فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة.."1.

ويقول شارح الطحاوية الإمام ابن أبي العز رحمه الله: "..دل الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولي الأمر ما لم يأمروا بمعصية.."2 ثم يقول: "..وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا فلأنه يترتب على الخروج عن طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعة الأجور، فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا والجزاء من جنس العمل

قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ

1 شرح العقيدة الطحاوية، ص540.

2 المرجع السابق، ص 542.

ص: 125

أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم فليتركوا الظلم"1.

ويقول الموفق ابن قدامة رحمه الله: " ومن السنة السمع والطاعة لأئمة المسلمين وأمراء المؤمنين برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية، فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، أو غلبهم بسيفه حتى صار خليفة، وسمي أمير المؤمنين2وجبت طاعته وحرمت مخالفته والخروج عليه وشق عصا المسلمين"3.

فموقف أهل السنة من الإمامة والسمع والطاعة لولي الأمر يتمثل في:

1ـ طاعة الإمام المسلم في المعروف.

2ـ طاعة الإمام المسلم في المعروف.

3ـ عدم الخروج عليه وإن جار وإن ظلم.

4ـ لا يسوغ الخروج على الحاكم إلا بشرطين مجتمعين:

أـ وجود الكفر البواح الذي لا يحتمل التأويل.

ب ـ وجود القدرة عند الأمة على التغيير.

1 المراجع السابق، ص 543.

2 يقول الشيخ عبد الله بن جبرين: " وليس من شرط ذلك تسميته بأمير المؤمنين، بل لو سمي خليفة أو سلطانا أو ملكا أو إماما صدق عليه أنه من الولاة المأمور بطاعتهم". التعليقات على متن لمعة الاعتقاد، ص183.

3 المرجع السابق، ص181.

ص: 126

5ـ مناصحتهم بالطريقة الشرعية، والدعاء لهم بالصلاح والاستقامة.

فهذه الأمور الخمسة عليها العمل عند علماء أهل السنة والجماعة، وكتبهم مليئة بالتأكيد عليها، ويستدلون في هذا على نصوص كثيرة من الكتاب والسنة منها:

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]، قال الإمام القرطبي رحمه الله:"هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع، لتجتمع به الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليفة، ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة..".

قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم..".

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله معلقا على هذا الحديث: " فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع؛ ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم، وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة

فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله، فإن التقرب إليه فيها بطاعته

تفسير القرطبي "الجامع لأحكام القرآن"، 1/251.

رواه أبو داود، في سننه، كتاب الجهاد، باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم، رقم: 2608، وصححه الألباني، صحيح سنن أبي داود، 2/125.

ص: 127

وطاعة رسوله من أفضل القربات

"1.

وتنعقد الولاية والإمارة شرعا بأحد الطرق الآتية:

الأول: ما لو نص صلى الله عليه وسلم على أن فلانا هو الإمام، فإنها تنعقد له بذلك، قال بعض العلماء: إن إمامة أبي بكر رضي الله عنه من هذا القبيل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدمه في إمامة الصلاة وهي أهم شيء، وفيه الإشارة إلى التقديم للإمامة الكبرى وهو ظاهر.

الثاني: هو اتفاق أهل الحل والعقد على بيعته، كما أجمع أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار على إمامة أبي بكر رضي الله عنه بعد الخلاف فيما بينهم، ولا عبرة بعدم رضى بعضهم، كما وقع من سعد بن عبادة رضي الله عنه من عدم قبوله بيعة أبي بكر رضي الله عنه.

الثالث: أن يعهد إليه الخليفة الذي قبله، كما وقع من أبي بكر لعمر رضي الله عنهما.

الرابع: أن يتغلب على الناس بسيفه وينزع الخلافة بالقوة حتى يتستتب له الأمر وتدين له الناس.

قال بعض العلماء: ومن هذا القيبل قيام عبد الملك بن مروان على عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وقتله إياه في مكة على يد الحجاج بن يوسف فاستتب الأمر له2.

1 السياسة الشرعية، ص191ـ 192.

2 انظر: أضواء البيان، الشيخ محمد الشنقيطي، 1/48.

ص: 128

ومن النصوص الشرعية التي تؤكد على السمع والطاعة لولاة الأمر:

قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] .

وقال عليه الصلاة والسلام: " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"1.

وقال عليه الصلاة والسلام: " من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا مات ميتة جاهلية"2.

وعن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعبونكم، قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدا من طاعة"3.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك

1 رواه البخاري، في كتاب الجهاد والسير، باب السمع والطاعة للإمام، رقم: 2735، ورواه أيضا في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، رقم: 6611، ورواه مسلم في كتاب الإمارة، باب طاعة الأمراء في غير معصية، رقم: 2423

2 رواه البخاري، في كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون بعدي أمورا تنكرونها، رقم: 6530، ورواه مسلم، في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين، رقم:3438.

3 رواه مسلم، في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، رقم:3447.

ص: 129

السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك" 1.

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: " دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان"2.

وقال عليه الصلاة والسلام: " الدين النصيحة، النصيحة، الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"3.

ويقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: " إني لأرى طاعة أمير المؤمنين في السر والعلانية، وفي عسري ويسري، ومنشطي ومكرهي، وأثرة علي، وإني لأدعو الله له بالتسديد والتوفيق، في الليل والنهار.."4.

وليسلك الناصح في نصيحته للولاة مذهب أهل السنة والجماعة ومنهجهم في ذلك، وهو أنهم: لا يرون التشهير بهم في المجامع العامة لما يوقع ذلك من الفتنة، وإنما يناصحهم في السر لئلا يهيج

1 رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، رقم:3419.

