الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وستين فذيل عليه ولده الولي أبو زرعة العراقي إلى أن مات سنة ست وعشرين وثمانمائة
قال السخاوي: لكن الذي وقفت عليه منه إلى سنة سبع وثمانين وسبعمائة ووريقات متفرقة بعد ذلك اه والذيول المتأخرة أبسط من المتقدمة وأكثر فوائد والكل مرتب على السنين.
ومنها كتب في علم المصطلح:
أول من ألف في ذلك كما تقدم الحافظ أبو محمد الرامهرمزي إلا أنه لم يستوعب ثم الحافظ أبو عبد الله الحاكم وذكر خمسين نوعا من أنواع الحديث ولكنه لم يستوعب أيضا كما أنه لم يهذب.
ثم الحافظ أبو عمرو عثمان بن الصلاح في كتاب علوم الحديث له فذكر منها خمسة وستين نوعا وهذب وجمع في كتابه ما تفرق في غيره فعكف الناس عليه وعدلوا في الفن إليه فمن ناظم لكتابه ومختصر ومستدرك ومقتصر ومعارض ومنتصر ولكل من الزين العراقي والبدر الزركشي والحافظ ابن حجر عليه نكت ونكت العراقي تسمى: بالتقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح في مجلد والحافظ ابن حجر تسمى: بالإفصاح على نكت ابن الصلاح واختصره جماعة منهم قاضي القضاة بالديار المصرية بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الشافعي المتوفى: بمصر سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة ودفن بالقرافة وسماه بالمنهل الروي في
الحديث النبوي، وشرحه سبطه عز الدين محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن بدر الدين بن جماعة الكناني وسماه: المنهج السوي في شرح المنهل الروي، ومنهم النووي في كتاب سماه: الإرشاد ثم اختصره وسماه تقريب الإرشاد وهو المشهور الآن1 وعليه شروح عديدة للزين العراقي والسخاوي والسيوطي وغيرهم ونظمه وزاد عليه الزين العراقي في ألفية تسمى: نظم الدرر في علم الأثر، ثم شرحها بشرحين مطول ومختصر وممن شرحها أيضا السخاوي وسماه: فتح المغيث في شرح ألفية الحديث وهو أفضل شروحها لا ترى كما قال هو فيه له نظيرا في الإتقان والجمع مع التلخيص والتحقيق والسيوطي وسماه: قطر الدرر وقطب الدين محمد بن محمد الخيضري الدمشقي وسماه: صعود المراقي، وشيخ الإسلام القاضي أبو يحيى زكريا بن محمد الأنصاري المصري الشافعي المتوفى: بمصر سنة ثمان وعشرين وتسعمائة وسماه: فتح الباقي بشرح ألفية العراقي وللشيخ علي بن أحمد بن مكرم الصعيدي العدوي المالكي المتوفى: بمصر سنة تسع وثمانين ومائة وألف حاشية عليه في مجلد وللسيوطي في ذلك أيضا ألفية حاذى بها ألفية العراقي وزاد عليها نكتا غزيرة وفوائد جمة.
1 وممن اختصره أيضا الحافظ ابن كثير، وسماه الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث.
ومن كتب هذا الفن أيضا: نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر للحافظ ابن حجر ثم شرحها وسماه: نزهة النظر وعليه حاشية للشيخ أبي الإمداد إبراهيم بن إبراهيم بن حسن اللقاني المالكي سماها: قضاء الوطر من نزهة النظر وحاشية أخرى للشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي وعليها أيضا شروح عديدة منها، لولده كمال الدين محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني وسماه: نتيجة النظر في شرح نخبة الفكر ولمعاصره كمال الدين أبي عبد الله محمد بن الحسن بن علي بن يحيى بن محمد بن خلف الله بن خليفة التميمي الجاري المالكي المغربي الأصل الشمني بضم الشين المعجمة تشديد النون نسبة لمزرعة بباب قسطنطينية يقال لها: شمنه الإسكندري نزيل القاهرة المتوفى: سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وقد ترجمه ابن حجر في معجمه وقال: نظم نخبة الفكر التي لخصتها في علوم الحديث وشرح نخبة الفكر أيضا رأيته بخطه اه وللشيخ علي القاري الحنفي شرح الشرح للمؤلف سماه: مصطلحات أهل الأثر على شرح نخبة الفكر وللشيخ عبد الرؤوف المناوي أيضا وسماه: اليواقيت والدرر في شرح شرح نخبة الفكر، وكذا شرحها أيضا الشيخ أبو الحسن محمد صادق بن عبد الهادي السندي المدني الحنفي نزيل المدينة المنورة المتوفى بها سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف وغيرهم ونظمها أيضا أعني: النخبة جماعة منهم كمال الدين الشمني كما تقدم قريبا، ثم شرح هذا النظم ولده تقي الدين
أبو العباس أحمد بن محمد الشمني القسطنطيني الأصل الإسكندري المولد القاهري المنشأ المالكي ثم الحنفي وهو شارح المغني لابن هشام ومحشي الشفا المتوفى: سنة اثنين وسبعين وثمانمائة وسماه: العالي الرتبة في شرح نظم النخبة، ومنهم أبو حامد سيدي العربي بن أبي المحاسن سيدي يوسف بن محمد الفاسي دارا ولقبا القصري أصلا الفهري نسبا المتوفى: سنة اثنين وخمسين وألف وسماه: عقد الدرر في نظم نخبة الفكر وله عليها شرح وله أيضا منظومة مختصرة في ألقاب الحديث سماها في آخرها بالطرفة وعليها شرح لأبي عبد الله سيدي محمد فتحا بن شيخ الإسلام أبي محمد عبد القادر بن علي بن أبي المحاسن سيدي يوسف الفاسي المتوفى: سنة ست عشرة ومائة وألف وهو مشهور متداول ووضعت عليه في هذا لعصر حواشي عديدة استمد بعضهم فيها مما كتبناه عليه من الطرر في حواشيه.
