المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأخرجه الترمذي بنحوه وحسنه ولكن في إسناده علي بن زيد - الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة - جـ ٢

[صديق حسن خان]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌كتاب النكاح

-

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب الخلع

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الظِّهار

- ‌باب اللعان

- ‌باب العدة

- ‌باب النفقة

- ‌باب الرّضاع

- ‌باب الحضانة

-

- ‌كتاب البيع

- ‌باب الربا

- ‌باب الخيارات

- ‌باب السلم

- ‌باب القرض

- ‌كتاب الشفعة

-

- ‌كتاب الإجارة

- ‌باب الإحياء والإقطاع

- ‌كتابة الشَّركة

- ‌كتاب الرهن

- ‌كتاب الوديعة والعارية

- ‌كتاب الغصب

- ‌كتاب العتق

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الهدايا

- ‌كتاب الهبات

- ‌كتاب الأيمان

- ‌كتاب النذر

-

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الصيد

- ‌باب الذبح

- ‌باب الضيافة

- ‌باب آداب الأكل

- ‌كتاب الأشربة

- ‌كتاب اللباس

- ‌كتاب الأضحية

- ‌مشروعيتها

- ‌باب الوليمة

- ‌كتاب الطب

- ‌حقيقة الطب

- ‌كتاب الوكالة

- ‌حكم الوكالة

- ‌كتاب الضمانة

- ‌كتاب الصلح

- ‌حكم الصلح

- ‌كتاب الحوالة

- ‌حكم الحوالة

- ‌كتاب المفلس

- ‌كتاب اللُّقطة

- ‌كتاب القضاء

- ‌من يصح منه القضاء

- ‌كتاب الخصومة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا

- ‌باب السرقة

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد الشرب

- ‌باب حد المحارب

- ‌باب من يستحق القتل حدا

- ‌كتاب القصاص

- ‌وجوب القصاص

- ‌كتاب الديات

- ‌الأصل في الدية

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الوصية

- ‌على من تجب الوصية

- ‌كتاب المواريث

- ‌كتاب الجهاد والسير

- ‌فضل الجهاد

الفصل: وأخرجه الترمذي بنحوه وحسنه ولكن في إسناده علي بن زيد

وأخرجه الترمذي بنحوه وحسنه ولكن في إسناده علي بن زيد بن جدعان وفيه ضعف وقد رواه عن محمد بن حرملة قال أبو حاتم بصري لا أعرفه "ولا يأكل متكئا "لحديث أبي جحيفة عند البخاري وغيره قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أما أنا فلا آكل متكئا " قلت: لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بُعث في العرب وعاداتهم أوسط العادات ولم يكونوا يتكلفون تكلف العجم والأخذ بها أحسن ولا أحسن لأصحاب الملة من أن يتبعوا سيرة إمامها في كل نقير وقطمير وما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوان ولا في سكرجة ولا خبز له مرقق ولا رأى شاة سميطا بعينه قط وما رأى منخلا كانوا يأكلون الشعير غير منخول

ص: 205

‌كتاب الأشربة

"كل مسكر حرام" لما أخرجه مسلم وغيره من حديث ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام " فيشمل ذلك جميع أنواع الخمر من الشجرتين وغيرهما فيتناوله قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية وفي لفظ لمسلم "كل مسكر خمر وكل خمر حرام " وفي الصحيحين من حديث عائشة قالت: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع وهو نبيذ العسل وكان أهل اليمن يشربونه فقال صلى الله عليه وسلم: "كل شراب أسكر فهو حرام" وفيهما نحوه من حديث أبي موسى وفي الباب أحاديث قال في الحجة البالغة: وقد استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحاديث كثيرة من طرق لا تحصى وعبارات مختلفة فقال: "الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة " وكذلك اتفق جميع الملل والنحل على قبحه بالمرة وليس الأمر كما يظنه من لا بصيرة له من أنه حسن بالنظر إلى الحكمة العملية لما فيه من تقوية الطبيعة فإن هذا الظن من باب اشتباه الحكمة الطبية بالحكمة العملية والحق أنهما متغايرتان وقد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل والخمر ما خامر العقل وقال: لقد حرمت الخمر حين حرمت وما نجد خمر الأعناب إلا قليلا وعامة خمرنا البسر والتمر وكسر وادنان الفضيخ حين نزلت وهو يقتضيه قوانين التشريع فإنه لا معنى لخصوصية العنب وإنما المؤثر في

ص: 205

التحريم كونه مزيلا للعقل يدعو قليله إلى كثيره فيجب به القول ولا يجوز لأحد اليوم أن يذهب إلى تحليل ما اتخذ من غير العنب واستعمل أقل من حد الإسكار نعم كان ناس من الصحابة والتابعين لم يبلغهم الحديث في أول الأمر فكانوا معذورين ولما استفاض الحديث وظهر الأمر كرابعة النهار صح حديث "ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها " لم يبق عذر أعاذنا الله تعالى والمسلمين من ذلك انتهى وتمام هذا البحث في مسك الختام فليرجع إليه "وما أسكر كثيره فقليله حرام" لحديث عائشة عند أحمد وأبي داود والترمذي وحسنه وابن حبان والدارقطني وأعله بالوقوف قالت: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: " كل مسكر حرام ما أسكر الفرق1 منه فملء الكف منه حرام " ورجاله رجال الصحيح إلا عمرو بن سالم الأنصاري مولاهم المدني قال المنذري: لم أر أحدا قال فيه كلاما وقال الحاكم: هو معروف بكنيته يعني أبا عثمان وأخرج أحمد وابن ماجه والدارقطني وصححه من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" وأخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وقال ابن حجر: رجاله ثقات من حديث جابر وأخرجه أيضا أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفي الباب أحاديث قال المسوى: وعليه الشافعي وأبو حنيفة إلا أن الشافعي يقول: كل ما خامر العقل فهو خمر قليله وكثيره حرام يجب منه الحد سواء كان من عنب أو تمر أو عسل أو غير ذلك وسواء كان نيئا أو مطبوخا وفي مذهب أبي حنيفة النيء من ماء العنب إذا اشتد هو الخمر والمسكر من فضيخ التمر حرام يحد منه دون سائر المسكرات انتهى "ويجوز الانتباذ في جميع الآنية"لما أخرجه مسلم وغيره من حديث بريدة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم2 فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا" وفي لفظ المسلم أيضا وغيره "نهيتكم عن الظروف وإن ظرفا لا يحل شيئا ولا يحرمه وكل مسكر حرام " وفي الباب أحاديث مصرحة بنسخ ما قد كان وقع منه صلى الله عليه وسلم من النهي عن الانتباذ في الدباء والنقير والمزفت والحنتم ونحوها كما هو

1بفتح الفاء وإسكان الراء هو مائة وعشرون رطلا ويقال بفتح الراء وهو مكيال يسع تسعة عشر رطلا والأول هو الذي اعتمده اللسان وشراح الحديث.

2 الادم الجلد.

ص: 206

مذكور في الأحاديث المروية في الصحيحين وغيرهما وذهب قوم إلى بقاء الحظر فيها وبه قال مالك وأحمد

"ولا يجوز انتباذ جنسين مختلطين"لحديث جابر في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "أنه نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعا ونهى أن ينبذ الرطب والبسر جميعا "وفيهما من حديث أبي قتادة نحوه ولمسلم نحوه من حديث أبي سعيد وله أيضا نحوه من حديث أبي هريرة وفي الباب أحاديث ووجه النهي عن انتباذ الخليطين أن الإسكار يسرع إلى ذلك بسبب الخلط فيظن المنتبذ أنه لم يبلغ حد الإسكار وقد بلغه قال النووي ومذهب الجمهور: أن النهي في ذلك للتنزيه لا للتحريم وإنما يحرم إذا صار مسكرا ولا تخفى علامته وقال بعض المالكية: هو للتحريم وقد ورد ما يدل على منع انتباذ جنسين سواء كان مما ذكر في الأحاديث السابقة أم لا وهو ما أخرجه النسائي وأحمد من حديث أنس قال: "نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: أن يجمع بين شيئين فيُنبذا يبغي أحدهما على صاحبه "ورجال إسناده ثقات قال في المسوى: اختلف أهل العلم فذهب جماعة إلى تحريمه وإن لم يكن الشراب المتخذ منه مسكرا لظاهر الحديث وبه قال مالك وأحمد وقال الأكثرون هو حرام إذا كان مشتدا ومسكرا إذ المعنى فيه الإسكار وإنما خص ذكره لأنه كان من عادتهم اتخاذ النبيذ المسكر بذلك وقال الليث إنما جاءت الكراهة أن ينبذا جميعا لأن أحدهما يشد صاحبه "ويحرم تخليل الخمر"لحديث أنس عند أحمد وأبي داود والترمذي وصححه "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم سئل عن الخمر يتخذ خلا فقال لا " وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي من حديثه أيضا "أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن أيتام ورثوا خمرا فقال: أهرقها قال: أفلا نجعلها؟ خلا قال لا " وقد عزاه المنذري في مختصر السنن إلى مسلم وله حديث ثالث نحوه أخرجه الدارقطني وأخرج أحمد من حديث أبي سعيد نحوه قال ابن القيم: وفي الباب عن أبي الزبير وجابر وصح ذلك عن عمر بن الخطاب ولا نعلم له في الصحابة مخالفا ولم يزل أهل المدينة ينكرون ذلك قال الحاكم سمعت أبا الحسن علي بن عيسى الحبري يقول سمعت محمد بن إسحق يقول: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: قدمت المدينة أيام مالك فتقدمت إلى قاض فقلت: عندك خل خمر فقال:

ص: 207

سبحان الله في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثم قدمت بعد موت مالك فذكرت ذلك لهم فلم ينكر علي أحد وأما ما روي عن علي من اصطناعه الخمر وعن عائشة أنه لا بأس به فهو خل الخمر إذا تخللت بنفسها لا بإتخادها اهـ وفي الحجة البالغة: سئل عن الخمر يتخذ خلا قال: لا قيل إنما أصنعها للدواء فقال: إنه ليس بدواء ولكنه داء. أقول: لما كان الناس مولعين بالخمر وكانوا يتحيلون لها حيلا لم تتم المصلحة إلا بالنهي عنها على كل حال لئلا يبقى عذر لأحد ولا حيلة انتهى "ويجوز شرب العصير والنبيذ قبل غليانه"لحديث أبي هريرة عند أبي داود والنسائي وابن ماجه قال: "علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء ثم أتيته به فإذا هو ينش1 فقال: اضرب بهذا الحائط فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر " وأخرج أحمد عن ابن عمر في العصير قال: اشربه ما لم يأخذه شيطانه قيل: وفي كم يأخذه شيطانه قال: في ثلاث وأخرج مسلم وغيره من حديث ابن عباس "أنه كان يُنقع للنبي صلى الله عليه وسلم الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ثم يأمر به فيسقي الخادم أو يهراق "قال أبو داود ومعنى يسقي الخادم يبادر به الفساد "ومظِنّة ذلك ما زاد على ثلاثة أيام"لحديث ابن عباس المذكور وقد أخرج مسلم وغيره من حديث عائشة "أنها كانت تنتبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة فإذا كان من العشي فتعشى شرب على عشائه وإن فضل شئ صبته أو أفرغته ثم تنتبذ له بالليل فإذا أصبح تغدى فشرب على غدائه قالت: نغسل السقاء غدوة وعشية "وهو لا ينافي حديث ابن عباس المتقدم أنه كان يشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة لأن الثلاث مشتملة على زيادة غير منافية والكل في الصحيح "وآداب الشرب أن يكون ثلاثة أنفاس"لحديث أنس في الصحيحين "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان يتنفس في الإناء ثلاثا "وفي لفظ لمسلم "أنه كان يتنفس في الشراب ثلاثا ويقول: إنه أروى وأمرأ " والمراد أنه كان يتنفس بين كل شربتين في غير الإناء وأما التنفس في الإناء فمنهي عنه لحديث أبي قتادة في الصحيحين وغيرهما "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم

1 قوله فتحينت بالتاء والحاء كما هو كذلك في أبي داود وغيره أي ترقبت وقت إفطاره. وقوله ينش أي يغلي.

ص: 208

قال: "إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء" وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه من حديث ابن عباس "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه "وأخرج أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي سعيد "أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم نهى عن النفخ في الشراب فقال: الرجل القذاة أراها في الشراب فقال: أرقها فقال إني لا أروى من نفس واحد قال: فأبِن القدح إذاً عن فيك" قلت: وعلى هذا أهل العلم والنهي عن التنفس فيه من أجل ما يخاف أن يبرز شئ من ريقه أو مخاطه فيقع في الماء وقد تكون النكهة من بعض من يشرب متغيرة فتتعلق الرائحة بالماء لرقته ولطفه ثم إنه من فعل الدواب إذا كرعت في الأواني كرعت ثم تنفست فيها ثم عادت فشربت فيكون الأحسن في الأدب أن يتنفس بعد إبانة الإناء عن فمه والنفخ فيه يكون لأحد معنيين فإن كان من حرارة الشراب فليصبر حتى يبرد وإن كان من أجل قذى فليمطه بأصبع أو خلال وإن تعذر فليرقها كما جاء في الحديث "وباليمين"لما تقدم في آداب الأكل "ومن قعود"لأن الشرب قاعدا من الهيئات الفاضلة وأقرب لجموم النفس والري وأن تصرف الطبيعة الماء في محله لحديث أبي سعيد عند مسلم وغيره "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائما "وأخرج مسلم أيضا من حديث أبي هريرة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يشربن أحدكم قائما فمن نسي فليستقي " ولا يعارض هذا حديث ابن عباس في الصحيحين "أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من ماء زمزم قائما "ولا ما أخرج البخاري وغيره من حديث علي "أنه شرب وهو قائم ثم قال: إن ناسا يكرهون الشرب قائما وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع مثل ما صنعت "ولا ما أخرجه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه من حديث ابن عمر قال: "كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام "لأنه يمكن الجمع بأن الكراهة للتنزيه وإن كان قوله "فمن نسي فليستقيء " يشعر بعدم الجواز في حق من قصد مخالفة السنة على أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة ويخصص القول الشامل له وللأمة فيكون الفعل خاصا به كما تقرر في الأصول قلت: وعليه أكثر أهل العلم رأوا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب

ص: 209

قائما نهي أدب وإرفاق ليكون تناوله على سكون وطمأنينة فيكون أبعد من أن يكون منه فساد في المعدة كالكباد وغيره "وتقديم الأيمن فالأيمن"لحديث أنس في الصحيحين وغيرهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال "الأيمن فالأيمن" وفيهما من حديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء فقال الغلام: والله يارسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا فتله أي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده"قال في الحجة البالغة: أراد بذلك قطع المنازعة فإنه لو كانت السنة تقديم الأفضل ربما لم يكن الفضل مسلّما بينهم وربما يجدون في أنفسهم من تقديم غيرهم حاجة اهـ "ويكون الساقي آخرهم شربا" لحديث أبي قتادة عند ابن ماجه وأبي داود والترمذي وصححه وقال المنذري: رجال إسناده ثقات عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ساقي القوم آخرهم شربا " وقد أخرجه أيضا مسلم بلفظ"قلت لا أشرب حتى يشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الساقي آخرهم شُرباً""ويسمِّي في أوله ويحمد في آخره" لحديث ابن عباس عند الترمذي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشربوا نفسا واحدا كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث وسموا الله إذا أنتم شربتم واحمدوا الله إذا إنتم رفعتم" أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي والبخاري في التاريخ من حديث أبي سعيد قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أكل وشرب قال: "الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين""ويُكره التنفس في السِّقاء والنفخ فيه"وقد تقدمت أدلة ذلك في الشرب ثلاثة أنفاس "والشرب من فمه"لأنه إذا ثنى فم القربة فشرب منه فإن الماء يتدفق وينصب في حقه دفعة وهو يورث الكباد ويضر بالمعدة ولا يتميز عنده في دفق الماء وانصبابه القذاة ونحوها ودليله حديث أبي سعيد في الصحيحين قال: "نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن اختناث الأسقية أن يشرب من أفواهها "وفي رواية لهما "واختناثها أن يقلب رأسها ثم يشرب منه "وفي البخاري من حديث أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب منه "وفي البخاري من حديث أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب من في السقاء "وزاد أحمد "قال أيوب فأنبئت أن رجلا شرب من في

