الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8ـ
رفض الشيخ لمناهج الجاهلية وفضحه لمسائلها
?
يرى الشيخ رحمه الله أن لا غنى للمسلم عن معرفة أحوال أهل الجاهلية والحق لا يتبين إلا بمعرفة ضده في أحيان كثيرة، ومع ذلك فالشيخ لا يرتضي مناهج الجاهلية، ويحاربها أشد المحاربة في دعوته الإصلاحية المباركة، والتي هي في الأساس تقف موقف الضد لمناهج الجاهلية الباطلة.
والشيخ يرى أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل مستدلا بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116]، وقوله تعالى:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] .
يقول الشيخ رحمه الله: "القاعدة الرابعة: أن مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين؛ لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركو زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة قال تعالى:{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65] ، لذا نرى كثيرا ممن يعبد الأولياء
? تحدث عن هذه المسألة الدكتور مرشد في مذكرة الدعوة الإصلاحية للمستوى الثالث في كلية أصول الدين بالقصيم.
وأضرحة المشايخ والسادة يخلصون في الشرك بدعائهم والاستغاثة بهم في حال الشدة والرخاء، بل ربما أن بعضهم ليزداد في الشرك كلما اشتد بهم البلاء بخلاف المشركين الأولين فإنهم كانوا يشركون بالله في حال الرخاء والسرور، وفي حال الشدة كانوا يخلصون الدعاء والتضرع إلى الله، كما نطق بذلك القرآن الكريم، ومشركو زماننا شركهم في الرخاء والشدة، يدعون الأولياء ويستغيثون بهم في كل وقت، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل"1.
وللشيخ كتاب مطبوع في مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية، وذكر فيه ما يزيد عن المائة من المسائل التي خالف فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية ومنهاجهم2.
ولقد نهج الشيخ في رد مناهج الجاهلية وكشفه لزيفها ببيانه أن الذي يدخل في الإسلام هو الإيمان بجميع أنواع التوحيد وأهمها: توحيد الألوهية وهو أن يعبد الله وحده لا شريك له ولا يعبد معه غيره لا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا، والرسول صلى الله عليه وسلم بعث وأهل الجاهلية يعبدون مع الله غيره فمنهم من يدعو الأصنام، ومنهم من يدعو عيسى
1 أصول الدين الإسلامي مع قواعده الأربع، ص 28.
2 طبع هذا الكتاب عدة طبعات منها: ما هو بنص كلام الشيخ رحمه الله وبعضها بشرح العلامة محمود الألوسي رحمه الله.
ومنهم من يدعو الملائكة وغير ذلك، فنهاهم عن هذا كله، وأخبرهم أن الله أرسله لعبادته سبحانه وحده لا شريك له في جميع أنواع العبادة، قال تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]، وقال:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5]، وقوله:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162] ، وغيرها كثير من الآيات الدالات على وجوب صرف العبادة لمن يستحقها وهو الله جل شأنه، والبعد عن كل أنواع الشرك بالله تعالى.
"دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله"
ولما رأى الشيخ رحمه الله ما عليه الناس من البعد عن دين الله تعالى، والانحراف في الأخلاق، وشيوع المنكرات، وتفشي الخرافات في المجتمع إذ ذاك، قام بالجهر بدعوته الإصلاحية المباركة، فرفض أمور الجاهلية كلها وفضح مسائلها وكشف أباطيلها، وذلك من خلال دعوة الناس للرجوع إلى ما كان عليه الصدر الأول من هذه الأمة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والتابعين لهم بإحسان، فسعى لتخليص التوحيد وتجريده من شوائب الشرك، وقام بإنكار التوسل الممنوع شرعا بالأولياء والصالحين، والتبرك بالأشجار والأحجار وغير ذلك، وجهر أيضا بمحاربة البدع وسائر الخرافات مدعما ما يقول بآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال
وسيرة السلف الصالح، مظهرا كيف كانوا عليه من التمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أمورهم.
ومن مسائل الجاهلية التي ذكرها الشيخ في كتابه:
أنهم يتعبدون بإشراك الصالحين في دعاء الله تعالى وعبادته، وأنهم يعرفون بالفرقة، ويخالفون ولي الأمر، وأن مبنى عبادتهم على تقليد من سبقوهم دون النظر في صحة ذلك من عدمها، ويقتدون بفسقة أهل العلم وجهالهم، وأنهم يحتجون على الحق بقلة أهله، وغرابته، وأنهم يغترون بقوتهم وقدرتهم، وثرواتهم، وأنهم يغلون في الصالحين من العلماء والأولياء، ويحرفون النصوص عن مواضعها، ويجاهرون بكشف العورات، ويتعبدون بتحريم الحلال، ويلحدون في أسماء الله وصفاته، وينسبون النقائص إلى الله تعالى، إلى غير ذلك من المسائل التي ذكرها الشيخ رحمه الله في كتابه:"مسائل الجاهلية"، واستند في ذلك كله على نصوص الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح.