المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أن أنفقها على عياله فقال رسول الله صلى الله تعالى - الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة - جـ ٢

[صديق حسن خان]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كتاب النكاح

-

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب الخلع

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الظِّهار

- ‌باب اللعان

- ‌باب العدة

- ‌باب النفقة

- ‌باب الرّضاع

- ‌باب الحضانة

-

- ‌كتاب البيع

- ‌باب الربا

- ‌باب الخيارات

- ‌باب السلم

- ‌باب القرض

- ‌كتاب الشفعة

-

- ‌كتاب الإجارة

- ‌باب الإحياء والإقطاع

- ‌كتابة الشَّركة

- ‌كتاب الرهن

- ‌كتاب الوديعة والعارية

- ‌كتاب الغصب

- ‌كتاب العتق

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الهدايا

- ‌كتاب الهبات

- ‌كتاب الأيمان

- ‌كتاب النذر

-

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الصيد

- ‌باب الذبح

- ‌باب الضيافة

- ‌باب آداب الأكل

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب اللباس

- ‌كتاب الأضحية

- ‌مشروعيتها

- ‌باب الوليمة

- ‌كتاب الطب

- ‌حقيقة الطب

- ‌كتاب الوكالة

- ‌حكم الوكالة

- ‌كتاب الضمانة

- ‌كتاب الصلح

- ‌حكم الصلح

- ‌كتاب الحوالة

- ‌حكم الحوالة

- ‌كتاب المفلس

- ‌كتاب اللُّقطة

- ‌كتاب القضاء

- ‌من يصح منه القضاء

- ‌كتاب الخصومة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا

- ‌باب السرقة

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد الشرب

- ‌باب حد المحارب

- ‌باب من يستحق القتل حدا

- ‌كتاب القصاص

- ‌وجوب القصاص

- ‌كتاب الديات

- ‌الأصل في الدية

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الوصية

- ‌على من تجب الوصية

- ‌كتاب المواريث

- ‌كتاب الجهاد والسير

- ‌فضل الجهاد

الفصل: أن أنفقها على عياله فقال رسول الله صلى الله تعالى

أن أنفقها على عياله فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "إن أخاك محتبس بدينه فاقض عنه" فقال: يا رسول الله قد أديت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة وليس لها بينة قال "فأعطها فإنها محقة" وليس في ذلك خلاف وقد دل عليه قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} "ومن لم يترك ما يقضي دينه قضاه السلطان من بيت المال" لحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما "أنه صلى الله عليه وسلم قال في خطبته: "من خلف مالا أو حقا فلورثته ومن خلف كلا1 أو دينا فكله إلي ودينه علي" وأخرج نحوه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والدارقطني من حديث جابر وأخرجه أيضا البيهقي والدارقطني من حديث أبي سعيد وأخرجه أيضا الطبراني من حديث سليمان وأخرجه ابن حبان في ثقاته من حديث أبي أمامة.

1 الكل بفتح الكاف العيال والثقل من كل ما يتكلف.

ص: 322

‌كتاب المواريث

"هي مفضلة في الكتاب العزيز" ومعلومة لأهل العلم والتمييز قال الماتن: لم نتعرض ههنا لذكرها واقتصرنا على ذكر ما ثبت في السنة أو الإجماع ولم نذكر ما كان لا مستند له إلا محض الرأي كما جرت به عادتنا في هذا الكتاب فليس مجرد الرأي مستحقا للتدوين فلكل عالم رأيه واجتهاده مع عدم الدليل ولا حجة في اجتهاد بعض أهل العلم على البعض الآخر وإذا عرفت هذا اجتمع له مما في الكتاب العزيز وما ذكرناه ههنا جميع علم الفرائض الثابت بالكتاب والسنة فإن عرض لك من المواريث ما لم يكن فيهما فاجتهد فيه برأيك عملا بحديث معاذ المشهور انتهى "ويجب الابتداء بذوي الفروض القدرة وما بقي فللعصبة" لحديث ابن عباس في الصحيحين وغيرهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي لأولى رجل ذكر" والمراد بالفرائض هنا الأنصباء المقدرة وأهلها هم المستحقون لها بالنص وما بقي بعد إعطاء ذوي الفرائض فرائضهم فهو لأولى رجل ذكر "والأخوات مع البنات عصبة" أي يأخذن ما بقي من غير تقدير كما

ص: 322

يأخذه الرجل بعد فروض أهل الفروض" لحديث ابن مسعود عند البخاري وغيره "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قضى في بنت وبنت ابن وأخت بأن للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت" وقد أفاد هذا أن لبنت الابن مع البنت السدس تكملة الثلثين "ولبنت الابن مع البنت السدس تكملة الثلثين" وقد قيل: إن ذلك مجمع عليه "وكذا الأخت لأب مع الأخت لأبوين وللجدة أو الجدات السدس مع عدم الأم" لحديث قبيصة بن ذؤيب عند أحمد وأبي داود وابن ماجه والترمذي وصححه وابن حبان والحاكم قال: "جاءت الجدة إلى أبي بكر فسألته ميراثها فقال: ما لك في كتاب الله شئ وما علمت لك في سنة رسول الله شيئا فارجعي حتى أسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أعطاها السدس فقال: هل معك غيرك فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال: مثل ما قال المغيرة بن شعبة فأنفذه لها أبو بكر قال: ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر فسألته ميراثها فقال: مالك في كتاب الله شئ ولكن هو ذاك السدس فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيكما خلت به فهو لها "قال ابن حجر: وإسناده صحيح لثقة رجاله إلا أن صورته مرسل فإن قبيصة لا يصح سماعه من الصديق ولا يمكن شهوده القصة قاله ابن عبد البر وقد اختلف في مولده والصحيح أنه ولد عام الفتح فيبعد شهوده القصة وأخرج عبد الله بن أحمد في مسند أبيه وابن منده في مستخرجه والطبراني في الكبير من حديث عبادة بن الصامت "أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قضى للجدتين من الميراث بالسدس بينهما" وهو من رواية إسحق بن يحيى عن عبادة ولم يسمع منه وأخرج أبو داود والنسائي من حديث بريدة "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم" وصححه ابن السكن وابن خزيمة وابن الجارود وقواه ابن عدي وفي إسناده عبيد الله العتكي وهو مختلف فيه وأخرج الدارقطني عن عبد الرحمن ابن يزيد مرسلا قال: "أعطى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثلاث جدات السدس ثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم" وأخرجه أيضا أبو داود في المراسيل عن إبراهيم النخعي وأخرجه أيضا البيهقي من مرسل الحسن. وأخرجه

ص: 323

الدارقطني من طرق عن زيد بن ثابت وفي الباب آثار غير ما ذكر قال في البحر: مسألة فرضهن يعني الجدات السدس وإن كثرن إذا استوين وتستوي أم الأم وأم الأب لا فضل بينهما فإن اختلفن سقط الأبعد بالأقرب ولا يسقطهن إلا الأمهات والأب يسقط الجدات من جهة والأم من الطرفين أقول: التفاصيل والتفاريع المذكورة في الكتب ينبغي إمعان النظر في مستنداتها ومجرد اجتهاد فرد من أفراد الصحابة ليس بحجة على أحد وكذلك اجتهاد جماعة منهم لم يبلغوا حد الإجماع "وهو للجد مع من لا يسقطه" لحديث عمران بن حصين "أن رجلا أتى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال: إن ابن ابني مات فما لي من ميراثه؟ قال: لك السدس فلما أدبر دعاه قال: لك سدس آخر فلما أدبر دعاه فقال: إن السدس الآخر طعمة" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن الحسن "أن عمر سأل عن فريضة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجد فقام معقل بن يسار المزني فقال: قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ماذا قال السدس قال مع من قال لا أدري قال: لا دريت فما تغني إذن" وهو منقطع لأن الحسن لم يسمع من عمر وقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما حديث الحسن عن معقل وقد اختلف الصحابة فمن بعدهم اختلافا كثيرا ورويت عنهم قضايا متعددة وقد دل الدليل على أنه يستحق السدس وأنه فرضه فإذا صار إليه زيادة فهو طعمة وذلك كما في حديث عمران وإنما قيدنا استحقاقه للسدس بعدم المسقط لأنه إذا كان معه من يسقطه كالأب فلا شئ له وهكذا إذا كان مع الجد من يسقطه الجد فله الميراث كله أقول: ليس في الأحاديث المتقدمة ذكر من كان معه من الورثة ولم يبق بعد ذلك إلا مجرد روايات من علماء الصحابة ومن بعدهم وتمثيلات وتشبيهات ليست من الحجة في شئ ولا يبعد أن يقال: بأنه أحق بالميراث من الأخوة والأخوات مطلقا لأنه إن لم يكن والدا حقيقة فهو بمنزلة الوالد والأب يسقط الأخوة والأخوات مطلقا ومن زعم أنه وجد في الأب من المزايا ما لا يشاركه فيها الجد فعليه الدليل ومن قال إن ثم دليلا يقتضي أن الجد يقاسم الأخوة ويأخذ الباقي بعد الأخوات فعليه أيضا الدليل "ولا ميراث للإخوة والأخوات مطلقا الابن أو ابن