ص: 210

السقاء فخرجت حية "وزاد في الحجة البالغة: "فدخلت في جوفه "وفي البخاري وغيره من حديث ابن عباس قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء "وهذا لا يعارضه مارواه ابن ماجة والترمذي وصححه من حديث كبشة قالت: "دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة قائما فقمت إلى فيها فقطعته "وأخرج أحمد وابن شاهين والترمذي في الشمائل والطبراني والطحاوي من حديث أم سليم ونحوه وأخرج أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بن بسر نحوه أيضا لأنه فعله صلى الله عليه وسلم قد يكون لبيان الجواز فتحمل أحاديث النهي على الكراهة لا على التحريم وقد يكون ما فعله صلى الله عليه وسلم لعذر فتحمل أحاديث النهي على عدم العذر وقد جزم ابن حزم بالتحريم وروي عن أحمد أن أحاديث النهي ناسخة "وإذا وقعت النجاسة في شئ من المائعات لم يحل شربه وإن كان جامدا أُلقيت وما حولها"لحديث ميمونة عند البخاري وغيره "أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في سمن فماتت فقال: "لقوها وما حولها وكلوا سمنكم" وأخرج أبو داود في لفظ لهما من هذا الحديث "أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم سئل عن الفأرة تقع في السمن فقال: إن كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه " وصححه ابن حبان وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة قال: "سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن فأرة وقعت في سمن فماتت فقال: "إن كان جامدا فخذوها وما حولها ثم كلوا ما بقي وإن كان مائعا فلا تقربوه" وقد أخرجه أيضا النسائي وحكم غير الفأرة مما هو مثلها في النجاسة والاستقذار حكمها إذا وقع في سمن أو نحوه قلت: وعليه أهل العلم ومعناه عندهم إذا كان جامدا فإن كان مائعا تنجس كله فلا يجوز أكله بالاتفاق وجوز أبو حنيفة بيعه ولم يجوزه الشافعي "ويحرم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة"لحديث حذيفة في الصحيحين وغيرهما قال "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة" وفيهما أيضا من حديث أم سلمة "أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "إن الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " ولفظ مسلم "إن الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب والفضة" وأخرج

ص: 211

مسلم من حديث البراء بن عازب قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب في الفضة فإنه من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة "وأخرج أحمد وابن ماجه من حديث عائشة نحو حديث أم سلمة قلت: الجرجرة صوت وقوع الماء في الجوف وعليه أهل العلم وفي حكمها الذهب ورخص الشافعي في تضبيب الإناء بقليل من الفضة عند الحاجة لحديث أنس أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة "قال الشيخ محي الدين بن إبراهيم النحاس في تنبيه الغافلين: ومنها استعمال أواني الذهب والفضة للرجال والنساء في الأكل والشرب والادهان والاكتحال ونحو ذلك كذا قال الشيخ شمس الدين ابن القيم وغيره ولا فرق بين أن تكون الآنية كبيرة كالصحن والزبدية ونحوهما أو صغيرة كالمكحلة والميل والإبرة ونحوها وكما يحرم استعمال أواني الذهب والفضة يحرم اتخاذها لغير استعمال على الرجال والنساء ويحرم على الصائغ عملها ومن قدم إليه طعام في آنية ذهب أو فضة ولم يستطع الإنكار فطريقه أن يأخذ الطعام من الآنية ويضعه في وعاء آخر أو على الخبز أو في يده الشمال ثم يأكل منه لأن ذلك ليس بأكل فيها وكذلك إذا أردا الاكتحال من كحل في مكحلة فضة أفرغ منه في شئ ثم اكتحل منه والله تعالى أعلم 1هـ أقول استعمال الذهب والفضة في غير الأكل والشرب فيها لم يرد ما يدل على المنع منه ولم يثبت إلا المنع من الأكل والشرب فيها فقط ومن زعم تحريم غيرهما لم يقبل إلا بدليل لأن الأصل الحل فلا ينقل عنه إلا بناقل وأما التحلي بهما فلم يرد ما يمنع من ذلك إلا في الذهب وأما الفضة فلم يرد شئ بل قال صلى الله عليه وسلم "عليكم بالفضة فالعبوا بها كيف شئتم1" هذا خلاصة ما ينبغي القول به في الاستعمال والتحلي وللماتن رحمه الله تعالى أبحاث جليلة المقدار راجحة الأنظار في ذلك فلتراجع

1الحديث رواه أبببو داود في سننه في باب ما جلء في الذهب للنساء عن أبي هريرة مطولا وهذا بعضه.

ص: 212