المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وليه إما بالصوم عنه أو الإطعام من تركته قال النووي: - الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة - جـ ٢

[صديق حسن خان]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كتاب النكاح

-

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب الخلع

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الظِّهار

- ‌باب اللعان

- ‌باب العدة

- ‌باب النفقة

- ‌باب الرّضاع

- ‌باب الحضانة

-

- ‌كتاب البيع

- ‌باب الربا

- ‌باب الخيارات

- ‌باب السلم

- ‌باب القرض

- ‌كتاب الشفعة

-

- ‌كتاب الإجارة

- ‌باب الإحياء والإقطاع

- ‌كتابة الشَّركة

- ‌كتاب الرهن

- ‌كتاب الوديعة والعارية

- ‌كتاب الغصب

- ‌كتاب العتق

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الهدايا

- ‌كتاب الهبات

- ‌كتاب الأيمان

- ‌كتاب النذر

-

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الصيد

- ‌باب الذبح

- ‌باب الضيافة

- ‌باب آداب الأكل

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب اللباس

- ‌كتاب الأضحية

- ‌مشروعيتها

- ‌باب الوليمة

- ‌كتاب الطب

- ‌حقيقة الطب

- ‌كتاب الوكالة

- ‌حكم الوكالة

- ‌كتاب الضمانة

- ‌كتاب الصلح

- ‌حكم الصلح

- ‌كتاب الحوالة

- ‌حكم الحوالة

- ‌كتاب المفلس

- ‌كتاب اللُّقطة

- ‌كتاب القضاء

- ‌من يصح منه القضاء

- ‌كتاب الخصومة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا

- ‌باب السرقة

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد الشرب

- ‌باب حد المحارب

- ‌باب من يستحق القتل حدا

- ‌كتاب القصاص

- ‌وجوب القصاص

- ‌كتاب الديات

- ‌الأصل في الدية

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الوصية

- ‌على من تجب الوصية

- ‌كتاب المواريث

- ‌كتاب الجهاد والسير

- ‌فضل الجهاد

الفصل: وليه إما بالصوم عنه أو الإطعام من تركته قال النووي:

وليه إما بالصوم عنه أو الإطعام من تركته قال النووي: القديم ههنا أظهر وقال محمد: ما كان من نذر أو صدقة أو حج قضاها الولي أجزأ ذلك إن شاء الله تعالى وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا

ص: 180

‌كتاب الأطعمة

الأصل في كل شئ الحل ولا يحرم إلا ما حرمه الله ورسوله وما سكتا عنه فهو عفو"لمثل قوله تعالي: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الآية فإن النكرة في سياق النفي تدل على العموم ولمثل حديث سلمان الفارسي قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال: الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرمه الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا لكم" أخرجه ابن ماجه والترمذي وفي إسناد ابن ماجه سيف بن هرون البرجمي وهو ضعيف1 وفي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم على الناس فحرم من أجل مسألته " وفيهما من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ذروني ماتركتكم فإنما هلك من قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" وأخرج البزار وقال: سنده صالح والحاكم وصححه من حديث أبي الدرداء ورفعه بلفظ " ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى وتلا {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} "وأخرج الدارقطني من حديث أبي ثعلبة رفعه "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها "وفي الكتاب والسنة مما يتقرر به هذا الأصل الكثير الطيب فيتوجه الاقتصار في رفع الحل على ماورد فيه دليل يخصه ومن التخصيص

1 قال الترمذي ج 1 ص 322 طبع بولاق "هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه"ورواه أيضا الحاكم في المستدرك ج 4 ص 115 شاهدا وفي إسناد الجميع سيف بن هرون البرجمي وقد ضعفه جماعة منهم ابن حبان ووثقه أبو نعيم وصحح الطبري حديثه في التهذيب وقال البخاري: مقارب الحديث.