ص: 324

الابن أو الأب" ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم "وفي ميراثهم مع الجد خلاف" لعدم ورود الدليل الذي تقوم به الحجة فذهب جماعة من الصحابة منهم أبو بكر وعمرإلى أن الجد أولى من الإخوة وذهب جماعة منهم علي وابن مسعود وزيد بن ثابت إلى أن الجد يقاسم الإخوة والخلاف في المسألة يطول فمن قال إنه يسقط الإخوة قال: إنه يصدق عليه اسم الأب وأجاب الآخرون بأنه مجاز لا تقوم به الحجة ووقع الخلاف في كيفية المقاسمة كما هو مبين في كتب الفرائض "ويرثون" أي الأخوة مع البنات إلا الإخوة لأم لحديث جابر عند أحمد وأبي داود وابن ماجه والترمذي وحسنه والحاكم قال: "جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنتيها من سعد فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا تنكحان إلا بمال فقال: يقضي الله في ذلك فنزلت آية الميرات فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال: "أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك" فهذا دليل على ميراث الإخوة مع البنات وأما الإخوة لأم فلا يرثون مع البنت لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً} الآية هي في الإخوة لأم كما في بعض القراآت "ويسقط الأخ لأب مع الأخ لأبوين" لحديث علي قال: "إنكم تقرؤن هذه الآية {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} "وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه" أخرجه أحمد وابن ماجه والترمذي والحاكم وفي إسناده الحرث الأعور ولكنه قد وقع الإجماع على ذلك والمراد بالأعيان الإخوة لأبوين والمراد ببني العلات الإخوة لأب ويقال للإخوة لأم الأخياف "وأولو الأرحام يتوارثون وهم أقدم من بيت المال" لقوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} فإنها تفيد أنه إذا مات ميت ولا وارث له إلا من هو من ذوي أرحامه وهو من عدا العصبات وذوي السهام في مصطلح أهل الفرائض فإنه يرثه وقوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} ولفظ الرجال والنساء والأقربين يشمل ذوي الأرحام ومما يؤيد ذلك حديث المقدام