2 رواه البخاري، في كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم" سترون بعدي أمورا تنكرونها" رقم: 6532، رواه مسلم، في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، رقم:3427.

3 رواه مسلم، في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، رقم:82.

4 انظر: السنة للخلال، تحقيق: د. عطية الزهراني، 1/82ـ84، البداية والنهاية لابن كثير، 10/337.

ص: 130

الجموع ضدهم، ولعدم المصلحة في ذلك؛ لأن المراد هو إصلاحهم بهذه النصيحة ورجوعهم إلى الحق من خلالها، فلذلك لابد من إيصالها بالطرق المحببة للنفس باللين والرفق والسر، ويدل على هذا المنهج ما رواه عياض بن غنم الفهري رضي الله عنه بقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أراد أن ينصح لسلطان بأمر، فلا يبد له علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه، فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه له"1.

يقول الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في شرحه لحديث:"الدين النصيحة": " النصيحة لأئمة المسلمين: معاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وتذكيرهم به، وتنبيههم في رفق ولطف، ومجانبة الوثوب عليهم، والدعاء لهم بالتوفيق

" 2.

وبعد بيان منهج أهل السنة والجماعة في هذه القضية والنصوص الكريمة المؤيدة لهم، نأتي لذكر موقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذه المسألة، وقد بين موقفه هذا في رسالة سماها ستة

1 رواه الإمام أحمد، المسند، من حديث هشام بن حكيم بن حزام، رقم:15333، وقال الشيخ الأرناؤوط:"الحديث حسن لغيره"، 24/48-50.

2 جامع العلوم والحكم، ابن رجب الحنبلي، ص 79.

ص: 131

أصول عظيمة مفيدة جليلة حيث قال: " الأصل الثاني: أمر الله بالاجتماع في الدين ونهى عن التفرق.. إلى أن قال: الأصل الثالث: أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا ولو كان عبدا حبشيا، فبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا بيانا شائعا ذائعا بكل أنواع البيان شرعا وقدرا، ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم فكيف العمل به"1.

كما يؤكد الشيخ على هذا المعنى بأسلوب آخر، وذلك في رسالته الموسومة بمسائل الجاهلية حيث ذكر أن من أمور الجاهلية التي خالفهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مخالفة ولي الأمر وعدم طاعته، يقول الشيخ:"الثالثة: أن مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له عندهم فضيلة وبعضهم يجعله دينا، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وأمر بالصبر على جور الولاة وأمر بالسمع والطاعة والنصيحة لهم وغلط في ذلك وأبدى وأعاد"2.

ويوضح الشيخ موقفه في هذه المسألة أيضا بقوله: "وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه"3.

1 مجموع التوحيد، ص 275.

2 مسائل الجاهلية، ص11.

3 رسالة الشيخ إلى أهل القصيم، مؤلفات الشيخ:" الرسائل الشخصية"، ص11.

ص: 132

ويقول أيضا: " وأرى الجهاد ماضيا مع كل إمام برا أو فاجرا وصلاة الجماعة خلفهم جائزة"1.

وإذا كان هذا هو منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع ولاة الأمر وهذا هو موقف الشيخ الإمام من هذه القضية المهمة، فبه يمكن الرد على الفرية التي تقول: إن الشيخ لم يلتزم بمنهج أهل السنة تجاه التعامل مع الحاكم عملا وإن كان ملتزما به قولا، فهو قد خرج على الحاكم في ذلك الوقت وهو الخليفة، أو الحاكم العثماني ولم يعترف له ببيعة أو سلطة"2.

والجواب عن ذلك أن نقول:

1ـ تجمع المصادر التاريخية على أن منطقة نجد لم تكن ضمن مناطق النفوذ العثماني ولا وطأتها قدم حامية تركية قبيل الدعوة بل لم تعرها السلطة العثمانية أي اهتمام، وإنما كانت نجد مجموعة من الإمارات الصغيرة المتنافرة بالإضافة إلى الحالة السياسية والدينية السيئة التي كانت تعاني منها الدولة العثمانية في ذلك الوقت3.

1 المرجع السابق، بنفس الموضع.

2 انظر: تفصيلا لهذه الشبهة والرد عليها: دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، د. عبد العزيز العبد اللطيف، ص 233.

3 انظر: الصفحة 62ـ64 من هذا الكتاب.

ص: 133

2ـ ننظر في تعامل الشيخ مع القيادات السياسية الحاكمة في تلك البلاد، ففي حريملاء مثلا حينما قام بالدعوة بعد وفاة والده وتألب عليه بعض أهلها، خرج الشيخ منها دون أن ينازع أهلها في الأمر، ثم كان حاله كذلك مع عثمان بن معمر حاكم العيينة حينما ناصره أول الأمر، ثم بعد أن خذله، لم ينازعه الشيخ ولم يخاصمه سياسيا رغم وجود أنصار للشيخ في العيينة.

وهكذا كان حال الشيخ رحمه الله مع حكام الدرعية فقد حفظ لهم حقوقهم السياسية ومكانتهم الاجتماعية واستمر مؤيدا ومناصرا لآل سعود، وهكذا أئمة الدعوة بعده مع الحكام الشرعيين من آل سعود.

فهذا كله يدحض فرية خروج الشيخ على الحاكم والسلطان في ذلك الوقت، ويبين موقفه في هذه المسألة الموافقة لمنهج أهل السنة والجماعة كما تضح بيانه.

*****

ص: 134