ص: 180

قوله تعالى في آخر تلك الآية: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} وكذلك قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} إلى آخر الآية "فيحرم ما في الكتاب العزيز"وهو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} أي ما مات حتف أنفه {وَالدَّمَ} وهو المسفوح صرح بذلك في الآية الأخرى والمفسر قاض على المبهم وهذا مما ينقض به قول القائل المبهم على إبهامه والمفسر على تفسيره فإنهم اتفقوا في هذه الآية على التقييد {وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} وكل شئ من الخنزيز حرام وتخصيص اللحم بالذكر لأنه يقصد في العادة والخنزير حيوان مسخ بصورته قوم ولم يزل نوح ومن بعده من الأنبياء يحرمون الخنزير ويأمرون بالتبعد عنه إلى تنزل عيسى عليه السلام فيقتله ويشبه أن الخنزير كان يأكله قوم فنطقت الشرائع بالنهي عنه وهجر أمره أشد ما يكون {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} أي ذكر اسم غير الله عند ذبحه {وَالْمُنْخَنِقَةُ} هي التي تختنق فتموت {وَالْمَوْقُوذَةُ} هي المقتولة بالعصا {وَالْمُتَرَدِّيَةُ} هي التي تتردى من مكان عال فتموت {وَالنَّطِيحَةُ} هي التي تنطحها أخرى فتموت {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} يريد ما بقي مما أكل السبع لأنه ضبط المذبوح الطيب بما قصد إزهاق الروح باستعمال المحدد في حلفه أو لبته فجرّ ذلك إلى تحريم الأشياء {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} أي ما أدركتم من هذه الأشياء وفيه حياة مستقرة فذبحتموه أما ما صار إلى حالة المذبوح فهو في حكم الميتة {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} قيل: مفرد كعنق وقيل: جمع نصاب وهو الشئ المنصوب من حجر ونحوه أمارة للطاغوت والجمع بينه وبين ما أهل لغير الله به يدل على الفرق بينهما وذلك لأن المذبوح عند النصب قصد به تعظيم الطاغوت دلالة وإن لم يتلفظ باسمه فهو بمنزلة ما أهل الغير الله به {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} إلى قوله {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} قلت قد اتفق المسلمون على ذلك في الجملة وإن كان لهم في التفاصيل اختلاف "وكل ذي ناب من السباع"لخروج طبيعتها من الاعتدال وبشكاسة أخلاقها وقسوة قلوبها لحديث أبي ثعلبة الخشني عند مسلم ومالك وغيره "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "كل ذي ناب من السباع فأكله حرام" وفي الباب أحاديث في الصحيحين وغيرهما والمراد بالناب السن الذي خلف الرباعية جمعه أنياب وكل ذي ناب يتقوى به ويصاد

ص: 181

وقال في النهاية: هو ما يفترس الحيوان ويأكل قسرا كالأسد والذئب والنمر ونحوها قال في القاموس: السبع بضم الباء المفترس من الحيوان انتهى وأراد بذي ناب ما يعدو بنابه على الناس وأموالهم مثل: الذئب والأسد والكلب والفهد والنمر وعلى هذا أهل العلم إلى أن الشافعي ذهب إلى إباحة الضبع والثعلب وقال أبو حنيفة: هما حرامان كسائر السباع أقول: قد قيل إنه لا ناب للضبع وأن جميع أسنانها عظم واحد كصفحة نعل الفرس كذا قال ابن رسلان في شرح السنن وعلى تسليم أن لها نابا فيخصصها من حديث كل ذي ناب حديث جابر فإنه قيل له: "الضبع صيد قال: نعم فقال له السائل آكلها؟ قال نعم فقال له: أقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم " أخرجه أبو داود وابن ماجه والنسائي والترمذي وصححه وصححه أيضا البخاري وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي ولا يعارض هذا الحديث الصحيح ما أخرجه الترمذي من حديث خزيمة بن جزء قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال: "أو يأكل الضبع أحد" وفي رواية "ومن يأكل الضبع" لأن في إسناده عبد الكريم أبا أمية وهو متفق على ضعفه والراوي عنه اسمعيل بن مسلم وهو ضعيف1 "وكل ذي مخلب من الطير"لحديث ابن عباس عند مسلم وغيره قال: "نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير "والمخلب بكسر الميم وفتح اللام قال أهل اللغة: المراد به ما هو في الطير بمنزلة الظفر للإنسان ويباح منه الحمام والعصفور لأنهما من المستطاب "و"من ذلك "الحمر الإنسية"وكان كثير من أهل الطباع السليمة من العرب يحرمونه ويشبه الشياطين وهو يرى الشيطان فينهق وهو قوله صلى الله عليه وسلم "إذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطانا " ويضرب به المثل في الحق والهوان وقد حرمه من العرب أذكاهم فطرة وأطيبهم نفسا كما في حديث البراء بن عازب في الصحيحين وغيرهما "أنه صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الإنسية "وفيهما من