وللسيد الشريف أبي الحسن علي بن محمد بن علي الحسين الجرجاني الحنفي المتوفى: بشيراز سنة ست عشرة وثمانمائة وأرخه العيني سنة أربع عشر والأول أصح مختصر جامع لمعرفة علوم الحديث رتبه على مقدمة ومقاصد وأكثره مأخوذ من خلاصة حسن الطيبي في أصول الحديث وقد شرحه العلامة المتأخر أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي المتوفى: سنة أربع وثلاثمائة وألف وسماه ظفر الأماني في مختصر الجرجاني.
ولأبي العباس شهاب الدين أحمد بن فرح بالفاء والحاء المهملة بن أحمد بن محمد اللخمي الأشبيلي الشافعي نزيل دمشق المتوفى: سنة تسع وتسعين وستمائة منظومة في ألقاب الحديث تعرف بالقصيدة الغرامية لقوله في أولها: غرامي صحيح الخ، وعليها عدة شروح للحافظ قاسم بن قطلوبغا الحنفي ولبدر الدين محمد بن أبي بكر بن جماعة سماه: زوال الترح بشرح منظومة ابن فرح وفي بغية الرواة أن له عليها شروحا ثلاثة ولأبي العباس أحمد بن حسين بن علي بن الخطيب بن قنفذ القسمطيني المتوفى: سنة عشر وثمانمائة ولشمس الدين أبي الفضل محمد بن محمد بن محمد الدلجي العثماني1 الشافعي المتوفى: سنة خمسين أو سبع وأربعين وتسعمائة ولمحمد بن إبراهيم بن خليل التتائي المالكي المتوفى: سنة سبع وثلاثين وتسعمائة ولغيرهم.
ولعمر بن محمد بن فتوح البيقوني الدمشقي الشافعي منظومة تعرف بالبيقونية في علم المصطلح أيضا وضع الناس عليها أيضا شروحا عديدة منها: للشيخ محمد بن صعدان الشهير: بجاد المولى الشافعي الحاجري المتوفى: سنة تسع وعشرين ومائتين وألف وللحموي ولابن الميت البديري الدمياطي ولمحمد بن عبد الباقي الزرقاني ولغيرهم وكتب المصطلح كثيرة.
1 ولد ونشأ بدلجة "من قري مصر زتهلم بالقاهرة ثم دمشق.
جدا كما أن أنواع علوم الحديث كذلك وقد أطنب فيها الأئمة حتى أن الضعيف وهو نوع منها بلغ به أبو حاتم بن حبان في تقسيمه خمسين قسما إلا واحدا وذكر ابن الملقن أن أنواعه تزيد على المائتين فما ظنك في غيره والله أعلم.
خاتمة:
من أهم أنواع العلوم تحقيق معرفة الأحاديث النبوية أعني: معرفة متونها وأسانيدها وما يتعلق بهما ودليل ذلك أن شرعنا مبني على الكتاب العزيز والسنن المروية وعلى السنن مدار أكثر الأحكام الفقهية لأن أكثر الآيات الفروعية مجملة وبيانها في السنن قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ، وقد اتفق العلماء: على أن من شرط المجتهد من القاضي والمفتي أن يكون عالما بالأحاديث المتعلقة بالأحكام فثبت أن الاشتغال بالحديث متأكد وأنه من أفضل أنواع الخيرات وآكد القربات، وقد قال سفيان الثوري: ما أعلم عملا أفضل من طلب الحديث لم أراد به الله عز وجل ونحوه عن ابن المبارك وكيف لا يكون كذلك وهو مع ما ذكرناه مشتمل على بيان حال أفضل الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولقد كان شأنه فيما مضى عظيما وأمره مفخما جسيما عظيمة جموع طلبته رفيعة مقادير حفاظه وحملته.
