الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملا يونس الكاتب
(1)
كاتب تحرير، لا يفي بوصفه التعبير. تاج هامة المناقب الذي هو لسماء الأدب بمنزلة النجوم الثواقب. اتخذ الثريا عروجا
(1) ترجم له صاحب منهل الاولياء (1: 299) فقال: «الأريب الكامل والأديب الفاضل يونس كاتب ديوان الانشاء سابقا للوزير المرحوم محمد أمين باشا وولده الفخم سليمان باشا.
كان ابوه رجلا صالحا ورعا مجاب الدعاء، مجانب الحكام، غير معاشر لأرباب الثروة. يكتب ويأكل من ثمن كتابته. وظهرت نجابة ولده المذكور فاستصفاه الوزير، وترقي في المراتب، حتى صارت له الرئاستان رئاسة السيف والقلم. فنصب نفسه لنفع الناس، وقضاء حوائجهم ومهماتهم. فيومه المعدود، ما يبذل فيه المجهود، في نفع مضطر، وجبر كسر، واغاثة ملهوف.
ووسع الله عليه فشكر النعمة، والتزم القيام بحقوق الخدمة. وسنه الان قد جاوز السبعين. وجاهه عند ملوكنا ثابت مكين. وله علمية وادب زائد. ثم ذكر تخميسا وابياتا رائية نقلها من الروض النضر.
وترجم له في غاية المرام فقال: «يونس افندي كاتب ديوان الانشاء للوزير محمد أمين باشا الجليلي الموصلي، ثم كتخداه. هو الذي كان مجمع الآداب ولب الألباب، القائم بالحق، المتمسك بالصواب.
ومما يشهد له عليه، ما فعل من الخيرات بيديه. عمر الجامع الاحمر الواقع على شاطئ دجلة خارج سور الموصل. وانشأ جامعا مجاورا لداره وجعل فيه مدرسة. وسبيل ماء، واوقف عليه أوقافا جزيله وعمر البعض من جامع نبي الله جرجيس عليه السلام.
اتصل اولا بخدمة الوزير محمد أمين باشا، وارسله مرارا لقضاء حوائجه في الدولة. وسار معه لما سار الى حرب المسقوف (الروس) وبقي في اسلامبول الى ان خرج (الوزير) من الاسر سنة 1188 هـ وولي الموصل، فعاد معه المترجم. وجعله كتخداه الى ان توفي الوزير المذكور، قام المترجم في داره يظهر محاسنه ويبدى آثاره. وكل يوم يحضر مجلس الوزير سليمان باشا الجليلي ويرشده وينادمه.
ولما ولي الموصل الحاج عبد الباقي باشا الجليلي سنة 1199 هـ. توجه الى بغداد محمد باشا الجليلي والمترجم صحبته فأقام معه الى أن عاد فعاد معه واقام في داره يبذل الصدقات، ويعمل الخيرات الى ان توفي سنة 1207 هـ.»
وترجم له الغلامي في شمامة العنبر (ص 232) فقال: «يونس بن يحيى النائب حبنا من الدهر، والكاتب لانشاء الوزارة برهة من العمر. وقف على ذروة الرياستين الاصل والفرع، وتقلد بسيف الحاكمين العرف والشرع
…
ماهر لعب بميزان قلمه في ذروة اللسانين عرب وعجم وتسلم الكفايتين، فافتخر على صليل السيوف صرير ذلك القلم. صديقي الصدوق، والحقيق بالحقوق انسانا يحسن معاشرته ذكر اخوان الصفا، وكذب من قال باستحالة الوفا. عباسي المشارب، برمكي أخلاقها وثيابها، ومشارب الرجال لا-
والسيارات السبعة مروجا. حل من جفن الأدب في سواه، ونزل من جسم الكمال منزلة قلبه وفؤاده، فله النظم المستطاب، والنثر الذي ما بينه وبين الإعجاز حجاب. أعصف أهل الا نشاء ريحا، وأكثر عن البيان بيانا وتصريحا. فهو درة النحر، ولؤلؤة البحر.
صاحب النثر الغر، الذي يحسده على اتساقه الدر. فذهنه المتوقد يستغني عن المدح. وبلبل فكره يعلم حمامة القريض الصدح.
متى صافحت سمعي مدامة لفظه
…
ترى كل عضو في داخله السكر
يمازج ألفاظ البلاغة صوته
…
فيبدي لنا وردا وفي ضمنه خمر
قد صحبته دهرا، واختبرت أدبه سرا وجهرا، فلم أر مثله في الأدب وحيدا، ولا في الكمال فريدا. وقد طلعت لجبهة الكمال منه غرة، ولعين الافضال والمعارف قرة. فهو لآلئ
- تترجم انما تترجم آدابها. فكيف بمن جاز جمال الظاهر وادب الباطن
…
وناهيك أن الشعر أدنى فضيلة في هذا الرجل. هذا العزيز الآن مسافر بمعية مولانا الحاج حسين باشا حين نسخ هذا الكتاب وقد استصحب معه ماله من رائق الآداب، فها قد جاء شعره في وجنة الآداب وفي هذا الكتاب في الحالتين خال
…
رأيت له رسالة ونحن في صحبته مقدار خمسة كراريس تتضمن نثرا كدموع المهجور ونظما كمنضود ثغور الولدان والحور، كان قد تراسل بها مع أحد أدباء الزمان، وأرادني أن أكون بينهما حكما أقيم لها الوزن بالقسط في تلك الميزان. فعلمت أن خصمه لا يقبل حجة، ولا يسلك على أعدل محجة فتركتها وتغافلت عنها ثم بعثت الى مجادله أصرفه عما هو عليه من الزلل.»