1 الحديث في الترمذي 1 ص 331 وفي طبقات ابن سعد 7 قسم 1 ص 33. وعبد الكريم هو ابن أبي المخارق وكنيته أبو أمية ووقع في الأصل "عبد الكريم بن أمية" وهو خطأ والحديث ضعيف قال الترمذي""ليس إسناده بالقوي لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن مسلم عن عبد الكريم أبي أمية"ولم يخرجه أحمد في المسند على سعته وعظمه.

ص: 182

حديث ابن عمر وأبي ثعلبة الخشني نحوه وفي الباب غير ذلك وقد ذهب إلى ذلك جمهور العلماء قلت: وأما الحمار الوحشي فاتفقوا على إباحته كذا في المسوى وأهدي له صلى الله عليه وسلم الحمار الوحشي فأكله كذا في الحجة البالغة "و"من ذلك "الجلالة قبل الاستحالة"لحديث ابن عمر عند أحمد وأبي داود وابن ماجه والترمذي وحسنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها "وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن حبان والحاكم والبيهقي وصححه الترمذي وابن دقيق العيد من حديث ابن عباس "النهي عن أكل الجلالة وشرب لبنها "وأخرج أحمد والنسائي والحاكم والدارقطني والبيهقي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحو ذلك وفي الباب غير ذلك وقد ذهب إلى ذلك أحمد بن حنبل والثوري والشافعية وذهب بعض أهل العلم إلى الكراهة فقط وظاهر النهي التحريم والعلة تغير لحمها ولبنها فإذا زالت العلة بمنعها عن ذلك حتى يزول الأثر فلا وجه للتحريم لأنها حلال بيقين إنما حرمت لمانع وقد زال قال في الحجة البالغة: الجيفة وما تأثر منها خبيث في جميع الأمم والملل فإذا تميز الخبيث من غيره ألقي الخبيث وأكل الطيب وإن لم يكن التميز حرم أكله ودل الحديث على حرمة كل نجس ومتنجس ونهى صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها لأنها لما شربت أعضاؤها النجاسة وانتشرت في أجزائها كان حكمها حكم النجاسات أو حكم من يتعيش بالنجاسة أقول: الاستحالة مطهرة والأولى أن يقال في طهارة ما استحال إن العين التي حكم الشارع بنجاستها لم تبق اسما ولا صفة فإن حكمه بنجاسة العذرة مقيد بكونها عذرة فإذا صارت رمادا فليست بعذرة فمن ادعى بقاء النجاسة مع ذهاب الاسم والصفة فعليه الدليل "و"من ذلك "الكلاب"ولا خلاف في ذلك يعتد به وهو مستخبث وقد وقع الأمر بقتله عموما وخصوصا وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل ثمنه كما تقدم وسيأتي وتقدم أن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه وقد جعله بعضهم داخلا في ذوات الناب من السباع قال في الحجة البالغة: ويحرم الكلب والسنور لأنهما من السباع ويأكلان الجيف والكلب شيطان "و"من ذلك "الهر"لحديث جابر عن أبي داود وابن ماجه والترمذي "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الهر وأكل ثمنها "وفي إسناده عمر بن

