الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
تذنيب نبيه
نَافِع لكل وجيه
اعْلَم انه ذكر قطب الاقطاب وغوث الانجاب رَئِيس الصُّوفِيَّة الصافية رَأس السلسلة القادرية مَوْلَانَا السَّيِّد محيي الدّين عبد القادر الجيلاني دَامَ من دخل فِي سلسلته مغبوطا بِالْفَضْلِ الرحماني فِي فصل من فُصُول كِتَابه غنية الطالبين عِنْد ذكر فرق هَذِه الامة
- فَأصل ثَلَاث وَسبعين فرقة عشرَة اهل السّنة وَالْجَمَاعَة والخوارج والشيعة والمعتزلة والمرجئة والمشبهة والجهمية والضرارية والنجارية والكلابية الى اخره
ثمَّ ذكر حَال كل فرقة وفروعها وَاخْتِلَاف مقالاتها وَقَالَ عِنْد ذكر المرجئة اما المرجئة اما المرجئة ففرقها اثْنَتَا عشرَة فرقة الْجَهْمِية والصالحية والشمرية واليونسية والثوبانية والنجارية والغيلانية والشبيبية وَالْحَنَفِيَّة والمعاذية والمريسية والكرامية انْتهى
ثمَّ ذكر حَال كل فرقة وَمن نسبت اليه الى ان قَالَ واما الْحَنَفِيَّة فهم اصحاب ابي حنيفَة النُّعْمَان بن ثَابت زَعَمُوا ان الايمان هُوَ الْمعرفَة والاقرار بِاللَّه وَرَسُوله وبا جَاءَ من عِنْده جملَة على مَا ذكره البرهوتي
- فِي كتاب الشَّجَرَة انْتهى
فَهَذَا يدل على ان الْحَنَفِيَّة اتِّبَاع الْملَّة الحنيفية من المرجئة الضَّالة المبتدعة وَقد اسْتندَ بِهَذِهِ الْعبارَة جمع من اتلشيعة فطعنوا بِهِ الزاما على اتِّبَاع ابي حنيفَة وَزَعَمُوا انه من المرجئة الضَّالة واقتدى بهم فِي هَذَا الطعْن كثير من اهل السّنة مِمَّن لَهُم تعصب وافر وتعنت ظَاهر بَابي حنيفَة ومقلديه فاوردوا هَذِه الْعبارَة فِي معرض معايبة ومثالبة ايذاء لمقلديه
وَلَا عجب من الشِّيعَة فانهم من اعداء اهل اتلسنة يسبون اكابر الصَّحَابَة ويطعنون على سلف اصحاب الْهِدَايَة فَمَا بالك بَابي حنيفَة وطريقته المرضية انما الْعجب من هَؤُلَاءِ الَّذين هم من اهل السّنة وَيدعونَ انهم من متبعي الْكتاب وَالسّنة وَمَعَ ذَلِك يطعنون على اول هَذِه الامة وَصدر الائمة من دون بَصِيرَة وبصارة
وَقد طَال الْبَحْث قَدِيما وحديثا بَين عُلَمَاء الْمذَاهب الاربعة فِي عبارَة الغنية واستشكلوا وُقُوعهَا من مثل هَذَا الشَّيْخ الْجَلِيل والصوفي النَّبِيل وَذَلِكَ لوَجْهَيْنِ
الاول ان كتب الامام ابي حنيفَة كالفقه الاكبر وَكتاب الْوَصِيَّة تنادي باعلى النداء على انه لَيْسَ مذْهبه فِي بَاب الايمان