ص: 325

بن معد يكرب عند أحمد وأبي داود وابن ماجه والنسائي والحاكم وابن حبان وصححاه عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "من ترك مالا فلورثته وأنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه" وأخرج أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه من حديث عمر عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بلفظ "والخال وارث من لا وارث له" وأخرجه بهذا اللفظ من حديث عائشة الترمذي والنسائي والدارقطني وحسنه الترمذي وأعله الدارقطني بالاضطراب وأخرجه عبد الرزاق عن رجل من أهل المدينة وأخرجه العقيلي وابن عساكر عن أبي الدرداء وأخرجه ابن النجار عن أبي هريرة كلها مرفوعة وهو حديث له طرق أقل أحواله أن يكون حسنا لغيره ومن ذلك حديث "ابن أخت القوم منهم" وهو حديث صحيح ومن ذلك ما ثبت من جعله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ميراث ابن الملاعنة لورثة ابن الملاعنة لورثة أمه وهم لا يكونون إلا ذوي الأرحام والكلام على هذه الأحاديث مبسوط في شرح المنتقى ويمكن أن يقال إن حديث "فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر "يدل على أن الذكور من ذوي الأرحام أولى من الإناث فيكون حديث نفي ميراث العمة والخالة مفيدا لهذا المعنى ومقويا له مع حديث "الخال وارث" وبذلك يجمع بين الأحاديث وقد قال بمثل ذلك أبو حنيفة وقد اختلف في ذلك الصحابة فمن بعدهم وإلى توريث ذوي الأرحام ذهب الجمهور وهذه الأدلة كما تفيد إثبات التوارث بين ذوي الأرحام تفيد تقديمهم على بيت المال ومما يؤيد ذلك حديث عائشة عند أحمد وأهل السنن وحسنه الترمذي "أن مولى للنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم خر من عذق نخلة فمات فأتي به النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال: هل له من نسب أو رحم قالوا: لا قال: أعطوا ميراثه بعض أهل قريته "فقوله: أو رحم فيه دليل على تقديم ميراث ذوي الأرحام على الصرف إلى بيت مال المسلمين وأخرج أبو داود من حديث ابن عباس قال: "كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر فنسخ ذلك آية الأنفال فقال: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} وفي إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال وأخرجه أيضا الدارقطني وأخرج نحوه ابن سعد عن أبي الزبير وفي ذلك

ص: 326

دليل على أن الآية في توريث ذوي الأرحام محكمة وبها نسخ ما كان من الميراث بالمخالفة فإن تزاحمت الفرائض فالعول وذلك هو الحق الذي لا يمكن الوفاء بما أمر الله به إلا بالمصير وقد أوضح الماتن ذلك في رسالة مستقلة سماها إيضاح القول في إثبات مسألة العول ودفع جميع ما قاله النافون للعول وقد أوضحت المقام في دليل الطالب على أرجح المطالب فليراجع ولا يرث ولد الملاعنة والزانية إلى من أمه وقرابتها والعكس لحديث سهل بن سعد في الصحيحين وغيرهما في حديث الملاعنة "أن ابنها كان ينسب إلى أمه فجرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها "وأخرج أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم"أنه جعل ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها" وفي إسناده ابن لهيعة وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث وائلة بن الأسقع "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "إن المرأة تحوز ثلاثة مواريث: عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عنه" قال الترمذي حسن غريب وفي إسناده عمر بن روبة1 التغلبي وفيه مقال وقد صحح هذا الحديث الحاكم: وأخرج أحمد وأبو داود من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "لا مساعاة2 في الإسلام من ساعى في الجاهلية فقد ألحقته بعصبته ومن ادعى ولدا من غير رشدة3 فلا يرث ولا يورث" وأخرج الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "أيما رجل عاهر بحرة أو أمة فالولد ولد زنا لا يرث ولا يورث" وفي إسناده أبو محمد عيسى بن موسى القرشي الدمشقي قال البيهقي: ليس بمشهور4 وأخرج أبو داود من حديث عمرو بن شعيب أيضا عن أبيه عن جده "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قضى أن كل مستلحق ولد وزنا لأهل أمه من كانوا حرة أو أمة وذلك فيما استلحق في

1في الصل "رويبة" وهو خطأ وصوابه "روبة" بضم الراء وسكون الواو كما ضبطه ابن حجر في التقريب والحديث رواه الحاكم في المستدرك وصححه "ج 4 ص 341".

2 المساعاة الزنا يقال ساعت الأمة إذا فجرت وساعاها فلان إذا فجر بها.

3 رشدة بكسر الراء وإسكان الشين يقال: هذا ولد رشدة إذا كان لنكاح صحيح ويجوز فتح الراء أيضا

4 وثقة دحيم.