ص: 183

زيد1 الصنعاني وهو ضعيف لكن يشد من عضده ما ثبت من النهي عن أكل ثمن الكلب والسنور وهو في الصحيح وقد تقدم ولا فرق بين الوحشي والأهلي وللشافعية وجه في حل الوحشي "و"من ذلك "ما كان مستخبثا" لقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} فما استخبثه الناس من الحيوانات لا لعلة ولا لعدم اعتياد بل لمجرد الاستخباث فهو حرام وإن استخبثه البعض دون البعض كان الاعتبار بالأكثر كحشرات الأرض وكثير من الحيوانات التي ترك الناس أكلها ولم ينهض على تحريمها دليل يخصها فإن تركها لا يكون في الغالب إلا لكونها مستخبثة فتندرج تحت قوله {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} وقد أخرج أبو داود عن ملقام بن تلب قال "صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسمع لحشرات الأرض تحريما "وقد قال البيهقي: إن إسناده غير قوي وقال النسائي: ينبغي أن يكون ملقام بن تلب ليس بالمشهور2 وهذا الحديث ليس فيه ما يخالف الآية وغايته عدم سماعه لشئ من النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يدل على العدم وقد أخرج ابن عدي والبيهقي من حديث ابن عباس "أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نهى عن أكل الرخمة3 "وفي إسناده خارجة بن مصعب وهو ضعيف جدا فلا ينتهض للاحتجاج به وأخرج أحمد وأبو داود من حديث عيسى بن نميلة الفزازي عن أبيه قال "كنت عند ابن عمر فسئل عن أكل القنقذ فتلا هذه الآية {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الآية فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خبيثة من الخبائث فقال ابن عمر: إن كان قاله رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فهو كما قال "وعيسى بن نميلة ضعيف4 فلا يصلح الحديث لتخصيص القنفذ من أدلة الحل العامة وقد قيل إن من أسباب التحريم الأمر بقتل الشئ كالخمس الفواسق

1 في الأصل "يزيد"وهو خطأ.

2 وقال ابن حزم مجهول. وقال ابن حجر في الإصابة "ذكره البخاري وغيره في التابعين"وأبوه صحابي لم يرو عنه غيره وحديثه رواه عن أيضا ابن سعد ج 7 قسم 1ص 28 وذكره ابن الأثير في أسد الغابة 1 ص 212 وفيهما أنه رواه عن أبيه. وملقام بكسر الميم ويقال بالهاء.

3 هي طائر أبقع على شكل النسر خلقة إلا أنه مبقع بسواد وبياض. قاله في اللسان.

4 لم أجد ضعف عيسى بن نميلة بل وثقه ابن حبان. وأبوه قال الذهبي لا يعرف.

ص: 184

الوزغ ونحو ذلك والنهي عن قتله كالنملة والنحلة والهدهد والصرد والضفدع ونحو ذلك ولم يأت عن الشاعر ما يفيد تحريم أكل ما أمر بقتله أو نهي عن قتله حتى يكون الأمر والنهي دليلين على ذلك ولا ملازمة عقلية ولا عرفية فلا وجه لجعل ذلك أصلا من أصول التحريم بل إن كان المأمور بقلته أو المنهي عن قتله مما يدخل في الخبائب كان تحريمه بالآية الكريمة وإن لم يكن من ذلك كان حلالا عملا بما أسلفنا من أصالة الحل وقيام الأدلة الكلية على ذلك ولهذا قلنا "وما عدا ذلك فهو حلال"قال الشافعي: ما لم يرد فيه نص تحريم ولا تحليل ولا أمر بقتله ولا نهي عن قتله فالمرجع فيه إلى العرب من سكان البلاد والقرى دون أجلاف البوادي فإن استطابته العرب أو سمته باسم حيوان حلال فهو حلال وإن استخبثته أو سمته باسم حيوان حرام فهو حرام فأما ما أمر الشرع بقتله أو نهى عن قتله فلا يكون حلالا فقد قال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "خمس يقتلن في الحل والحرم "الحديث وأمر بقتل الوزغ ونهى عن قتل أربعة من الدواب النملة والنحلة والصرد والهدهد وبالجملة: فتحل الطيبات وتحرم الخبائث لقوله تعالى {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} والطيبات ما تستطيبه العرب وتستلذه من غير أن ورد بتحريمه نص من كتاب أو سنة قال الماتن في حاشية الشفاء: إن القول بكراهية أكل الأرنب لا مستند له بخلاف الضب فإنه قد ورد النهي عن أكله كما أخرجه أبو داود وثبت في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله غضب على سبط من بني إسرائيل فمسخهم دواب ولا أدري لعل هذا منها" والنهي حقيقة في التحريم لولا ما ثبت في الصحيحين من حديث جماعة من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم بأكل الضب فقال لهم "كلوه فإنه حلال ولكن ليس من طعامي" فإن هذا الحديث يصرف النهي عن حقيقته إلى مجازه وهو الكراهة وحديث تردده صلى الله عليه وسلم في كونه ممسوخا مؤيد لذلك وأما أكل التراب فلم يصح في المنع منه شئ لكنه من أسباب العلل الصعبة التي يتأثر عنها انحلال البنية وقد نهى الله سبحانه عن قتل الأنفس

ص: 185