وكان أكثر اشتغال العلماء في الأعصار الماضية به حتى لقد كان يجتمع
في المجلس الواحد من مجالس الحديث الآلاف الكثيرة من الطالبين له فتناقص ذلك في هذه الأزمان وضعفت الهمم فلم يبق إلا آثار قليلة من آثارهم بل ذهب في هذا الوقت أثره واضمحل ذكره وخبره فالله المستعان على هذه المصيبة وغيرها من المصائب، وبالجملة فيتأكد أو يتعين على من فيه أهلية الاعتناء به والتحريض عليه لما ذكرناه ولأن ذلك أيضا من النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم وذلك هو الدين كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال بعضهم: من جمع أدوات الحديث استنار قلبه واستخرج كنوزه الخفيه وذلك لكثرة فوائده الظاهرة والكامنة وهو جدير بذلك فإنه كلام أفصح الخلق ومن أعطي جوامع الكلم لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم وحقيق لمن اشتغل به وانحاش إليه وقصر أغراضه من العلوم كلها عليه وتخلق بأخلاقه وتأدب بآدابه أن يعد من أفراد هذه الأمة المحمدية وخواص أهل الله تعالى وأهل رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد أخرج الشيخ نصر المقدسي في كتاب الحجة على تارك المحجة بسنده إلى الإمام أحمد أنه قيل له: هل لله في الأرض أبدال؟ قال: نعم قيل: من هم؟ قال: إن لم يكن أصحاب الحديث هم الأبدال فما أعرف لله أبدالا نقله السيوطي في تأليفه المسمى: بالخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال وسئل أيضا عن الطائفة التي ورد في الحديث أنها لا تزال منصورة لا يضرها
من خذلها حتى تقوم الساعة فقال: إن لم تكن أهل الحديث فلا أدري من هي؟ وكان الشافعي رضي الله تعالى عنه يقول: إذا رأيت أصحاب الحديث فكأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم الغالب أن تحقيق هذا العلم إنما يحصل بمن أعطاه كله واستغرق فيه أوقاته دون من يكثر منه الالتفافات إلى غيره من العلوم فإنه لا يحققه كل التحقيق، قال الخطيب البغدادي: علم الحديث لا يعلق - يعني علوقا تاما إلا بمن قصر نفسه عليه ولم يضم غيره من الفنون إليه وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه: أتريد أن تجمع بين الفقه والحديث هيهات! وكان شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن مت الأنصاري الأصبهاني الهروي1 يقول: هذا الشأن يعنى الحديث شأن من ليس شأنه سوى هذا الشأن ولذا قدم فيه كلام الحافظ السخاوي على كلام السيوطي عند التعارض لأن صاحب فن يغلب صاحب فنون لكن قد يجمع الله بينهما جمعا كاملا لمن شاء من خلقه كما وقع لإمامنا مالك رضي الله تعالى عنه ولغيره من بعض الأئمة، وقد قالوا: إن هذه العلوم الثلاثة وهي: الحديث والفقه والتصوف قل إن تجتمع في شخص على وجه الكمال وإذا اجتمعت فيه فهو فرد وقته وألقاب عصره بل ينبغي أن تشد
1 كان إماما حافظا بارعا في اللغة أمام وقته، وكان يدخل علي الأمراء والجبابرة فما كان يبالي بهم، توفي سنة 481هـ.
الرحال إليه فإنه لا مثل له وفضل الحديث وأهله كثير جدا وقد أفرد بالتآليف الكثيرة.
نسأله سبحانه وتعالى أن يصرف إليه بقيتنا ويوجه إلى العناية به وجهتنا وكليتنا ويحفظنا من الشيطان الرجيم ويجعلنا من المتطفلين على أبواب هذا النبي الكريم وخدام حضرته العلية المتأدبين بآداب سنته الزكية صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قيده لسائله عبيد الله تعالى وأقل العبيد طالبا من مولاه التوفيق والتسديد محمد بن جعفر بن إدريس بن الطائع الكتاني الحسني الإدريسي الفاسي غفر الله ذنوبه وستر بمنه وكرمه عيوبه، آمين.
ووافق الفراغ من تخريجه من مبيضته يوم الخميس خامس وعشري ربيع الثاني عام ثمانية وعشرين وثلاثمائة وألف من هجرة خير الورى وأجل من وطئ الثرى سيدنا ومولانا محمد عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم وعلى آله أجمعين وصحابته إلى يوم الدين آمين.