وترجم له صاحب العلم السامي 291 وذكر له موشحا يعارض فيه موشح حسن عبد الباقي الذي ترجم له صاحب الروض.
انظر ايضا جوامع الموصل 208 - 212 ومجلة سومر 19: 43.
الأعناق، وأثمد الأجفان والأحداق. وهو الروض الذي يتفتق عن عبير. له جامعية بنيان وبيان، وطلاقة قلم ولسان. لعوب برماح الكلام فارس بتفويق سهام الأقلام. فهو في حرفة الإنشاء مشهور وبكل كمال في الألسنة مذكور، ففمه ممزوج يصاب ولسانه أسكر من الخمر والشراب.
تميز بنفسه، وتحيز بكماله من جنسه، فزاحم الكواكب بالمناكب، والمواهب بالمآرب.
هذا هو الفخر العلي
…
وما سواه فممتهن
قطب الكمال المجتبى
…
ذو الخلق والخلق الحسن
له شعر غير كثير. لكنه أعذب من الماء النمير وقد اثبت منه ما هو في السرور، أسرى في الأبدان من المدام والخمور فمن زلال كلامه، ونتائج نظامه، قوله لما وقف على بعض هذا المؤلف، وهو:
أفوح شذا روض الفضائل أم عطر
…
وعرف ندى نبت الأفاضل أم نشر
نسائم ضوع الليل في آخر الدجى
…
تسابق قبل الوصل أم نسم الفجر
أم المسك والكافور حل بمجمر
…
مع الند ممزوجا وأوجهه الجمر
فروح ولا تدر الكؤوس فإنني
…
ثملت بطيب لا يماثله الخمر
أخال وإن فندت روضة فائق
…
سقتها سحاب الفضل فاستضرع الزهر
فلله روض قد حكى العدن بهجة
…
وأبدع حسنا لا يقاس به الغير
عرائس أبكار من الفكر أنشأت
…
فلاعمها زيد ولا خالها عمرو
جداول انهار البلاغة والنهى
…
تفيض وتطغيها القريحة والفكر
بل النيل علم والفرات فضائل
…
وسيحون آداب ودجلته الشعر
وأشجار أفضال وأغصان كمل
…
أوراق منظوم وأثماره النتر
أرائك جنات حوين أفاضلا
…
بحار أصول والفروع لهم بر
سموت عصام الدين فخرا ومنشأ
…
ونلت من العلياء حظا ولا فخر
علوت بأصل الجد متن أولي العلى
…
واثبت شرحا فيه ينشرح الصدر
وأبدعت في الحدباء انعم روضة
…
تفوق دمشقا والأخير هو الخير
وكيف وفي الآباء بأواك محتد
…
مشيد لهم في كل عالية قصر
وما شابهم نقص سوى أن بيتهم
…
قديما به الآمال والعلم والذكر
فخذ عذر صب قد عراه نوازل
…
تبان قوافي الشعر في عينه شعر
ولكن طوعا حيث أمرك نافذ
…
وبالبر فيما قيل يستعبد الحر
ولا زلت شمسا في سماء فضائل
…
وكل نجوم الفضل دونك والبدر
وله تخميس أبيات قد مر تخميس ثان (1) عليها وهي:
سلوا لمع صمصامي إذا الخيل تهرع
…
أهل راعني منها نزال وموقع
وقولوا لمن خانوا العهود وضيعوا
…
تخذتكم درعا حصينا لتدفعوا
سهام العدى عنى فكنتم نصالها
…
صفوت لكم ذاتا أبت عن شبيهة
لكوني مقداما سديد بديهة
…
فكنت أجريكم بكل وجيهة
وكنت أرجيكم ليوم كريهة
…
إذا فارقت كف اليمين شمالها
ولست أبالي إن أمنتم وخنتمو
…
وسيان عندي ان دنوتم وبنتمو
(1) في الاصل: تخميسا ثاني عليها.
فإن شئتم تلقون عزمي وصنتمو
…
تعالوا إلى الإنصاف نحن وأنتمو
وخلوا العدى ترمي علي نبالها
…
سموت رفيع الشان في كل همة
ولي عزم ضرغام بكل مهمة
…
ولا شابني وهن بلى نصح ذمة
إذا لم تكونوا لي لدفع ملمة
…
فكونوا كنفس لا عليها ولا لها
وله أيضا مخمسا لبيتين جرى ذكرهما (1) من تاريخ الوصاف
سموت على الجوزاء فضلا وهمتي
…
علت فوق هامات الرجال الأعزة
ولي شرف عال وفي الشمس أسوتي
…
لئن اشمت الحساد صرفي ورحلتي
فما صرفوا فضلي ولا ارتحل المجد
…
هموم وافراح وحط ورحلة
وعسر وإيسار وعز وذلة
…
ورد وإقبال وكر ونصرة
مقام وترحال وقبض وبسطة
…
كذا عادة الدنيا وأخلاقها النكد
***
(1) جرى ذكرهم.