- وفروعه مَا ذهبت اليه المرجئة اصحاب الاغواء وَكَذَلِكَ كتب الْحَنَفِيَّة تشهد بِبُطْلَان مَذْهَب المرجئة وان وان الْحَنَفِيَّة وامامهم لَيْسُوا مِنْهُم فَهَذِهِ النِّسْبَة الْوَاقِعَة فِرْيَة بِلَا مرية وصدورها من مثل هَذَا الشَّيْخ الَّذِي هُوَ سيد الطَّائِفَة الرضية بلية اية بلية
وَالثَّانِي ان غوث الثقلَيْن بِنَفسِهِ ذكر غنيته ابا حنيفَة بِلَفْظ الامام واورد قَوْله عِنْد ذكر خلاف الائمة الاعلام
فَمن ذَلِك قَوْله فِي بَيَان وَقت الْفجْر وَبعد ذكر مَذْهَب امامه احْمَد بن حَنْبَل من ان التغليس افضل وَقَالَ الامام أَبُو حنيفَة الاسفار افضل
وَمن ذَلِك قَوْله فِي فضل الصَّلَاة عِنْد ذكر حكم تَارِك الصَّلَاة وَقَالَ الامام أَبُو حنيفَة لَا يقتل وَلَكِن يحبس حَتَّى يُصَلِّي فيتوب اَوْ يَمُوت فِي الْحَبْس وَقَالَ الامام الشَّافِعِي يقتل بِالسَّيْفِ حدا وَلَا يكفر انْتهى
فَلَو كَانَ عِنْده ان ابا حنيفَة من المرجئة الضَّالة لما ذكر قَوْله فِي الامة ر الشَّرْعِيَّة مَعَ اقوال الائمة الرضية
وَقد تفَرقُوا فِي دفع هذَيْن الاشكالين على مسالك اكثرها لَا تعجب طَالب احسن المسالك
- فَمنهمْ من قَالَ انا لَا نفهم كَلَام الشَّيْخ الجيلاني بل نقطع بقوله حَقًا مَعَ الْقطع بِكَوْن الْحَنَفِيَّة نَاجِية حَقًا
وَلَا يخفي على الذكي لن هَذَا لَا يُغني وَلَا يشفي
وَمِنْهُم من قَالَ ان غوث الثقلَيْن لما ادخل الْحَنَفِيَّة فِي الْفرق الْغَيْر النَّاجِية لزم من انتسب الى ارادته وسلسلته ان يخلع ربقة التحنف عَن رقبته
وانت تعلم مَا فِي الْفساد لَا يتفوه بِهِ الا ذُو غباوة وعناد فان مُجَرّد اطلاق المرجئة من الْحَنَفِيَّة من سيد السلسلة القادرية مَعَ مُخَالفَة كتب امام الْحَنَفِيَّة وزبر الْحَنَفِيَّة لَا يجوز هَذَا الامر الَّذِي ذكره هَذَا الْمُجيب الْغَيْر الْمُصِيب كَيفَ فان مُخَالفَة الْوَاحِد وَلَو كَانَ من اعظم الْمَشَاهِير اهون من مُخَالفَة الجماهير واي مضايقة فِي عدم اعْتِدَاد قَول غوث الثقلَيْن فِي هَذَا الْبَاب لكَونه مُخَالفا لجَمِيع اولي الالباب لَا سِيمَا اذا وجد مِنْهُ بِنَفسِهِ مَا يُعَارضهُ وَيُخَالِفهُ فان كل اُحْدُ يُؤْخَذ من قَوْله وَيتْرك الا الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ كل قَول كل مُعْتَمد بِمُسلم فان الْعِصْمَة عَن الْخَطَأ مُطلقًا من خَواص الانبياء وَلَا تُوجد فِي الصَّحَابَة فضلا عَن الاولياء
وَنَظِيره قَول الشَّيْخ محيي الدّين بن الْعَرَبِيّ فِي الفصوص بايمان