ص: 327

أول الإسلام" وفي إسناده محمد بن راشد المكحولي الشامي وفيه مقال وقد أجمع العلماء على أن ولد الملاعنة وولد الزنا لا يرثان من الأب ولا من قرابته ولا يرثونهما وأن ميراثهما يكون لأمهما ولقرابتهما وهما يرثان منهم "ولا يرث المولود إلا إذ استهل" لحديث أبي هريرة عند أبي داود عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "إذا استهل المولود ورث" وفي إسناده محمد بن إسحق وفيه مقال معروف وقد روي عن ابن حبان تصحيحه وأخرج أحمد في رواية ابنه عبد الله في المسند عن المسور بن مخرمة وجابر بن عبد الله قالا: "قضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لا يرث الصبي حتى يستهل" وأخرجه أيضا الترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي بلفظ "إذا استهل السقط صلي عليه وورث" وفي إسناده إسمعيل بن مسلم وهو ضعيف قال الترمذي: وروي مرفوعا والموقوف أصح وبه جزم النسائي وقال الدارقطني في العلل: لا يصح رفعه والمراد بالاستهلال صدور ما يدل على حياة المولود من صياح أو بكاء أو نحوهما ولا خلاف بين أهل العلم في اعتبار الاستهلال في الإرث وميراث العتيق لمعتقه ويسقط بالعصبات وله الباقي بعد ذوي السهام لحديث "الولاء لمن أعتق" وهو ثابت في الصحيح وأخرج أحمد عن قتادة عن سلمى بنت حمزة "أن مولاها مات وترك ابنته فورث النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ابنته النصف وورث يعلى النصف وكان ابن سلمى" ورجال أحمد رجال الصحيح ولكن قتادة لم يسمع من سلمى بنت حمزة وأخرجه أيضا الطبراني وأخرج الدارقطني من حديث ابن عباس "أن مولى لحمزة توفي وترك ابنته وابنة حمزة فأعطى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ابنته النصف وابنة حمزة النصف" وأخرج ابن ماجة ونحوه من حديث ابنة حمزة وكذلك أخرجه النسائي وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف وقد وقع الاختلاف في اسم ابنة حمزة فقيل: سلمى وقيل: فاطمة وفي الحديثين دليل على أن لذوي سهام العتيق سهامهم والباقي للمعتق أو لعصبته وقد وقع الخلاف فيمن ترك ذوي أرحامه ومعتقه فروي عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عباس أن مولى العتاق لا يرث إلا بعد ذوي الأرحام وذهب غيرهم إلى أنه يقدم على ذوي الأرحام ويأخذ الباقي بعض ذوي السهام ويسقط بالعصبات وقد روي أن المولى

ص: 328

كان لحمزة واستدل به من قال: إنه يكون لذوي سهام المعتق الباقي بعد ذوي سهام العتيق والصحيح أنه مولى ابنة حمزة وقد أخرج ابن أبي شيبة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "إن ميراث الولاء للأكبر من الذكور ولا ترث النساء من الولاء إلا ولاء من أعتقن أو أعتقه من أعتقن" وأخرج البيهقي عن علي وعمر وزيد بن ثابت "أنهم كانوا لا يورثون النساء من الولاء إلا ولاء من أعتقن "وأخرج البرقاني على شرط الصحيح عن هذيل بن شرحبيل قال "جاء رجل إلى عبد الله بن الزبير فقال: إني أعتقت عبدا لي وجعلته سائبة فمات وترك مالا ولم يدع وارثا فقال عبد الله: إن أهل الإسلام لا يسيبون وإنما كان أهل الجاهلية يسيبون وأنت ولي نعمته فلك ميراثه وإن تأثمت وتحرجت في شيء فنحن نقلبه ونجعله في بيت المال" "ويحرم بيع الولاء وهبته" لحديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "أنه نهى عن بيع الولاء وهبته" وفي الباب أحاديث قد تقدم بعضها منها حديث "الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب" وقد صححه ابن حبان والبيهقي من حديث ابن عمر أيضا وقد ذهب الجمهور إلى عدم جواز بيع الولاء وهبته وخالف في ذلك مالك وتقدمه بعض الصحابة ولا توارث بين أهل ملتين لما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والدارقطني وابن السكن من حديث عبد الله ابن عمرو "أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "لا يتوارث أهل ملتين شتى" وأخرج الترمذي من حديث جابر مثله بدون لفظ "شتى1" وفي إسناده ابن أبي ليلى وأخرج البخاري وغيره من حديث أسامة عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: قال "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" وهو أيضا في مسلم وأخرج البخاري وغيره حديث "وهل ترك لنا عقيل من رباع" وكان عقيل