- فِرْعَوْن اللعين فانه لكَونه مُخَالفا للقران وَالسّنة واقوال الائمة ومخالفا لما صرح هُوَ بِهِ فِي الفتوحات المكية لم يقبله جمع من فضلاء الدّين كَمَا بَسطه عَليّ الْقَارِي الْمَكِّيّ فِي رسَالَته فر العون من مدعي ايمان فِرْعَوْن وَابْن حجر الْمَكِّيّ فِي كتاب الزواجر عَن اقتراف الْكَبَائِر وَغَيرهَا فِي غَيرهَا
وَمِنْهُم من قَالَ ان الشَّيْخ لم يذكر ذَلِك من عِنْد نَفسه بل نَقله عَن غَيره والناقل لَيْسَ عَلَيْهِ الا تَصْحِيح النَّقْل وانما الْعهْدَة على من مِنْهُ النَّقْل
وَفِيه سخافة ظَاهِرَة عِنْد اهل الْفضل فان الْعَالم المتبحر وان الصُّوفِي المتبصر لَا يعْذر فِي نقل مثل هَذَا الْبَاطِل بل لَا يحل نَقله الا للرَّدّ عَلَيْهِ والقدح فِيهِ على الْوَجْه الكافل وان شِئْت تَفْصِيل هَذَا فَارْجِع الى رسالتي تذكرة الراشد برد تبصرة النَّاقِد
وَمِنْهُم من قَالَ ان الغنية لَيست من تصانيف الشَّيْخ محيي الدّين فَلَا قدح عَلَيْهِ فِي ذَلِك عِنْد عُلَمَاء الدّين وَيشْهد لَهُ قَول
- الشَّيْخ عبد الْحق الدهلولي فِي عنوان تَرْجَمَة الغنية بالفرسية هركز ثَابت نشده كه ايْنَ از تصنيف انجناب است اكرجه انتساب آن بنحضرت شهرت دارد وَنظر برين كه شايددران حرف از انجناب بود تَرْجَمَة كردم جنانحة علامه مير حُسَيْن ميبذي در ديباجه ديوَان كه نزد عوام مَنْسُوب بجضرة امير الْمُؤمنِينَ عَليّ رضي الله عنه سِتّ يرهمين اسلوب معذرت كرده انْتهى
وَحَاصِله انه لم يثبت ان الغنية من تصانيفه وان اشْتهر انتسابها اليه
وَغير خَفِي على كل نقي مَا فِي هَذَا الْجَواب من التبات
اما اولا فَلِأَن نسبتها اليه مَذْكُورَة فِي كتب ابْن حجر وَغَيره من الاكابر فانكار كَونهَا من تصانيفه غير مَقْبُول عِنْد الاواخر
واما ثَانِيًا فلَان من طالع الغنية من اولها الى اخرها حرفا حرفا علم كَونهَا من تصانيفه قطعا
واما ثَالِثا فُلَانُهُ على تَقْدِير تَسْلِيم انه لَيْسَ من تصانيفه بل من تصانيف غَيره لَا يشكك من يطالعها ان مؤلفها فَاضل رباني وكامل
- حقاني وان كَانَ غير الشَّيْخ الجيلاني فلزوم كَون الْحَنَفِيَّة مرجئة بتصريح من هُوَ من الطَّائِفَة المتقنة بَاقٍ الى الان كَمَا كَانَ وان انْدفع الطعْن عَن الشَّيْخ الجيلاني قطب الزَّمَان
وَمِنْهُم من قَالَ ان هَذِه الْعبارَة الَّتِي فِيهَا ذكر الْحَنَفِيَّة من المرجئة لَيست من الشَّيْخ عبد الْقَادِر وانما ادرجها اُحْدُ مِمَّن لَهُ بغض وتعصب ظَاهر