1في الصل "شيئا" وهو يوافق بعض نسخ أبي داود ولكن الصحيح "شتى" وهو الذي شرح عليه الشارحون وهو الموفق لنسخة التحقيق لابن الجوزي العتيقة الصحيحة التي بدار الكتب المصرية انظر عون المعبود "3: 85" ويوافق رواية الدارقطني "457": "لا يتوارث أهل ماتين شتى مختلفتين" فهذا اللفظ يؤكد أن الرواية "شتى" للوصف بالاختلاف.

ص: 329

وطالب كافرين وقد أجمع أهل العلم على أنه لا يرث المسلم من الكافر ولا الكافر من المسلم والخلاف في توارث الملل الكفرية المختلفة وعموم حديث عبد الله بن عمرو وجابر يقتضي عدم التوارث قال في المسوى: والكفر ملة واحدة يرث اليهودي من النصراني وبالعكس. أقول: وأما المرتد فكافر ليس من أهل ملة الإسلام فقد شملته الأحاديث المتقدمة فمن زعم أنه يرث مال المرتد قرابته المسلمون فعليه الدليل الصالح للتخصيص "ولا يرث القاتل من المقتول" لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "لا يرث القاتل شيئا" وأخرجه أبو داود1 والنسائي وأعله الدارقطني وقواه ابن عبد البر وأخرج مالك في الموطأ وأحمد وابن ماجه والنسائي والشافعي وعبد الرزاق والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال: "سمعت النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول: "ليس لقاتل ميراث" وفيه انقطاع وأخرج الدارقطني من حديث ابن عباس مرفوعا "لا يرث القاتل شيئا" وفي إسناده كثير بن سليم2 وهو ضعيف وأخرج البيهقي عنه حديثا آخر بلفظ "من قتل قتيلا فإنه لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره" وفي لفظ " وإن كان والده أو ولده" وفي إسناده عمرو بن برق3 وهو ضعيف وأخرج الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة بلفظ "القاتل لا يرث" وفي إسناده إسحق بن عبد الله بن أبي فروة وهو ضعيف وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا وهي تدل على أنه لا يرث القاتل من غير فرق بين العامد والخاطئ وبين الدية وغيرها من مال المقتول وإليه ذهب الشافعي وأبو حنيفة وأكثر أهل العلم وقال مالك والنخعي: إن قاتل الخطأ يرث من المال دون الدية وهو تخصيص بغير مخصص4 ويرده على الخصوص ما أخرجه الطبراني "أن عمر بن

1 أنا في شك كثير من نسبة هذا الحديث لأبي داود لأني لم أجده في السنن ولم ينسبه ابن حجر في التخيص إليه. والشوكاني إنما يأخذ من التلخيص. والله أعلم.

2 في الأصل "مسلم" وهو خطأ صححناه من تلخيص الحبير ومن كتب التراجم.

3 لم أجد له ترجمة ولكن نقل تضعيفه ابن حجر في التلخيص ص "265" ويفهم تضعيفه أيضا من كلام لأحمد وعبد الرزاق نقله البخاري في التاريخ الصغير ص "214".

4 بل استدلوا بحديث فيه التفرقة بين قتل الخطإ والعمد وفيه كلام طويل والظاهر أنه ضعيف انظر نصب الرواية للزيلعي "2: 334 – 335".

ص: 330