وَهَذَا مِمَّا اخْتَارَهُ عبد الغني النابلسي فِي كِتَابه الرَّد المتبين على منتقص الْعَارِف محيي الدّين حَيْثُ قَالَ الاولى فِي الْجَواب ان يُقَال تِلْكَ الْعبارَة مدسوسة مكذوبة على الشَّيْخ وَيَنْبَغِي ان يحفظ هَذَا الاصل فِي جَمِيع مَا وجد فِي كتب الْعلمَاء الصَّالِحين من بعض الْعبارَات الْفَاسِد مَعْنَاهَا الْقَبِيح مرداها كَمَا قَالَ القَاضِي أَبُو بكر الباقلاني فِي كِتَابه الِانْتِصَار مَا مَعْنَاهُ ان وجود مَسْأَلَة فِي كتاب اَوْ فِي الف كتاب منسوبة الى امام لَا يدل على انه قَالَهَا حَتَّى ينْقل ذَلِك نقلا متواترا يَسْتَوِي فِيهِ الطرفان والواسطة وَهَذَا عَزِيز الْوُجُود وَكَذَا قَالَ الْفَاضِل السيالكوتي فِي تَرْجَمَة الغنية بدانكه ذكر
- حنيفَة در فرق مرجئة وكفتن كه ايمان نزدشان معرفت است واقرار خلاف مَذْهَب ايْنَ طَائِفَة است كه در كتب مقررست وشايداين رابعض مبتدعان دَاخل كرده اند در كَلَام شيخ انْتهى
وايده بَعضهم بَان ادراج جملَة اَوْ كَلَام فِي كَلَام العلملء من بعض الجهلاء غير بعيد عِنْد الْعَالمين بل هُوَ وَاقع فِي كَلَام الاولين والاخرين قَالَ الشعراني فِي اليواقيت والجواهر فِي بَيَان عقائد الاكابر
قد دس الزَّنَادِقَة تَحت وسَادَة الامام احْمَد بن حَنْبَل عقائد زائفة وَلَوْلَا ان اصحابه يعلمُونَ مِنْهُ صِحَة الِاعْتِقَاد لافتتنوا لما وجدوا
وَكَذَلِكَ دسوا على شيخ الاسلام مجد الدّين الفيروز ابادي صَاحب الْقَامُوس كتابا فِي الرَّد على ابي حنيفَة وتكفيره ودفعوه الى ابْن الْخياط اليمني فارسل يلوم الشَّيْخ مجد الدّين على ذَلِك فَكتب اليه ان كَانَ هَذَا الْكتاب بكفك فاحرقه فانه افتراء من الاعداء وانا من اعظم المعتقدين فِي الامام ابي حنيفَة وَذكرت مناقبه فِي مُجَلد
- وَكَذَلِكَ دسوا على الامام الْغَزالِيّ فِي الاحياء عدَّة مسَائِل وظفر القَاضِي عِيَاض بنسخة من تِلْكَ النّسخ فامر باحرقها
وَكَذَلِكَ دسوا على الشَّيْخ مُحي الدّين عدَّة مسَائِل فِي الفتوحات وقفت عَلَيْهَا وتوقفت فَذكرت ذَلِك للشَّيْخ ابي الطَّاهِر المغربي نزيل مَكَّة المشرفة فارج لي نُسْخَة من الفتوحات الَّتِي قابلها على نُسْخَة الشَّيْخ الَّتِي بِخَطِّهِ فِي مَدِينَة قونية فَلم ارى فِيهَا شيئل مِمَّا كنت توقفت فِيهِ وحذفته خين اختصرت الفتوحات
وَكَذَلِكَ دسوا عَليّ لنا فِي كتابي الْمُسَمّى بالبحر المورود جملَة من العقائد الزائغة واشاعوها فِي مصر وَمَكَّة ثَلَاث سِنِين وانا برِئ مِنْهَا انْتهى
- وَلَا يذهب على اهل الفطانة مَا فِي هَذَا الْجَواب من السخافة فان مُجَرّد احْتِمَال كَون تِلْكَ الْعبارَة مدسوسة لَا يَكْفِي لدفع الخدشة الا اذا تأيد ذَلِك بِوُجُود نسخ الغنية الصَّحِيحَة خَالِيَة عَن هَذِه البلية واذ لَيْسَ فَلَيْسَ
وَمِنْهُم من قَالَ ان ان ابي حنيفَة كنية لغير امامنا ايضا فمراد الشَّيْخ من ابي حنيفَة الَّذِي جعل اتِّبَاعه مرجئة غَيره
وَفِيه ضعف ظَاهر لوُجُوده
الاول انه مُجَرّد احْتِمَال فَلَا يسمع
الثَّانِي ان ذكر نعْمَان بن ثَابت بعد ذكر ابي حنيفَة شَاهد عدل على ان المُرَاد من هُوَ مَعْدُود من الائمة الاربعة
الثَّالِث ان ابي حنيفَة الَّذِي هُوَ غير امامنا لم يشْتَهر مذْهبه وَلَا شاعت طَرِيقَته وَلَا سمي اتِّبَاعه حنفية فَلفظ الْحَنَفِيَّة فِي عبارَة الشَّيْخ آب عَن هَذِه الْقَضِيَّة الحملية
وَمِنْهُم من قَالَ ان الارجاء على قسمَيْنِ ارجاء الْبِدْعَة وارجاء السّنة كَمَا مر تَفْصِيله وَمر ايضا ان كثير من اهل السّنة سماهم مخالفوهم مرجئة فَكَلَام الشَّيْخ مَحْمُول على الارجاء السّني لَا على
- الارجاء البدعي وَهَذَا مِمَّا اخْتَارَهُ عَليّ الْقَارِي
وَفِيه ايضل خدشة وَاضِحَة من حَيْثُ ان الشَّيْخ بصدد بَيَان فرق الضَّلَالَة وَذكر مِنْهَا المرجئة ثمَّ مِنْهَا الْحَنَفِيَّة فَلَا مجَال هُنَاكَ لهَذَا الِاحْتِمَال وان كَانَ مُسْتَقِيمًا فِي عِبَارَات غَيره من اهل الاكمال كَمَا مر فِيمَا مر
وَمِنْهُم من قَالَ ان مُرَاد الشَّيْخ من الْحَنَفِيَّة فرقة مِنْهُم وهم المرجئة
وتوضيحه ان الْحَنَفِيَّة عبارَة عَن فرقة تقلد الامام ابا حنيفَة فِي الْمسَائِل الفرعية وتسلك مسلكه فِي الاعمال الشَّرْعِيَّة سَوَاء وافقته فِي اصول العقائد ام خالفته فان وافقته يُقَال لَهُ الْحَنَفِيَّة الْكَامِلَة وان لَو توافقه يُقَال لَهَا الْحَنَفِيَّة مَعَ قيد يُوضح مسلكه فِي العقائد الكلامية فكم من حَنَفِيّ حَنَفِيّ فِي الْفُرُوع معتزلي عقيدة كالزمخشري جَار الله مؤلف الْكَشَّاف وَغَيره وكمؤلف الْقنية وَالْحَاوِي والمجتبي شرح مُخْتَصر الْقَدُورِيّ نجم الدجين الزَّاهدِيّ وَقد ترجمتهما فِي الْفَوَائِد البهية فِي تراجم الْحَنَفِيَّة وكعبد الجبار وابي هَاشم والجبائي وَغَيرهم وَكم من حَنَفِيّ حَنَفِيّ فرعا مرجئ اَوْ زيدي اصلا
- وَبِالْجُمْلَةِ فالحنفية لَهَا فروع بِاعْتِبَار اخْتِلَاف العقيدة فَمنهمْ الشِّيعَة وَمِنْهُم الْمُعْتَزلَة وَمِنْهُم المرجئة فَالْمُرَاد بالحنفية هَاهُنَا هم الْحَنَفِيَّة المرجئة الَّذين يتبعُون ابا حنيفَة فِي الْفُرُوع ويخالفونه فِي العقيدة بل يوافقون فِيهَا المرجئة الْخَالِصَة
وَهَذَا الْجَواب وان كَانَ احسن من الاجوبة السَّابِقَة لَكِن لَا يَخْلُو عَن سخافة قادحة وَذَلِكَ لَان عبارَة الغنية تحكم بَان المرجئة اصل وَمن فروعه الْحَنَفِيَّة وَمُقْتَضى الْجَواب ان الْحَنَفِيَّة اصل وَمن فروعه المرجئة
وَمِنْهُم من ذكر ان لفظ الْحَنَفِيَّة عِنْد ذكر فروع المرجئة وَقع تصنيفا سَهوا اَوْ عمدا من كتاب الغنية مَوضِع الغسانية فان اصحاب المقالات ذكرُوا الغسانية من فروع المرجئة وَلم يذكرُوا الْحَنَفِيَّة والغنية خَالِيَة من ذكر الغسانية
وَفِيه ايضا سخافة ظَاهِرَة فان مُجَرّد احْتِمَال التَّصْحِيف من الْكَاتِب من غير حجَّة غير مسموع عِنْد ارباب النصوح مَعَ ان تتفسير الْحَنَفِيَّة الْوَاقِع فِي الغنية يَأْبَى عَن هَذَا الِاحْتِمَال الا ان يلْتَزم ان ذَلِك ايضا تَصْحِيف وَقع من الْكَاتِب النقال وَهُوَ احْتِمَال على احْتِمَال فَلَا يصغي اليه رب الْكَمَال
وَمِنْهُم من قَالَ ان المُرَاد هَاهُنَا بالحنفية الْحَنَفِيَّة الْقَائِلُونَ بَان
- الايمان هُوَ الْمعرفَة بِاللَّه وَحده وَنَحْو ذَلِك من خرافات المرجئة الْخَالِصَة وتوضيحه على مَا فِي الرسَالَة الفخرية ان النِّسْبَة بَين اهل السّنة سَوَاء كَانَ حنفبا اَوْ شافعيا اَوْ حنبليا اَوْ مالكيا وَبَين المرجئة الضَّالة نِسْبَة التباين الْكُلِّي وَالنِّسْبَة بَين الْحَنَفِيَّة بِمَعْنى المتابعين لَهُ اصلا وفرعا وَبَين اهل السّنة عُمُوم وخصوص مُطلقًا فَكل حَنَفِيّ من اهل السّنة وَلَيْسَ ان كل اهل السّنة حَنَفِيّ وَالنِّسْبَة بَين الْحَنَفِيَّة بِمَعْنى مقلدية فِي الْفُرُوع فَقَط وَهَذَا الْمَعْنى اعم من غالاول وَبَين اهل السّنة عُمُوم وخصوص من وَجه فمادة الِافْتِرَاق من يكون حنفيا وَلَا يكون من اهل السّنة كالمرجئة الْحَنَفِيَّة والمعتزلة الْحَنَفِيَّة وَمن يكون من اهل السّنة وَيكون شافعيا مثلا ومادة الِاجْتِمَاع من يكون مُوَافقا لابي حنيفَة فِي الْفُرُوع والعقيدة
اذا عرفت هَذَا فَنَقُول مفَاد عبارَة الغنية ان الْحَنَفِيَّة الَّذين هم فرع من فروع المرجئة الضَّالة اصحاب ابي حنيفَة الَّذين يَقُولُونَ ان الايمان هُوَ الْمعرفَة والاقرار بِاللَّه وَرَسُوله وَهَذَا لَا ينطبق الا على الغسانية فَيكون هُوَ المُرَاد من الْحَنَفِيَّة لما عرفت سَابِقًا ان غَسَّان الْكُوفِي كَانَ يَحْكِي مذْهبه الْخَبيث عَن ابي حنيفَة ويعده كنفسه من المرجئة
فَظهر ان الطعْن على الْحَنَفِيَّة اَوْ ابي حنيفَة باستناد عبارَة الغنية لَا